قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الرابع

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الرابع

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الرابع

الأمل!
من منا يستطيع أن يحيا بدونه فحياتنا باخره والأمل هو الماء الذي يحركها، قطرات المطر التي تنذر بأستجابة دعوه أمل، كف أحد تحبه يحتضنك أمل، رؤية ميت اشتقت لملاقاته في حلمك أمل، الغوص في عيناك يامن سلبت الروح أكبر أمل في هذه الحياه.

صحيح أن المدينه مظلمه. عتمتها لا يضاهيها شيء ولكن ذلك القمر البعيد يخبرني دائما أن الحب ليس درب سهل، الحب لا يولد إلا من رحم الصعاب كأول مولود لأب حرم من الأطفال لسنون.
هل يتساوى العاشق الذي أنهكته دروب الخيبه حتى اقترب من الهلاك مع من عرف الحب اسما فقط؟!
لايتساويان ولن يتساويان، سيظل عشقنا الأقوى
سيظل اختلاط الخير بالشر. الصلاح بالفساد، الحب بالكره وتغلب الأفضل هو الأبقى.

ستبقى الوحش الذي أسر قلبي من الثانيه الأولى وسأبقى صاحبة الوشاح التي تغوص في ظلامك وتحاول زرع الضوء مهما كلفتها الحياه.
سنظل نحن الجميله والوحش
تخطت الساعه الثانيه عشر منتصف الليل، وقفت عائشه خلف هذه الشرفه الزجاجية الطويله ترمق الأجواء أمامها بهدوء، لم يصل حتى الآن لايريد التغيير فقط هو يعلم هو يخطط هو يفعل لا يقتنع سوى ب أنا لا نحن.

ابتسمت بحنان وهي ترى الهواء يتلاعب بالمساحات الخضراء، فالأراضي الزراعيه هنا تعطي الأجواء الكثير من الدفيء، ذلك الشعور الذي افتقده قلبها لوهله تمنت لو كانت مكان نيره يخفون عنها الأخبار السيئه خوفا على قلبها المريض ولكن تحمد الله لا يتحمل المرء سوى على قدر استطاعته.

لاحظت أن باب غرفتها يُفتح بهدوء فنظرت ناحيته لتجد الصغيره تدلف بهدوء شديد، تأملت فستانها القصير وخصلاتها المعكوصه على شكل كحكه فوضاويه فاابتسمت بمرح هاتفه: ليو.
اقتربت منها الصغيره مسرعه تحتضن إياها بإشتياق بين وهي تهتف: أنا زعلانه منك، أنا بقالي أيام كتيره ماشوفتكيش من يوم مفاجأة عمر لنيرو.
مسحت عائشه على خصلاتها وانحنت لتصل إلى مستواها هاتفه بحب: غصب عني ياليو والله، متزعليش مني ياستي أنا اسفه.

وفين حامي كمان، انا عيطت كتير علشان عايزه اشوفكم ونيره زعقتلي مره بس زينه حبيبتي ضربتها.
ارتفعت ضحكات عائشه على نبرة الصغيره المتشفيه في نيره فنطقت بغيظ: يامفتريه فجأه قلبتي على نيره علشان زعقتلك مره واحده بس، بس قوليلي هما ناموا؟!
مطت لينا شفتيها بحزن هاتفه: نيره بعد ما شربتي معاها القهوه وانتوا بتتكلموا نامت زي ماشوفتي ااتقتلت.

ضحكت عائشه في حين تابعت لينا: وزينه يحيي جابها من شويه وكانت نايمه وقالي مااصحيهاش بس انا حاولت اصحيها مرضيتش تصحى، وهنا كانت مستنيه حامي معايا هي وكريم بس هما الاتنين ناموا مني.
رفعت عائشه حاجبها مردفه بسخريه: يعني مش فاضل غيرك.
هزت الصغيره رأسها سريعا بحماس جلي وهي تقول: أيوه وهفضل صاحيه معاكي نستني حامي، بس يلا نلعب.
تنهدت عائشة بتعب هامسه: لا زن مبحبوش، العب ايه في انصاص الليالي بقى.

هرولت الصغيره نحو الخارج هاتفه بفرح: انا هستخبى وانتي دوري عليا.
ضحكت عائشه ووضعت يدها على عينيها هاتفه: 1 2 3 اجي ولا لسه؟!
لسه. لسه.
هرولت الصغيره وخرجت من الغرفه لتختفي خلف أحد جدران الردهه. لفت نظرها سماع صوت بوابه المنزل فوجهت نظرها نحوها لتجده حامي. وضعت يدها على فمها تشهق بفرحه، وظلت مختبئه حتى اقترب من بوابة غرفة عائشة
أنا هنا.

هتفت بها الصغيرة من خلف الحائط فااستدار بهدوء، ليجدها تهرول ناحيته محتضنه إياه بإشتياق جلي ناطقه بحماس: أنت وحشتني اوي اوي اوي، أنا كل يوم كنت ببوس النضارة واعيط علشان اشوفك وتديني غيرها.
انحنى حتى وصل إلى مستواها ومسح على وجنتها بحب خالص ناطقا: انتِ اللي وحشتيني اووي.
هتفت الصغيره بتصنع الحزن وقد انكمشت ملامحها: لا انا زعلانه.

أخرج نظارته من جيبه لتلتمع عيناها سريعا بينما تصنع هو أنه يتفحص نظارته فانتشلتها بلهفة صارخه: هاخدها ومش زعلانه خلاص.
جلجلت ضحكاته وفتحت عائشة باب غرفتها لتخرج لهم بعدما سمعت صوته، ابتسمت حينما شاهدت هذه الضحكات المتبادله بينهما واقتربت منه هاتفه: كنت فين؟!
مش لازم تعرفي.
رفعت حاجبها مردفه بتحدي: والله!، طيب تمام.
عدلت من وضع حجابها وسط استغرابهم فهتفت الصغيره: عيوش انتي راحه فين؟!

جذبتها من كفها هاتفه بتجاهل مقصود له: تعالي ياليو نخرج نقعد مع طنط وعمو شويه قدام البيت.
قفزت الصغيره فرحا واتجهت معها في حين كانت عيناه لاتفارقها فألقته بسهامها المعاتبه وأكملت خطواتها.
في نفس التوقيت.

غاصت الأدخنة في قصور السماء الواسع، وأضفت تلك النيران التي أشعلها صاحب المنزل بإستخدام الأخشاب الكثير والكثير من الدفيء، جلس هو وزوجته أمام منزلهم وقد افترشوا الأرضيه وأمامهم النيران وعدة أكواذ من الذرة النيء يقومون بشوائه.
كانت جلستهم رائعه بحق وخاصة حينما ارتفع صوت عائشة: الله الله ودره كمان.
التفتت لها السيده بإبتسامه مرحبه وهلل زوجها بترحاب: اتفضلوا يابنتي اقعدوا.

هتفت عائشة بإبتسامه محببه: ده لو مش هنضايقكم طبعا.
نطقت الصغيره وهي تهز رأسها نافيه: لا حتى لو هنضايقهم أنا هقعد علشان عايزه دره من اللي بيتشوي ده.
ضحك ثلاثتهم عليها بينما جلست عائشة ووضعت الصغيره مردفه بضحك: اقعدي يااخرة صبري.

تنهدت عائشة عاليا برتاح وهي تهتف بإستمتاع: الجو هنا حلو اوي، وقعدتكم دي أحلى بالليل وبتدفوا بالخشب وتشوا دره، وبتعملوا شاي كمان على الشعله اللي جمبكم دي، عيشه جميله مليانه راحة بال ناس كتير مش لاقياها.
شعرت السيده بنبرة الحزن في حديثها فربتت على كتفها مردفه: ربنا يريح قلبك يابنتي.
نظرت عائشة للسماء بأمل هاتفه بصدق: ياارب، قوليلي بقى انتوا تعرفوا هنا منين؟!

هتفت السيده وقد عادت لكثير من ذكريات الماضي: هنا كانت صحبتي من زمان قبل مااتجوز وانقل هنا، ومن كان سنه كده جوزي كان شغال في مصنع صاحبه راجل ظالم طرده من الشغل وإيراد الكام قيراط اللي عندنا مكنش هيكفي طول السنه، فلجأت ل هنا وهي كلمت حامي وجابله شغلانه كويسه والحمد لله ربنا فتحها علينا، ربك كريم، وجوزك جدع مبقاش منه كتير دلوقتي.
قطعت لينا حديثهم هاتفه بضجر: أنا عايزه دره بقى.

نطق الرجل وهو يمارس عملية الشواء: خلاص ياحبيبتي، تاني واحد هيطلع ليكي.
قالت عائشة بإبتسامه مرحه ونبره لعوب: طب وأول واحد.
احتضن زوجته من ظهرها هاتفا: لا اول واحد ده لمراتي حبيبتي.
قهقهت عائشة عاليا وهي تقول بإستمتاع: الله على الحب، ناقص تغنيلها كمان.
ضحك هاتفا: وماله نغني بس غنوا معايا.
بدأ الغناء بصوت متناغم مرح: الحلوه دي قامت تعجن في البدرية، والديك بيدن كوكو كوكو في الفجريه.

تابعت عائشة بفرح كبير في حين صفقت الصغيره: يلا بنا على باب الله ياصنايعية، يجعل صباحك صباح الخير يااسطى عطيه.
نطقت السيده هذه المره والضحكه تعلوا وجهها: صبح الصباح فتاح ياعليم.
أجابتها عائشة: والجيب مافهوشي ولا مليم.
صمتت عن الغناء حينما لاحظت خروجه فسار هو بثبات حتى جاورها في جلستها متابعا الغناء: مين في اليومين دول شاف تلطيم، زي الصنايعية المظاليم.

رمقت زيتونيتيه متابعه بعيون ناطقه: الصبر أمره طاال.
جاوبها هو وقد بادلها نظراتها: من بعد وقف الحال.
اختتم الرجل الغناء بضحكه متأمله خيرا ونبره مبهجة: ياللي معاك المال، برضو الفقير له رب كريم.
هربت عائشة من هذه النظرات واستدارت للسيده قائله بتذكر: صحيح معرفتش أساميكم.
أنا ياستي إيمان وهو عطيه.
ربطت لينا سريعا بين سمائهم وكلمات الأغنيه فأسرعت تقول: يعني انت الاسطى عطيه اللي بيقولولك صباح الخير.

ضحك عطيه على كلماتها وقدم لها الذره وقد أحاطه بأحد الأوراق حتى لاتتأذى من سخونته فتناولته منه بمرح ولهفه كبيره.
آتت إيمان لتناول حامي واحدا فاعترض هاتفا: لا أنا عايز شاي من الحلو اللي على الفحم ده.
جاوبته بإبتسامه حنونه: عنينا ليك. خدي انتي ياغاليه الدره بقى.
تناولته منها عائشه وبدأت في قضمه بإستمتاع شديد متجاهله إياه وكأنه لم يجلس جوارها فهمس هو في أذنها: أنا جيت على فكره.

هزت رأسها تقول بنفس نبرته: أنا عارفه على فكره.
تنحنح هاتفا بإبتسامه ماكره: انتِ كنتي عايزه تقولي حاجه.
جاوبته سريعا تاركه ما تأكله: وانت كمان كنت عايز تقول حاجه، بس لما سألتك مقولتش أي حاجه عادتك يعني ولا هتشتريها علشان كده انا مش هقول حاجه علشان مفيش ولا حاجه.
نطق بضجر متأففا: يخربيت دي حاجه.
كتمت رغبتها في الضحك وعادت إلى الذره من جديد فنطق هو: طب مش عايزه تعرفي كنت فين؟!

هزت رأسها نافيه في حين قلبها يتآكل لمعرفة ماحدث وفضحها هو بقوله الساخر: طب عيني في عينك كده.
تنهدت عاليا بضجر واستدارت له وقد فقدت قدرتها كليا على التحمل هاتفه: اه عايزه اعرف قول بقى.
ارتفعت ضحكاته العاليه فهو يعلمها لاتتحمل دقيقه امام فضولها.
قول بقى.
حرك رأسه موافقا وهو يهتف: حاضر ياستي هقول، انا كنت في القسم مع رضوان ونادر علشان بعد مادنيا بلغت الدنيا اتعكت خالص.

نظرت في عينيه وتحدثت طالبه منه الصدق: انت اللي كنت مخبي نادر لما البوليس جه يدور عليه في الحفله صح؟!
هرب من كلماتها حينما رفع حاجبه متسائلا: هو الشاي فين؟
حامي متهربش.
واجهها بزيتونيتيه مردفا بإنفعال: أنا مبهربش ياعائشة، أنا مش عايزك في الدايره دي خليكي برا حسابي معاهم أحسنلك علشان ناري متطولكيش.

مطت شفتيها ثم كررت جملته بسخريه: اممممم. نارك متطولنيش، عارف المشكله فين ياحامي، المشكله في انك طول الوقت شايف انك بتضرنا انت صحيح بتضرنا بس الضرر بتاعك بعد وجفا وصدقني الجفا بيولد العادي.
أبدى في نظراته عدم فهمه لما تقول فتابعت هي: بيولد انك تبقى زيك زي أي حد في الكون بالنسبه لقلوب حبايبك، تبقى حد عادي بعد ماكنت انت اهم حد في حياتهم.

اظلمت عيناه وتوحشت نبرته وهو يدافع عن حقه الذي ظن أنه مباح له للنهايه: أنا عمري ماهبقى حد عادي.
هنا استشاطت هي فصرخت به متناسيه ما حولهم: ماهي دي المشكله انت طول الوقت أنا، أنا، أنا، أنا
صمتت ثوان وتابعت وهي ترمقه بعين دامعه: فين احنا؟

ابتسم بألم مميت ماسحا على ذقنه ثم سريعا ماربت على قدمها هاتفا بنفس النبره المتألمه: علشان لو حد ضاع يبقى أنا مش احنا، علشان اضمن ان ابني او بنتي اللي جايين يلاقوا سند ميلاقوش أب مقتول غدر وأم بتنحر وسايبه تلات عيال أكبرهم لسه بيلعب في الشارع ورايحه للموت برجليها من غير ما تتردد لحظه.
صمت قليلا وقد انعكست النار على زيتونيته وهو يتابع مختتما الحديث: علشان لو حد مات يبقى أنا مش انتوا.

انخرطت في بكاء مرير وهي تقول بوهن: ابعد عني بقى، ابعد انا تعبت، قولي انت الحل، انت قربك موت، وبعدك موت. حتى انتى موت، انا تعبت والله تعبت، انا مبقتش عائشة انا بقيت واحده تانيه خايفه. باهته، مش عارفه تعيش ليه ياحامي بتعمل فيا كده؟، ماهو يا تعترف ان في احنا يإما تسبني، أنا هرتاح لما اكون لوحدي أنا هعرف أخف منك.

سكتت لحظات ارتفعت فيها شهقاتها ثم سريعا ماحركت رأسها نافيه وعينها تفيض دمعا وهي تقول: لا مش هعرف، مش هعرف أخف للأسف.
احتضنها سريعا مشددا عليها وقد نزلت دمعه حارقه من عينه وهو يهمس بألم: ياريتني ماشوفتك.
بادلته الهمس وهي تبكي مستنده برأسها على صدره: كلمه ياريت سهل اوي تتقال بس للأسف مبتتحققش.
نطق هو متنهدا بتعب: جننتيني، مبيبقاش عندي ذرة عقل واحده معاكي ببقى عيل داخل معاكي في خناقه.

اعتدلت في جلستها ترمقه بتحدي وعيون لامعه: طيب طالما هي خناقه بقى، يبقى انا وراك ياحامي لحد ما تبقى اللي انا عايزاه لحد ماترجع من ضلمتك دي.
ضحك عاليا وقال بإعجاب لتحديها: تفتكري هتقدري؟!
أنا طول عمري بعمل المستحيل.
غمز لها هامسا امام وجهها: وانا طول عمري بقول عليك وحش.
قطع انساجمهم السكون الذي حل على الأجواء فنظرت حولها لتجد المكان خالي فشهقت هاتفه بصدمه: دول قاموا.

أكيد لازم يقوموا بعد الليله اللي عملتيها دي.
بحثت عن الصغيره بعينيها فأعاد وجهها هو هاتفا: لينا اساسا تبيعك بكوذ دره.
لاحظ ترددها وارتباكها فحثها على الحديث حينما قال: قولي في ايه؟!

نطقت بهدوء: بص و بالراحه انا نفسي المتهوره مصدقتش، بس لازم اقولك. الساعه 9 كده تقريبا دنيا اتصلت بيا وقالت انها سمعت رضوان وفهمت انه مخبي صوفيا في يلا في الزمالك، طبعا دنيا متعرفش مين صوفيا دي بس انا حسيت صوتها مهزوز وخايفه فشكيت في كلامها وكمان هي قفلت المكالمه فجأه.
ثبت نظراته على النيران المشتعله أمامه فمطت هي شفتيها بحيره وأردفت: هو مش خطر على دنيا تبقى مع رضوان، انت ليه مجبتهاش.

نطق بعقلانية مبررا أسبابه: هجبها ازاي يعني ياعائشة مهما عملت هو ابوها مفيش أسباب مقتنعه تخليني اخدها منه في القسم وامشي انا كنت مش عايز أي خطوه تحصل غير لما أمنلها الدنيا بس هي راحت من دماغها وافتكرت انها كده بتودي رضوان في داهيه.
طب وعلى فين؟!
جاوبها بغضب دفين: مختفي وأكيد رضوان اللي ورا اختفائه.

سقفت بيدها وقد لمع شيء في ذهنها فرمقها هو سريعا بإندهاش وهي تقول: رضوان أكيد مخبي على بعد ماعرف انه معاك مش هنقول مخبيه بقى هنقول حابسه في مكان، والمكان اللي رضوان هيآمن انه يحبس ابنه فيه أكيد هو نفسه المكان اللي مخبي فيه صوفيا، صحيح نهله قالت انه حطها في مصحه بس رضوان عمره ماهيآمن يخبي حد مهم زي صوفيا في مصحه سهل اوي اي حد يوصلها فاعتقد ان معلومة المصحه دي كانت معلومه غلط رضوان رماها لنهله علشان يضلها بيها.

ظنت انها ستستقبل منه إجابه مرضيه ولكن صدمها حين هتف بضحكه ماكره: عارفه انتي لو كنتي ليكي في شغل المايا بدماغك دي كان زمانك بتنافسيني.
رددت كلمته بإستنكار: مايا!، طيب يا بتاع المايا انا غلطانه، قوم بقى ندخل علشان عايزه انام وعلشان جرحك اللي مفكرتش تغير عليه كمان.

قام من مكانه ليسير معها نحو الداخل وهو يتمتم ساخرا: والله ياعائشة مافي جرح غيرك، بس انتي بقى جرح مابيروحش علشان كل ما افكر انساكي علامتك تفكرني ان مفيش نسيان.
ضحكت رغما عنها وأفسدت الموقف هاتفه: عيني بتطلع قلوب انا هعيط خلاص.
تبادلا الضحكات وهما يتوجهان نحو الداخل في حين ابتسمت السيده الكبيره بسعاده حينما لمحتهم هامسه: ربنا يسعدكم ويفرح قلوبكم.

غرفة مظلمه رائحتها كريهه، سكنتها الحشرات فصارت مأوى أبدي لهم، برودتها تقتل من لا ملجأ له، صرخت عاليا متوسله: لا، هسكت والله بس بلاش تحبسني هنا انا بنتك.
لم يستمع لها إنما جذبها من خصلاتها وهو ينعتها بأبشع الألفاظ ويلقيها داخل ذلك القبو الموجود في قصره وهو يقول: بنتي يبقى تخافي على مصلحتي، مش تجري زي الكلاب تشمشمي على اللي يوديني في داهيه.

بكت بعنف وتعالت شهقاتها وهي تدور بعينيها في المكان بذعر وهو يتابع: اديتك فرصه وغفرتلك انك جيتي اشتغلتيني وعملتي عليا فيلم مش تحرمي بقى لا تروحي تسمعي معلومه توديها وتبوظي كل خططي وادخل القسم بسببك واقول معلش لكن ارميلك معلومه غلط بمزاجي و الاقيكي بتكرري تاني يبقى انتي كده محتاجه تتربي.

صرخه عاليه خرجت منحها حينما وقع نظرها على أحد الحشرات القارضه وترجته بعينيها في حين هتف هو: هتفضلي هنا من غير اكل ولا مايه لحد ماتقولي حقي برقبتي.
رحل وسط حالة الهياج التي تملكت منها وهي تحاول اللحاق به ولكنه أغلق البوابه بعنف فااصتدمت بها وهي تصرخ عاليا: لا، متسبنيش هنا لاااا.

استطاعت أن تسمع صوته المتجبر وهو يأمر حارس البوابه هاتفا بحزم: اسمعني ياعمار مفيش نقطة ميه واحده تدخلها، اعتبر دي اول مهمه ليك في الشغل معايا.
صرحت من الداخل عاليا: انا هفضحك وهوريك، ربنا ياخدك.
سقطت على الأرضية البارده تبكي بعنف وقد انكمشت على نفسها خوفا من كل شيء حولها.

كانت ساره تجلس أمام التلفاز تقلب بين محطاته بملل فمنذ ذلك اليوم الذي حاول أحدهم اقتحام منزلها وفعلت مثلما وصتها سالي وهي تحاول الوصول ل حامي الذي أغلق هاتفه، ولكن سريعا ماتواصل معها يحيي الليله الماضيه مخبرا إياها بجديه: أنه يمكنها الخروج فنادر محتجز الآن ولكن عليها الإقامة هنا حتى تهديء الأوضاع ويصل حامي معهم إلى خط النهايه، شعرت برنين هاتفها المتواصل فاقت من شرودها وجذبته لتجدها أحد مكالمات الفيديو من صغيرتها، فتحتها سريعا هاتفه بإشتياق: ليو.

نطقت الصغيره بحب كبير: مامي، انتي وحشتيني اووي.
انتي كمان ياحياتي وحشتيني اووي، انا اتصلت بيكي كتير اليومين اللي فاتو مش بتردي ليه؟!
بررت لها الصغيره مسرعه: عيوش مكانتش موجوده وانا بكلمك من عندها، مامي تعالي اقعدي هنا ونعيش معاهم انا بحبهم اووي.
ضحكت على كلماتها وقطعت الصغيره ضحكتها هاتفه: ايه القمر ده يامامي، فستانك حلو اووي.

اتت لتجيب صغيرتها ولكن سمعت دقات ثابته على البوابه فقالت لها بمرح: ليو حبيبتي هقفل دلوقتي اشوف مين بيخبط واكلمك تاني. اوكي؟!
وافقت لينا وأغلقت لتنهض ساره متجهه ناحيه الباب لتري من يقف في الخارج من فتحة الباب فوجدته أحدهم ملابسه مهندمه للغايه وملامحه جذابه فنطقت بإستغراب ضاحك: ده جاي يخطب ده ولا ايه؟!، مين ده.

التقطت من على الأريكة جاكيت فستانها واردته مسرعه لتفتح الباب بهدوء عم الصمت لثوان قطعته هي: خير، مين حضرتك؟!
كان صامت لايجيب فقط يرمقها فتنحنحت هي: حضرتك معايا.
فاق من شروده مسرعا معتذرا بأسف: اسف جدا. حضرتك مدام ساره؟!
هزت رأسها موافقه فنطق هو معرفا نفسه: انا ملازم اول حسام وهدان.
ابتلعت ريقها بتوتر وأردفت بإرتباك: خير حضرتك؟!

طمأنها مسرعا: لا متقلقيش خالص، انا عايز منك كلمتين بالظبط لو ينفع تقابليني في أي كافيه تحت نص ساعه.
هزت رأسها بموافقه هاتفه: طيب تمام حضرتك هتستناني ولا...
صمتت ففهم هو وأسرع قائلا: هستناكي تحت في عربيتي.
ابتسمت بهدوء موافقه وانصرف هو فأغلقت البوابه
واتجهت نحو خزانتها استعدادا لهذا اللقاء.

نجح عمر في الوصول إلى رياض بسهوله والآن هو محتجز أمامهم في أحد المخازن التابعه لحامي، جاور يحيي عمر وهتف بسخريه للملقى أمامهم: ماتعبتش من الضرب!
اقترب منه عمر ناطقا بتحدي: شكله كده ماشبعش انا بقول نضرب كمان.
ثم سريعا مالكمه في وجهه فخر على الأرضية واقترب منه يحيي هو الآخر وقد أبرحه ضربا فقط يشفي غليله منهم هؤلاء الشياطين من لم يعرفوا للشفقة معنى، حاول رياض التحدث بصعوبه: هتت، هتكلم.

جذبه يحيي من خصلاته مردفا بعنف: انطق رضوان مخبي على فين؟!
نطق رياض سريعا: يلا في المقطم هوصفلك بالظبط بس بوق مايه.
ضحك عمر ساخرا وهو يقول: عايز تشرب ياحبيبي، ده انت لسه حامي لما يجيلك هيسقيك المر كله.
في نفس التوقيت.

ارتفع صوت دنيا وهي تضرب البوابه بجنون، ضربت عليها مره اخيره بيأس وهي تبكي مجددا، شعرت بأن البوابه يتم فتحها من الخارج فظنت أنه والدها وقد أشفق عليها فلمعت عيناها بأمل في الخروج من هنا وسرعان ماتم فتح البوابه لتسمع صوت هذا الشاب الواقف أمامها يقول: اخرجي بسرعه.
رمقته بأعين دامعه وهي تنطق بصدمه: انت مين؟!
جذبها من يدها هاتفا بضجر: انتي لسه هتسألي، امشي بسرعه خلصي ولا القعده هنا عحبتك.

حاولت ملاحقته في خطواته المهروله فهتفت بخوف: بالراحه طيب، انت اسمك ايه؟!
عمار.
شهقت عاليا بصدمه وتسمرت مكانها وهي تقول: يانهار ابيض انت اللي كان موقفك تحرس البوابه وقالك متدنيش مايه هو انت واخدني تقتلني ولا ايه.
استدار لها وحملها بين يديه مهرولا بها من هنا قبل أن يلمحهم أحد، فهو قد أخلى أحد البوابات من الحراس بصعوبه حتى يستطيع الخروج بها.

حلت الصدمه على دنيا من فعلته وحينما وصلوا إلى دراجته البخاريه أنزلها هاتفا بسرعه: اركبي.
طب احنا رايحين فين؟!
نطق بضجر متأففا: تصدقي انا غلطان انا كنت سبتك في الأوضه اللي كنتي متلقحه فيها، يابت اركبي بقى.
رفعت حاجبها استنكارا من هذه الطريقه ولكن حينما احتدت نبرته ركبت خلفه الدراجه سريعا ليهرب هو بها مهرولا قبل أن يلحق بهم أحدهم أو ينكشف أمرهم.

كانت تغوص في نوم عميق فلقد تعبت كثيرا من قلة النوم، ولكن أقلق نومتها الشعور بالبرد وخلو الفراش فنظرت جوارها لتجده ليس هنا، دارت بعينيها في الغرفه لتجده في أحد أركانها يرتدي جاكيته ويتأكد من وضع سلاحه فهبت من مرقدها هاتفه: حامي انت رايح فين؟!
رايح الشركه.
رفعت حاجبها مستنكره: والله!، طب استني هلبس واجي معاك نفسي اشوف شركتك.
صرخ عليها وقد احتدت عيناه وبانت الشراسه في ملامحه: عائشة.

ابتسمت ببرود وهي تقول بهدوء شديد: بص بقى هتزعق، هتكسر، اعمل اللي تعمله بس مش هتنزل غير وانا معاك.
رمقها بزيتونيتيه المشتعلتين هاتفا بغضب مستعر: انتي عارفه ان مش انا اللي يتقالي كده.
التقطت كفه واحتضنته بكفها فغاصت يدها داخل كفه رمقته بنظرات صادقه ونبره مترجيه: أرجوك بلاش تكون لوحدك، أنا عايزه اكون معاك.

فرت دمعه من عينها فسقطت على كفه رفع وجهه يرمقها فلم يحتمل حالتها هذه فنطق بنفاذ صبر: البسي ياعائشة.
قفزت من مكانها مسرعه ناحية خزانتها في رمقها هو مندهشا من حالتها الجنونيه هذه وهو يهمس: مجنونه بنت مجانين ووقعت فيها.
استيقظت نيره على صوت هاتفها فتأففت وهي تحاول اغلاقه ولكن مالفت انتباهها انها رساله على تطبيق ال واتساب، فأردفت بتذمر: أكيد عمر بيغلس باعتلي رساله سته الصبح.

فتحت الرسائل لتجد أنه ليس رقم عمر انما رقم مجهول، نظرت بإستغراب وقامت بفتح الرساله لتجد صوره مركب بها صور لثلاث أشخاص، الأولى الصغيره لينا والثانيه فتاه شابه ذات ملامح جذابه وضحكه ساحره لم تتعرف على هويتها والثالثه صوره لوالدتها نعم والدتها من افتقدتها من زمن ولكن لم تنس ملامحها لثانيه.

لم تفهم نيره ماذا تعنى هذه الرساله ولكن اضطربت نبضات قلبها وبدأت تجبر رئتها على التنفس الذي صار صعبا وهي متيقنه أنها كارثه فما الذي يجمع لينا بتلك الشابه وبوالدتها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة