قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السادس والثلاثون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السادس والثلاثون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السادس والثلاثون

امل تألق وارتقى
مثل النجوم محلقاً
في وسط قلبٍ في الهموم تمزق
قد كنت وحدي في المسير
في الحزن عشت كالاسير
حتى رأيت الزهر يزهر ها هنا
فبدأت اركض نحوه
وبدأت الثم عطره
حتى شعرت بقيد حزني ينكسر
فسمعته يقول لي الغيم سينجلي
والشمس في جوف الظلام ستنتصر
(أغنية: الحياة أمل ).

ليست مجرد دقات عادية، دقات البوابة أصابت قلبها بالهلع، هرعت إلى ملابسها وانتشلت الحجاب سريعا وضعته على رأسها وهي تهرول نحو الخارج، هوى قلبها حين رأت ذلك المدعو مروان نظراته هذه التي تشعرها بالغثيان، أهملت وجوده حين وجدت أن حامي قد فتح البوابة بالفعل والطبيبة تقف أمامه.
استدار حامي فوجد زوجته تقف أمامه اشتعل غضبا وهو يسألها بحدة: في ايه؟

أردفت الطبيبة باستئذان: طيب عن اذنكم أنا داخلة للمدام، فين الأوضة؟
أوقفتها عائشة مردفة بجمود: استني لو سمحتِ، حامي من فضلك تيجي معايا دقيقة واحدة بس عايزة اقول حاجة.
كانت نظرات حامي الثاقبة لا تفارق مروان إشارته التحذيرية كفت لتجعل عيني مروان لا تفارق الأرضية.
أشار لها حامي نحو الداخل مردفا بحسم: بعدين مش وقته.
وجه الطبيبة مشيرا على غرفة ما وهو يقول: أوضة مدام صوفيا هناك اتفضلِ انتِ.

آتت الطبيبة لتتوجه وقد كساها الريبة من تصرفات عائشة وبمجرد تقدم خطواتها جذبتها عائشة من يدها حتى كادت أن تسقط قائلة بانفعال: استني هنا متدخليش.
هنا نطق حسام بشك: في حاجة يا مدام عائشة، حصل حاجة؟
تفحص حامي الوضع بريبة فجذب عائشة من مرفقها متوجها للداخل وأشار للطبيبة على أحد المقاعد ناطقا بأمر: اقعدِ هنا لحد ما ارجعلك.

دخل حامي إلى الغرفة وفي يده زوجته وبمجرد دخولهما نطق بشك: مش عايزاها تدخل ليه، في ايه؟
طلبت منه الانتظار قائلة: ثانية واحدة
توجهت إلى الفراش بانفعال فقد وضعت هاتفها على الطاولة بجواره، جذبت الهاتف وعادت إليه ناطقة بتأكيد وهي تقوم بتشغيل الرسالة الصوتية: اسمع ده كده.

سمع تلك الرسالة التي تحذر من وجود الطبيبة في المنزل، درس الكلمات جيدا هو متيقن أن هذه الطبيبة لن تخون، لم يأتمنها هباء بل خطوته كانت مدروسة، خرج من الغرفة وتوجه إليهم فوجد مقعدها خالي أردف بجمود كساه: راحت فين؟
وضح حسام: قصدك الدكتورة، نزلت قالت هتجيب حاجة من تحت.

اهتز هاتف حامي فالتقطه، وجد رسالة نصية محتواها: لو سمحت أنا عايزة أقابلك في العنوان اللي هبعتهولك ده، أنا مش هقدر اقابلك في أي مكان تاني، ارجوك تيجي انا هستناك قدام البيت لو ملقتنيش امشي.
قطع تركيز حامي صوت مروان المتهكم: هو احنا مش هنخلص بقى، احنا جايين علشان نتكلم في الشغل ولا علشان نتفرج على بعض.

رمقه حسام بضجر وحاول إرضاء حامي ولكنه وجده بتوجه إلى مروان ويجذبه من مرفقه متوجها به نحو البوابة وهو ينطق بحدة: انت في بيتِ يعني انا اللي اقول نخلص ولا منخلصش وبما انك معندكش دم فمتستناش مني احترم مهزق زيك.
زج به في الخارج وسط دهشة حسام الذي يحاول حل الموقف ولكنه سمع صوت حامي الناهي يقول له: خده وانزل، ولو عايز تتكلم معايا يبقى لوحدك ده لو خايف على حياته.

حاول حسام مقاطعته وهو يردد طالبا الهدوء: يا حامي بس اسمعني، طب اطرده هو أنا مالي.
أعاد حامي بلهجة آمرة: قولت تاخده وتمشي.
هز حسام رأسه وخرج خلف مروان بيأس فأغلق حامي البوابة واتجه إلى غرفته بمجرد دخوله وجد عائشه تحمل الصغير وتحاول أن تجعله يغفو مجددا فاستقامت تسأله بقلق: حصل ايه؟، عرفت حاجة عن الدكتو...
قطع حديثها بإشارة من يده وهو يقول ناهيا الحوار: أنا مش عايز اتكلم دلوقتي.

نبهته تقول بضيق: حامي على فكرة أنا قولتلك يعني المفروض أعرف علشان مبقاش على...
صمتت وهي تراه يفتح الخزانة بعصبية وحين لم يجد ملابسه نطق بنبرة عالية: هنخلص المحاضرة دي امتى بس علشان اعرف هدومي مش موجودة ليه؟
بررت بغضب وهي تنطق بضجر من أفعاله: الهدوم في الضرفة التانية، أنا خارجة من هنا خالص اتخانق بقى مع الهوا براحتك.
قالت كلماتها وتحركت بانفعال لتسمعه يقول بتصنع الاندهاش: هو انا اتخانقت!

رفعت حاجبها تسأله بتهكم: والله!، يعني أسلوب كلام حضرتك ده عادي؟
هز رأسه مبتسما ببرود: اه عادي، خد على كده بقى يا وحش.
غرزت أظافرها في باطن كفها وهي تردد غير راضية: عادي عندك انت، مش عندي أنا.

قبل أن يتحدث رفعت نيرة الغطاء عن وجهها وقد ظهر النوم جليا على وجهها فقالت بنبرة باكية: يا عالم يعني أقوم أصوت، بيت طويل عريض مش عارفة أنام فيه ساعة، اتقوا الله بقى انتوا بتتخانقوا في كل مكان، المكان الوحيد اللي فاضل ومدبتوش خناقة فيه هو الحمام، ياريت تأجلوا بس خناقة النهاردة لحد بالليل ونبقى نعرف الأسلوب اللي سيادتك عايزاه يكلمك بيه، و هدوم الباشا راحت فين.

جذبها حامي من الفراش مردفا بنفاذ صبر: مش عاجبك، روحي نامي في أوضتك، يلا برا.
شلت الصدمة نيرة وهي يتم زجها في الخارج فقالت باعتراض مساندة عائشة: طب على فكرة بقى أسلوبك ده مينفعش.
قبل أن تتابع كان قد ارتدى سترته وتوجه للخروج، جلست عائشة على الفراش ووضعت الصغير بجانبها، تراجع ليبحث عن ساعته ألقى نظرة فوجدها.

علي الطاولة المجاورة الفراش، توجه ليجذبها ومسح بأصابعه على كفها خلسة رمقته بصدمة لتسمعه يقول بمكر: هو الأسلوب مش حضاري بس أنا ديكتاتوري وبحبه أوي، ماتستنيش ديموقراطية بقى من واحد بيحب.
رفعت عينيها لتواجه زيتونيتيه وهي تسأل كمن سُحِب عقله: بيحب ايه؟
اختتم غامزا بضحك قبل أن يرحل: الأسلوب يا وحش.

توجه ناحية الخارج ليتجه إلى وجهته التي يفكر فيها جيدا حتى لا يصدر أي خطأ بينما اقتربت نيرة من عائشة التي ارتسم على فمها ابتسامة لا تزول فقالت باستغراب: مالك يا عائشة، ده انتوا كنتوا ناقص دقيقة وتولعوا في بعض ايه الضحكة اللي ظهرت دلوقتي دي.

لم تجب عليها بل ظلت على حالتها متذكرة كلماته فقالت نيرة وهي تضحك بسخرية: كده والأسلوب مش عاجبك، لا ده أنا كده هخلي الحاجة تدعيلي ربنا يكرمني بالأسلوب أبو ضحكة ده.
هنا ضحكت عائشة على حديثها عاليا فأردفت نيرة بغيظ: يعني صحتوني على صوت خناقتكم وفي الاخر بتضحكي.
جذبت الوسادة وقذفت عائشة بها وهي تردد مختتمة: الرحمة حلوه والله.

انعدمت الأصوات إلا من ضحكات عائشة المرتفعة وهي تزيل الوسادة وسهام نيرة الغاضبة لها مما زاد من قهقهتها، فدخلت نيرة في نوبة الضحك معها.
كانت ميرال تجلس في غرفتها تنظر للفراغ بغضب احتلها، هل هذا الجزاء صفعة بعد اختفاء، دخلت زوجة والدها بكوب من القهوة وضعته أمامها وقالت بود: لا تحزني صغيرتي، أباكِ غاضب قليلا.

هزت ميرال رأسها بهدوء مميت فتابعت الواقفة أمامها بحذر: والدك يأمرك أن تتواصلي مع عدنان حتى تنبهيه أن يدبر كل شيء لسفر الفتيات اليوم.
ضربت ميرال الكوب بيدها فانتثر على الأرضية وهي تصرخ: نعم، سأتمم الأمر، والدي لا دور له في حياتي سوى أن يأمرني، أنا أقوم بتنفيذ المهام فقط، الة دون شعور، وفي النهاية يتم تحميلها الأوزار.

حاولت زوجة والدها الاقتراب منها فأبعدتها بعنف: ابتعدِ سمية لا أريد وجودك، انتِ لم تحبيني ولن تفعلي أنا أعلم هذا جيدا، لا داعي لتمثيل مشاعر مزيفة من أجل كسب ود السيد الكبير، ألاعيبك هذه لا تنطلِ علي.
رمقتها زوجة والدها بضجر لتقول مختتمة قبل أن تخرج: قومِ بتنفيذ الأمر وكفِ عن هذا الحديث حتى لا تنالِ صفعة اخرى.

بمجرد خروجها من الغرفة رمقت ميرال رحيلها وهمست بشر: هذه الصفعة ستتلقوها مني يا زوجة أبي العزيزة.
وقفت أمام منزلها تنتظر بتردد والقلق ينهشها هل سيأتي أم لا، ندمت على إرسالها مثل هذه الرسالة وقررت التراجع وأن تتوجه إلى منزلها ولكن يد غريبة منعتها فاستدارت بصدمة وصاحت باستنكار: في ايه يا جدع انت سيب دراعي.
حركها الرجل أمامه ناطقا بأمر: امشِ معايا وانتِ ساكتة، أن من طرف حامي باشا.

شعرت بالنفس يقل طوال الطريق ولكن لا مفر الآن، بعد قليل من الوقت توقفت السيارة أمام مقهى شبابي بمجرد خروجهما من السيارة كادت أن تهرول ولكن أحكم الرجل قبضته عليها ودفعها نحو الداخل، تأملت المكان الخالي من البشر وسمعت الرجل يقول بحدة: الكافيه ده بتاع الباشا يعني لو مبطلتيش العمايل دي هتدفنِ هنا.
أخذت أنفاسها بصعوبة وهي تشعر بالرهبة وتعيد لقائهما الأول على ذاكرتها
Flash Back.

استدار حامي ليجد إحداهن ترتدي ملابس رسمية فرجح أنها تعمل عند رضوان وقبل أن يتكلم تحدثت هي: أنا عايزة اتكلم مع حضرتك مش هاخد من وقتك غير نص ساعة بس عايزاك تسمعني فيها.
قال وهو يتوجه إلى ركوب السيارة: هخلي حد من الحرس يديكي عنوان الشركة وخدي ميعاد و هقابلك علشان مش فاضي دلوقتي.

جذبت مرفقه فاستدار لها يرمقها بحدة أصابتها بالذعر فتراجعت يدها تلقائيا وقالت بإرتباك: أنا أسفه والله بس الموضوع مهم، أنا كنت جارة مدام سارة في الشقة اللي كانت فيها قبل ماتمشي وأعرف الولد اللي كان بيطاردها.
أشار لها على سيارته بعد أن تيقن من أن ماستقوله ضروريا وقال بحزم: اركبِ.
Back.

انتفضت من شرودها على صوته: اقعدِ واقفة عندك ليه؟
حضوره مربك وإذا كان التنفس صعب قبل مجيئه الآن أصبح مستحيل، تحركت بصعوبة لتجلس على أي مقعد يقابلها، فوجدته أمامها ابتلعت ريقها باضطراب من زيتونيتيه المشتعلتين وهو ينطق: جريتِ ليه يوم ما وقفتيني وقولتلك اركبِ، ودلوقتي بعتِ مسدج عايزاني اجيلك ولما جبتك جاية على الباب تجري، هو لعب عيال؟، طب انتِ عارف بتلعبِ مع مين الأول ولا تحبِ أعرفك؟

لم تجب فقط انكمشت بخوف وهي تطلب بحذر: أنا عايزة اشرب.
أشار لها بعينيه على الكوب الزجاجي الموجود على الطاولة والذي غفلت عنه بسبب شدة توترها، التقطت كوب الماء وارتشفت منه الكثير، ثم وضعته مجددا بيد مرتعدة.
جلس على المقعد المقابل لها ونظراته مثبتة عليها ينتظر حديثها وحينما طال الصمت دق على الطاولة مردفا بتحذير: مش هستنى كتير.

حركت رأسها بالموافقة وبدأت في التحدث بحذر: أنا اسمي إلهام، حضرتك قابلتني أول مرة قدام شركة مستر رضوان، أنا بشتغل هناك بس حاليا أنا مختفية، الحكاية بدأت من أكتر من سنة لما كنت بشتغل assistant مع واحدة اسمها سمية عايشة برا مصر، في باريس تحديدا، كنت بحاول أجمع أي فلوس علشان اقدر انزل مصر وأجر شقة واستقر، كنت بروح بيوت الناس الكبيرة اللي بيحتاجوا حد ينضف أو كده زي ال house keeping يعني، بعمل كل حاجة تقريبا بشتري طلبات البيت وانضفه واحط كل حاجة وكنت بروح مره كل اسبوعين مثلا.

كنت بعمل ده في بيت دكتورة اسمها ميريهان هي واحدة انا كنت متعرفة عليها فكنت بعملها بيتها بسعر قليل جدا لأنها كانت زي ظروفي وبتحاول تجمع فلوس بس مش فاضية بسبب دراستها وخروجها الكتير، بعدها عرفت منها ان جارها اسمه نادر وانه محتاج حد ينضف البيت وكده وقالتلي انه هيدفع فلوس كويسة وحصل وبقيت بروح مرة كل أسبوعين أو تلاتة على حسب ماهو يقولي أنضف البيت وامشي.

كان متجوز بنت مش كبيرة اسمها كريمان، كنت المرة اللي بروحها احسها غريبة ودايما بتعيط لحد ما في مرة حكتلي وعرفت انها مجبورة وانه بيضربها وعايشة بالغصب حاولت كتير أهربها منه بس معرفتش دايما كان في حرس على البوابة سواء من قدام أو حتى من المنافذ اللي ورا، حتى ميريهان كنت بحسها مراقباني خوف اني اعمل حاجة زي دي، لحد ما في مرة كريمان دي سألتني أنا ليه بشتغل الشغل ده؟ ومش بشتغل بمؤهلي، حكيت ليها ظروفي فهي حبت تساعدني قالتلي على بيت قديم في مصر، البيت اللي الحارس بتاعك جه خدني من قدامه، و انها كانت مأجراه من راجل طيب بمبلغ لا يذكر، هو اساسا مش بيأجر البيت ده بس أجره ليها علشان ظروفها، قالتلي اني ممكن انزل مصر واشتغل هناك واطلب من الراجل يأجرلي البيت ده واقوله اني من طرفها وهي متأكده انه مش هيرفض.

هنا صمتت عن الحديث ليسأل هو: وبعدين.
ابتلعت غصة مريرة في حلقها ومسحت دموعها وهي تقول بألم: بعدين ماتت، اخر فترة نادر مشاني ومبقتش اعرف اقابلها وكمان ميريهان كان في أجازة ومش محتاجاني ولما روحت وسألت عليها قالتلي انها ماتت، كان نفسي اعرف أعملها أي حاجة، كانت بريئة على عكس نادر كان شكله يقبض حاولت اساعدها معرفتش ووقت لما وقعت الشقة اللي قالتلي عليها هي اللي ساعدتني.

صمت دقيقة تستجمع ثباتها مجددا لتتابع: بعد وفاتها فكرت انزل مصر واخد الشقة اللي قالتلي عليها، بس مكانش معايا فلوس كفاية علشان اقدر اعيش بيها وفي نفس الوقت خفت انزل ويكون صاحب البيت على حظي أجره وماعرفش ارجع اسافر او اشتغل تاني، فكملت شغل مع مدام سمية أغلب الوقت كنت بروح معاها البيت جوزها اسمه ويليام بس مكنتش بشوفه كتير وبنت جوزها اسمها ميرال.

كنت بحس البيت ده غريب، حتى البنت تصرفاتها غريبة وبتقابل ناس غريبة وابوها اللي مختفي معظم الوقت ده، بس كنت بركز في شغلي وخلاص، لحد ماتعرفت على واحد اسمه حامد وحبينا بعض وقالي انزل معاه مصر، وقررت انزل وكنت بخلص حاجتي وفي يوم كنت قاعدة في كافيه في ولما خرجت لمحت ميرال داخلة شارع تقريبا محدش بيمشي منه وواحد دخل وراها علطول فقلقت يكون هيضايقها فكنت راحة وراها أنبهها متمشيش من هنا، أنا بعرف انجليزي شوية كويس، اتصدمت لما لقيتهم وقفوا وبيتكلموا، كانت بتندهله عدنان وبعدها ادتله ازازة واتفقت معاه يقتل واحدة، أنا طلعت اجري ساعتها وبعدها بأسبوع كنت في الطيارة اللي رايحة مصر، ونزلت مع حامد، اتجوزته وخلفت منه ولد، حامد غلبان بس ظروفه وحشة اووي، على فكرة انت تعرفه.

رفع حاجبه ناطقا باستنكار: اعرفه منين؟
نظرت للأرضية وأخذت نفس عميق، ذفرته على مهل وهي تقول بحذر: حامد هو نفسه اللي دفعت لوالدته مصاريف المستشفى، الشاب اللي كان معاه ست كبيرة ومارضيوش يدخلوها وانت اللي دخلتها.
تابعت إلقاء قنبلتها: حامد هو اللي حاول يخطف سارة، وهو اللي كان مع الرجالة لما أخو مراتك اختفى.

كسى الظلام عيونه حين لاحظ ترددها الذي بدأ في الظهور وتحدث بشراسة: اسمعِ، اقسم بالله العظيم لو حاولتِ تداري حاجة علشان الباشا يبقى جوزك لهتشيلِ الليلة انتِ وهو معاهم وانا مبهددش، هاتِ كل اللي عندك من الأول كده وافتكرِ كلامي ده كويس.
حديثه هذا جعلها تتراجع عن أي نية كانت تنتويها فحركت رأسها بسرعة وقد حسمت قرارها بقول كل ما لديها حتى تتخلص من كل شيء دفعة واحدة علها تنال الراحة.
بعدة مدة من الوقت.

في شركة رضوان
كان رضوان يجلس في مكتبه ينظر في الحاسوب الموضوع أمامه ليجد من تقتحم مكتبه بعنف تطلع إليها ناطقا بصدمة: ميرال، أين كنتِ، لقد سألت عدنان عنكِ كثيرا وقال أنه لا يعلم سبب اختفائك.
لم تجب أسألته بل سألت هي بجمود: أين عدنان؟
مط رضوان شفتيه قائلا: لا أعلم، ولكن لما؟

ضربت على المقعد بعنف وهي تردد بانفعال: الأحمق لا يجيب على الهاتف، ومن المفترض أن يكون قد قام بإعداد الفتيات اليوم حتى يذهبوا إلى الخارج.
سألها رضوان باستفسار: أي فتيات؟
أشارت له قائلة: انتهى أنا أحل الأمر.
عرض عليها رضوان وهو يلتقط كارت ما: لقد تلقيت دعوة حفل لرجل الأعمال بديع الصياد بمناسبة عودته إلى مصر، هل تأتي؟

اندهشت حقا من الأمر هل يصفعها في المنزل والآن يقيم احتفال!، ما الهدف من هذا الاحتفال في الأساس.
فاقت من شرودها وهي تقول ناهية: إذا علمت شيء عن عدنان أخبرني، أنا ذاهبة.
خرجت مسرعة كما آتت، نزلت متوجهة إلى سيارتها وقفت قبل الدخول تحاول الاتصال بعدنان مجددا كانت عيناها تدور في المكان حتى وقعت عليه فسقط الهاتف من يدها لا إراديا.

إنه هو حامي العمري، يقف بعيدا عنها مستندا بظهره على سيارته ونظارته السوداء تحتل وجهه، رفعها عن عينيه إلى الأعلى قليلا وأشار لها مبتسما بمكر.

التقطت أنفاسها بصعوبة ومالت تأخذ هاتفها لتدخل مسرعة إلى سيارتها حتى تفر من أمامه، واجهت عيونها زيتونيتيه فهربت مسرعة وتحكمت بعجلة القيادة حتى ترحل، فالرحيل هو الخلاص، هي لن تنسى ذلك اليوم حين أخبرها بعلمه بكل شيء، لن تنسى الضغط النفسي الذي مارسه عليها لقد كانت على وشك الموت، أدركت حينها أنه ليس شخص عاديا بل حطم مخططاتها وأخبرها أنه داهية، والآن ظنت ان حسارها قد انفك ولكنها وجدته أمامها.

ولكن لن يدوم الرحيل هي الآن تريد الخلاص وحتى إن كان في خلاصها ما سيسبب لها الخوف ستفعله.
هي الدكتورة فين؟
سألت صوفيا عائشة الجالسة جوارها في النافذة فقالت عائشة: معرفش تقريبا مجتش النهاردة، انتِ محتاجاها اتصلك بيها!
هزت صوفيا رأسها بنفي فحمدت عائشة ربها لتسمعها تقول: فريق العصابة لسه في المطبخ؟

ضحكت هنا وهي تدخل لهم بالأكواب الساخنة قائلة: اه بيخربوا وبيقولوا انهم هيعملوا كيكة وانا متأكدة انهم مش هينفعوا.
ضحكت صوفيا على جملتها لتقول عائشة بمرح: أنا مش عارفة هلاحق على ايه ولا ايه غمازات ابنك وعيونه ولا القمر اللي قدامي دي، قولي انتِ يا هنا بقى ينفع كده!
قالت هنا بضحك: لا والحق يتقال انتِ غيارة
وجهت حديثها لصوفيا متابعة: البت دي أول ما جت عندي كانت مفكراني واحدة حامي متجوزها عليها.

هنا ارتفعت ضحكات صوفيا وأردفت عائشة بغيظ: ليه التشريد ده بس.
قطع حديثهم دقات جامدة على البوابة أفزعت هنا وهي تقول: أعوذ بالله في ايه؟
قامت عائشة متوجهة ناحية البوابة وهي تقول بقلق: خليكِ يا طنط انا هفتح.
بمجرد أن فتحت عائشة دفعتها الفتاة الواقفة أمامها نحو الداخل وهي تصيح بهياج: هو فين القذر.

استقامت عائشة سريعا وهي تتأمل الشابة الواقفة أمامها بصدمة وتحاول إبعادها عن المحيط مرددة بغضب: انتِ مين انتِ علشان تدخلِ بالأسلوب ده وتزعقِ كده وبعدين طلعتي من الحرس ازاي.
خرجت هنا وتبعتها صوفيا على الصوت وفجأة تجمع الجميع لتقول الصغيرة بخوف: عيوش هي طنط بتزعق ليه.

جذبت الفتاة الصغيرة على حين غرة ووضعت سلاح أبيض على عنقها وهي تنطق بشر: طنط هتجيب رقبتك دلوقتي لو ما نطقتيش الزفت اللي كان عندكوا هنا راح فين.
قالت نيرة بانفعال وهي تجذب الصغيرة التي بدأت بالبكاء: انتِ مجنونة يابت انتِ ولا ايه.
لمحت عائشة حقيبتها الموضوعة على الأريكة فمالت عليها أثناء احتدام النقاش بين الفتيات وبينها وأخرجت زجاجة صغيرة منها.

لاحظتها زينة الواقفة على قرب من الفتاة فغمزت لها عائشة بعينيها وعلى حين غرة نثرت عائشة على وجه الشابة فصرخت بألم وجذبت زينة الصغيرة مسرعة لتدخل بها إلى الغرفة.
سحبت نيرة السكين من تلك المتألمة والتي وضعت كفها على عينيها وقالت: احمدِ ربنا ان صاحب البيت مش موجود كان زمانه قتلك هنا.
صرخت فيها بعنف على رغم ألم عينيها: وهو في راجل برضو يدخل بيته واحد زبالة زي اللي كان هنا.

شهقت عائشة عاليا، وكادت صوفيا أن تصرخ حين وجدت ابنها أمامها يخرج سلاحه من جيبه ويقف خلف المتحدثة ليقطع الصمت المميت صوته الحاد: ادخلوا جوا.
نظرت نيرة لعائشة بذعر وحاولت القول: حامي طيب بص.
هنا صاح بشراسة: هنا خديهم وادخلي جوا
قالت هنا باعتراض: يابني بالراحة بس، معلش يمكن غلطانة في العنوان، نزل اللي في ايدك ده بالله عليك.

جذب الفتاة من يدها ليخرج بها من المنزل بأكمله ويتوجه بها ناحية الشقة المقابلة فتبعته عائشة تحاول ردعه ولكنها تشبثت مكانها حين سمعت الفتاة تصرخ بغل: هتعمل فيا اللي مروان ملحقش يعمله فينا؟
حاولت التحرر منه وهنا صرخت عاليا: أقسم بالله العظيم لو ما قولت هو فين لأموت نفسي وألبسكوا مصيبة.
ترك حامي مرفقها ووضع سلاحه في كفها وقد بدأت تستعيد نظرها تدريجيا فسمعته يردف ببرود مميت: موتِ نفسك ولبسينِ مصيبة يلا.

تراجعت بخوف وهي تنظر للسلاح في يدها فصاح فيها مما جعلها تنتفض صارخة: ما يلا موتِ نفسك، ولا هو كلام وبس، انتِ واقفة في مكان حامي العمري يعني احترامك يطلع قبل منك ولو ليكِ حق تاخديه، لكن قليل الاحترام عندي بعرفه بيا واربيه من جديد لحد ما يبقى محترم.
تحدثت عائشة رغم نظرات حامي المعترضة والمعنفة لتحاول تهدئة زوجها قليلا: طيب مروان ده ظابط هو أذاكِ في حاجة، لبسك قضية ظلم مثلا.

انفجرت تقول ببكاء وغل اعتراها: ده مش ظابط ولا هو حاميها حراميها!، ده قواد ميعرفش غير الوساخة.
اظلمت عيون حامي، وشعرت عائشة أنها لم تعد قادرة على التنفس وأن رئتها تخذلها وهي تحرك رأسها بعدم تصديق مكررة: قواد!
تعديل: ياجماعة البنت مقصدتش ان مروان مهنته مش ظابط لا هي بتستنكر ان واحد زي ده يكون ظابط.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة