قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

أفاقت (إيستاف)على صوت همسات بإسمها و تربيتة خفيفة على وجنتها، لتفتح عيناها ببطئ لتستقر الصورة الضبابية على عيناي (جيوم) الحانية، إنتفضت جالسة تنظر إلى محيطها، عقدت حاجبيها وهي تنظر إلى (جيوم) وقالت:
ماذا يحدث هنا؟ وأين أنا؟
قال بابتسامة: اختطفتك! أنت بالدير!

استقامت قائلة بغضب: بهذه البساطة؟! أتدرك ما فعلته؟ لقد جعلتني أبدو كما لو هربت من زفافي! خائنة للقوانين والأعراف. أما العشيرة كلها أصبحت الآن الهاربة ليلة زفافها. ومن زعيمهم (سيرجيو)! لن يقبلوني بينهم مجددا.
نهض (جيوم) يواجهها وإنهال عليها بسيل من الأسئلة بغضب: هل تفضلين الزواج ب(سيرجيو) من أجل عشيرتك؟
هل تودين لو تركتك لغيري من أجل الحفاظ على وجودك بالعشيرة؟

هل كان زواجك منه أهم لديك منا، من حبنا القدري ورغبتنا سويا في أن يجمعنا الرباط المقدس للأبد؟
هل عشقي لك لا يساوي شيئا؟
شعرت بالضعف ولكنها قالت بقوة: أي شيء قد أتحمله إلا أن يلحق العار بإسم والدي الراحل. تبا. فما ألحقته بإسمه لن ينمحى!

نظر إليها بقلب مكسور يتأمل عينيها بنظرات عتاب. ثم قال: حسنا.! بإمكانك الرحيل! عودي إلى زفافك الملعون، فقط أخبريهم أن بعض الملثمين إختطفوك وأنك باغتهم بالهروب، هيا. اذهبي إلى عشيرتك. عودى إلى (سيرجيو). تزوجيه وحاولي النسيان.
ارحلي من هنا! ارحلي فحسب، الآن!
أشار بيده إلى الباب و والاها ظهره لا يريد أن يشاهدها ترحل. فقد يقتله رحيلها. نظرت إليه للحظات قبل أن تخطو بإتجاه الباب وقالت:.

إن بقيت هنا سأكون أنانية مع قومي، سأخون ثقتهم! سأحملك بروحي (جيوم) حتى وإن لم أستطع أن أحظى بك يوما! لن أحاول أن أنسى، أنت ذكراي الحية التي ستساعدني على قضاء أيامي البائسة دون أن أنكسر، أنت الحلم الجميل الذي إذا اشتد بي الألم أغمض عيناي. أراك تبتسم فأبتسم والدموع تغرق وجهي! أنت...

قاطعها هادرا: أنت عذابي! الجحيم الذي سأتلظى بداخله ماحييت. فلتسدي إلي معروفا بحق الحب الذي جمع بيننا، إغرسي خنجرا في قلبي وأريحيني من هذا العذاب.!
ارحلي!
توقفت تشعر بجسدها يتيبس، لا تستطيع الرحيل وتركه، لا تستطيع فطر قلبه وقلبها، لقد غادرت القبيلة وانتهى الأمر، ستفتقد العشيرة وستفتقد كل من يهمها أمرهم بأي حال، لكنها ستجد طريقة لرؤيتهم.
نعم ستلبي رغبة قلبها. وستقترن بمن تحب!

سارعت بإتجاهه وأمسكت يديه الإثنتين وقالت من بين دموعها: لقد تعبت (جيوم)! منذ رحيل والدي وانا أصارع ألامي، أصارع الهوة التي تتسع يوما عن يوم داخل قلبي! لقد كان كل عالمي، كان الأمل الذي أحيا من أجله، لقد رحل وتركني أتخبط بمفردي! إنني أعلم أنه لو كان بجانبي لما وافق أن أتزوج من الزعيم، إنني أشعر بذلك داخلي. لم يكن ليوافق!

لا ترحل عني (جيوم)! لنتزوج ولنوحد روحينا لننسى العالم وننسى الحروب والجروح والمكائد، لنتحدى الجميع. إنه القدر، إنها الحرب الوحيدة التي علينا أن نحارب فيها بضراوة!
عاتقها (جيوم) وقال بفرحة حزينة: نعم زهرتي! لنحارب من أجلنا، لنعش من أجلنا! لنبتعد عن كل شيء!

أعدك أن أحمل لك الحب الذي كان يحمله لك (بارتولوميو)، سأكون عشيرتك التي لن تخذلك أبدا!، سأكون اليد الدافئة التي تمسك بيدك لتطمئنك حين يشتد ضيقك وأخبرك كل شيء سيكون على ما يرام.
أخذت تنظر إليه بدهشة وقد تذكرت كلمات عرابتها التي قالتها لها قبل ساعة، فتأكدت أن ما ستفعله هو الصواب.

زهرتي البرية...
هذه الخمسينية تحمل شتاءا غاضب.
الخريف هاهو ينذر.
رياحه تقتلع الأحجار من خلدها.
لا تعتادي حياة الأصايص المعلقة في الشرفات.
لا تعتادي أن تكون سقايتك بالماء قطرات.
فالغيث هنا جارف.
قريبا سينتهي كل شيء.
وستكون البداية مؤلمة!
في مخيم الروم...
هدر(سيرجيو)بغضب قائلا: أين ذهبت؟ هل إنشقت الأرض وابتلعتها؟ اين هي بحق الآلهة؟
قال أحد الرجال: لم نعثر لها على أثر. لابد وأنهم قد إختطفوها كما نخشى!

قال(سيرجيو)بغضب: ومن يجرؤ على إقتحام عشيرتنا وخطفها من بين أيدينا؟
قالت (لولان): لابد وأنهم هؤلاء الملثمين الذين رأيتهم بين الأشجار؟
قال (موريل)بحنق: وأين اختفوا بعدها؟ لقد بحثنا عنهم في كل مكان؟ ثم كيف عرفوا طريقهم إلى خيمتها؟
قالت (لاتويا): لابد وأن هناك بيننا من ساعدهم على ذلك؟

وكزتها (لولان) لتنظر إليها(لاتويا)بحيرة. قبل أن يقول(سيرجيو)بعيون متقدة: نعم لابد من ذلك وسأعلم من هو، ووقتها سيكون الحساب عسيرا.
قالت إحدى النسوة بصوت ساخر: ولماذا تتهمون أحدنا بمساعدة المختطفين، لما لا تكون هي من هربت دون مساعدة أحد؟ هل نسيتم أنها كانت غير راغبة بهذه الزيجة؟

هدر (سيرجيو)قائلا: كفى! فليعد الجميع إلى خيامهم، فقد كانت الليلة مضنية، وفي الغد ومع شروق شمس الصباح، سنعرف كل شيء، وستظهر الحقيقة...
ساطعة!
تفرق الجميع، لتميل (لاتويا) على (لولان) قائلة بهمس: تعلمين شيئا عما حدث؟ أليس كذلك؟
قالت (لولان) هامسة بدورها: بل اعلم كل شيء، هيا إلى خيمتك وسأخبرك أنا و(ميغيل)بما نعرفه!
إتسعت عينا (لاتويا) قائلة: ميغيل؟
قالت(لولان): نعم. نعم. هيا. لا تتلكأي!

تابع(سيرجيو)إنصراف الجميع بعيون غاضبة وقلب مشتعل، الليلة فقد حلمه، ذبحه الغدر وقتلته الخيانة، تحطم قلبه بقسوة وهناك بالتأكيد من سيدفع الثمن.

في الكنيسة...
قال الأب (فابيان): الزواج ياأبنائي هو رابطة روحية بين الزوجين يعتمد على الحب و التسامح، تكون المرأة سكنا لزوجها تأمن سره وتريح قلبه ويكون الزوج عائلتها ووطنها، يتحملان معا أعباء الحياة يعيشان على السراء والضراء في أسرة صالحة في مجتمع صالح.
لقد اجتمعنا اليوم أحبتي لنزوج العزيزة (إيستاف)إلى العزيز (جيوم)، مبتهلين الى الرب أن ينعما بزواج صالح وبسعادة تدوم طويلا.

(جيوم) أتقبل (إيستاف بارتولوميو كوزماس) زوجة لك في المرض والصحة، في السراء والضراء، في السعادة و الحزن، وتتعهد أن تكون سندا لها وترعاها ما حييت؟
قال (جيوم)بنظرة عاشقة: نعم أقبل.
ليلتفت الأب(فابيان)إلى (إيستاف)قائلا: أتقبلين (جيوم داميان جلير)زوجا لك في الصحة والمرض وفي السراء والضراء، والسعادة والحزن، وتتعهدين بالقيام بواجباتك كزوجة صالحة باتجاهه؟
إبتسمت (إيستاف)قائلة: أقبل.

ليبتسم الأب(فابيان)قائلا: لتلبسوا الخواتم.
أسرع بيير بمناولة (جيوم)الخواتم ليرتديها العروسين قبل أن يقول (فابيان): الآن وبالسلطة المخولة لي أعلنكما زوجا وزوجة. يمكنك تقبيل العروس.
مال (جيوم)ليقبل (إيستاف)على جبينها، قبل أن يتقبلا التهاني من( بيير). ويتجهوا جميعا إلى حيث سيقضي العروسان ليلتهم قبل أن يتوجها في الصباح إلى (إستفار)...

في باغسلون...
إلتمعت عينا(داميان)بقسوة وقبض على يديه بقوة وهو يواجه (فيليب)هذا الجندي الأشقر قصير القامة الذي جعله جاسوسا على ولده فجاءه بأنباء غير سارة بالمرة، ليقول بغضب:
حسنا. إنصرف الآن ولا تخبر أحدا بما أخبرتني به. أفهمت؟
قال (فيليب)بإحترام: أمرك سيدي!

ثم إنحنى قبل أن يغادر بسرعة بينما قال (داميان)بصوت كالفحيح: تحيك المؤامرات أليس كذلك أيها الأحمق؟ تختطف الفتاة وتتزوجها، تعيش فيلما سخيفا أيها التعس(جيوم)؟ تجلب العار لأبيك وتتزوج سرا من غجرية وثنية. حثالة لا قيمة لها! ترفض (فيوليت)ابنة الجنرال(راسل)من أجل تلك الحمقاء؟ لن أعترف بزيجة كتلك وألطخ إسم آبائي وأجدادي بعارك!

. حسنا. لقد تركتك تعبث بما يكفي! حان الوقت لأعيدك إلى صوابك! لنرى ما ستفعله تلك الغبية حين تعرف أنك قتلت وشردت الأهالي في (cerja). ستتخلى عنك وتنفر منك كجرذ قذر. وإن لم تفعل فسأحرص على أن تصبح أرمل عزيزي(جيوم)! فلتستعد لخسارة قريبة، قريبة جدا!
لتعلو ملامحه نظرة شيطانية كإسمه، ولقبه!
إقترب منها يضمها قائلا برقة عندما تجمدت بين ذراعيه: سأتعهد أن أحبك إلى الأبد.
الأبد. حين نشيخ معا.

ونجلس على شرفتنا نشاهد الغروب.
نتشاجر على من سيحضر العشاء.
ونبتسم...
حين نتذكر أن العشاء على النار.
من رائحة إحتراقه!
الأبد. حين تخونني الذاكرة.
وأرى في عينك المجعدتين أكسير الحياة الخالدة.
الأبد. حين أناديكي بروحي.
وتتذمرين لأنني نسيت إسمك!

شعر بدموعها دون أن يراها. فأدارها لتواجهه قائلا: دموع في ليلة زفافنا! إنها ليلة نهاية الأحزان يازهرتي! الليلة التي انتصرنا فيها برغم كل شيء! سأسامحك! وسأتعهد لك أن تكون آخر دموع تذرفينها.
قالت بحزن: أفتقد أبي! كم كنت أتمنى لو كان بجانبي اليوم و باركنا بنفسه! وعرابتي، كم كنت أتمنى لو منحتني بركاتها، وصديقاتي كم وددت لو غنين لي كما اعتدن في حفلات الزفاف.

مرر يده على وجنتها يمسح دموعها بيديه قائلا: سأكون أباك فأمسك يدك بيدي وأمنحها ليدي الأخرى ثم أتمسك بها للأبد.
كان يقرن مايقول بالأفعال مما جعلها مشدوهة مسحورة بكلماته وهو يستطرد: ثم أباركك ك(لويندا) وأضع يدي على رأسك أتلو الصلوات وأبتهل إلى الرب كي يحفظك لي سالمة ويديم سعادتنا.
ليديرها في حلقات مستطردا: ثم سأغني لك مثل (لاتويا)و(لولان).
ليبدأ بالغناء قائلا: على ضفاف التلة في مكان غريب بعيد.

قابلت امرأة غير عادية.
رقيقة. قوية. جميلة. بهية.
قد أسميتها زهرتي البرية...
أدركت على الفور أنى سقطت أسير عشقها.
تلك المجنونة العاقلة الشقية.
صارت ملكتي وصرت فارسها.
أوقفها وقد أصابها دوار العشق وقالت بحب: زهرتك البرية وملكتك تحبك أيها الفارس (جيوم).
السعادة الأبدية التي ذكرتها الأساطير كانت أكبر كذبة تصدق، الدماء التي تغمر يديك. أراها!
أشم رائحتها. كان لابد أن أشعر أنك لست أنت،.

لقد تغيرت! تغيرنا! لم أعد أنا. وأنت لم تكن أنت! كان هناك شيء تحاول عيناك إخفاءه ويحاول قلبي عدم تصديقه.
إستيقظ (جيوم)يبحث عنها بين ذراعيه، فلم يجدها. نهض بسرعة ينظر حوله، ولكن لا أثر لها، دلف إلى الحمام فوجده فارغا، عقد حاجبيه بقوة يتساءل أين ذهبت لقد ناما سويا بعد أن حظيا بليلة لا تنسى. إستسلما فيها لقوة المشاعر وعبق الأحاسيس. فمتى إستيقظت وإلى أين ذهبت؟ وهما على وشك الرحيل ل(استفار).

رأى ورقة بيضاء مطوية على الطاولة لم ينتبه لها في البداية فأسرع بفتحها وقرائتها وعيناه تتسع بصدمة.
السعادة الأبدية التي ذكرتها الأساطير كانت أكبر كذبة تصدق، الدماء التي تغمر يديك. أراها!
أشم رائحتها. كان لابد أن أشعر أنك لست أنت،
لقد تغيرت! تغيرنا! لم أعد أنا. وأنت لم تكن أنت! كان هناك شيء تحاول عيناك إخفاءه ويحاول قلبي عدم تصديقه.

كيف طاوعك قلبك على فعل ما فعلته مع كل هؤلاء الأبرياء في (cerja)! كيف إستطعت أن تفعل ما حاربته دوما؟ وكيف تجرأت على قطع العهود لي، بحبك والوفاء! اغتلت القسم وأصبحت العدو!
هنيئا لك بالنصر! أصبحت الأبن الذي يفخر به والدك،
سأعود من حيث أتيت، سيسامحني قومي يوما ما، لكنني لن أستطيع مسامحتك!
جمعنا العشق و فرقتنا الدماء أيها الغريب!
وداعا، إلى الأبد!

قبض (جيوم)على الرسالة بقوة، شعر برجفة تهز كيانه تضاربت فيها كل مشاعره، الخوف من فقدها، الغضب لأنها تركته دون أن تسمع منه، الحقد على من أخبرها و من يعلم بما فعل سواه؟ هو من خانه؟ أقرب الناس إليه؟ حطم سعادته من جديد. وهي بدورها خانته. فقد تركته دون ان تمنحه فرصة وكأنها كانت تنتظر الفرصة لتجعل منه عدوا لها. فرصة لتتخلى عنه وتبعده عن حياتها. تنتظر الفرصة ليكون لديها عذر للرحيل، وقد كان.

أشد انواع الغربة هي التي تشعر بها وأنت في وطنك، وأقساها هي من تشعر بها وأنت في أحضان من تحب، سترتمي بين أحضان الضياع
لمواجهة البدايات المؤلمة...

كانت (إيستاف)تجر خطواتها جرا، تقترب من العشيرة خطوة وتبتعد عن قدرها خطوة، تشعر بالخيانة. بالغدر. بالإحباط. بالحزن والألم. بضياع الأحلام والآمال. تشعر بالتحطم. شتان مابين الأمس واليوم. فبالأمس كانت عروس سعيدة والآن هي لاشيء، سوى امرأة محطمة. أصيبت بجراح جديدة. تدرك أنها لن تشفى.

دلفت إلى خيام القبيلة يطالع هيئتها المزرية كل من يراها، إنتشر الخبر سريعا بين القبيلة عادت(إيستاف). عادت العروس الهاربة. عادت روح القبيلة المغدورة أم الغادرة. لا أحد يعلم.
أسرع الجميع إليها وعلى رأسهم الزعيم (سيرجيو) الذي طالعها بعيون ثاقبة...

رأى في عينيها مالم يره غيره، لقد دنست (إيستاف) لم تعد طاهرة، لم تعد بريئة، لم تعد تخصه بل صارت لشخص آخر، ومن مظهرها يدرك أن الغريب نالها وألقاها أرضا تداس بالأقدام. حسنا هي من جلبت هذا على نفسها ولتتحمل العواقب. هدر فيها قائلا:
لما أنت هنا، لم يعد لك مكان بيننا؟

وقفت (إيستاف) بصلابة تواجه الجميع، لن تحني رأسها ولن تخجل، هي لم تفعل شيئا تخجل منه، لقد تزوجت، لم تخطيء حتى وإن خالفت القوانين والأعراف، فستطلب الغفران بشموخ كما عودها والدها، لذا فقد قالت بهدوء:
حتى وإن لم ترغب بتواجدي، هذا لا ينفي أنني أنتمي إلى هنا، لقبيلتي وعشيرتي.
لقد اختطفت البارحة. اختطفني الغريب. نعم أحببته ولكني لم أهرب معه. بل إختطفني...
قاطعها(سيرجيو)صارخا: هل نالك رغما عنك؟

نظرت إليه قائلة بثبات: لا.
سرت الهمهمات الغاضبة فقالت بسرعة: طلبني للزواج ووافقت، أحبه. الحب ليس جريمة، لما نجعله في أعرافنا جريمة؟
لقد أحببته! لما عليه أن يكون غريب حتى بعد أن صار زوجي!
قال(سيرجيو)بغضب: الجريمة أن تخالفي قوانين عشيرتنا، أن تلحقي العار بنا!
ارحلي من هنا وإلا أمرت الرجال بقتلك!
قالت(إيستاف): ولكنني لا أرغب في الرحيل.

هدر (سيرجيو) قائلا: تعودين إلينا بعد أن لفظك الغريب من حياته وتريدين أن نستقبلك بأذرع مفتوحة، هل أصابك الجنون؟
قالت (إيستاف): بل أرغب في أن تضمني العشيرة.
لتنظر إلى (لاتويا) و (لولان)اللتان تذرفان الدموع مستطردة: أن تمنحني الحب كما منحتها دائما.
أريد العيش بسلام في ظلها. فقط العيش بسلام.

قال (سيرجيو): لا عيش ولا سلام لمن اختار الابتعاد عن الوطن طواعية، اذهبي (إيستاف)! إذهبي قبل أن أغير رأيي وآمر الرجال بقتلك لتكوني عبرة لمن تسول له نفسه خذلان العشيرة.
صدح صوت (لويندا)وهي تقول: من يتحدث الآن؟ الزعيم أم العاشق؟
رمقها (سيرجيو)بعيون جليدية وهو يقول بثبات: بل الزعيم يا(لويندا)فلو كان العاشق هو من يتحدث. لقتلتها بيدي الآن ودون لحظة تردد.

صمتت (لويندا)تدرك صدق كلامه، بينما تأملت (إيستاف)الجميع لترى بالفعل أنه لا مكان لها هنا بعد الآن، تشعر بالغربة في وطنها، لتودع أحبتها بعينيها قبل أن تطرق برأسها حزنا، تغادر العشيرة تشعر بالوحشة، لا تدري إلى أين ستذهب، ولكنها تثق بأنها ستنجو، وستجد لها وطن تنير جنباته، فقدرها أن تكون النور للجميع، هكذا قالت (لويندا) من قبل وهكذا تثق بأنها ستكون.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة