قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

لم تكن (ييفيا) أقل كرما من (جرندة)، ظهيرة هذا اليوم إجتمعت العشيرة لتقيم مأدبة على شرف الأب( فابيان) والقساوسة وبعض الأهالي الذي أتو للترحيب بهم.
كانت لغجر الروم سمعة طيبة تسبق سيرتهم، واشتهروا بتجاراتهم وصناعاتهم الأصيلة وكذلك بالنسبة إلى خبرتهم في الطب والعلاج، وهذا كان أحد الأسباب التي جعلت لهم شعبية ومودة كبيرة.

كانت المأدبة مميزة، طبخات تقيليدية شهية، وحلويات وعصائر طيبة المذاق لا وجود لها في أي مكانخر.
جلس الأب(فابيان) وعلى يمينه الزعيم وعلى يساره القساوسة أما الأهالي فقد اختلطوا بسكان القبيلة، وقتذاك تنحنح الأب (فابيان) وقال بصوت واضح لطيف:
بركة الرب على (ييفيا) وسكانها! وحين أقول سكانها فإنكم أصبحتم كذلك! الوطن يا أعزائي، كالأم يحنو عليكم ويحملكم طوعا وكرها، تطرح كل نعمها أمام صغارها ليشتدوا!

وطنكم ياأعزائي (ييفيا)! ولن تجدوا أما گ(ييفيا)، لقد أصبحتم الآن منا! لكم واجبات وحقوق تماما مثلما...
ستأجر لكم قوارب الصيد لمن أراد العمل بالبحر،
ولكم بالسوق أركان لتجارتكم، وبالبلدة محلات
استغلوها كما تريدون! حقكم هذا من (ييفيا)!
أما عن واجباتكم، فستكون كما هي بالنسبة للأهالي، إحترام القوانين من أهمها.

أحبوا بعضكم ياأعزائي وتساعدوا، وسترون أن (ييفيا) ستحتضنكم بين ذراعيها فلا تفرق بين قويكم وضعيفكم ولا غنيكم أو فقيركم.
ورفع رمز الصليب يبارك به القبيلة التي أشادت بترحابه هذا.
بدأ الإحتفال، العزف والرقص كما عاهدوا مرح الغجر وبهجتهم.
فرح (الروم) بما يسره الأب( فبيان) من أجلهم، وباشروا في تقسييم الأعمال بينهم فور إنتهاء مأدبة الأب، ينتظرون الغد بحماس كبير لمباشرة أعمالهم...

كان هذا اليوم يحمل الكثير للجميع، لا سيما (إيستاف )، التي عادت إلى سكناها مع عودة الشمس إلى مرقدها.
كان(بارتولوميو) يدندن وهو يقلب ويتذوق اليخنة التي أعدها للعشاء، حينذاك تسللت إيستاف بهدوء نحوه لتفاجأه، وحين اقتربت
منه وكادت تفزعه، التفت نحوها فجأة وبصوت عال: هاااا.

جعلها تعود خطوتين إلى الوراء فزعة وجمع يديه على صدره إحداهما تحمل ملعقة وأخذ يضحك بنصر على تذمرها من فشلها في إفزاعه فانقلب سحرها عليها...
اقترب منها يربت على رأسها وهو لا يزال يضحك فقالت له: لقد أحضرت لك شيء لكنني عدلت عن تقديمه لك بعد إفسادك لمخططي في إفزاعك،
اااه. كيف تفعل ذلك. وتكتشفني كل مرة؟

عاد (بارتولوميو) يقلب يخنته ثم حمل منها القليل بالملعقة لتتذوق صغيرته ورفع حاجبيه كأنه يسألها عن مذاقها فقالت:
ملح! ينقصها القليل منه!
لوى شفتيه في تفكير ثم التفت يضيف القليل من الملح وأعاد عرضها عليها للتذوق , فأشارت له بإبهامها أنها جيدة الآن، ومدت يدها وأخرجت حبة حلوى( التورون) وقالت:
إنها أول حبة أصنعها، عمدت إفساد شكلها كي تكون أول حبة أصنعها من أجلك!

امتزجت ملامح (بارتولوميو) بخليط من الفرح والإنزعاج، وضع ملعقته فوق القدر وأخذ منها قطعة الحلوة وأمسك يدها فجلس وجعلها تجلس بجانبه:
لكم يفرحني أي شيء تتعلمنيه، أشعر بفخر كبير، أشعر أن حب والدتك يزداد اتجاهي كلما
تفرحين، حلوتك هذه شيء ثمنين بالنسبة إلي.

ثمين لدرجة أنها أصابتني الحيرة، أرغب بتذوقها لكنني أخشى عدم مقاومتها فآكلها كلها فتختفي كأنها لم تكن ولا يبقى سوى مذاقها اللحظي يذكرني بها، أو أتركها وأكتفي بالنظر إليها بفخر لأنها من صنيع يديك، فتفسد وتخرب وأضطر إلى التخلص منها لأنها أصبحت عطنة.
فقالت (إيستاف)بعفوية: بالطبع سيفرحني إن أكلتها، وسأصنع لك منها كل يوم.
قال: لكنها لن تكون أول حبه على الاطلاق! لقد غششت بأول شيء كان نتاج علمك من أجلي!

أتظنين هذا يفرحني! لا تستغلي المعرفة في أهداف أنانية يا (إيستاف)! لا تغشي من أجل أي أحد. حتى لو كنت أنا! تجردي من العاطفة التي تمس بمبادئك أو دعي المعرفة لمن يستحقها.
خالج (إيستاف) شعور قاتل بالخزي وانحدرت دموعها خجلا مما فعلته، فقالت بصوت مبحوح
لم أقصد ذلك! كل ما أردته أن تكون أول من يتذوق شيء أصنعه!

قال بحنان: أعلم نواياك صغيرتي! لكن القلوب لا تفرق بين مالكيها، اليوم أفسدت حلوى من أجل حبك لي، وستضطرين غدا لإفساد عمل أو خرق قانون من أجلي أو لأجل (لويندا) أو صديقاتك!
لا يتعلق الأمر بقطعة حلوى , بل بالأمانة التي تلزمك بها المعرفة!
قراءة وصفة...
انتقاء عشبة...
تحليل فرضية...
تنفيذ فكرة.
كل شيء يحتاج إلى الأمانة المهنية، العواطف تفسد كل شيء! لا تتنازلي وتغيري أصول المعرفة من أجل نفسك حتى!

مقدار سعادتي بحلوتك هذه.
وأخذ يعدل من شكل قطعة الحلوة مستطردا: أطفأه تصرفك في حق العلم الذي أخذته...
وأخذ يتذوقها قائلا: مذاقها رائع جدا. امممم!
استقام وسار باتجاه القدر يسكب العشاء في الأطباق مستطردا: أخبريني عن يومك يا شقية، فأنا أتحرق شوقا لمعرفة كيف كان.

سارت إلى مكان نومها تغير ملابسها وهي تقول: المدرسة رائعة! لم أرى شيء كهذا في حياتي، كل شيء منظم وجميل، تعرفت على صديقة جديدة، تبدو لطيفة وسأحبها، وأظن هذا سيثير غيرة (لولان ولاتويا).
قال: وغيرتي أيضا! إنهم يتوسعون بقلبك فتضيق مكانتي به.
قالت بإبتسامة: قلبي لا يستحوذ عليه ولا يتوسع فيه غيرك يابطلي!
وعادت تجلس بقربه لتناول العشاء مستطردة: الراهبات ظريفات، والمعلمون كذلك!

أبي! هناك قاعة تشبه الكنيسة لكنها صغيرة الحجم، الآلهة. الرب! الأمر أصابني بالحيرة،
أيقونة آلهة الغجر لاتشبه أيقونة الرب بداخل الكنيسة.
أبي! هل صلواتي أمامها تغضب مني الآلهة!
ابتسم( بارتولوميو) ثم ضحك حتى دمعت عيناه: الآلهة هي حاجة البشر! الحاجة التي تجعلهم
وتجمعهم عليها الحياة، فتجبرهم على التضرع لصرفها. الآلهة هي الوله في الشيء أي التعلق به بشدة فلا يمكن الإستغناء عنه...

الرب بالكنيسة مثله مثل الآلهة بخيمة العبادة، أن تصلي وأنت تجمعين يديك أو على ركبتيك أمام المذبح شابكة أصابعك أمر واحد...
نحن نتضرع للحاجة وهم كذلك، لا تجعلي من الأمر شيء يبدو كما لو كنت تنحازين لمعتقد ما،
مهما إزدادت معرفتنا للأشياء يوجد هناك الجانب الخفي منها الذي نجهله، ستقولين لما يعبدون الرب ونحن نعبد الآلهة! لما هذا الاختلاف مادامت صلواتنا تجاب هنا أو هناك!

آلهتنا كانت تساعدنا وترعانا من أول ماقامت عشيرة الروم، وكذلك هم! الإختلاف في المعتقد وليس في الآلهة صغيرتي! وما يتفق عليه الأمور الدنيوية الواضحة، منع الأذية والتسامح والسلام، صلي بقلب صادق وستستجاب صلواتك!
قالت: لقد شعرت ببعض الراحة الآن، قضيت اليوم مقبضة القلب، كنت أخشى غضب الآلهة!
عاد (بارتولوميو )للضحك من جديد وقد شاركته( إيستاف) أيضا.

الرياح الشرقية تداعب بعنف كل شيء، مالت الأشجار وارتفع حفيف أوراقها، جرى النهر وازداد هديره، والنار تعالت ألسنتها المتراقصة،
أصبح الجنود يلتفون حول النار يفركون أيديهم
محمرين الخدود والأنوف.
كان الجنرالات ينتظرون شمس غد بفارغ الصبر،
يتحرقون شوقا لطعنة أعدائهم طعنة قاتلة.
وفي الخيمة المقابلة كان الجواسيس والخونة يستلمون القنابل التي سيدسونها بالقلب النابض لكتالونيا. السوق والطريق العام!

بدأت الشمس تتسلل لتطوي عباءة الليل المتلألئة، إنه اليوم المنتظر، سيكون الولادة الجديدة المضافة إلى إنتصارات فرنسا...
باشر الجنود في جمع الخيام و فظ المعسر إستعدادا للتحرك بقيادة القائد الأعلى (داميان جيلر ) ونخبة من الجنرالات.

في الجانب الوردي من (ييفيا) كانت الشمس بداية يوم مشرق كنورها، كانت النشاط يدب في القبيلة، قسمت الأعمال وعليهم الخروج إليها، فخرجت النسوة تودعهم وهن يتلون الصلوات...
وفي خيمة (لويندا) كان الغريب قد استفاق على الضجة التي أثيرت بالخارج فقال: ماذا يحدث!
سأل( لويندا) التي كانت تغير جبيرة رجله بصمت. فقالت: إنهم خارجون إلى العمل وزوجاتهم تباركهم!

عقد حاجبيه قائلا: كأنهم يخرجون إلى الحرب وليس إلى العمل!
قالت (لويندا): ومن قال أن العمل ليس بحرب!
كانت (لويندا) منشغلة بلف جبيرته تستطرد قائلة: العمل حرب. الحرب التي تقوم بين البحر والصياد، فيحارب البحر بضراوة و العامل ببسالة فيستخرج قوته ويعلن نصره، أو يشتد غضب البحر ويصبح وحشا فتاكا يلقيه حتفه فينتصر الآخير ويهدأ...

العمل حرب. الحرب التي تقوم بين التاجر وبضاعته، فيحارب التاجر الحذق لتصريف سلعته فيربح ويعلن انتصاره، أو تحاربه سلعته
المعرضة للكسر أو التلف فتعانده وتهزمه...
العمل حرب، الحرب التي تقوم بين المزارع وأرضه، يحارب فيها بعرقه وماله، فإما تطرح رغدا فيعلن انتصاره أما نحسا فيخسر...
العمل حرب. والحرب إما نصر أو خسارة! فلا تتعجب لأمر هؤلاء، انهم يحاربون من أجل النصر بلقمة عيشهم.

بدأت صور ضبابية تتشكل بذاكرة (جيوم )، فانتابه صداع شديد أمسك رأسه على إثره بقوة
وقد بدأ أنفه بالنزيف، فسندته( لويندا) وعدلت رأسه وهي تقول: هون عليك. إنها حرب الذاكرة! لكنها ستكسبك فوقتك للنصر لم يحن بعد!
وقتذاك دخلت( إيستاف )بمرح يبعث طاقة إيجابية بالمكان، كانت نوبة (جيوم )قد هدأت قليلا، ألقت التحية وهي تسألهما عن احوالهما،
لكنها انتبهت الى نزيف أنفه فقالت بجزع: ماذا حدث له عرابتي؟

قالت(لويندا): إنه تمرد الذاكرة صغيرتي، لكنها ستعود قريبا!
كان يطالعها (جيوم) كانه يتمنى أن تكون بحياته السابقة. قال بإبتسامة: أرى أنك أحببت الدراسة ومتحمسة للذهاب!
ابتسمت ايستاف وقالت: أريد أن أصبح طبيبة.
والآن بما أنكما بخير، سأذهب، أراكما في المساء
وداعا!
وخرجت مسرعة دون أن تكون له فرصة ليقول شيء كان يخطر بباله...
النار التي تبعث النور. مظلمة!
النار التي تبعث الدفء، حارقة!

اللون البرتقالي تخضم بالسواد...
الشمس الصافية، خجلة يتغشاها الدخان ليحيلها ضبابية باهتة حزينة...
على حدود (جرندة)، أميال قليلة ونكون بقلبها نضع قواعدنا ونرفع راية الإنتصار...
هناك ضجيج كبير وصلوات. هناك بكاء، هنا الحرب عمل!
ثوان بسيطة تفصل بين الموت والحياة، الحياة التي يدفع ثمنها الجميع ماعددا المذنبون...
طرقات (كاتالونيا) مفخخة مع أول قنبلة انفجرت حتى تساقط العشرات جثث هامدة مفحمة متناثرة الأطراف.

السوق المحلية ما إن امتلأت ودبت فيها الحركة حتى أصبحت كفرن تقليدي يسوي لحما طازج.

الحرب عمل! عمل يقوم على الغدر، عمل يستغفل فيه! فيعلن المحارب إنتصاره في حرب يحارب فيها طرفا واحدا والآخر يقع صريعا. هكذا هي الحرب عمل!
وصل القائد الأعلى( داميان جيلر) وجنوده إلى (جرندة) بينما كانت( كتالونيا )شعلة انشغل باخباتها المسؤولين...
صاح بصوت هائل: انصبوا الخيم. وضعوا الصواريخ موجهة إلى العاصمة. والأهم من هذا ارفعوا راية فرنسا ليعرف الجميع أننا هنا!، وسندخل بيوتهم عما قريب...

ضج خبر انتصار فرنسا التي طعنت خاصرة الاسبان.
دخل الزعيم إلى خيمة (لويندا) وهو ينادي باسمها، فخرجت إليه بعد أن أوصت (جيوم) أن يكتم أنفاسه ولا يصدر أي صوت , وقفت أمامه وقالت:
مرحبا أيها الزعيم، ليس من عادتك أن تأتي لرؤيتي، كنت سأحضر إليك لو طلبتني كالعادة!
بدا (سيرجيو) كأنه مشتت البال , ثم جلس على أقرب متكىء، يضع يده على رجله مقوسة. قائلا:
التفجيرات!

قالت (لويندا) وهي منشغلة بدق نبتات ناشفة: لقد بدأت الحرب! سيتصارع الوحشان، ويأكلان من اللحم مايشعرها بالتخمة، لكنها سيواصلان الأكل والتلذذ بالدماء...
ستطولنا مخالب الوحشين، فلا مناص منها!
لكن هناك حرب أخرى!
حرب أطماع! سندفع ثمنها بعيدا عن الوحشين!

رفع الزعيم رأسه كأنه يحثها على المزيد. فإستطردت: حرب الحب! الحب الذي لا سلطان للقلوب عليه إن كان حبا فعلا! حرب الحب الدامية، أبشع من حروب السلطة! أطماع الحب الذي لا يملكه القلب ستعيث خرابا لا طاقة لنا به.
وقف الزعيم بغضب وراح يشير بيديه ويمسح على جبينه بتوتر، كان يشعر كأنه يقف عاريا أمامها، لتواصل القول:.

أنا أعلم! ( إيستاف) ليست للترويض، هي ليست لك، دعها وشأنها إن كنت تريد المحافظة على العشيرة. الروم! الروم الذين سهر والدك على جعل لهم صيت عذب أينما حلوا...
زفر بغضب وهو يشير بإصبعه: سبع سنوات. سبع سنوات وستصبح لي! سأظل حولها أبعد عنها المتطفلين! ستكون ملكا لي! سبع سنوات. سبع سنوات فقط!
والاها ظهره مغادرا تقول وهي تبتسم: إن بقيت حيا لوقتها!
في البحر...

المياة الدافئة تبارك شباك الصيادين، الشمس العمودية في الأفق تحييهم بأمل، والغجر في أهازيجهم يدندنون...
أشعة الشمس يا بسمة الآلهة.
نسيم البحر المالح ياتربيتة الآلهة.
حين يعتصر جسد الرومي.
حين يتلون عرقه.
حين يغفو ويستفيق على أمل.
حين يدندن بسعادة مباركة...
يمضي اليوم وينتصر في حربه.
ويعود إلى القبيلة يرفع قوته...
فتعانقه الصلوات.
وتهزج له الابتسامات...

كانت للروم طاقة على مجابهة الصعاب والصبر عليها كما لم تكن لغيرهم.
ساعات قليلة حتى ملأوا صناديقهم بالسمك، كانت لهم مباديء خالصة في العمل، يأخذون مايحتاجونه ولا يستزدون، كانت حربهم في العمل شريفة لذلك ينتصرون دوما...
وعلى اليابسة، فتحت محلات جديدة، للكتب
الأواني الزجاجية الغجرية، و للاكل التقليدي الرائع.

وبالسوق نصبت كذلك خيم جديدة تهافت الجميع حول معروضاتها، الأقمشة والصوف الملونة، سروج الخيل، وجلود مصبوغة مصنوعة يدويا، العطور، والورود، الخ.
أشياء كثيرة يزدخر بها الروم تميزهم وتجمع الناس من حولهم...

كان ل(بارتولوميو )محلا للعطور والورود، بالرغم من أنه كان يحب البحر والصيد، غير أنه آثر البقاء على الشط لرعاية ابنته، فاختار مهنة جميلة بسيطة، وما لم يكن يدركه أن وسامته كانت أحد أسباب كسب رزقه، مع أنه لم يكن يوما يهتم بالنساء غير أنه أصبح يلاحظ في هذه البلدة مدى اهتمامهن به.

الحرب لعنة! لعنة السماء على البشر، البشر الذين سيطرت عليهم الأطماع فزحفوا معتدين مدمرين كل شيء يعترض طريقهم.
الحرب لعنة! لكننا نحارب لنحمي أنفسنا...
الحرب يا أبنائي ليست فقط النيران التي أكلت أبرياء (كاتالونيا )و المتفجرات التي دمرت (جورجا )
الحرب نعيشها كل يوم!
كانت (إيستاف) في قاعة المحاضرات لسماع درس الأب (فابيان)، فوجدت مايقوله مثير للاهتمام.

الحرب يا أبنائي! وحش يصارعنا بكل قوته، أن نصد ضربته بذات القوة أو أكبر منها ليس خطأ، ولكن لاضير في التسامح لو كان يظهر ملامح راية السلام.
الحرب بداخلنا!
في الغيرة المتسلطة التي تقودنا لامتلاك ماليس لنا.
في ردع أنفسنا على الميد عن مبادئنا أمام رغاباتنا.
في مجابهة الأحزان التي كلما سحبتنا لعمقها انتفضنا إلى الأعلى.
في الخطيئة والتوبة والغفران...
بين الفضيلة والرذيلة أيا منها سيتسيد...

نحن في حرب دائما يا أبنائي! أشهروا أسلحتكم
وأثبتوا على الحق في وجه أي كان وسترفعون رايات النصر بمباركة الرب...
كانت عظة الأب تحمل الكثير في نفس ( إيستاف) بعد أن أرهبها ما حدث في( كاتالونيا ) وسيطرة القادة على (جرندة) التي كانت في يوما ما موطنها الذي لم تعرف سواه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة