قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخامس والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخامس والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخامس والعشرون

هل يعيش الأبطال في كتب الأساطير فقط؟!

أم أن الوجدان خُلق لهم ليعيشوا فيه، الأبطال يعيشون معنا هنا وعلى نفس الأرض الطاهرة تضمهم صفحات الكتب وصفحات الواقع أيضا، إلى كل من دافع عن الأرض. إلى أبطال بلادي الشهداء الجنة ترحب بكم قد فاح عطر دمكم الطاهر وكأنه يربت على قلوبنا حتى لانحزن على رحيلكم ويقول أبطالنا في مكانهم الصحيح قد عاهدوا الله وصانوا العهد، أبناء بلادي الذين صعدت روحهم الطاهرة إلى بارئهم أنتم أثبتم للجميع أن ساحة المعركة تُروى بدم الشرفاء أمثالكم وأن الأبطال يعيشون معنا ومنا ربما أشقائنا. أزواجنا، أولادنا ربما كل شبابنا، أنتم الإلهام الذي أقسم أن بداخل كل منا بطل تنتظره ساحة المعركة لتشهد إعصاره المهيب، أنتم الأمل حتى وإن فنت أجسادكم فأرواحكم باقية معنا ولنا، نحزن كثيرا. نبكي أكثر. ولكن الحقيقة الثابتة أنكم معنا وستظلوا معنا إلى الأبد.

يا أبناء بلادي عجزت كلماتي اليوم ولم تستطع وصف القليل من شيمكم، عجز القلب وقال هل الحزن يكفيهم؟!، ولكن لم تهن الروح وستظل تفخر بكم وتحكي بطولاتكم عبر كل الأزمان ليفوح عبقكم وتخلد ذكراكم.
شهداء وطني الحبيب أنتم من زرعتوا البطولة وحصدتوا الجنة ونعم حصادكم.
إلى كل من فنى عمره في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، إلى من سال دمه الطاهر في الدفاع عن الشرف، إلى سكان الجنة وسكان القلوب.

سلاما طيبا ووردة ورح تشتاق إليكم حتى وانتم معها.

غرفة بمجرد دلوفك لها تعلم أنها لممارسة الرياضة، مكانه المخصص هنا في المزرعة لا يدخله سواه حامي العمري، تمدد على الأرضية وفرد زراعيه بجانبه وهو يغمض عينه ليلتقط أنفاسه المتتالية وتنزل قطرات العرق على وجهه فمسحها بهذه المنشفة الصغيرة وعاد للنوم من جديد، أراح بدنه تماما واستسلم لسلطان النوم عل النوم يقلل من هذه الحرب الدامية القائمة في رأسه يفكر ويخطط ولا يستريح، ارتسمت البسمة على وجهه النائم فلقد ظهر أمامه في حلمه من غاب عنه طويلا وجفاه سنون ظهر أمامه والده فهرول نحوه بروح طفل صغير اشتاق وآلمه الاشتياق حتى تمزق القلب ولكن خالطت ضحكته لوالده زيتويتاه وقد اكتسا بالدموع اقترب من والده وآتى ليحتضنه فا اختفى فجأة فزمجر غاضبا كصغير انتشلوا منه لعبته ولكنه سمع صوت والده الحاني يناديه من خلفه فا استدار بلهفة ناطقا بإشتياق: بابا.

صمت بألم وأردف ببكاء قلب فقد طريقه فتاه: أنا مش عارف اقول ايه بس انت وحشتني اووي. انت زعلان مني صح؟!، اتاخدت غدر من صغري عارف انا غلطان كان ممكن اثبت بس خفت على اللي ليا مخفتش على نفسي أنا كده كده كنت ضايع، أنا كنت بعتبر حياتي اخر دقيقة فيها كانت اخر لحظة عيني شافتكم فيها، من حضنكم لجحيم الشارع نقلة مش قليلة، مش مهم كل ده أنا بس عايزك تسامحني و تساعدني.

ابتسامة والده الحنونة تقول الكثير ولكن نبرته ردت الروح به: السماح كله سهل انها تتقال لكن صعب انها تتصدق وأنا ياحامي قلبي مسامحك مهما عملت بقولها ومصدقها، لكن ربنا تفتكر طول ماانت بعيد هيسامحك؟!
أردف حامي بألم يعتصره: أنا عايز أقرب بس تعبان في حاجة موقفاني حاجة بتقولي عمره ماهيقبلك انت كلك سواد.

نطق والده بنبرة اخترقت وجدانه: قرب علشان قلبك يطيب وروحك تخف قرب حتى لو الدنيا كلها قالت انك مينفعش تقرب ربنا بابه مفتوح لأي حد وفي أي وقت ورحمته أكبر بكتير من أي حاجة تتخيلها.

هز حامي رأسه بسعادة مرددا: هقرب وانا متطمن، بس أنا محتاج مساعدتك أنا مش عارف أنا ماشي صح ولا لا مش عارف الطريقة اللي ماشي بيها دي هتخلص الكل من شرهم ولا هتخلص عليا انا، انا بقيت تايه وخصوصا بعد ابني محمد عائشة سمته على اسمك علشان نفضل نفتكرك دايما بس محدش يعرف انك محفور في قلبي وروحي وعمرك ماتروح.
ضحك والده فخفق قلبه فرحا وخاصة حين قال: انت ماشي صح بس خد بالك.

ابتلع حامي ريقه بقلق وقد شعر أن القادم ليس خير وقال: اخد بالي من ايه.
أشار له والده على أحد الجهات قائلا: بص هناك كده.
استدار حامي مسرعا ليجد عائشة على حافة مكان عالي وتنظر للبحر أمامها بخوف.
فجحظت عينه ونطق بإسمها خائفا وكاد يهرول نحوها ولكن مسك والده مرفقه قائلا: تفتكر هتنط؟!

هز حامي رأسه نافيا وقد لمع الإصرار والثبات في عيونه وهو يقول: مستحيل، مستحيل تنط عائشة بتخاف من البحر وعمرها ماهترمي نفسها ليه.
كانت عيونه لاتفارقها حتى ووالده يردف بنصح: بس سعات بيظهر خوف جديد وبنكتشف انه اسوء بكتير من خوفنا القديم فبنضطر مجبرين نسلم للقديم.
أدار والده وجهه بيده لتواجه عيناه عيون ابنه الخائفة على أسيرته فقال بتصميم: لو هي عملت المستحيل ونطت نط وراها.

كان وجهه متوهج اشتعلت النيران فيه وذعر ظهر في نبرته فمن تقف على الحافة هذه طوق نجاته ونوره المسلوب فأردف: يعني ايه؟!
ربت والده على كفه واختتم: يعني لو نطت نط وراها ياابني.

ثم رحل كليا واختفت عائشة واختفى كل شيء إلا هو، قام فزعا من نومه يحاول التقاط أنفاسه وكأنه كان يطارد وحوش ضارية، نطق بإسمها من وسط أنفاسه المتلاحقة وأخذ يحاول إستعادة توازنه المفقود حتى سمع رنين هاتفه فهو في انتظار هذه المكالمة، أسرع مجيبا بجمود: عرفت كل حاجة؟
آتاه إجابة المتصل والتي أرضت فضوله فقال هو: طيب ابعد انت بقى وانا هتعامل.

انهى كلماته وأغلق هاتفه وقام ليستعد لميعاده وهو يسحب ملابسه ليبدل ملابس الرياضة وعقله لا يشغله إلا ما راوده من حلم منذ قليل وكلمات والده الأخيرة تتردد داخل أذنه.

وضعت نيرة الصغيرة على الفراش بجوار شقيقتها زينة ورمقت كل من زينة و عائشة والتي تجلس كل منهما يبدو على ملامحها الحزن واضعة كفها على وجنتها فجلست أمامهم قائلة بضجر: ماهو اسمعوا بقى فطار ودبستوني فيه مع هنا وانتوا قاعدين هوانم وقولت معلش يا نيرة واحدة والدة والتانية مصدومة عاطفيا، طالقين عليا البت الصغيرة دي ليل نهار وأول ما العطش يمسكني تيجي تشرب كل أنواع العصير في الدنيا وأنا أقول ميجراش حاجة عيلة صغيرة وكلنا كنا عيال رخمة ومتطاقش انما أدخل الأوضة ألقيكم ضاربين البوز ده وكل واحدة حط ايدها على خدها لا كده كتير بجد كتير اووي.

لم تجد إجابة منهما بل مالت عائشة على الصغير المتواجد بين يديها تمسح على خصلاته بحب بعد أن غفا فقالت نيرة بغيظ: للدرجادي أنا هوا؟
أردفت زينة بضجر: اسكتي بقى أنا عندي صداع ومش ناقصة.
بادرت نيرة بالسؤال بحذر: يحيي ما اتكلمش؟
ابتسمت زينة بسخرية وهي ترد بألم: بقاله أسبوعين من يوم اللي حصل معرفش عنه حاجة وبرن عليه مقفول طول الوقت وحتى لما بسأل حامي بيقولي متشغليش بالك.

سألت نيرة ولكن هذه المرة عائشة التي تنظر من هذه النافذة الصغيرة المجاورة للفراش: وانتِ يا عائشة مالك؟!

اندفعت عائشة تقول بغيظ: نفس ال متشغليش بالك بتاعة زينة، نزلت معاها تسأل حامي عن يحيي قالها متشغليش بالك أجرمت أنا بقى علشان قولتله لو عارف هو فين قول زينة متضايقة و هنا مقطعة نفسها عليه وبعدين لازم تفهمه ان اللي بيعمله ده غلط وانه ميعملش العملة ويختفي راح أخوكي بكل هدوء و ابتسامة من اللي بتموت دي قايلي ملكيش دعوة روحت مطلعة مخزون النكد بقى و اتخانقنا وفرجنا الحرس على شو محترم مزيج من الاهانات المبطنة مع مشهد رائع ليا وانا بتسحب زي الجاموسة اللي هربت وصاحبها قفشها في إحدى الشوارع وساحبها وراه علشان يعرفها غلطتها.

ارتفعت ضحكات نيرة ولم تستطع زينة كبت ضحكاتها فرنت ضحكاتها هي الآخرى في حين قالت عائشة بتذمر: بتضحكوا على ايه هي آلامي مضحكة للدرجادي.
وضعت نيرة كفها على وجنتها قائلة بحزن: أقول آلامي أنا بقى بما اننا قاعدين في حصة الكآبة دي.

انتبها لها لتتابع هي: حامي مبيجتمعش مع ماما خالص بحس انه بيبعد عنها او بيتجنبها معرفش ليه الاحساس ده، بيقعد حتى ميكملش دقايق يفطر معانا ويقوم يجري ومعظم الأيام مش بيفطر هنا اصلا، أنا وانتوا كل يوم نروح نقعد مع ماما وهنا لحد مايزهقوا منا ويطردونا من الأوضة وهو مبيفكرش حتى يهوب ناحية الأوضة أقولكم على حاجة...

فرت دمعة منها وهي تردد: أنا شفته واقف قدام باب أوضة ماما وكان عامل زي اللي ورا باب الأوضة دي هلاكه فضلت مستنياه يدخل ومع آخر لحظة مدخلش ومشي.
تنهدت عائشة عاليا بتعب فما يثير حزن نيرة يثير حزنها أيضا هي الآخرى حاولت كثيرا تقريبه اختلقت الحجج وفعلت المستحيل لكن هناك حائل، جدار تود تحطيمه ولكنه يتفنن في البناء.

لفت نظر نيرة ذلك الخارج من حقيبة عائشة الملقاة على الفراش بإهمال فاانتشلته تسأل: ايه ده يا عائشة.
نظرت عائشة لذلك الكتيب بيدها وضربت على رأسها بتذكر هاتفة: ده كان واقع في عربية حامي ونسيت اديهوله، ومش هروح اديهوله دلوقتي علشان متخانقين.
فتحته نيرة تفر بين صفحاته لتردد بإستغراب: ده كتاب فاضي، الورق اللي فيه فاضي بس شكله حلو ال cover اللي من برا تحسيه قمر كده.

انتشلته منها عائشة قائلة: طب هاتي علشان نرجعه ياحبيبتي ويلا قوموا نحضر الفطار مع هنا.
تمددت زينة على الفراش قائلة بتصنع التعب: لا مش قادرة تعبانة خالص يلا انتوا بقى ومعلش يا نيرو ابقى اعملي السلطة بدالي مش هقدر فعلا النهاردة اعمل السلطة.
رمقتها نيرة وتبعتها عائشة بغيظ بين والتقطت كل واحدة منهما وسادة لتقذفها بها قبل أن يرحلوا وسط اعتراضها وصراخها على فعلتهم.
في غرفة عمار.

جلس في غرفة مظلمة على الأرضية الباردة رأسه دفنها بين زراعيه ودموعه لاتجف يتذكر ذلك اللقاء اللعين الذي جمعه بوالده يوم أن طلب منه الحضور على الفور وياليته لم يحضر
Flash Back
ذهب إلى قصر والده بتهكم واضح لهذا المكان الذي تم طرده منه قبل ذلك لإصراره على حبيبته والزواج منها كما سلبت منه الحياة أيضا حين فعلوا ما فعلوا بها.
قطع تفكيره خروج والده الذي ردد: أهلا بال.

مسح عمار على وجهه من هذه السبة المقيتة ولكنه أجابه بسخرية: من شابه أباه بقى.
جذبه والده بعنف من ملابسه صارخا فيه: انت عايز ايه، ها، أنا عايز اعرف انت عايز مني ايه، روحت حبيت حتة بت منعرفلهاش أهل ولا اسم وقولت معلش عيل و بيلعب وسبتك تلعب براحتك ومااتربتش إلا لما خدتها منك وغارت في ستين داهية ماتت وقولت بكرة يعقل ويرجع القصر انما ده انت بتتمادي فيها.

أبعد عمار كف والده عن ملابسه وهو يقول بعنف: حقها انا هاخده حتى لو بعد مية سنة وحتى لو منك انت أبويا.
ضحك والده بسخرية قائلا: لما انت لسه بتحبها اووي كده ياروح امك ماشي مع بنت الزفت رضوان ليه.
تابع السيد زيدان بغضب: بقى أنا أبقى مستني الشريك الجديد واكتشف انه الزفت رضوان وبيلوي دراعي بيك.
أنا مش فاهم كلامك ده.

تابع بإستهجان: كان في حفلة معمولة علشان اعرف الشريك الجديد في شركة الأغذية اللي أنا شريك فيها واكتشف بعد الحفلة ان الشريك الجديد رضوان ومجاش الحفلة كمان بس ليه حق ماهو كله بسببك رفضت الشراكة واتصلت بيه أحذره واقوله يرجع عن الشراكة دي بالذوق احسن قالي لما ابنك يبعد عن بنتي الأول أنا هبعد عن الشراكة، ابنك دخل خد بنتي من جوا القصر وأنا لحد دلوقتي ساكتله بس لو فكرت هعرف أذيه كويس، لو عايزها يجي يتقدم ونشوف مصالحنا مع بعض.

سأله عمار: والمطلوب ايه دلوقتي.
أردف والده بحده: تبعد عن بنته كأنك متعرفهاش.
أردف عمار بسخرية: وده عشان شغلك ولا علشان قال هيأذيني.
صمت والده فضحك عمار وهو يقول: أنا كنت عارف الإجابة كويس.
اعتدل عمار وواجه والده ناطقا بإصرار: أنا مش هبعد عنها والمرة دي بقى لا انت ولا رجالتك ولا هو هيمنعوني عن حاجة، لو السما انطبقت على الأرض مش هسيبها ولو كنت حرمتني من كريمان فمش هسمحلك المرة دي.

نطق والده بشر: يبقى انت اللي بتختار.
لم يتفوه عمار بشيء ولكن قال والده ما أثار الذعر في قلبه: انت اللي بتختار انها تحصل اللي قبلها، ياتسيبها يا هحسرك تاني.

أردف عمار بعدم تصديق ودموع أبت أن تنزل: هو انت بجد أبويا، ايه الشر والغل ده الحقد والسواد دول جايبهم منين السلطة والفلوس خلوك أعمى مش شايف حتى ابنك، أنا اوقات كتير بحس انكم شياطين من كتر الشر اللي فيكم ولا احس ايه بقى انتوا فعلا شياطين بس عايشين وسطنا كل الفرق اننا شايفين قذارتكم علني.

تمكنت النظرات المستهزئة من ملامح والده فقال هو: أنا مش هبعد عنها وده آخر كلام عندي وأي محاولة منك أو من أبوها هقتلكم وساعتها هنسى ان اسم مكتوب بعد اسمي في البطاقة.
ثم أشار له بإصبعيه خاتما: سلام ياباشا.
Back.

فاق من شروده وخرج من غرفته ليتجه نحو الشقة المقابلة له والتي تقبع هي فيها لقد انقطع عنها منذ ذلك اليوم تركها هكذا دون سؤال طوال هذه المدة حتى عندما حاولت أن تسأل عنه ودقت بابه لم يفتح لها، آتت لتهنئه ببداية الشهر المبارك فترك أبوابه مغلقة أيضا ولم يعطيها رد حتى سأمت منه.

وقف أمام بابها وأخذ يدقه وقد احتوت عينه على تحدي وتصميم على فعل مانوى، بعد عدة دقائق فتحت البوابة لترمقه بعتاب مرددة: عارف لو حد غيري مكانش فتحلك الباب ده، أسبوعين معرفش عنك حاجه ولا أنا هعرف ليه مش مهم أصلا براحتك.
قاطعها مردفا بنبرة بثت القلق في نفسها: دنيا.
ابتلعت ريقها بتوتر قائلة: نعم، في ايه؟
قال بثبات وعيناه تواجه خاصتها وهو يلقي جملته بحسم وكأن الأمر قد انتهى: تتجوزيني.

وكأن قلبها خرج الآن ليعلن عن دقاته الخائفة المضطربة ويعلن عن روحها التي تاهت في بحور كثيرة أصبح هو واحد منهم.
في شركة تابعة ل رضوان و نادر.

جلست نهلة على المقعد المقابل لمكتب رضوان وجلس أمامها نادر كرهت المكان وودت لو قامت من هنا ولكن إلى أين ليس معها حتى ما يجعلها تستغنى فلقد فقدت كل شيء حتى حامي الذي فشلت في استعادته فااستعانت بقوة اخرى وتحالفت مع أعداؤه علها تستطيع بقوتهم إجباره على العودة لها وعلها تعوض ماسلبه منها من أموال.
قطع رضوان تلك الجلسة الصامتة قائلا: السيد الكبير بعت ميرال مصر.

انتبه نادر له فأكمل رضوان: ميرال دي دراعه اليمين يانهلة والمفروض بنته بالتبني.
هزت نهلة رأسها ليتابع رضوان: معنى انه بعتها انه بيقولنا اننا مش عارفين نصتاد حامي، بس أنا زي ماقولت قبل كده هنخليه هو برجليه يوصل لحد هنا بمساعدة شخص مش لازم تعرفوه دلوقتي.
قال نادر بريبة: مين ده؟!، انا عايز اعرفه.

قطع حديثهم فتح الباب على مصرعيه فظن رضوان انها المساعدة فا ارتفع ليوبخها ولكن الصدمة شلت ثلاثتهم حين وجدوا حامي يقف أمامهم بهيبته الطاغية التي تفرض نفسها عليهم، تحرك حامي ببرود ليتمدد على الأريكة الموجودة في الزاوية ويسند رأسه على كفيه وسط نظراتهم المصدومة والتي قطعها هو بقول متهكم وضحكة ساخرة: ايه ماتكملوا كلام ولا هو اللي بتتكلموا فيه ماينفعش يتقال قدامي؟!

قام نادر من مقعده قائلا بإستشاطة: عايز ايه ياابن العمري.
أردف حامي بهدوء شديد: ولا أي حاجة، أنا بس قولت بقالي كتير مشوفتش الصحبة الو دي فااجي اتفرج عليكوا شوية واملي عيني منكم.
نطقت نهلة اسمه بنبرة مستعطفة فرمقها بإشمئزاز قائلا: عمرك ماهتتغيري، هتعيشي وتموتي منهم وشكلهم، مش دول اللي بتقولي انهم ضيعوكي زمان وكنتي بتحاولي تنتقمي منهم؟!، بس نقول ايه بقى ديل الكلب عمره ما يتعدل.

أردف رضوان بحقد فهو مازال يتذكر اخر ماحدث في قصره حينما خدعه بوجود قنبلة ولكن رضوان لم يقل الحقيقة كاملة فحتى لو تحت ضغط سيشتته ولو في جزء صغير: جاي ليه ياحامي؟
ضحك حامي وغمز لهم ناطقا بمكر: تفتكروا ليه؟!
ذفر نادر عاليا بغضب ليقول حامي: طب بما إن نادر باشا على آخره كده فنبدأ بيه الأول.

والتفت ل رضوان متابعا بنفس نومته المسترخية: ما تعدلي كده يا رضوان اتجوزت كام مرة؟، بس اسمع انا عايز العرفي لوحده والرسمي لوحده.
آتى رضوان ليتحدث فقاطعه حامي مشيرا بيده ليقول: أنا هسهلها عليك أنا عاوزك ترجع معايا بالذاكرة كده لجوازتك العرفي من دكتور سارة.
ابتلع نادر ريقه بتوتر وجحظت عيناه خوفا من الحديث القادم فتحرك ناويا الرحيل وهو يقول بإرتباك: أنا ماشي لحد ما المهزلة دي تخلص.

بمجرد اقترابه من الأريكة الممدد عليها حامي التقط حامي مرفقه وضغط عليه بعنف موجها حديثه له بشراسة: طالما أنا موجود يبقى اللعبة بقواعدي أنا، أنا اللي أقول مين يمشي ومين يقعد، وبعدين ده القعدة لسه هتحلو.
شعر رضوان بوجود خطب ما وخصوصا بعد ماصدر من نادر فقطع شروده صوت حامي يقول: انت تعرف ان بعد طلاقك من سارة كانت حامل منك وخلفت ولد ونادر موته.
جحظت عين رضوان وصرخ نادر بهلع: كداب كداب والله أنا مموتهوش.

ضحك حامي مرددا بمكر: يعني انت بتعترف بإن رضوان ليه ابن من سارة.

شحب وجه نادر ليردف حامي: نادر اتجوز سارة بعدك ودي حاجة الكل عارفها بعد الفرح الاسطوري اللي عمله بس اللي محدش عارفه بقى ان بعد جوازها منه عرف انها حامل وبعد ست شهور بالظبط من جوازهم وفي بداية السابع ولدت وطبعا الدنيا مشيت عادي جدا، ولادة في السابع طبيعي بتحصل امال يعني هيطلع يفضح نفسه بعد كل الهوليلة اللي هو عملها دي في جوازه منها يعني من الآخر هما كانوا عايشين مع بعض وهي بتكدب وهو مصدق الكدبة بمزاجه ثم صمت حامي لثوان ليرى أثر كلماته الواضح وتذكر شيء ما.

Flash Back
أجرت اتصالا هاتفيا به فأجاب بعد عدة دقائق انتظرتها: أنا سارة ياحامي رنيت عليك كتير، آسفة بس كنت عايزة اسألك على حاجة.
قاطعها قائلا بثبات: لا أنا اللي عايز أسأل، سارة اظن انتِ متأكدة دلوقتي انك في حمايتي فعايزك تجاوبيني بصراحة وبعيدا عن اول مقابلة بنا اللي ممكن تكونِ كذبتي فيها.
قلقت من سؤاله فقالت بإستغراب: في ايه؟
قولتِ لنادر لما عرفتِ انك حامل ايه؟!

أغمضت عينيها بألم على تذكر مثل هذه الأشياء ولكنها أجابت: قولتله في الشهر التاني من جوازنا انِ حامل في شهرين وانا كنت حامل في خمس شهور، بس هو كان شاكك من الأول لكن ماقاليش شكه ده لأنه ساعتها كان بيبني اسمه ومش عايز اي فضيحة، وانا ولدت في اخر التاسع خالص بس بالنسبة للي انا فهمتهوله يبقى ولدت في السابع ودي بتحصل، حامي انا عارفة اني غلطانة بس انا مكنش عندي حل رضوان مكانش هيعترف بيه كان أماني الوحيد ان كريم اتكتب بإسم نادر لكن أنا بأكدلك نادر كان ممشي كل حاجه بمزاجه مع انه عنده 100 حاجة يخلوه يشك ان كريم مش ابنه نادر كان بيستعملني انا وكريم علشان في أي لحظة يبقى ضرب رضوان في مقتل في ابنه.

Back.

فاق حامي من شروده ليتابع حديثه: وخلفت سارة كريم وراح الباشا مسجل الواد بإسمه شوف الدنيا ياجدع تبقى عايش وعلى وش الأرض وابنك بيتسجل بإسم واحد تاني مع ان سارة لو كانت جت قالتلك يا رضوان أنا حامل مكنتش هتسجله بإسمك برضو عارف ليه يا رضوان؟!
تابع حامي رامقا إياه بغل: علشان انت الوساخة بتجري في دمك ومش انت لوحدك هما كمان معاك.

ثم نظر حامي أمامه وقال ببرود: خلينا نكمل، نادر حب يحرق قلبك على ابنك والكلام ده طبعا حصل قبل ماترجعوا تشتغلوا مع بعض تاني، أو بمعنى تاني لما خسرتك كل حاجة يا رضوان وقررت تنضم لنادر تاني بمبدأ عدو عدوي صديقي اللي متعرفوش بقى ان صديقك موت ابنك علشان يحرق قلبك عليه لا وفهم امه انه مات موتة ربنا وحبسها لا حضرت دفنه ولا عذا ومش كده بس راح عمل تحليل DNA يثبت ان الولد مش ابنه علشان في اي وقت يضطر يخلص من سارة يتهمها بالخيانة قدام الدنيا كلها وهي طبعا معهاش اي ورق يثبت انها كانت متجوزاك عرفي وبالمره يوريك انه خلص من ابنك وانه انتقم من كل اللي عملته معاه بس لما خسرت كل حاجة نادر شاف ان الضربة مش هتكسرك وانه لازم يكسبك وخصوصا بعد الميموىي اللي وقع في ايدي وفي مصايبكوا سوا واللي لو انت يا رضوان روحت فيها نادر هيشيل الليلة لوحده.

فعرض عليك الشراكة وبعد ما اتشاركتوا ورجعتوا العلاقات مبقتش ضربة بقت عملة نادر خايف منها وبيخبيها احسن تعرفها.
وقف رضوان ورمق نادر بشر قائلا: كلامه ده صح، انت موتت ابني؟!
صرخ نادر بهياج أنا مموتهوش والله أنا بس سيبته في الشارع.

تفحص حامي بنظراته نهلة التي ترمقهم بلامبالاة فهي تعلم الاثنين وتتوقع من كلاهما هذه الأفعال فقال لها حامي ساخرا: لا حول ولا قوة إلا بالله هيقطعوا في بعض قدامنا اهو، بس سيبك انتِ ده الغالي كله متشال ليكِ.
رمقته بإستغراب ليردد مشيرا على هاتفها: افتحي تليفونك كده، باعتلك حاجة هتعجبك اووي.

التقطت هاتفها بيد مرتعدة وفتحته وسط ترقب الجميع وخصوصا رضوان الذي نهش الخوف قلبه من هذه الأفعال وشلت الصدمة وجدانه مما قاله حامي.
بمجرد أن فتحت الهاتف وجدت تسجيل صوتي ل رضوان يتحدث فيه عن كريمان فأغلقته ورمقت حامي بلا اهتمام قائلة: وانا ايه علاقتي بكريمان دي، متدخلنيش في مواضيع مش بتاعتي.
مط حامي شفتيه قائلا بأسف: انتي صعبانه عليا اووي، تخيلي كده معايا أم تعرف ان بنتها بتموت وتسيبها.

رمقته بعدم فهم ليتابع هو: كريمان دي تبقى بنتك يانهلة.
هبت من مكانها وكاد ان يختل توازنها فااستندت على المقعد ناطقة بغير تصديق: كريمان اختك بنت صوفيا مش بنتي، انت بتكذب.

أشار لها حامي بعينيه على الهاتف الموجود في يدها متابعا: التسجيل اللي معاكي ده هو تسجيل لرضوان بيحكي فيه عن جوازك العرفي من جابر زمان وعن بنتك اللي خدها منك لما عرف بعلاقاتك وفي نفس الوقت بيحكي عن حادثة العربية اللي الكل افتكر ان مات فيها جابر والبنت يعني البنت وابوها راحوا لكن الحقيقة ان جابر بس اللي مات بنتك لا.

هرولت لمكانه وسقطت أمام الأريكة على الأرضية والتقطت كفه بدموع تنطق برجاء: يعني أنا بنتي عايشة، أنا بنتي موجودة صح، طب هي فين قولي هي فين وانا هعملك كل حاجة اشوفها بس اشوفها مرة واحدة.

لوهلة اهتز قلب حامي لحالتها على الرغم من كل مافعلته ولكنه نطق بألم أصاب قلبه أيضا على هذه الفتاة التي ماتت قهرا: مبقاش ينفع يامدام نهلة، بنتك بعد حادثة العربية رضوان خطفها وحبسها مع صوفيا في نفس المكان عاشت من غير ماتعرف مين ابوها كبرت وهي عارفة ان صوفيا امها لحد مابقت 8 سنين وامي حاولت تهرب بيها من الكلب اللي واقف ده، عرف وخد البنت وسفرها عاشت برا لحد مابقت 17 سنة ورجعت مصر تاني وهددته انها هتفضحه وهتعرف توصل لامها اللي هي فاكراها صوفيا وهترجع حقها، حبت ساعتها ابن السيد زيدان وكان بيساعدها تعدي الأزمة بس أبوه معجبهوش الوضع وان ازاي ابنه يتجوز واحدة مش معروفلها اهل وكمان بتتردد على بيت رضوان اللي هو ألد أعدائه، سلط عليها نادر وفي ليلة خطفوها وابن السيد زيدان رجالة أبوه منعوه ومعرفش يلحقها وسافرت مع نادر واتجوزها غصب، بنتك هي نفسه كريمان اللي خليتي دكتورة ميريهان تراقبهالك، بنتك هي اللي ميريهان اتصاحبت عليها بأوامر منك وقالتلك عليها انها مراة نادر ومتجوازه غصب وبيضربها وبتقول ان امها صوفيا وانتِ مكلفتيش نفسك تغيثيها لمجرد انها بنت صوفيا اللي مسبتيش حاجة تأذيها إلا وعملتيها.

كانت كلماته تنزل عليها كالسهام فتسيل دموعها بغير تصديق وهي تحرك رأسها رافضة ما يقال ليتابع هو: بنتك هي اللي نادر مااستنهاش تفوق من ولادتها وخطف بنتها وسافر وادى ميريهان فلوس علشان تقولها ان بنتها اتولدت ميتة وانتِ عرفتِ كل ده ومهانش عليكِ حتى تبصي عليها من باب الشفقة، بنتك هي اللي انتحرت من الظلم اللي حصلها انتحرت وهي عارفة ان امها صوفيا وفعلا امها هي صوفيا اللي ربتها 8 سنين وهي عارفة انها مش بنتها أما انتِ عرفتِ انها انتحرت وفرحتي ان موضوعها اتقفل وهتخلصي منها.

وقفت وصرحت بهياج فيه وكأنها قد جُنت: انت عايز تقول ايه، انت عايز تقول انِ سيبت بنتي ليهم يموتوها وشاركتهم في ده!
أشارت لنادر مرددة بجنون: يعني أنا سبتهاله يعمل فيها كل اللي هو عايزه ويضربها ويهينها ويحرق قلبها وامها عايشة.

قام حامي من مكانه وتخطاها متجها نحو الباب ليغادر وقبل أن يفتح البوابة استدار لهم قائلا وهو يشير بإصبعه: انتِ اللي اختارتي كان لازم تشربِ من اللي ملتيه طول عمرك، وكلكم هتشربوا على إيدي إن شاء الله، كده أنا عملت اللي عليا هروح بقى علشان صايم ومليش مزاج خالص افطر عليكوا، كفاية عليكم كده النهاردة.

خرج وصفع الباب خلفه فأصدر صوتا عاليا وبعد عدة دقائق كان قد وصل إلى مكان سيارته وأشار لحرسه ليتبعوه فسمع صوت يأتي من خلفه: لو سمحت.
استدار ليجد إحداهن ترتدي ملابس رسمية فرجح أنها تعمل عند رضوان وقبل أن يتكلم تحدثت هي: أنا عايزة اتكلم مع حضرتك مش هاخد من وقتك غير نص ساعة بس عايزاك تسمعني فيها.

قال وهو يتوجه إلى ركوب السيارة: هخلي حد من الحرس يديكي عنوان الشركة وخدي ميعاد و هقابلك علشان مش فاضي دلوقتي.
جذبت مرفقه فااستدار لها يرمقها بحدة أصابتها بالذعر فتراجعت يدها تلقائيا وقالت بإرتباك: أنا أسفه والله بس الموضوع مهم، أنا كنت جارة مدام سارة في الشقة اللي كانت فيها قبل ماتمشي وأعرف الولد اللي كان بيطاردها.
أشار لها على سيارته بعد أن تيقن من أن ماستقوله ضروريا وقال بحزم: اركبِ.

حمدت ربها أنه استجاب لها وأسرعت إلى سيارته لتجلس في المقعد المجاور له وداخلها مضطرب خوفا من هذا الذي يفرض طغيانه على الأجواء.
في نفس التوقيت
داخل مكتب رضوان
كانت صدمة نهلة أكبر من كلاهما فأخذت تحطم في كل شيء يقابلها بعنف وهي تصرخ بهياج حتى وقعت عيونها على حقيبتها فأسرعت إليها تمد يدها داخلها لتخرج منها سلاح وتوجهه على كلاهما فصرخ فيها رضوان بهلع: نهلة انتِ اتجننتي، اهدي وانا هفهمك.

نطقت بدموع وهي ترمقهما بغل: تفهمني ايه، تفهمني انِ قتلت بنتي، الله يخرب بيوتكوا، يعني انت يانادر اللي قضيت على اخر امل انها ترجعلي تاني.
قال نادر محاولا تهدئتها: يانهلة اهدي، انا مكنتش اعرف انها بنتك.

لمعت عيونها بالحقد والغل والأهم الحسرة وعدم الاستيعاب، توجه سلاحها نحو نادر وقبل أن يتحرك وهو يصرخ عاليا اخترق العيار الناري جسده لتجحظ عيناه ويخر ساقطا وسط نظرات رضوان الغير مصدقة أما هي فسقط السلاح من يدها وهي تنظر إلى جسد نادر الهامد بصدمة وتحرك رأسها بإنكار لتصرخ صرخة مدوية جاذبة خصلاتها بجنون.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة