قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

حالة طوارئ أصبحت تعيشها (ييفيا), تفاقم الوضع، فأقفلت المحلات، وأقفلت المدرسة، واختفى الناس من الشوارع، فلا يتعدى وجودهم بعض أمتار من مساكنهم، أيام شداد تعيشها البلدة، اشتدت فيها حاجة هؤلاء إلى
كل شيء، الأكل والشرب والنوم. وأهم شيء الحرية والسلام على أرضهم!
مرت بعض الليالي الهادئة إلا من هرج الجنود أثناء تجولهم سواء بسياراتهم أو على الأحصنة، وتلك الصافرات التي يطلقونها من أجل حضر التجول.

الليلة المنتظرة! ليلة إستلام الأسلحة والذخيرة
كان ( سيرجيو) قد رتب كل شيء، تسلل هو ورجاله الموثوقين إلى المكان الذي اتفق عليه مع الموردين، فكان معه ( بارتولوميو، كوريو، موريه، وخوسيه ) بالإضافة إلى بعض
الشباب الأقوياء من بينهم ( ميغيل ).
الجو حار لا يلطفه سوى بعض النسيم البحري الذي ينفح كل فترة...
المخاطرة كبيرة في هذا الوقت، ومخيمهم بلا زعيم لكنه مشدد الحراسة إلى حين عودتهم.

بعد لحظات استلم( الروم) ماجاءوا لإستلامه، حملوه بصناديق خشبية، لم يكن عدد البنادق كبير فلم يتجاوز أربعمائة بندقية آلية، كانت موزعة بين أربعة صناديق يتعاون على حملها رجلان، أما الذخيرة فكانت في عشرة صناديق كبيرة ثقيلة، فكانت تمثل لهم مشكلة في حملها
فكان عددهم لا يتجاوز عشرين شخص، وأن ينقلوها على مرتين مخاطرة كبيرة لن يستطيعوا الإقدام عليها،.

تكومت الصناديق أمامهم، احتار الزعيم في أمره وراح يحوم كأنه يفكر: ماذا ستفعل بهذه الورطة الآن؟
ساد الصمت للحظات ومن ثم تقدم (بارتولوميو) كأنه يتفقد الصناديق، حاول رفع صندوقا من صناديق البنادق ووضعه فوق احد صناديق الذخيرة ثم قال:
ميغيل! ساعدني بني!
حمل الإثنين الصندوقين، فمال الذي بالاعلى فكاد يسقط لولا سرعتهما في وضعهما أرضا بالوقت المناسب.
أحزمتكم ياقوم!
وأشار إليهم بيده.
ليقول (كوريو )ببلاهة: الأحزمة!

قال: نعم! الأحزمة! سنثبت بها الصندوقين فوق بعضهما، وهكذا نستطيع حملهما دون أن يقعا
ستكون أربعة صناديق مزدوجة والستة الباقية منفردة وهكذا سيكون العدد يتطابق علينا ونستطيع نقلها دفعة واحدة، وبما أن الشباب أشد قوة منا هم من سيتولون حمل الصناديق المزدوجة بالتناوب، ولكن قبل كل هذا سيأخذ كل واحد منا بندقية ملقمة تحسبا لأي طاريء،
من كل صندوق سنأخذ خمسة!

( روبيرتو. استيفان. ) اخرجا الأسلحة ولقماها بحذر، ( ميغيل. رودريغو ) ساعداني في ربط الأحزمة...
دقائق قليلة وأصبحوا جاهزين للتحرك، مجدوا الآلهة وتحركوا في الطريق الخلفية الوعرة نحو مخيمهم فطلب منهم الزعيم السير بتأني حتى لو كلفهم ذلك ليلة كاملة للوصول...

رهبة الليل. وحرارة الجو، والعرق الذي يغرق الأجساد يزيدهم عزيمة، كانوا يتحركون بصمت ثقيل تحت ضوء القمر الذي ينير المكان، وفجأة وصل مسامعهم صوت هدير محرك سيارة، تشتت إنتباههم و التفتوا حول المكان للبحث عن أي شيء يتوارون خلفه.
أشار (خوسيه ) إلى بعض الأشجار المقطوعة المكومة بجانب الطريق، لكنها تبعد بعض أمتار
والصوت يقترب أكثر فأكثر، لكنهم هرولوا بكل طاقتهم نحوها.

كانت دورية من الجنود الثمالى يجوبون المكان
بصخب في سيارتهم، وبالرغم من ذلك لمحوا ظلال أطيافا متحركة في الظلام، توقفت السيارة فجأة وقال السائق لرفاقه:
هناك شيء ما! لقد رأيت حركة خلف تلك الأشجار.
استرجل خمستهم من السيارة وأشهروا مسدساتهم. قال احدهم: من هناك؟ سأطلق النار إن لم تظهر وتعرف عن نفسك! وقبل أن يقول لاحد جنوده
أطلق صافرة الدعم.

كان (ميغيل) قد ظهر من أحد جوانب مخبأهم ورفع يديه وقال: أنا حطاب فحسب!
لينهال البقية عليهم من الجانب الآخر بعد أن تشتت إنتباههم مع( ميغيل ) رميا بالرصاص إلى أن أردوهم جميعا، وفروا مسرعين قبل أن تأتي الدورية الآخرى على صوت الطلق...
وصلوا إلى المخيم بشق الأنفس، وترامو على الأرض منهكين، أسرعت نحوهم( لويندا) تسقيهم الشاي الذي أعدته من أجلهم:
عمل الرجال قد إكتمل!

وطلبت من الحراس التجمع سريعا مستطردة: لقموا الأسلحة بسرعة!
أيتها النسوة تقدمن لتأخذن نصيبكن، وخبئنه كما أوصيتكن! صباح غد غائم، ستحوم فوقنا سحب الغيث المغتاظة فلا تمطر، ولا تدع ضياء الشمس ينفذ إلينا...
بسرعة! فهم قادمون كالإعصار!
تدفق الأدرينالين بعروقهم فأصبحوا يعملون بهمة عالية وفي أقل من ساعة إنصرف الجميع إلى خيامهم كأن شيء لم يكن، ليمر ماتبقى من الليلة بهدوء...

في إستفار.
مرت ثلاث ليال على (داميان) وهو لايزال يصارع سقمه وبجاوره كل من إبنه وخادماه،
كان ينتقل (جيوم ) بين البيت والثكنة بشكل دوري، كان على تواصل مع الجنرالات الذين وقفوا مكتوفي الأيدي في غياب قائدهم قليلي الحيلة، كانوا يزودونه بكل المستجدات في تقارير مفصلة، لقد ضيق عليهم الإسبانيون الخناق بعد وضع قاعدتهم العسكرية ب ( ييفيا).

فأصبح طلبهم للدعم شبه مستحيل، عليهم التفكير بطريقة أخرى غير متوقعة لضرب وتفريق شمل عدوهم.
لم يهتم ( جيوم ) كثيرا للأمر، بل وجد فيه خيرا على الأقل ستكون هدنة مؤقتة لحين معافاة والده، كل ماكان ينتابه من القلق كان على سكان( ييفيا).
سكان (ييفيا )؟!، مخيم الغجر؟! ( لويندا)؟!
( إيستاف)؟، كان قلقه عليها يشغل تفكير، حين يشتد به الضيق يجلس أمام زهرته البرية يضعها أمامه على الطاولة.

يسألها عن حالها، ويخبرها عن حاله.
يعتذر منها مئات المرات.
يتبادل معها حديث شيق.
يضحك من خفة ظلها وبرائتها.
يتعجب من منطقها ومنظورها للحياة.
يطلب منها الإعتناء بنفسها...
وحين لايزيده الحديث إلا مرارة يعيدها إلى الشرفة ويعيد الإعتذار إليها وينصرف.
أشرقت الشمس باكرا، وإشتد قيظها باكرا، فبدأ النهار باكرا، ضجة كبيرة قلبت ( ييفيا ) رأسا على عقب، أجراس الكنيسة تتعالى، تصاحبها صافرات الطواريء، وهدير المحركات.

هناك خمس جثث لأكفء الضباط غارقة في دمائها تحوم حولها الغربان والنسور والصقور، هناك من تجرأ وقام بقتلهم، أخذ الجنود جثث قادتهم إلى المعسكر، وبدأت دوريات التفتيش قبل إلصاق التهمة في الفرنسيين، من المؤكد القتلة جواسيس لفرنسا وسيتم حرقهم أحياء
اولئك الأوغاد!

شهدت البلدة حركة كبيرة سيارات وأحصنة وجنود بكل مكان. بكل شارع. بكل بيت! راحوا يفتشون عن أي شيء يدين أي أحد، امتد سطوهم ليصلوا إلى مخيم الغجر فدخلوه
أشتاتا يفزعون الأطفال، ويطلقون طلقات عشوائية بالسماء...

تجمع رجال القبيلة جميعا بقلب صلب لرجل واحد، وكذلك النسوة لا تظهر على ملامحهن سوى القوة والبرود مما أخبت لذة الترهيب في قلوب الجنود الإسبانيين، فتشوا جميع الخيم والاسطبلات أيضا، فلم يجد شيء وانصرفوا خاليي الوفاض.
ابتسم الروم بانتصار يلعنون أولئك الجنود الذين
انتهكوا حرمة مخيمهم في وضح النهار، لو كان الوضع مختلفا لأردوهم في أرضهم.

سبع شداد تمر على البلدة، لسبعة أيام كاملة تعيش بحصار تام ليلا نهارا، يفتشون كل شخص يمشي في الشارع أو يحاول كسب رزقه
سبع شداد، تضاعف فيها الحقد، واشتعلت نيران الكراهية بين سكان البلدة وهذا المحتل،
لطالما كانت( ييفيا) بعيدة عن أية أطماع، وقعت الآن بين ثوران هائجان أعمتهما حمرة الدماء.

بدأ الجنرال (داميان) في التحسن، أصبح يستفيق من حين لآخر، أصبح يشعر بما حوله،
يسمع الأصوات ويجيب أحيانا على إبنه أو (تونيا) إذا ما سألاه عن حاله.
كان جنرالاته على دراية بما يحدث في (ييفيا) لكنهم لا يستطيعون المخاطرة بدون أوامر قائدهم، وصل بطش الإسبان إلى منع السكان من دخول الكنيسة، والتحرش بالنساء، وتجنيد الشباب رغما عنهم أو قتلهم إذا إعترضوا.

إهتاج سكان( ييفيا) وخرجوا في مظاهرات بقيادة الأب( فابيان)، حركة كبيرة طغت على الشوارع، سئم الشعب من العيش في الخوف والظلم ومنعهم من ممارسة أبسط حقوقهم، كانوا مسالمين لأطول فترة ممكنة.
لم يتدخل (الروم ) في هذه الإحتجاجات واكتفوا بالإهتمام بشؤونهم فحسب،.

استمرت الإحتجاجات يومان كاملان، رفع فيها السكان شعاراتهم برفض بقاء الجنود على أرضهم، ارتفعت أصوات الانقلاب يطالبون بخروج الدخلاء من بلدتهم، استمر الوضع في سلمية لمدة يومان لينقلب عليهم الجنود، فهاجموهم، قتلوا ماقتلوا، وأسروا ما آسروا، وانفض التظاهر بصعوبة كبيرة، كان الأهالي مستعدين للتصدي بكل طاقتهم يحاربون الشدة في كل شيء ومن كل شيء...
هدأت المدينة بعد ثلاثة أيام وارتدت أسود الحداد.

انشغلت( لويندا وإيستاف) في معالجة المصابين في مستوصف الكنيسة بطلب من الأب (فابيان) مع مجموعة من الراهبات وطالبات الطب والممرضات، كانت الأوضاع كارثية، عجز كبير في الأدوية والمصابين كثر، أعشاب( لويندا) وعقاقيرها التي تستخدمها لا تكفي هؤلاء...

وصلت اخبار الإحتجاجات والأزمة الواقعة (بييفيا) إلى ( جيوم ) فامتطى حصانه كالمجنون يتوجه إلى هناك، ضاربا عرض الحائط كل الإحتمالات التي يمكن أن تجعل منه يقتل أو يقع أسيرا في يد الأعداء، لحق به (بيير) بالسيارة يحاول ردعه لكنه لم يبالي بشيء، واصل طريقه إلى أن دخل حدود( ييفيا)
استرجل من فوق حصانه وربطه إلى جذع الشجرة كما توقف صديقه أيضا.

سأتسلل إلى الداخل مشيا! إنتظرني هنا (بيير)! لا أريدك أن تتعرض للخطر بسببي، إن لم أعد قبل حلول الظلام عد إلى( إستفار )!
قال(بيير): (جيوووم )! انتظر...

ركض جيوم ولم يترك له فرصة لمنعه، سار في الطرقات بتحفظ يتخفى بين الأشجار أو الصخور كلما شعر بحركة تقترب من بعيد، كان الحصار على البلدة مشددا والجنود يمرون باستمرار بشكل دوريات، كان من الصعب جدا عليه التوغل أكثر في عمق البلدة ومخيم الغجر في آخرها، فلا بد له أن يقوم بالمخاطرة...

الأمر أشبه بأن تدخل إلى عرين الأسود الجائعة وأنت بكامل عقلك! راودته فكرة، لكنها كانت جديرة بالمجازفة، البيوت كانت متلاصقة جنبا إلى جنب إلى غاية نهاية الشارع، ومايميزها أنها كلها بذات الإرتفاع، أي يمكنه تسلق هذا البيت الذي أمامه الآن والقفز من سطح إلى آخر إلى نهايتها، الجنود يتجولون في الشوارع لا يظنهم سيهتمون بالنظر إلى الأعلى، مايهمهم هو إلقاء القبض على المتمردين أي يركزون على الشوارع والزقاق غير مبالين بالأسطح.

باشر في أداء مهمته الشاقة وبخفة راحة يقفز من سطح إلى سطح إلى آخر بيت، ثم تسلل إلى الجانب الخلفي وراح يتسلل في الطرقات كاللص إلى أن وصل إلى مخيم الغجر، فلف نصف قطر خلفه إلى أن وصل إلى خيمة (لويندا) فك دعائمها ودخل للغرفة السرية، فوجد كل من ( لولان و لاتويا) تقومان بصنع الأدوية، بدق وغلي كم هائل من الأعشاب والزيوت، انتفضت الفتاتين إثر رؤيته وأصيبتا.

بصدمة من أثر دخوله فجأة، لم يترك لهما الوقت للأسئلة.
( إيستاف )! هل. هل هي بخير؟ أين هي.؟
ارتدت ( لاتويا ) قناع البرود وقالت وهي تواصل عملها قائلة: بما يهمك أمرها أيها الغريب؟ ارحل من هنا!
كنت مصاب وتم معالجتك، قمنا بعملنا، وقمت بعملك، لا شيء يربطك بنا! لا شيء يربطك بإيستاف! لقد تسببت لنا بالعقاب ورحلت حتى من دون شكرنا!

شعر ( جيوم ) بخجل شديد من كلام (لاتويا). فقال: أعتذر لكما! أعلم أنني أخطأت في حقكن جميعا، حتى إعتذاري هذا لن يكون كاف، لكن كانت لي أسباب قاهرة جعلتني أرحل دون أن ألتفت لشيء، أرجوكما! أريد التحدث مع (إيستاف ) لدقيقة حتى!

شعرت( لولان ) أنه صادق. فقالت: (إيستاف) بمستوصف الكنيسة! لكنك،! لن يسمح لك بدخول المستوصف، يمكنك الدخول إلى الكنيسة وهناك أطلب من أحدهم أن يستدعيها من أجلك، مثل أنك مصاب وهي من كانت تعالجك وتريد إستشارتها!
أمسك بيد (لولان )وقبلها. قائلا: أنا ممتن حقا لكما!
حاول الاقتراب من( لاتويا) لكنها أشارت له أن يبتعد، فأرسل لها قبلة في الهواء وهو يبتسم، ثم خرج من حيث دخل...

كان التسلق والقفز على البيوت للوصول إلى الكنيسة أمر شاق بالفعل، لكن دافعه كان يمده بالقوة لفعل ذلك.
بيت الرب! حيث يلتقي الآثمون والتائبون، بيت الرب يفتح ذراعيه ليستقبل الجميع.
كانت (إيستاف وامادا) تشعلان الشموع، ثم جلستا أمام المذبح تتلوان صلواتهما بتضرع.
ما إن دخل جيوم الكنيسة حتى شعر بسكون غامض يلفه، كأنه يتواجد بأأمن مكان على الأرض، حيث السلام والنور.

وقع بصره على( إيستاف) فعرفها، جلس على أحد المقاعد متخفيا حين رآى إحداهن ترافقها.
استقامت (إيستاف) وسارت نحو الجانب الآخر من الكنيسة حيث غرف الإعتراف.
دخلت الغرفة وجلست صامتة لبعض الوقت، ليصلها صوته، فعرفته...
قال: كنت قد تذكرت! لذا رحلت...
قالت: من أنت؟
قال: العدو!
قالت: ولما عدت؟
قال: لأنني هزمت وخسرت هنا!
قالت: هكذا هي الحرب أيها الغريب! لن يكون النصر حليفك دائما.
قال: لكنني لم أخضها بعد.

قالت: وخسرتها قبل أن تفعل! يالك من عدو ضعيف!
قال: آسف!
قالت: علام؟
قال: على رحيلي بهذا الشكل.
قالت: لا تعتذر! الأعداء لا يفعلون، يدمرون كل شيء، يخلفون ورائهم خرابا وألما وشدائد لا تنفرج.
قال: ( داميان جلير )! أنا إبنه!
قالت: هل تشعر بالخزي من كونك سليله؟
قال: الخزي؟! إنه والدي! الخزي الذي أشعر به هو أنني لا أستطيع جعله يعدل عما يفعله!
أنا ضد أفعاله وليس شخصه.

قالت: نحن لا نختار أهلنا، ولا نستطيع تغيير أفكارهم ومشيئاتهم، نحن لا نختار أن نكون أخيارا أو أشرار، إنها مشيئة الرب!
كونك إبن العدو لا يجعلك عدوا إلا إذا شاركته مجازره، وإن رفضت ذلك فإنك ترفض إنتمائك إليه...
قال: أشعر بالحيرة! كنت أظن أن حقيقتي ستغضبك!
قالت: لا لم أغضب، لكنني شعرت بالخذلان، كان بإمكانك القول بأنك سترحل، لقد كنت غريبا بأي حال.
قال: ظننتك ستكرهينني لمجرد أنني إبن والدي!
قالت: لا أكرهك!

قال: إذن تحبينني!
عاد الصمت من جديد يلف المكان، حتى قطعه جيوم بقوله: لم أشعر بهذه الألفة مع أحدهم منذ وفاة والدتي! أشعر أنك عالمي الخاص البعيد عن صخب الكراهية، عن مخالب الأحقاد، وعن رائحة دم الضعفاء، أنت سلامي. لم أشعر بهذا السكون الذي أشعر به الآن منذ الكثير.
أنا أحبك ( إيستاف)! وسأحارب من أجلك.
قالت: إذن ستكون أشد وحشية من القائد الأعلى!
قال: وإن يكن مادمت سأحظى بك!

ابتسمت (إيستاف) حتى سمعها بوضوح. وهي تقول: ستخسر إذا! الحب ليس حربا للإمتلاك، إن أردت أن أكون لك كن مسالما، حافظ على مبادئك التي أعرفها، أنا على يقين من روحك الطاهرة، لا تلوثها بالأطماع. حتى وإن كنت أنا
أكبر أطماعك!
اعتني بنفسك أيها الغريب! غادر الآن ستتكاثف الدوريات بعد وقت قليل من الآن.
قال: إذن سيكون عشقا بين الأرواح لا ملكية فيه ولا حرب، سيكون مسالما لكنه سيفتك بنا!
قالت: لتكن مشيئة الرب إذن!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة