قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثامن والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثامن والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثامن والأربعون

القهوة يا فندم
قالها النادل بأدب وهو يضع لها فنجان قهوتها على الطاولة مصحوبا بكأس المياه المثلج، شكرته بسنت بابتسامة ودودة وبمجرد رحيله التقطت فنجانها تشرب باستمتاع قطعه صوت تعرفه جيدا:
هو أنا برضو متعود ببدأ يومي بفنجان زي ده بس المختلف بقى إنك توافقي أخده معاكي، ها هتوافقي؟
رفعت حاجبها الأيسر وهي تتطلع له بغيظ متحدثة بانفعال: أنت بتراقبني بقى يا أحمد!

أشار على نفسه ناكرا حديثها وهو يردد ببراءة: أنا!، بقى أنا أعمل كده حرام عليكِ أتقي الله.
تصنع أنه سيغادر وهو يقول بتمثيل الحزن: على العموم أنا ماشي خلاص هاخدها لوحدي.
لا استنى.
قالتها مسرعة بلهفة قبل أن يتم رحيله فعاد يسحب مقعد على الطاولة بضحكة مشرقة وهو يقول:
كنت عارف والله.
حذرته بتمثيل الحدة وقد خرجت كلماتها جادة: اسمع أنت هتشرب قهوتك وأنت ساكت.

أومأ موافقا وامتهن الصمت جيدا حتى قالت هي فجأة: متعرفش حسام و سارة تليفوناتهم مقفولة ليه؟، أنا في المستشفى من امبارح أساسا ومحدش منهم بيرد.
لم يجبها بل كانت نظراته متحدية فعلمت أنه ينفذ ما طلبت فأعادت من جديد:
أنت ممكن ترد على السؤال وترجع للصمت تاني؟
هز رأسه رافضا ما طلبته فمطت شفتيها بضجر ناظرة للأرضية وأخيرا نطقت بنفاذ صبر:
أنت ممكن تقطع الصمت خالص وترد على سؤالي وبعدين تتكلم معايا.

لم يجب مجددا فتأففت غاضبة وهي تنطق بضجر: بطل تناحة.
رفع حاجبيه ضاحكا ولكن حدث ما لم يتوقعه حين قالت بارتباك: أحمد أنت كنت طلبت مني مره إني أديك فرصة هو أنا موافقة على إني...
قطع حديثها ضربة من كفه على الطاولة وهو يتحدث ضاحكا بغير تصديق: أحلفي.
لاحظت نظرات الجميع لهم فنطقت ضاحكة بإحراج: يا عم اهدى الناس بتبص علينا.

خرج قوله بلا اهتمام فكان كامل تركيزه مثبت عليها: يا ستي يبصوا هما أحرار، كرري أنتِ بقى اللي قولتيه تاني كده، قولتي موافقة تديني فرصة صح؟
هزت رأسها مبتسمة ولكن قطعت إبتسامتها مرددة بحدة: بس اسمع الفرصة دي يا بابا تروح تخطبني فيها من أبويا وأنا هدرسك في الخطوبة لكن تفتكر إنها نروح ونيجي مع بعض ومكالمات نص الليل بتاعة العيال دي الشغل ده مش بتاعي.
شبك كفيه بغيظ فنطقت بحذر: أنت هتضرب ولا إيه؟

هو أنتِ مفيش فلتر يا ماما الكلام بيعدي عليه قبل ما تخرجيه؟
سألها فهزت رأسها نافية وهي ترتشف من فنجانها ببراءة، قطع جلستهما اتصال إلى أحمد فأجاب لم يمر سوى دقائق حتى قال محاولا استدعاء هدوء من يحدثه:
طب اهدى وفهمني وأنا هعمل اللي أنت عايزه.
سألت بسنت بعينيها عن ما يحدث ولكنها لم تجد إجابة بل أعطى هو كامل انتباهه لمن يحدثه في الهاتف فتيقنت هي من أن أمر ما حدث وهذا ما شعرت به منذ الصباح.

نيرة أنا حقيقي عايزة أنام.
هتفت بها عائشة وهي تحتضن لينا تلك الصغيرة الخائفة مما عانته اليوم والتي التجأت للنوم، لم تصمت نيرة بل قالت مجددا:
طب لينا مالها؟، ليه نايمة كده مش عادتها وأنتِ كنتِ فين يحيي جابك أنتِ والبنت ومشي جري بعربيته قبل ما حتى هنا تسأل أي حاجة.
دثرت عائشة الصغيرة واعتدلت على الفراش واضعة كفها أعلى وجنتها وهي تتفوه بغيظ:
أديني قعدتلك أهو عايزة إيه بقى؟

تصنعت نيرة الحزن وهي تمط شفتيها كطفل صغير تم تعنيفه للتو سريعا ما خرجت من هذا الإطار ناطقة بحماس شديد:
شوفتي البيت هنا عامل زي بيوت زمان بالظبط والمكان مفيهوش مخلوق واحد، تحسي إن المنطقة كلها مفيش فيها ناس غير البيت اللي إحنا فيه ده بس.
دخلت زينة وبيدها حامل الطعام وهي تقول: هنا بعتالك الأكل يا عائشة بتقول أكيد مأكلتيش برا،
و متقلقيش مامي محمد نايم معاهم.

تناولت عائشة شطيرة فحقا لقد أنهكها التعب والجوع وقبل أن تبدأ في الأكل سألت زينة بعيون لامعة:
هو يحيي هيرجع امتى، قصدي يعني كلهم قعدونا في البيت ده ومشوفناش حد منهم ليه؟
أخذت نيرة كوب اللبن وهي تضحك مرددة بمكر: كلهم برضو ولا يحيي بس، ولما أنتِ بتحبيه كده مطلعه عينه ومش عايزة تتجوزي ولا يتكتب كتابكوا حتى ليه.
رفعت عائشة حاجبها وهي ترمق نيرة بغير تصديق لترد على حديثها باستنكار:.

شوف مين بيتكلم، يا بت ده أنتِ أخويا مسميكي نيرة مرمطة من كتر بهدلتك ليه.
تركت نيرة الكوب جانبا وهي تقول بحب: يا حبيبتي عمر ده روحي وبعدين حبيبك يبلعلك الزلط وعموري بقى بيموت في الزلط.
قذفتها زينة بالوسادة بغيظ وسط ضحكات عائشة حتى قطع جلستهم هذه دخول دنيا على حين غرة والتي اكتست تقاسيمها بالذعر وهي تحاول تجميع كلماتها:
في عربيات كتير برا، ...

لم تكمل جملتها بل هرولت عائشة إلى الشرفة لتقع عيناها على عدد كبير من الحوائط البشرية يفوق عدد الحراس أمام بوابتهم فتوقعت أن القادم ما هو إلا الأسوء.

توقفت السيارة العائدة بسمية أمام منزلها بمسافة كافية، شكرت السائق ونزلت متوجهة إلى منزلها، صعدت في المصعد وهي تخلع عن عينيها تلك النظارة وهذا الذي أنهك خصلاتها كما تظن حتى وصلت إلى البوابة فأخرجت المفتاح الخاص بها تفتح به ولكنها لم تكن تعلم أنها تفتح بوابة للجحيم فبمجرد دخولها وغلق الباب وجدت من يجذبها بعنف واضعا سكين على عنقها شعرت بحدة نصله جيدا.

شهقت عاليا بصدمة وهي تحاول جاهدة أن تبعده عنها ولكنها لم تستطع فنطقت بخوف حقيقي من وسط محاولاتها:
أنت مين وعايز إيه؟
تحدث يحيي بجانب أذنها بنبرة لم تزدها إلا خوفا دعمتها ضحكته الساخرة:
أنا عارف إن الهانم مزاجها عالي أوي ولسة مقضية قعدة حلوة مع اللي كانت في شقته، بس معلش إحنا ملوك المزاج العالي برضو، وقدرك بقى هتقعدي معايا بمزاجك أو غصب عنك.
أنا معرفش حاجة.

قالتلها بارتعاد متجاهلة كلماته التي أدركت مغزاها جيدا ولكنها تفاجأت به يدفعها على المقعد بعد أن أبعد السلاح الأبيض عنها وهو يقول بإصرار:
لا يا روح أمك تعرفي.
كانت ستفر ولكنه تحكم في حركتها جيدا وهو يكبلها بأحد الأحبال هاتفا بضحكة متشفية:
متقلقيش يا مدام أنا مجهز كل حاجة علشان نعرف نتكلم مع بعض كويس أوي.

جذب حقيبتها وأخرج الهاتف الخاص بها منها وهو يعلم ما سيفعله به جيدا، أصبحت هي في حالة يرثى لها وهي تحاول دون جدوى التخلص من هذا الأثر مصرة على جملتها:
أنا معرفش حاجة.
جذب يحيي مقعد ووضعه أمامها ليجلس عليه بأريحية شديدة ناطقا بابتسامة هازئة:.

والله أنتِ صعبانة عليا، أصل اللي قدامك ده مش حتة عيل متأجر علشان يطلع اللي عندك، أنا واحد تربية شوارع وبلطجي ولحد دلوقتي أنا بعاملك بكل الأدب اللي عندي، بس خلال دقايق لو متكلمتيش هتشوفي بقى البلطجي اللي قدامك ده ممكن ينطقك ازاي.
ظهر أثر حديثه على وجهها فعلم أنه نال مراده فتابع بثقة وعيناه لا تفارق خاصتها:
ها تحبي نبتدي منين؟
في نفس التوقيت
في داخل المشفى، وفي غرفة ميرال.

تسلل عمار للداخل خلسة، كانت هامدة، ساكنة تلك الوصلات الكثيرة هي التي تحافظ على ما تبقى من حياتها، جلس على المقعد المجاور للفراش والتقط كفها وقد تخلى عن دموعه أو للأصدق لقد جفت دموعه
ميرال.

تفوه بإسمها ضاحكا وهو يتابع بصدق: أنا مسامحك ومش زعلان منك، مهما كان أنتِ وقفتي جنبي في وقت حتى لو كان بالكدب، متفتكريش إني بقولك كده علشان أبقى خلصتك من ذنبي لا الدكتور قال إن في أمل تفوقي وأنا واثق في ربنا إنك هتقومي.
زاد من ضغطه على كفها يبثها الأمان وهو يقول بعيون لمعت بالأمل: بس متبوخيش وتطولي بقى، أنتِ طبعا مش سامعة وحتى لو سمعتي مش هتفهمي ولا كلمة من العربي ده بس أنا متأكد إنك حاسة.

أنهى حديثه وترك كفها بهدوء متوجها إلى الخارج، بحث بعينيه عن عمر ذلك المرافق له من يوم الحادثة فلم يجده، سمع الممرضة تقول:
لو سمحت أستاذ عمر قالي أبلغ حضرتك إنه رايح مشوار وهيرجع تاني.
هز رأسه يشكرها، تحركت هي مغادرة أما هو فغادر المستشفى كي يشتري علبة من السجائر، ويرى النور الذي افتقده منذ دخوله إلى هذا المكان الذي لا يحبه أبدا.

كان يجلس بهدوء على مقعد في هذا المكان التابع لغريمه فارس، دخل عمر من البوابة ليجد حامي يجلس هكذا مستندا برأسه على كفيه من الخلف
خرجت منه كلمة واحدة لشقيق زوجته: وديته؟
جذب عمر مقعد يجلس عليه بتعب وهو يتحدث ساخرا: يا روقانك يا أخي، طب ما وديتهوش أنت ليه؟
علشان لو وديته أنا كنت هقتله.

كلمات خرجت من حامي ببساطة وكأنه يتحدث عن شئ طبيعي ولكنه على حق فكلمات فارس الصريحة التي تجرأ على التفوه بها لولا تحكمه بأعصابه لقتله، والآن ذهب فارس إلى مكان تصفية الحساب مع البقية.
أخرج عمر كوب القهوة الذي ابتاعه أثناء مجيئه وقدمه له قائلا أثناء جلوسه:
طب خد اشرب.
أخذها منه مبتسما وهو يحدثه متهكما: مبتنساش أنت.

رفع عمر رأسه بتصنع الغرور هاتفا بضحك: يا عم أنا جمايلي مغرقاك مديك أختي حبة عين أخوها، ومديك دمي، وخدت أختك وريحتك منها، بعد ده كله بقى هنسى أجبلك قهوة معايا!
هز حامي رأسه مرددا: وحش يا عمر.
في نفس التوقيت
ترك يحيي الكوب الذي صنعه لنفسه على الطاولة مرددا بضيق: حتى كوباية الشاي عندكم ماسخة زيكم مش شارب.

أخرج سيجارة من علبته وأشعل قداحته متابعا: ما يلا يا ست أنتِ أنا عامل حساب إنك أد أمي بس أقسم بالله دقيقة كمان وما هعمل حساب لإنك ست أصلا.
هزت سمية رأسها سريعا تنطق بخوف: حاضر هتكلم.
هز يحيي رأسه منتظرا استماع ما تقوله وحاول أن يسهل عليها الأمر حين بادر بالسؤال:
مين اللي كنتي عنده؟
توعدني لو قولت هتخلوا دنيا بنتي تسامحني؟

رمقها يحيي بغير تصديق وحرك رأسه مستنكرا وهو يقول: طول عمري أسأل يعني إيه حد ميكونش عنده ده؟، ازاي يعني؟، ربنا بقى أراد النهاردة إني أتفرج لايف على عدماة الدم.

ضرب على الطاولة بعنف فانتفضت مكانها وهو يتابع بشراسة: بنتك ايه يا أم بنتك، بنتك دي أنتِ منصفتيهاش مره في عمرها، منضفتيش علشانها والغريب كان أحن عليها منك، وبلاش أسطوانات وكنت بحميها والكلام اللي لا بيودي ولا يجيب ده، بنتك مش طايقاكي ولا أصلا معترفة إنك أمها، اللي يشوفك وأنتِ بتقولي بنتك يقول جايبك من الشوارع بتدوري عليها فوقي ده أنا جايبك من بيت عشيقك.

كانت كلماته موجعة، تضرب أعماقها بقسوة، حتى صرخت كي يتوقف: كفاية، بس كفاية.
انتظر باقي حديثها فقالت هي بدموع: اللي أنا كنت في بيته ده عوني راضي وشهرته مختار السيد أبو فارس مختار وهو اللي بيدي الأوامر للكل واللي محدش في الدنيا دي كلها يعرفه غيري حتى عوني نفسه ميعرفش إني أعرفه...
صمتت وانتظر يحيي بشغف باقي حديثها هذا الذي يعد أخر خطواتهم ليهلكوا هؤلاء الفسدة.

نطقت هي مفرغة كل ما لديها علها تنال الراحة: عوني هو أبو عدنان، عدنان وفارس اخوات ومحدش يعرف.
كان يحيي مصدوما مما يسمعه فحلت عليه حالة من عدم الفهم وألقى سيجارته في الوعاء الزجاجي المجاور له وهو يقول:
لا أنتِ تقولي وتسمعيني تاني...
ضيق عينيه مختتما: مين ابن مين؟
في المساء.

كانت تنظر من الشرفة بقلب وجل الجميع نام عداها، تكثيف الحراسة هذا أقلقها البيت أصبحت جدرانه البشرية أكثر من الأساسية المدعمة للمنزل، نظرت لصغيرها الذي تحمله بين يديها مرددة بحزن:
عاجبك عمايل أبوك؟
سمعت تهتهات من الصغير فانتبهت له جيدا، رمقت عيونه تلك النسخة التي تشبه أصل والده وهي تسمعه يكرر مرات متتالية فنطقت بفرح:
انت بتقول بببببب تقصد أبوك نطقته قبلي وأنا بشتكيلك منه هتبقوا انتوا الاتنين عليا.

كان الصغير يحرك يديه وقدميه بسعادة مكررا ذلك الحرف بحماس الصغار، ضحكت ونظرت مرة ثانية من الشرفة تقول بحنين:
مش لو كان هنا كان سمعك، بس هو الأكيد مش جاي، تعرف إنه هو بيوحشني أول ما رجله بتخطي عتبة مكان بعيد عني بحسه ابني
نظرت لصغيرها الذي لا يعي شيء متابعة: زيك بالظبط.

سمعت صفير تعرفه جيدا فنظرت من الشرفة تتيقن إن كان ما سمعته صحيح، ظهر على تقاسيمها الخيبة حين لم تجده، أما عنه فأسرع بالاختباء ليصبح ظهره للحائط في الأسفل وهو يضحك هامسا:
ده أنا هجننك.
سمعت الصفير مجددا، فنظرت لصغيرها عله يساعدها وهي تقول بنفاذ صبر: لا بقى ما هو أنا ما اتجننتش.

وضعت الصغير في سريره وهزت له الألعاب وهي مازالت جوار الشرفة، سكن الصفير فهدأت وبدأت تدندن لصغيرها بحب تلك الأغنية الشهيرة للأطفال:
كان في فراشة صغيرة مفرفشة ومزقططة، لابسة بلوزة منقطة على جونلة مخططة، منقطة ومخططة.
قولتلها تيجي نلعب سوا يا أم جناحات ملونة؟
قطع دندتها سماع الصفير من جديد فتركت الصغير واتجهت نحو ملابسها مقررة الخروج فهي لن تستطيع النوم هكذا.

بعد عدة دقائق كان في الأسفل لدى المنطقة المقابلة للشرفة، بحثت في المكان بدقة ارتفعت أنظارها للنجوم التي تزين السماء فابتسمت متأملة إبداع الخالق، التقطت أنفها رائحته فانتبهت جميع حواسها وقالت:
حامي اطلع أنت هنا، البرفيوم بتاعك مغرق المكان.
لاحظت أن الحرس القريبون من مكانها بدأوا في الملاحظة فقالت مجددا برجاء:
اطلع بقى الحرس هيفكروني مجنونة وبكلم نفسي.

دارت حول نفسها وهي تقول بضيق: طب والله أنا متأكدة إنك هنا، عايز تهرب من برا برا.
يأست فقررت العودة إلى الداخل مجددا بنظرات حزينة، استدارت راحلة وهي تقول:
بس مش مسامحاك على فكرة.
وجدت مرفقها يُجذب من الخلف على حين غرة ارتفع صوت ضحكاتها وهي تجده يطوقها قائلة بانتصار وعيناها لا تفارقه:
إحساسي ميخيبش أبدا.
كانت الظلمة تحيط بهم ولا يوجد سوى الحائط الذي استند عليه هو وصوته الذي بان فيه ضحكته:
قلب الأم.

مسح على وجنتها سائلا بتسلية: كنتِ بتغنيله إيه بقى؟
تدفع كام؟
قالتها بشقاوة فضحك محتضننا إياها ليسمع دندنتها اللطيفة: كان في فراشة صغيرة مفرفشة ومزقططة، بس كفاية كده.
قالتها بنصف ضحكة فرفع رأسها له ليقول عامزا بزيتونيتيه: والله ما في فراشة غيرك يا وحش بس قولتهالك قبل كده جناحاتك محتاجين يتقصوا.
سألت بتصنع البراءة وهي تعدل من سترته: أهون عليك؟

رفعت رأسها تنتظر الإجابة ضاحكة فاصطدمت به يسند جبينه على جبينها ناطقا بصدق برز في زيتونيتيه:
حاجات كتيرة تهون إلا أنتِ، أنتِ دوا اللي عاش طول عمره فاكر إن مفيش حاجة إسمها دوا، وداء افتكرت إن عمره ما هيصيبني.
والله العظيم أنا هقع منك دلوقتي حالا.
قالتها ولم تعِ ما قالت فانفجر هو ضاحكا على حالتها هذه، أغمضت عينيها بارتباك فاقترب مقبلا عينها واختتم بالقرب منها:
عارفة أنتِ بالنسبالي إيه؟

سألت عيناها اللامعة أولا فاختتم هو بنبرة أذابتها كليا: الوحش.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة