قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الرابع والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الرابع والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الرابع والعشرون

العمر سنون والسنون أشهر والأشهر أيام والأيام أمل
والأمل هو عطية الله لنا، الأمل هو ذلك النفس الذي يأتي لينقذنا بعد أن نفقد هويتنا، الأمل هم من حولنا من يؤمنون بنا مهما حدث ومهما سيحدث، البداية الجديدة بعد كل نهاية حزينة هي أمل، والشهر الكريم هذا أعظم أمل فتأملوا خير
كل عام وأنتم بخير آملين مطمئنين.

وكأنه فقد الرؤية بل وفقد الإحساس ليعيش في عالم خيالي لا يمس للواقع بصلة يديه محاوحة عنق المسكينة وهي تحاول الصراخ ولا تستطيع، كل الأسئلة دارت في عقلها هل لا يراها، وأمام إصراره وفقدان عقله هذا ظنت أنها النهاية ولكن ليس كل مانظنه صحيح فلقد سمعت صوت هنا تهتف بإسمها: زينة، انتِ فين يابنتي.

قاومت من جديد حتى تستطيع الصراخ وانفتح الباب فسقط الحامل المعدني من يد هنا وهي تشهق بعنف وتهرول ناحية ولدها الذي فقد عقله بالتأكيد، مسكت جسده لتبعده فدفعها فعادت وتمكنت من محاوطة جسده وإبعاده بالإكراه دافعة إياه ليرتطم بالحائط وهي تصرخ فيه: انت اتجننت.

هرولت ناحية الفتاة التي ترمق يحيي بعدم تصديق والدموع في عيونها وهي تحاول التقاط أنفاسها المسلوبة، كان هو يقف محله حيث ارتطم بالحائط ولا يبدوا عليه أنه فعل أي شيء بل ينظر للأرض وترتعد يداه محركا رأسه وكأنه في عالم آخر وبدأ بالتلويح بيده وكأنه يضرب أحدهم، انفطر قلب والدته على هذه الحالة وهي تقف عاجزة لاتعرف ما أصاب ابنها وأدى به إلى هنا.

اخذ يقترب من الفراش فصرخت زينة عاليا خوفا من أن يعيد الكرة ولكنه ارتمى على الفراش بعشوائية وأغمض عينيه متمتما بكلمات غير مفهومة.
اقتربت هنا ببكاء ومسحت على رأسه بخوف يقتلها على ابنها وهي تحاول معرفة ماحل به وقد شُل تفكيرها تماما إلا حين صدح صوت زينة المضطرب: سيبيه ينام.
أردفت بقلق حقيقي صحبه الخوف ذلك الشعور الذي يسحب الأنفاس حين نُهدد بإختفاء أحبتنا: اسيب ايه يابنتِ انتِ مش شايفة حالته؟!

أردفت زينة وهي تحاول استجماع شتات عقلها: الحجات اللي يحيي عملها دي بتأكد انه واخد حاجة، أنا أيام ماكنت عايشة عند رضوان كان بيعمل حفلات كتير فيها شباب من سني كانوا بياخدوا حبوب تعملهم دماغ الحبوب دي بتأثر على حجات في المخ وبتخلي الشخص يشوف ويتخيل حجات مش موجودة...
تابعت وهي تمسح دموعها التي نزلت إثر الذعر منه وعليه: وتقريبا كده من الانهيار اللي يحيي فيه ده انه واخد حاجة من دي واول مرة ياخدها.

هتفت هنا بدموع: وهو هيفضل كده؟!
طمأنتها زينة قائلة: لا لما المادة الفعالة بتاعتها هتروح هيفوق متقلقيش.
مسحت هنا على خصلاته بفؤاد مذعور واحتضنته تمتم بآيات قرآنية فنام بين يديها كصغير في سنته الثانية وجلبت زينة أحد المقاعد وضعتها جوار الفراش الممدد عليه والذي في الأصل لها ورمقته والحزن يعلوا وجهها خوفا من أن يكون مدمن لهذه المادة وليست مرته الأولى كما طمأنت والدته.
Flash Back.

كان يقود سيارته حتى يصل إلى مكان السيارة والمتعطلة والتي كانت صاحبتها هذه السيدة من استعانت به.
عندما مال ليجلب مفاتيحه التي سقطت أخرجت هي إبرة لتحقنه بها مسرعا مستغلة اللحظة ولكنه ارتفع قبل أن تفعلها فأخفتها سريعا متمتمة لنفسها بشر: حسنا سيد يحيي أنت من اخترت الطريق الأصعب.
سألته بضحكة واسعة: هل تقوم بالتدخين؟!
أومأ بالإيجاب فثرثرت هي: كنت تقف أمام مؤسسة العمري هل تعمل هناك؟!

استدار لها يحيي هاتفا بحدة: لما هذه الأسئلة؟!
حافظت على ثبات ابتسامتها وهي تقول: لا شيء فقط أنا بدأت العمل اليوم مع صاحب المؤسسة لهذا كنت أسأل إن كنت تعمل هناك؟!، أنا صاحبة شركة ميرال.
أومأ يحيي رأسه ناطقا: لقد عرفتك، أنا يحيي.
أخرجت علبة سجائرها ومدت له يدها بواحدة قائلة بتصنع الدهشة: اووه سيد يحيي لقد سمعت عنك قبل أن أعمل معكم سعيدة كثيرا بهذه المصادفة وطالما تدخن تفضل إذا.

تناولها منها بضيق فهو كان قد ضجر منها ولكن بعد علمه هويتها لايريد أن يفتعل مشكلة، وجدها تشعل قداحتها وقربتها منه لتشعل سيجارته ثم فعلت ذلك مع نفسها أخرجت واحدة من نفس العلبة وأشعلتها بإنتصار وهي تراه ينفث دخان ما أعطتها له فحدثت نفسها بمكر ساخرة: أثر ما تتناوله الآن أضعاف ما وُجِد في الإبرة الطبية، لم أكن أريد بداية هكذا ولكن لا يوجد مشكلة، هذا المخدر لم يخرج لشخص قبلك فأقوى مخدر في الأسواق تم إخفاؤه داخل ما تتناوله الآن ويتم تهريبه هكذا أيضا، حظ سعيد سيد يحيي، ستعيش ليلة لا تنسي بصحبة هذا المخدر.

بعد قليل من الوقت بدأت أعراض ما تناوله تظهر عليه وشعر بأنه غير قادر على القيادة فتصنعت الخوف وهي تساعده على إيقاف السيارة قائلة: سيد يحيي ماذا حل بك؟!، لا لا أنت لست على مايرام أبدا.
أخرجته من السيارة لتسنده وتتجه به عائدة إلى مقر الشركة قائلة: حسنا نحن لم نبتعد سأعيدك إلى الشركة مجددا ويقوم أحد الحرس بمساعدتك.

سارت به حتى وصلت إلى مقر الشركة مجددا فا اقترب الحراس لرؤية يحيي هكذا فقالت هي: لقد تعب السيد يحيي كثيرا وأعتقد أنه لن يتمكن من العودة إلى المنزل بهذا الوضع أرجو منكم مساعدته.
تقدم أحد الحرس وتم تجهيز سيارة ليعود برب عمله إلى المنزل مع حالته السيئة هذه أما هي فبرعت في تمثيل القلق والخوف أمام الحراس حتى ناولها أحدهم المياه قلقا عليها قائلا: نشكرك ياسيدة، هل أساعدك على الوصول إلى أي مكان؟!

رفعت يدها معترضة تقول بنبرة تفننت في إظهار التعب: لا أشكرك ماعشته اليوم معكم يكفي سأرحل بمفردي.
بمجرد أن استدارت ظهرت الضحكة الواسعة على وجهها ودندنت بلغتها بسعادة بعد أن أتمت عملها على أكمل وجه وهي تحدث نفسها بفخر: لنرى ياسيد حامي كم سيتمر ثباتك أمامي.
ظلت تسير حتى وصلت إلى سيارتها وركبتها راحلة إلى مكان جلوسها المؤقت.
Back.

في منزل سارة
تهاوت عائشة على الأريكة وهي تستمع إلى المتصلة تقول: جوزك هو السبب.
أردفت عائشة بغير تصديق لكلام هذه السيدة التي تتهم زوجها بأنه هو سبب إبعاد المحامي عن قضية والديها: انتِ كدابة.

ناولت سارة كوب المياه لعائشة حينما لاحظت توهج ملامحها فمسكته منها عائشة ووقفت لتقول للمتصلة: اسمعي ياست انتِ أنا مش مصدقة ومش هصدق أي حاجة على جوزي، الموضوع بقاله سنين جاية تفتحيه دلوقتي ليه قولي للي باعتك ان اللعبة دي بايخة اوي اوي، وان مش حاجة زي دي هي اللي هتخليني أشك في جوزي.

استطاعت سماع نبرتها الشامتة فشعرت عائشة وكأن أحدهم يسلب أنفاسها عنوة وتلك السيدة تقول: عندك حق متصدقيش، لو مش مصدقة تقدري تيجي لحد بيتنا وتشوفي جوزي الأستاذ عبد الصبور اللي قعد على كرسي عاجز بسبب جوزك، جوزي حامي باشا اللي انتي بتدافعي عنه خبطته بعربيته شله فيها وبعدها جاله تهديد يا إما يسيب القضية يا إما هيكملوا عليه، أقولك الأحسن اسألي الباشا وهو يحكيلك بنفسه.

سقط كوب المياه من يد عائشة المرتعدة فتهشم على الأرضية وظلت تدور في أرسها أصوات كثيرة أهمها صوت حامي حين سألها: انتِ بتثقي فيا صح؟!
كانت تحرك رأسها رافضة لما تقوله هذه السيدة وعادت ذاكرتها إلى قبل سنوات من هذا.

Flash back
وقفت عائشة تدق بإنفعال على باب منزل هذا المحامي الذي تخلى عن القضية في منتصف الطريق، كانت دقاتها عنيفة تريد التهامه لما فعل هذا بها وبشقيقها لما بدأ في، قضية سيتركها في المنتصف، فتحت زوجته البوابة ورمقت الواقفة أمامها بتهكم قائلة: عايزة ايه ياوش الفقر مننا تاني؟!
حاولت عائشة دفعها وهي تحارب من أجل دخول المنزل: فين جوزك ياست انتِ؟!

دفعتها السيدة للخارج وأغلقت باب منزلها حتى لاتستطيع الدخول وهي تقول: غوري بقى، استاذ عبد الصبور بيقولك مش هيكمل في قضية زي دي جاية تتبلي على عمك الراجل المحترم مش كفاية انه لمك انتِ واخوكي من الشوارع تردي الجميل بإنك تتهميه بقتل أبوكي وامك.

احتدت عين عائشة ودفعت هذه السيدة بعنف صارخة: اخرسي انا محدش لمني من شوارع أنا اهلي طول عمرهم معززني سواء عايشين ولا ماتوا، وجوزك ده مش راجل لما هو مش هيكمل بيمسكها ليه من الأول ولا انتوا بقى رضوان باشا دفعلكم.
دفعتها السيدة مجددا فتعركلت ووقعت على الأرضية لتسمعها تقول: انتِ عارفة لو شوفتك هنا تاني، ابعدي عنا بقى وروحي شوفي حد تاني ارمي بلاكي عليه ولا يمكن أبوكي وامك دول انتحروا علشان يرتاحوا منك.

قامت عائشة من على الأرضية واقتربت من هذه السيدة بعيون التمعت بالشراسة ورفعت كفها لتصفعها صفعة مدوية أوقعتها على الأرضية أمام بوابة منزلها ثم بصقت عليها مرددة بألم داخلي: حسبي الله ونعم الوكيل فيكم، بكرة تدوقوا وتعرفوا.
ثم تحركت راحلة ودموعها تتسابق على وجنتيها حزنا على تأملها خير في هذا المحامي الذي خذلها أشد خذلان.
Back.

فاقت من شرودها على صوت سارة القلق: عائشة انتِ كويسة؟!
هزت رأسها مسرعة وجلست على الأريكة قائلة بإضطراب: كويسة كويسة.
سألتها بحذر: هو ايه اللي حصل، في حد قالك حاجة ضايقتك؟
قطع قول سارة دقات حسام الثابتة على الباب فقامت سارة من مكانها لتفتح الباب فوجدت حسام يقول: مدام عائشة حامي مستنيكي تحت في العربية.
لم تستجب له وكأنها تائهة في بحور عالم آخر فرمق سارة مستغربا وأعاد النداء: مدام عائشة.

انتفضت مرددة: ها؟!
بقول لحضرتك حامي مستنيكي تحت.
أومأت بالإيجاب وقامت من مكانها تبحث عن الصغيرة فقالت سارة: عائشة لو حاسة انك مش تمام خليكي.
هزت رأسها بالنفي قائلة: لا أنا كويسة هاتيلي لينا بس.
خرجت الصغيرة ووقفت أمام عائشة تقول برجاء: عيوش هو ينفع اقعد مع مامي النهاردة هي وحشتني اووي.

همس حسام لعائشة: سارة أي مكان ليها مش أمان وانا بحاول احميها وخصوصا بعد الولد اللي كان بيطاردها وجود البنت معاها مش في صالحها ولينا طفلة عنيدة واليوم اللي هي بتقول عليه ده ممكن يقلب بأسبوع.

سمعت عائشة كلماته ومالت على الصغيرة قائلة بحنان: ليو ياحبيبتي ماما دلوقتي مش هينفع تخليكي تقعدي معاها فيه ظروف بس أنا عارفة ان ليو كبيرة و هتفهم، فحبيبتي هتروح معايا دلوقتي ولما الظروف هتتحل إن شاء الله سارة هتيجي تقعد معانا. ماشي؟!
وافقت الصغيرة واحتضنت سارة بحب قائلة: هتوحشيني يا مامي.
هتفت سارة بحب: انتِ كمان ياحبيبتي.

تحركت عائشة بال صغيرة راحلة وسط وداع سارة الحار والذي غابت عنه عائشة وكان كل مايهمها الآن هو التحدث فيما عرفته للتو.
في العيادة الطبية
جلست نيرة أمام الطبيبة تقول بإندفاع: أنا المرة اللي فاتت جبت لحضرتك كل الفحوصات اللي طلبتيها وانتِ مقولتيش أي حاجة، ياريت تفهميني.

هدأها عمر وتوجه هو نحو الطبيبة هاتفا: يادكتورة ممكن تقوليلي الحالة بالظبط وايه نتيجة قرار زي ان نيرة عايزة تكون أم لأن الدكتور اللي قبل حضرتك خوفها من الموضوع ده.
بدأت الطبيبة في الشرح للجالسين أمامها بإحترام: بصوا ياجماعة الست عموما لما بتبقى حامل ببساطة كدة بتضخ دم زيادة عن اللي مش حامل والدم الزيادة ده بيكون علشان الجنين يعني تلخيصا للكلام قلبها بيشتغل أكتر علشان يضخ دم أكتر حلو كده؟!

هزت نيرة رأسها لتتابع الطبيبة: مدام نيرة بقى قلبها تعبان اصلا من قبل الحمل فالحمل هيزود شغل القلب اللي هو تعبان اصلا، حضرتك يامدام نيرة عندك ارتخاء في الصمام الميترالي وتسريب فيه، الصممات دي أصلا دورها هو انها تساعد القلب والشرايين يقوموا بوظايفهم، يعني دلوقتي انتي الصمام فيه مشكلة ف كرد فعل طبيعي القلب بقى تعبان لأن جزء من اللي بيساعده في تأدية وظيفته تعب واحنا علشان نقاوم ده بنظبط الدنيا بالعلاج اللي حضرتك ماشية عليه.

مسكت نيرة بكف عمر الذي يطمئنها وهي تسأل بخوف: يعني مش هينفع اخلف.

ابتسمت الطبيبة مردفة: بصي يامدام نيرة أنا مش هقولك الحياة وردي ومفيش خطر وخلفي، أي مرض تبع القلب بيكون في قلق من موضوع الخلفة دي بالذات، لكن في حالة حضرتك والحالات المشابهة ليها بيكون سهل اننا نأمن سلامة الحمل وسلامة حضرتك والجنين وده عن طريق متابعة دورية وتنسيق بيني وبين الدكتورة اللي هتتابعي معاها في الحمل علشان نظبط الأدوية وده طبعا ملهوش لزمة لو مقللناش المجهود البدني والانفعال الزايد نبعد عنه خالص وكده هيبقى ظبطنا الدنيا واحنا عموما بناخد كل الاحتياطات علشان الولادة وهي بأذن الله بتتم طبيعية مش قيصرية، فنحمد ربنا ان الحالة بتاعة حضرتك سهل تأمين سلامة الحمل فيها.

قفزت نيرة من على مقعدها صارخة بسعادة: انتِ احسن دكتورة شوفتها في حياتي.
احتضنها وأخذت تقبلها بجنون وسط دهشة الطبيبة التي ضحكت على جنونها و عمر الذي حاول إبعادها عن الطبيبة بصعوبة وهو يقول معتذرا: معلش عيانة وبنعالجها.
جذبها عنوة ليحبسها بين يديه مردفا بضجر: اتهدي واثبتي بقى.

صرخت بفرح: استنى ياعمر دي بتقول هخلف عادي امال ملك الرعب اللي روحتله قبل كده ده قالي لا ليه أنا هبلغ عنه نقابة الأطباء ووزارة الصحة كمان علشان يبقى يقولي لا بقى.
جذبها عمر خارجا بها من الغرفة وهو بشير للطبيبة بأنه سيتواصل معها، ودفع زوجته مردفا: عارفة مش انتِ عادي تخلفي بس أنا مش هخليكي تخلفي لا هجبله مين يربيه وأمه أصلا عايزة تتربى.
قفزت نيرة وهي تهرول ناحية السيارة بفرح صارخة: هخلف ياعمر هخلف.

حرك رأسه بمعنى لافائدة وهو يضحك سعيدا بإكتمال سعادتها حتى وإن كان قلبه يشعر بالخوف على كل ما يخصها.
وصلا إلى المزرعة وسط صمت تام منها أثار استغرابه فهي مهما حدث لا تصمت بل تثرثر حتى تتأكد من زوال مايحزنها.
نزلت الصغيرة من السيارة وهرولت إلى الداخل وبقت عائشة في السيارة حتى قال هو ساخرا: ايه هنبات هنا؟
استدارت له وقالت بهدوء: أنا عايزة اتكلم معاك في موضوع مهم.
في ايه؟!

تنهدت عاليا بتعب ثم قالت: انت تعرف ان انا وعمر كنا رافعين قضية قبل كده علشان بابا وماما؟!
هز رأسه مؤكدا: اه افتكر عمر قالي حاجة زي كده وقالي إن المحامي ساب القضية.
سألته مجددا وقد لمعت عيناها بغيمة من الدموع: انت تعرف المحامي ده؟
التقط كفها حينما لاحظ دموعها هذه مرددا: في ايه؟
أعادت السؤال: تعرفه؟
قال ببساطة: يمكن اعرفه اتعاملت مع ناس كتير جايز يكون مر عليا.

أتبع قوله بلهجة حادة وقد لمعت زيتونيتاه وقد قطع حديثها: لا قبل ماتتكلمي، أنا مش عايز اسئلة تانية انا عايز إجابة انتِ بتسأليني ليه؟!
قالت عائشة بدموع: بص ياحامي أنا لو وقت تاني كنت اتصرفت بتهور أو من غير تفكير لأن أي موضوع يخص أهلي بيكسر فيا مية حتة، لكن انت قولتلي مرة ثقي فيا وأنا عمري ما هفقد الثقة دي علشان كده هحكيلك.

قصت له كل ما حدث بداية من مكالمة السيدة حتى هذه اللحظة. وبمجرد انتهائها قالت بنبرة باكية: انت معملتش كده صح؟!
سألها بعيون صغير يستغيث بأمه للدفاع عنه: انتِ مصدقة عني كده؟
هزت رأسها نافية تمسح وجهها بظهر كفها وهي تردف: والله ما مصدقة، لو انت بنفسك قولتلي أنك عملت كده هقول عليك بتكدب.

ضحك بسخرية من نفسه قائلا: غريبة يعني أي حد غيرك كان صدق، الوقت اللي انتِ بتحكي فيه ده أنا كنت ممكن أعمل حاجة زي دي عادي جدا.
قبضت على كفه قائلة بأمل: ممكن!، يعني انت معملتش ده؟

تحدث بصدق نابع من قلبه: أنا مش محتاج اقول انِ معملتش لأني لو عملت كنت هاجي اقولك بنفسي علشان أنا لا بخاف ولا بخبي، أنا بس فرحان انك مصدقاني، بيقولوا ان وقعة الشاطر بألف وأنا كنت بقول انك وقعتي اللي بألف وقعة بس دلوقتي بس اتأكدت انِ كنت غلطان لأنك بتفضلي مصدقاني في وقت كل المنطق والعقل اللي في الدنيا بيقولوا انك لازم متصدقينيش، مبتفقديش إيمانك بيا في وقت ممكن يكون كل الناس يأست مني فيه، أنا عايزك حتى لو انا عملت حاجة في يوم تخليكي تفقدي الإيمان ده متصدقينيش.

يعني ايه؟!
جذب كفها منزلا إياها وهو يقول ساحبا إياها خلفه: يعني تعالي معايا.
تحركت معه حتى وصل بها إلى هذه الغرفة المجاورة للمزرعة دخل بها بهدوء لتشهق عاليا بفرحة وهي ترى فراش صغير مأمن جيدا بداخله طفل وتجاوره إحدى الممرضات تعتني به والتي قالت بمجرد رؤيتهما بإبتسامة واسعة: دكتورة بسنت لسه مدخلاني حالا هنا بس هي مشيت علطول، هو صاحي دلوقتي.

ضحكت عائشة بفرحة عارمة وهرولت ناحية صغيرها لترى تحركه في فراشه وهو يلعب بيده وقدمه فحملته منه بهدوء واتجهت نحو حامي قائلة بحنان: شيله.
لمس كف الصغير كفه من الباطن فأصابت القشعريرة جسده وهو يحمله منها بين يديها لتقول الممرضة بإبتسامة: الحلو الصغير قال أنا مش هقضي رمضان غير مع بابا وماما، خرجلكم قبله بالظبط.
ضحكت عائشة لها وهي تقول بحنان: كل سنة وانتِ طيبة.

دلفت زينة إلى الغرفة قاطعة حديثهم ومعها الصغيرة التي صرخت بفرح: الله انتوا جبتوا محمد.
حاولت زينة عدم إفساد لحظاتهم وقالت: اه هاتولنا الفانوس، فين الفوانيس ياحامي انت الكبير.
تشبثت عائشة بيده قائلة: اه احنا عايزين فوانيس وعايزين كنافه وعايزين قطايف وعايزين نعلق الزينة والنور وعايزين نحتفل بوجود محمد معانا...
كمم فمها قائلا: كفاية ياماما ايه كل العايزين دي، احنا عايزين ترحمني ياوحش شوية.

لم يخف على حامي نظرات شقيقته فغمز لها خفية فمطت شفتيها بحزن، أعطت عائشة الصغير للممرضة واستدارت مجددا تقول: مالك يا زينة انتِ في حاجة مزعلاكي؟
صرف حامي الصغيرة قائلا: روحي ياليو لاعبي آمن.
هرولت الصغيرة بفرح ناحية فراش الصغير ليردد حامي مجددا: في ايه؟
قصت له زينة كل ما حدث بإنهيار فتحرك حامي بنظرات مظلمة نحو أعلى حيث يرقد وهرولت عائشة خلفه تحاول منعه مرددة: حامي لا اهدى، استني بالله عليك.

أبعدها بعنف فوقفت زينة أمامه تقول: ياحامي لا هو كان مش في وعيه ممكن يكون حد هو اللي اداله حاجة.
لم يستجب لأي منهما بل صعد ليجده يجلس على الفراش وقد استيقظ لتوه ويشد خصلاته سائلا بإستغراب: أنا نمت في الأوضة دي ازاي.
جذبه حامي من ملابسه ولكمه في وجهه جاذبا إياه وهو يقول بشراسة: تعالى وأنا هعرفك نمت ازاي.
حاول إبعاد حامي وهو يصرخ بغضب: وسع ياحامي في ايه.

لكمه حامي الثانية قائلا بنبرة أرعبتهم: في انك كنت هتموتها.
قال يحيي بعدم تصديق: انت بتقول ايه
ثم سأل زينة بإستنكار: ماتنطقي أنا عملتلك حاجة؟!
لكمه حامي آخرى وهو يقول: انت ليك عين تنطق.
دلفت هنا والتي لم تكن متواجدة بالغرفة فصرخ بها حامي: قولي للباشا عمل ايه؟!
رمق يحيي والدته التي قالت بتعب: كنت بتخنق زينة وأنا لحقتها منك بالعافية.

وقف يحيي أمام حامي قائلا بصدق: والله العظيم أنا ماكنت واخد حاجة، أنا مبطل كل حاجة انت عارف، أنا اخر حاجة فاكرها اني كنت بوصل الست اللي اسمها ميرال دي مش فاكر أي حاجة تانية.
سأله حامي وكأن الاسم ألجمه: ميرال!
هز يحيي رأسه مؤكدا فأشار له حامي هاتفا بحزم: انزل ورايا على تحت عايزك.
خرج حامي وآتى يحيي ليتحدث مع زينة مبررا فقاطعته: يحيي أنا مصدقاك أنا بس الموقف موترني شوية ومش قادرة اتكلم معلش.

احتضنتها هنا وخرج هو من الغرفة بإندفاع يلعن نفسه على ما لم يرتكبه وقد رأي في عينها شعور الخوف منه.
في أحد الملاهي الليلية جلس عدنان يتجرع ما حرمه الله بكل بساطة وقد حلله لنفسه حتى أتاه اتصال مفاجيء فا انتفض حين علم هوية المتصل وأجاب مسرعا: أهلا سيدة ميرال أتمنى أن يكون السيد الكبير بأفضل حال.

قالت بغضب: السيد الكبير مستاء منكم جميعا للغاية لا أحد يقوم بعمله على مايرام جميعكم حمقى، لقد أرسلني إليكم لأتمم ماتخربوه أنتم.
هتف بغير تصديق: هل أنت في مصر ياسيدة ميرال، هل أرسلك والدك حقا؟!، هل من السهل على رئيس المؤسسة أن يرسل ابنته الروحيه هكذا.

حذرته غاضبة: السيد الكبير يُدعى بالسيد الكبير، هل تود إفشاء الأمر هل أقل لك حل أفضل اذهب إلى الشرطة المصرية أو حامي العمري وقل لقد أرسل رب عملنا جميعا ورئيس المنظمة ابنته إلى مصر وعندما يقولون أي منظمة قل لهم مجالات العمل بكل فخر.
قال عدنان بأسف: عذرا لم أقص...
قاطعته معنفة: احذر ياعدنان، السيد الكبير لايعلم أي أحد شخصه حتى أنت، أي خطأ سنذهب نحن للجحيم ليس هو.

فقال عدنان بخطورة وهو يتجرع كأسه الجديد: أنا أنفذ الأوامر ولكن أفعالي الخاصة لا علاقة ل أحد بها.
ما الذي تخطط له انت، هل تخطط لضياعنا أم ماذا ضع أي شيء شخصي في جانب وإلا ستندم أشد الندم.
=انتظري ثانية
سمع رنين رسالة فأنزل الهاتف من على أذنه ليرى الرسالة قائلا بضجر من تلك التي قامت بتعكير مزاجه: ده انتِ بنت صحيح، بس تحلي من على حبل المشنقة مكانش الراجل الكبير آل ايه عملك بنته الروحية.

ثم ردد ساخرا: روحية يا روحية.
صمت فجأة وعلت ابتسامة الشر وجهه وهو يقرأ ما أرسل له والذي كان محتواه:
ابنه عايش مراته مسقطتش.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة