قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية لن يشفى الجرح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

حان وقت الرحيل، (ييفيا) أيتها الأرض الطيبة
وداعا، سنحمل ألوان طيفك معنا في كل وطن سنقيم فيه، وجدنا فيك الأمن حين كانت النيران مستعرة حولنا، كانت الحرب فيك نزيهة فانتصرنا، وجدنا الأمن!
حين وجدنا الأمن كانت القلوب مهزومة، مضرجة بدماء الخذلان والخيانة، تأججت الأحقاد، ومال الصواب عن الخطأ وتزحزحت المباديء نحو الأطماع...
حان وقت الرحيل! البقاء هنا سيكون جرحا غائرا، لن يشفى!

وقف القوم يطالعون الأرض التي حملتهم لعيش الكثير، منحتهم الأمن. بعد خسائرهم!
هذه المرة كان ألم فراقها أشد ألما من أي خسارة
بكوها وودعوها وودعوا من فقدوا فيها...
تقدم الزعيم وقال بنفاذ صبر: الترحال من شيم الغجر، ستجدون في (إستفار) الديار، وأنا أعني ما أقوله، هذه المرة لا نحتاج إلى وطن بل نحتاج إلى ديار نرتاح فيها من هذا الإنهاك الذي يستنزف منا كل شيء!

سنقيم على حدودها، بعيدين عن البلدة. عن سكانها! لانريد أن يتأذى أحد يكفينا ما حدث مع (روزاليندا و، و. و(إيستاف) لترحمهما الآلهة!
هيا! تحركوا علينا الوصول قبل العاصفة!
تحرك القوم يجرون أحزانهم وراءهم.
الديار! أرض العدو! كيف تكون أرض العدو ديارا مريحة!؟
كان(ميغيل) يحتضن (لاتويا) التي كانت تبكي بحرقة وهي مجبرة على الرحيل وترك صديقتها.

بمفردها، حالها كحال (لولان) التي كانت بين والديها تترجاهما لتركها مع (إيستاف) وستعود مع (لويندا) ما إن تتحسن حالتها, لكن أوامر الزعيم كانت صارمة، من يبقى مع (إيستاف) سيطرد من العشيرة، و (لويندا) فضلت البقاء معها لأنها الوحيدة التي لا يستطيع أحد التخلي عنها أو إبعادها عن العشيرة...
في المستوصف.
كانت تجلس (إيستاف) منكمشة على نفسها , تحسنت حالتها الصحية، أما النفسية فكانت تعيش في صراع مع نفسها.

تقدمت منها (لويندا) وقالت: إنك بخير! سنغادر المستوصف حالا، هيا إنهضي!
رفعت رأسها تطالعها بصمت، جلست (لويندا) بجانبها وقالت: كل شيء سيكون على مايرام!
الصدمات. الخيبات، إنها دروس فحسب عزيزتي، الضعف الذي ينتاب قلبك بسببها اليوم سيصبح أكثر صلابة وقوة غدا، لابد أن نشعر بالضعف لنقدر قيمة القوة التي بداخلنا.
البدايات مؤلمة! لكنها تستحق أن نتحمل ذلك من أجلها.

لا أريد أن أراك منكمشة على نفسك هكذا، عليك استعادة ماهو من حقك! حبك. إحترامك
وأحلامك صغيرتي! إكراما لذكرى والدك!
قالت (إيستاف): إلى أين سنذهب؟!
قالت لويندا: لقد استأجرت كوخا طرف البلدة، سيعجبك!
(ايستاف)بحيرة: والعشيرة؟!
(لويندا): رحلوا! رحلوا إلى (إستفار).
قفزت (إيستاف) من مكانها بدهشة وقالت: إستفار؟! لن يبقي عليهم (داميان جلير)، إنه وحش بمعنى الكلمة، لن يسمح للغجر بالإقتراب من مدينته!

(لويندا): سيتحمل الزعيم عواقب ماسيحدث لقومه!
قالت(ايستاف): ولكن علينا،!
نظرت إليها (لويندا) بصرامة وقالت: إنه شأنه! عليه أن يدفع ثمن أخطائه!
أقتربت منها وأمسكت يدها وتوجها إلى ديارهما الجديدة.

كان كوخا خشبيا بسيطا، لكن (إيستاف) شعرت بسكينة بالغة ما أن دخلته، شعرت بالراحة والقوة معا، لقد جعلت (لويندا) في كل ركن منه أزهار جلاديوس بمختلف ألوانها، فكانت تشعر كأن والدها يجول بالمكان، انتفضت على صوت (أمادا) وهي تقول:
حان وقت الإحتفال! أهلا بك بديارك الجديدة
اقتربت منها وعانقتها بحب، ثم أردفت: لقد حضرت لك الطعام أيضا
!

سحبتها من يدها و(لويندا) تطالعهما بابتسامة ثم لحقت بهما وجلست على الطاولة معهما لتقول (أمادا):
فطائر الفطر والجبن! Voilà. aaa
اغرورقت عيناها بالدموع وعانقتهما وقالت: شكرا لكما! لقد جعلتماني أشعر بحضن أبي الدافيء!
هكذا هي الديار المريحة، تكون بلسما للأرواح المرهقة، تظلل قيظ الأحزان و تلطفها بنسيم عليل، تجعل من الغربة سكن!

الديار! تلك المؤلوفة التي لم أشعر فيها بالراحة يوما، تلك التي فقدت فيها من أحب. مرتين!
طعنتني ذات الطعنة. مرتين!
كل شيء فيها غريب الآن، أصبحت مقبرة أحزاني، كل شيء بشع فيها الآن، كل شيء محمطم!
وقف (جيوم) يطالع جلاديوس البيضاء خاصته
التي تحمل ذكرى والدته، وعشقه (لإيستاف)، وسط كل شيء محطم بغرفته، لقد نمت لحيته وأشعث شعره وشحب وجهه، دخل عليه صديقه (بيير) واقترب منه وقال:
كيف حالك الآن!

أجابه بتهكم: حي. أعتقد!
ليقول (بيير) بنفاذ صبر: توقف عن تعذيب نفسك (جيوم) بحق السماء!
الآن هي زوجتك، إذهب إليها وإشرح لها ماحدث واسمع منها! الصمت والمسافات تزيد القلب جفاء وألما! إخرج من هذه الغرفة، لقد أصبحت كئيبة بما يكفي!
إنها تليق به! بقايا خراب. كحاله!
انتفض الإثنان على صوت (داميان) وهو يدخل الغرفة ويطالعها بإزدراء بينما ينفث دخان سيجاره وسمه، إقترب منه (جيوم) وقال ببرود وثبات:.

إنها حربي! كن على يقين أنك لن تنتصر فيها مهما حاولت، أطماعك ستغرق في الخنادق التي سأحفرها حول عشقي. خنادق العشق!
ليست خنادق النيران التي تحمي بها قواعدك العسكرية!
لعبتك القذرة التي جعلت أسعد أيامي بائسة!
القائد الأعلى ( داميان جلير) لقد خسرت المعركة التي ظننت أنك ربحتها. لقد خسرتني
إلى الأبد!
الآن سأخرج من بيتك هذا. من حياتك! لتنسى أن لك إبن!

وهم بالرحيل ليمسكه والده من يده ويدفعه إلى الجدار ويقول بغضب: أيها الوغد! ستتخلى عن نسبك من أجل حثالة! لوهلة شعرت أنك ستتغير وتكون فخرا لي! لكنني كنت مخطيء أنت عديم الفائدة تماما كوالدتك. الحب. الحب. الحب!
اللعنة على الحب! وماذا يصنع الحب غير الألم!
عد إلى رشدك وإلا قتلتك.
ابتعد عنه وأشهر سلاحه نحوه، ليقترب منه(جيوم) وعلى ثغره نصف إبتسامة وقال وهو يلامس المسدس بصدره:.

إما أن تقتلني الآن وتلحقني بوالدتي! أو سأرحل للأبد لأستعيد حبي!
لفهما الصمت للحظات ثم التفت مغادرا يلحق به صديقه (بيير) تاركان القائد يشعر بهزيمة ساحقة، لأول مرة في حياته!
قال (جيوم) بحسرة وهو يسابق صديقه بجواده: لقد وسمتها بالخيانة، لأبرر موقفي، كنت كما لو أنني بحاجة لإلقاء اللوم على مافعلته على أحدهم. كان هي (بيير)!

هي لم تجعلني عدوا، لقد شعرت بالخذلان، لقد نكثت بكل العهود التي قطعتها، لقد انحزت عن مبادئي، لكنها لا تعلم أنني لم أقتل أحد!
لقد أخليت المنطقة منهم دون أذيتهم!
سأخبرها (بيير) سأتوسل إليها الصفح!
فجأة توقفا حينما شاهدا الغجر ينصبون خيامهم على حدود (إستفار) فأردف قائلا: ماذا يفعلون هنا! هل تركوا (ييفيا)! إذن (إيستاف) هنا. بقربي!

قفز من فوق حصانه وكاد يتوجه نحوهم ليستوقفه (بيير) قائلا: أجننت! ابقى هنا سأتفقدها من أجلك!
ليقول (جيوم)بحدة: إنها زوجتي! وسأذهب لأستعيدها. أمامهم كلهم!
وركض نحوهم و(بيير) يلحق به، وقف في الساحة وراح يصرخ بإسمها، ليقترب منه الزعيم وعلى حين غرة يصفعه بقوة جعت توازنه يختل ثم قال بغضب:
لقد أتيت لقبرك برجليك أيها الغريب! سنخلص مافعله قومك بعذابك أيها الوغد!

دفعه (جيوم) بعيدا عنه وقال: إيستاف زوجتي! وأتيت لأستعيدها!
أنا لست عدوا، أنا بريء من سياسة هؤلاء، ماذنبي إن كنت إبن قائدهم، أمجرد هذا يجعلني عدوا؟
أنا أحب (إيستاف)، والحب يوحد الناس لا يجعلهم أعداء، أرجوكم ثقوا بي، سأكون واحدا منكم إن وافقتم، سأعيش بينكم! لا أريد حياة أبي وقومي! (إيستاف). (يستاف)!
ليهدر الزعيم بغضب وهو يأمر رجاله: ألقوه خارج المخيم، وإن حاول الدخول إقتلاه بدون رحمه!

حملاه خارجا وهو يصيح ورموه أرضا، سحبه صديقه بخوف وهو يقاومه،
إيستاف ليست هنا، لا تزال (بييفيا)! إنها بالمستوصف إسأل (أمادا) عنها! لقد طردت من العشيرة إلى الأبد!
قالت (لولان) كلماتها قبل أن تركض بأقصى سرعتها عائدة إلى المخيم، ابتهل (جيوم) وقال بصوت عال:
شكرا !
حل المساء وأصبح المخيم جاهزا للعيش فيه، بعد أن أوى كل شخص إلى خيمته تسلل الأربعة
خارج المخيم، وقتذاك كان الزعيم أيضا يتسلل.

وقد رأوه دون أن يراهم فقال (روبيرتو): سألحق به! وأنت خذ الفتيات واطمئنوا على (إيستاف) وأبلغوها تحياتي.
لتقول (لاتويا): سأرافقك (روبيرتو)! أريد أن أعرف ما يخطط له!

حاول (ميغيل) منعها لكنها أصرت على الذهاب فأخذ هو (لولان) وتوجها نحو (ييفيا) بينما هما لحقا بالزعيم الذي كان يتوقف كل حين ويستدير ليتأكد أن لا أحد يتبعه، إلى أن وصل إلى وراء الكنيسة( بإستفار) توقف هناك كأنه ينتظر أحدا، وبعد لحظات ظهر شبح إمرأة وما أن استقر الضوء على وجهها وبانت ملامحها حتى قالا بصوت واحد:
(الدورا)!؟
اقتربا بحذر يرهفان السمع فكان الزعيم يقول لها: هااا. أين هي الآن؟

قالت: في الكوخ طرف البلدة!
فقال: هل كل شيء جاهز؟
قالت: نعم. كما أمرت أيها الزعيم! لن يجدها أحد مهما حاول البحث عنها.
ابتسمت بخبث وهو يناولها صندوقا صغيرا مليئا بالعملات، ثم ابتعدت عنه ليعود هو أدراجه
ليقول (روبيرتو): هناك أمرا خطيرا سيقومان به! عما يتكلمان؟
لتقول (لوتيا) بغيظ: سنكتشف لاحقا أمر هذا الخرف! وما فعله بالعم (بارتولوميو) سيدفع ثمنه غاليا!

لحقا به لكنه عاد إلى المخيم، ومع ذلك ظلا يراقبان خيمته لبعض الوقت ثم عاد كل منهما إلى خيمته.

كان (جيوم وبيير) بطريقهما إلى المستوصف، وما إن وصلا حتى سألا عن (إيستاف) لكنهما لم يجداها، و(أمادا) كذلك، طلبت منهما الممرضة إنتظار(أمادا) التي ستحضر بعد ثلاث ساعات، فقد أوشك النهار على البدء...
اشتد المطر والرياح مع طلوع النهار، كان (ميغيل ولولان) قد عادا من زيارتهما (لإيستاف).

جلس الأربعة بقرب الإسطبلات يحتمون من المطر وهم يتحدثون عن أحوالها، فكانت (لولان) تتحدث عن بيتها الجديد وسعادة (إيستاف) به مع أنه كوخ بسيط طرف البلدة استأجراه من والد (أمادا)، ليقف كل من (لاتويا و روبيرتو) وقالا بصوت واحد:
كوخ طرف البلدة! إيستاف!
وأردفت (لاتويا): إيستاف بخطر هيا بنا!

استغربا الإثنان من تصرفهما قبل أن يقول (روبيرتو) موضحا: لحقنا بالزعيم وقد قابل (الدورا) وتحدثا عن شيء يخص الكوخ الذي بطرف البلدة واعطاها الكثير من المال. أظن أنهما يخططان لأذية (إيستاف).
انطلق أربعتهم بعد أن أخذوا حصانين باتجاه منزل (إيستاف).

وقتذاك كان (جيوم) قد عرف من (أمادا) منزلها فاتجه نحوه هو وصديقه: دق (جيوم) كثيرا على بابها وهو ينادي بإسمها لكن لامجيب، وبعد لحظات أتت (لويندا) تحمل سلة أعشابها ومن خلفها كل من ( ميغيل, لاتويا روبيرتو, ولولان).
التفت (لويندا ) وهي تنظر بحيرة لتجمعهم كلهم صباحا هكذا قرب بيتها لتقول وهي تشير إلى أصدقائها:
لقد كنتم البارحة هنا، لما عدتم!
وأنت أيها الغريب، لما أتيت؟!

اقترب الجميع منها وهي تفتح الباب وقالوا بصوت واحد!
أين إيستاف!؟
الجمتهم الصدمة وهم يشاهدون أغراض الكوخ كلها محطمة ومتناثرة، لتقول (لاتويا) وهي تجلس القرفصاء:
لقد تأخرنا! اختطفها الوغد!
انتقلت الأنظار إليها ليقول (جيوم) بصدمة: ماذا يحدث بحق الجحيم؟ أين (إيستاف)؟
أعادت (لاتويا) على مسامعهم ماحدث، اهتاج (جيوم) وأقسم أن يقتل الزعيم وهو يحاول الخروج، ليمسكوه بقوة يحاولون تهدئته لتقول.

(لويندا) وهي تطرق بعصاها الأرض: يكفي! اصمتوا جميعا! لن يتجرأ (سيرجيو) على أذيتها، إنه يحبها. مهووس بها! ربما يريد
إمتلاكها بأي طريقة لكنه لن يؤذيها!
علينا أن نلزم الهدوء ونتصرف كأن شيء لم يكن، بما أنه هو من اختطفها، سيتسلل لرؤيتها
مجددا! بينما يفعل ذلك راقبوه إلى وقتها!
أما (الدورا) لتبحثوا عنها! فهي من ساعدته، هذه المرة ستكون نهايتهما،.

(بيير)! أخبر شريف البلدة فهو صديق والدك الراحل، وسيقوم بمساعدتنا بسرية!
أما البقية فعودوا إلى المخيم وراقبوا النذل إلى أن يخرج من مخبئه!
صوت الرعد دوى بقوة، كأنه أبى أن يتركها فاقدة الوعي، تململت، ثم انتفضت حين شعرت بشيء يضغط على يديها ورجليها، فإذ هي مقيدة، نظرت حولها تستكشف اين هي، لم تستغرق وقتا لتعرف أين هي، فرائحة العنب المتخمر، إنها حتما في مستودع خمور،.

أخذت تصرخ بأعلى صوتها حين تذكرت أنها اختطفت، ليأتيها صوت تعرفه جيدا: لا تتعبي حنجرتك! لن يسمعك أحد، أنت بعيدة كل البعد عن البلدة!
جحظت عيناها وقالت: (الدورا)!؟
ابتسمت بخبث وهي تقترب منها وقالت: أسوء كوابيسك!
حاولت إيستاف تخليص نفسها لكن دون جدوى فقالت تحاول استعطاف (الدورا): ماذا فعلت لك كي تحقدي علي هكذا؟
هدرت بغضب وقد ارتفع صوتها: طردت بسببك من الكنيسة والدير والمدرسة!

لقد كنت الأخت كبيرة الراهبات، والآن أصبحت لاشيء. بسببك!
قالت(ايستاف): لكنك من مكرتي لي وأنا دافعت عن نفسي فقط! ولم يكفك هذا حاولت أيضا جعل الجنود ينالون مني وكانت ضحيتهم (روزاليندا) التي ستطاردك روحها ما حييت! لقد انتقمت لماذا لازلت تلاحقينني؟
اقتربت منها وأمسكتها من شعرها حتى تأوهت وقالت بحقد: لن يرتاح لي بال إن لم أرك ذليلة تتعذبين!

قالت(ايستاف)بمرارة: أنا أتعذب! لقد فقدت كل أحبائي وطردت من عشيرتي، خذلني زوجي وأصبحت وحيدة بائسة. ألا يكفيك هذا!
دفعتها (الدورا) وقالت بغضب: لازال الجميع يحبونك! لا زالوا يهتمون لأمرك،
ألا تعلمين لما أنت هنا؟ سأخبرك.
لان (سيرجيو) طلب ذلك، لقد اختطفك، ستكونين له إلى الأبد. رغما عنك!
هذا سيهينك ويجعلني أهنىء قليلا!
صرخت (إيستاف) باستنكار، بينما كانت (الدورا) تضحك وهي مغادرة.

مضت عدة ساعات والشباب يراقبون الزعيم ويترقبون تحركاته، بينما (بيير و لويندا) قدما شكوى إلى شريف البلدة، أما ( روبيرتو و لولان)
كانا يبحثان على أي أثر يقودهما إلى مكان (الدورا)، في الحين الذي وجداها وكان الليل البارد قد بدأ ينشر ظلامه كانت دورية للشرطة تأخذها تحت إمرة الشريف برفقة (لويندا وبيير).

وقتذاك كان يتسلل الزعيم في الظلام إلى الجهة الخلفية من المخيم، فأدرك (ميغيل ولاتويا) أن وقت العمل قد حان، كان (جيوم)
بالقرب من المخيم يراقب بدوره أيضا.
لحق ثلاثتهم به إلى أن وصلوا إلى المستودع ورأوه يفتح بابه ويدخل وهو يتلفت حوله.
سمع جيوم صوتها من الداخل وهي تطلب المساعدة كاد أن يركض لنجدتها فاستوقفه (ميغيل) وهو يقول:.

سنلحق به بهدوء ونراقبه عن قرب، إنه مسلح يمكنه أن يؤذيها إذا شعر بأي تهديد، نحن لا نعلم نواياه، علينا توخي الحذر (جيوم). من أجل (إيستاف)!
حاول تهدئة نفسه والسيطرة على غضبه ودخلوا إلى المستودع ينصتون إلى حديثه ويتحينون الفرصة للإنقضاض عليه...
(إيستاف)! (إيستاف). (إيستاف)! ألم أقل أنك متمردة وعلي كبح جماحك! أمم الآن وقعتي في قبضتي.
قالت: ماذا تريد مني!
قال: أريدك أنت! أظننت أنك ستنجين من العقاب!

أنت مخطئة! حتى زواجك من الغريب لن يقف عائقا في إمتلاكي لك، أنا لم أقتل (بارتولوميو) من أجل أن تذهبي لغيري!
قالت بصدمة: ماذا! قتلت أبي! أنت من فعلها أيها الوغد!
اخرسي!
قبض على وجنتيها بقوة وأردف: الخرف! أخبرته برغبتي في الزواج منك واعترض! هو من جنى على نفسه! وزوجك أيضا سأقتله بطريقة بشعة! أما أنت فستصبحين لي. ستكونين خادمة في إمرتي!
سأهينك كما فعلت بي ليلة زفافنا!
لن يجدك أحد أبدا!

فقد (جيوم) السيطرة على نفسه ودخل كالعاصفة وقبل أن يستوعب الزعيم مايحدث انقض عليه وراح يكيل له الضربات وقتذاك هرعت (لاتويا) وفكت قيد (إيستاف) و (ميغيل) انقض بدوره على (سيرجيو) وجعلوه ككيس ملاكمه حتى تلفت ملامحه وغطتها الدماء، بينما هم كذلك وصلت دورية للشرطة وأخذته!
اقترب (جيوم) من (إيستاف) وعانقها بقوة، كادت أن تستسلم له ولكنه تذكرت مافعله فدفعته بعيد عنها ووالته ظهرها! فقال:.

ألم نتعاهد أن تكون حياتنا هي الحرب التي نحارب فيها بضراوة الجميع. لا نحن!
التفت إليه وقالت بسخرية: نحن! لم يعد هناك نحن (جيوم)! لقد جعلت
منك دياري الآمنة وخذلتني، بيني وبينك أرواح طائفة بغضب دمائها على يديك لاتزال بعد!
اقترب منها وقال برجاء: أقسم لك لم أقتل الأهالي! لقد دخلت البلدة وقمت بإخلائها فحسب! أما الجنود فكانت معركة قتلوا منا وقتلنا منهم!

فعلت ذلك من إجل أن تتخلص (ييفيا) من سطو الإسبان، كانو يخربون فيها!
قالت: إذا كان عليك أن تحاربهم هم! لا دخل لهؤلاء بمصير(ييفيا)! أتعلم من هاجم معسكرهم من قبل وسطى على أسلحتهم!
لقد كنت أنا. كان قومي! فعلنا ذلك لرد كرامة (روزاليندا). العين بالعين! كانت حربا نزيهة!
أنا التي قتلت الجنرال الذي هاجم مخيمنا ليلة زفاف (لاتويا و ميغيل) لأنه قتل والدي! هكذا كنت أعتقد. بينما القاتل الحقيقي كان الوغد (سيرجيو)!

لقد كنت في كل الاحوال الصائدة التي تصارع عليها الوحشان!
لقد قتل أبي بسببي! لقد مات بسببي!
قال (جيوم) بنفاذ صبر: لم تكن الحروب نزيهة يوما! دائما هناك خيانة وغدر وأطماع! لكنني حاولت جاهدا الحفاظ على حيوات الضعفاء! لقد كنت نزيه. على الأقل أمامهم!
أرجوك (إيستاف) لن أستطيع خسارتك! أنت كل مالدي! حدث ما حدث علينا أن نصحح الأخطاء ونساند بعضنا لنتخطى هذا الألم معا.

كادت (إيستاف) تقول شيئا قبل أن تقاطعها (لويندا) قائلة: الغريب صادق فيما يقوله بنيتي!
العشيرة أصبحت من دون زعيم الآن، في ديار غريبة من دون عمل، والآن حان الوقت لتوجيهها إلى الصواب! إنها حربكما معا!
قبل أن تدخلي إلى العشيرة عليك الصفح عنه والإمساك بيده، وإقناع الجميع أنه قرارك الصائب!
نظرت (ايستاف)اليه وملامحها تلين قائلة: حسنا! ستكون فرصتك الأخيرة أيها الغريب!

ابتسم (جيوم) وعانقها من جديد ليقترب الجميع منهما في عناق جماعي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة