قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السادس والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السادس والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السادس والعشرون

حياة هل تعرف مما تتكون؟
الحب أولها والأمل ثانيها والروح وسكينتها أبهى ما فيها ولكن هل تعطي لنا فرصة؟!
هل تقبلنا في ساحات حبها بعدما استنزفتنا في ساحات الحرب؟!، كنت أحب العتمة حتى رأيت النور فصارت العتمة مقبضة، أنا القلب الذي تعلم كل ماهو سيء ولكنه لم يتعلم كيف يعيش حتى آتت صاحبة الوشاح لتلقنه أسمى معاني الحياة.

لن ترحل حتى ولو نشبت المعارك وتجمع كل أهل الأرض ليطالبوا برحيلها عني، سأحارب كل أهل الأرض لأجلها وستحبني الحياة لقد علمتني الأمل حتى صرت على يقين أن الحياة ستحبني كما أحبتني هي، ومن لا يقع في غرام من ذهب وجاء حتى صار دمه مصبوغ بالألم والأمل.
يا صاحبة الوشاح ستظلِ أسيرة للأبد.
فوضى عارمة وضجيج عال صدر من المطبخ وخصوصا عند قول صوفيا المعنف لعائشة: بنت كده غلط اللي بتعمليه ده غلط.

أردفت عائشة بسخط غاضبة: ياطنط مش غلط صدقيني مش أحسن ما الأكل يطلع دلع.
نقوم نحط الملح كله ونفطر ونروح المستشفى، انتِ تعبتيني أنا اول مرة أدخل المطبخ هنا وطلعتِ عيني امال بتعملِ ايه في هنا؟!
مطت عائشة شفتيها مردفة بتصنع الحزن: بقى كده ياطنط يعني انا غلطانة اني جبتك من اوضتك بدل القاعدة و الدكاترة ودخلتك المطبخ.
قطعت عائشة الحديث واخذت تستنشق الرائحة جيدا مما أثار استغراب صوفيا التي قالت: في ايه؟

أردفت عائشة بحب: شميت ريحة حامي بس هو مش هنا ومبيفطرش معانا كمان لو نزل الشغل.
ابتسمت صوفيا بحنان ومسحت على خصلاتها مرددة بشغف: بس انا حاسة انه هيفطر معانا النهاردة.
قفزت عائشة فجأة صارخة: ايه ريحة الشياط دي، الفراخ.
ضربت صوفيا بكفيها على هذه المجنونة واستدارت راحلة تعود إلى غرفتها تاركة عائشة ترى بحسرة ما قامت بفعله.

حدثت عائشة نفسها بصوت عالِ: هنا لو شمت خبر ان الفراخ اللي قالتلي خلي بالك منها اتحرقت هتعمل مني بطاطس محمرة.
أخذت تنظر لما أفسدته بحسرة وهي تردد بتفكير: طب ارميها ولا اعمل ايه دي، أنا لازم اتصرف قبل ما هنا تصحى وتكتشف اللي هببته ده.
التقطت هاتفها مسرعة وفتحت محرك البحث وهي تقول: احنا نكتب طريقة أكلات سريعة وان شاء الله الحق اعمل أي حاجة قبل الفطار و هنا متتكلمش.

لاح الأمل وهي ترى أول عنوان أكلات سريعة جدا فضغطت على الرابط كمن وجد ضالته ليختفي الأمل تدريجيا وهي تتفحص المحتوى وتنطق بغيظ: ايه الكدب ده فين السريعة دي وبعدين ايه كمية المسقعات اللي محطوطة دي، مسقعة باللحمة، مسقعة بالباشميل، مسقعة يوناني على أساس عارفة افلح في المصري لما هعمل اليوناني.

لمحت عينها حبات البطاطس فقالت بتردد: اجيب فيديو اشوف صينية البطاطس بالفراخ بتتعمل ازاي واعمل بدل اللي باظ وبعدين فين طنط مشيت وسابتني وهي السبب اصلا جابتلي سيرة ابنها وانا سرحت ونسيت الفراخ.
قطع حديثها مع ذاتها قول: وانتِ في السرحان متعرفيش أ
بوكِ
شهقت عاليا بصدمة واستدارت لتجده واقفا أمامها بإبتسامته الساخرة فقالت مسرعة كصغير يخفي فعلته: انت هنا من امتى؟

ضحك عاليا وهو يدخل ليجلس على الطاولة ناطقا: ياه من بدري من قبل المسقعة اليوناني.
مطت شفتيها بغيظ مردفة بحسرة: انت حضرت فقرة أكلات سريعة؟
هز رأسه ناطقا بتأكيد وهو يضحك: حصل.
أردفت فجأة بغضب: انت بتتكلم معايا ليه اصلا احنا مش متخانقين وكسفتني قدام الحرس بتوعك وأنا بسأل عن مكان يحيي وقولت ملكيش دعوة، ملكش انت دعوة بقى واتفضل اخرج من هنا.

تصنع القيام وهو يقول بتهديد مبطن: طيب لما اقوم اشوف هنا فين تيجي تشوف الأكل اللي اتحرق ده.
أجلسته ناطقة بإصرار: والله ما انت قايم، أنا حارقة الأكل ست مرات قبل كده و هنا المرادي مأكدة عليا انه لو نسيت الأكل و اتحرق هتولع فيا.
ضحك وهو يرمق الطعام الفاسد مرددا بسخرية: هي في ناس كده متجيش غير بالعنف ياوحش.

كانت حزينة حقا على ما أفسدته فأردف غامزا: متزعليش خلاص هطلب أكل من برا بداله. عقبال الفطار يكون وصل.
هزت رأسها نافية مرددة بحزن: لا أنا وعدت هنا انِ هعمل معاها النهاردة واساعدها علشان هي كانت عايزة تنام وزي ما بوظت الأكل ده لازم اعمل غيره.
سألها بضجر: هتعرفي يعني تعملي غيره؟!
نطقت بيأس: لا مش هعرف.
خلاص يبقى الحق اطلب الأكل.
هزت رأسها نافية بإصرار على موقفها: لا انا هعمله.

قام من مكانه وتوجه نحو الخارج وهو يردد بنفاذ صبر: مع نفسك بقى ياوحش.
كادت أن تبكي وهو تنظر للمطبخ حولها بحيرة وضربتها المخاوف أن يستيقظ صغيرها فجميعهم نائمون في الأعلى وهي من تتحسر الآن على تمسكها بمساعدة هنا.
استدار يرمقها ليجد تعابير وجهها هكذا فضحك بغيظ وخلع سترته واضعا إياها على الطاولة ثم شمر عن ساعديه مردفا: قومِ شوفِ هتعملي ايه هساعدك.
صرخت بفرح: بجد؟!
يلا قبل ما أرجع في رأيي.

هرولت تلتقط أحد الأطباق وهي تقول برجاء: لا وعلى ايه، بص انا عايزة اعمل صينية بطاطس بالفراخ والخطوة الوحيدة اللي هعرف اعملها في الموضوع ده انِ أجبلك الصينية.
أخرج ماسيحتاجوه وهو ينطق بنفاذ صبر: لا خليهالك الصينية دي، قطعي البطاطس يلا.
التقطت حبات البطاطس ووقفت تقطعها جواره بينما أحضر هو التتبيلة الخاصة بالدجاج وقام بتتبيلهم لتقاطعه قائلة بفرح: خلصت.

نظر لقطع البطاطس الغير متساوية ليردف: انتِ كده متقطعتيهاش انتِ كده قتلتيها ياماما، ده منظر تقطيع ده أمال بس كنتِ شايلالي سكينة وعاملالي فيها شبح.
أردفت بتمثيل الحزن: بتتريق على البطاطس اللي تعبت في تقطيعها، أنا والله بعرف اعمل أكل عمر كان دايما يقولي ان المكرونة بتاعتِ مفيش شيف في العالم يعرف يقلدها.
ترك ما بيده ورمقها مستفسرا بملامح ممتعضة: عمر قالك كده؟!
أكدت قائلة: أيوة طبعا قالي كده.

نطق مصححا لها: بينافقك ياماما أهو ده بقى اللي اسمه نفاق.
ثم التقط من يدها الصينية مردفا بغيظ: هاتي لما اشوف اخرتها معاكِ، على آخر الزمن يابنت الزيني خليتي حامي العمري واقف في المطبخ بيعمل صينية بطاطس.
حذرته ناطقة: أنا مبحبش شغل الذل ده أنا مطلبتش منك مساعدة انت اللي اتحايلت عليا تساعدني.
طب كملِ انتِ بقى.

هرولت خلفه وأعادته تقول برجاء: تعالى بس انت قفوش كده ليه، كمل الله يكرمك كمل متجوزة الشيف الشربيني يا اخواتي.
رمقها بإمتعاض وهو يضع المحتويات بالصينية لتسأله مستفسرة: هو انا ليه حساك مش طايقني؟
نطق أثناء انشغاله بما يفعله: حاسة مش متأكدة.
وضع الصينية داخل الفرن وتوجه إلى الصنبور لغسل يديه فقالت عائشة بإمتنان وهي تقف خلفه: شكرا جدا على فكره.

ابتسم واستدار متخطيا إياها والتقط سترته ليغادر المطبخ ولكنه توقف واستدار لها مردفا: مش محتاج تشكرني على فكره ياوحش.
غادر لتغفل هي مجددا وتستند على الطاولة ضاحكة بحب ليفاجئها بوجوده مره ثانية ففاقت من شرودها صارخة بصدمه لينطق هو محركا رأسه بمعنى لا فائدة: تاني هتسرحي وتحرقيها تاني.
رحل متمتما بضجر: مفيش فايدة.
فضحكت عاليا وانتبهت جيدا إلى الطعام حتى لا تفسده للمرة الألف بالنسبة لها.
في غرفة دنيا.

أخذت تدور في أنحاء الغرفة بقلق. حيرة. ارتباك وكأن ضجيج العالم كله اجتمع لديها لقد عرض عليها الزواج وكان جوابها هو باب مغلق أغلقت بابها في وجهه هل يظنها لعبة تشبه لعبته التي بلت فحرص على الشراء؟!، اتجهت ناحية الباب وهي تقول بإصرار: لا بقى ماهو انا مش هسكت.
فتحت باب المنزل بعنف لتجده أمامها يفتح بابه أيضا فجحظت عيناها وأغلقت بابها مسرعة وقف أمام الباب ناطقا بضجر: دنيا بلاش شغل عيال افتحي الباب ده.

فتحت الباب فعليا ووقفت أمامه ناطقة بتحدي ظهر فيه رفضها: عايز ايه ياعمار؟!
أردف بسهولة وكأنه يطلب شيء سهل التنفيذ: نتجوز.
لا.
كلمة حاسمة خرجت منها لينطق هو: يعني ايه لا؟!
رفعت حاجبها مردفة بغيظ: يعني لا ايه متعرفش يعني ايه لا بسيطة افهمهالك.

ثم بدأت في السرد بإنفعال واضح وعيون لمعت بالدموع: لا علشان أنا مش هقبل أكون بديل حد انت شايف فيا واحدة أنا مقابلتهاش اصلا ببساطة شديدة جدا انت شايفني كريمان أو كيوي زي مابتحب تقولها نوضح أكتر علشان مش مفهوم أنا اسمي دنيا عشت طول حياتي مع واحدة على انها امي وعمري ماهنكر خيرها هي اعتبرتني فعلا بنتها لكن طلعت بتخدعني عشت طول عمري حلمي اعمل مكان مميز يبقى بتاعي في البلد اللي كنت عايشة فيها ويوم ما عملت الكافيه بتاعي سيبته ونزلت مصر ويا عالم هو لسه مفتوح ولا، لا علشان انا دنيا بنت رضوان اللي اكيد ليه يد في قتل البنت اللي انت مبتنطقش غير اسمها ومبتشوفش غير صورتها حتى في شاشة تليفونك، انت وهمت نفسك ان كريمان هي دنيا يمكن الشبه تصرفات، تفكير، يمكن حتى شكل مع اني متيقنة اني مش شكلها وجمعت كل الحجات دي وافتكرت ان الدنيا بتعوضك بكريمان جديدة علشان تقدر تعمل اللي معملتهوش زمان لكن أنا بقى وآسفة جدا يعني...

قاطعها بسبب دموعها التي زادت بشدة واحمرار عينها وكلماتها التي أصبحت متقطعة فطلب منها الهدوء ولكنها تابعت: اسفة جدا لو هفوقك من الحلم اللطيف ده واقولك انِ مش هي وانِ اسمي دنيا ياعمار علشان حتى دي انت اوقات كتير بتغلط فيها، يمكن حبيتك مش هكدب بس الحب عمره ما هينفع لو عشت معاك وانت شايفني واحدة تانية الحب ده هيقتلني وعلى فكرة أنا مبكرهش كريمان لكلامي يخليك تفهم غلط أنا حقيقي ممتنة لكريمان لأنِ ولو لمرة في حياتي قدرت أشوف شوية حب صادقين في عيون حد حتى لو كنت عارفة ان الحب ده مش ليا انا بس اهو على الأقل عشت الاحساس ده وعرفت يعني ايه حد يحب حد لدرجة انه يشاركه في كل تفاصيله حتى وهو مش موجود...

ثم ابتلعت ريقها مختتمة بعيون فاضت بما في القلب: شكرا بجد ليك وليها.
تنهد عاليا بتعب ونطق بألم بان في نبرته: بتصعبيها ليه يادنيا.
ضحكت ساخرة وهي تردف بمرارة: هي صعبة اصلا ياعمار، اللي بيننا مش باب ولا شباك اللي بيننا روح حية جواك رغم موتها.
نطق بصدق حقيقي هذه المرة ونبرة مختنقة: هي ضاعت وانا مش عايزك تضيعي زيها واقف اشوفك متكتف، اديني فرصة واحدة بس اتجوزيني شهر واحد بس يا كريمان واوعدك هعو...

قطع حديثه حينما شعر بما ارتكبه من خطأ فأغمض عينيه لاعنا ذاته وخاصة حين ابتسمت ساخرة وأردفت بعيون متألمة: عرفت ليه بقى لا؟!

ثم تركته ودخلت إلى منزلها صافعة الباب خلفها بعنف لتجلس خلفه باكية وقد شعرت بأنها تريد الهرب فقط الهروب من كل شيء ترغب في الابتعاد عن الجميع والاختلاء بنفسها فقط في علها تجد دنيا التي فقدتها حسمت أمرها وهبت واقفة لتأتيها فكرة تستطيع بها الخروج عوضا عن البوابة التي يقف عليها الحرس، دلفت إلى غرفتها ووضعت هاتفها في جيب سترتها المصنوعة من الجينز والتقطتها لتردتديها سريعا ما انتهت فمسحت دموعها وفتحت النافذة الموجودة في غرفتها لتجد الطريق أمامها لا يوجد حرس هنا لأن لا أحد يستطيع القدوم من هذه الناحية وخاصة مع وجود البائعين والبقالة التي لايغلقها صاحبها أبدا، ابتلعت ريقها ونادت بنبرة مسموعة للرجل في الخارج: لو سمحت.

انتبه صاحب البقالة فأرسل الصبي لها ليردف لتلك الواقفة من الشرفة: عايزة ايه يا أبلة.
أردفت بتصنع اليأس: معلش ممكن تساعدني وتجبلي سلم أو أي حاجة انزل عليها.
رمقها الصغير بإستغراب لتقول هي سريعا قبل أن يشك في أمرها: الباب بتاعي مقفول والمفتاح مش راضي يفتح تقريبا اتكسر فيه وأنا والدتي اتصلوا بيا من المستشفى حالتها خطيرة ولازم انزلها دلوقتي.

ساعدتها آثار دموعها والتي جعلت الصبي يصدقها فقال: أنا و أبويا هنطلع نفتحلك الباب
قاطعته مسرعة: لا، قصدي اديني السلم اللي هناك ده
ثم أشارت على السلم المعدني الظاهر من المحل متابعة: حطهولي بس تحت الشباك ارجوك انا مستعجلة جدا وكل ثانية بتعدي...

لم تكمل حديثها بسبب هرولة الصبي يجلب لها ما طلبت وقد سأله والده عما يحدث فأشار له بالانتظار، وضع الولد السلم المعدني أسفل الشرفة وجلست هي على حافة الشرفة فصعد الصبي درجات السلم ليساعدها على النزول فوضعت قدمها على السلم بحذر وأخذت تنزل ببطئ بسبب خوفها حتى وصلت إلى اخر درجة فنزلت إلى الأرضية وشكرت الولد بإختصار وحمدت الله أنها في الطابق الثاني من العمارة وإلا ما استطاعت تنفيذ ما نوت، هرولت خارجة من هذا الطريق إلى آخر كان توقيت إفطار وبالتالي فإن الشوارع خالية من المارة وعلى الرغم من وجود الضوء فلقد كانت خائفة و لكنها أكملت السير حتى تستطيع أن تجد أي وسيلة للمواصلات وعلى حين غرة وجدت أحدهم يحاول جذبها من الخلف فصرخت عاليا واستدارت بذعر لتحاول بكل ما لديها من قوة أن تدافع ولكن جرعة صغيرة من هذا المخدر المنثور على تلك القماشة المبللة والتي وُضعت على فمها كانت كافية لتفقد الوعي.

رصت هنا الأطباق وساعدتها نيرة فأردفت هنا بإستغراب: مين اللي عمل الاكل ده؟!، انا مكنتش عاملة البطاطس ولا الحاجة دي قبل ماانام
وضعت نيرة الطبق الذي بيدها على الطاولة تقول بتخمين: يمكن عائشة.
مطت نيرة شفتيها فهي تعلم حزن هنا على يحيي ولكن ما يطمئنها هو هدوء حامي فهذا كافي لتعلم أنه بخير لمعت فكرة لدى نيرة فصرخت عاليا لتشهق هنا بصدمة مرددة: في ايه يابنتِ؟

ظلت نيرة على حالتها وهي تقول: مش ممكن أبدا اللي بيحصل ده.
استفسرت هنا بإستغراب: ايه اللي بيحصل طيب؟!
نطقت نيرة بضحك: كل يوم تحلوي كده حلاوة أور الصراحة.
امشي يابت من هنا.
قالت نيرة وهي تتوجه إلى المطبخ: كده ياهنون ماشي مكنش العشم.
ضحكت هنا وهي ترص باقي الأطباق استعدادا لموعد الإفطار.
في قصر رضوان.

سارت سالي بخطوات حذرة حتى تصل إلى هذه الغرفة المجاورة لمكتب رضوان والتي أدخل فيها منذ قليل أحدهم وهي تريد معرفة هويته، تيقنت من صعود رضوان للأعلى فحاولت إسراع خطواتها لتصل إلى الغرفة ولكن سمعت صوت جعلها تتيبث مكانها: رايحة فين ياسالي؟!
ابتلعت ريقها بحذر خائفة فهو رضوان حاولت الثبات وخاصة وهو يقطع الدرج أمامها ليقف مواجها لها وهو يقول: مقولتيش رايحة فين؟!

مسحت على عنقها وهي تفكر في كذبة لخداعه فقالت بإرتباك: أنا، أصل
صرخة عالية خرجت منها حين جذب خصلاتها بعنف وهو يقول بشر: رايحة تعرفي مين اللي كنت بدخله الأوضة صح؟!، اسمعي يا حلوة أنا لما سيبت علي يدخلك هنا قولت معلش لعبة وهيتسلى بيها كام يوم بيتحداني بيكِ بعد ما كنت سبب في ان البت اللي بيحبها تسيبه عارفة سابته ليه؟!
رمقته بذعر صارخة: سيب شعري حرام عليك.

دفعها فسقطت على الدرج من خلفها فا استندت بيديها عليه وهي تسمعه يتابع بنبرة أرعبتها: قولت أشوف البت اللي عايز يتجوزها ابني تنفعله ولا لا وطلعت لا مع اول كام مليم عرضتهم عليها سابته واتجوزت غيره بس اللي معملتش حسابه بقى انه يطلع ليه في اللي زيك ومتجوزك بس هقول ايه الواد طالع لأبوه قلبه يساع ألف، ولا هو الواد ماله السبب هو انتِ لقتيني رميتك على الكلاب روحتي لقيتي على ابني واهو يبقى الواد وابوه.

اقترب منها فتراجعت على الدرج وهي تحاول التملص فمال عليها ليقول وعيونه مواجهة لها: بس لازم تعرفي ان اخرك هتترمي في الشارع للكلاب لو هو مزهقش منك أنا اللي هخلص بنفسي، بس انا بقى مش هرميكِ أنا هدبحك.

اصتكت اسنانها ببعضها وحاولت استجماع الثبات وهو يتابع: عايزة تعرفي اللي في الأوضة مين؟!، أنا هقولك، اللي في الأوضة ده واحد من عينتك كده بالظبط خانني بس قبل ما اخد حقي منه اتضرب بالنار خدته وديته المستشفى علشان أنجيه من عذاب لعذاب تاني أكبر هيشوفه على ايدي ومن حظه الوحش ان اصابته طلعت مش كبيرة علشان كده هو هيفضل محبوس هنا لحد ما يخف و اوريكِ اللي بيخون أنا بعمل فيه ايه.

تسارعت عينها في ذرف الدموع فالرعب سيد الأجواء وصوته كافي وهو يختتم: لو مات كان أرحمله يا مراة ابني.

ابتعد عن الدرج مستندا على عصاه فا استندت هي حتى تستطيع القيام وأخدت تتوجه نحو الأعلى بخطوات ظهر فيها انقباض فؤادها وبمجرد وصولها للغرفة أغلقت الباب عليها مسرعة بالمفتاح وأخدت تحاول الاتصال ب علي الذي خرج قبل ساعة وعندما لم يجب أرسلت له رسالة صوتية تقول فيها بصوت حاولت أن يظهر واضح من وسط دموعها: الحقني يا علي أبوك الله يخرب بيته كان هيموتني.

أغلقت الهاتف وهي تتذكر كلمات يحيي لها قبل دلوفها هذا القصر
Flash Back
اعترضت سالي على قول يحيي: بص ياباشا انا آخري اوي اعمل نفسي خدامة واشتغل في قصر نادر ده علشان ألحق الدكتورة البسكويتة انما عند رضوان، ده أنا جسمي كله بيتلبش لما بسمع اسمه هو انا انسي علقة الموت اللي كلتها من رجالته.
نطق يحيي بنفاذ صبر: لازم ياسالي تدخلي القصر على انك مراة ابنه علي، وعقد الجواز اهو.

دفعت بالورقة التي يمدها إليها قائلة: جواز ايه ياباشا مش لاعبة انا وبعدين بما ان المحروس ابنه معاكم ما يجيب هو اللي انتوا عايزينه من القصر ويراقب أبوه ولا هو مقدرش على الحمار هيتشطر على سالي.
اعتدلت في جلستها حين أردف يحيي بحدة: اتكلمي عدل يابت انتِ.
عرفت أنها تفوهت بالخطأ فقالت معتذرة: لا مؤاخذة ياباشا بس معلش قصر رضوان بالذات اخاف.

جذب يحيي خصلاته وهو يحاول استدعاء الهدوء ناطقا: اسمعي ياسالي رضوان و ابنه علاقتهم متوترة جدا الفترة دي، ابنه على في الأساس أغلب الوقت بيكون برا البيت دخولك القصر وان رضوان ميشكش فيكِ جتلنا على طبق من دهب، ابنه متجوزك وبيحبك مهمتك بقى جوا القصر ده هتبقى أكبر من شوية معلومات كان ممكن على يجبهم، انتِ عاشرتي رضوان وعارفة دايرته والناس اللي اشتغل معاهم وغيره كتير وجودك هناك هيخليه واخد باله من كل خطوة والحذر زيادة عن اللزوم بيوقع، طول ما انتِ لازقة لرضوان زي ضله هتعرفي كل حاجة وفي نفس الوقت هيبقى هو متأكد انه محرص منك تماما، على ابنه مش هيعرف يعمل ده مش هيعرف يلف ورا أبوه زيك ومهما كان هو ابنه يعني دلوقتي معانا ممكن بعد شوية قلبه يحن ويبقى علينا ولو اني ما اظنش ده بس الاحتياط واجب.

هزت سالي رأسها بموافقة أظهرت تعابيرها عكسها ونطقت: أنا موافقة حامي باشا عملي جميل قبل كده لما لحقوني وانا بموت وعملي التانية وبيصرف على اهلي واخواتي، انا هعمل المطلوب ويارب تكون آخر خطوة ونخلص بقى من زفت رضوان واللي وراه.
أكد لها يحيي متمتما: هيحصل.
Back.

مائدة افطار التف الجميع حولها اعتاد حامي على الجلوس على المقعد المجاور ل هنا و آتى ليجلس فوجد من أخذت مقعده ناطقة: هنا قالت اني شاطرة والأكل مباظش علشان كده أنا اللي هقعد جمبها النهاردة، اقعد انت هناك.

ثم اشارت على المقعد المجاور ل صوفيا نظر لها الجميع فقد كان غرضها مكشوف للغاية وابتسمت لها صوفيا ابتسامة ممتنة فغمزت لها عائشة، لم ينطق هو بل تحرك بآلية وكأن الوضع برمته لا يخصه وجلس جوار صوفيا قطع الصمت الأذان فصرخت الصغيرة بفرحة: المدفع ضرب.
أردفت نيرة بتذمر: على اساس صايمه اوي يا اختي.
ثم احتضنت كريم الجالس جوارها ناطقة بمزاح: مفيش زيك انت يا راسي يا عاقل.

آتى عمر من الخارج ليسرع إلى المائدة مشيرا إلى صوفيا: لا انتِ شكلك بتحبيني اوي على فكره لحقت ارجع على الفطار بالظبط.
ابتسمت له بود وبدأ كل منهم في قول دعاء الإفطار وشرب العصائر حتى انتهوا فمدت عائشة يدها لتضع البطاطس في طبق صوفيا قائلة بمرح: دوقي بقى ياطنط وقولي رأيك في عمايلي.
ابتسم حامي وكادت تفلت ضحكاته فرمقته بنظرات محذرة قطعها صوت عمر: عائشة انتِ من امتى وانتِ مبتحرقيش صينية البطاطس.

أردفت بغيظ: هو انت مش طول عمرك تقول على أكلي مفيش منه.
ضحك وهو يقول: ماهو مفيش منه فعلا، بس أنا شاكك ان الأكل ده عمايلك.
وجه سؤاله ل نيرة: نيرو حبيبتي عملته؟!
ابتلعت نيرة ما في فمها وقالت بسخرية: أنا يا ابني، انت تعرف عني الكلام اللي مش ولا بد ده.
رمقها بغيظ مردفا: كنت متأكد، ثم قال: ماهو يإما زينة يإما هنا.
ابتسمت زينة نافية: لا أنا معرفش المطبخ فين اساسا وهنا كانت نايمة.

رمقته عائشة بضجر ناطقة: صدقت انه انا، كل وانت ساكت بقى.
تناول ملعقة في فمه وهو يغيظها بقوله: مش مرتاحلك.
سمعت عائشة صوت صغيرها يبكي كادت تقوم ولكن قالت زينة: خليكِ أنا هجيبه واجي.
تصنعت عائشة تناول الطعام وهي تراقب بعيون ثاقبة ما يفعله حامي فثبتت نظراتها حين وجدته يسحب طبق صوفيا الذي وضعت به عائشة البطاطس ويضع آخر به الحساء الساخن.

خفق قلب صوفيا بفرحة هل ما زال يتذكر الأكلات التي لم تكن تحبها أزال عنها الحرج وسحب الطبق من أمامها حتى لا تضطر إلى أكل ما لا ترغب به.
مدت كفها وربطت به على كتفه بإمتنان فا ابتسم لها ابتسامة جعلتها حقا تشعر أنها صادقة من قلبه.
عمر اقرصني.
انتبه عمر لنيرة فقال بإستنكار: اعمل ايه ياماما!
نطقت مجددا هامسة وهي تراقب حامي: هو اللي شايفاه ده بجد حامي وماما وتحس في مشاعر كده.

قالت الصغيرة بصوت عالي: يعني ايه بينهم مشاعر؟!
ارتفع حامي ينظر لهم فنطقت نيرة بإرتباك: قصدها بينهم شعر، اصل عمر بيقولي على عنتر وعبلة وانهم كانوا بيتبادلوا الأشعار.
رفع حامي حاجبه فقالت مؤكدة: صدقني هو ده اللي حصل.
تمتم عمر بتذمر: تعمل المصيبة وعمر يلبس.
همست عائشة ل هنا: الخطة رقم 1 نجحت اهي والوحش ضحك، النهاردة ضحك بكره نحضن مامي حضن كبير.

ضربتها هنا على كفها مانعة إياها من الحديث فهبت هي حين حضرت زينة بالصغير فأخذته منها لتجده قد عاد للنوم فنطقت زينة: هو نام بس خفت اسيبه في السرير.
أردفت صوفيا بحنان: هاتيه يا عائشة.
اقتربت عائشة بالصغير ووضعته بين يديها بحذر وقبل أن ترحل همست ل حامي بضحك: كل بطاطس.
عادت لمقعدها فقالت هنا لها: بس تعليمي جه بفايدة اهو الأكل طلع مرة كويس ومش محروق.

نطقت زينة بشكر حقيقي: لا هو بجد شابو ياعيوش طعمه حلو وخطوة كويسة استمري بقى وياريت تبقى تعملي السلطة بالمرة ومتصحونيش اعملها.
قربت نيرة الصينية لتجلب منها للصغيرة فجحظت عيناها فجأة نطق عمر الجالس جوارها بإستغراب: انتِ لقيتي عفريت في الصينية ولا ايه؟!
همست له مسرعة: حامي هو اللي عامل الأكل ده.

ضحك عمر مردفا بتأكيد: عارفة يا نيرة أنا ممكن أصدق انك عاقلة لكن مستحيل شوفي مستحيل اصدق الكلام الاهبل اللي بتقوليه ده.
نبهته ناطقة: طب بص الصينية هتلاقي حتت فلفل أخضر كتير حامي هو اللي بيحطه على أي حاجة كتير كده لما كان بينزل مصر وتصادف واعمل أكل كان لازم يقف يحطه كده.
تنبه عمر فعليا إلى أن قطع الفلفل الخضراء مبالغ فيها وما أكد له أن مذاق الطعام فشقيقته لا تجيد الطهي هل ستصنع طعام هكذا!

قالت نيرة بضحك: إلا قوليلي ياعيوش هو انتي مقطعة فلفل اخضر في الأكل كتير كده ليه.
أدرك حامي أن شقيقته كشفت الأمر فأردف: في ناس لو مسكتتش هتتقطع مكان الفلفل دلوقتي علشان تبقى عبرة.
ضحكت زينة وأغاظت نيرة قائلة: اسكتي بقى يا عبرة.

رمقت عائشة نيرة بنظرات متوعدة وهي ترسل لها تهديداتها ولكن قطع النظرات رؤيتها ل صوفيا الغارقة في الصغير النائم فعلت الابتسامة وجهها ونظرت جيدا حين وجدت حامي يميل على أذن أمه هامسا: أنا عايز اصلي. معاكي.
لم تصدق صوفيا ما سمعت فرمقته بعيون أوشكت على ذرف الدموع فقال: انا عايز اصلي مش هنتحر.
ضحكت على مزحته وهزت رأسها قائلة بحب: خلص أكل وتعالالي على الأوضة.

هز رأسه موافقا وابتسمت هي بسعادة حقيقية فضحكت عائشة ونظرت إلى طعامها بسعادة وقد شعرت اليوم بتحول جذري في علاقته مع والدته ولكن هذه البداية فقط يجب أن تدرس الأمر جيدا حتى نهايته.
وقف رضوان أمام الحرس ناطقا بحسم: انا مش عايز غلطة تقلبوا الدنيا وتجبولي مدام نهلة، تتدوروا عليها في كل حتة واللي هيلاقيها هنقله نقلة تانية.

أومأ الجميع بطاعة بينما استدار هو وقد ظهر على تعابيره الغضب مما حدث وخاصة حين تذكر ضرب نهلة لنادر وهرولتها السريعة من المكتب وهو لم يكن في حالة تسمع له بمنعها فلقد سيطرت الصدمة على الجميع.
في نفس التوقيت.

هنا حيث الظلام على الرغم من وجود النور، يقبع رياض ممددا على الأرضية، هو هنا منذ شهور حبسه حامي حتى كاد ينسى معالم الخارج بل يمن عليه بالطعام والشراب فقط يريده حي، هو حذره من البداية ولكنه خان مرة والثانية وأتبعها بالثالثة فكان هذا الجزاء جالس هنا في غرفة مغلقة ومنطقة نائية وحراس يحاوطون المكان من الخارج يود الصراخ هو يعلم أن حامي سيتخدمه في شيء ما لذلك أبقى عليه إلى الآن ولكن هذا عذاب.

وجد البوابة تفتح فظن أنه أحد الحرس سيقدم له الطعام ولكنه اعتدل في جلسته حين وجد شاب في مقتبل العمر ملابسه غير رسمية كباقي الحرس بل يرتدي ملابس شبابية أظهرت وسامته وكتفه الذي يظهر عليه الاصابة أو ربما الكسر فنطق رياض بإرتياب وهو يتفحصه جيدا: انت مين؟!
مط الشاب شفتيه ناطقا بملل: انت مش عايز تخرج من هنا ولا ايه؟!
هب رياض واقفا يقول بأمل حقيقي: اخرج؟
اشار له الغريب ناطقا بحسم: تعالى ورايا.

خرج رياض مسرعا خلفه ليجد الحراس ممددين أمام البوابة فنطق بذعر: انت مين وعملت فيهم ايه حامي العمري مش هيسكت.
ضحك الشاب عاليا وهو يقول بمكر: ما تبقاش خفيف انا نيمتهم بس حطتلهم منوم في الأكل اللي طلبوه وبعدين مين قال اني قلقان من ابن العمري انا لما بلاعب حد بنزل بتقلي.
فتح له سيارته قائلا بعيون لمعت بالشر: ادخل.
سأل رياض بخوف مما يحدث وأمل في أن يكون من أمامه أقوى ممن خطفه: اسمك ايه؟!

ابتسامة واثقة ارتسمت على وجهه ودخل سيارته مغلقا بابها خلفه ونطق وكأنه يتغني بإسمه أثناء نظره للطريق: عدنان، اسمي عدنان.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة