قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل التاسع

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل التاسع

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل التاسع

الواحده، الثانية، الثالثة!
لا يهم كم الوقت المهم حقا هو كم حماسك؟!
لن تستطيع أن تعيش ساعة بل نصف ساعة من حياتي.
أنا الموت وهي الحياة وتقابلنا، وأنت مزيج بيننا تميل لي قليلا وتعشقها كثيرا وهي حقا شخص جدير بفؤاد كل ساكني الأرض.
هل يستمر الحب والظلام متمكن، أم يسحقه الظلام بكل شراسة وتتبخر الوعود ليس خيانة بل خوف.

دخلت عالمي بمحض إرادتك ولكنك لم تعتد بعد، ستأخذ الكثير حتى تفهمني وربما تستغرق حياتك حتى تتعلمني وفي النهاية أخبرك أنك لن تستطيع تعلمي.
لمسة يد منها كفيلة لقتل عتمتي، و قبضة الظلام كفيلة لجعلني كفيف عن أي نور.
ياصاحبة الوشاح، الوحش هكذا، حتى وإن ترك يدك لاتتركي يد من تعلقت روحه ب
كِ
يا آسرة القلب، أحبك وكفى.

تعمقت في نومها وقد أظلمت الغرفة ظلام تام، هي مرتبكة. خائفة ولكن مايطمئنها أنها بعيدة عن الصورة تماما، تسللت لأنفها رائحه تعلمها جيدا، نعم إنها رائحته تلك التي تفرض نفسها أينما حل، نفضت عن فكرها هذا وتقلبت في نومتها لتخرج منها صرخة مدوية حينما وجدته يجلس على المقعد المقابل للفراش واضعا ساق فوق الآخرى، كانت عيناه دامية استطاعت أن ترى لمعانها المخيف في هذا الظلام.

انتفضت جالسة على الفراش هامسة بصدمة: حامي!
ابتسم من زاوية فمه مرددا: ازيك يانهلة.
زادت ابتسامته لحظة سماعه دقاتها، خوفها الظاهر على وجهها، قام من مكانه مقتربا منها بخطوات ثابته كانت لها كالهلاك، قرب وجهه قائلا بعين مشتعلة: أنا قولت بقالي كتير راميكي في الفندق هنا. قلقت تكون صلاحيتك انتهت.
حاولت الثبات والتماسك أمامه وهي تنطق: عايز ايه ياحامي، مش كفاية اني ساكتة على الحبسة دي.

هز رأسه رافضا وهو يمط شفتيه متصنعا الأسف: لا بجد أنا ازاي قاسي كده، وانا ميرضينيش طبعا الحبسة دي.
صمت ثوان ثم تابع بإبتسامة ملتوية: قومي البسي يامدام.
سألت بعينيها فقال هو: هنتعشى بره.
ابتلعت ريقها وهي تشعر أن هناك خطأ ما فقالت: دلوقتي ده الساعة داخلة على 2.
تحرك نحو الخارج مرددا: معاكي ربع ساعة، لا أكتر ولا أقل.

خرج مغلقا الباب خلفه أما هي تسارعت دقات قلبها ذعرا واتجهت نحو الخزانة بخطوات متثاقلة وقد اضطربت كل أجهزتها تفكر في القادم.
وقفت نيرة ومن خلفها الصغيرة وتبعتهما زينة، حاولت نيرة بكل الطرق استماع ما يقال داخل هذه الغرفة ولكنها لم تستطع، نطقت زينة بهمس ملح: ها يانيرة سمعتي حاجة.
صرخت لينا من وسطهم: طب مانفتح الباب عليهم بدل الوقفة دي.
ضربتها نيرة بخفة هامسة بتحذير: وطي صوتك ده.

انفتح الباب فجأة فهرولت لينا و زينة بينما تبقت نيرة التي قالت للماثل أمامها: لا حول ولاقوة إلا بالله أنا ايه اللي جابني هنا بس!
هتف عمر بإستنكار: لا والله!
رمقته بإتهام: بس أنا عرفت، أكيد انت اللي جبتني هنا.
جذبها من ملابسها هاتفا بغيظ: يابت اتربي بقى، عملتي كل حاجة بس انك توصلي لمرحلة الوقوف ورا الأبواب.

نفضت ملابسها قائلة بدفاع: على فكره بقى دي مش أخلاقي، لكن لما اتنين شباب يدخلوا الأوضة عند البت الصفره اللي جوا دي يبقى لازم نراقبهم قبل الفاس ما تقع في الراس.
حاولت أن تعرف مايحدث في الداخل متابعة: بتعمل ايه انت ويحيي جوا عند البت دي دلوقتي.
تركت ما تتحدث فيه حين شهقت بصدمه هاتفة: فين الدبلة بتاعتك؟
يانهار ابيض شكلها وقعت كده!
رفعت حاجبها الأيسر قائلة بإستنكار: وقعت ليه هي كانت واسعة عليك ياحرام!

صرخت فيه بحنون: الدبلة فين ياعمر.
حاول تهدئتها مشيرا بيده: اسمعيني بس...
ماانا سامعة اهو ياحبيبي اتكلم انت بقى.
خرج يحيي من الغرفة هاتفا: عمر خدهم واطلع على المزرعة.
هز عمر رأسه وهو يقول: يلا يانيرة البسي.
أنا عايزة افهم ايه اللي بيحصل انتوا عمالين واخدينا من بيت للتاني واحنا مش فاهمين حاجه.
آتت زينة و لينا و هتفت الصغيرة بحماس: احنا هنروح عند الأحصنة.

حث يحيي والدته قائلا: البسوا يلا علشان عمر يلحق يوصلكم.
تنهدت هنا بضيق من أفعالهم المبهمة هذه ودلفت إلى الغرفة وتبعها نيرة المتذمرة والصغيرة.
نادى يحيي: زينة استني عايزك.
لم تجبه وتابعت سيرها نحو الغرفة فسد الطريق أمامها هاتفا: مش بكلمك أنا؟!
نطقت بغضب وعتاب: هو انت مش قولتلي اسكتي خالص انا بعمل بالنصيحة.

تنهد عاليا بتعب وتحدث بهدوء: زينة متزعليش، أنا حقيقي اليومين دول مضغوط جدا انتي شايفة الدنيا مقلوبة ازاي.
ماهو انتوا محدش بيقولنا مقلوبة ليه، وكمان بتزعقلي وانا مبحبش حد مهما كان يزعقلي. انا بخاف من الزعيق يا يحيي.

نطقت آخر كلماتها ببكاء وصمتت قليلا ثم سريعا ما تابعت: بخاف من الصوت العالي، بخاف لما فجأة وشوش الناس تتغير واحس ان مش هما دول اللي عرفتهم، وحقيقي أنا من ساعتها خايفة منك، بلاش تسحب الأمان اللي ادتهولي علشان حقيقي أنا لسه بسترد اللي ضايع مني ومعنديش أي استعداد اخسر زينة بعد ما لقيتها تاني.

آتت لتغادر فجذبها من يدها هاتفا بإعتذار: أنا دورت معاكي على زينة علشان لقيت فيها يحيي، محدش هيضيع نفسه بإيده وبالذات اللي كانت ضايعة منه، انا آسف ياأحلى زينة.
مسحت دموعها فأخرج هو منديلا ورقيا مد لها يده به، آتت لتأخذه منه فاانسدلت من يده قلاده ذات تصميم رفيع توسطها اسمها فخطفتها منه قائلة بصدمة: الله. دي حلوه اووي.
أخذت تتفحصها بفرح جم وعلت ابتسامته هو هاتفا: البسيها بقى واوعي تقلعيها.

ارتدتها بسعادة حقيقية وهي تقول: أنا مش زعلانة منك خلاص.
ضحك على طفولتها وحثها قائلا: يلا روحي البسي بقى علشان عمر يوصلكم.
هزت رأسها واتت لتتحدث مجددا فصرخت الصغيرة الواقفة على أعتاب الغرفة: يلا يا زينة بقى، مينفعش كده عيب.
آتى يحيي يمنعها من مواصلة ضجرها فحذرته بملامح منكمشة: انا هقول لحامي انك بتعاكس زينة كل شوية وانا اصلا مش بكلمك ومش بحبك علشان عمال تزعق.

تصنع الحزن فجذبت الصغيرة زينة وقالت بتراجع: بص أنا بحبك شوية صغيرين.
قهقه عاليا ولوح لزينة في حين نطقت الصغيرة: لا انا بقيت احبه شوية كتير وبحب حامي شوية اكتر وبحب عمر كمان، بصي يا زينة أنا هتجوزهم كلهم.
دفعتها زينة داخل الغرفة ضاحكة: طب قدامي يااختي.
جلس في غرفته، حاله لا يحسد عليه كم يكره لقاء والده ويكره حقيقة كونه هذا الشاب الثري، عاد بذاكرته للخلف
Flash Back.

في أحد الملاهي الليلية وقفت تتراقص على أنغام الموسيقى العالية، كان يستند على أحد الطاولات بجوار صديقه وعيناه مثبته عليها، استدار لصديقه سائلا بضحكة متسلية: هي مين اللي بترقص دي؟!
هتف صديقه بلا اهتمام: ملكش دعوه بيها ياعمار.
رفع حاجبه الأيسر هاتفا بتهكم: اشمعنا بقى!
نبهه صديقه محذرا: عمار فوق، دي بت صغيرة وكمان مش معرفة حد حاجة عنها هنا، بلاش الشغل ده أبوك الصحافة ما بتصدق تلاقي حاجه علشان تنشر عنه.

تجاهل كلمات صديقه وقام متوجها ناحية ساحة الرقص. اقتربت إحداهن منه هامسة ب: هاي عمار.
ضحك بمكر قائلا: هاي يارا.
ترقص؟!
أردف بخبث: هنرقص أكيد، بس قوليلي مين دي؟!
أشار ناحية التي تتوسط ساحة الرقص فهتفت الفتاة بملل: دي كريمان، وعلى فكره منصحكش بيها خالص.
متعرفيش أبوها يبقى مين؟!
مطت شفتيها هاتفة بعدم معرفة: i don t know.

ترك يارا وتوجه واقفا خلف كريمان التي ترقص بإندماج على الأنغام الصاخبة، استدارت فوجدته أمامها. رمقته بغير اهتمام وتابعت رقصها فقال وهو يستدير معها: hi
توقفت عن الرقص وتخطت الساحة فسار خلفها حتى وجدها تجيبه: hi, kariman
بادلها قائلا بضحك: عمار، شكلك صغيرة؟
حركت رسها وهي ترجع خصلاتها للخلف قائلة:
yes, lam 17.
اعتذرت قائلة: سوري، مش بتكلم عربي كويس.
تحركت لتغادر مسرعة فقال هو: هشوفك تاني ياكريمان؟!

توقفت وضحكت قائلة بشك: may be
بادلها الضحك قائلا بمرح: لا علشان نخليها sure بقى اديني رقمك.
أخذت هاتفه الذي مده لها وسجلت رقمها قائلة بسخرية: الرقم اهو بس مش برد عليه.
ضحكت عليه ملوحة وقالت وهي تغمز له: باي عمار.
Back.

فاق من ذكرياته هذه على دقات دنيا المتواصلة على البوابة، تحرك بتنهيدة متعبة ليفتح لها البوابة فوجدها تقول بجدية وملامح جامدة: عايزة تليفون اكلم حامي.
لاحظت وجهه المرهق وعيناه التي وضح عليها جليا البكاء ولكن قطع كل ذلك قوله: مفيش تليفونات، ضاعوا.
سألت بتردد: انت معيط؟، يعني بتضربني وتعيط. فعلا ضربني واشتكي وجري وعيط.

خرج من حالته هذه ليقهقه عاليا بينما استغربت هي ضحكاته حتى سمعته يقول بإستهزاء: انتي دمرتي المثل، اسمه ضربني وبكى، سبقني واشتكى.
تصنعت الوجه الحازم مرة ثانية وهي تقول: لو سمحت أنا عايزة التليفون انا مش جاية اهزر معاك، و بعدين متخلنيش اقلق منك اكتر من كده في الأول تقولي انك ساكن هنا مع اختك المسافرة والنهاردة اتصدم انك ليك أب وعندكم يلا وانت عايش هنا، اوعى تكون خاطفني!
تعرفي انك شبهها اوي.

صمتت عن الحديث وانكمش حاجبيها وهي تقول: شبه مين بالظبط؟!
أخرج زفيرا عاليا وهو يقول: لا ولا حاجه، ادخلي نامي دلوقتي والصبح هديهولك تكلميه...
لا انا هكلمه دلوقتي لو سمحت، مسألة مهمه جدا حياة أو موت.
أشار لها بعينيه على منزلها فأعادت ثانية: بقولك مسألة مهمة، من فضلك يا أستاذ عمار تلات دقايق مش أكتر.
هز رأسه رافضا بإبتسامه صفراء: لا.
نطقت بشراسة غاضبة: ده انت بجح اووي.
امشي يادنيا من قدامي دلوقتي.

نطقت بغيظ: طب أنا جعانة ولا دي كمان بكره الصبح.
دخل شقته وبعد دقائق عاد لها حاملا علب كرتونية استطاعت بسهولة تمييز أنها بيتزا. سمعته يقول: ادخلي ناكل.
هزت رأسها رافضة: لا معلش هات أكلي. وأنا هروح اكل لوحدي.
ترك الأكل بكامله أمامها وقال بتعب: أنا مش فايق، الأكل عندك اهو اعملي اللي انتي عايزاه.
ترددت وهي تسأله: وانت مش هتاكل؟!
كنت هاكل لو كلتي معايا.

نفخت بضيق وهي تفكر قليلا وأسرعت قائلة قبل أن يدلف لغرفته: تعالى.
سألها متصنعا الإستغراب: نعم؟!
نطقت بقلة حيلة وهي تجلس: هاكل معاك للأسف.
ضحك وهو يتوجه ناحية المطبخ لإحضار المشروبات الغازية وهمس لنفسه: مش بقولك شبهها.

نام علي على الفراش بعد عودتهما من المشفى في حين كان رضوان يسير بغضب عارم في حديقة قصره، توجه نحو الحراس هاتفا بشراسة: انتوا رجالة انتوا، موقف كل الجيش ده علشان في الآخر حد يدخل ويضرب طلقة كان ممكن بسهولة جدا تموتني أو تموت ابني لولا انها جت في كتفه كان زماني قاتلكم كلكم، حتة العيل اللي ضرب الرصاصة دي معرفتوش تجبوه.

حاول أحدهم تبرير الموقف قائلا بإحترام: ياباشا احنا منعرفش هو دخل ازاي، ولا حتى لقينا أثر لأي حد بعد ما الباشا خد الطلقة.
صفعه رضوان صفعة مدوية جعلته يرتد على أثرها للخلف وهو ينطق بغضب: دلوقتي منعرفش مين دخل وقبل كده منعرفش الهانم هربت ازاي، مشغل معايا بهايم، ابن العمري مغلطتش لما قال عليكوا مش رجالة.

شعر الحارس بإهانة كبيرة فأغمض عينيه بقوة وأبعده زميله حتى لا يحدث ما لايحمد عقباه واقترب هو من رب عمله معتذرا: احنا آسفين ياباشا وهو ميقصدش وعموما...
صمت ثوان ثم أتبع ذلك بقوله الظافر: احنا عرفنا طريق دنيا هانم.
كانت نهلة تحسب الثوان حتى تتخلص من قبضته ولكن الهلاك يلوح لها، كانت نظراته مثبته على الطريق أمامه وهو يقود سيارته فنطقت بقلق: احنا رايحين فين.

لم يجبها فقط أكمل طريقه، نظراته المظلمة كافية لشرح كل شيء، أوقف سيارته أمام أحد المطاعم الفخمة ونزل بهدوء مغلقا الباب خلفه بعنف وهو يقول بضحكه من زاوية فمه: انزلي يامدام.
نزلت بتوتر وسارت معه نحو الداخل، انقبض قلبها حينما لم تجد أحد سواهما في المكان
تحبي تقعدي فين؟!
أخرجها من خوفها قوله هذا فأجابته: أي مكان. كده كده المطعم فاضي.
نطق بضحكة شيطانية: علشان محجوز كله ليا النهاردة.

شعرت بأن قدمها لن تسعفها على السير، كل هذا التوتر الذي تشهده، وشراسته هذه فلقد اعتاده لين معها يساندها ويقف في ظهرها حتى بان كل شيء وانكشفت الحقائق فرأت الوحش الذي يحكي عنه الجميع.
اختارت أقرب طاولة للجلوس وتبعها هو. جلس بثبات واضعا ساق فوق الآخرى وهو يطلب النادل، تنهدت عاليا وهي تمسح على عنقها علها تتخلص من بعض هذا التوتر فقاطعها قائلا: تاكلي ايه؟!، بيعملوا هنا أكل إيطالي حلو اوي.

رمقته بإندهاش في حين تابع هو بضحكه: كلام عائشة نفعني كتير وبصراحة بدأت أفكر إني أديكي فرصة تانيه.
هو لا يمكن أن يعلم ما بداخله أحد، تحاول بشتى الطرق معرفة ماذا يخطط ولكن لا حياة لمن تنادي خضعت لتصديقه وهي تقول بصدق: صدقني عمرك ما هتندم، أنا هطلب لازانيا انت عارف اني بحبها.
حرك رأسه بإبتسامة واثقة وهو يقول للنادل: أنا عايز Risotto و Focaccia.
نطق النادل بأدب: تحت أمرك يافندم.

تحرك من أمامهم مغادرا، فحاولت نهلة فتح موضوع: عرفت مين اللي ضرب عليك نار؟!
هاجمها بقوله: وانتي عرفتي منين؟
ارتبكت وهي تقول: من ال tv، واحده صاحبتي بلغتني الخبر في التليفون وبعدها انتشر على ال tv مصدقتش...
صمتت ثوان ثم تابعت ساخرة: الموبايل وال tv كانوا تسليتي الوحيده في الحبس بتاعك، مكنتش اعرف ان قلبتك وحشه كده.
قهقه عاليا حتى ظهرت غمازتيه وتابع وهو يمسح على لحيته: لا انتي لسه معرفتيش قلبتي.

لمعت زيتونيتاه وهو يقول بمكر: ربنا يكفيكي شرها.
آتى النادل ومعه الأطباق ليقطع حديثهم وهو يقوم برصهم على الطاولة بتهذيب، في حين أخرج حامي صفيرا متناغما زاد من خوفها، انتهى النادل هاتفا: أي حاجه تانيه يافندم؟!
لا اتفضل انت.
حمدت ربها على وصول الطعام فهو سيحميها قليلا من نظراته المريبة والتي طغت الشراسة عليها، كما أن كل هذه التقلبات جعلت معدتها تطلب الطعام حقا.

التقطت الشوكة لتبدأ في تناول طبقها بنهم، التقط هو قطعة من الخبز المحمص الذي طلبه ليلوكها في فمه وهو يتابعها بنظراته الثاقبة تأكل من طبق هلاكها بكل نهم.
وصل عمر إلى المزرعة، نزل من السيارة ليجد شقيقته تهرول نحوه بملامح متوترة، أسرع إليها وأوقفها صارخا: ايه ياعائشة بتجري كده ليه؟!
حاولت التقاط أنفاسها وقالت: يحيي فين؟!
ليه؟!
أردفت بتوتر صارخة: عمر أنا مش ناقصة، قولي انتوا قولتوا لحامي ايه؟

حاول تهدئتها قائلا: طيب بس تعالي معايا ندخل دول الأول.
استغربت فأردفت مدهوشة: هما مالهم نايمين كده ليه.
همس بسخرية: دول واكلين صينيتين أم على فيهم منوم يهد جبل.
استطاعت سماعه فنطقت مسرعه: انت قولت منوم؟!
أنا قولت كده!
ترجته بنبرة باكية: عمر بالله عليك تقولي انتوا قولتوا لحامي ايه؟، حامي أكيد بيعمل مصيبة دلوقتي.

أثارت قلقه بكلماتها فقال لها بهدوء: الدكتورة اللي محبوسة هناك قالت انها تبع نهلة، طبعا هي مكانتش عايزة تتكلم ومحكتش أي تفاصيل احنا معرفناش حاجه غير المعلومة دي، في نفس الوقت الناس اللي حاولوا يقتلوكم ومحبوسين في المخزن عند حامي، بعد ما حامي روقهم انا روحت حامي قالي افضل هناك، قعدوا مش عايزين يتكلموا شوية وقولتلهم اتكلموا وهتبقوا في حماية حامي، طبعا ده كلام من عندي انا، قالوا انهم اساسا تبع نهلة وان هي اللي دساهم بقالها فترة طويلة وسط رجالة رضوان لحد مابقوا دراعه اليمين وان اي خطوة رضوان بيقولهم عليها بيرجعولها فيها، ولما حسيت انهم بيألفوا واحد فيهم قال ان اكبر دليل على كلامهم انها طلبت منهم مسدس رضوان وهما ميعرفوش هي عايزاه ليه، وادتهم صورة لبنت وقالتلهم يتصرفوا ويحطوها في مكتب رضوان.

حاولت تجميع كل ما سمعته فضربت على الحائط خلفها ناطقة بنفاذ صبر: يارب بقى يارب، طيب فهمني ياعمر هي عملت كل ده ليه؟!
والله مااعرف احنا لسه بنحاول نفهم، اللي انا ويحيي وصلناله ان نهلة بتحاول تطلع نفسها من حاجة وتلبس رضوان علشان كده طلبت المسدس بتاعه.

نطقت عائشة بخوف جلي: عمر حامي اتبعتله فيديو اتبعتلي امبارح، وبعدها علطول جاتله مكالمتكم اتحول لصنم وخرج ومااعرفش عنه حاجه، علشان خاطري ياعمر انت مشوفتش الفيديو قولي لو تعرف مكان حامي.
فيديو ايه؟!
بادلته سؤاله بآخر باكي: حامي فين ياعمر.
هز شقيقها رأسه رافضا وهو يقول: معرفش، طول ماانا مش فاهم منك حاجه كده مش هتكلم وادخلي يلا على جوا.

تركها وحمل الصغيرة من السيارة حتى يدخلها إلى المنزل، تأكدت من مغادرته ومالت على السيارة كمن مسه جن حينما لمحت هاتف شقيقها داخلها، فتحت الهاتف بحثت في اخر المكالمات والرسائل مسرعه حتى وجدت رسالة من حامي محتواها: اتصل بصاحب مطعم (، )، قوله حامي العمري بيقولك مش عايز مخلوق هناك النهاردة.

ألقت الهاتف مسرعه داخل السيارة واستغلت فتح شقيقها للبوابة فاالتقطت سترته الجلدية الموضوعه داخل السيارة وهرولت نحو الخارج، تأكدت من خروجها تماما فاارتدت سترته فالليلة قارصة، والساعه تخطت الثانية، حاولت الاتصال به عله يستجيب لها فلم تجد رد، صرخت بغضب: رد بقى رد.
عائشة.

انتفضت صارخة والتفتت مسرعه لتجده شقيقها يرمقها بنظرات غاضبة وهو يقول: يعني عايزة تروحي فين دلوقتي!، وكمان خارجة بتجري والمكان مقطوع، مفكرة نفسك هتعرفي تروحي.
بكت مستعطفة شقيقها: حامي في المطعم...
قاطعها: أنا معرفش والله هو هناك ولا لا، حامي مبيقولش لحد خط سيره ياعائشة.
ألحت بإصرار: مكنش طلب منك تفضي المطعم، انا مش مرتاحة ياعمر وديني هناك علشاني، قولي المسافة بين هنا والمطعم أد ايه؟!

نفخ بضيق ورمقها بقلق قائلا: حوالي ربع ساعة.
أسرعت تقول: بالعربية عشر دقايق بس، يلا بسرعه ياعمر.
تنهد بقلة حيلة وأخذها من مرفقها قائلا: تعالي نجيب العربية طيب.
في نفس التوقيت
شعرت نهلة بوخزة في امعائها فاامتعضت ملامحها وطلبت من حامي كوب المياه لعدم استطاعتها قائلة بتعب: مش عارفة في ايه حاسه بمغص جامد، ناولني الميه.

هب واقفا فااستغربت فعلته وخرجت منها صرخة مدوية حين أطاح بكل ما على الطاولة واشتد ألم معدتها إلى أقصى حد فأدركت أن هناك شيء خاطىء فصرخت: الأكل ده في ايه؟!، مش قادرة بطني.
وقف خلف مقعدها ومال عليها متأملا صراخها وهو يهمس لها: فاكرة اللي حطيتيه لأهل عائشة في الأكل علشان تموتيهم.
أحاطت معدتها وجحظت عيناها وهي تطالعه يقول بضحكة شيطانية: أيوه هو بالظبط.

نزلت دموعها وترجته وهي تتلوى أمامه: لا متعملش فيا كده لا.
أسقط يدها بعنف هاتفا بشراسة: انتي هتمثلي، ده لسه الوجع في أوله، قدامك حل واحد بس.
لمع في عينيها بريق أمل وأسرعت قائلة: ايه هو؟
استند على الطاولة بمرفقه قائلا بشراسة: يا تحكيلي كل حاجه انا عايز اعرفها بما فيهم طبعا تاريخك الوسخ، ولو الإجابة معجبتنيش ليا حق التصرف طبعا...

صمت وتصنع الحزن وهو يتابع: يإما اقعد اتفرج عليكي بقى لحد ما تخلصي واقف اخد عزاكي...
نظرت حولها بخوف وبدأت تتصبب عرقا خصوصا حينما ختم هامسا في أذنها: وبعدين مين هياخده غيري، مش انا ابنك برضو. بس اللي متعرفيهوش بقى اني ابن عاق.
رفعت عينيها له ببكاء فاابتسم بشراسة قائلا: هو ده الوش اللي انتي مشوفتيهوش، اعرفك بيا...
حامي العمري.

تعالت شهقاتها ورمقت الطعام الملقى بعدم تصديق وداخلها يصرخ كليا بأن من أمامها ليس سوى شيطان تجسد في هيئة إنسان وسيفتك بها حقا الآن.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة