قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الختامي

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الختامي

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الختامي

الترقب سيد الموقف، زوجته تصرخ وهي ترى أن زوجها على وشك أن يُقتل، تشاهده عبر شاشة
تركت مكانها في الغرفة وخرجت مسرعة حتى تدخل له، حاول أحدهم منعها ولكن لم تستجب فمشهد رضوان وهو يرفع ذلك السلاح في المنتصف لا يفارقها
وفجأة
استمعت إلى صوت الأعيرة النارية تنطلق بلا هوادة، بلا رحمة، بلا شفقة.

لم تتجرأ على النظر للشاشة لترى ما حدث فقط الصدمة التي يبثتها فهوت على الأرضية بعيون ذاهلة، زوجها في الداخل وجميع أعدائه وأعدائها، شياطين الإنس أيضا في الداخل
وما بدأ بالدم لم ينته إلا به وأعيرتهم تشهد.
عادت بذاكرتها إلى ما حدث قبل ساعات وكأن عقلها توقف عن تذكر أي شيء إلا هذه الساعات
Flash Back.

كانت تجلس في السيارة بعد مكالمته فلقد أخبرها أنه سيأتي هو، كان الهاتف الذي وجدته في يدها آتت لتفتح المعرض الخاص بالصور فوجدته مغلق بكلمة سر ضيقت عينيها ناطقة بغيظ:
السوسة.
لم يمر دقائق على كلمتها حتى وجدته يفتح السيارة وقد جلس على مقعد القيادة جوارها، لاحظت تغير حالته، ظلام عينيه واحمرار وجهه بالتأكيد حدث ما أوصله إلى هنا.
احتضنت كفه بحنان مستفسرة: حامي أنت كويس؟

لم تأتها الإجابة فأدارت وجهه لها لتقابل عيناها زيتونيتيه فهز رأسه نافيا كونه بخير.

احتضنته هذه المرة بكلماتها التي خرجت مطيبة لجراحه: مش مهم أي حاجة، مش مهم اللي سمعته منه، مش هقولك مش مهم الماضي واللي حصلنا فيه علشان أنا عارفة إنك بتعمل كده علشان حقك فيه بس هقولك المهم الحاضر واللي وصلناله، النهاردة بعد سنين طويلة كنت لوحدك فيها بقى عندك أسرة أي حد يتمنى دفاها بقى في زينة ونيرة، بقي في هنا وصوفيا يعني ربنا عوضك بدل الأم اتنين، واداك أخين مستعدين يضحوا بعمرهم علشانك عمر ويحيى، لينا وكريم وشقاوتهم.

ابتسمت وقد لمعت عيناها متابعة: ربنا ادانا المعجزة وبقينا مع بعض بعد ما كان مستحيل نتقابل في طريق، ورزقنا بأجمل هدية محمد ابننا اللي جه ومعاه الأمان، بقى عندنا حاجات كتير حلوة تستاهل نحارب علشانها، ومش مهم أي حاجة الم...
قاطعها قبل إتمام حديثها ليتحدث هو هذه المرة وقد ظهرت ابتسامته حين قال غامزا:
المهم إني معايا الوحش.

ضحكت واستدارت إلى الجهة الاخرى أما هو فابتسم على هربها وقاد سيارته متجها إلى منزل هذا اللعين الذي تركه منذ قليل.
مر وقت ليس بالكثير أوقف هو سيارته واتجه للمنزل مجددا، دقائق وكان يخرج منه مع ذلك الفاقد للوعي والذي يسنده هو حتى يصل به إلى السيارة
فخرجت عائشة من النافذة تقول بخوف: ماله ده يا حامي، أنت رايح بيه فين؟
خليكِ في نفسك.

قالها بهدوء وهو يفتح باب السيارة الخلفي باذلا جهده في إدخال شوقي، أغلق الباب بعدها واتجه ناحية مقعد القيادة ليسمعها تنطق باعتراض مشيرة على الملقى في الخلف:
يعني ايه مليش دعوة!، نازل بواحد معرفش متخدر ولا مغمى عليه ومركبه عربيتك ولما أسألك مين تقولي خليكِ في نفسك!
تنهد عاليا فنظرت له بغضب منتظرة جواب لتنتفض حين ضرب بكفه على عجلة القيادة ناطقا بنبرة عالية:.

شوية وهيفوق، والشوية دول أنا محتاج يكون الزفت اللي ورا ده نايم فيهم.
التزمت الصمت وقد استدارت ألقت نظرة على النائم في الخلف تتأكد هل يتنفس أم لا
أما هو فبدأ في قيادة سيارته وقد أحاد عن الطريق هذا متجها ناحية واجهة خاصة به، مملكته الخاصة التي سيجمعهم بها ليعترف كل منهم بآثامه
كان الصمت سائد أثناء قيادته للسيارة، مطت شفتيها بحيرة قبل أن تقطعه مستفسرة:
طب احنا رايحين فين دلوقتي؟

قال بهدوء شديد أثار استفزازها: أنا رايح، أنتِ هترجعي.
تأففت بضجر منزعجة فاستفسر وقد أعطى تركيزه للطريق: في حاجة؟
هزت رأسها تصرح باعتراض: اه في يا حامي، أنا مش عايزاك تكون لوحدك، زي ما القدر بيجمعنا في معظم المواقف و بنكون سوا خليني معاك المرة دي
تابعت تسأل بنبرة حانية برزت في عينيها: أنت مش محتاجني جنبك طيب؟
قال بشعور صادق مصدره أعماقه فخوفه عليها يحتل المرتبة الأعلى لديه:.

حتى لو محتاجك وده هيعرضك لخطر يبقى لا، ممكن استخدم بديل.
قالت باستغراب وقد أدهشها جملته الأخيرة وأرادت توضيحا لها: بديل؟
هز رأسه بابتسامة صغيرة ليشرح لها وعيناه لا تفارق الطريق كأنما ينتظر ظهور أحدهم:.

معظم الأدوية ليها بدايل، صحيح البديل مش بيكون بنفس قوة الأصل لكنه نعمة يستخدمها اللي اتحرم من الدوا الحقيقي لظروف ما، وجودك جنبي بيقويني، بيديني طاقة بحس بيها إني قادر أواجه أي حاجة مهما كانت بس لو الوجود ده هيعرضك لخطر يبقى كفاية أوي إحساسي بيكِ، إحساسي بإنك موجودة وبتقويني حتى لو من بعيد، هو ده بديل الدوا.

كانت ترمقه بعينين صرحا بالحب فمشاعره الصادقة هذه كافية أن تقع به ألف مرة، فقطع شرودها هذا ضحكته مع نبرته الساخرة:
وكفاية نظرات بقى عينك هتوجعك يا وحش.
ضحكت عليه فحاله يتغير كل ثانية من لحظات يصرح بالحب والآن يشاكسها وقبلها ينفعل عليها فقالت بإصرار:
أنا متأكدة إنك مش شخص واحد أنتوا مجموعة واتعملتوا ميكس كده في خلاط واحد طلعلنا اللي قدامي ده.

تحدث واثقا وقد زين ثغره ابتسامته: بيطلع منه واحد بس خدي بالك، حامي العمري يا وحش.
تابعت ضحكها بينما انعطف هو بالسيارة على حين غرة مما أثار فزعها فقالت:
في إيه!
لم تجد إجابة بل أوقف سيارته وخرج منها مغلقا الباب بقوة لتراه من المرآة يتجه ناحية سيارة آخرى لم يظهر سواها في هذا الطريق الشبه خالي من المارة والسيارات.

اطمأن قلبها حين وجدت أن حسام هو صاحب السيارة الاخرى أما عنه هو فوقف أمام سيارة حسام منتظرا خروجه وحين وقعت عيناه عليه نطق بتهكم:
اعتقد مكانش موجود في اتفاقنا إني أبقى متراقب.
نطق حسام متذمرا: أنا مش براقبك، أنا بعمل شغلي وبحميك، وبعيد عن الشغل احنا بقينا عشرة يعني ليا حق أقلق وأخاف.

ضحك حامي متبعا ذلك بحديثه: هو الشعب ماله النهاردة حنين كده ليه!، أنت ماشي ورايا علشان خايف عليا، وعائشة جت ورايا علشان خايفة عليا، الخوف الكتير مضر على فكرة.
رمقه حسام بدهشة على لا مبالاته الظاهرة أمامه وقبل أن يتحدث وجده يقول له:
عائشة ترجع البيت الأول، وأظن أنت عارف طريقي، روحها وتعالى.
لم ينتظر إجابة منه بل توجه إلى سيارته وفتحها وأخرج زوجته التي سألت:
حامي هروح فين؟

طمأنها بقوله وهو يربت على كتفها: متقلقيش حسام هيروحك.
توقفت تلقائيا تسأله بعيون خائفة: طب وأنت؟
استدار لها وقد احتوى كفه يدها يبثها الاطمئنان: حسام هيرجعلي، وعمر ويحيى معايا.
كانت عيناها تبوح بالرفض لكن حركها هو تجاه حسام وتركها أمام السيارة ناطقا باختصار:
مفيش وقت أنا همشي وأنت خلص وحصلني.

تحرك مغادرا وكانت اخر نظراته نحو عائشة بقلق أما هي فاستدارت تتابعه حتى ركب سيارته ورحل، أغمضت عينيها بحزن وقد خرجت منها تنهيدة عميقة فحثها حسام بأدب:
مدام عائشة يلا لو سمحتي، دكتور أحمد أظن تعرفيه هيقابلني ياخدك وأنا هروح ورا حامي.
أنا عمري ما طلبت منك طلب، وأول مرة هعملها، أرجوك تاخدني معاك أنا هقعد بعيد، أنا بس عايزة أكون معاه، ممكن؟

طلبت منه برجاء وعيناها تتمنى ألا يخذلها أما عنه فهو بين نارين من ناحية يجب أن يكون خلف زوجها توا كما ليعطي إشارته للقوات كي تحاوط الموقع، أخذ ثواني يفكر في الأمر حتى دبر موقفه وقال:
أنا موافق، بس مش هتكوني معاه بالظبط أنتِ هتقعدي في مكان جنبنا أقدر أكون متطمن على أمانك وأنتِ فيه.
هزت رأسها سريعا بموافقة وتوجهت إلى مقعدها في الخلف قبل أن يتراجع عن قراره، استغرب من جلوسها في الخلف ولكن وضحت مسرعة:.

علشان لو لحقنا عربية حامي في الطريق أعرف أدارى منه وميشوفنيش.
كتم ضحكته وهو يهز رأسه موافقا، وتوجه هو لقيادة سيارته حتى يستطيع الإلمام الكامل بزمام الأمور.
في نفس التوقيت
كانت نيرة تنام وسط والدتها الجالسة على الفراش من جهة، و هنا الجالسة على الجهة الاخرى تحكي لصوفيا ذكريات من الماضي فهذه الإعادة تفيدها في التعافي التام، تلك الذكريات تنشط ذاكرتها كما أخبرتها عائشة مما يجعل حالتها تتحسن كليا.

سألت زينة التي تجلس على الأريكة المجاورة للفراش وقد جاورها دنيا و لينا و كريم:
مامي أنا كنت شقية وأنا صغيرة؟
ضحكت صوفيا بحنين وهي تجاوبها: كنتِ عفريتة ولازم حد دايما يبقى عينه عليكي
نظرت لنيرة تضربها بخفة على كتفها وهي تتابع ضاحكة: أنتِ والسوسة دي.

شاركتهم هنا الحوار تقص عليهم ضاحكة باستمتاع: لما كانت صوفيا تيجي بيكم كام يوم في بيت أبوها القديم جنبي، كان حامي بيفضل رايح جاي يراضيكم وعينه بتبقى هتطلع عليكم، وكان الواد يحيى أول ما يعرف إنكم جيتوا يجري علشان يلعب مع زينة.
ابتسمت زينة هامسة بحب: يا روحي حنين طول عمره.
ارتفعت لها نيرة تسأل بمكر: بتقولي حاجة يا زينة؟
قالت الصغيرة بحماس طفولي: بتقول يا روحي حنين طول عمره، تقصد عمو يحيى.

جذبتها زينة من فستانها متحدثة بغيظ: يا راديو، إيه يا بنتي ده إذاعة الشرق الأوسط بحالها عندنا، أنا عايزة أعرف الوقت اللي بتكوني silent فيه.
جاوبها كريم مسرعا يقدم اقتراحه: بالنضارات والشوكولاتة ممكن تسكت.
ضحكن على قوله ولكن لفت انتباه هنا شرود دنيا
فقطعت وصلة الضحك تسألها بقلق: مالك يا دنيا؟

سألت لينا مستفسرة بقلق: أنتِ زعلانة علشان مامي وبسنت هيقعدوا معانا، متخافيش يا دودي مش هيناموا في مكانك هما نايمين في مكان نيرة وزينة إحنا نطرد نيرو وزينة.
وضعت زينة كفها على فمها مرددة بغيظ: تطرديني!، ده أنا اللي نفسي أسربك.
توجهت إلى دنيا تسألها باهتمام: في إيه يا دنيا؟، حاجة حصلت ومضايقاكي.
هزت دنيا رأسها نافية وقد ظهر عليها الارتباك وهي تقول: مفيش حاجة يا جماعة.

اعتدلت نيرة وقد رفعت حاجبها الأيسر تبتسم بمكر: لا ده كده في حاجة، هزة الدماغ دي تقول إن في مصيبة، حصل إيه؟
لم تستطع الكتمان أكثر من ذلك فهي تتآكل خوفا على عائشة فألقت قنبلتها عليهم:
بصراحة كده حامي مخدش عائشة معاه.
كانت صوفيا تحاول استيعاب كلماتها وهي تقول بقلق: يعني ايه مخدهاش، طيب عائشة فين؟

نظرت دنيا للأرضية وهي تقول كل ما لديها وسط ترقب الجميع: عائشة سابت محمد معايا، وخرجت وراه ومعرفش عدت من الحرس ازاي لكن أنا خايفة عليها جدا
أزادت خوفهم مع قولها الأخير: دول خارجين من الفجر.
لم تنتظر هنا بل انتفضت تشير إلى نيرة آمرة: اخرجي بسرعة للحرس قوليلهم عايزين نعمل تليفون.
تحركت نيرة سريعا بينما كل منهن يتبادل النظرات الخائفة مع الاخر خشية حدوث مكروه لأي منهما.

توقف حسام بسيارته فتفحصت هي المكان من حولها بتدقيق، مكان خالي من المارة لا يوجد به إلا هذا الباب الموصد وسيارة زوجها الموضوعة في زاوية ما، نزل حسام وطلب منها اللحاق به فسألت وهي تخرج من السيارة مشيرة على سيارة زوجها:
إحنا فين، هو حامي هنا؟
فتح حسام هذا الباب المغلق ليدخلا فوجدت نفسها في غرفة بها شاشة معلقة على الحائط وبعض الأجهزة الصغيرة الموضوعة على الطاولة، ومقعد وأريكة.

شرح لها حسام الوضع موضحا: مدام عائشة أنتِ هتقعدي هنا ومش هتخرجي مهما حصل من فضلك، الأوضة دي بتاعة حامي وهي أكتر مكان أمان هنا حتى عربية حامي مركونة برا جنبها، احنا هنكون معاهم على بعد مسافة قصيرة جدا منك هنا يعني لو في أي خطر مش هيطولك، هخلي اتنين من القوات يقفوا على الباب هنا حماية ليكِ وهروح أنا بقى.

لم تستطع استيعاب ما يقول ولم يعطها الفرصة للاستفسار بل خرج مسرعا من هنا، جلست هي على المقعد بقلق تنظر حولها وقعت عيناها على مبرد صغير ففتحته لتجد به مجموعة من زجاجات العصائر والمياه، التقطت زجاجة المياه تشرب منها عل هذا يقلل من حدة هذا التوتر، عادت لتجلس من جديد فوجدت كوب على الطاولة رفعته أمام عينيها مبتسمة بحب حين وجدت أنه نفس الذي شاهدته في شركته من قبل وقد نُقِش عليه اسمها.

تركت الكوب وجذبت جهاز التحكم تتطلع له بحيرة هو والشاشة التي أمامها ضغطت أخيرا تحاول تشغيلها فتم لها ذلك، جلست على المقعد لترى ما يحدث ولكن جحظت عيناها وهي ترى الشاشة مقسمة إلى عدة أجزاء كل جزء منها يظهر به أحد أعداء زوجها يجلس في حبسه الانفرادي هامد ساكن بلا حركة، وكأنه سُجن هنا دهرا حتى نسى حياته.

كان يوجد جزء في الشاشة به متابعة لساحة خالية، خرجت منها شهقة عالية حين وجدت زوجها يسير بها بنفس ثقته التي عهدته بها، خطوات تعرفها جيدا لا يتحرك بها إلا إلى هلاك أحدهم.
ساحة احتوت على عدد من المقاعد قد تم رصهم على شكل دائرة واسعة، وكل مقعد خاص بأحدهم.

مقعد ل رضوان، ومقعد ل نادر، واخر ل بديع، ويجاوره الخاص ب عوني، ولم تكتمل الدائرة إلا بمقعد عدنان الذي التصق به مقعد فارس، وبالتأكيد مقعد خاص ب مروان، ومقعد والد عمار السيد زيدان وأخرهم مقعد رأس الأفعى شوقي
كل منهم تم حجب الضوء عن عينيه بقطعة من القماش، الجميع يجهل المصير عدا هو الذي خطط لكل هذا وقد اختار مقعده في منتصف هذه الدائرة حتى يستطيع رؤيتهم بوضوح.

وقف جوار عمر، و يحيى يتأمل هيأتهم وهم أمامه هكذا، أعطى يحيى أوامره لواحد من الحارسين فلقد حضر هنا اثنان فقط من الحرس، أُعطى لهم رب عملهم الثقة حتى يشهدوا هذا، والوضع لا يحتمل عدد أكبر من هذا، أشار لهم يحيى كي يزيلوا ما وُضع على أعين هؤلاء.
توجه الحارسان يزيلا قطع القماش من على أعين الجالسين والتي بمجرد إزالتها أغمض كل منهم عينه تلقائيا إثر هذا الضوء البسيط.

ضحك حامي وهو ينطق الحروف باستمتاع شديد: ياااه
استدار لعمر و يحيى وغمز بعينه سائلا: شكلهم عامل إيه؟
تحدث عمر شاملا إياهم بنظرة ساخرة: لا يسر عدو ولا حبيب.
قال يحيى هذه المرة وقد ضحك عاليا بتشفي: والله أنا كان من رأيى نكهرب الكراسي دي علشان نتسلى أكتر، أحسن كده القعدة ناشفة أوي.
تخطى حامي المسافة بين مقعدين ليصبح في منتصف الدائرة، جذب مقعده ليجلس عليه وهو يقول ضاحكا:
لا ما هي هتطرى دلوقتي.

أول ما اتجهت ناحيته عيناه كان رضوان، حالته السيئة، ملابسه المبعثرة والتي كساها الأتربة من كل ناحية فهو يرتديها منذ أن أتى إلى هنا، تطلع رضوان إلى حامي بنظرات عميقة بادله حامي إياها وهز رأسه للناحية الاخرى مستفسرا بعينيه:
ايه؟ افتكرت إن الميت دبت فيه الروح ورجعلك ياخد حقه منك ولا إيه؟، ليك حق الوقت اللي قضيته هنا يخلي أعقل الناس مجنون.

توجه يحيى هذه المرة ناحية هذه الدائرة منبها: أحب نعرفكم الأول قبل ما نبدأ قعدتنا دي بال الكبير، كبيركم اللي كان بيحرك فيكم يمين وشمال
أشار ناحية مقعده معرفا به باشمئزاز: شوقي نصر، The real head master
السيد الكبير اللي بيلعب بشوية العرايس اللي قاعدين قدامي دول.

توجهت أنظار الجميع نحوه فهو الذي يحركهم من سنون دون أن يعلموا هويته كانت نظرات مندهشة متفحصة، أما شوقي فكان صامت تكسو عينيه نظرات الحقد، والغل والتذمر، غير راضي عن الوضع بأكمله.
خرج صوت السيد زيدان للمرة الأولى يعترض بصياح: أنا مالي بكل ده، أنا مليش دعوة بيهم ولا بحساباتك معاهم.
نطق عدنان بتبجح مواجها: وبالنسبة للبنات اللي كنت بتاخدهم مقابل الشغل اللي بتخلصهولي كانوا ايه بالظبط يا روح أمك.

قاطعهم عمر معترضا على شجارهم: لا اهدوا كده، احنا لسه بنبتدي القعدة، فقرة نشر الغسيل الوسخ دي هنخليها للاخر خالص.
بدأ حامي حديثه وهو يستدير بمقعده يمينا ويسارا ونظراته تشملهم جميعا:
كل واحد فيكم أفعاله هي اللي جابته هنا مش أنا اللي جبته.

أشار على بديع و عدنان متابعا: أنتوا اللي زنيتوا على خراب عشكم لما فكرتوا وخططتوا وجبتوا اللي ينفذ كمان علشان تخطفوا ابني. بس من حظكم بقى حامد اللي جبتوه علشان ينفذ مراته مكانش راضية عن العمايل دي وجت قالتلي وهو طلع أرجل منكم، أصله النضيف طلع بعد علقة واحدة بس اتضربها حق اللي كان هيعمله، حامد ده هو نفسه اللي أجرته يا عدنان علشان يخطف سارة وتلبسها لرضوان، بس يا خسارة بدل ما تستخدمه لعب هو بيك الكورة.

نطق بديع مسرعا يرمي التهمة عنه: أنا كنت بنفذ الأوامر بس، أنا كان جايلي أوامر من اللي فوقي إن ابنك يتخطف وعدنان هو اللي خطط ونفذ مش أنا.
أسرع عوني يوضح هو الاخر: أنا كل الأوامر اللي كنت بديهاله كانت بتبقى جيالي من السيد الكبير.
قالها ولم يستطع النظر إلى شوقي الذي وعلى حين غرة اقترب منه يحيي ضاربا إياه على الجزء الخلفي من رقبته وهو يقول ساخرا:.

عمالين السيد الكبير، السيد الكبير اهو ادتهولكوا على قفاه اهو، خدوه قدوة بقى.
أتى شوقي ليقوم من مقعده بثورة فثبته يحيي بسلاحه بينما نطق عمر محذرا:
الباب متكهرب، واللي هيحاول يقوم يا هيموت بطلقة، يا الكهربا هتنشفه، أنتوا أحرار.
ابتسم حامي برضا عن أفعالهم التي تكفي لضغط هؤلاء نفسيا واستكمل حديثه وكأن شيء لم يكن:
مروان، الباشا مروان اللي بيحمي الوطن بالنهار وبيغفل الوطن أخر الليل.

انتبه له مروان وصوب عيونه نحوه ليقول حامي وهو يبتسم: طبعا أنت عارف إن اللي جابك هنا شغلك القذر والورق اللي كنت بتمشيه علشان كل الصفقات المشبوهة تعدي، وطبعا مش ناسي بسنت أكيد مش هستنى من واحد زيك يصون عرضه، بقذارتك دي لازم تكون أول واحد ينهش فيه.

أشعل حامي سيجارته متابعا بملل: بقولكوا إيه، انا عايز كل واحد فيكوا يقول عمل ايه كده من الأول، كل واحد يطلع اللي عنده علشان يبقى على الأقل هيقابل وجه كريم واللي كنت هعمله فيه قل نقطة من بحر.
أشار إلى رضوان ناطقا بابتسامة: نبدأ برضوان، أقول أنا الأول عملتلك ايه.

احتدت نظراته وقد لمعت عيناه ببريق مختلف: قعدت طول عمري وأنا فاكر إني مش هقدر أسدد ديني ليك علشان في الآخر يطلع إن أول سكينة خدتها في ضهري كانت منك، عيل صغير جيت خدته وقولتله هتبقى معايا تكسب وتصرف على اختك اللي فاضلالك مش هتبقى معايا هضيعك، اعتبرتها جميلة وشيلتها فوق ضهري وعملت كل اللي أنت عايزه، عيل صغير كنت بتمشيه زي ما أنت عايز، حتى بعد ما طردته وضربته المرة اللي قالك فيها لا مش عايز ومش هعمل، جاي تطلب من طفل يبقى وسخ شبهك ويسرقلك وقالك لا وكأن الاعتراض مش من حقي، مسكتني من ايدي اللي بتوجعني كنت عارف إني مش هعرف اصرف عليها وإن هرجعلك تاني، ورجعت واحد غيري كان ممكن يرجع ويشتغل ويدوس عليك مع أول فرصة، بس أنا معملتش كده أنا عملت نفسي، عملت اسم، وشغل، وثروة بقيت ضهر ليك بتتسند عليه بعد ماكنت أنا اللي محتاجك، بقت الصحافة تقول إني ابنك من كتر ما كنت بطلعك من مصايبك وبلاويك، رغم إني كنت واخد كلمة مع نفسي إني أبقى لنفسي بس، بقيت بطلعك من اللي أحس إنه هيضرك أو أنك خلاص اتزنقت فيه ومحدش هيخلصه غيري واقول علشان أبقى عملت بأصلي علشان أرد الدين اللي دايني بيه زمان لحد ما اكتشفت إن أنا اللي ليا عندك وكتير أوي...

أخرج سلاحه وصوبه عليه فرمقه رضوان بنظرات اهتزت ليسمع حامي يقول بتهكم:
يلا بقى احكيلهم أنت عملتلي ايه، علشان كل واحد يعرف اللي ليه واللي عليه، ومتتكسفش كلهم هنا واطيين زيك.

بدأ رضوان الحديث بنفي لكل ما أُلقى إليه: أنا مش وحش، أنا عملت الصح كنت عايزني أعمل ايه وأنا شايف اللي بحبها وجريت وراها راحت لواحد غيري، واحد دايما أحسن مني كان لازم أقهرهم هما الاتنين ولما جاتلي الفرصة مترددتش، هو مات وهي عاشت سنين عمرها كله بتتعاقب على اختيارها، حتى أخويا لما حسيت انه هيفضحني خلصت منه هو كمان كان شايف نفسه، فاكر إنه هو الوحيد الشريف في الدنيا والباقي لا، أنا مش هقولك زيهم أصل دي كانت الأوامر، أنا صحيح كنت باخد أوامر ولو مكنتش خدتها مكنتش عملت أي حاجة من اللي عملتها لكن أنا مش ندمان ولو الزمان اتكرر تاني هعمل نفس الحاجة بإرادتي و اختياري، هنا لمع بريق الدموع في عينيه:.

بس عارف غلطتي الوحيدة إني مخلصتش منك مكانش زماني قاعد في الموقف ده، حاولت أقتلك وكان برضو بالأوامر بس عقدتي في الحياة لحقتك، هي السبب في كل حاجة، وأنا كنت أكبر غبي لما مقتلتهاش بعد كل المشاكل اللي عملتهالي وقبل ما تقابلك، بصتها وهي بتحسس اللي قدامها بالذنب كانت بتهزني أنا كان المفروض أتوقع ايه لما تبقى معاك لا وتحبها كمان...

كانت نظرات حامي ثابتة عليه اشتعل فيها النار بينما لم يطق عمر وقبل أن يفتك به منعه يحيي مهدئا:
لا يا عمر، متخليهوش يستفزك
تابع رضوان بتقاسيم جامدة: حتى عمر أجرت اللي تلعب عليه بس ماكلش الطعم علشان بيحب أختك أنت، كنت هجيبه لحد عندي وكنت هعوضه عن اللي عملته لو بعد عن أذيتي وكنت هقتله وأخلص منه لو مبطلش بس معرفتش بسببك نت.

تنهد ناطقا بغل: أنت!، أنت غلطتي، مكانك ده كان المفروض يكون فيه إبني علي لو كنت زرعت فيه أد اللي زرعته فيك أنت، بس مش مهم أنا واثق إنه مش هيسيبني هيفضل في ضهري حتى لو موتت دلوقتي، هيحس إنه عايز ينتقملي مهما عملت هفضل أبوه وهيفضل ابني.
خرج علي فجأة من غرفة مجاورة لهذه الساحة وبمجرد أن وقعت عين رضوان عليه نطق باسمه في حين قابلها علي بنظرات الخيبة:.

بيقولوا إن الأب قدوة، قولي كده أنت تنفع قدوة في إيه؟، أنا لآخر لحظة حتى بعد اللي عملته فيا كنت متعاطف معاك لكن بعد ما سمعت بودني وأنت بتتكلم وفخور بدم الناس اللي مالي إيديك بقيت أكتر شخص بستحقره في الكون، إنك أبويا ده واقع مش هقدر اغيره لكن عشمك فيا وفي إني هحميك هو ده اللي هكسره.
هز رضوان رأسه نافيا قول ابنه واستدار ينظر لحامي فوجد نظراته متشفية وهو ينطق معرفا:.

ابنك علي الحاجة النضيفة الوحيدة اللي مرتبطة بإسمك.
انتقل السلاح بيد حامي إلى نادر متابعا بشراسة: نادر، شريك رضوان في كل قرفه، أنا عايز أعرف هو انتوا عاملين offer للي هيتجوز مراة صاحبه؟
بتمشوهم عليكوا بالدور؟، رضوان يتجوز سارة ويرميها في الشارع تقوم أنت متجوزها طالما حاجة هتضايق رضوان وتاخد ابنه كريم حتة العيل الصغير وتحاول تقتله، حصل ولا أنا بتبلى عليك؟

تحدث نادر ناظرا إلى السلاح المصوب عليه: ده كان حقي، كنت عايز أشفي غليلي منه علشان قل بأصله معايا زمان، سارة كانت بمزاجي علشان رضوان لكن كريمان كان السيد زيدان هو اللي واززني عليها علشان ابعدها عن ابنه، واتجوزتها بالغصب وخلفت منها والباقي أنت عارفه، انا مغلطتش في حقك
أنا يوم حادثة أهلك كنت بصور بس...

قاطعه حامي بركلة شديدة من قدمه للمقعد الجالس عليه نادر أصدرت صوت عالي واقترب منه وأزاد من الصاق سلاحه بجبهته ناطقا بغضب:
تصور بس!، ده أنت مقابل شراكتك الوسخة معاه في الجريمة دي خدت كل كل شغل أبويا، طب ساعة أهلي كنت بتصور بس، أهل عائشة بقى كنت بتلعب طاولة ياروح أمك؟
تابع نادر مسرعا خوفا من أن يفتك به بعد هذا الهجوم: أهل عائشة لو ما اتقتلوش كنت هتكشف أنا ورضوان،.

احنا اتفقنا نخلص منهم في العزومة اللي في بيت نهلة فهمناها إنه منوم وهي حطته وبعد ما ماتوا دفناهم وعملنا مسلسل حادثة العربية، الانسان علشان يدافع عن نفسه بيعمل أي حاجة وأنا كنت بدافع عن نفسي معاه.
رمقه حامي باشمئزاز وهو يقول: ده أنتوا نفوسكم دي عايزة الولعة.
اتجه إلى مقعده مجددا وتحولت نظراته إلى عوني مرددا: مش تعرف ولادك على بعض؟
قال فارس بغضب: ملهوش عيال غيري.

توجه يحيي بسلاحه ناحيته مع قول عمر الحاد: بقولك ايه يا يحيى سكت الواد ده.
وضع يحيي سلاحه خلف رأس فارس ناطقا: لو جدع انطق تاني كده، علشان مش هتفقد كرامتك بس لا ولسانك كمان.
كان عدنان ينظر إلى عوني ينتظر جواب حتى كرر حامي: هتعرفهم ولا أعرفهم أنا، وأنا الصراحة جاي هنا علشان أفضفض.

أردف عوني بهدوء مميت كمن يعترف بفعلته النكران دون شعور: الاتنين ولادي، لما رميت عدنان كان أوامر علشان أمه كان معضوب عليها من السيد الكبير، بس كنت متابعه من بعيد لحد ما اتبناه الناس اللي اتبنوه، وأنا كنت حلقة الوصل في إنه يتعرف ببديع الصياد، أنا وبديع كنا ممثلين للسيد الكبير، فلما عدنان دخل الدايرة بقع الايد اليمين لبديع واتطمنت انه هيفضل تحت عيني.

دخل عدنان في نوبة ضحك هيستيرية انتبه لها الجميع، كانت نظرات عوني متألمة أمام عدنان أما عدنان فقطع ضحكه ناطقا:
كتر خيرك والله، رميتني في الشارع وعايز تحطني تحت عينك علشان تشوف زرعتك الوسخة هتطرح ايه مش كده!
تابع متهكما: طرحت نسخة منك، عارف الناس اللي خدوني يربوني دول أول ناس ذتهم، الحاجة الوحيدة اللي مريحاني إني عرفت أنا وارثه منين، طلعت نسخة منك، كويس، أحسن لو كان أبويا طلع شريف كنت هزعل أوي.

نطق فارس ساخرا من الوضع برمته وهو يوجه كلماته لوالده: مش مندهش الصراحة، الكيان كله أساسا زيته في دقيقه جت عليك يعني!
ابتسم حامي بهدوء شديد مجولا عينيه بتسلية عليهم حتى ثبت نظراته على بديع قائلا:
وأنت؟

هز بديع كتفيه قائلا بلا مبالاة: أنا ايه؟، أنا أتلعب بيا كنت ضحية حاطني في صورة متبروزة باخد أوامر وأنفذها زيي زي أي حد في الكيان والاسم بس إني السيد الكبير علشان لما الكيان يقع أنا اللي أشيل الليلة، أنا معترف اني نزلت مصر لما نزلت بنتي ميرال علشان تبعدك عنا وتمشي الشغل ففشلت وعلشان كده نزلت انا ابعدك عن طريقنا واخلص صفقات السلاح والبنات اللي كان عدنان بيجيبها ومروان بيمشيلنا ورق سفرهم لكن كل ده كان بأوامر من اللي فوقي واللي هو طلع شوقي باشا دلوقتي بقى كله زي بعضه ادي السيد الكبير قاعد على الكرسي اللي جنبي وجاي هنا بطريقة متختلفش كتير عن اللي جيت بيها.

بس أنا لسه عندي الجديد!
قالها حامي وهو يمط شفتيه بتسلية فخاف عوني أولا وكانت نظرات بديع مترقبة فأشار حامي ليحيى كي يتحدث فنطق يحيي متشفيا:
جتلي في ملعبي، احب بقى اعرف حضرتك يا بديع باشا إن عوني اللي كان عاملك لعبة وبيديك أوامر ومفهمك إنه السيد الكبير وهو أساسا فيه اللي بيديه أوامر برضو مستغفلك!
ضاقت نظرات بديع وهو يسأل بريبة: مستغفلني ازاي؟
اقترب منه يحيى يهمس له في أذنه: بيخونك مع مراتك.

عرف عوني الذي يحدث فصاح مدافعا: متصدقهوش ده كداب.
أشار له حامي بيده ناطقا: بشويش أحبالك الصوتية تتقطع كده.
تحدث عمر ضاحكا: تتقطع مش مهم، بس هيفوت على نفسه شوية صويت عنب في السجن.
رمق شوقي بديع المذهول متحدثا بسأم من وضعه: أنت مندهش ليه!، ده عادي احنا مش بنبيع سبح!
أنت وافقت تكون في الكيان من الأول وأنت عارف إنه شمال هو في حد بيشتغل في الشمال والشمال مبيطولهوش!

صفق حامي ضاحكا: الله على حكمك يا أستاذ الله.
نطق شوقي مبتسما: لا ده انا اعجبك أوي.
قام حامي من مكانه وشمر عن ساعديه قائلا: وأنا هعجبك أوي برضو.
أشار حامي ل عمر عليهم فأومأ عمر برأسه وطلب من يحيي والحرس: يلا هندخلهم جوا
توجه أحد الحرس ناحية شوقي فخرجت صارمة من فم حامي: سيبوا ده.
تبادل عمر و يحيى النظرات فغمز لهم حامي بأنه له يفعل شيء.
مش هوسخ ايدي بايه، علشان ده الموت ليه راحة، انا هاخد جزء من خسابي بس.

هز عمر رأسه وانتظر حامي دقائق حتى أفرغا الساحة تماما فلم يبق بها سوى هو و شوقي
تحدث شوقي ببرود: ما تقتلني وتخلص، أنا لو مكانك هقتلني، اعمل كده وريح نفسك، ولا متقدرش؟
لكمه حامي في وجهه فسالت الدماء من أنفه وحامي ينطق بشراسة والعيون تتواجه: إني أبقى شبهك ده رخيص أوي، لكن إنك تبقى مكاني ده أغلى من عمرك كله.

أنهى كلماته مطيحا بمقعد شوقي فسقط على الأرضية واتى ليقوم ولكن داهمه بركلة اخرى في معدته وهو يقول: لو كنت من سنتين بس عرفت الحقيقة دي، مكنتش هموتكم برضو بس كنت هعمل الأبشع، هموت كل اللي ليكم علشان أحسركم بقية العمر، بس أنا مش رخيص زيكم وزي ما قولتلك الرخص مفيش أسهل منه.
قال كلمته ولكمه بقوة في وجهه، جذبه من ملابسه ليقف أمامه ولكن ققد شوقي قدرته الجثمانية تماما ولم يعد يستطيع الوقف فتحدث حامي بتشفي:.

أبويا كان عارف غدركم، مات علشان شريف بس قبل ما يموت سابلي اللي يموتكوا، عنده أوضة في حتة مقطوعة تبع أراضي زراعية فيها نسخة من ا
لورق اللي قتلته وفصلت شايلاهاله علشان خده منك، أنا كنت لسه هدور ورا الورق اللي يخصك انت، بس أنت وقعت نفسك بنفسك
الأوضة دي كان مخبي فيها كل حاجة عرفتها عن قرفكم،.

وأي خطوة كنت بوقعكم بيها كان بيساعدني فيها، محمد صادق العمري واكلكم من زمان وخلف اللي يكمل من وراه، أنا وقعتكوا لما خلتكوا تلفوا حوالين نفسكم وتفتكروا انه عايش ورغم إنكم متأكدين من موته اترعبتوا ووقعتوا واحد واحد القشة دي خلتكم تتكشفوا ورا بعض، برنامج تقريب الصوت اللي كنت بكلم أعضاء كيانك المغفلين بيها علشان يبان ان ابويا هو اللي باعت الرسايل كانت مخلياهم كل دقيقة يفكروا هو مات ولا لا مع إن دمه على ايديكوا، شوفت أحياء يترعبوا من ميت كده يعني مضايقكم عايش وميت.

اختتم كلماته وهو يتذكر دفتر والده الذي وجد به عنوان لمكان وسط أراضي زراعية وحينما ذهب إلى هناك وجد ما أوقعهم به.
ركله بقدمه في أعلى عنقه مما أسقط شوقي على الأرضية مجددا ولكن هذه المرة صارخا بألم، فزاد احمرار وجه حامي مع تعرقه فمال حامي عليه وبصق ناطقا: اهاتك دي وفرها للحجز اللي هتقعد فيه لحد ما تموت واللي أقل مسجون فيه أنضف منك.
جذب قطعة خ.

شبية من على الأرضية ونزل بها بكل قوته على الملقى أمامه، كان يخرج كل شحنة غضبه وغله ولكن منعه من متابعة ذلك اقتحام حسام للمكان وبجواره قوات الشرطة وقد طلب منه حسام الكف عن أفعاله فابتعد عن شوفي وبصق من جديد وهو يرمقه باشمئزاز.
أمر حسام أحدهم بحرص: ادخلوا هاتوهم.
أشار لاخر على شوقي: وخرج ده على البوكس.

أخرجهم أفراد الشرطة تباعا من الداخل وقد تم تسجيل اعترافاتهم جميعا بالاتفاق مع حامي بداية من شوقي حتى رضوان.
جاور عمر و يحيي خروجهم والذل والمهانة يكسوا كل فرد منهم، كان السلاح على الطاولة مما لفت أنظار رضوان فسحبه مسرعا واتكأ على عصاه بيد ورفعه بالآخرى مصوبا إياه على حامي وهو يصرخ في الضابط المرافق له أن يبتعد عنه.

أنتبه الجميع وأشار حسام للضابط بالتعامل بهدوء شديد حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه وقبل أن يتحدث نطق رضوان بشر:
أعمل اللي معملتهوش زمان، كده كده انا واخد اعدام بس ابقى واخده ومموتك.
في نفس التوقيت
كانت هي تشاهد من الغرفة ما يحدث، زوجها الذي على وشك أن يقتل من هذا اللعين أسرعت للمغادرة وبمجرد خروجها من الغرفة حاول منعها أحدهم
وفجأة
استمعت إلى صوت الأعيرة النارية تنطلق بلا هوادة، بلا رحمة، بلا شفقة.

لم تتجرأ على النظر للشاشة خلفها لترى ما حدث فقط الصدمة التي يبثتها فهوت على الأرضية بعيون ذاهلة، زوجها في الداخل وجميع أعدائه وأعدائها، شياطين الإنس أيضا في الداخل
أما عن ما حدث عند حامي فلقد ضحك مستهترا حين شاهد حالة رضوان وقال ببرود شديد:
اضرب.
نطق علي مسرعا بعيون باكية: لا، اعمل حاجة واحدة تخليني أشفق عليك، اوعى تضرب.
هز حامي رأسه واقترب بخطوات ثابتة من رضوان وهو يقول بنبرة جامدة:
سيبه.

اعترض عمر و يحيي وحسام الذي نطق بتهديد: حامي ابعد، ارمي السلاح يا رضوان دي اخر فرصة ليك.
غمز حسام للواقف جوار رضوان ولكن انتبه له وأتي أن يتحدث فقبض حامي على كفه وأسقطه فجأة ليصبحا متجاوران على الأرضية، وضغط حامي على السلاح فدوى صوت العيار الناري الذي تلقاه الحائط
ترك حامي كف رضوان وهرول الجميع ناحيتهم آتى رضوان يطلق مجددا ولكن خذله ما بيده فابتسم حامي ينطق غامزا:
كان فيه طلقة واحدة بس.

تحدث رضوان بألم وحقد: وأنت الطلقة اللي أنا عمرت المسدس بيها ومكنتش أعرف إنها طلقة موتي.
اقترب حسام هذه المرة وأخذ رضوان بنفسه، توجهت أنظار رضوان ناحية علي، الذي حرك رأسه بخذلان يرمق والده بدموع
بمجرد خروجه تماما قبض يحيى على كف علي ناطقا: أنت عملت اللي عليك معاه للاخر، متعيطش هو هياخد اللي يستحقه.
احتضن عمر حامي وهو يهمس: عقبال خبر اعدامهم، بس رياض.

وقف حامي قبالته وتحدث براحة: رياض أنا اديته الأمان، ده غير إنه هو اللي جاب نادر عموما هو غار دلوقتي برا مصر بعد اما جاب نادر، لو لعب بديله هعرف وهيحصلهم.

أومأ عمر موافقا وخرج يلحق بحسام تبعه حامي، لم يرد اللحاق بل أراد أن يختلي بنفسه في غرفته القريبة من هنا وبمجرد أن استدار إلى الطريق المؤدي إليها وسار عدة خطوات وجد زوجته على الأرضية وأحدهم يحاول أن يجعلها تقوم، هرول ناحيتها وأبعد ذلك بشراسة ليجلس على الأرضية بمحاذاتها محتضننا إياها وهو يعنف ذلك الواقف:
أنت مين؟
ابتعد بأدب وهو يقول: احنا حسام باشا قالنا نحرسها في الأوضة دي بس، هي كانت عايزة تمشي.

كانت في حالة من الصدمة لا تعي شيء فرفع حامي وجهها وضرب على وجنتها متحدثا بنبرة حانية:
عائشة فوقي، أنا حامي.
كان اسمه كافيا لإفاقتها فرفعت عينيها ناطقة بدموع: أنت كويس صح؟
احتضنها مجيبا بتأكيد: أنا كويس متخافيش، اوعي تخافي.
حملها بين ذراعيه واتجه بها إلى سيارته وبمجرد أن وقعت عيناه على حسام عنفه بغضب:
حسابنا بعدين.

أدخلها السيارة وكان فمه لا يتوقف عن إخراج الكلمات المهدئة وقاد السيارة مغادرا بسرعة قبل أن يراها شقيقها بهذه الحالة، مغادرا إلى منزلهم إلى دفئهم إلى عائلتهم.

بدأ نور الصباح في الظهور، كانت النسمات الباردة تضرب الأجواء وهو حتى الان لم يعد للمنزل، وقف بسيارته أماما مدخل المقابر، تركها بالسيارة لم يرد إفساد نومها ونزل وحده متجها ولأول مرة بخطوات مهرولة نحو هذا المكان، متجها لمن افتقده وبشدة ومن أقسم أنه لن يأتي إلى هنا حتى يجلب له حقه.

لمعت زيتونيتيه وهو يرى اسم والده المحفور على هذه اللوحة الرخامية اقترب منها وشعر ولأول مرة بأن كفه قادر على لمسها وهو يتحدث بحب:
وحشتني.
تحدث داخل نفسه بعيون لامعة وابتسامة صادقة: أنا عارف إنك زعلان مني علشان اتأخرت عليك.
تنهد براحة وهو ينطق أخيرا: بس أنا جتلك أهو، جيت وأنا جايب حقك، جيت وأنا عارف إنك هتكون مبسوط وأنت شايفني كده.

تابع وهو يمسح هذه الدموع بضحكة صادقة نبعت من قلبه: اعتبر دي زيارة على الماشي كده، المرة الجاية هجبلك حبايبك كلهم، و هتشوفني دايما، أنا جيت بس أطمنك إن كل حاجة تمام.
أغمض عينيه يأخذ شهيقا واسعا ويخرجه بهدوء ليشعر لوهلة وكأن والده أجاب، صور له عقله هذا، ربما حلم ولكن الجملة أطربت أذنه:
وأنا متطمن طول ما انت متطمن.

ابتسم بفرح كطفل صغير احتضنته أمه بعد غياب طويل وأشار لوالده بالسلام قبل أن يرحل عائدا إلى سيارته، أخرج هاتفه وقد أجرى الاتصال بحراسه وطلب منهم إعطاء الهاتف لوالدته التي أجابت مسرعة بلهفة:
حامي أنت فين؟، عائشة معاك، دي خرجت وراك.
اتطمني معايا.
قالها ليوئد قلقها فتنفست بعمق شاكرة الله ولكن تجمدت حين سمعته يقول وشعرت بأن ضحكته على وجهه:
النهاردة جبتلك جزء من حق سنين كتير عيشتيها بعيد.

شعرت بالخوف عليه فسألته عل الإجابة تطمأنها: حبيبي أنت كويس؟
ابتسم على اجابتها ونطق بحنان: اه يا ستي كويس، ابنك جامد علطول كويس إن شاء الله، و بيحبك أوي وهيعوضك عن كل لحظة وحشة عيشتيها يا أمي.
شعرت بالتخبط والسعادة والقلق ووالاستغراب اختلطت المشاعر فخرجت على هيئة سؤال:
هو مين معايا؟
ضحك عاليا وهو يجيبها: ما قولنا بقى ابنك، اغنيهالك طيب؟
ضحكت بسعادة ناطقة بغير تصديق: يا حبيبي، طب أنت فين طيب؟

تحدث باهتمام: لا أنا ورايا مشوار هخلصه، هبعت عائشة علشان محمد وأجيلك نقعد زي ما احنا عايزين، اتفقنا؟
هزت رأسها سريعا تقول بحب مبتسمة: اتفقنا.
أغلقت الهاتف وهي تشعر بأنها عصفور أطلق سراحه للتو وعاد إلى كنف أحبائه فلمعت الأمنيات وصارت حقيقة ملموسة.
أما هو فذهب إلى سيارته ليجدها قد استيقظت، تضع كفها على رأسها قائلة بنوم:
هو إيه حصل؟، أنا مصدعة أوي.

أخرج زجاجة المياه وفتحها مقدما إياها لها كي تشرب وهو يقول: مفيش حاجة حصلت، اشربي.
وضعت الزجاجة على فمها وفجأة تدفق إلى عقلها كل ما حدث فأنزلت الزجاجة مسرعا واستدارت له بعيون جاحظة:
رضوان مضربش عليك نار صح؟
جيتي ورايا ليه؟
سألها مبتسما بمكر فرفعت حاجبها ونظرت أمامها وهي تقول بضحك: فضول.
سألها مبتسما باستنكار وهو يعلم لعبتها: فضول!، بجد؟

كان سيقترب منها فرفعت كفيها طالبة التوقف وهي تنطق: خلاص، خلاص أنا أسفه.
ابتسمت وهي تتابع بنفس كلماته التي قالها لها في السابق: جيت وراك علشان قدرك، ومصيرك اللي مربوط فيك بحديد.
استدارت غامزة له: واحد قالي الكلام ده قبل كده.
جذب كفها الذي يحاوطه السوار الحاوي لاسمه وهو يسأل: إسمه ايه بقى اللي قالك الكلام ده.

أشارت على اسمه في السوار فابتسم بحب محتضننا إياها وتنهدت هي بسعادة شديدة تشعر ولأول مرة بأن شيء ثقيل تم إزاحته عنها وأنها الان حرة طليقة ولكن في عالمه هو.
في المسجد وخاصة في يوم الجمعة
وقف الحاج وهدان يفتتح خطبته ويتوافد المصلون على المسجد، كان من ضمنهم حسام و حامي
نطق حسام بقلق قبل دخولهم: أنت هتعمل إيه، قولتلي أجيبك لأبويا وهتظبطلي الدنيا، بس أنا عايز أعرف.

دخل حامي متجاهلا حديثه وهو يقول: بص أنا مش طايقك، ادخل وخلص.
دخلا معا وجلسا في الصفوف الأولى، ابتهج الحاج وهدان حين لمح فلذة كبده الذي طال غيابه بسبب العمل وبجواره حامي من قابله منذ مدة.
بدأ خطبته وحسام يفرك يديه إثر التوتر فنطق حامي بضجر: ما تهدى بقى.
قبل أن ينطق حسام وقف حامي و استأذن قائلا بأدب: بعد اذنك يا حاج وهدان طبعا عايز اسأل في حاجة.

التفتت له الأنظار وشعر وهدان بالريبة ولكنه نطق باسما: أكيد يا بني اتفضل.
سأل مجددا مبتسما بمكر: هو الجواز بالمطلقة حرام ولا حلال؟
كان يعلم إجابة سؤاله جيدا ولكنه أراد إرباكه وحدث ما تمنى فلقد تلجلج وهدان قبل أن يستجمع ثباته ويتحدث:
حلال طبعا يا بني ايه اللي حرمه، الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام تزوج من المطلقة.

توسعت ابتسامة حسام في حين تابع حامي: أصل أنا أخويا عايز يتجوز واحدة وحاصل قبول بين الطرفين واعتراض والدي الوحيد عليها إنها مطلقة، مفيش أي اعتراض تاني، متكلمهولنا يا حاج.
تحدث وهدان موافقا: أكلمه طبعا، المطلقة مفيهاش حاجة تعيبها بإذن الله الأمور تتوفق.
طرح سؤاله الأخير بنظرات واثقة: أنت يا حاج أكيد هتوافق لو ابنك جه قالك على واحدة حتى لو مطلقة مش كده؟
موافق، قصدي هوافق لو قال.

قالها مسرعا وعيناه على ابنه الذي اتسعت ضحته أكثر فابتسم وهدان وعاد لاستكمال خطبته بينما جلس حامي مجددا فسمع حسام يقول ضاحكا بغير تصديق:
ده قال هوافق.
همس حامي له: اسمع خطبة أبوك بقى، واقفل بوقك ده شوية بدل ما يفتكرك اتجننت.
استمرت ضحكات حسام البلهاء وابتسم حامي محركا رأسه بمعنى لا فائدة.

اطمأن الآن فكلمات وهدان بمثابة عقد مبرم، هو أراد كشفه أمام نفسه وأمام من يعظهم، كان يعلم أنه إذا وُضِع في مواجهة حقيقية سيعلم أن نظرته خاطئة وقراره سيء، والآن تحسن القرار وحصل حسام على الكنز بالنسبة له
كنز الموافقة على زواجه وما أجمله من كنز.
بعد مرور أسبوع
كانت السيارات تلتهم الطريق حاملة لهم، كل أفراد أسرته عداه
سألت نيرة عمر الذي يقود السيارة: طب هو حامي فين؟، ولا احنا رايحين فين؟

رفع عمر حاجبه ضاحكا وهو يكرر: انسي مش هقولك.
طب علشان خاطري أنا.
قالتها صوفيا برجاء فابتسم ناطقا: خاطرك على دماغي من فوق في برضو لا.
جذبته شقيقته من سترته ناطقة بغيظ: ما تنطق بقى وتقول هو فين ولا بيحضر ايه، ده أنا سكتالك من الصبح.
نفض يدها عنه قائلا بتصنع الاشمئزاز: ايدك يا حشرة.
نظرت لصغيرها وتحدثت معه بانزعاج من شقيقها وهي توجهه: أنا عايزاك تكبر علشان أول حاجة تعملها، تضرب خالو.

ضحك عمر عاليا ووضح لها الأمر بقوله: يا حبيبتي ده هو وخالو هيضربوكي.
في نفس التوقيت
كانت الصغيرة تركب جوار يحيي وفي الخلف زينة و هنا و دنيا و كريم
قطعت لينا ذلك الصمت حين نطقت: عمو يحيي ممكن تقولي احنا رايحين فين ومش هقول لحد؟
رمقها متصنعا الاندهاش وهو يسألها بضحكة ماكرة: وده من امتى الأدب ده عمو وممكن في جملة واحدة!
مش هقولك يا روح عمو.

نطقت هنا من الخلف لابنها: يا بني ما تقولها بقى وتبطل غلاسة دي عيلة.
لا
نطق بها معترضا فصرخت الصغيرة بغضب طفولي: والله هقول لحامي عليك أنت وحش
استدارت لزينة متابعة حديثها: ومش هقوله كمان أنتِ قولتي عليه ايه.
استدار لها سائلا باهتمام: قوليلي قالت ايه؟
صاحت زينة تمنعها بارتباك: بس اسكتي.
همست لهنا و دنيا وكريم بنبرة شبه باكية: اتصرفوا هتفضحني.

أخرج كريم من حقيبة هنا الشوكولاتة الخاصة بشقيقته وقدمها لها ناطقا بابتسامة:
ليو خدي دي بس متقوليش حاجة لعمو يحيي علشان مامي وطنط نيرة وطنط عائشة قالوا إن كده عيب.
هزت الصغيرة رأسها موافقة بابتسامة وتناولت منه الحلوى فسألها يحيى بغيظ:
كده بتبيعيني.
مطت شفتيها بحزن: لا أنا مش بحبك.
قطع حديثهم صوت دنيا التي سألت يحيي: لو سمحت يا يحيي أنا عايزة أقابل علي.

شقيقها الذي تتيقن الآن أنه في حاجة لها، هز يحيي رأسه موافقا أما هي فتنهدت عاليا ونظرت من النافذة جوارها تتذكر اخر كلمات جمعتها بعمار.
ربتت زينة على كتفها فهي تعلم حالتها جيدا ومالت مقبلة إياها من وجنتها مما أخرجها من حالة الحزن هذه وجعل ابتسامتها تتسع بحب على بشر كانوا العوض بالنسبة لها ولم تجد الأمان سوى معهم.

بعد قليل من الوقت كانت السيارات تقف أمام مكان شديد الجمال يطل على النيل، زينت لوحته التي تحوي اسمه بالأضواء الملونة، وتراصت المقاعد على الأرضية في الخارج كل مقعد وطاولته وتلك الورود المميزة الموضوعة عليها
نطقت عائشة بالاسم المدون على اللوحة بانبهار: (calore )
تابعت نيرة بانبهار وهي تدور في المكان: واو. بتاع مين ده، ايه الجمال ده بس.

علقت زينة على بوابات المكان بحماس: كمان البوابات الازاز والورد اللي عليها جامدة اوي.
سألت دنيا وعيونها لا تفارق أي تفصيلة هنا: بتاع مين ده، المكان رقيق أوي ده غير بساطته الترابيزات اللي على البحر واللي جوا في المكان نفسه والخضرة والديكورات مخلياك تحس كإنك في بيتك، حتى الألوان مدية راحة نفسية اعتقد إنه cafe and backery
-بالظبط كده.

قالها حامي الذي خرج من إحدى بوابات المكان يشرح لهم ما جعل السعادة تقفز لعيونهم:.

ده مكانكم معنى اسمه ده الدفء بس بالايطالي المكان هنا فكرته جتلي من راجل كبير ومراته عندهم مكان مشابه بس الامكانيات مش كتير فأنا عرضت عليه الشراكة، كبرتله مكانه هناك وعملت بتاعنا هنا، الشغل كله بتاعكم هنا هيتقدم قهاوي ومخبوزات من جميع مطابخ العالم وحاجات تانية كتير، هيبقى مكان للناس اللي عايزة تاخد BREAK كده حتى الأكل شبه المكان.
اقتربت هنا وربتت على كتفه مبتسمة بحب: ربنا يباركلك فيه يا حبيبي.

صحح لها ضاحكا: لا يباركلكم انتوا، انتوا اللي هتشتغلوا فيه وتكبروه.
قالت نيرة بحماس: أيوة احنا هنعمل كل حاجة بنفسنا حتى تقديم الأكل هنشارك فيه، اقولكم أنا هاخده بيت وأبات فيه.
ضحكن على قولها وأشار حامي لدنيا التي تبعته فوجد شقيقها ينتظرها على طاولة في الزاوية بابتسامة حانية، هرولت ناحيته تحتضنه بحب فسمعته يقول:
حامي عزمني وجيت علشان أشوفك، هتيجي معايا صح؟

ابتسم حامي على وضعهما وهزت هي رأسها موافقة: هعيش معاك بس بلاش القصر، هاتلنا مكان يكون قريب من هنا.
شاركهم حامي في الحوار ناطقا: طبعا لازم يكون قريب، أختك أكتر واحدة هتشتغل في المكان ده بما إنها خبرة في الموضوع يعني تعتبر أكبر مالك ليه.
قفزت بحماس تقول وقد زادت سعادتها: ده انا عندي شوية أفكار تجنن.
هرولت ناحية الحشد من جديد وضحك شقيقها على سعادتها هذه وهو يقول بامتنان:
شكرا بجد على كل حاجة.

ملهوش داعي الشكر أنت راجل يا على ووقفت مع صاحب الحق.
قالها حامي رابتا على كتفه فابتسم علي قبل أن يقول بارتباك: هو أنا ممكن أعرف عنوان سالي الجديد.
رفع حامي حاجبه وهو يسأله بابتسامة ماكرة: ده ليه؟
حاول علي تجميع الكلمات حتى قال أخيرا: أصلها قالتلي إنها هتشتري بيت بالفلوس اللي أنت ادتهالها وأنا محرج اتصل اسأل عن عنوانها، أصل واجب أزورها مش صح؟

تحدث حامي وقد كشفه: أيوة طبعا وأنت أبو الواجب كله، تابع غامزا: هديلك عنوانها وابقى سلملي عليها.
هز علي رأسه ضاحكا ولكن انتبه حين سمع قول حامي الجاد: بقولك يا علي، دنيا مهما كان عاشت مع نهلة، نهلة رغم سوادها بس مكانتش وحشة مع دنيا، وأنا عارف إن دنيا هتطلب تشوفها، فلو طلبت هديلك عنوان مصحة نفسية تزورها هناك علشان هي هناك من ساعة الصدمة اللي اتعرضتلها وكده.

وافق علي على حديثه ناطقا: حاضر هعمل ده، تعالى بقى فرجني على المكان علشان أنا داخل على دراسة وهجيلك صبح وليل هنا.
حثه حامي على السير قائلا بترحيب وضحكته لم تفارقه: اتفضل طبعا.
في نفس التوقيت
كانت قد وصلت سيارة حسام منذ قليل وانضم للجميع حسام وشقيقته وسارة وأحمد
صرخت زينة بضجر: هو أنتِ مبتفهميش بقولك المكان بتاع حامي وقالنا اننا هنشتغل فيه.

جذبت بسنت عائشة ناطقة بغيظ: تعالي أنتِ علشان البت دي بتزعقلي، قوليلي هو انا ينفع اسيب شغل المستشفى ده واجي اشتغل هنا، أنا طول عمري نفسي أشتغل مساعدة خباز هو يخبز وأنا أكل.
هزت عائشة رأسها تقول بضحك: لا هو الواضح إن محدش هيشتغل كلنا هناكل.
قطعت سارة حديثهم هذا بقولها السعيد: أنا وحسام هنتجوز كمان شهر.

صرخت عائشة بغير تصديق وهرولت ناحيتها تحتضنها فهي تعلم قصتهم من البداية وسعدت لهم كثيرا بينما ترك حسام الحديث مع أحمد حينما رأى حامي وحث أحمد على السير ناحيته كي يهنئاه احتضنه حسام قائلا:
ألف ألف مبروك، أخيرا لقيت المكان المناسب علشان خططنا.
رفع حامي يده معترضا: لا أنا ربنا تاب عليا من خططك دي خلاص، مشوفش وشك تاني بقى.

أجابه أحمد برجاء: ليه كده ده حسام بيحبك وقالي إن أنت اللي أقنعت أبوه بجوازه وأنا بقى عايزك تقنعلي بسنت علشان عارف مثل اللي حب ومطالش ده معمول ليا.
وضح له حسام الأمر بهدوء: بسنت بتاخد وقتها علشان محدش فيكم يتظلم اصبر عليها شوية تقدر تخرج من اللي عاشته وبعدها هاجي معاك لابويا تخطبها.
أيد حامي حديث حسام مرددا: فعلا تصبر عليها شوية ثم أشار على يحيي متابعا بضحك: غيرك صبر لما قرب يطق.

ارتفعت ضحكاتهم ولم يقطعها إلا قول حسام: صحيح يا حامي بالنسبة لدكتورة والدتك.
الدكتورة ملهاش دعوة، للأسف اتهددت انها تبدل الدوا علشان يأذوني في أمي وهي قبل اخر خطوة اتراجعت وجريت، أنا لو كنت اتأذيت منها كنت حاسبتها بنفسي لكن هي راجعت نفسها أنا مشكلتي دلوقتي عمار.
ميرال أنا نفذت كلامي معاها فلوس بديع راح نصها لسمية وسافرت وماهتمتش حتى ببنتها والنص التاني راح لحساب ميرال.

قال هذه الكلمات بانزعاج فمشكلة عمار تؤرقه وتابع بعدها: عمار أنا قادر أبعده عن دنيا لكن في نفس الوقت هو مش وحش بس غبي وحمار مربوط بميرال من ناحية الشفقة وهي أنا شاكك انها بتستغل ده علشان تسحبه ليها وتنسيه دنيا.
تحدث حسام باهتمام مطمئن حامي: بص طالما هو بعيد عن دنيا خلاص كله تمام، واحنا ممكن نساعده من بعيد من غير ظهور في الصورة.
أيد حامي حديثه قائلا: ده اللي هعمله.

أتت الصغيرة تقول ببكاء: حامي نيرة بتقول إن أنا مش هشتغل معاهم هنا وهتطردني.
حملها حامي ومسح بكفه دموعها هذه ناطقا بحنان: في حد يصدق نيرة برضو، مش أنا قولتلك نيرة دي مجنونة، ملكيش دعوة بيها.
هزت رأسها بابتسامة واسعة فقبلها في وجنتها وداخله يتحدث إلى تلك التي ذهبت للعالم الاخر كريمان
يعدها أن يعطي ابنتها الحب والأمان تلك الأشياء التي لم يستطع إعطائها لها قبل وفاتها.

اقتربت عائشة وصغيرها منه، ابتسم لها فقالت: هيبقى بيتنا التاني ده، بس ياريت تعملي أوضة علشان لما تزعلني أبات هنا.
سألته لينا بحماس: وأنا ينفع أبات معاها؟
هز رأسه مؤكدا: أيوة أكيد هطردكوا كلكوا تباتوا هنا.
أنزل الصغيرة فهرولت ناحية الجميع بينما اقتربت عائشة فسألها بعيون لمع فيها حبه الصادق:
مش هقولك أنتِ فرحانة ولا لا؟
علشان أنا عارفك هتفضلي معايا حتى لو مبتحسيش بالراحة ساعة على بعض.

ابتسمت وقد رفعت صغيرها وهي تقول بتأثر: مين قال إننا مش هنتعب؟، الحياة تعب وراحة وأنا في أي دقيقة عايزاك تكون جنبي، عايزة أمانك
ودفاك
أعطته الصغير ورفعت كفها تمسح على وجهه متابعة: عايزة الأمير اللي النظرة في عينه بتخطفني، والوحش اللي مشوفتش أجمل منه.
احتضنها ليشعر بالأمان التام هي ونسخته الصغيرة ونطق بصدق: والوحش بيحبك وهيفضل طول عمره يحبك أنتِ وأغلى هدية اديتيهاله.
اختتم غامزا: ولا إيه يا وحش؟

ارتفع صوت ضحكاتهم كل منهما يشعر بالسعادة كنفها الحب من كل جانب، رحلة شرسة لم ترحمهما ظنا الجميع أن هدم حصنهما سهل حتى هما ظنا ذلك ولكن خذل الحصن الجميع وازدادت قوته
حطما الصعاب، كسرا الحواجز، وحققا المستحيل فقط ليصبحا معا، ليصبح حبه الأعمى من نصيبه وتضع هي شعاع نورها في عتمته.
والآن تحقق مرادهم صارت الجميلة في أرجاء قلب الوحش
وعائشة في أمان حامي
وتستمر الرحلة.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة