قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والخمسون والأخير

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والخمسون والأخير

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والخمسون والأخير

أنا اتعلقت
ووهمي مكانش ليا في يوم
بغيت وحلمت ومن حلمي جفاني النوم
أنا طاير بلا جناحات وقلب شريد ونفسه يتوب
ترك حلمه قصاد الخوف وزنازين التعب والموت
فصار ضلمة بتجرح دون ما تتألم
وصار القلب من جوا سواد وقديم ومتفتت
بقى الخوف الكبير إني أقابل نفسي في مراية
لأقول مين اللي أنا شايفه؟، و أبكي
يقوم يدق القلب
أنا الدقة عليا حرام
مجرد فكرة الإحساس دي تبقى جريمة وقضية
قالولي تموت نعيش احنا
هتفضل تايه احنا نعيش.

تلاقي طريق نروح احنا
قبلت وقولت أنا راضي
لحد إما لقتني في يوم جبل بيهابه أكبرهم
جماد ثابت فاقد للروح ومن العتمة مفضلهم
وجوا النفس شيء عايش
متبت فيها ومصمم
كلامه يكون كفاك عتمة
دي فرحة كبيرة على الأبواب
ودقتها تكون اسمك
وأنا اللي قولت يوم ما بلاش، ده أنا الدقة عليا حرام
مجرد طلة في عينيها. ما تركت شيء من الأسوار.

الرعب ساد الأجواء تلك الفتاة التي استوقفها الهلاك، عرفها بإسمه وقبض على مرفقها فنهش القلق وجدانها لتنطق بارتباك:
أنت عايز ايه يا جدع أنت؟
فتحت عائشة باب السيارة ونزلت تهتف باستغراب:
يا حامي فيه إيه هي عملت إيه؟
أشار لها كي تصمت وكانت نظراته تحذيرية، أما الفتاة فحاولت الفرار لم تستطع حتى سمعت كلماته التي احتوت على الكثير:
هما كلمتين هاخدهم منك وتمشي، هتلفي وتدوري هتشيلي الليلة زيك زي اللي شغالة معاه.

بان الخوف على تقاسيمها فتابع هو حديثه بنبرة جادة:
أنتِ شكلك في حالك وملكيش في الليلة تقوليلي حالا بتروحي المطعم بالورد ده مرتين في اليوم ليه، ومين الراجل اللي قاعدة معاه في الشقة ده و اعتبري نفسك برا اللعبة.
كانت تفكر فسمعت نبرته الملتوية والتي نجحت في ممارسة الضغط عليها:
وخدي بالك البوليس هنا في كل حتة، وعاطل في باطل هيتاخد، خليكِ معايا تكسبي.

ذهبت عائشة إلى السيارة وأخرجت منها زجاجة المياه البلاستيكية وقدمتها للفتاة قائلة برفق:
خدي اشربي.
نظرت لها الفتاة بشك بينما رمقها زوجها بمعالم غاضبة فبررت ما تفعله ناطقة بصدق:
يا حامي حرام دي وشها اتخطف ومش قادرة تاخد نفسها.
شعرت عائشة بخوفها فشربت أولا من الزجاجة تابعة ذلك بقولها اللين:
اشربي متخافيش الماية مفيهاش حاجة.

أخذتها منها وشربت الكثير حتى ارتوت، على حين غرة ضرب حامي بكفه على السيارة فانتفض كلاهما إثر المفاجأة بينما نطق هو بنفاذ صبر:
نتكلم بقى، ولا إنتِ ليك رأي تاني؟
هزت الفتاة رأسها نافية وبدأت في الحديث تحاول تجميع نفسها:.

أنا والله بشتغل في البيوت بساعد أمي والراجل اللي أنا قاعدة عنده ده اسمه سمير، راجل كفيف باجي أعمله لقمة واقعد معاه شوية وبمشي، وهو اللي طلب مني إني كل يوم أروح المطعم مرتين أحط الورد على البوابة من برا وأرجع ولما استغربت وسألته قالي إنه أيام ما كان بيشوف كان في واحده بيحبها بتقعد هناك ومكانش بيعرف يشوفها غير في المطعم ده كانت بتيجي مرتين في اليوم وهو بيروحلها بالورد، فبيبعتني أحطه على أمل في يوم تيجي وتعرف إنه لسه فاكرها...

قاطعها وهو يخرج سلاحه فهرولت تختبيء خلف عائشة وهو يصرح بشراسة:
لا الفيلم الهندي ده تشتغلي بيه حد تاني مش أنا.
أبعدت عائشة سلاحه بينما قالت الفتاة ببكاء:
والله العظيم اللي أعرفه قولته، أنا معرفش حاجة تانيه.
سألها حامي وعيونه متربصة يرمق كل حركة صغيرة تصدر عنها:
معاكي مفتاح بيته؟
أسرعت تخرج المفتاح ناطقة كمن وجد طوق النجاة للتو:
اه معايا اهو، اداهولي علشان ساعات لما باجي بيكون نايم.

أعطته لعائشة التي بدورها قبضت عليه وحين مد حامي يده ليأخذه أخفته وراء ظهرها وهي تسأل:
أنت هتعمل إيه؟
هاتي المفتاح.
خرجت منه جملة واحدة كانت نبرته جامدة تحذيرية تخبر أن من سيعترض طريقه سيكون الهلاك مصيره
أما عنها فرمقته بتحدي وهي تكرر بإصرار:
ليه، هتعمل بيه إيه؟
جذبها كفها عنوة فشدت من قبضتها على المفتاح ولكن لم ينفعها إذ فتحه بالاجبار آخذا المفتاح وهو يقول بأمر:
تدخلي العربية متخرجيش منها.

لم ينتظر جدالها بل أخذ بيدها فنطقت غاضبة:
استنى أنت بتعمل ايه، هو أنا جيت وراك علشان أقعد في العربية.
شد على كفها وقد نطقت عيناه قبل ليتحدث:
اعملي اللي بقولك عليه علشان مترجعيش البيت حالا يا عائشة.
رأت الرجاء في عينيه ذلك الذي لم ينطق به فمه هتوجهت ناحية السيارة وقد اضطرت ونظراتها لا تفارقه.

أما عنه فاستدار لتلك الفتاة مجددا وجذب من باقة الورود التي تحملها، أسقط الزهور على الأرضية فتفرقت أمامه لم يظهر من بينهم سوى ورقة صغيرة لاحظتها الفتاة فهرولت جاذبة إياها وهي تقول:
أنا لقيت دي.
أخذ منها الورقة وقام بفتحها ليجد جملة واحدة مدونة بداخل هذه الورقة:
(بيع أبو وش لإبن البحار )
ثبتت نظراته على هذه الكلمات فشعرت عائشة بوجود خطب ما، رفع زيتونيتيه فقابلتها بتساؤل خائف عليه قبل أي شيء.

كانت تشعر بالقلق في نومها فاعتدلت على الفراش تتثائب بكسل، سمعت صوت سيارة في الخارج فقامت من مكانها ترى من النافذة من فوجدته يحيي
ابتسمت ساخرة وهي تحدث ذاتها بتهكم:
بقيت أشوفه بالصدف، حتى التليفون مبقاش معايا.
هي تعرف أن الجزء الخاص به من أجل النوم هو تلك الغرفة المجاورة للمنزل فتحت النافذة كلها قبل أن يختفي ونادت عليه ملوحة.

لم تلحظ خصلاتها المبعثرة وهي تفعل تصرفها المجنون أما عنه فاستدار لها وبمجرد رؤية حالتها هذه أشار لها على خصلاته رافعا حاجبيه.
جحظت عيناها حين أدركت مقصده وهرولت للداخل تقف أمام المرآة وبمجرد رؤية هيئتها نطقت بغيظ:
بقى ده منظر!، أنا متخلفة.

التقطت المشط ترتب خصلاتها ابتسمت برضا وهي تراجع الشكل النهائي وهرولت مجددا إلى النافذة مجددا تبحث عنه، شعرت بالحرج حين لاحظت انتباه الحرس لشعورهم بما هو غريب فنطق يحيي بحزم وهو يقترب من شرفتها:
كل واحد يخليه في شغله.
نظر كل منهم أمامه أما هو فبعد أن وقف أمام نافذتها تحدث بانزعاج:
ايه اللبس ده!
رمقته باستغراب وهي تتأكد من بلوزتها البيضاء قائلة:
ماله اللبس، لبسي عادي.

مش شايفة إن البلوزة دي مفتوحة شوية زيادة عن لبسك العادي اللي بتخرجي بيه؟
كان سؤاله حاد فبررت بضيق:
في ايه يا يحيي أنا كنت نايمة على فكرة وأكيد مش هغير هدومي علشان أبص من الشباك، هي شبه لبسي العادي على فكرة.
أشار لها بإصبعه منبها وهو يحاول إخفاض صوته قدر الإمكان حتى لا يلتفت لهم أحد:.

زينة متبرريش الغلط بالبرود، أنتِ لبسك اللي بتقولي عليه عادي وبتخرجي بيه مش مفتوح كده، حامي لو هنا دلوقتي هيوافق أنك تروحي مشوار بلبس زي ده؟
هزت رأسها تقول بأسف:
أنا فعلا لبسي مش كده، بس أنا مفكرتش خرجت علطول لما شوفت العربية بقالي كتير ما شوفتكش.
مطت شفتيها متابعة:
وعموما خلاص أنا داخلة.
أنا ماشي تاني أنتِ كنتِ عايزة حاجة؟
قالها مسرعا بعد أن استدارت فابتسمت بمكر ثم قالت:.

لا خلاص، لو عايز تستنى لحد ما أجيب جاكيت من جوا مفيش مشكلة.
خلع الخاص به وقذفه لها فالتقطته سريعا بصدمة قبل أن يسقط على الأرضية، ضحكت وهي ترتديه وقد ضمته جيدا على جسدها قائلة بغيظ:
حلو كده.
بدر
قالها ضاحكا ضحكة أثارت استفزازها فرددت بعينين أوشكا على الانغلاق:
ليل المبالغة عندك عالي أوي.
ابتسم وهو يدلك عنقه بإرهاق أثناء قوله:
طب قوليلي كنتِ عايزة إيه؟

ترددت كثيرا ولكن حسمت أمرها لتلقيها عليه كالقنبلة باندفاع:
عايزة أقولك إني موافقة نتجوز في أي وقف خلاص.
ارتفع ينظر لها بعدم تصديق فقالت مسرعة بارتباك:
سوري على اللي هعمله دلوقتي.
تبعت جملتها بإغلاق شرفتها في وجهه، وقف ثوان يستوعب فعلتها هذه فتحدث ضاحكا:
يا بنت المجنونة.
كان يعلم أنها تتابعه من الفتحات التي زُودت بها الشرفة فلوح لها قبل أن يغادر بضحكة سعيدة على استعدادها النفسي أخيرا لزواجهما.

أما هي فابتسمت بحب وكفها يقبض على سترته بسعادة لا مثيل لها، وكأن الفراشات صنعت بيتا من الحب فوق رأسها الآن
فغمرها العشق.

سار بخطوات واثقة ناحية البوابة، أخرج المفتاح متأففا بضجر فوجود عائشة يربكه ويجعل الأمور أصعب ولكنه تأكد من أمانها فلقد وضعها وسط تجمع من البشر داخل السيارة مغلق عليها، المكان بسيط فيجلس الباعة في الطريق يعرضوا الخضار والفاكهة ومختلف بضائعهم وسيارته وهي بها في زاوية مناسبة من هذا السوق الشعبي، أخبرته الفتاة بأن رب عملها اتجه للنوم قبل خروجها ففتح هو الباب بهدوء بمجرد دخوله دارت عيناه في المكان وقف جوار طاولة وُضِع عليها بعض المقرمشات وصحن الفاكهة التقط كفه بعض هذه المقبلات آكلا إياها وقد تجولت نظراته على البابين حيث لا يوجد غيرهم، خرج فجأة من أحدهما شخص بدا عليه أنه ربما في الخمسين من عمره يرتدي ملابس بيتية خاصة بالنوم يتحسس الجدران وهو يقول:.

زينات ايه اللي رجعك؟
تمتم حامي هامسا بسخرية:
حبيب قلب زينات.
تقدم حامي ليقف أمام ذلك الرجل يقطع الطريق عليه فسمع صوته يقول مجددا:
مين اللي هنا؟
طب ما تفتح ونتكلم راجل لراجل بدل ما اعميك بجد.
قالها حامي بعيون كساها الشراسة
ثابت لا يهتز بل بحاول استجماع كل ذرة ثبات متواجدة في المكان وهو يقول:
أنت مين؟
مسح حامي على جانب وجهه وقد مط شفتيه بملل قبل أن يتحدث بنفس الشعور:.

شوقي بس بشتغل الناس اللي شغالة معايا ومفهمهم اني اسمي سمير، وخد الكبيرة بقى أنا بشوف بس مستعمي لحد ما هيجي اللي هيطفي نور عينيا، قول أنت بس يارب ومتقاطعش.
هو لا يعرف هل هذا شوقي أم لا، لا يستطيع تمييز الشكل جيدا ولكنه يمارس كل طرقه حتى يتبين الحقيقة وخاصة أنه علم أن هذا الرجل يرى والآن يتصنع أنه فاقد للبصر.
قطع حامي الصمت بنظراته الثابتة على شوقي والتي دعمت قوله:
مش هتتكلم؟

مفيش حاجة تقدر تخليني أتكلم غير بمزاجي.
قالها شوقي وقد نظر أخيرا إلى عيني حامي تاركا التصنع، والآن صدق شكه بأن من أمامه هو شوقي
ابتسم حامي متهكما وهو يواجهه بما لديه:
لا في، أبو وش وابن البحار يقدروا يخلوك تتكلم كويس أوي، البرشام اللي الحباية منه تموتك على الأرض والحبايتين يقضوا عليك في ساعتها.
رمقه شوقي بغل شديد ليتابع حامي حديثه ضاحكا:.

لا اقعد كده بس وروق معايا، أنا عايزك صاحي كده وفايقلي، أعملك ليمون؟، ولا تاخد كاس، ولا أقولك الأحسن أنت تضرب حباية من بتوعك تاخد اللي منقوش عليها وش فعشان كده بتسموها أبو وش، ولا اللي عليها خطاف فبتسموها ابن البحار؟
جلس شوقي على المقعد ولم يفارقه ثباته بل نطق بضحكة مقيتة:
زكي زي أبوك الله يحرقه...
تصنع أنه أدرك خطأه وهو يقول بحزن مدعي: أوبس، قصدي يرحمه.

وكأن الجحيم في عينيه، النار تتقد في جسده، ولا يوجد أمامه سوى صورة والده الحبيب وهذا اللعين، على حين غرة التقط ابريق الماء الموجود على الطاولة وسكبه فجأة في وجه من أمامه ونظراته الجامدة هي المسيطرة.
شهق شوقي محاولا التقاط أنفاسه إثر المفاجأة، دقائق وكان قد استجمع نفسه فهتف بسخرية:
ده أخرك، أكتر من كده معندكش، أصل مش معقول هتخلص مني قبل ما تعرف اللي أنت عايزه.

أخرج حامي سلاحه فصار على جانب رأس ذلك المقيت، جذب خصلاته بين يديه وهو ينطق بنبرة كالهلاك:
شوفت شوية الماية اللي دلقتهم عليك دول، أقسم بالله لو أنا خرجت من هنا من غير اللي عايز أعرفه هتتمنى نقطة من الماية دي ومش هتلاقيها.
زادت قوته في جذب خصلاته وهو يتابع بشراسة:.

الحرق ده للي زيك مش لأبويا يا، وانا فعلا مش هقتلك حتى لو عرفت كل حاجة، القتل ده للناس الخايبة اللي زيكم، القتل راحة أنا عمري ما هكون سعيد انك تنولها، لما تتذل بقية عمرك وتتمنى الموت وماتلقيهوش هتعرف إن اللي عملته فيك أصعب كتير.
أزال حامي سلاحه ونطق بتهكم:.

الدايرة خلاص قفلت عليك، البت اللي كانت هنا هتقول كل حاجة، والورد اللي كنت باعتها بيه فيه ورقة تثبت إنك شغلك في الممنوع وأكيد أنت كنت باعتها للي ينفذ ويستلم أو يسلم شحنة من أسامي المخدرات اللي في الورق ده، بس أنا عارف إنك تقدر تخرج منها بسهولة عادي.
أنا مبنفذش حاجة بإيدي، اللي بينفذوا هما اللي شغالين تحت مني، يعني أنا إيدي هتفضل نضيفة دايما يا بن العمري.

قالها شوقي رامقا إياه بانفعال، جذب حامي مقعد ليجلس في مواجهته سائلا بعيون مقتت غدرهم:
محمد العمري كان صاحبك وشريكك ليك إيد في اللي حصله صح!
أنا اللي رسمت اللي حصله.
قالها بسهولة وكأنه لم يفعل شيء بل تابع بتبجح:
أنا اللي حطيت خطوط القصة، وكتبت السيناريو، وجبت الممثلين وأنتجت وأخرجت الفيلم ده.
صمت عن حديثه هذا ليسأل سؤال يحمل الكثير في طياته:
تحب تسمع ولا الكلام هيوجعك وأنت مش أده؟

استقام حامي واقفا واقترب بهدوء من مقعد شوقي وقبل أن يستقيم شوقي هو الاخر باغته حامي بلكمة في عينه مما جعل شوقي يتأوه واضعا كفه على عينه وحامي يقول:
تحب أنت تكمل، ولا اعميك الأول بجد وبعدين نتكلم؟
لم يجد منه رد فشمله بعيون حملت التهكم واتجه إلى مقعده مجددا وهو يقول:
يبقى نكمل.
بدأ شوقي في الحديث وقد حملت عيونه الكثير من الشر، الحقد، الغل لذلك الجالس أمامه والذي يذكره بمن خطط لقتله في القدم:.

أنا وأبوك اتعرفنا عن طريق صاحب مشترك بيننا، الطموح نعمة وكانت عندنا احنا الاتنين والعامل المشترك ده خلى علاقتنا توطد أكتر بس كان في فرق أنا كنت عايز أوصل بأي طريقة، أبوك بقى كان عايش في دنيا القيم اللي مبتأكلش عيش، شباب في السن ده مكانش حد فينا هيقدر يبتدي لوحده فاتفقنا إننا هنكون شركاء، حطيت فلوسه على فلوسي ونسبته كانت ضعف نسبتي لأنه دفع الأكتر، وعملنا سوا شركة مقاولات صغيرة على أد فلوسنا واتفقنا على إننا هنكبرها سوا، في الوقت ده أبوك اتجوز صوفيا بعد ما يدوب شغلنا ابتدى يمشي ويدر دخل يعيشنا عيشة كويسة بالنسباله، في فترة جوازه دي اتعرفت على بنت من أمريكا كانت نازلة مصر سياحة اسمها جومانا، فترة السياحة طولت وبقت إقامة وكانت علاقتي بيها كل يوم بتزيد قالتلي إن أبوها عنده شركة أعذية ووالدتها متوفية وهي عايشة معاه لوحدها وملهاش أخوات ولا قرايب، قولت وليه لا؟

ما اتجوزها وأبوها أكيد راجل كبير شوية ويفلسع ويبقى كل حاجة بتاعتي وبدل الشركة الواحدة يبقى عندي اتنين وفعلا عرضت عليها الجواز ووافقت وسافرت أنا وهي لأبوها علشان نتمم الدنيا بس اتفاجأت بالغنى اللي هما فيه واللي كان أكبر كتير مما تصورت وحاولت بكل الطرق إن الجوازة دي تتم بسرعة وحصل فعلا وبقيت شهر هنا مع أبوك نشوف شغلنا وشهر هناك معاها.

أخرج سجائره من جيبه وأشعل إحداهن وسط نظرات حامي المحاوطة له وقبل أن يضعها بين شفتيه كان حامي الأسرع في جذبها ورميها بالمطفأة بإهمال قائلا ببرود:
كمل.
رفع شوقي حاجبه مستنكرا، دقائق وعاد إلى وضعه يتابع ما بدأ فيه:.

بعد الجواز بدأت أتقرب من أبوها، واحدة بواحدة وبدأ يديني شغل وبقيت اروح استلم مكانه، لحد ما اتصدمت في يوم بيه بيوريني ورق عليه امضتي عبارة عن شراكة في شغل شمال وصفقات مشبوهة وأنا أصلا ممضتش على حاجة زي دي، قالي وقتها إن الموضوع مكانش صعب علشان إمضتي تكون موجودة وإن لو معملتش اللي يتقالي الورق كله هيتقدم للبوليس، مكانش محتاج يعمل ده كله أنا مش زي اللي بيقعدوا ينوحوا ويقولوا احنا مظلومين أنا أساسا كنت شاكك من الأول إنه شغال في الممنوع وكنت بتقرب منه علشان يشغلني معاه و أقدر أكون الثروة اللي حلمت بيها سنين، بس هو بالورقة دي قدر يخلي صباعي تحت ضرسه وافتكر إنه هيضغط عليا علشان أشتغل بيها.

وبعدين؟
كان هذا سؤال حامي له منتظرا البقية ليتابع هو وكأن الماضي يتجسد أمامه الآن فيسرد ما تلتقطه عيونه:.

بمرور السنين بدأت أهمل شغل الشركة اللي في مصر وبقى الشغل كله أبوك اللي بيعمله ونسبتي من الأرباح بتتحول لحسابي، كنت بشتغل مع حمايا وأنا مش عارف هو مين وشغله متفرع لإيه أصلا، كان مجرد بيقولي اعمل ده وروح استلم ده وكلم ده قوله كذا وأنا كنت بنفذ المطلوب بالظبط لحد ما في مرة طلب مني أنزل أستلم ورق مهم من واحد في مصر وأرجعله بيه ونزلت خدت الورق ده واللي لاقيت فيه معلومات حاجات تودي حمايا في ستين داهية وكان من ضمنهم الكام ورقة اللي كان بيهددني بيهم وعرفت بعدها إن الورق ده واحد كان ماسكه على حمايا ذلة وهو بعتله اللي يخلص عليه ويجيب الورق وياخد المقابل وبعده يسلمهولي، أكبر غلطة عملتها في حياتي ساعتها إني نسيت حاجة زي دي على مكتبي اللي في شركتي مع أبوك، فاكر اليوم ده كويس نسيت الورق ومشيت ولما رجعت لقيت محمد في مكتبي وماسكه، حاولت أقوله إني مليش دعوة بس مسك بقى في الشرف والمباديء وقالي أنا كنت حاسس من فترة إنك اتغيرت، سفرك الكتير، و فلوسك اللي بقت أكتر من الربح اللي بيطلعلنا من هنا، حاولت أقنعه يكون معايا وإننا كده هنكبر أسرع وملناش دعوة بحاجة مجرد بننفذ أوامر بس، ساعتها اتخانقنا خناقة جامدة ورفض يديني الورق إلا لما أبيعله نصيبي في الشركة وطبعا مضيت ورق زي ده لو مرجعش حمايا مكانش هيتردد لحظة في قتلي، وبعد ما مضيت إداني نصيبي من الفلوس ومبقاش معاه مليم كان عارف إن الشركة ممكن تقع وهو بيدفعلي كل المبلغ ده بس كان أهم حاجة عنده إنه يبعدني بعد اللي عرفه، إداني حقي وقالي مش عايز أشوفك تاني، واداني الورق بس قالي إن معاه نسخة لو شافني تاني في أي مكان هيسلم الورق ده، اليوم ده كان كفاية أوي إني أنوي قتله وأخلص منه وهددته ساعتها إنه هيشوف مني والأيام بيننا.

اعتدل في جلسته ليشعر بالراحة أكثر وهو يتابع:
بعدها سافرت عدى أقل من سنة كان أبوك فيها كبر في السوق وعمل اسم وشغله كبر أكتر مما كنا سوا، وأنا حمايا مات، ساعتها جومانا قالت إن أنا اللي هكون مكان أبوها واكتشفت إنها عارفة كل حاجه وإن أنا علشان أستلم المكانة دي لازم أعرف بالظبط أنا هدير ايه!

الكيان عبارة عن مؤسسة عظمى بيحكمها أنا وباقي الأعضاء عرايس خيوطها في إيدي أنا اللي بحركهم وهما مسلوبين الإرادة وميعرفوش مين بيحركهم أصلا، الشغل بقى بينقسم لمجموعة أقسام مخدرات، أطفال، ستات، كل حاجة، أي حاجة ممنوعة بنشتغل فيها كلهم كانوا بيشتغلوا تحت إيدي وهما ميعرفوش أنا مين، لما وافقت على إني أمسك شغل حمايا اتبقى عندي إني أجند ناس جديدة غير اللي كانوا شغالين معاه والدعم والتمويل كان بيجي من ناس كبيرة برضو عايزين يتبسطوا وبدأت أفرد خيوطي أول حاجة كان في اسمين عوني راضي و بديع الصياد دول الواجهة أو نقدر نقول دول كانوا علشان لما حد يحاول يعرف من كبير الليلة دي اللي مختفي عن الكل يبقى اتغفل.

قاطعه حامي يقول هو بدلا عنه وقد بدا له الأمر واضحا:
دول الديكور، الواجهة علشان لو أي حد جه يدور على السيد الكبير هيفتكر إن بديع الصياد هو سيد الكبير علشان بديع مفهم اللي تحت منه أو نقول دراعه اليمين عدنان إنه السيد الكبير، ولو اللي بيدور شك ودور تاني هيوصل بعد تعب كبير ل عوني راضي وأي حد هيقف عند النقطة دي هيبقي متأكد بقى خلاص إن عوني ده مفيش حد بعده تاني.
هز شوقي رأسه مؤكدا بابتسامة:.

حصل، بغض النظر عن إنك جيت هنا بنفسك أنا كده كده كنت هظهرلك أصلك دورت كتير عليا وأنا قولت أريحك أو أرتاح منك مش ضامن.
في نفس التوقيت
كانت سيارة عمر متجهة إلى ذلك المكان الذي جمع فيه حامي ألد أعدائه من تسببوا في ماضيه المظلم، كان يحيى يجاوره وقطع الصمت قائلا لذلك الجالس في الخلف:.

عوني باشا مش عايز أي حاجة، عصير، بسكويت، سيجارة اؤمر أنت بس، أصل أنا حنين أوي وميرضينيش آخر ساعات هتشوف فيها النور يبقى نفسك في حاجة ومنحققهاش.
ضحك عمر أثناء قيادته للسيارة على أسلوب يحيى الساخر وقال هو هذه المرة:.

بس أنت تعبتنا أوي معاك بصراحة، قولت أنا خلاص مسلم قولنالك طب قابلنا في المكان كذا واحنا هناخدك من هناك تقوم عامل فيها اللي مفيش منه وتخلي رجالة تمشي وراك، بس متقلقش الحرس عملوا معاهم الصح أصل احنا كنا مراقبينك.
كانت صدمة عوني كبيرة فضحك يحيى على تقاسيم وجهه التي بدا عليها الاختناق وهو يردف بتسلية:
يعني أنت دلوقتي مفيش حد ماشي وراك، جالك الموت.
أخرج يحيى هاتفه متابعا بتهكم:.

تحب تاخد اخر سيلفي في حياتك؟، أصل يا خسارة السجن مفيهوش سيلفي.
ارتفعت ضحكات عمر خاصة ويحيى يفتح الكاميرا الأمامية ليظهر ثلاثتهم وهو يقول:
اضحك دلوقتي علشان كمان شوية هتنسى يعني إيه ضحك أساسا.
أخيرا نطق وكان التحدي واضحا في حديثه:
أنا في ورايا اللي هيلحقني، الأكبر مني ومنكم ومن ابن العمري.
أمك ولا إيه؟
قالها يحيى مستفسرا باستهزاء فهزه عمر وهو يقول:.

سيبه مع نفسه يا يحيى فاضل حاجة بسيطة ونوصل وهناك بقى نبقى نشوف الأكبر والأصغر.
ظهر الصمت وقد انتهى الحديث بنظرات يحيى الشامتة في هذا الجالس بالخلف وتركيز عمر في الطريق وفي حسام الذي أخبرهم أنه سيكون خلف حامي من ناحية وهم ينقلوا عوني من ناحية اخرى
تنهد عاليا وهو يهمس بأمل:
يارب استرها.
منورين.
قالتها هنا وهي تضع أكواب العصير أمام بسنت و سارة فقالت بسنت مازحة:.

هو احنا ضيوف مش البيت بيتنا برضو فطرونا ولا غدونا أي منظر يعني.
كانت صوفيا تجلس على الأريكة أمامهم، استمعت لكلمات بسنت ضاحكة وتبعتها بقولها:
شوية والفطار هيخلص ونفطر كلنا.
أشارت صوفيا على سارة التي تراها للمرة الأولى سائلة بلطف:
أنتِ مين بقى؟
ردت سارة بأدب:
أنا سارة ياطنط مامت كريم ولينا، احنا اسفين والله طبينا عليكم فجأة كده بس هو احنا لقينا حسام باعتنا على هنا مع أحمد في العربية احنا...

أوقفتها بسنت عن الحديث معترضة بضحك:
يا بنتي في ايه، خلاص هتشرحي قصة حياتنا، هما مش متضايقين ده العادي، أنا قعدت معاهم قبل كده أسبوع صح يا قمر يا أم عيون تتاكل أنتِ؟
كانت تشير على صوفيا التي ضحكت إثر قولها فتحدثت هنا:
لماضة العالم كله اتجمعت فيكوا سواء أنتِ ولا الجيش اللي جوا.
شعرت صوفيا بحيرة هذه التي تراها للمرة الأولى فقالت هي حتى تزيل الحرج عنها:.

لو عايزة تشوفي كريم يا حبيبتي هو نايم في الأوضة بتاعتي دي ادخليله.
أشارت على غرفتها وتابعت القول:
أما لينا بقى فهي نايمة مع نيرة وزينة.
قامت سارة من مكانها كي تتجه لابنها وهي تشكرها بامتنان حقيقي فهي منذ دخولها هنا وعيونها تبحث عن صغارها الذين افتقدتهم بشدة فهي تتمنى أن تنعم بحياة اخرى مع حسام وصغيريها وتشعر أن هذا اقترب وبشدة ولكن دائما ما يؤرقها العقبة الأكبر، العقبة التي تراها خاطفة لقرة عينها...

عائلة حسام.
عند حامي
كان شوقي يمسك رأسه بألم إثر الضربة التي تلقاها منه عقب أن قام باستفزازه، سمع صوته يقول:
لا مش كده، لسه ورانا كلام كتير، هنركن الآهات دي لوقتها ونكمل.
ضرب على كفه يحثه على المتابعة فقال شوقي:
مستعجل على موت حد فينا، أصل الدايرة دي اخرتها واحد فينا، وأنا هحارب للثانية الأخيرة إنه يكون أنت
هز حامي رأسه باستهزاء وقد وضع الساق فوق الاخرى في حين تابع شوقي يكمل ما بدأه:.

عوني كان بالنسبة لبديع السيد الكبير، وبديع كان بالنسبة لعدنان السيد الكبير وهو دراعه اليمين حتى هما نفسهم كنت بلعب بيهم، اللي تحت عوني وبديع وعدنان كان رضوان ونادر ودول اللي كانت بتوصلهم أوامري عن طريق عدنان، رضوان علشان أضمه للمؤسسة كان الموضوع سهل أوي واحد شبهي عايز يبقى معاه فلوس كتير في وقت قليل كان صيد سهل، نزلت رجالة تبعي وكانت طريقة الجذب هي نفسها اللي انا اتجابت بيها اديهم الأمان ويشتغلوا وينفذوا الأوامر هما ياخدوا فلوس كتير ومكانة وأنا أمسك عليهم اللي يخليهم تحت رحمتي وبعدها يعرفوا النظام والشغل ويبقوا جزء من الكيان، رضوان سبقني بخطوة ساعة اللي عمله في أبوك، أنا صارحتك إني كنت ناوي أخلص منه بس أنا منفذتش ده رضوان خطط وعمل كده من دماغه وساعتها اعتربتها غلطة وبعتله الأوامر ينضف كل حاجة وراه وفعلا عمل كده، رضوان كان حريف في إنه يدخل المخدرات وكل ممنوع البلد، وعدنان كان بيستدرج البنات اللي ملهاش أهل واللي في الإشارات علشان دول اللي بنراضي بيهم حبايبنا الكبار اللي برا مصر وبيتدفع فيهم كتير، ونادر كان تخصص أعضاء بشرية كل واحد فيهم كان ليه حاجة تخصه وكل واحد فيهم ليه غلطاته اللي تودي في داهية، عندك رضوان مثلا أخوه كان هيفتح ملف أبوك ويقوم الدنيا ميقعدهاش وعلشان رضوان عارف إن حياته قصاد إن معلومة واحدة تطلع قتل أخوه ومراته، كل فعل بيكون قبله مثير ورضوان كان بيكره أخوه وبيغير منه وحاول كتير يوقعه مره منهم لما ساعد أمير اللي شغال مع أخوه إنه يكوش على الفلوس كلها وينصب عليه ويخليه على الحديدة واللي زق أمير ساعتها علشان يشتغل مع أبو عائشة كان عدنان كانوا أصحاب واتفقوا ياخدوا فلوس الراجل وتبقى بالنص ما بينهم، عدنان ده بصراحة أصيل أوي يعني خالة مراتك تتبناه هي وجوزها ويربوه واخرتها هو ينصب على اخت الست اللي اتبنته وجوزها.

تحدث حامي مكملا فك الخيوط:
وطبعا بما إن فارس ابن عوني كانت الأوامر بتوصل من عوني لبديع عن طريق فارس، وايه اللي خلى عوني يرمي ابنه مش عدنان ابن عوني برضو؟
رفع شوقي كفيه ناطقا بضحكات ساخرة:
لا موضوع اختلاط الأنساب ده اسألهم هما فيه بس مش هتخرج كتير احنا زيتنا في دقيقنا، تحليل DNA واحد هيطلع إن كل الدايرة دي ماشية مع بعضها.

أخرج حامي زجاجة من جيبه لم يستغرق الأمر دقائق حتى كان ينثر في وجه شوقي وهو يردد بابتسامة زينت ثغره:
وماله هسألهم وتيجي معاهم بقى علشان تتسأل أنت كمان.
فقد شوقي وعيه أما هو فكان يرمقه بنظرات كساها رغبة الانتقام، جذب هاتفه يجري اتصال فلقد ترك هاتفه الاخر في السيارة، تمتم داعيا أن تنتبه عائشة لوجود هاتف وتجيب اتصاله، ثوان وكانت تجيب بخوف:
قتلته؟، أنا كنت حاسة من وأنت ماشي إن نيتك الغدر.

حرك رأسه يحاول استيعاب ما تقول فأصمتها حين قال لها:
عائشة هبعتلك location المكان قريب منك هو هتلفي بس بالعربية وتجيلي.
نطقت باستنكار رافعة حاجبيها:
كمان، عايزني أشاركك في إننا نخبي الجثة، أنا لا يمكن أعمل كده أبدا.
وصلها صوت تعنيفه وهو يقول بغضب:
أنتِ mbc action كلت دماغك.

هو في أكشن أكتر من اللي بشوفه معاك، حبيبي أفلام mbc دي متجيش جنب مغامراتك دي حاجة وبعدين أنت ناسي حاجة مهمة أنا مليش في السواقة أوي، على أدي كده.
وضحت له الأمر فضرب على جبهته بتذكر وأغلق الهاتف، انتوى هو الذهاب إليها حتى يأتي بالسيارة إلى هنا ويستطيع إتمام ما بدأ فيه.
بعد مرور عدة ساعات
الترقب سيد الموقف، زوجته تصرخ وهي ترى أن زوجها على وشك أن يُقتل، تشاهده عبر شاشة.

تركت مكانها في السيارة ونزلت مسرعة حتى تدخل له، حاول أحدهم منعها ولكن لم تستجب فمشهد رضوان وهو يرفع ذلك السلاح في المنتصف لا يفارقها
وفجأة
استمعت إلى صوت الأعيرة النارية تنطلق بلا هوادة، بلا رحمة، بلا شفقة
لم تتجرأ على النظر للشاشة لترى ما حدث فقط الصدمة التي يبثتها فهوت على الأرضية بعيون ذاهلة، زوجها في الداخل وجميع أعدائه وأعدائها، شياطين الإنس أيضا في الداخل.

وما بدأ بالدم لم ينته إلا به وأعيرتهم تشهد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة