رواية من أكون للكاتبة أسماء صلاح الفصل السابع والثلاثون
أنزلت ميرال الهاتف عندما دخل الغرفة و كانت مندهشة من تصرفه فهو على غير عادته لم يطرق الباب حتى و اقترب منها كانت ميرال تحدق به بدهشة و قالت: -جاسر في أي؟
-مفيش حاجه بس كنت عايزاك ثواني
اغلقت ميرال المكالمة و عقدت ساعديها لتقول لا انت تصرفاتك غريبة و بعدين انا كنت بكلم عماد
-ليه؟
-عادي، هو في أي؟
حاوط جاسر وجهها و قال: -ميرال صدقي قلبك بس و سيبك من أي حاجه بتتقال
ميرال باستغراب: -يعني اي؟
-يعني بلاش كلمة تجيبك و كلمة توديكِ صدقي قلبك بس، انا مش خاطفك و لا انتي محبوسة هنا تقدري تمشي وقت ما تحبي
-اي مناسبة الكلام دا؟ انا مصدقك من غير كل المقدمات دي
ابتلع جاسر ريقه و قال: -و حتى لو عايزة عماد براحتك بس هو مش احسن حاجه
قطبت ميرال حاجبيها و قالت باستغراب: -انا مش فاهمة حاجه بجد، انا دلوقتي المفروض اعمل اي؟
-و لا حاجه غير انك تفضلي معايا
ميرال بتعجب: -انت كويس.
حاوط خصرها و ضمها اليه و قال: -اها كويس
حدقت به بدهشة و قالت: -لا انت متغير اوي
مال عليها ليقبل شفتيها برغبة، و أخذ يمرر يده على جسدها من الخلف، ابتعد عنها، ابتلعت ميرال ريقها و قالت بتوتر: -جاسر، انا عايزة اعرف انت ليه بتعمل كل دا؟ عايزة اعرف عنك كل حاجه
-في حاجات مش هعرف اقولها
حاوطت وجه و قالت بخفوت: -مش مهم هكتفي باللي هتقوله.
تنهد جاسر و قال: -طيب بس مش كل حاجه هتكون هتعجبك.
اومأت براسها و اتجهت لتجلس و قالت: -عارفه، اي علاقتك ببابا.
جلس جاسر بجوارها و قال: -مش عارف ابدا منين، حتى أن متأكد هيجي يوم و مش هتكوني طايقة تشوفيني، احنا كنا عايشين في القاهرة عشان شغل بابا الله يرحمه و مع ذلك كنا بنسافر كتير البلد، بابا كان ظابط نفس دفعة ابوكي و كانوا صحاب جدا، حياتنا كانت هاديه و مستقرة زيادة عن اللزوم، وقتها كان عندي 12 سنه و فاكر كل التفاصيل، كالعادة بابا كان بيقضي يومه في الشغل و انا في المدرسة و الدروس و في الاخر اليوم بنجمع كلنا انا و بابا و ماما و اخويا.
ميرال بدهشة: -طب و فين اهلك كلهم؟
تنهد جاسر و قال: -فجأة كل الحياة الجميلة دي اتقلبت، فجأة بابا بقي مرتشي و هو عمره ما حد رشوة في حياته، لأنه اصلا مكنش محتاج فلوس، بس اكتشفت ان الضمير الزيادة مبينفعش
نظر إليها و قال: -عارف انك عايزة تعرفي اي علاقة ابوكي بدا، باختصار هو كان السبب في كل دا، اليوم اللي ابويا مات في خدت عهد علي نفس ان إكرام مش هيعيش يوم عدل
#فلاش باك.
عندما دخل جاسر إلى غرفة مكتب والده، انفعل عليه قائلا: -اطلع برا يا جاسر انا بتكلم مع عمك اكرام دلوقتي.
نظر لهم جاسر و خرج من الغرفة بهدوء و لكنه توقف عندما استمع اكرام يقول يا مرتضي فكر في عيالك انت معاك ولادين، أمن مستقبلهم و بعدين انت هتخدم ناس كتير
-عايزاني اخد رشوة و اكل عيالي حرام يا إكرام و كل دا عشان اساعد قاتل و مجرم يخرج من السجن
-انا عايز اغير حياتي و بعدين ضميرك دا هيضيعنا.
-يا أكرام انت عايز تدخل على بناتك فلوس حرام
-براحتك يا صاحبي بس خليك عارف اني اتكلمت معاك و حذرتك
#باك
نظرت له ميرال و قالت: -و بعد كدا اي اللي حصل
-ابويا انتحر و امي اتجننت
شهقت ميرال في صدمة و اعتدلت في جلستها و قالت: -انتحر ليه؟
-تخيلي واحد طول عمره ماشي صح، مكنش بيقبل ياخد جنية حرام، يتحول للتحقيق بتهمة انه بيتاجر في المخدرات و واخد رشوة و يتوقف عن العمل.
ابتلعت ميرال ريقها و قالت بحزن: -بابا كان السبب؟
-ابوكي هو الشخص الوحيد اللي كان بيدخل بيتنا و من السهل اوي انه يحط الحاجه عندنا، فجأة كل حاجه باظت
-طب هو انتحر ازاي و ليه؟
-التحقيق بدا و بابا فوض أمره لله بس اللي حصل كان أكبر من طاقته...
اقتربت ميرال منه و عقدت ساعديها حول عنقه و احتضنته و قالت: -و أي اللي حصل؟
ابتعد جاسر عنها و قال و هو يحدق بعيناها كفايه كدا
-أكيد في حاجه تاني.
تنهد جاسر و قال: -الباقي مش هيفيدك في حاجة، و لا حتى اللي عرفتي
قام جاسر و لكنها لحقت به و اوقفته قائلة: -جاسر انت...
قطعها جاسر و قال: -ابعدي عني يا ميرال، كل اللي بيحصل دا غلط مينفعش انا و انتِ نكون مع بعض، انا عايز ننهي علاقتنا دي لان مستحيل يكون ليها مسمى، هتفضلي في نظري بنت الراجل اللي دمر اهلي.
-طالما انت عايز كدا ماشي بس انت كان مالك بيا اللي معتز دا خاطفني، و ليه جيت المستشفى و خدتني و وقتها انت كنت بتخاطر بحياتك.
-مش هينفع يا ميرال، في الأول مكنش ينفع الدكتور يحب المريضة اللي عنده، لأنها بتكون مجرد حالة بتصيب المريض النفسي في بعض الحالات و بعد كدا طلعتي بنت إكرام، كان طبيعي اني اعمل كدا اكيد مكنتش هسيبك ليهم.
هبطت الدموع من عيناها و قالت بحسرة: -و انا مش هقرب منك تاني يا جاسر، براحتك بس اعرف انك انت اللي رفضتني و انا كنت عايزاك
نظر إليها بثبات و قال: -وجودك جنبي غلط من البداية
-طيب اعتبرني مظهرتش في حياتك
و مسحت دموعها بأطرافها و اتجهت لترتدي فستان و بعد ذلك أخرجت الحقيبة من الخزانة لتجمع جميع الأغراض التي تخصها، كان جاسر يراقبها و هو يشعر بالعجز فجزء منه يريدها و لكن لم يصلح ذلك.
انتهت ميرال و اتجهت لتذهب فقال: -هتروحي فين دلوقتي؟ استنى ل
قطعته ميرال و قالت بجدية: -انا هنزل عند ماما دلال و بعد كدا همشي و ملكش دعوة بأنا هروح فين؟ انا دلوقتي بنفذ رغبتك
-هتعرفي بعد كدا انها افضل حاجه ممكن تحصل
جرت ميرال الحقيبة و نزلت إلى شقة دلال و عندما دخلت جلست على الاريكة و شهقت بالبكاء بشدة، استيقظت دلال على صوتها و اتجهت إليها و هي تقول بقلق: -مالك يا بنتي فيكي اي؟
اخذت ميرال تبكي بشدة و لم ترد عليها، ضمتها دلال إليها و قالت بحنان: -اهدي يا حبيبتي
ابتلعت ميرال ريقها و قالت: -انا بحبه اوي، مش عايزة ابعد عنه بس مش بأيدي
-الحب مش بأيدينا يا بنتي، بكرا يجي اللي يحبك و يقدرك
ابتعدت ميرال عنها و قالت: -انا مش عايزة غيره، انا قلبي وجعاني اوي بس خلاص انا هسيب كل حاجه و امشي من هنا.
قامت ميرال و سارت في اتجاه غرفتها و لكنها سقطت مغما عليها، اتجهت دلال إليها و قالت: -ميرال،!
اتصلت دلال بجاسر، و خلال ثواني كان عندها، حملها و ادخلها إلى الغرفة و قال: -متقلقيش هي كويسه
حقن وريدها و كانت دلال تراقبه و قالت: -هو اي اللي حصل بينكم، خليها توصل للحالة دي
التفت جاسر لينظر إلى دلال و قال: -مفيش حاجه.
-ازاي، يا ابني لو في حاجه قولي و بعدين انا مقدرة موقفك بأنك دكتور و هي اتعلقت بيك بس ميرال بتحبك بجد
قطعها جاسر و قال: -الموقف دا اتكرر كتير يا مدام دلال، المريض...
قطعته دلال و قالت: -سيبك من الكلام دا يا جاسر، من الواضح انك كمان بتحبها مفيش واحد هيسيب بلده و يجي لمريضة عنده يمكن بس دا مش عارف تقبل دا.
صمت جاسر فهو لم يجد شئ ليقوله، فخرجت دلال من الغرفة و تركته، تنهد جاسر و اتجه إليها و قبل جبهتها قائلا: -دا أفضل لينا، هتوحشيني اوي.
استيقظت ميرال في الصباح و امسكت بهاتفها لتتصل بوالدها، فأجابها قائلا: -ميرال؟!
-انا عايزة اقولك على حاجة.