قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخمسون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخمسون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخمسون

رصت هنا الأطباق على الطاولة البسيطة التي تتوسط الصالة ونادت بنبرة مرتفعة: يا نيرة، هو أنا هقف أعمل لوحدي وانتوا هوانم.
خرجت نيرة من الغرفة على هذه الكلمات مرددة بضجر: طب ليه الظلم اشمعنا نيرة ما في عائشة وفي زينة وفي دنيا في ناس كتير أوي غيري.
وضعت هنا الصينية التي تحتوي على قطع الدجاج المتبلة بين يدي نيرة منبهة بتحذير: أنا راحة المطبخ وراجعة، لو إيدك اتحطت في حاجة من الأكل ده هعرف.

شاهدت نيرة رحيلها متصنعة استنكار قولها لتتحدث ضاحكة: والله عيب يا هنا الكلام ده.
صمتت عن الحديث لتتناول قطعة من الطبق قبل أن تضعه على المائدة، بدا على وجهها الاستمتاع إثر مذاق الطعام الذي لا يقاوم حتى قطع ذلك صوت لينا التي آتت من الخارج مهرولة فهتفت نيرة بقلق: مالك بتجري كده ليه؟، أخوكِ فين؟
هزت الصغيرة رأسها بنفي مبررة: لا مفيش حاجة، كريم داخل أهو.

ناولتها نيرة قطعة من الدجاج المقرمش هامسة بحذر: خدي بس متقوليش لهنا اني اديتك علشان أنا عمالة أخطفها منها من ساعة ما بدأت تعملها، وشكله كده اللي فاضلين مش هيقضوا الغدا.
أخذتها الصغيرة وجلست على المقعد المقابل للطاولة وبدأت في تناولها باستمتاع ولكن توقفت عن استكمال أكلها وهي تسأل: هو حامي هيرجع النهاردة؟
خرجت عائشة هي الاخرى من الغرفة على سؤال الصغيرة فاستفسرت: ليه يا ليو في حاجة؟

هزت الصغيرة رأسها بتأكيد فتبادل نيرة وعائشة النظرات وأسرعن يتخذن الأماكن جوار لينا
لتتحدث نيرة أولا باهتمام: في إيه يا سوسة، هو أنا مش سألتك!
هزت الصغيرة رأسها بنفي وهي تقول بتشفي: لا، مش هقولك علشان أنتِ مش بترضي تلعبي معايا على التابلت.
ليو يا حبيبتي قوليلي أنا
قالتها عائشة برجاء منتظرة جوابها لتفاجئها لينا بقولها الصارم: ولا هقولك أنتِ كمان، علشان مبقتيش تخليني أنام في الأوضة عندك كل يوم.

جذبتها نيرة من ردائها مرددة باعتراض: بت أنتِ هو أنتِ جاية تصفي حسابك معانا دلوقتي، ما تقولي عايزة حامي في ايه.
صرخت الصغيرة متصنعة الاستغاثة وكأن أحدهم يعذبها: يا طنط هنا الحقيني نيرة بتضربني وبتسرق الفراخ.
خرجت هنا على صياح الصغيرة تسدد سهام نظراتها الغاضبة إلى نيرة التي قفزت لكي تفر منها هاربة: معقول برضو هنخلي العيال توقع بيننا.

نظرت هنا للطبق الذي نقص كثيرا واتجهت لتصل لها فهرولت نيرة محتمية بغرفتها وهي تغلق بابها وتقف خلفه
مسحت عائشة على خصلات لينا ناطقة بتدليل: ليو يا حبيبتي قوليلي في إيه وأنا هسيبك تنامي معايا كل الأيام.
رمقتها الصغيرة تتأكد من مدى جدية عرضها ليقطع نقاشهما دخول حامي من البوابة مصطحبا كريم
هرولت لينا ناحيته مردفة بإلحاح: هقولك حاجة سر.

سأل حامي عائشة بعينيه فرفعت كتفيها في إشارة لعدم معرفتها أما لينا فأعادت بإصرار: تعالى معايا برا هوريك حاجة.
سار جوارها ليعلم ما تريده ولكنها توقفت معه أمام البوابة ولم تخط خطوة آخرى بل قالت: الناس اللي واقفين برا دول وحشين.
أعطاها اهتمامه كاملا وهو ينزل إلى مستواها مستفسرا: وحشين ليه يا ليو، ضايقوكي؟
هزت رأسها نافية ذلك، وأسرعت تفصح له عما سمعته: هما مش ضايقوني، بس أنا سم...

انقطعت عن الحديث وسألت بحماس: هتديني ايه الأول؟
لو كان أحد غيرها لفتك به ولكنه امتلك صبره لتبوح بالبقية وحدثها باسما بغيظ: محل نضارات علشانك انطقي بقى.

الحرس اللي برا دول أنا سمعت اتنين منهم واحد فيهم بيقول للتاني انهم لازم يقولولك علشان الناس دي بقت تخصك وماشين معاك راح صاحبه قاله ملناش دعوة، صاحبه التاني زعقله وقاله ازاي ملناش دعوة دول ناس احنا سمعناهم قبل ما يمشوا من هنا بيقولوا انهم هيقتلوا مراته.
نظرت الصغيرة لتقاسيمه التي أصبحت جامدة فتابعت بارتباك: أنا حسيته كلام يخوف.

انتبه لها فتصنع ابتسامة خرجت عنوة: لا مفيش حاجة يا حبيبتي، ادخلي جوا يلا وأنا هعمل حاجة وجاي علطول.
هزت رأسها بموافقة وأسرعت مهرولة إلى الداخل أما هو فبدأ بتجميع خيوطه جيدا، هؤلاء الحرس الذين أخبرته زوجته عن قلقها منهم أتوا هنا من أجل غرض ما، هو نقلهم لحراسة مقر شركته حتى تطمئن زوجته، ولكن الآن ستتغير خططه كليا.

توجه ناحية الخارج وثبت النظر على حراسه، لم تتركهم عيناه بل تفحصهم جيدا جميعهم قبل أن ينطق قائلا: طبعا انتوا عارفين إن اللي بيتشغل هنا معايا يبقى راجل، وأظن أن مبقصرش مع واحد فيكم في حاجة ومبعتبركوش مجرد حرس واقفين يحموا مكان حصل ولا محصلش؟
تقدم أحدهم منه يتحدث بأدب: هو في حاجة يا باشا؟، احنا حصل منا حاجة؟

دار حامي بينهم بتقاسيمه المقتضبة وكلماته الحادة: هو حصل، بس تفتكروا عقاب اللي يعرف إن في حاجة هتأذيني وميجيش يقولي يبقى إيه؟
نظر الرجلان أصحاب الحديث السري لبعضهما بارتباك فابتسم حامي من زواية فمه وقد علمهم، فالتوتر كسا معالمهم.
تقدم ناحيتهم معيدا سؤاله بنبرة مخيفة وهو يوجهه لهما: يبقى إيه؟
أسرع أحدهم قائلا بصدق: أقسم بالله العظيم يا باشا أنا كنت هقولك.

كرر حامي ساخرا: كنت!، تابع متهكما: أسوء حاجة في الدنيا فعل الماضي كنت هقولك، كنت هعمل، وكنت وكنت.
تحدث الحارس سريعا مكررا كلماته: والله العظيم يا باشا أبدا أنا فعلا كنت مستني حضرتك ترجع وهقولك، أنا مرضيتش أقلقك في التليفون علشان هما كده كده نقلتهم من هنا للشركة يعني مش هيعرفوا يعملوا حاجة
أظلمت نظرات حامي وهو يوجه حديثه هذه المرة للاخر: واللي قال أنا مليش دعوة؟

تحدث صاحب هذه الجملة بارتباك نادما: أول ما حضرتك جبتهم هنا يحرسوا معانا البيت سمعناهم أنا وهو وهما بيتفقوا هيجيبوا المدام ازاي وفهمنا من الكلام انهم مزقوقين علشان يقتلوها، في نفس اليوم سيادتك نقلتهم من حراسة البيت لحراسة الشركة فقولت خلاص أكيد مش هيعرفوا يعملوا حاجة.

تابع بصدق وقد أصابه الخجل من فعلته مع رب عمله الذي لم ير منه إلا الخير: أنا فعلا قولتله ملناش دعوة، بس قولتها علشان خايف، خوفت تطردنا كلنا.
جذبه حامي من سترته معنفا بغضب بشديد: وأنا من امتى بمشي حد غير لما بياخد كل فرصه معايا!، اللي بيمشي من هنا بيبقى الخاين، وعملتك دي زيها زي الخيانة مفرقتش كتير، مش رجالة حامي العمري اللي تخون.

تركه وتحرك عائدا إلى موقعه يقف أمامهم ليستطيعوا رؤيته وسماعه بوضوح: أنت بقالك سنين معايا ودي غلطتك الأولى، مش هطردك علشان تعرف إن حجتك خايبة، بس لينا حساب.
قال كلماته الأخيرة بتخطيط لحدوث ما يفكر به: هتطلعوا كمان ساعة كلكم على الشركة وتقولولهم الباشا بيقولكم تروحوا انتوا مكاننا في حراسة البيت واحنا هنقف في حراسة الشركة بدالكم.

انصرف عنهم يخرج هاتفه ليجري اتصال ب عمر، ثوان وأتته الإجابة فتحدث بجدية: سيب اللي في ايدك وتعالى يا عمر وجهز معاك أربع عربيات علشان هتاخدهم وهترجعلي تاني.
استمع لإجابة عمر فاختتم قائلا: حلو كده.
في نفس التوقيت
كان مختار يجلس في المغطس بغضب اعتراه، يدبر جيدا القادم، فلقد أخبره صاحبه أن حامي ذهب لمقر المطعم بل وعلم هويته الحقيقة أيضا عوني راضي.

ذهب شكه الأول ناحية سمية ولكن لم يستطع التواصل معها فهاتفها مغلق، ومنزلها خالي قطع تفكيره اتصال هاتفي فأجاب يستمع للمتحدث بتركيز
يا باشا احنا دلوقتي رايحين على البيت، واحد من حرس حامي اللي عند البيت عمل حاجة غلط فبعتهم هما لحراسة الشركة واحنا هنروح نحرس البيت، جالنا اتصال منهم بكده وهنروح على هناك كمان ساعة.
أطلق مختار صفيرا معجبا وقد راق له الحديث كثيرا: دي فرصتي، اسمعني كويس أوي.

انتظر المتصل الجواب ولكن حلت عليه الصدمة وهو يسمع رب عمله يقول بشر: بمجرد ما حامي يسيب البيت ويمشي، عايزكم تولعوا في البيت.
تابع بغل وقد برز الحقد في عينيه ونبرته الكارهة: عايزها حريقة محدش من اللي في البيت يطلع سليم، ولا الجن الأزرق يعرف يطفيها، سامعني؟

هز المتصل رأسه وهو يبتلع ريقه بتوتر بينما أغلق مختار الهاتف وأرخى جسده في المغطس ناطقا بسخرية: أنا نصحته كتير وهو اللي عايز يكمل في اللعبة دي بس خلاص كده وجبت أخرتها وأخرتك معاها يا بن العمري.
التفن حول المائدة لتناول الغذاء وقبل أي شئ نبهت صوفيا عائشة: لينا قالتلي إن حامي برا اندهيله.
هزت عائشة رأسها وقبل أن تتوجه للخارج سمعن صوته يقول: قوموا البسوا علشان هتمشوا دلوقتي.

هتفت نيرة بحسرة فلقد كانت أوشكت على دس أول ملعقة في فمها: طب والأكل!
حل الأمر كان عنده في قول وجده سهلا: عمر هيجبلكم في الطريق.
أبدت صوفيا اعتراضها وللمرة الأولى: هو احنا لحقنا نقعد هنا، مالها الشقة هنا؟
تجاهل النظر ليها بل نظر إلى ساعته ليرى كم تبقى من الوقت وهو يتحدث لها: معلش زيادة أمان.
أنت عينك مش مفارقة ساعتك ليه فيه إيه؟

كان سؤال والداته أيضا حاول استجماع صبره فهو يكره أي ضغط في اللحظات الهامة التي يترتب عليها كل شئ.
توجه ناحية والدته وجذب كفها لتسير معه بدهشة، أدخلها غرفتها ناطقا: بسرعة يلا البسي بسرعة
تبعتها هنا من تلقاء نفسها فجذب شقيقته ناطقا بضجر وهو ينتشل قطعة الدجاج عنوة من كفها: قومي البسي، كفاية أكل بقى أنتِ داخلة سبق.
قاومت شقيقته وهي تحاول العودة مرددة بنبرة شبه باكية: استنى بس هاخد حتة.

أدخلها إلى الغرفة فتبعتها زينة رافعة كفيها باستسلام: وعلى إيه أنا هقوم بكرامتي.
تبقى عائشة ودنيا التي وكزت عائشة أكثر من مرة فقال هو: مستنيين عزومة!
توجهت عائشة لتقف جواره متحدثة بتردد: دنيا عايزة تطلب حاجة.
سأل بعينيه عن ماهية الطلب فقالت دنيا بحذر: أنا عايزة أشوف عمار
احتدت نظراته فتابعت بعيون لامعة بالدموع: أنا خدت قراري خلاص في الموضوع ده بس عايزة أشوفه آخر مرة.

تنهد بنفاذ صبر فانتظرت جوابه بلهفة‍ حتى أراحها ونطق أخيرا: حاضر يا دنيا روحي البسي.
رحلت دنيا أما عائشة فبقت واقفة جواره تهدهد الصغير ناطقة بضحك: بابا متوتر شكله بيعمل مصيبة.
ضحك محركا رأسه باستنكار وهو يحدثها مذكرا: الله ما المصايب كانت بتقلقك زمان بقت تزغزغك دلوقتي!
أشارت عليه ناطقة بمزاح: مفيش حاجة غريبة على حد عاش معاك.
التقطت كفه ليتلاحم مع كفها وهي تسأله باهتمام بان في عينيها: قلقان ليه؟

النهاردة اخر كل حاجة.
قال جملته هذه لتشعر بأن قلبها هوى أرضا، حتى كفها القابض على كفه تراخى فتمسك هو متابعا بزيتونيتين قدما الأمان ببريقهم: مش عايز دقيقة واحدة تخافي فيها، خلاص كلهم وقعوا، لما تركبي العربية عمر هيديكي تليفون أول ما كل حاجة تبتدي هيشتغل عندك صوت وصورة هتسمعي كل واحد فيهم وهو بيقول اللي عمله في حياته وبيتحسر عليه.

تابع وقد طعم نبرته بالثقة التي تطمئنها أن كل شيء على ما يرام: كده حقك رجع، حقك اللي وعدتك إني هرجعه.
نطقت بخوف اعتراها وبرودة ضربت كل إنش بجسدها: أنت هتسلمهم لحسام صح؟
انتظرت الإجابة فتلاقت العيون ما بين حيرة قاتلة تعصف بها، ونار مهلكة اشتعلت به ضلت الأجوبة الطريق
بعد مرور وقت.

توقفت سيارة يحيي أمام مشفى فقالت دنيا التي تجاوره وقد طلب منه حامي اصطحابها إلى عمار: هو احنا جايين مستشفى ليه هو عمار حصله حاجة؟
كانت ترتعد خوفا وهي تنطق بهذه الكلمات ولم تسكن إلا حين قال بسخرية: متقلقيش أوي كده، زي القرد فوق.
تنهدت بارتياح ليتابع هو ناصحا بصدق نبع من قلبه: اسمعي يا دنيا أنتِ زي أختي قعدتي في بيتنا وكلتي معانا عيش وملح، وأنا مرضاش لأختي الأذى.

انتبهت له فتابع هو قائلا: متربطيش نفسك بعمار غير لما تتأكدي إنه بيحاول على الأقل يقدم حاجة واحدة بس علشانك، عمار سارح في الدنيا وعلشان يتعدل لازم يعرف إنك مش طول الوقت موجودة، أنا نصحتك وفي النهاية دي حريتك أنتِ.
قدرت نصحه الذي نبع من خوفه عليها فتحدثت ممتنة: شكرا أوي يا يحيي.

هز رأسه مقدرا امتنانها، نزلا من السيارة ليسرد لها سبب وجود عمار هنا، سألت حين وصلا إلى الطابق المنشود باستنكار: يعني هو هنا في المستشفى علشان صاحبته!
هز يحيي رأسه، لم يجداه فقال يحيي باهتمام: أنا هروح أشوف الدكتور وأنتِ خليكي هنا.
هزت رأسها موافقة وهي ترى يحيي يغادر، جلست على المقعد تنتظره حتى أتى يقول: بيقولوا اتنقلت أوضة عادية بس تحت، تعالي ورايا.

تبعته حتى وصلا إلى مكان الغرفة، لمح يحيي عمار متجها نحو الخارج فأسرع ليلحق به وهو يقول لدنيا: خليكي مكانك أنا هجيبه وجاي.
بمجرد رحيله لم تستطع منع نفسها من فتح باب الغرفة، فتحته بهدوء ودخلت لتجد إحداهن راقدة على الفراش ولكن مستيقظة، رمقت ميرال دنيا فتحولت تعابيرها كليا هي تعرفها تمام المعرفة أما دنيا فتحدثت بأدب رابتة على كتفها: أتمنى أن تصبحي بخير.

بدأت ميرال في البكاء الهستيري على حين غرة فانتفضت دنيا وهي تراها تقول بصوتها المتعب ولكن ذلك الصوت أدانها بما لم تفعله: ابتعدي عني، لما تفكرين في قتلي هل سببت لك شيء.
شلت الصدمة دنيا التي لم تعلم ماذا تفعل اتت لتخرج من الغرفة ففُتِح الباب ووجدت عمار في وجهها، هرول عمار ناحية ميرال التي تبكي بعنف ومسح على جبهتها ناطقا بقلق: ميرال ماذا حدث لكِ.

كانت تحاول قتلي، أحاط كفاها عنقي ففقدت القدرة على التنفس، كانت ستقتلني الآن لولا أن شعرت قدومك ففرت هاربة.
قالتها ببكاء شديد يجعل حتى التي تدعي عليه يشفق عليها، مريضة، راقدة، ليس معلوم هل ستشفى قدمها وتستطيع التحرك أم لا وأيضا يحاول أحدهم قتلها.
تحدثت دنيا بحدة وقد استفزها أفعال هذه الفتاة: أنتِ كاذبة، إما كاذبة أو فقدتي عقلك.
سحب عمار دنيا من مرفقها فدافعت عن نفسها بشراسة: دي كدابة.

ألقاها خارج الغرفة وقد شعرت بالبرودة في نظراته وهي ترمقه محركة رأسها بغير تصديق أن يفعل هذا، كانت تنتظر دفاع واحد منه ولكن الجواب هو...
أغلق الباب في وجهها.
قد أسدل الليل أستاره وفعلتها السيارة معه بسبب وعورة الطريق فلقد توقفت.
أخرجت نيرة رأسها من نافذة السيارة تقول بضجر: هي خلاص ماتت كده مش هتمشي تاني!

تحدث بنفاذ صبر وقد أثارت غيظه: ماهو من زنك يا بومة، عمالة من ساعة ما ركبتي عمر عايزة أكل، عمر عايزة عصير، عمر سوق بسرعة شوية خلي الهوا يضرب وشي، ده أنا لو واخد ابن اختي معايا مش هيعمل عمايلك دي.
صاحت نيرة بانزعاج وهي تمد رأسها أكثر لتصل له: وأنت بتزعقلي ليه ما عائشة هي السبب.
كررت عائشة باستنكار: أنا برضو السبب، ما تتكلمي يا زينة.

قالت زينة بنفاذ صبر فلقد أصابها الصداع إثر ثرثرتهم: نيرة هي السبب علشان احنا قلنا كل أربعة في عربية، أنا وعائشة ومحمد ولينا هنا، وهي وكريم وماما وهنا في العربية التانية، وهي جت اتحشرت هنا وزنقت المكان علينا.
دخلت لها تقول باستنكار رافعة حاجبها: نعم مكان ايه اللي ضيقته عليكي، ليه قاعدة على حجرك ولا ايه!
أنهى عمر النقاش متحدثا بغضب: خلاص خلصنا، اتفضلوا انزلوا.

خرجت له عائشة من النافذة الاخرى تسأله: طب هو احنا هنعمل ايه؟
قال الحل الذي لم يجد سواه: فاضل العربيات بتوع الحرس هنقسم نفسنا عليهم
ثم تابع بغيظ: ولو حامي قالي أوصلكم في أي مكان تاني مش هتعرفولي طريق، يا ستار عالم لا تحتمل.
نزلت نيرة من السيارة وهي تقول مهدئة: متزعلش نفسك يا عمر يا أخويا، متزعلش نفسك يا قمر أنا هسكتهم.

دفعها لتسير أمامه بغيظ وقد ود لو فتك بها وارتفعت ضحكات عائشة وزينة عليا، حملت دنيا لينا فلقد غفت، وتبعتها عائشة بالصغير حتى يعرفا في أي سيارة ستكون مقاعدهم.

كل شيء على ما يرام، الآن يصطف الحرس أمام المنزل كما أمر هو، رمقهم من النافذة فزينت الابتسامة ثغره، جذب قلادة المفاتيح واتجه ناحية الخارج، تأهب الحرس حين رأوه فقال هو بحدة: طبعا أنتوا لسه جداد ومش عارفين نظامي بس هتتعودوا، أنا جبتكم هنا علشان أهم حاجة عندي حراستكم للبيت ده، أنتوا طبعا عارفين إن اللي يخصوني جوا وحمايتهم من حمايتي.
قال أحدهم بتمثيل: متقلقش يا باشا، كله تحت السيطرة.

ضحك حامي عاليا لينطق قبل مغادرته وقد صوب سهام نظراته للمتحدث: أنت صح يا وحش.
تأكدوا من رحيله فأشار الحارس لأحدهم حتى يذهب خلف المنزل يتم ما اتفقوا عليه.

عنه هو فلقد ذهب إلى مبني مقابل للمنزل، وصل إلى سطحه ليدقق بعيون قناص ماهر فيما يحدث أمامه، دقائق حتى بدأ اشتعال النار في المنزل، لمعت عيونه فهذه النيران أكلته سنين واليوم سيحصدهم بها واحدا تلو الاخر، انتظر حتى ازداد الاشتعال حمد الله أن المكان خالي من السكان، تبقى خطوة واحدة.
ضحك حين وجد كافة الحراس يخرجوا هواتفهم وهم يبتعدوا عن المنزل.

رسالة موحدة وصلت لجميعهم: بلغ اللي بعتك إن كل حاجة تمت، بس قوله حامي العمري عامله surprise تجنن، اللي في البيت عدنان وفارس.
نظر الحراس لبعضهم دون فهم ولكن تأكدوا من حدوث خطأ ما، اتصل أحدهم سريعا برب عملهم فأتته الإجابة يسأله بلهفة: كله تمام؟
يا باشا احنا عملنا اللي طلبته، بس اتبعت رسالة حالا هبعتها لحضرتك.

أعاد الحارس توجيه الرسالة عقب هذه الكلمات وانتظر رده ولكن لم يجد إلا صوت عالي صم أذنه و مختار يصرخ فيه: عملتوا ايه يا أغبيا
أُغلقت المكالمة، كان حامي في أسعد لحظاته جلس على السور العلوي يشاهد اشتعال النيران وقد ظهرت على وجهه علامات التشفي التي دعمت الظلام، كان الهاتف جواره كان يعلم أن الاتصال قادم الآن لم يخب ظنه فلقد رن الهاتف.

ابتسم بسخرية وهو يجذبه، لم يجب من المرة الأولى بل انتظر الثانية والثالثة أيضا لتتلف أعصاب غريمه حتى أراحه أخيرا وأجاب متنهدا بثقل: ياه صاحبك لو يشوفك دلوقتي وانت بترن عليا وهتموت وأرد عليك مكانش وقف امبارح يقولي إنك مش هتظهر غير لما تعوز، أديك ظهرت أهو لما أنا عوزت.
تحدث مختار محاولا استدعاء كل ذرة ثبات لديه ولكن كانت المحاولة فاشلة فأعصابه تالفة: مين اللي جوا البيت!

مط حامي شفتيه ناطقا بمكر: معرفش هو أنا اللي قومت النار فيه ولا أنت؟
صرخ مختار هذه المرة بغضب مشتعل: فارس وعدنان جوا ولا لا؟
وقف حامي يتأمل السماء ضاحكا بتشفي حتى سمع مختار يقول: عايزني أجيلك فين وأنا هجيلك؟

هنا عادت تقاسيم حامي للحدة فلقد تمت خطته بنجاح واصطاد فريسته ببراعة، تحدث بشراسة بانت في نبرته: لا وتيجي ليه!، أنا هجيبك بنفسي، كان نفسي أعرفك بيا وش لوش ده حتى أول تعارف بيننا، بس معلش أفعالي تسد برضو، أنا اللي أنتوا عملتوه.
زادت شراسته وهو يختتم ناطقا اسمه وكأنه يحفر حروفه في كل مكان: أعرفك بيا حامي العمري.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة