قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثالث عشر

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثالث عشر

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثالث عشر

قلوب امتهنت القسوة حتى صارت وكأنها سجيتهم.
أين ضاعت الرحمة؟! أم أنكم لم تسمعوا عنها من قبل؟!
كلما عاد للنور تجذبونه لظلامكم، تقحمونه عنوة وكأنكم تذكروا قلبه بأنه اتخذ من الظلام مأوى منذ زمن بعيد، نيران قلبه ليست من فراغ إنما هي أنسب رد لقبح قلوبكم.
زرعتم الأشواك وحصدها هو، ونثر لكم الورود ولم يجن سوى قسوة أشواكها.

هل تتنافسوا وتتصارعوا في حلبة الشر؟، فؤادكم لايؤلمك ولكن أي فؤاد وقد انعدم الضمير لديكم.
ولكنه لم ولن يكون مثلكم، هو معي لن أفلت قلبه ولن أترك يده ولن أتهاون لحظة واحده عن احتضان عيناه.
ياصاحب القلب المضطرب هل تتركني؟!
لا، لا أتركك
في منزل سارة.

جلست أمام شاشة التلفاز تقلب بين المحطات وهي تحتسي قهوتها، سقط جهاز التحكم من يدها فأصدر صوت عالي فتنهدت بتعب فمجرد صوت مثل هذا أثر عليها أصبح كل شيء يصيبها بالذعر، مالت لتلتقط الجهاز فأتى أحدهم من خلفها وقبض على عنقها فحاولت الصراخ ولكنها لم تستطع، ثوان حتى ظهر أمامها بوجهه، فجحظت عيناها حين علمت هويته انه نادر بينما هو رمقها بشر ناطقا: ايه يادكتورة كنتي مفكراني هتحبس ومش هخرجلك، ولا كنتي مفكرة هتعرفي تهربي مني يابنت ال.

صرخت عاليا بسبب الصفعة التي تلقتها منه على وجهها، ودفعها هو فتراجعت في مقعدها ليميل عليها ناطقا بغل: رافعة عليا قضية طلاق، عايزة تطلقي نسيتي لما لميتك من الشوارع بعد ما رضوان رماكي بفضيحتك لكلاب السكك تاكل فيكي.

علي الرغم من ذعرها ولكنها نطقت بغل مماثل: كلاب السكك أهون عندي كتير اوي من حقيقتك القذرة واللي للأسف اكتشفتها متأخر اووي، انت متجوزتنيش علشان الشهامة انت متفرقش حاجة عن رضوان، انت اتجوزتني علشان ابقى كارت في ايدك تحرق بيه رضوان في أي وقت، اتجوزتني علشان تحرق قلبي وتقولي ابنك مات، أنا مش هرتاح غير لما اشوفك انت وهو بالبدلة الحمرا.

أطاحها بقدمه فصرخت عاليا متأوهة بألم ووقف هو يمسح قطرات العرق عن وجهه مردفا بشراسة: قبل ما تشوفيني بيها هوديكي عند ربك وابقى شوفيني بيها من هناك بقى.
أخرج سلاحه وآتى ليصوبه ناحيتها ولكنه على حين غرة تعركل على الأرضية ساقطا وسقط سلاحه جواره. خفق قلب سارة بفرح بينما استدار نادر ليرى من تسبب في سقوطه فوجده حامي يقترب منه واضعا سلاحه على عنقه وهو يقول: لا ياروح امك هتشوفك بيها من هنا.

ألقى لها حامي حبل قائلا وهو يصوب سلاحه عليه: يلا اربطيه، علشان افرجك عليه دلوقتي بقى.
رمقته بتردد خائفة فصرخ بها حامي: سمعتي اللي قولته.
اقتربت منه بإرتعاد تفعل ما أمرها به ولم يتحرك نادر حركة واحده إذ أن سلاح حامي على عنقه.
بمجرد أن انتهت رمقت حامي بنفس الخوف فأشار لها على أحد العبوات البلاستيكية قائلا: هاتيها.
جلبتها فنطق بعيون مظلمة: ادلقيها فوقه.

اشتمت رائحة المادة التي تساعد على الاشتعال تفوح من العبوة فرددت ببكاء: انت بتعمل ايه!
أشار على مافي يدها ناطقا بحسم: ادلقي.
ابتلعت ريقها بخوف تفعل مثلما أمرها في حين صرخ رضوان معترضا: انت اتجننت، هتعمل ايه اهدى وهعملك اللي انت عايزه.
اقترب منه لتواجه زيتونيتاه اللامعه عينه وهو يقول: هاخد حق اللي ليا، مش انا قولتلك حامي العمري مابيسبش حق اللي ليه.

حاول نادر تهدئته ولكن نطق بشراسة: لينا بنت سارة ولا لا؟!
استدار لها يرمقها بتفحص: لينا بنتك ولا لا؟!
حركت رأسها بإستنكار مرددة: انت بتسأل في ايه لينا بنتي طبعا.
نطق نادر بذعر حينما لاحظ أنه يخرج قداحته: مش بنتها.
تهاوت سارة على الأرضية وجحظت عيناها وهي تقول بغير تصديق صارخة: انت كدااب دي بنتي.
رفعت نظرها لحامي وهي تهتف بجنون: حامي متصدقهوش، لينا بنتي والله العظيم.

أدرك نادر أن حامي قد علم كل شيء بعد هذا السؤال ولكن من أين، من أفشى سره.
أخرجه من حالة الهياج هذه صرخات سارة فردد: بنتك ماتت في الحضانة، لينا مش بنتك.
حركت رأسها نافية مايحدث لاتصدق كلماته على عكس حامي الذي اقترب منه هاتفا: لينا بقى تبقى بنت كريمان مش كده؟
أنا مكنتش...
ركله حامي ركلة عنيفة وهو يسبه: ترد على اللي اسئلهولك بس يا.
رد نادر مسرعا بألم: اه بنتها.
امال جبتها لسارة ليه؟

نطق بتبرير: علشان كانت لسه عايشة في صدمة موت كريم وشاكة فيا، ولو كانت عرفت انها ولدت بنت كمان ميته كانت هتقلب الترابيزة كلها عليا.
ضحك حامي ساخرا وهو يصفق بيده: الله على الدماغ، فاانت بقى ضربت عصفورين بحجر واحد منك هتسكتها ومنك هتلاقي حد يربي البنت.
كانت حالتها مذرية تهذي بكلمات لا تغيرها بأنها ابنتها وكل ما يقال غير حقيقي.

صرخ فيها حامي حتى تتزن: ساارة، فوقي واسمعي كلام ال اللي متجوزاه علشان تعرفي ان اللي هعمله فيه قليل.
رمقته باكية بينما تابع حامي: ايه اللي خلاك تتجوزها.
نطق نادر بخوف من تهوره: كانت ماشيه مع ابن رجل أعمال معروف والراجل كان عايز يبعدها عن ابنه بس الواد كان ماسك فيها، فااتفق معايا اتجوزها واسافر مقابل شراكة معاه في شركة كبيرة ليه بره مصر، وأنا بصراحه مقدرتش ارفض العرض ده وخصوصا ان البت حلوه برضو.

قال جملته الأخيرة ليثير استفزازه ولكنه لم يتوقع خروج طلقة من سلاح الواقف أمامه اخترقت كتفه.
تبعها آخرى أصابت قدمه فصرخ عاليا وقد زاد ذعره ألم مميت، بينما رفع حامي سلاحه ليضرب الثالثة في منتصف رأسه فهرولت سارة بصدمه تحاول ردعه وهي تقول بترجي: لا ياحامي متعملش كده لا، هتخسر نفسك علشان مين علشان ده.

كانت عين حامي مثبتة على جبهة نادر لم يتحرك قيد أنملة وصرخ نادر عاليا حينما سمع صوت السلاح فأسرع قائلا بذعر: مش اختك.

ابتسم حامي بسخرية دلت له أنه لم يصدقه فقال نادر مسترسلا: البنت دي كانت بنت شريك لرضوان، الراجل ده ساعد رضوان كتير في بداية طريقه وكان عنده فلوس ملهاش اخر مراته ولدت البنت دي وماتت، الراجل كان خايف على بنته الوحيده وآمن لرضوان فكتب ان رضوان هو الواصي على فلوس بنته لو حصله حاجة في أي وقت، و رضوان عرف الكلام ده من المحامي بعد مادفعله، طبعا انت عارف اللي هيحصل بعد كده حادثة عربية اتقال ان البت وابوها راحوا فيها وبما ان مفيش ورثة رضوان خد كل حاجه، بس انا عرفت بطرقي ان البنت عايشة بس مكنتش اعرف فين، وكنت عارف برضو ان رضوان مخبي صوفيا بس مكنتش عارف ازاي ولا فين، فبتخمين قدرت اقول ان البنت دي هي نفسها، أنا معرفش اي حاجة تانية والله العظيم كل اللي خمنته انه يكون خباها في نفس مكان صوفيا وهي عشان كده افتكرت انها امها.

أشعل قداحته بعيون مظلمة انعكست عليها النيران مما جعلها مثيرة للرعب، فصرخت سارة محاولة تهدأته وهي تبعده مستنفذة طاقتها في إقناعه: فكر في مراتك واخواتك.
أثناء حديثها تلقى نادر ضربة قويه على رأسه من الخلف نابعة من سلاح حسام الذي دخل لتوه مما أفقده الوعي وخر ساقطا، أبعد حسام حامي بصعوبة قائلا: انت كنت هتبوظ كل حاجة، وكنت هبقى ارتكبت اكبر غلط اني سمعت كلامك وخرجتهولك.

رمقه حامي بعين خالية فتحدثت سارة بأمل: هو كداب، هي بنتي صح؟
ربت حامي على كتفها وقال بثبات مخالف لما في داخله: هبعتلك حد ياخدك من هنا.
في نفس التوقيت
خرجت عائشة تصتحب الصغيرة من الغرفة بهدوء حتى لا تزعج من عانت كي تنام، بمجرد خروجها وجدت نيرة يحاول عمر اللحاق بها، فهرولت ناحية عائشة تهتف بإنهيار: امي فين يا عائشة؟!، انا عايزة اشوفها.

احتضنتها عائشة ومسدت على ظهرها بحنان هامسة: هي كويسة، اول ما حامي يوصل هيدخلكم ليها علشان تدخلولها سوا.
سألتها بعين لامعة: هنا معاها صح؟!
أكدت لها عائشة موافقة فسألتها نيرة: طب هما فين؟!
ربت عمر على كتفها قائلا بحنان: خلاص يانيرو بقى، وعد اول ما حامي يوصل ياستي هتدخلوا ليها مع بعض.
وقفت الصغيرة أمامها هاتفة بحزن: نيرو انتي بتعيطي ليه؟
مسحت على خصلاتها وحاولت التماسك هاتفة: مفيش حاجة ياليو.

فقاطعهم عمر الذي أجاب على هاتفه: ايوه يا عدنان وصلت؟!
صمت لثوان ليتأفف بضجر وهو يختتم: طيب انا هبعتلك ال location وتعالى.
أغلق هاتفه فسألت عائشة مسرعه: عدنان مين؟!، تقصد عدنان ابن...
حاول تذكيرها وهو يقاطعها: اه هو عدنان ابن خالتك.
رفعت جاجبها الأيسر مرددة بإستغراب: وده ايه اللي فكره بينا، ده من يوم خالتو الله يرحمها ماماتت وهو عيل صغير سافر مع باباه ومشوفناهوش تاني.

مطت عمر شفتيه قائلا بضيق: لا ماهو كان بيتصل بيا كل فترة يسأل وكده، والنهاردة كلمني قال انه راجع من السفر وعايز يشوفنا هعمل ايه بقى، وهو مش وقته خالص الصراحه.
سألته نيرة بصدمه وقد خرجت قليلا من حالتها: يانهار ابيض ياعمر، انت قولتله يجي هنا، ده مفيش اي حاجه حتى نقدمهاله احنا ملحقناش نعمل حاجه.
شهقت عائشه مصدومه من المنظر: الشقة!
تبعتها نيرة هي الآخرى في النظر لتردد ساخرة: قصدك الزريبة.

هرولن معا وتبعتهن الصغيرة يحاولن قدر الإمكان تصليح كل شيء وتحويل فوضى المكان إلى نظام، ألقت نيرة الصغيرة بالوسائد قائلة بهرولة: دخلي جوا يالينا بسرعه.
جرت بهم الصغيرة واتجهت عائشة نحو الهاتف تطلب طعام جاهز لتقديمه له، وخرج عمر حتى ينتظره.
بعد مدة من الوقت
جلست نيرة على الأريكة بتعب وجاورتها الصغيرة التي نطقت بضجر: اووف انا تعبت.

وعدلت عائشة من وضع الطاولة ووضعت آخر طبق من الطعام الذي استلمته قبل قليل وهي تقول بحسره: ماكانش ليا في البهدلة دي.
حثت نيرة الصغيرة قائلة: ليو صحي كريم ياكل معانا.
أومأت الصغيرة مهرولة بينما رفعت نيرة رأسها لسقف الغرفة وأغمضت عينيها متأملة هيئة والدتها فااحتضنت عائشة كفها قائلة بحنان: كله هيبقى كويس.
بجد؟!

أومأت لها عائشة بصدق وقطع اندماجهم في الحديث دقات عمر فهرولن لاستقبال الضيف، فتحت عائشة البوابة فدلف عمر وتبعه هو، خرجت لينا للتو من الغرفة ووقفت تتأمله يرتدي ملابس رسمية للغاية زادت من وسامة ملامحه الشرقية التي لم يبن عليها معالم السفر، ولحيته التي ضافت له الكثير ويده الموضوعة في جيبه والتي لا تدل إلا على الغرور أو ربما شيء آخر.
رحبت عائشة بإبتسامة هادئة: عدنان صح؟!

هز رأسه مبتسما وقد لمعت عيناه ومد كفه قائلا: ازيك ياعيوش.
ابتسمت بإحراج متمتمة: الله يسلمك، مبسلمش معلش.
تنحنح مرددا وهو يمسح على لحيته: لا ولا يهمك.
اقتربت نيرة وقالت بترحيب: أهلا أهلا أستاذ عدي.
جحظت عين عائشة و ضربتها خفية في قدمها فأسرعت نيرة مصححة: عليان صح انا اسفة.
هنا ضربتها الصغيرة فأسرعت هذه المره تقول: عمران
صرخت لينا: عدنااان، اسمه عدنان يانيرو.

لاحظت نيرة نظرات عمر الذي أوشك على الإنفجار من الغيظ فا ابتسمت بآحراج هاتفة: متأسفة جدا، هو انا تلاقيني في حفظ الأسماء مش أد كده.
كبت ضحكاته وهز رأسه متفهما وهو يقول: ولا يهمك يا، اسمك ايه؟!
رد عمر بدلا عنها: نيرة، دي نيرة.
قال عدنان بمزاح: أنا معزوم على فرحكم بقى.
هزت نيرة رأسها قائلة بضحك: أكيد بإذن الله.
آتى دور الصغيرة فمد لها كفه قائلا بترحيب: وانتي ياجميلة اسمك ايه؟!

مطت الصغيرة شفتيها بغضب ورددت بعناد: أولا أنا مااسميش جميلة اسمي لينا، ثانيا انا كمان مش هسلم زي عيوش ونيرو، ثالثا انت شكلك شرير.
شهقت عائشة بكسوف واصتحبت نيرة الصغيرة معنفة: عيب كده ياليو، اعتذري حالا لعمو.
هزت لينا رأسها رافضة فقالت عائشة بتحذير: لو مااعتذرتيش حالا انا مش هكلمك.
منعهم من فعلتهم قائلا بضحك: خلاص ياجماعه محصلش حاجة، ثم توجه للصغيرة قائلا بإبتسامة: وانا ياستي هوريكي اني طيب مش شرير.

قالت عائشة مرحبة: اتفضلوا بقى قبل الأكل ما يبرد.
تحرك معها واتجهوا ناحية غرفة الطعام وهو يقول بشهية مفتوحة: أنا فعلا جعان جدا.
التفوا جميعا حول المائدة وبدأوا في الطعام فهمست نيرة للصغيرة: مصحتيش اخوكي ليه؟!
رددت بضجر وعين مشتعلة: مرضيش.
قال فجأة: امال يعني معزمتنيش على فرح عيوش ليه؟!
تحدثت عائشة مسرعة بتبرير: حقيقي الموضوع جه فجأة ومكانش فرح اصلا هو كتبنا الكتاب بس في البيت هنا.

وساندتها نيرة وهي تقول بضحك: نعزمك في السبوع بقى إن شاء الله.
سألها مبديا اندهاشه: انتي حامل؟!
هزت عائشة رأسها قائلة: اه انا في التامن
سمع عمر صوت فتح البوابة فقام من مقعده، وخمنت عائشة وصول حامي فتعلقت عيناها بالمدخل حتى قطع شرودها نبرة عدنان المازحة: لسه بتحبي اللبان بالبطيخ ياعيوش؟!
ضحكت بخفة قائلة بإستغراب: انت لسه فاكر؟!

هز رأسه وهو يقول بنبرة حالمة: أكيد طبعا عمري ماانسي، ده أنا جايبهولك معايا مخصوص.
جحظت عين نيرة حينما شاهدت من يتابع الحوار ولاحظت أن عدنان يخرج أحد الحقائب فهمست بإرتباك: متتهورش، متتهورش، متتهورش.
قدم لها عدنان الحقيبة قائلا بأبتسامة واسعة: مليانة لبان بالبطيخ ياعيوش.

ترددت عائشة في أخذها منه وهي تلاحظ نظرات الواقف خلفه وكأن النار تطاير من عينه، فاابتلعت ريقها بإرتباك وهرولت الصغيرة قائلة بسعادة: حاااامي.
مال عليها محتضننا إياها بحب ووقف عدنان ومد يده للسلام، فهمست عائشة لنيرة: تفتكري هيسلم عليه؟!
بادلتها نيرة الهمس: افتكر اننا نتصل بالإسعاف علشان يلموا الجثث.

ترك حامي يد عدنان الممدودة وانتشل الحقيبة الحاوية للعلكة من يده الآخرى متجها ناحية سلة القمامة ليقوم بإلقائها بداخلها فضغطت نيرة على شفتيها بإحراج خاصة وهو يعود له قائلا بإبتسامة صفراء: أصلها لما كبرت عقلت، وبطلت تحب الملزق.
صححت نيرة مسرعه بضحكة مرتبكة: قصده اللبان، انت عارف بقى لبان وتلزيق وكد...

نظرة شقيقها كانت كافية لتصمت تماما عن الحديث وتدور بعينيها في أنحاء المنزل، نطق عدنان أخيرا بعد صمت تأمل فيه ماحدث: اللي تكرهه النهارده تحبه بكره، الأيام كفيلة جدا انها تغير قناعات الإنسان ولا ايه ياعيوش؟!
برقت عائشة بخوف حينما لاحظت يد عدنان التي تحطمت في كف حامي وهو يضغط عليها بشراسة قائلا بثبات وعيون حاده: مدام العمري، اسمها مدام عائشة العمري.

اتى عمر من الخارج ليشاهد هذا الاصتدام الحاد فنطق بدون فهم: في ايه؟!
أردف عدنان بسخرية: ولا حاجه ياعمر، الظاهر ان جوز عيوش بيغير عليها شوية زيادة.
ضربة قاسية من رأس حامي أطاحت برأس الواقف أمامه، فصرخت نيرة بخوف وهرولت عائشة تهتف بغضب: ايه ده!
ساعد عمر عدنان ووقفت عائشة أمام حامي تحاول الاعتذار: عدنان انت كويس؟!، حصلك حاجة؟!
جذبها حامي من يدها ناحية غرفتهم قائلا: تعالي وانا هقولك هو كويس ولا لا.

دلفت معه إلى الغرفة وأغلق هو بابها فأصدر صوتا عاليا جعل نيرة تغمض عينيها في الخارج واستدارت تقول ل عدنان: منورنا والله.
انقطعت الكهرباء فصرخت الصغيرة متشبثة ب نيرة التي تمتمت: اهي كملت.
انتهت خبيرة التجميل من تجهيز سالي قائلة: كده خلصنا يامستر يحيي.
صرفها يحيي بأدب وتبقى هو مع سالي التي قالت بخوف: ياباشا انا خايفة اووي.

هدأها يحيي مردفا: لا ماهو انا مش سايب اللي ورايا بقالي يومين مع الهانم علشان تيجي تقول كده، لو خوفتي رضوان هيقتلك.
بدأ السرد لها بهدوء: بصي ياسالي انتي اخر علاقتك مع رضوان كان انه خلى رجالته يروقوكي وتترمي في الصحراء صح؟!
امتعضت من حديثه فقالت بغيظ: ما براحه شوية عليا ياباشا.
وأعاد تذكيرها: وطبعا احنا خلصناكي ولميناكي من الطريق، وبقيتي مختفية بالنسبة لرضوان أو الأغلب موتي صح؟!

هزت رأسها فتابع: وبعدها روحتي قعدتي مع سارة عند نادر ومعرفش عنك اي حاجه كنتي بتوصلي المعلومات لحامي وتحمي ساره في نفس الوقت، يعني انتي دلوقتي ملكيش وجود عند رضوان، ونادر كده كده مشافش وشك وحتى لو شافه بعد الشكل الجديد ده مش هيعرفك.
تحدثت هي: طب وانا المطلوب مني دلوقتي ايه؟! اروح فيلا رضوان واوصل المعلومات؟!، مش هينفع لأن رضوان عارفني.
تحدث يحيي بكل أريحية: لا انتي متجوزة ابنه.

لم تفهم أي كلمه وشكت في الواقف أمامها فتحدثت بحذر: باشا هو انت شارب؟!
رمقها بتحذير فرددت خائفة: معلش يعني بس ايه الكلام اللي مفيش كلمه فيه راكبة على التانيه ده.

أخرج لها أحد الأوراق من جيبه ومدها لها ففتحتها لتجدها وثيقة زواج وعندما رأت الطرفان صرخت ضاربة على صدرها: يالهوي، مين ده؟!، أنا معرفهوش ومتجوزتش حد الورقة دي مش حقيقية والله العظيم، قرأت الإسم ثانيا وأردفت بخوف: ده ابن رضوان، ده لو عرف هيموتني فيها.
ضحك لها يحيي وهو يقول بفخر: لا ماهو عرف.
شهقت عاليا و جحظت عيناها فهدأها يحيي قائلا: اهدي و هفهمك اللي هتعمليه بالظبط.

صمت ثوان وقال: انتي هتروحي القصر، بس مش لوحدك؟!
سألته بإستغراب: امال هروح مع مين؟!
جلس على مقعده وأردف بتخطيط: اقعدي بقى كده علشان تعرفي كل اللي هيحصل بالظبط، علشان كل كلمة هتتقال هنا لازم تتنفذ من غير ولا غلطة، سمعاني؟!
هزت رأسها موافقة على كلماته وأولته انتباهها لتستمع إلى كل حرف يصل لأذنها.
في غرفة حامي
وقفت عائشة أمامه مردفة بعنف: اللي عملته ده مينفعش أبدا، ده مهما كان قريبي و مغلطش.
صرخ فيها: غلط.

هتفت بنبرة أعلى: مغلطش.
زاد من ضغطه على مرفقها محذرا بعينيه: صوتك.
أردفت بنبرة أوشكت على البكاء: انت مش قولت زفت هتطلقني، نيرة وزينه عرفوا باقي بس يقابلوها، طلقني بقى لو سمحت علشان نخلص لعب العيال ده.
ألقت كلماتها وآتت لتخرج وعلى حين غرة جذبها من مرفقها مجددا فاالتصقت جباههما، فرت دموعها فسألها هامسا وزيتونيتاه تتبع دموعها: عايزاني اطلقك؟!، أنا مقدرش أبعد.

بادلته الحديث بألم: انت بعدت من يوم ماقولت نتطلق، انت اللي سيبت ايدي.
مسح دموعها وتحدثت عيناه الصادقة لتدعم كلماته: مقدرش، لو سيبتك روحي تروح مني، انتي الروح اللي لزقت فيا ومفارقتنيش، اللعنة اللي محدش عارف يفك سرها والداء اللي ملهوش دوا، انتي عنود حامي العمري
صمت ومسح دمعتها بإبهامه متابعا بنفس إحساسه: وقدر حامي العمري، وعمره اللي جاي وكل دقيقة بيندم عليها في عمره اللي راح علشان كانت من غيرك.

احتضنها فمالت رأسها على كتفه وتركت لدموعها العنان، هي لاتطيق الهجر، تبغض الجفاء وتهاب الحزن وتحبه هو رغم جمعه لكل هذا.
قطع صمتها الطويل حين قال: عيوش.
رفعت رأسها له فحذرها مهددا: محدش يقول عيوش غيري علشان المره الجاية بموته.
ضحكت محركة رأسها بأنه لافائدة منه فطلبت هي هذه المره: حامي.
ضحك حتى ظهرت نغزتيه فهي لم تنطق اسمه طوال فترة خلافهما وأجابها: نعم يا وحش.
ضحكت على كلمته الأخيرة قائلة: غني.

التقط كفها مقبلا إياها من باطنه وهو يدندن: إذا هجرت فمن لي، ومن يجمل كلي
ومن لروحي وراحي، ياأكثري وأقلي
أحبك البعض مني فقد ذهبت بكلي.
في نفس التوقيت
حاول عمر إصلاح الأمر قائلا: معلش يا عدنان هو حامي مبيستحملش على عائشة، أنا آسف ياعم متزعلش.
همست الصغيرة لنيرة: هو مش هيقوم يروح بقى انا زهقت.
كانت ستعنفها ولكنها تمتمت داخليا: أنا كمان عايزاه يروح علشان ماما.

فاقت من شرودها فقالت ملطفة: انت متغدتش، تشرب حاجه بقى علشان كده مينفعش.
أجلسها بقوله: لا متتعبيش نفسك أنا كنت جايب عصاير وحجات معايا...
أخرج عبوات العصير الجاهزة ثم سريعا ما قال بضجر: ولا بلاش لأحسن متعجبش الباشا هي كمان.
نطق عمر بغيظ: خلاص بقى يا عدنان ميبقاش قلبك اسود كده، هات ياسيدي أنا هشرب.
أخذ منه عبوة وذهب لإحضار شيء من غرفته.

وجاء الدور على نيرة التي التقطت أيضا عبوة منه وأتي يقدم ل لينا فقالت رافضة: لا انا عايزة التانية اللي بالتوت.
قال بحده: لا
رمقته نيرة بإستغراب فأسرع مصححا: عائشة بتشرب التوت، اشربي انتي دي.
كانت ستنخرط الصغيرة في نوبة بكاء فبحث بتوتر عن عبوة اخرى ووجدها فتناولتها منه بفرح...
وقالت نيرة بحماس: هات بتاعة عائشة ياعم علشان متزعلش وانا هخليها تشربها حالا علشان متقولش اننا بنرمي حاجة.

وياريت تندهيلي جوزها اعتذرله.
أومأت بإحراج وتناولت منه العبوة واتجهت صوب غرفتهما، في حين ضحك هو داخليا هامسا: حلو اوي كده.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة