قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السابع عشر

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السابع عشر

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل السابع عشر

القلب
ذلك العضو الذي يتحكم بنا، يظن الحمقى أنه ليس إلا جهاز يضخ الدم ولكنه في حقيقة الأمر يضخ مشاعرنا، قرارتنا، خوفنا، اضطرابتنا
يتحكم في كل شيء عندما تصبه السعاده نصبح كأطفال صغار امتلكوا قطعة حلوى في التو، وعندما تدق الخيبه بابه نشعر بتلك الانقباضة التي تخطف أنفاسك وكأنها تخبرك أن موتك ليس أمامه سور ثوان معدوده.

تلك الانقباضة التي نعتقد أن بعدها ستنتهي الحياه بنا. ذلك الخوف الذي يغلفها، وتلك الأمنيه أن ينتشلنا أحدهم من خوفنا هذا ويخبرنا أن كل شيء حتما سيكون بخير.
اليوم أنتظرك أنت، اتنفس ببطيء خوفا من القادم ولكن قلبي أعلن حربه على لينطق كل ثانيه قائلا:
سيأتي الآن، كل شيء سيكون بخير.

أنتظرك لأني مؤمنه أشد الإيمان أن المسافات لاتمنعنا من الاستغاثات، ربما بعد ساعه ستستجيب، بعد دقيقه أو ثانيه، ربما الآن لتعلن أن كل شيء بخير.
حالة من الهرج والمرج سادت المشفى وخاصة في ذلك الطابق وبعد أن قطع اتصال عائشة صوت البغيض يقول بسخرية:
مش عيب برضو يابنت اخويا ابقى اخر من يعلم انك في المستشفى.
ثم تصنع نبرة الحزن وهو يقول بشماته: أنا قولت اجي اعزيكي هنا.

التفتت له بعدما سمعت توعد حامي له في الهاتف وتنبيهه لها: عائشة مهما اتكلم او جاب سيرة آمن مترديش عليه.
أنزلت الهاتف واتجه وجهها نحوه لتسمع شقيقها يقول بعنف: انت ياحقير جاي عايز ايه!
ضحك رضوان وهو ينبهه بعينيه: عيب، عيب ياابن ال
وصمت ثوان متابعا: الصول، تكلم عمك كده برضو!

رفعت عائشة حاجبها وعلا وجهها ابتسامه مستنكرة حينما دار إليها رضوان فسددت له كلماتها وعينها تحرقه بسهامها الحادة: العم ياحبيبي هو اللي بيربي ويرعى ولاد أخوه، مش يقتل اخوه ومراته ويبلع فلوسهم، العم ده مكانة انت يا رضوان مش هتوصلها عمرك عارف ليه؟!

ثم مطت شفتيها وتابعت بضحك استفزه: علشان انت مش انسان، ومش حيوان برضو علشان منبقاش بنظلم الحيوان حتى الزبالة خساره فيك اني اشبهك بيها، انت ملكش شبه مش علشان حاجه نادرة لسمح الله لا، بس انت وساختك وصلت ليل أعلى من اننا نشبهها بأي حاجه.

أشعلته، أهانته بكل ماامتلكت من اسلحه فاقترب منها حتى أصبح مقابل لها يقول بإلتواء: مهما عملتي ومهما قولتي هيفضل برضو الدم اللي بيجري في عروقك هو نفسه اللي بيجري في عروقي.
تصنعت الدهشة وهي تقول بغير تصديق: ايه ده معقوله هو انت بقى عندك دم؟
هز رأسه مؤكدا: النظرة اللي بتبصيلي بيها دي انتي مش وارثاها من أبوكي ولا امك، انتي واخدها مني انا، بصي في عيني كده.

اهتز ثبات عينيها وهو يتابع: لمعة العين نفسها، العين نفس العين يابنت اخويا.
رفعت اصبعها موضحه بدفاع بان فيه نبرة الاتهام: العين اللي كلها دفا غير العين اللي كلها حقد وغل وناس ميتة دمها متعلق فيها، اللمعة مش واحده ولا عمرها هتكون واحده ولا عمرك هتنول شرف انك تبقى عمي مهما عملت.

كان يستمع لكلماتها بثبات وعينه لاتفارقها يتأملها وهي تتحدث لينطق أخيرا: انتي لو كنتي بنتي كانت كل حاجه اتغيرت، خسارة الدماغ دي تبقى لابن العمري، وعلشان انا مااقبلش ان دماغي يبقى في منها اتنين مش هرتاح ولايهدالي بال غير لما...

ثم اقترب من اذنها هامسا: اخلص عليكي، بس انا بقول بلاش دلوقتي اظن اعصابك تعبانة علشان البيبي وأعصابك التعبانة دي هي اللي مخلياكي واقفة قدامي وعينك قوية كده، بقيتي كوبي من حامي العمري في التعامل معايا، ذكية بس ذكائك ريحته باينه اووي.
ثم ارتفع عن أذنها واستدار لشقيقها قائلا بضحك: ولا ايه ياعمر.

لم يكمل كلامته حتى وجد عمر يطيح برأسه شهقن الفتيات عاليا وحاولت نيرة إبعاده قائله: ده مايستاهلش ياعمر، سيب الكلب يهوهو شوية وهيزهق ويمشي.
ارتفع رضوان وقد زادت نظرته عنف مما فعله عمر فرفع كفه وكاد أن يصفعه ولكن أمسك عمر بكفه ودفعه صارخا: ابعد عنا، ملكش دعوة بحياتنا دي ياوسخ، انا مش هرتاح غير وانا برميك لقبرك مش هسيبك يا رضوان.

رمقه رضوان بنظرات ساخطة ونفض يده وهو يقول بتهكم: لو هي ذكية قيراط فذكائها ده مقويه وجودك ولو حد فينا هيرمي التاني لقبره يبقى انا.
كان زينة ترتعد وتلتصق بين نيرة والصغيرة مجرد رؤيته تبث الذعر في قلبها، لاحظ هو نظراتها فترك عمر وتوجه إليها قائلا: ايه يا تمارا مفيش بوسة لبابي.

قطع حامي كل هذا بظهوره، ظهر وعيناه اشتعلت فيها نيران تحرق الأخضر واليابس كسى وجهه ابتسامة قاسية ونظراته تحيط بالجميع: متجمعين عند النبي.
استدار لرضوان يقول بغمزة: إلا أنت طبعا علشان عارف اللي زيك بيبقوا متجمعين فين بالظبط.
لم تستطع نيرة و عائشة كبت ضحكاتهم ولكن مالت عائشة تضحك خفية فنطقت الصغيرة ببغض ل رضوان: شكلك وووحش.

رمق رضوان حامي بثبات ولكن لم تخف عينيه ذلك الغل الدفين وهو يقول: هترجعلي، وبكره تشوف وساعتها هخليك تتحرق عليهم كلهم.
حك حامي ذقنه مردفا بملل: بقولك ايه مابلاش التهديدات الهبلة دي اتعلم مني حاجه بقى، لو عايز تعمل حاجه اعملها من غير ماتقول اتعامل علطول من غير لت وعجن.
تابع حامي بضحك: طب بذمتك ولو اني عارف انك معندكش ذمة، في ضربة من اللي ضربتهملك كنت منبهك قبلها!

أكمل بشراسة زينت حروفه: حتى الضربة الجاية هتلاقيها فجأة كده بس هتبقى live صوت وصورة للعالم كله، حتى انت هتتفرج
ثم رفع كفيه يسقف بهما متابعا بضحكه شيطانية: وتقف وتسقفلي، والأيام بنا.
تحرك رضوان وهو يستند على عصاه بعد أن اشعله حامي مافعله يساوي الف صفعة كلماته المبطنه هذه اقوى كثيرا من اي ضربه كان سيتلاقاها، نطق كلماته بعيون تنوي الشر: الأيام بيننا فعلا ياابن العمري، نسيت أقولك البقاء لله.

مط حامي شفتيه بأسف وأظلمت عيناه التي تحرك أمامها شريط رضوان الأسود وقال وهو يواجهه: مش هقولك معزيكش في حاجة وحشة، علشان انا هعزي فيك قريب وبصراحه انت اوحش حاجه ممكن اعزي فيها.
انتفض رضوان مغادرا وهو يقول بلهجة مشتعله: هنشوف.
قطع حامي مغادرته بصفير مزعج فااستدار له رضوان مجددا فقال حامي بضحكة ملتوية: كنت عايز بوسه لبابي بس للأسف.

صمت ثوان ثم بصق عليه على حين غره مما صدم الجميع ليتابع حامي مختتما بغمزة: احنا هنا بنتف على بابي بس.
مسح رضوان على وجهه وتحولت عينه من على حامي إلى عائشة ورمقها للحظات موجها رسالة خفية إلى حامي بأنه سيحرمه منها.
قابل حامي التهديد بملامح كستها السخرية وتابع رضوان طريقه نحو الخارج ليسمع صوت حامي الساخر بضحك: في ستين داهية يابابي.
في نفس التوقيت.

أوصل يحيي عمار إلى ذلك المكان الذي دبره حامي ل دنيا قائلا: تدخل شقتك متخرجش منها ياعمار كفاية لف وراك بقى.
هي دنيا فين!
جذبه يحيي من ملابسه قائلا بغضب: ملكش دعوه بدنيا ياعمار، دنيا مش واحده من اللي بتسهر معاهم واخر الليله ترميلهم الفلوس.
برأ نفسه وهو يقول بدفاع: أنا مقولتش عليها كده، و بعدين انت مين اصلا علشان تقولي اعمل ايه ومااعملش ايه انا متعرف عليك في القسم.

رفع يحيي حاجبيه مرحبا: لو عايز تعرف انا مين فاانا يحيي، جدع جدا مع الجدع بس لو اللي قدامي ندل هبقى أندل منه، عايز ايه منها سيبها في اللي هي فيه، دنيا الظروف كلها بتلطش فيها وانت معتقدش انك بتحبها علشان كده بلاش تظلمها وتعلقها بوهم علشان ساعتها محدش هيرحمك واولهم حامي.

نظر عمار أمامه في مرآة السياره ليشاهد اثر جروح الشجار بارز على وجهه فنزل صافعا الباب خلفه بعنف بينما قال يحيي: هروح اجيب حجات من السوبر ماركت ليكم وارجع.
رحل عمار نحو الشقة الخاصة ليجد آخرى تقابلها فتساءل داخليا: معقول هي فيها، طب اروح اخبط عليها؟، لا احسن يطلع حد تاني من سكان العماره.

فتح عمار بابه بجلبه حتى يصدر صوت مزعج، كانت هي في الداخل قد ضجرت من الجلوس بمفردها والآخر فاق من مرضه وهرول لأسفل لم يسأل حتى اين هي، سمعت صوت الباب الخارجي يُفتح فهرولت تفتح بابها ليستدير لها مسرعا، تلاقت الأعين لدقائق نطق هو فيها لنفسه: ايه اللي انا حاسه ده، نفس الاحساس مع كريمان كأني شايف كريمان قدامي.
أخرجته هي من هذا حين شهقت بعنف صارخه: يخربيتك، ايه اللي في وشك ده؟
تأفف بضيق: يخربيت الفصلان.

اقتربت منه مسرعه تقول بغيظ: تلاقيك عاكست واحده وباباها قفشك ضربك كده.
عكصت خصلاتها تقول بإستعداد: استنى هدور على أي حاجه اعمل بيها اللي في وشك ده.
هرولت إلى منزلها مجددا، ودخل هو إلى خاصته منتظرا على الأريكة سرعان ما عادت إليه تحمل في يدها طبق به قطع الثلج فقالت بهروله: تقريبا ده هينفع.
وجدته لم يفعل شيء فرددت بإستغراب: ما يلا، مشي التلجة على وشك.

رفع حاجبه قائلا بسخرية: أنا مش شايفك اساسا هشوف اللي في وشي.
تناولت قطعة الثلج وبدأت في تحريكها على وجهه فلاحظت نظراته التي لاتفارقها فحذرته: اتلم، كنت اعمى من شوية.
سألها وهي تمرر مابيدها على وجهه: هو احنا ممكن ناخد فرصه تانية؟!
لم تفهم مغزى سؤاله لكنها مطت شفتيها قائله: معرفش، على حسب ممكن ناس تستاهل فرصه تانيه.

سألها مجددا: يعني ممكن تكون بعتتك ليا كفرصه تانية علشان اعمل معاكي اللي معرفتش اقدمه ليها.
انت شكلك تعبان اووي فأنا بقول تقوم تنام اول مااخلص.
بدأ في السرد بملامح متألمه فظنت أنه من جرحه: عرفتها في سهره كانت غامضه حواليها علامات استفهام كتير، حبيتها رغم اني مكنتش اعرف اي حاجه منها وهي اتعلقت بيا اعتبرتني طوق النجاة ليها بس هما مسابوناش
Flash Back.

قفزت بفرح محتضنه إياه: lam so happy، انت بجد احسن حاجه حصلتلي في الحياة، بص أنا ههتم بالكافيه ده اووي هعمل كل حاجه هنا.
فرح لحماسها فقال بحب: كيوي تطلب وأنا عيوني ليها.
وكزته في كتفه بضجر: بطل الاسم ده بقى اسمي كريمان، عمار انت متعرفش انت خلصتني من ايه الشغل اللي انت جبتهولي في الكافيه هنا ده هيساعدني اني ميبقاش حد متحكم فيا.

ثم قفزت مجددا في الطريق وكأنه لايوجد سواهم لتصرخ بسعاده محتضنه إياه وهي تدور: انت احسن حد انا شوفته، انت معجزة.
حملها وقد سعدت روحه فمن يصدق أن هذه نفسها التي قابلها المره الأولى وكانت تتراقص بلا هواده علها تخلص من أحزانها.
أنزلها قائلا بضحك: المهم كيوي تكون مبسوطة.
هرولت نحو المقهى تقول بفرح: مبسوطه اووي، أنا هبدأ من دلوقتي.

جذبته من يده قائلة بحماس: يلا مش قولت هتساعدني يلا شوف اللي قاعد هناك ده عايز ايه.
توقف ليراقب قفزها المرح داخل المكان وهي تشع نشاط ومرح كل هذا فقط من أجل مساعده بسيطة قدمها لها.
Back.

فاق من شروده ليتحدث مجددا: كنا هنبعد بس ازاي، ازاي يسيبونا خدوها مني وانا وقفت متكتف، انا نفسي احكي بس مش قادر، انا لما بفتكرها نفسي بيروح مني بحس ان هي أولى بيه.
ربتت دنيا على كتفه قائله بدموع: قوم ياعمار نام.
انتي شبهها اووي من يوم ماشوفتك في تصرفاتك. في ملامحك المجنونة. حتى تسريحة شعرك دي، كل ده مخليني لحد دلوقتي مااعملش حاجه.

أخذت تتراجع حينما لاحظت اقترابه منها فقالت بإرتباك: أنا هروح انا ياعمار، انت شكلك مش في وعيك.
لم يسمع لكلامها بل اكمل اقترابه وقبل خروجها دفع الباب خلسة فصرخت به: انت اتجننت.
استندت على الباب تحذره بقوه حاولت امتلاكها: عمار فوق، أنا دنيا، أنا مش هي.

اقترب منها مقبلا إياها على وجنتها فاانتفضت بخوف بينما أخرج هو سكين من وراء ظهره فصرخت بذعر وعينها تستنجد بذلك الشهم الذي دافع عنها قبل ذلك ولكن سمعت قوله الذي جعل عينها تجحظ من الخوف وهو يقول بعيون حمراء: هي مكانش ليها ذنب ومع ذلك أبوكي كان واحد من اللي مارحموهاش وانتي بنته وعارف ان ملكيش ذنب برضو بس حظك كده بقى، انتي اللي هتدفعي الحساب الأول.

بكت بذعر وهي تحرك رأسها غير مصدقه ما سيقوم بفعله وقالت بإستعطاف: عمار لا.
وجدت نفسها محاطه به من كل جهه ورفع هو السكين ليضعه على عنقها في حرب نظرات كانت هي فيها الطرف الخاسر بنظراتها الضائعة المشتتة التائهة والأهم المذعورة.

خرجت نهله لتوها من المشفى، صرف حامي حراسه عنها وكأنه يخبرها برسالة غير مباشرة أنه حينما أرادها سيصل إليها أو ربما أنها لم تعد ذات أهمية لديه كالسابق، سلمتها إحدى العاملات حقيبتها ففتحتها وجدت بها حفنة من الأموال فرفعت حاجبها مندهشة من أين هذه الأموال، الحقيبة كان بها بطاقة الائتمان وليس نقود.

وجدت ورقة مطوية وسط النقود فأسرعت في فتحها لتجد بداخلها: متحاوليش تروحي أي بنك علشان مفيش حاجه هتطلعلك فلوس، فلوسك دي كلها من حق دنيا وانا مش هطولك منها حاجه، اما الفلوس اللي في الشنطة دي فااعتبريها مقابل السنين اللي عاشتهم معاكي.

علمت أن الورقة منه حامي، لازالت تظن نفسها الطرف المظلوم هي كانت على اتم الاستعداد للتنازل عن هذه الأموال من أجله هو هو فقط، في قانونها هي من تستحقه وليس والدته كان يجب أن يكون ابنها لها فقط وستحاول استعادته.

نظرت حولها بتعب علها تجد نهايه لكل هذا، حسمت أمرها ستبحث عن مكان يأويها وتفكر في تدبير الأموال من جديد، أثناء هذا وجدت اتصال فأجابت دون النظر ظنا منها أنه حامي ولكنها وجدته صوت رضوان فقالت بتعب: عايز ايه يا رضوان.
نطق بتخطيط: بكره تيجي المكان اللي كنا بنتقابل فيه زمان انا وانتي ونادر الساعه 11.
رفعت حاجبها تسأله: ليه؟!
نطق مختتما: لمصلحتنا كلنا يانهلة تيجي.

حركت رأسها موافقه فعلى الأقل ستدبر أمر الأموال في المقابل من رضوان فقالت بهدوء: حاضر يا رضوان.
أغلق الهاتف وقد التمعت عينه بغل وشر وهو يتابع تخطيطه لإخضاع ذلك المتمرد مجددا.
وقف حامي خارج الغرفة التي يقبع بها الجميع في المشفى يتم اتصاله بهذا الذي يحضر معه منذ فترة: أنا عايز كل حاجه بعد الأسبوعين تبقى جاهزة.
طمأنه الرجل: متقلقش ياباشا صدقني الشغل هيعجبك جدا.

حذره قائلا: أنا مش عايزه يعجبني انا. انا عايزه يعجب أي حد عينه تقع عليه.
طيب حضرتك تحب اللون الغالب على الحجات اللي هتتحط على الأرض ايه؟!
مط حامي شفتيه بتفكير ثم قال: أحمر وممكن معاه لون تاني.
شهقت نيره بعنف من خلفه: أحمر!، هو ايه ده اللي احمر، وياترى بقى هتتاقبلوا الساعه كام.
رمقها بنظره أصمتتها وتابع حديثه مع الذي يسأل: هو عدد الأفراد هيكون كام؟
جاوبه حامي بتركيز: عشرة بالكتير.

أكد الرجل مجددا: صدقني يافندم هتبقى حاجه محصلتش.
نطق حامي مختتما الكلام: انا هشوف على أرض الواقع واحكم وابقى ابعتلي صور الحجات اتفرج عليهم، اقفل دلوقتي وهكلمك بعدين.
أغلق الهاتف وجذب شقيقته من ملابسها قائلا بغضب: انتي بتتكيفي بالتهزيق؟!، عرفيني علشان لو كده اكيفك.
رمقته بتصنع البراءة: واهون عليك؟!
دفعها قائلا: ماهو المشكله انك متهونيش.
دفعها فصولها لتقول بحماس: ايه بقى اللي احمر وهتاخد 10، ايه ده ها؟!

توعدها بنظراته مهددا: لو حد عرف حاجه يا نيره، مش هاخدك معايا في حته وانتي عارفه انا كلمتي سيف.
امتعضت ملامحها وهي تقول: خلاص مش هقول حاجه، بس ادخل لهم زينة من ساعه ماالراجل ده جه هنا وهي خايفة وعمر وعائشة متضايقين و ساكتين.
أطلق سبه نابيه بهمس غاضب على هذا الذي عكر مزاج الجميع، نظر لشقيقته قائلا: خرجيلي عمر وقوليلوا حامي هيستناك في الكافيه تحت.
وأنا هنزل اجيب حاجه من تحت واطلع.

أومأت نيره وهرولت لتنفذ ما طلبه وتحرك هو مغادرا من المكان بهدوء واثق.
جلس حسام على مقعد مجاور لساره في منزلها يقول بغيظ: أنا سايبك تهدي ومش راضي اتكلم لكن هتكلم بقى اللي عملتيه امبارح ده كان ينفع؟
تحدثت بوهن: تعبت.
عنفها قائلا بغضب: ده مش تعب دي أنانية مفكرتيش ابنك ممكن يحصله ايه؟!، أنا لولا جيت كان زمانك.
قطع حديثه ناطقا: استغفر الله العظيم يارب.
رمقته بدموع: انت جيت ازاي؟

هتف بسخط: بعد ما الهانم رفضت تفتحلي الباب نطيت زي العيال من الشباك المفتوح في اوضتك، اتق الله فيا شويه بقى، ساره أنا لو مكنتش بعدت السكينة قبل ما تعملي حاجه كنت هفضل طول عمري عايش بالذنب ده، كنتي هتدمري حياتي، أنا عايز اعرف عملتي كده ليه؟
أومأت تقول بهدوء: في حجات بنحس ان رجلينا بتروحلها من غير ذرة تفكير وكأننا مغيبين...

قطع حديثهما سماع صوت صرخة عاليه فاانتفضت ساره تقول بخوف: سمعت اللي انا سمعته، في حد بيصوت.
هرول حسام مخرجا سلاحه لتتبعه هي نحو الخارج حتى يرا ما الكارثة التي حلت.
دلف حامي إلى الغرفة ليجد زينة تجلس على الفراش مجاورة لعائشة، ونيرة تحتضن الصغيرة على أحد المقاعد.
اقترب حامي من زينة ماسحا على خصلاتها مردفا بحنان: زينة.
علمت أن نيرة ربما أخبرته فهزت رأسها تقول: أنا كويسة ياحامي.

أخرج علبه من تلك الحلوى التي تعشقها وفتحها أمامها متنحنحا بإغراء فتهلل وجهها صارخه بفرح: دوناتس.
هرولت الصغيرة تاركة نيرة وتبعتها نيرة التي انتشلت العلبة من يده تهرول بها للخارج فتبعتها الصغيرة صارخه بغضب، احتضنت زينة شقيقها بحب على مايشعرها به وأسرعت تهرول: هلحق نيرة قبل ماتخلصها كلها.
هرولت تهتف هي الآخرى: نيره.

خرجن جميعا وبقى هو معها، اقترب من الفراش ليجلس عليه بجوارها فقالت: ايه اللي مخليه متأكد ان الولد مات.
هدأها حين احتضنها فتوسدت رأسها صدره وأردف بهدوء: انتي بتثقي فيا صح؟
ارتفعت له بنظراتها تؤكد له أنها تثق به فربت عليها قائلا: وحش.
ضحكت فقال بغمزة: بقى حد يبقى عنده الضحكة دي ويزعل.
ترجته وهي تحتضن كفه: طب خدني نشوفه، عايزة اشوفه معاك.
أومأ قائلا: حاضر. انتي هتخرجي النهارده وهاخدك تشوفيه.

كانت ترى أنه يخفي شيء ما وراء ظهره فقالت بتفكير: حامي في ايه ورا ضهرك.
رفع كتفيه قائلا بتصنع البراءة: ايدي.
حاولت جذب كفه من خلف ظهره قائله: طب هات ايدك عايزة اشوفها.
حذرها قائلا بمزاح: هفضحك حالا، أنا راجل متجوز وايدي مبيمسكهاش حد إلا مراتي.
نطقت بنفاذ صبر: حامي وريني اللي ورا ضهرك.
فتح ذراعه الآخر قائلا لإغاظتها: حضن كبير الأول.
يامستغل وريني.
حرك رأسه نافيا يقول: انسي.

احتضنته فحاوطها بذراعه لتجد يده الآخرى تأتي من الخلف بعلبة مفتوحه أمام عينيها به سوار مدون به أسماء ثلاثتهم عائشة، محمد، حامي.
ابتهجت وشهقت بسعاده واستدارت له مرددة بفرح: عملت ده امتى.
أردف بثقه ضاحكا: عيب ياوحش هو انت لسه هتعرفني.

أخرجها من علبتها ليضعها حول معصمها فرمقته بفرحه وهي ترى أسمائهم عليها، أغلقها وقبل باطن كفها فضحكت بسعادة وهي ترى أسمائهم من جديد، ثم قالت بمكر ضاحكه: بس الشنطة دي لسه فيها حاجه.
قهقه عاليا على فضولها ليقول: مش سهله انتي.
قالت ببراءة مدافعه: الله مش يمكن تكون متجوز عليا وجايب للهانم هدية هي كمان.

انتشلت الحقيبة هذه المره بضحك وأخرجت ما بها لتجده دفتر يبهر العين دون على غلافه من الخارج بحروف بارزة (آمن)، لمست الإسم بدموع ورفعت رأسها له تقول بعشق: أنا بحبك اووي، الدفتر ده هكتب فيه كل حاجه ليه علشان يعرف أد ايه انت احسن حد في العالم.
مسح على وجنتها قائلا بزيتونيتين صادقتين وقد ضحك حتى ظهرت نغزتيه: انتِ العالم يا عائشة.
همست بنبرة باكية: الغمازات وعائشة في جملة واحده، كده كتير.

استطاع سماعها فرفع حاجبه قائلا: بتقول حاجه ياوحش؟
قطع حديثها دقات ثابته على الباب فسمح بالدخول ليجد تلك الممرضة التي قابلها قبل ذلك فوقفت صامته ترمق ما تحمله زوجته وهي تقول: طبعا الحلو هيجيب ايه غير الحلو.
تحدث وكأنه لم يكن ذلك الضاحك منذ قليل: انتي متنحه ليه ما تتكلمي.
سألتها عائشة: انتي كنتي فين، انا دورت عليكي كتير!
تحدثت مسرعه بإرتباك: مراتك التانية واقفة تحت وقالتلي اقولك تنزلها.

صرخت عائشة بإستنكار: نعم ياحبيبتي، مراته مين؟
أكدت الممرضة: مراته التانية، وبتقولك لو اتأخرت هتضطر تطلع بنفسها.
ثم اختتمت الممرضة حديثها تقول له: ربنا يعينك فعلا اللي تحت شكلها شرانية ودي شكلها مجنونة زي ماقولتلي.
كانت نظرات عائشة نار مشتعله تحرقهما وكأن حدة الموقف ثقاب وعيونها الأداة المساعدة على الاشتعال.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة