قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

ليلة دموية أثلجت صدورهم، حمل الثوار موتاهم وجرحاهم إلى مستوصف الكنيسة، حيث كانت( لويندا) بانتظارهم.
أربعون مصابا ينزفون وعشرة قتلى، لأول مرة كان البكاء على خسارتهم بكاء فخر!
استلم الأب(فابيان) جثث القتلى، فقام القساوسة بتأبينهم، أما الجرحى فشرعت ( لويندا) والممرضات بإسعافهم.

إقتربت من ذلك الفتى الذي كان يحمله (روبيرتو) ووضعه على السرير بحذر، كان قد أصيب بطلقة في ذراعه ويبدو أن يده اليسرى تعرضت للحرق على مستوى الأصابع والكف،
أمسكت قميصه وكادت تمزقه ليمسك بيدها بقوة يمنعها من ذلك، حدقت بعينيه لوهلة ثم ابتسمت وأمسكت يده ووضعت عليها مياه باردة ثم غمرتها بمرهم دبق ولفتها بقماشة نظيفة في ذات الحين الذي وقع مغشيا عليه ليقترب (روبيرتو) بسرعة يسنده بينما قالت (لويندا):.

أيها الزعيم، عليكم العودة إلى المخيم والتصرف كأن شيء لم يكن، أما المصابين فسيظلون هنا حتى تشفى جروحهم كي لا يشكك بهم.
أومأ الزعيم برأسه وطرف بعينيه إلى الأب (فابيان) الذي استلم أيضا الأسلحة المسروقة وقام بتخبئتها في مدرسة الدير , فاطمئن الأخير وأمر بالمغادرة فتبعه الجميع، أما (بارتولوميو) فوقف ينظر إلى ذاك المصاب الذي تركته (لويندا) دون أن تخرج الرصاصة من ذراعه بينما كان يسنده (روبيرتو) وقال:.

لويندا! أسعفي هذا الفتى يبدو أنه في حالة وهن شديدة.
لتقول وهي تضمد جرح أحدهم: ارحل (بارتولوميو) فأني أعلم ما أقوم به!
ابتسم وقال: أظن أن الخرف بدأ يدنو دنوه منك ياعجوز.
رمقته بطرف عينها وابتسمت نصف إبتسامة ليردف: لا أرى (إيستاف)، أين هي؟ أريد أن أطمئن عليها قبل أن أرحل!
قالت: إطمئن إنها بخير! جعلتها تقوم بسحب الدم من الأهالي من أجل المصابين، ارحل إنها مشغولة الآن.

زم شفتاه كأنه يفكر لكنها نظرت إليه وقالت: ارحل من هنا، العجوز الخرفاء ستغضب ولن ترحمك! سأعود صباحا مع فتاتك. ارحل فحسب!
غادر (بارتولوميو) وهو يبتسم، بينما هرعت نحو الفتى المصاب وكشفت عن وجهه وبللته بالماء ليستفيق.
بدأت (إيستاف) تستعيد وعيها بينما شقت قميصها واستخرجت الرصاصة من ذراعها في حين شهقت من الألم بينما يثبتها (روبيرتو) ويمسح على جبينها ويقول:.

لم يكن ينبغي أن اوافق على مرافقتك لنا، لقد تأذيتي بسبب حماقتي! لكنك عنيدة يافتاة
إنظري ماذا حل بك! لن أغفر لنفسي خطئي هذا.
لتقول (لويندا): هراء! إنها أقوى مما تظنون، إنها حرب والنصر لا يكلل بدون إصابات وخسائر.
المحارب الذي له جسد مليء بالندبات والجروح، هو الذي يقاتل بضراوة، لن يهزمه الموت حتى! إنها مصابة كباقي المصابين وستتعافى.

ليقول: أقنعي (بارتولوميو) بذلك حين يكتشف أمرها! يدها احترقت حينما أضرمت النار بمخزون المؤن، وهو رأى هذا الجرح وسيتذكره. كيف ستخبيء يدها؟
لتقول بنفاذ صبر: اااه. ستتعافى قلت!
في قبو (آل سوارنتي).
كان الجنرال (سلفادور دالف) مقيد إلى أحد الدعائم ينهال عليه (سيرجيو) ضربا إلى أن اختفت ملامحه وأغرقتها الدماء، ثم توقف يلهث بإنهاك ثم بصق بجانبه وقال:
أيها الوغد، ألم تستطع كبح جماح كلابك!

كان خطأنا منذ البداية أننا تساهلنا معكم، فظننتم أننا ضعفاء ويمكنم فعل مايحلوا، الآن سترون غضب الجريح كيف يكون! هناك رغبة قوية بداخلي تدفعني إلى حرقك ومراقبتك تموت إلى أن تنقطع أنفاسك، على كل حال حين يحين وقتك ستموت ميتة شنيعة.
حاول (سلفادور) إخراج صوته وقال بتلعثم: أنا لم، أنا! لم. آمر. أحد. بالإعتداء على السكان وقتلهم!
ركله (رودريغو) في بطنه فبصق دما وهو يتأوه،.

وقال: أيها اللعين، والشباب الذين أمرت بخطفهم وتجنيدهم قصرا. ماذا عنهم؟
ليقول من بين ألمه: إننا. بمعر. كة! وعلينا. تكوين. جيش.! إنها. أوا. مر، نفذتها فح. سب!
ليقول السيد (سوارنتي): وإبني ما ذنبه؟ لما قتلتموه واعتديتم على حبيبته أمام عينيه؟
صمت(سلفادور) ليتلقى لكمة قوية من الزعيم: خطأ! كان خطأ! كانوا هناك يبحثون عن فتاة. فتاة أخرى، فتقاطعت، طر. يقهم. معهما!
هدر الزعيم بغضب: فتاة؟! أيها الأوغاد!

ولطمه مجددا وهو يردف: من هي الفتاة ولما تريدونها!
قال بدون أن يفكر من فرط ألمه: (ألدورا)! أرادت التخلص من، من إحدى
طا. لباتها، إيس، إيس. تاف! كان إس. مها (إيستاف ). الفتاة!
وقف (سيرجيو) فاغر الفاه بينما راح (رودريغو) والبقية يكيلون له الضربات والركلات حتى فقد وعيه ثم صاح الزعيم:
أحرقوووووه! أمامي، حالا!
قالت السيدة( سوارنتي) برجاء: ليس هنا. ليس في بيتي أرجوك!

التفت مغادرا وقال: قيدوه جيدا واحملوه إلى طرف الغابة. بسرعة!
لم يكن ليطفيء النار التي أسعرتها كلمات أسيرهم سوى رؤيته وهو يحترق أمام عينيه، لمجرد أنه فكر بأذية فتاته (إيستاف)، وراح يفكر بسخط في (الدورا) ويبيت لها العقاب العاجل...
انتهى الرجال من حرق (سلفادور) وعاد جميعهم إلى المخيم ودخلوا خيامهم حيث إستقبلتهم عائلاتهم، وانتهت الليلة بتسوية الحسابات التي ستفتح عليهم أبواب الجحيم التي لن تغلق!

(باغسلون)أو برشلونة...
مع إقتراب الليلة من الإنقضاء تغبشت السماء بغضب وأنزلت غيثها الغزير على الأرض.

الأرواح الصاعدة إلى السماء.
صرخات. وبكاء!
حين يتصارع الوحشان.
الأرض تستغيث غرقها بالدماء.
في ليلة دموية.
أجابت السماء.
بغيثها.!
فمحت الأثار الآثمين.
وباركت نصر الثائرين.
حين يتصارع الوحشان.
ويلطم أحدها الآخر لطمة تعيده إلى الوراء.
حين تطوف الأرواح الغاضبة...
حين تتبرأ البسيطة من الألم.
ويختنق الهواء.
يحلق الموت المرهق.
يستخلص الروح من الجسد الذي تبعثر إلى أشلاء.
حين يتصارع الوحشان!

فيالق القائد الأعلى (داميان جلير) تشق طريقها إلى (باغسلون) وطائراتها الحربية تسبقه مزمجرة، كان في رضى تام، كان يشعر أنه القديس الذي لا يقهر، خسارته ليده جعلته أكثر توحشا.
ما أن توهج النهار حتى أصبحت الأرض موحلة غارقة بالمياه، وصل القائد إلى قاعدته الجديدة
وأمرهم بإطلاق النار للتعريف بأنفسهم أنهم امتلكوا هذه الأرض، وراح ينظر إلى العلم بفخر...

وقتذاك كانت طائرات الهليكوبتر الخاصة بالقوات الإسبانية قد حطت في معسكرها (بييفيا) وانتشر خبر الهجوم الذي وقع هناك واختفاء الجنرال المسؤول عن القاعدة (سلفادور دالف)، فألصقوا التهمة بالجنود الفرنسيين مع أن الجنود الذين رأوا وعايشوا الحادثة قالو أن المهاجمين كانت أشكالهم لا توحي أنهم جنود فرنسيين لكن (ألفونسوا أرليك) وقف بجمود وقال:.

(داميان). (داميان). (داميان)!، لقد ضرب ضربته هناك فانشغلنا بها بينما ضرب ضربة أخرى هنا! حسنا! لتحمل الطائرات الجثث بوقار إلى أهلها! أما المصابين سينقلون أيضا، القوات المؤازرة في طريقها إلى هنا وسيتضاعف عددها.
وأردف بغضب: من الآن فصاعدا لا نوم! مهمتكم تقتضي بسد طريق( ييفيا) إلى (كاتالونيا) برا و جوا، هل هذا واضح!
ليجيبه الجنود بصوت واحد: نعم سيدي!
ليقول بصوت عال
بعد قليل ستصل القوات، ليبدأ الحصار على.

(ييفيا). كلها! ابحثوا في كل منزل، في كل محل عن أي شيء يدين أي أحد. عقابنا سيكون عسيرا إن إتضح تورط الأهالي بالأمر، لا ترأفوا بأحد!

في مخيم الروم.
تسللت (إيستاف) إلى خيمتها حيث كان والدها يعد فطائر الجبن والفطر التي تفضلها، وقبل أن تقوم بإفزاعه استدار نحوها وحملها بين ذراعيه وقال بينما علت ضحكاتها تحاول أن تخفي وجع جروحها:
اشتقتك إليك صغيرتي! وقبل جبينها، لابد أنك تعبتي كثيرا ليلة البارحة!
فقالت بتذمر: مايتعبني أنك تكتشف حيلتي كل مرة! لكن الرائحة الشهية يمكنها أن تريحني. كثيرا, وفتحت يديها بحماس.

أنزلها وقدم لها فطيرة، وهو يسألها: هل تحسن المصابون؟
وقبل أن تجيبه لمح يدها الملفوفة بشاش طبي،
فأردف بفزع: يدك! مابها يدك (إيستاف)؟
تنحنحت وبلعت القضمة التي تلوكها من الفطيرة وقالت: لقد أحرقت يدي وأنا أرفع قدر شاي الأعشاب المنوم.

رمقها بتوجس، ثم أخذ من يدها الفطيرة وأمسك يدها الاخرى التي حاولت سحبها قبل أن تستكين بعد نظرته الحازمة، فك عنها الشاش ليرى مدى درجة احتراقها، ثم دفعها عنه بعنف وراح يقول بغضب:
لا. لا. لاااا! لم تفعليها، أليس كذلك؟ أجبيني بحق السماء!
قالت: أبي!
اقترب منها وأمسك ذراعها فتأوهت بصوت مرتفع، ليدفعها بعيدا عنه مرة أخرى: (إيستاف)!؟ كنت ذلك الفتى؟ و. و (لويندا) كانت تعلم! كانت تدعمك!
أجيبي!، اللعنة!

حاولت (إيستاف) لجم دموعها والوقوف بثبات أمامه، إقتربت منه ونظرت إلى عينيه بقوة وقالت:
كنت لأكون مكانها! كنت لأستسلم إلى مصيري دون مقاومة لأنني لم أكن لأحظى بفرصة الدفاع عني! ماذا كنت ستفعل حينها؟
كان يحدق بها بإسهاب بمزيج من الغضب والخوف والحزن أما هي فكانت تتكلم بثبات وقوة: سأخبرك! كنت لن تستطيع حتى الأخذ بثأري، كنت لتموت من فرط حزنك ولن يتغير شيء.

أبي! أنني أملك الفرصة الآن، أنني قوية بما يكفي لأواجه مخاوفي، أقسمت على قبرها أنني سأثأر لها، الحزن والخوف هيآني ليوم كهذا.
لقد أصبت فحسب، كالبقية! علينا تقبل تبعيات قراراتنا، وقراري كان أن أخوض هذه المواجهة،.

أنت كذلك كنت هناك، وكان من الممكن أن تصاب أو تقتل وتتركني وحيدة إلى الأبد، لكنك وضعت تفكيرك بهذا الأمر جانبا وجعلت من قضيتنا هذه أولى أولوياتك، الوطن. الكرامة، هما مانعيش من أجله ياأبي! إنهما أبجل من الأنفس ذاتها.
أطمئن عزيزي، لن أكون فريسة سهلة. لا بالنسبة إلى العدو. أو الموت حتى!
اقتربت منه واحتضنته بقوة لكنه كان لايزال مصدوما ويردد: كان يمكن أن أخسرك. كنت سأخسرك.

خرجت من بين ذراعيه وقالت بطريقة درامية: يا إلهي لقد أصابك الخرف! لالا أين بطلي.
والتفتت كأنها تبحث عنه، أمسكها من ذراعها وقال: عديني أنك لن تكرري ذلك. أبدا! أبدا.!
ابتسمت بحنان ووضعت يدها على وجنته: أعدك أن أنتبه إلى نفسي المرة القادمة، لقد كانت مرتي الأولى وأظنني أبليت حسنا، لم يكن أدائي صارخ السوء.
قال بحدة: إيستااااف!
قالت: أبي! لنتفق، ألم تخبرني أنك ستدعمني دائما،.

أن تتصدى لأي شيء يقف حاجزا أمام تحقيق أهدافي؟ عواطفك! إجعلها معي لا ضدي أرجوك!
لم يستطع جعلها تشعر بخطئها لذلك تركها وغادر بغضب، أما هي توجهت إلى سريرها لنيل بعض الراحة التي يبدو أنها لن تنالها بسبب الضجة التي تعلو خارجا...

هدأ الغيث، أما غضب الجنود فقد إستعر، دخلوا المخيم يطلقون النار في السماء للفت إنتباه العشيرة التي خرج كبيرها وصغيرها، ليأمر الجنرال الجديد جنوده بالإنتشار والتفتيش بكل مكان بينما كان يرمق الزعيم باستعلاء قبل أن يقترب منه ويقول:
إنكم قمامة هذه البلدة وقريبا سنقوم بتنظيفها!
وابتسم بغل قبل أن يتجهم من كلام (إيستاف) التي قالت: لا تتعب نفسك بتنظيف قمامة البلدة. سيدي!

لأن الأهالي لا يرمون القمامة بل يعيدون تدويرها والإستفادة منها من جديد! عليك القلق بشأن الفيروسات التي تخلفها إعادة التدوير، إنها فتاكة قاتلة. توخى الحذر أرجوك!
هم ليقترب منها فاعترض (سيرجيو) طريقه وقال: يبدو أنه لايوجد عندنا ماتبحثون عنه، انصرفوا من هنا، أنني لا أستطيع التحكم في غضب قومي...
قالها بحزم جعلت الجنرال يصرخ عاليا ليجمع جنوده ويغادرون وهو يتوعدون لهم.

أما(سيرجيو) فواصل التحديق ب(إيستاف) التي كانت بالقرب من والدها ثم قال: حان وقت الإحتفال بالنصر ياقوم! الليلة سنقيم حفل زواج (ميغيل على لاتويا)، فالتستعدوا...
تعالت التهليلات والمباركات بين أفراد القبيلة.

إقتربت كل من (لولان و إيستاف) من (لاتويا) يعانقانها ويقفزان بفرحة بينما هي تنظر إلى(ميغيل) بخجل، ثم أخذنها إلى الداخل ليجهزنها، في الحين الذي كان فيه الشباب يستعدون لتزيين المكان والنسوة لإعداد وليمة العرس.

في إستفار.
على طاولة الطعام كان يجلس (جيوم) يتشارك الإفطار مع (باسكال وتونيا)، أو بالأحرى كانا يجبرانه على الأكل وضع ملعقته وقام بحنق:
اللعنة! كيف يستطيع أن يغمض عينيه دون أن تطارده أرواح هؤلاء؟
وقتذاك دخل (بيير) وقال بصوت متهدج: (جيوم)! (جيوم )! أعلمت بما حدث في (ييفيا)
ليلة البارحة!؟

جلس على أقرب كرسي أمامه صامتا يطالعه فقط ليردف (بيير): لقد تم الهجوم على معسكر الإسبان، وقتلوا العديد من الجنود وأحرقو مخازنهم وسطو على الأسلحة، أتظن أنهم قواتنا؟ أقصد الفرنسيين؟
قال (جيوم) بلامبالاة: لتلعنهما الأرض والسماء معا! لايهم إن إقتتلوا فيما بينهم، مايؤرقني الأبرياء الذين يدفعون ثمن صراعهم الوحشي.

تنحنح (بيير) وقال: الأبرياء قلت! أحم. هناك أمر آخر حدث كذلك، (روزا، روزاليندا) وحبيبها قتلا بعدما تم الإعتداء عليها من قبل جنود الإسبان!
تجهم وجه (جيوم) وقال: إنهم لايقلون وحشية عن جيش فرنسا، والآن أصبحوا يعتدون على سكانها أيضا!

مسح (بيير) على جبينه بتوتر وقال: (روزاليندا)، غجرية من الروم! كانت برفقة حبيبها الغريب، و. و. و(إيستاف) كانت تراقبهما من بعيد حين وقعت الحادثة، لو لم تركض وهي تصرخ فسمعها قومها وأنجدوها لكانت،!
قفز ( جيوم) من مكانه جاحظ العينين لا يبدي أي رد فعل سوى الصدمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة