قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأول

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأول

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأول

قسوة. حب، حرب طاحنة تدور بين الطرفين تجعلني أقف على أعتاب خيبات الأمل مردده: هل جبروت القسوة يكبت طغيان الحب؟
هؤلاء الضحايا ماوزرهم؟
هل ذنبهم هو السماح للفؤاد بالتنفس؟!، أم أن تلك الدقات محرمة علينا وندفع ثمنها غاليا، مؤلما، قاتلا.
ماذا يسوى العالم عندما تشاهد من دق القلب له يصارع الموت في فراش وبعد تحجره وقسوته، بعد أمانه واحتوائه، أصبح هامدا لاحركه له.

شعورا بطعم العلقم، يسحب الروح ببطيء مميت ويدفعك إلى السقوط رغما عنك.
ها هو راقد الآن وكأنه يخبرني بعينيه الجامده: ها انتي ياجميلتي قد تخلصتي من آسري الذي يقتلك في الدقيقة ألف مره.
كنت أظن أن إجابتي ستكون مختلفه ولكني لم أجد سوى جواب واحد: عد إلى أسرك، فإن مجرد تخيل الحياة من دونه لا يطاق يا فؤادي.

لا أجد حتى ما أتفوه به فلقد صدق إيليا أبو ماضي حينما قال: هجروا الكلام إلى الدموع لأنهم وجدوا البلاغة كلها في الأدمع.
دموعي لك، وكلماتي لك، وروحي تشتاقك. وقلبي دقاته محرمه على غيرك.
ياصاحب الظلام، اشتقت إليك منذ الثانية الأولى!
وفي الشوق شيء من الهلاك، أما عشقك فهو الهلاك ذاته.

هرج ومرج ساد في تلك المشفي التي يرقد فيها الوحش، تجمع حوله أمهر الأطباء من الوهلة الأولى فرنة إسمه ليست هينه إنه حامي العمري، وكأن تلك المشفي انقلبت لمادة إعلامية مثيرة ستحقق للصحفيين مبتغاهم، فتجمعت حشود من الصحفيين والمصوريين حول المشفي يحاولون فقط أخد حديث مع الملكومة زوجته أو التقاط صورة لها.

جلست عائشة على أحد المقاعد في الخارج، كانت جثه هامده، ملامحها تحاكي الموتى، لا تنطق بأي شيء، ثيابها المبعثرة وجرح وجهها إثر سقوطها على الأرضية، أمامها فقط شريط اسود لاتري فيه سوى مشهد واحد، صورته وهو يتفوه بآخر الكلمات معها.
ايه اللي حصل يا عائشة؟!
كان هذا سؤال يحيي المندفع نحوها بوجه أحمر وملامح ضائعه، ودموع تحجرت في مقلتيه، اتصالها به زلزل كيانه، ارتفعت بنظراتها له هامسه: معرفش.

أدرك حالة الضياع التي وصلت إليها ولكن هذا ليس وقتها بالمرة، فصرخ فيها: يعني ايه متعرفيش، عائشة فوقي، قوليلي ايه اللي حصل؟!
وكأنها لم تسمع ماتفوه به فانكمش جسدها وهي تقول بإنهيار: أنا بردانه اووي.
آتت إحدى الممرضات قاطعه حديثهما وهي تنطق بإشفاق: اتفضلي يا مدام دي حجات جوزك أنا مرضتش أنزلها.

رمقت عائشة سترته التي بين يديها، حتى وهو راقد لاحراك له، حينما شعرت بوخزات البرد وجدت سترته وكأنه قد حس بشعورها فأرسلها لها يطمئنها: أنا هنا لا تخافي.
صرخت عائشة باكية بعنف وتخلصت من حالة الجمود هذه حينما ارتفعت شهقاتها عاليا وهي تهمس بإسمه غير مصدقه ماحدث، أخذ يحيي من الممرضة أشيائه وصرفها بهدوء.

نظر للأرضية وهو يحث نفسه على الثبات حتى يستطيع التصرف، فارتفع لها وأعطاها سترة حامي قائلا: البسيها، وبطلي عياط أرجوكي ياعائشة عشان نعرف نتصرف.
استوعبت صحة ماقاله، فكتمت دموعها وتنهدت عاليا وهي تقول بتعب جلي: حاضر، بس مشي الصحفيين، انت عارف نيرة وظروف تعبها وزينه متستحملش حاجه زي دي، مفيش حد فيهم هيستحمل، مش لازم يعرفوا على الأقل دلوقتي.

أومأ بموافقه على حديثها وقال بهدوء شابه التوتر: طيب خليكي هنا وأنا هحاول اتصرف معاهم، إياك بس منلاقيش الخبر مغرق السوشيال ميديا كمان شوية.
رحل سريعا في حين ارتدت هي سترة حامي وبمجرد ارتدائها أحاطها عبقه، رائحته. همساته، أدخلت يدها في الجيب حتى تضع قلادة المفاتيح فوقعت في يدها رابطه صغيرة، أخرجتها وهي تبكي فلم تكن سوى رابطة شعرها، هي تتذكر ذلك اليوم جيدا
Flash Back.

استدار ليتوجه إلى جناحه عله ينال قسط من الراحه يستطيع به مواجهة الغد ولكنه وجد عائشه تهبط الدرج بحرص لتتأكد من عدم وجود أحد ولكنها صدمت برؤيته واقفا عند البوابه، تأففت بإنزعاج هامسه: ده لو بيقرأ الأفكار حتى مش هيعرف كل حاجه في وقتها كده.

وصلت إلى آخر الدرج، قامت بإحكام ذلك الوشاح الواسع وفردته على نصفها العلوي لتلتف به فوق ملابسها، ليساعدها في التدفئة , وحجابها الذي وضعته بإهمال لأنها متيقنه من عدم وجود أحد في الحديقه وأن الحراس يقفون عند بوابة القصر من الخارج ولكن للاحتياط، سارت بهدوء نحو البوابه الداخليه لينطق الواقف بجانبها والتي تصنعت تجاهله: على فين؟!

كانت تحاول جاهده فتح البوابه التي تعلم أنه لن يبادر بفتحها فنطقت من وسط انشغالها: هخرج اقعد في الجنينه شويه، في مانع؟!
تأففت بضجر بين من تلك البوابه التي فشلت كل محاولاتها لفتحها لتنطق بإنزعاج: مبيفتحش ليه ده.

لاحظت اقتراب حامي منها بخطوات وئيده، فظنت أنه سيساعدها على فتحها، ولكن نظراته التي التمعت بالمكر لم تطمئنها وخاصة أنا هنا وحدها لاتوجد نيره ولا حتى تلك الصغيره التي لطالما أنقذتها من مواقف عديده.
استندت على البوابه بظهرها تلقائيا بينما أحاط هو بها ساندا يديه على البوابه من فوقها، توترت كثيرا أمامه ولكنها استجمعت شجاعتها لتردف بحده: في حاجه!

لاحظت اقتراب وجهه منها فأدارت وجهها تلقائيا للجهه المخالفه، في لحظه واحده ابتعد عنها وقد انتشلت يده رابطة شعرها بمهاره، لتنساب خصلاتها التي عقصتها منذ قليل على ظهرها، أدركت للتو أن حجابها قد وقع منها وهي تحاول فتح البوابه، بينما اقترب هو ثانيا وأزاح بيده خصله شارده على جبينها إلى الخلف ليقول بعبث غامزا لها: كده أحلى متربطيهوش تاني.

التقط الجهاز من على الطاوله ليقوم بالضغط على الزر فتنفتح البوابه تلقائيا ليردف بإبتسامه واثقه: بتتفتح كده.
التقطت حجابها ووضعته ثانيا وهرولت للخارج كمن وجد طوقا للنجاه من خطر كاد يفتك به، استدارت مره آخرى لتقول بغيظ حقيقي: على فكره انت وقح.

ثم استدارت متوجهه نحو الحديقه، بينما علت ضحكاته على توترها وحمرة وجنتها، نظر لرابطة الشعر خاصتها التي بقت بيده ثم وضعها في جيبه متمتما: لما نشوف آخرتها معاكي ايه يابنت الزيني.
Back.

أخفت وجهها بين كفيها تأن بإنهيار، هل يحتفظ بشيء صغير مثل رابطة شعرها، هل قلبه الذي قرر الإحتفاظ بشيء مثل هذا من أجل حبيبه يتركه هكذا بسهولة!
رفعت وجهها تنطق بخوف وضياع: ياررب.
في النفس التوقيت في الخارج، تدافع الصحفيون على يحيي بمجرد ظهوره
ممكن حضرتك تحكيلنا ايه حصل؟
=مين يافندم اللي عمل كده، و ياتري كان في عداوه مسبقه؟!
-ينفع تطلع مدام عائشة ناخد منها كلمه؟!

لم يجب يحيي على أي سؤال فقط وقف جامدا وأنهي هذا الحوار هاتفا بحزم وضجر: أظن ده مش وقته خالص يا شباب، انتوا شايفين الحاله اللي احنا فيها، أي سؤال أوعدكم هيتم الإجابه عليه بس لما الحالة تتحسن وكمان بشرط.
تأهب الجميع لمعرفة شروطه في حين نطق هو مغريا: الصحفي اللي مش هينزل حاجه عن الخبر لحد ما الحاله تستقر، هياخد تصريحه من حامي العمري نفسه.
تركهم هكذا وعاد للداخل مبتعدا عن تدافعهم عليه.

عاد إلى عائشة مره ثانيه فوجدها ملتصقه بالغرفة التي يرقد بها، لقد شاهده قلبها وهو موصل بالأجهزة لايصدر أي تعبير، أما عنه فكان غارق في عالم آخر، يهرول في الظلام وكأنه يهرب من النور قدر إستطاعته، سمع أحدهم يناديه من الخلف، اهتز ثباته لثوان لكنه لم يستدر وأكمل هرولته، حتى أعادت النداء ثانيا: أنت قولتلي انك مش هتسيبني، انت وعدتني وعمري ماشوفتك بتخلف وعد، يوم ماهتخلف هتخلفه معايا انا!

ثبت مكانه، كلماتها زعزعت ثباته وإصراره على الهروب، نبرة صوتها التي يميزها عن الجميع، حبه الأعمى. وهلاكه الأبدي، حاول الاقتراب منها ولكن ألف حاجز منعه من الاقتراب، فجأة غُلق الطريق أمامه وشاهدها من بعيد تبكي بألم ويد اللعين رضوان تمتد ناحيه عنقها.
حاول الصراخ فلم يستطع، حنجرته تود لو هتفت بإسمها عاليا ولكن لا يستطيع، تملك العجز منه وفي لحظة
أعلن الجهاز توقف نبضات القلب!

عمتها المياه من كل جانب، أراحت نهلة جسدها في المغطس وقلبها يدق بعنف، الندم لا يفيد!، دائما ما تأخذ قرارات تندم عليها لاحقا وخاصة آخر قرار، تذكرت ماحدث بشرود
Flash Back
ارتعدت نهلة بعدما خرجت عائشة من غرفتها وهي تتوعد وتهدد أنها سوف تخبر حامي بكل ماحدث. جلست تفكر في حل للتخلص من هذه ليقطع تفكيرها رنين هاتفها، أجابت دون النظر لرقم المتصل: ألو.
آتتها الإجابة من الجهة الآخرى: والله زمان ياعلياء.

ابتلعت ريقها بتردد ناطقه: مين معايا؟!
مش عارفه صوتي ولا ايه؟!
نطقت بإرتباك: رضوان؟!
سمعت ضحكاته الرنانه وهو يقول: الله ينور عليكي.
مسكت رأسها تحاول استدعاء ثباتها وهي تقول: عايز ايه يا رضوان بعد السنين دي كلها!
زعلتيني والله بقى ده يكون ردك بعد الغيبة دي، ومتخافيش انا بس عايز اشكرك على بنتي اللي خدتيها وهربتي بيها بس الشهادة لله طمر فيكي وربتيها.

ظلت تفكر لثوان حتى حسمت قرارها فنطقت دون تردد: انت عرفت منين؟!
أجابها: هي حكتلي كل حاجه.
رضوان!
قلق من نطقها لإسمه بهذه الطريقه القلقه في حين تابعت هي: عائشة عرفت أن صوفيا عايشة وانك مخبيها، وهددتني انها هتقول لحامي.
صرخ فيها بغضب: انتي بتقولي ايه. وعرفت منين وانتي نفسك عرفتي الكلام ده منين!

مش مهم أي كلام دلوقتي، المهم تتصرف. خلص على البت دي علشان مش سهله، وكل يوم بيتضاف لعمرها بيزود الخطر حوالين كل واحد فينا، أصعب حاجه التهور والذكاء. ودي فيها الاتنين يعني ممكن بغلطة نروح فيها.
همس بغضب جم: هي فين؟!

نطقت نهلة بتدبير: احنا في فندق (، ) حامي جابنا هنا وانا في حراسه على أوضتي، وتقريبا كده هي في أوضتها برضوا. بس بلاش تيجي جمبها هنا، لو عايزني اتصرف واخليها تطلع بره الفندق وتخلص الموضوع بهدوء.
قهقه رضوان عاليا بشراسة وهو يقول: موضوع ايه اللي اخلصه، بقى انا هخلص من لحمي برضوا دي بنت أخويا.

وضع في حساباته تسجيل المكالمات هذه فأخرج نفسه من الموضوع بسهوله هاتفا: أنا اتصلت عشان اشكرك وخلاص عملت اللي عايزه، مع السلامه.
ابتسمت بسخريه: لا ذكي بيخرج نفسه، بس أنا متأكده انه هيخلص عليها والنهارده!
Back.

الآن هي في أشد حالات ندمها على المكالمه هذه تلعن غبائها، كانت من الممكن أن تستخدم عائشه كارت تضغط به على حامي، أو تفعل الأفاعيل لتجعله يشك أنها خائنه ولكن خوفها اختار اسهل الحلول وأفشلها.
استشعرت عائشة هذه الحالة من الفوضي التي عمت المشفي للتو فااستوقفت إحداهن هاتفه بترقب: ايه اللي بيحصل جوا؟
هرولت الممرضة نحو الغرفه مسرعه وهي تنطق: القلب وقف.

حاولت عائشة الدلوف ولكن تم إغلاق البوابات فصرخت عاليا بإسمه، وارتفعت شهقاتها وهي تنطق برجاء: لا، يارب لا، متعملش فيا كده أرجوك، أنا طول عمري راضيه بكل حاجه، بصحي وبنام بوجع موت حبايبي المره دي مش هقدر تاني.
ظلت تترجي خالقها وقد زاد انهمار دموعها وهي تنطق بضياع: أرجوك يارب لا، عايزاه جمبي مش هقدر.
شعرت بالدوار فاستندت على الحائط بجانبها وهي تبكي صارخه.

كان يحيى يبحث عنها فلم يجدها على مقعدها، لحظات قليلة حتى وجدها بهذه الحاله فهرول ناحيتها يساعدها على الوقوف وهي تقول بضياع: بتقولي القلب وقف، هما كدابين يايحيي صح؟، هو قالي انه مش هيسيبني.
شاهد يحيي خروج أحد الأطباء من غرفة العمليات وهو يزفر بتعب فساعدها على السير مهرولا نحوه وهو يقول بلهفة: دكتور طمننا عليه لو سمحت. مش معقول كل ده، احنا بقالنا اكتر من 10 سعات هنا محدش عايز يقولنا كلمه.

هدأه الطبيب قائلا: اهدى حضرتك، هو بخير احنا قدرنا نطلع الرصاصه ومن حسن حظه انها كانت بعيده عن القلب بحاجه بسيطه جدا.
أسرعت عائشة تهتف بخوف: البنت قالتلي انه قلبه وقف؟!
حرك الطبيب رأسه بإيجاب قائلا: فعلا ده حصل بس الحمد لله لحقناه، متقلقيش يامدام هو كويس. حضرتك اللي مش كويسه خالص ولازم تروحي مع الممرضة دلوقتي وترتاحي.

هزت رأسها معترضه بعنف في حين زجها يحيي مع الممرضة هاتفا: لازم ترتاحي علشان تقدري تقفي معايا وعلشان اللي في بطنك ده، روحي مع البنت خلي الدكتورة تشوفك.
سارت معها وهي تبكي وتلتفت خلفها كل ثانيه تجاه الغرفه التي يقبع بها، في حين نطق يحيي: دكتور في حاجه انت مقولتهاش قدامها؟!
حرك الطبيب رأسه نافيا وهو يطمأنه: متقلقش انا قولت كل حاجه، احنا هنستناه يفوق بس لازم يفضل هنا لحد مايتعافي خالص.

طيب أنا الممرضة قالتلي من شويه انكوا عايزين متبرع بالدم ليه؟!، انا للأسف طلعت مش...
قاطعه الطبيب هاتفا: لا ما احنا لقينا متبرع.
نطق يحيي بقلق: مين اتبرعله؟!
قطع كلامه خروج عمر من أحد الغرف يحاول التوازن فما فقده من دم ليس بقليل.
هرول يحيي ناحيته في حين انصرف الطبيب.
يحيي بغضب مكبوت: ياعمر انت ايه اللي جابك، قولتلك ماينفعش تسيبهم لوحدهم.

نطق عمر بهدوء: أنا ودتهم المغربلين عند هنا متقلقش، وكان لازم اجي يايحيي اللي جوا ده حامي واللي في الأوضه اللي جمبه تبقى أختي.
تنهد يحيي عاليا بتعب وهو يجذب خصلاته ناطقا: انت اللي اتبرعتله بالدم صح!
هز عمر رأسه إيجابا ليرمقه يحيي بنظرات ممتنه قاطعها عمر هاتفا: ده أخويا يايحيي انت مش محتاج تبصلي بصة الشكر دي.
قطع حديثهما اتصال وارد من هنا فنظرا لبعضهما بقلق وتوتر جم.

حاولت نيرة الهدوء أكثر من مره ولكن قلبها يتآكل قلقا على شقيقها لا تعلم السبب فقط تشعر بالخطر يحلق هنا، نطقت بغضب: مبيردوش كلهم على الزفت.
هتفت زينه بقلب منقبض: طب انتي مسألتيش عمر هو جابنا هنا ليه ولا هما رايحين فين؟!
بدأت نيره في البكاء مردفه بيأس: عمر مقاليش حاجه.
في هذه اللحظة أردفت هنا بلهفة: تليفون يحيي اتفتح استنوا انا هكلمه.

كانت لينا تبكي في أحد الزوايا بكاء متواصل غير منقطع فصرخت بها نيرة: يوووه. هي ناقصاكي انتي كمان.
زجرتها الصغيرة بغضب ناطقه: ملكيش دعوه بيا.
اقتربت زينه منها تحتضنها ناطقه بحنو: طيب بتعيطي ليه يالينا؟
نطقت الصغيرة ببكاء: علشان نيرة بتعيط وهي وحشة بتزعق للكل، أنا هقول لحامي عليها.
مسدت زينة على خصلاتها بهدوء في حين قطع اتصال هنا، طرقات متواصله على باب منزلها.

أردفت هنا بقلق: ياستار. جيب العواقب سليمه يارب.
اندفعت نيره نحو الباب تفتحه لتجد دنيا أمامها بخصلاتها المبعثرة وملابسها المليئة بالأتربة، دلفت دنيا سريعا وأغلقت البوابة خلفها، التقطت انفاسها وهي تنطق: يحيي او عمر فين؟!
لم يجب عليها أحد في حين صرخت هي ببكاء: ماتردوا عليا هما فين.
التقطت كف زينه تنطق برجاء: قوليلي بسرعه ارجوكي.

لم تكمل كلماتها ليجدوا اقتحام الباب و رضوان يدلف بهيئته الشيطانيه جاذبا إياها من خصلاتها وهو يهتف بشر: ليه بس كده يادودي بتزعلي بابا منك ليه.
صرخت بعنف متألمه: انت مش ابويا، انت شيطان ماشي على الأرض، ابعد عني انا هقولهم كل حاجه.
أدخلت زينه الصغيرة المرتعدة سريعا إلى غرفتها وخرجت من جديد لتجد نيره تحاول إبعاد يد هذا القذر عن دنيا هاتفه: سيبها ياحيوان ياللي معندكش دم.

لم تستطع نيره إبعاده، فرفعت هنا نعلها بحركه ماهره (شبشبها) واقتربت منه متشدقه ب: انا مكنتش ناويه بس انت تستاهل الحرق.
ثم انهالت عليه بالضربات المتتالية وساعدتها نيرة وهرولت لينا من الداخل بأحد ألعابها تضربه هي الآخرى ببغض هاتفه بتشفي: وخد دي كمان.
هرولت دنيا تاركه إياه وهتفت لزينه بلهفة: اديني رقم يحيي بسرعه.

أملتها زينه الرقم سريعا وهرولت دنيا خارج المنزل بسرعه جنونيه فتعثرت في إحداهن على درجات السلم: أنا اسفه. أنا اسفه.
تشدقت ريحان ب: هو في ايه ياحبيبتي.
نطقت دنيا بمكر وهي تتابع هرولتها: اصلهم مسكوا حرامي فوق وانا نازله ابلغ البوليس.
ضربت ريحان على صدرها هاتفه: حرامي، يالهوي. استني ياست هنا انا جيالك وهجيب رجالة الحاره يربوا ابن ال ده.
بعد عدة سعات.

التقطت عائشة حجابها حتى تغطي خصلاتها لتخرج من هذه الغرفه التي قبعت فيها بأوامر من الطبيب، تذكرت ماحدث قبل الحادثه فهوت على الفراش وفرت منها دمعه هاربة وهي تعيد أمامها ما حدث، هي هربت منه حتى تأتي لتواجه نهلة، تفجأت به أنه علم بأمر والدته، هو يضع اجهزة التصنت في كل مكان داخل غرفة نهلة، أدق مكالمتها تصله بالتأكيد عرف، حلت الصدمه عليها وهي تراه يعد سلاحه والشر يتطاير من عينيه فتيقنت أنه علم.

Flash Back
هرولت عائشة خلفه تلاحقه على الدرج وهي تهتف اسمه بلوعه: حامي استني.
سمعت كلامته القاتمه: لو مش عايزة أذايا يطولك ابعدي عني احسنلك، و حسابك عندي انك خبيتي عليا حاجه زي دي مش هيكون سهل أبدا.
تابعته هاتفه بإصرار: لا مش هبعد لازم تسمعني.
ملكيش دعوة بيا، ابعدي عني.

صرخ بها كثور هائج وهو يهرول ناحية سيارته، في حين وقفت عائشة أمامه تحاول امتصاص غضبه هاتفة بترجي: عرفت ليه انا مكنتش عايزاك تعرف، كده انت بتدمر كل حاجه ياحامي بتدمر نفسك وبتدمر اللي حواليك، وبتنهيني.

دفعها عنه بعنف ونطق بعين تلمع بالشر ف اتقدت زيوتنيتاه: أنتي ايه، من يوم ماعرفتك وانا بعمل حجات مش عايزها، خدتي الحاجة الوحيدة اللي بنتني وعملت حامي العمري، خدتي قلبي وبعد ماكان ميت وبيتصرف من غير ذرة ندم بقيتي عماله تدوسي عليه علشان يفوق، كام مره كانت روح الكلاب دول هتطلع على ايدي وانتي منعتيني؟!، يوم ما جيت انتقم من نهله على اللي عملته وحررت قلبي من سيطرتك، قبل مااقتلها لقيتك مرمية قدامي غرقانة في دمك، لو الحب هيخليني مااصفيهمش كلهم يبقى مش عايزه، ابعدي عن طريقي يابنت الزيني.

كانت دموعها تتساقط وهي ترمقه بغير تصديق على ماتفوه به حتى هتفت بعتاب متألم: زعلان مني اني بمنعك عن الشر، زعلان علشان مش عايزة حياتنا وحياة ابننا تفضل في ضلمة ملهاش آخر، تنهدت عاليا بتعب ثم عادت ترمقه بتلك العيون اللامعه متابعه: بس عارف انت صح، انا اللي غلطانة، غلطانه اني وقفت قدام واحد كل حياته سوده، حياتك اللي انت بتلومني عليها دي وبتقولي انك كنت حاببها وقلبك ميت بيدوس ولا يهمه، هي السبب في أذي كل اللي حواليك، هي السبب في ان كلنا بنتوجع...

دموع هاربة فرت من عينيه لكنها لم تخفف من لهيب ملامحه التي تشربت بالشراسة حتى ارتوت، وجموده وهو يتابع حديثها، حركاتها، ايمائتها.
هتفت أخيرا بثبات: اختار ياحامي لو هتنفذ اللي في دماغك وتقتل رضوان يبقى تنسانا.
تحرك بثبات نحو سيارته في حين هتفت هي عاليا ببكاء: مقولتش اختيارك!
ألقى عليها نظرة أخيره وجلس على مقعد القياده ناطقا: هقتل رضوان.

همست بألم مميت والحسرة تكسو ملامحها: حتى لو انت اتخليت، انا عمري مااتخلى، هتفضل الداء الوحيد اللي صابني وملوش دوا غيرك.
تحرك بسيارته في حين وقفت هي تذرف الدموع بصمت حتى جذب انتباهها صوت أحدهم من خلفها فااستدارت لتجد وحوش بشرية يهرولون حتى يصلوا إليها، فجحظت عيناها برعب وهي تهرول منهم خوفا من أن تكون نهايتها على يد هؤلاء.
Back.

عند هذه اللحظة فاقت من شرودها وخاصة حينما شعرت بحالة الفوضي التي عمت المكان في الخارج والأصوات التي اندلعت، فخرجت مسرعه تسأل أحدهم: في ايه؟!
نطقت الممرضة بهلع: البوليس هنا في المستشفي قالوا هيتحفظوا على حامي العمري لحد ما يفوق علشان مطلوب القبض عليه.
صرخت فيها عائشة: يقبضوا على مين انتي اتحننتي.
هتفت الممرضة مجددا: المصيبه يامدام ان حامي العمري مش لاقيينه، لا في الأوضة ولا أي حته في المستشفي!

قطع كلماتها أحدهم يجذب عائشة من مرفقها هاتفا: امشى معايا بسرعه يا عائشة من هنا.
ويلا انطلقوا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة