قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

كان هناك الكثير من الأشياء التي كان على (ايستاف) أن تفكر بها، كأنها تحمل على عاتقها خطرا أو خطأ جليلا ستعاقب عليه، لكنها لا تدري لما قفز في بالها حديثها مع والدها عن عشق الأرواح والراوبط التي لا تكسر بينها وذلك حين سألتها الفتاتين عن كيفية حمله إلى لويندا دون أذيته أكثر، كان عليها التفكير بسرعة فلم تخطر ببالها سوى فكرة واحدة، فقالت لهما:.

انزعا عنكما وشاحيكما، سنربط الاوشحة ونجعلهم كملائة ونضعه عليها بحذر، فتحمله كل منا من جهة وهكذا سنقله بسهولة، لكن انتبها لان كسوره خطيرة.
فقالت (لولان): مامن شيء خطير غير الذي ستفعلينه الآن ستقعين في ورطة، ولنتفق أنا لم أشاركك بالأمر. والدي سيقتلني دون رحمة، لا اريد أن أموت ايستاف! ارجوك دعيه وشأنه سيأتي حتما من يبحث عنه وسيساعده.

قالت (إيستاف )بحنق: كفى ثرثرة! أيا كانت جنسيته إنه شخص مصاب وعلينا معالجته وإنقاذ روحه!
قالت (لاتويا)بذعر: تذكري روحه هذه التي تودين إنقاذها حين
تكشفين!
ثم نزعت شالها ورمته بين يديها...
قامت الفتيات بحمل الشاب المصاب بحذر إلى خيمة ( لويندا )، التي باشرت في فحصه دون أن تسأل عن شيء، اكتفت فقط بقول:
لقد تأخر الوقت، عدن إلى خيامكن!

خرجت الفتيات وتوجهن كل منهن إلى خيمتها، وقبل أن تصل (إيستاف) قطع طريقها صوت الزعيم وهو يقول:
هل أعجبتك (ييفيا )؟
استدارت وقد تملكها الفزع من كونه قد رآهن يحملن الغريب إلى خيمة (لويندا)، حاولت جاهدة إخراج كلماتها بثبات:
سأحكم عليها مع مرور الأيام!
ابتسم وقد تجلت علامات الانبهار على ملامحه: حكيمة!
قالت: سأتمنى أن أستحقها يوما ما، طاب مساءك!
قالت جملتها الأخيرة وأطلقت العنان لساقيها مهرولة إلى سكناها...

بقي الزعيم ينظر في طيفها ويتمنى أن يستطيل أكثر فأكثر إلى أن تلاشى وابتلعه الظلام، فاستدار عائد إلى خيمته، بسعادة، ربما كان يشعر بالسعادة، بالواقع أنه لم يكن يدرك هذا الشعور الذي ينتابه، والشيء الذي هو على يقين منه أنه يود باستماتة أن يمتلكها...
ربما كان حبا! كلماتها القليلة وصوتها العذب، كان ليتنازل من أجلهما عن أي شيء مقابل لحظات قليلة ينفرد بها ويتلذذ بهما.

ربما كان حبا! لم تكن أجمل من رأى، لكنها تبعث دفء غريبا بروحه، فلا يشعر أنه لا يليق بها، بل كأنه بحاجة إليها. لترشده إلى نعيمها الخالد. وأسرار الحياة المختزنة وراء ابتسامتها
ربما كان حبا! لكنه كان على يقين أنه يريدها وإن حارب الجميع من أجلها. وإن حارب رفضها هي أيضا!..

عاد إلى خيمته وغرق بأحلامه، أما (إيستاف) فقد شعرت أنها نجت من كارثة وهدأ نبض قلبها قليلا، دخلت على والدها الذي كان يقرأ في كتاب ما، اقتربت منه وطبعت قبلة على جبينه
ليقول بسخرية: لقد عدت مبكرا! كنت أظنني سأخرج للبحث عنك لعدة أيام متواصلة ولن أجدك.
قالت: اممم. لا يخب أملك! سأعمل على تحقيقه المرة القادمة، أما اليوم فقد اكتفيت برؤية البحر وطرف الغابة.

استقام العجوز وقال: الغابة! لما الغابة؟ اصغي إلي جيدا! لن تدخلي الغابة مجددا، لا نعلم ماذا بداخلها، لا تجازفي والا سأعاقبك بحزم ولن أتغاضى عن فعلتك هذه! والآن. تعالي هناك مفاجأة من أجلك.
لمعت عيناها ووالدها يمسك بيدها ويأخذها إلى مكان نومها وقال: لباسك من أجل الدراسة! قد وافق الاب ( فابيان ) ستلتحقين بمدرسة الدير، وهذه كتبك.

قفزت (ايستاف) وهي تصرخ وتصفق وتدور حول نفسها فتتقدم من والدها لتعانقه، فيبتعد وهو يشير بيده ويقول:
ابتعدي عني أيتها المخبولة! لا عناق أنت معاقبة.
والتفت مغادرا وهو يردد: أحبك صغيرتي!
عانقت لباسها وارتمت على فراشها بسعادة بالغة
كانت متحمسة جدا للغد وما يحمله من مفاجآت
لتتذكر فجأة الغريب المصاب وجملته التي علقت بداخلها زهرتي البرية ثم زفرت بقوة وقد راودتها فكرة أنه يمكن أن يكون قد تسمم...

قفزت من سريرها وذهبت حيث والدها وقالت: أيمكنني الذهاب إلى عرابتي؟ أريد أن أخبرها بالتحاقي بمدرسة الدير، ستسعد كثيرا من أجلي! وسأقضي بعض الوقت. كثير قليلا، هاااا. مارأيك!
قال بهدوء: أنت معاقبة!
قالت بتذمر: أبي اااا!
قال بقلة حيلة: حسنا اذهبي ولكن لا تنامي هناك عودي بعد ساعتين لا أكثر. وهذا أمر!

قبلته قبلة خاطفة وركضت نحو خيمة (لويندا) مجددا، بحثت عنها كالعادة فسمعتها تناديها من الغرفة السرية، فأزاحت الصندوق ودخلت إليها، وجدتها قد أعادت الكتف المخلوع إلى مكانه وجبرته وكذلك بالنسبة إلى قدم الرجل، وخاطت جرح الجبين وضمدته، ووضعت الدواء على الكدمات، لكن المصاب كان يئن ويهذي من ارتفاع حرارته والألم الذي يشعر به...
قالت( ايستاف ): لقد قال: زهرتي البرية، ربما تسمم عرابتي!

قالت لويندا: جسده نضيف، لا يوجد أي أعراض لإصابته بالتسمم. والكلمة لا تنذر بشيء، ربما كان يهذي، ماذا حدث؟
قالت (إيستاف): وجدناه بقرب الجرف في الغابة على الحالة التي أحضرناه عليها.
أومأت لويندا برأسها قائلة: ابقي هنا لبعض الوقت، سأحضر وصفة سريعة لخفض الحمى، احرصي على تبليل القماشة بالماء ووضعها على بطنه ورجليه من الأسفل عسى أن تنخفض حرارته قليلا...
أومأت( ايستاف) برأسها، فغادرت( لويندا) لتحضر الدواء.

جلست إيستاف بجانبه تجس نبضه وتتحسس حرارته وهمست: ما قصتك أيها الغريب؟ أشعر بأن هناك ألم عميق يحيط بك!
زهرتك البرية! أهي فتاة تحبها؟ أم فتاة كسرت قلبك؟
ربما كان حبا. أليس كذلك! لكنني لازلت أشعر أن ألمك من نوع آخر. ألم شديد لا يشبه ألم العشق. يشبه ألم الشوق والفقد، نعم. إنه كذلك!
قامت بتغيير القماشات الخافضة للحرارة وهي تدندن لحنا لأهازيج غجرية.
حين تذوب الشمس في الظلام.
وتطير النوارس إلى أوكارها.

ويهدأ البحر.
ويداعب النسيم الأشجار...
هنا تتلألأ مشاعل الأمل...
وحيث يحط الروم رحالهم، تبدأ الحياة!
الغجريات تتنبأ. وتقرأ الطالع.
فإذا مامرت من هنا. ستتحقق الأمنيات!

ناكر الجميل ياجيوم!
. كان الجنرال ( داميان) على يقين تام أن إبنه صدق فيما قاله، لم تكن أهداف القادة العسكريين حقيقية، الأحقاد والرغبة في التوسع ونهب الخيرات كانت الهدف الخفي الذي يحاولون تحقيقه وراء شعاراتهم البراقة. من أجل حياة أفضل. من أجل التطوير وحملات أخرى لغسل الأدمغة...
الأسلحة التي يمتلكونها والعتاد الحربي كفيل أن يرهب ويحبط عزائم أي دولة قد تشعر أن أعين الفرنسيين عليها...

يزوم ويدور في حلقات وهو يردد: أيها الأبله البائس، إنها حرب وعليك أن تكون في صف الأقوى .
سمع طرقات خفيفة على الباب فسمح للطارق بالدخول، إذ هي خادمته تعلمه بوصول الجنرالات من المدن المجاورة، فطلب منها أن تسمح لهم بالدخول، وعاد يجلس وراء مكتبه يحاول الاسترخاء و السيطرة على غضبه...

دخل الجنرالات فوقف وتبادلوا التحية العسكرية والمصافحة، وجلس كل منهم على كرسيه في حين أسرعت الخادمة بوضع فناجين القهوة أمامهم والسجائر الكوبية البنية كضيافة تليق بمقامهم المرموق، وانصرفت عنهم...
قال (داميان) بجدية: آخر التحريات؟
ليجيبه أحدهم: العتاد جاهز في انتظار استخدامه.
وقال آخر: رجالنا مستعدون، والجواسيس ملئت بطونهم وجيوبهم.
وقال آخر: سنقوم بالهجومات متى ما أمرت!

استقام داميان ووقف مواليا لهم ظهره ينظر إلى الخارج من النافذة وهو يعقد يديه خلف ظهر. وقال بحزم:
القواعد العسكرية سنضعها على حدود (ييفيا)
لن نباشر في القصف العلني، اولا علينا ترهيبهم إن لم يخضعوا فلن نرحمهم، ازرعوا القنابل في التجمعات، الموت مخيف لن يصمد أحد أمامه، سيقدمون لنا مانريد عن طيب خاطر...
تنحنح أحد الجنرالات وقال: إنهم. إنهم يمتلكون من القوة ما يجعلهم يدافعون عن وطنهم!

نظرة إليه (داميان )بشرر وقد ارتفع صوته وبرزت أوردته: لا يهم! نحن من نرهب، سننتزع منهم مايدافعون عنه ليس لأننا نريده. بل ليعرف العالم كله أن فرنسا العظمى قوة لا تقهر.
التفجيرات ستكون بعد يومان. أريد مايثلج صدري، سلموا جواسيسكم مايلزمهم للقيام بذلك، لنرى مدى قوتهم.
أريد نصف إسبانيا إن لم أقل كلها! والضرائب؟
قال (ليو): لقد جمعناها أيها القائد!

قال(داميان): حسنا إذا! نحن مستعدون، يمكنكم تنفيذ الأوامر الآن وأفيدوني بكل ماهو جديد بتقارير مفصلة، يمكنكم الانصراف.

انصرفوا عنه بعدما ألقوا التحية، فعاد يجلس خلف مكتبه يعقد يده ويسند رأسه عليهما، هناك كم هائل من الأفكار المتصارعة بضراوة بداخله، والصداع الذي يفتك به يخدر كل حواسه ماعادا الغضب، فقد أشعل فتيله (جيوم) ليصبح نارا متأججة، لم يكن يعلم (داميان) أن إبنه سيثور بسبب المجزرة الأخيرة التي قام بها في (مدريد)، فلم تكتمل فرحته بهذا الإنجاز والصفعة القوية التي وجهها لأسبانيا وقادتها.

ليصرخ بعنف ويرمي كل شيء أمامه على الارض: اللعنة! لا يهم من يموت، لا يهم! إنهم سيتكاثرون بعد سنة، شرذمة من البشر لا تنفع لشيء، ما المشكلة في فقدانهم! أنني أقدم خدمة للقادة الملاعين حتى يدخروا أموال إطعامهم. الجحدة! الجاحد (جيوم)!
الجاحد! تقف في طريقي كحسكة في الحلق!
(جيوم)! مهلا.! أين الوغد، لم يظهر منذ المساء!
(باسكال)، (باسكال ).
أتاه الحارس ملبيا نداءه.

ليقول (داميان ): (جيوم)! ابحث عنه ولا تعد إلا وهو برفقتك، وإن أبى أحضره بالقوة وإن اضطررت إلى تقييده!
غادر( باسكال) لتنفيذ أوامر سيده، في حيرة من أمره يتمنى أن لا يجد (جيوم) حتى لا يجبر على معاملته بعنف.

كان( باسكال) وزوجته (تونيا)بمثابة العائلة الحقيقة بالنسبة ل(جيوم )، أحباه كأنه ابن لهما وزرعا فيه مباديء راقية، تماما كما كانت والدته قد أوصتهما، اعتنت به( تونيا )حتى أصبح الآن شابا في العشرين من عمره...

كما كانت فرنسا تحيك المكائد وتزرع الجواسيس كانت تفعل إسبانيا كذلك بعد آخر صفعة تلقتها فأخذتها عزة رد الضربة بضربة أقوى ترج فرنسا رجا، هكذا هي الحرب!
كان قادة فرنسا يظنون أنهم الكفة الأثقل التي ترفع أي كفة أخرى في الهواء وتنسفها نسفا!
هكذا هي الحرب! ضربة بضربة والبقاء لمن يصمد أكتر!
لمن يخسر أقل!
لمن يقسى ويتوحش أكتر!

أيتها الدماء الممزوجة بالدموع، اروي هذه الأرض لتطرح صبرا ومقاومة، ربما تفيض السماء غيظا، فتفصل بين الوحشين المتصارعين على السلطة، فيركضان ليختبئا تحت ظلال الأشجار. فلا يجدان أشجار. ولا يجدان ظلال، فينتبهان أن هناك أشياء كانت ولم تعد، لربما تسحبهما الأرض المكلومة وتطبق عليهما بداخلها إلى الأبد، فتهدأ السماء، وتنفرج
كربة الأرض المغدورة، وتعود الحياة إلى الحياة.

وتعود الظلال لتستطيل، ويصفى الهواء الداخل إلى الصدور...
صاروخ جوي تلو آخر أمطرتهم سماء (جورجا) اهتزت له كل من( ييفيا واستيفار ) وما جاورهما، وفرنسا عامة، ليستفيق القادة على كابوس لم يتوقعه أحد، وقبل أن يستوعبوا ماحدث تدمر أكبر جزء من( جورجا )بكل مافيه...

الصوت الملائكي الذي أخرج (جيوم) من أنين المرض وأسكن ألامه وأخبت نار حماه، اهتزت وضجت معه أصوات القصف التي أرهبت القبيلة
كلها فخرجوا من خيامهم مذعورين يطالعون السماء البرتقالية ويتلون الصلوات بين بكاء الأطفال وقلة حيلة الرجال...
كان الزعيم (سيرجيو) يبحث عن( ايستاف )في كل الوجوه وبين كل الوجود كحال( بارتولوميو) الذي أسرع إلى خيمة (لويندا )يناديها بصوت عال.

كان المصاب قد فتح عيناه من أثر الصوت، فنسيت( ايستاف )كل مايحدث حولها وقد غرقت في بحر عينيه المليء بالاسرار وهمست:
أنت بخير لقد نجوت! سيزول الألم قريبا و.
وصل إليها صوت والدها فقامت مسرعة لكنه أمسك بيده بقوة وهو يطالعها بصمت لثوان ومن ثم تراخت يده وفقد وعيه مجددا
قالت بإضطراب: نعم! أنا هنا يا أبي!

وخرجت إليه مسرعة وقام بتفحصها بهلع واحتضنها بشدة وقتذاك كان (سيرجيو )يشاهدهما من بعيد فاطمئن أنها بخير، لكنه شعر بغيرة تكسر ضلوعه وتمنى أن يكون مكان العجوز والدها، ربما كان حبا!
الغيرة التي شعر بها أقوى من النيران التي أحرقت (جورجا ). وأقوى من أصوات التفجير التي دمرت( جورجا). ربما كان حبا!
أتت (لويندا )تحمل وصفتها وقالت بصوتها الجهوري: لم يحن وقتنا بعد، عودوا إلى نومكم، المدينة ترحب بنا فحسب!

خذ فتاتك من هنا( بارتولوميو)، ليس عليك أنت تهتم لأمرها هي فقط، اهتم لما يدور حولها، ابعد عيناك عنها قليلا وسترى بوضوح.
ربما كان حبا! لكنه ليس حب! إنه حاجة شخص إلى الراحة في شخص آخر. حين تكمن الراحة في الشخص، لن تكون هناك راحة. الوحشة إلى هذه الراحة كالنقش على الصخر فلا ينفع لين ولا شدة هناك تشوهات مهما حاولنا اخفاءها ستظهر، لذا ليس حبا!
قالت (لويندا): عودوا إلى النوم فالغد حافل! ناموا واستمتعوا.

فالغد حافل!
تفرقت الجموع ولا تزال(لويندا) تتمتم وهي تسير نحو خيمتها...
ساعدت المصاب على الجلوس وجعلته يتجرع الدواء المر الذي انزعح منه ورفض ابتلاعه لولا حزمها ونهرها له، ثم عاد إلى النوم بينما كانت هي تطلي المرهم الذي صنعته على جروحه لتلتئم.

هناك نصر واحتفال وبالجانب الآخر جثث متفحمة ورعب بين الأهالي، ارتفع الحقد وزاد الغضب، لم تعد مسألة زحف، الآن هناك كرامة على المحك، وثأر يجب الأخذ به!
كان الجنود يقومون بتنظيف الركام ويستخرجون الجثث التي انهارت عليها البيوت،.

الرائحة خانقة والركام ساخن حارق كسخط الجنرال (داميان ) الذي أعلن حالة طوارئ وجمع جميع قادة المدن المجاورة يضع خططا جديدة وسريعة للثأر، الآن. وقد أصبحت المواجهة علنية لن يكفيه رد الضربة بضربة قاضية بل سيزخف إلى أراضيهم ويضع معسكراته هناك، فقال بصوت هادر:
أين تقترحون التخييم ياقادة!؟
فقال أحدهم: ( كاتالونيا )سيدي!
قال (داميان): ليكن! يومان بعد التفجيرات التي سينشغلون بها سنكون داخل أراضيهم، الأوغاد!

سيعرفون اي ورطة أوقعوا أنفسهم بين براثينها
استعدوا. سنبيت بييفيا الليلة!
لقد نسي( داميان) تماما أمر إبنه، فلا تغزو عقله سوى فكرة واحد الدخول الى (كتالونيا) واذلال قادتها.
عاد (باسكال) بخيبة أمل وذعر كبير بعد أن وجد حصان( جيوم) أطراف (استفار )وكان مصابا في أحد أرجله، فعاد به إلى سيده وأخبره بما حدث.

توقف الوقت وراحت الأفكار تتلاطم في عقله التطام الأمواج ببعضها اذا اشتدت العاصفة وثار البحر. كان يتمتم باستنكار: أخذوه رهينة! لالا. لن يجرؤوا على ذلك! حسنا! اذهب أنت (باسكال )! سيعود متى ما أراد! المهم. سأسافر الليلة إلى حدود (ييفيا )، سنعسكر هناك لبعض الوقت، أخبره إن أتى!
انصرف (باسكال )وقد ظهرت عليه علامات القلق وعزم أن لا يخبر( تونيا )بذلك، وكذلك بعض الغضب على هذا الأب المتحجر القلب.

توقف في الحديقة يداعب قط كان هناك وفي باله (جيوم) وحالته التي لا يدري عنها.
أن تكون وحيدا غريبا بين أهلك كان أصعب شعور يرهق (جيوم)، أن تعدد دور الأب في حياته أبنائه تكون سالبة جميعها فلا تكون إجابية إلا تلك المشاعر...
الأب مشاعر!
•كراحة يد تمسك بك فتزيل عنك ارتعاشة الخوف.
•كحضن تنام بداخله كأنه بيتك حيث لا بيت لك
• كأمنية تدفعها إلى السماء وأنت تدرك أنها ستتحقق...

•كحكاية تحمل دائما نهاية سعيدة مها كانت الأحداث قاسية في منتصفها...
الأب مشاعر! كان (داميان) كل شيء ماعدا مشاعر، (باسكال وتونيا) لم يكونا شيء غير مشاعر، فكانا الأقرب إلى( جيوم) من أبيه.

وقتذاك الذي كان داميان وبقية الجنرالات يستعدون للرحيل لبدء غزوهم كان (جيوم )قد بدأ يستفيق على أشعة الشمس التي تبتسم في وجه كل شيء.
كان الألم قد سكن بعض الشيء فلم يعد يلازمه إلى بعض الدوار، فتح عيناه ليجدها بجانبه تقوم بتبريد الشاي بين وعائين، كانت ترتدي زيا يشبه زي الراهبات لكنه بدون غطاء رأس، تنظر إليه مبتسمة ثم قالت:.

أرى أنك بحالة جيدة اليوم! بعد أن تشرب هذا الشاي وقدمته إليه ليمسكه ستشعر بتحسن كبير، بالمناسبة ماهو اسمك؟
قال بحيرة: هااا!
ونظر إليها كأنه لايفهم ماتقوله لتعيد سؤالها: إسمك . Votre nom
نظر ببلاهة ثم أجاب: لا، لا أعلم. لا أذكر!
وتحسس رأسه الذي شعر رغم ثقله كأنه فارغ.
ابتسمت وقالت: لا عليك ستتذكر إسمك حتما وكل شي! اصابتك كانت خطيرة لكنك نجوت، ربما سأطلق عليك اسم الغريب وهذا سيكون حافزك لكي تتذكر.

أخذ يرتشف شايه وهو يجاهد على التذكر ثم قال: ما إسمك؟
قالت: (إيستاف)!
قال بحيرة: ماذا حدث( إيستاف) وأين أنا!
كانت (إيستاف) في عجلة من أمرها فحاولت أن تجيبه باختصار: لا أعلم! وجدتك بقرب الجرف طرف الغابة وكنت تنزف بشدة ربما تعرضت للسطو والضرب أو شيء آخر، آسفة أنا في عجلة من أمري اليوم أول يوم لي في المدرسة، عد إلى النوم فالاعشاب التي شربتها ستجعلك تشعر بالنعاس
وداعا سأراك في المساء...

كانت (لاتويا ولولان) تنتظرانها خارجا، فرحتا جدا من أجل التحاقها بمدرسة الدير، وتمنتا أن يكون لهما أب مثل بارتولوميو...
هكذا الأب، بارتولوميو!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة