قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثامن والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثامن والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثامن والعشرون

تلك اللحظة التي تندمج فيها العيون لتنطق القلوب بما عجز اللسان عن التعبير عنه، ذلك الأمان الذي نحصل عليه بنظرة من أحبتنا بعد خوف دام طويلا، تلك الضمة التي تساوي الدنيا بما فيها، والهمسة التي تُخبر أن الأمل موجود، أنت الأمل، عيناك هي تلك النبتة التي زرعتها في قلبك، سيظل القلب يراك أميرا حتى لو أنكر الجميع، وسيظل العقل يرفض شوكك ويأمر بالإبتعاد، وسأبقى أنا مشتتة بين هذا وذاك، أدور هنا وهناك لأجد أن موطني في النهاية هو انت.

وملجأك في النهاية ليس إلا قلبي.
اضطراب، قلق، توتر، كل ما يقبض الفؤاد كان سائد هنا في هذه السيارة، بسنت في الأمام وجوارها عائشة وخلفهم ذلك الذي فقط صوابه، كان يطمئن عائشة هاتفها فكانت تقبض على الحقيبة جيدا ولكن تنحى الأمل جانبا حين انتشل الحقيبة منها بعنف فصرخت به: سيب الشنطة.
أخرج هاتفها منها وألقاه من النافذة جواره فسقط فؤاد عائشة أرضا واتجه ناحية بسنت ناطقا بحدة: تليفونك.

حاولت استجماع ثباتها لتردف بحدة: هو البعيد أعمى، انت شايف معايا شنط ولا تليفونات.
ابتسم بمكر وهو يقول بتحذير: طلعيه بالأدب بدل ما يطلع بقلة الأدب.
التقطت بسنت هاتف صغير موضوع أمامها وألقته من النافذة بعنف قائلة: ادي الزفت اهو، احنا رايحين فين الطريق اللي انت مخلينا نمشي منه ده مقطوع.

أردفت عائشة بتصنع الثبات: متخافيش يا بسنت اللي قاعد ورا ده جبان والجبان آخره يهوش ويوم ما يكبر اووي ويحب يعمل حاجة بيعملها في الضلمة.
أمر بسنت بإيقاف السيارة أمام بيت قديم في مكان خال تماما من كل شيء، تستطيع سماع تكرار صوتك هنا.
نزل من السيارة وأمرهما بالنزول قائلا: هنشوف دلوقتي.
وقف في الخارج ينتظر نزولهما أمامه لتهمس بسنت خفية: أنا معايا تليفون.

عادت الدماء لوجه عائشة وهي ترمقها بأمل ثم استجابت ونزلت من السيارة لتتبعها بسنت وعلى حين غرة دفع بسنت ناطقا بحدة: قدامي.
صرخت عائشه في وجهه بحدة مماثلة: متمدش ايدك ياحيوان انت، أنا لحد دلوقتي ماشية معاك بمبدأ ليس على المريض حرج انما والله العظيم هخرج من هنا يا عدنان وهوديك في ستين داهية.

لم يستمع لكلماتها بل دفعهما أمامه حتى وصل إلى غرفة ضيقة في هذا المكان المقبض وألقا الاثنان فيها ودلفا ورائهما، مد كفه لينتشل السوار المحاوط لكف عائشة والذي يحوي اسمها واسم زوجها ووليدها.
هبت عائشة من مكانها وصاحت بشراسة: هات الانسيال.
ضحك بإستفزاز وهو يحركه أمامها ناطقا بتهكم: ايه الزعل ده كله، هو الباشا هو اللي جايبه ولا ايه.

حاولت التقاط انفاسها واستعادت بعض هدوئها حتى تستطيع التعامل مع هذا الذي فقد عقله فأردفت بمحاولة تصنع الهدوء: عدنان لو سمحت هات الانسيال.
أصدر صوت بفمه تعبيرا عن رفضه فهبت بسنت من مكانها مردفة بعيظ: ده ايه البجاحة دي هو انت مولود كده فطرتك يعني ولا مكتسبها من الحاج والحاجة.
قهقه عاليا مما أثار استفزاز بسنت فوجهت حديثها لعائشة تقول: ده مجنون مش طبيعي، ده متساب ازاي كده من غير مصحة؟

اقترب منها ورفع حاجبه الأيسر مردفا بمكر ساخر: عايزاني أروح مصحة؟، وماله بس أنا بقى أعدائي كتير اوي ياترى هتبقي تقفي على باب أوضتي تحميني زي ما كنتي بتعملي مع ابن حامي في المستشفى عندكم.

رمقت عائشة بسنت مسرعة ولم تقل بسنت صدمة عنها ولكنه تابع: العاملة اللي في المستشفى ما خدتش كتير علشان تقولي وكله بالفلوس بيلين، بس انتِ برضو غلطانة دكتورة زيك لما تتردد على حامي كتير يبقى أكيد في حاجة وطلع فعلا في حاجة.
كورت عائشة قبضتها وقد نفذ صبرها لتنطق محتدة: انت عايز ايه جايبنا هنا ليه، بعد كل الشو ده بقى هتعمل ايه؟!

رفع حاجبيه مردفا بتصنع البراءة: والله انا كنت واقف تحت الشركة مستني حد تاني، نصيبك بقى اني شوفتك طالعة وبعدها الدكتورة طلعت، أنا قولت اتسلى على الدكتورة شوية ونعرفها انها جاسوسة فاشلة وانها تحذر الباشا ياخد باله من ابنه، لقيتك نازلة وركبتي معاها، نصيبكوا بقى وربنا محبش يزعلني بصراحة اهو نتسلى شوية مع ابن العمري ونوريه انه مش هو لوحده اللي بيعرف يلعب.

ضحكت عائشة ساخرة وهي تردف بتهكم واضح: ربنا!، استنى جناحاتك طرفت عيني، هو انت تعرف ربنا بجد عارف يعني انه موجود وان سوادك ده كله هيختمهولك بخاتمة تليق بيك؟!
مال على أذنها هامسا بشر جعل عينيها تجحظ بصدمة: بمناسبة السواد، ضيفي لسوادي بقى ان انا اللي سلطت أمير على الحاج الوالد الله يحرقه.
صفعته على وجهه بغضب امتلكها وهي تصيح: حقير.

رأت بسنت الشر الذي كسى عيونه فحالت بينه وبين عائشة حتى لا يلحق بها ضرر بها فنطقت عائشة بغل سيطر عليها مما قاله لها: عارف انت حيوان و قذر شخص مقرف مفكر نفسه هيعرف يوصل لحاجة بس انت ولا حاجة يا عدنان.
اشتعلت عيونه أكثر من السابق مما أدخل الرعب في قلب بسنت وصرخت عاليا حين دفعها بشراسة وأمسك برأس عائشة يضربها بعنف في حائط الغرفة صارخا بهياج: انا هوريكي الولا حاجة يابنت خالتي.

صاحت بسنت عاليا وقد خر قلبها صريعا وهي تراه يفعل هكذا: ابعد عنها ياحيوان.
ترك رأسها فسالت دموع بسنت وهي ترى الدماء تسيل من رأس عائشة وقد نظرت له بغل واضعة كفها على رأسها مردفة ببغض حقيقي: اللي عملته ده يا عدنان تمنه غالي اوي وانت مش أده.
دفعها لتسقط على بسنت خلفها ويخرج هو من الغرفة مغلقا بابها بالمفتاح حتى لا يستطيعا الفرار.
بعد مرور ساعة.

وقف يحيي أمام الحراس بغضب جامح قد اكتساه ليردف أحدهم بأدب: يافندم احنا بنمشي ورا عربيات حضرتك وحامي باشا لما يكون معاه المدام، بس احنا مكناش نعرف احنا لقينا المدام ركبت العربية مع الانسة اللي كانت فوق وطلعوا واحنا معندناش أوامر نمشي ورا العربية دي، ولما الباشا قلنا نلحقها حاولنا بس ملقناش ليهم أثر في الطريق.

كور يحيي كفه بعنف وهو يوبخهم بتهكم: المفروض بقى انا اقولك برافو عليك واسقفلك؟، انت يا بني آدم منك ليه مش عندكوا أوامر تبقوا زي ضل مدام عائشة، ركبت بقى عربية جوزها، عربية أخوها، عربية الجن الأزرق نفسه تبقوا وراها مش تقولِ اصل وملحقناش.
وجد يحيي حسام يقترب ووجهه تكسوه معالم القلق والتوتر فقال يحيي بأمل: معرفتش حاجة؟!

هز حسام رأسه بيأس مردفا: لا روحنا المكان اللي التليفونات موجودة فيه لقينا تليفوني و تليفون عائشة مرميين على طريق شبه مقطوع، انا هتجنن.
تليفونك انت؟!
أومأ حسام بالإيجاب مؤكدا: بسنت اصلا كانت جاية الشركة بعربيتي وتليفوني كان في العربية، و تليفونها اساسا فصل منها واحنا في سبوع محمد وسابتهولي يعني تليفوني كان الأمل الوحيد نعرف مكانهم.

دار يحيي بعينيه في المكان ونطق بريبة: حامي وعمر لسه بيدوروا حوالين المكان اللي كانت فيه التليفونات صح؟!
لم يكد ينته من الجملة حتى وجد سيارة حامي تقف أمامه ويخرج منها عمر و حامي، حاول يحيي إضفاء بعض الهدوء على الوضع ولكن صمت أمام نظرات حامي المحتدة التي لا تنذر إلا بالشر وقوله الصارم: ميرال لسه فوق صح؟!

هز يحيي رأسه مطمئنا: انا سايبها هي والمحامي فوق، ومنعت مشيهم حامي ارجوك كده هنبوظ كل حاجة بلاش تحرق كارت ميرال دلوقتي واحنا هنلاقي عائشة.
دفعه حامي من أمامه ودخل شركته كالسهم المنطلق متوجها صوب الغرفة التي تتواجد بها فحاول يحيي اللحاق به ولكن مسك عمر مرفقه ناطقا: سيبه، حامي مش عيل وكلنا لازم نتصرف دلوقتي.

سأل يحيي بقلق: عمر انا مقدر والله أنا خايف عليها وعلى بسنت زيكم بالظبط، طب انتوا لما روحتوا لقيتوا ايه؟!
فرك عمر عينيه إثر التعب وأردف بتشتت: معرفش يا يحيي احنا بعد ما نزلوا بشوية حامي لقى موقعها ثابت روحنا المكان اللي التليفون محدده لقناه على طريق شبه مقطوع نزلنا ندور على أي حاجة لقينا تليفونها مرمي في الشارع.

وضع عمر كفيه على وجهه وأردف بنبرة متألمة: أنا تعبان وخايف اوي أنا أول مرة أبقى خايف كده من بعد موت أبويا وأمي.
كانت حالة حسام لا تقل سوء عن عمر فشقيقته إن حل بها مكروه سينتهي كل شيء بالنسبة له.
في نفس التوقيت.

دلف حامي إلى غرفة المكتب التي تم احتجاز ميرال و المحامي بها وبمجرد دخوله هبت واقفة تتحدث بحدة: هل لديك تفسير لسبب احتجاز سيد يحيي انا هنا؟!، قامت زوجتك بإهانتي أولا والآن يتم احتجازي بالإجبار هنا، ماذا حدث لكل هذا.
تخطاها حامي وكأنها فراغ وأردف بنبرة كستها الحدة: اجلسِ.
رمقت المحامي بقلق من طريقته ثم نطقت مسرعة: أرجو الرد على ما طرحته.

استدار له لترى ولأول مرة زيتونيتيه وقد لمع الشر فيهما وكأن النيران اشتعلت بهما فهوى قلبها وخاصة مع نطقه: لا أكرر الكلمات، الكلمة لدي تقال مرة واحدة فقط.
تراجعت للخلف وجلست على الأريكة مجددا بإرتباك لتسمع همس المجاور لها بخوف: سيدة ميرال أنا قلق للغاية، لقد تحول الأمر برمته فجأة.
ظل حامي واقفا ثم فجأة تحرك ليقف أمام ميرال ثم انحنى عليها هامسا بشر: بديع الصياد.

ابتلعت ريقها بصعوبة وسألت بإرتباك: ماذا تقصد؟، ومن يكون هذا؟
أخرج حامي سلاحه فشهقت ميرال عاليا حين وضع فوهته في معدتها وحاولت تجميع الكلمات والرعب يكسو وجهها ولكنه قاطعها مردفا بنظرات مظلمة: أقصد السيد الكبير الذي لا يعلمه أحد سواكِ، أما عن سؤالك من يكون؟! فهو يكون والدك ولكن ليس بالتبني كما تشيعون إنه والدك الحقيقي، صورة التبني هذه ترسمونها لحمايتك من الاستهداف وحمايته من معرفة هويته.

كانت تبذل قصارى جهدها بأستخدام تعابيرها لإنكار ما يقوله ولكن قوله الحاسم قضى على أملها حين اختتم: اسمك الحقيقي هو ميرال بديع الصياد، أما عن أي اسم آخر فهو خدعة والخدع تعشق حامي العمري لأنه يراوضها وينتهي من صاحبها بأسوء النهايات.
حركت رأسها نافية وهي تقول بدموع: سيد حامي رجاء ابعد سلاحك، أنا لا أعرف من هذا بديع ولم أقابل شخص في حياتي يسمى هكذا.

هز حامي رأسه مردفا: نعم أعلم لقد تغير الاسم من بديع الصياد إلى ويليام جابريل أليس كذلك؟
صمت ثم فجأة وكأن الجحيم تجسد فيه وهو يقول: أين عائشة؟
ظهر الاستغراب جليا على وجهها ونطقت بجهل: لا أعلم، كانت هنا قبل احتجازنا.
تم اختطافها وحياتك الآن أمام حياة زوجتي ولكن حياتك هذه بخيسة الثمن لذلك لن تكون حياتك وحدك بل حياتكم جميعا وستظل بخيسة أيضا أمام حياتها.

أردفت بصدق وهي تحاول تخليص نفسها من هذا المكان حتى تتمكن من الهرب: حقا لا أعلم شيء أنا هنا، ولكن عدنان أنا أشك بتصرفاته منذ فترة هو لا يترك فرصة لملاحقتكم، أنا أؤكد سيد حامي لا يوجد كل ما قمت بقوله أنا لا أعلم من بديع الصياد ولا ويليام جابريل، رجاء تفهم.

صاح حامي بإسم عمر فا انتفضت مكانها وزاد نحيبها حين سمعته يقول ل عمر القادم من الخارج وسهام شره مصوبة تجاهها: خد الاتنين دول ارميهم في المخزن، مفيش ولا أكل ولا ماية يدخلوا ليهم لحد ما عائشة تظهر.
صرخت مقاطعة: رجاء لا تفعل بي هكذا.
ثم صمتت فجأة وبحثت عن هاتفها في حقيبتها كمن فقد عقله وهي تردد: أنا سأساعدك في الوصول لها.

أخرجت هاتفها وبحثت عن رقم عدنان وأجرت اتصال مسرعة ومنتظرة للإجابة على أحر من الجمر، أمرها حامي بفتح مكبر الصوت ففتحته وبمجرد إجابة عدنان حاولت الثبات حتى لا يظهر على صوتها أي شيء وقالت بصوت شابه البكاء رغم المحاولة: عدنان أين أنت؟!
قال وهو ينفث دخان سيجارته أثناء قيادة السيارة: أنا في طريقي إلى مقر العمل هل هناك خطب ما؟!
سألته بلهجة حادة: هل تعلم عن اختفاء عائشة الزيني؟!

لا لم أسمع بشيء هكذا، هل انتشر في الصحف؟!
قطع الحوار معتذرا: عذرا ميرال أنا مضطر لإغلاق هاتفي الآن.
بمجرد ان انتهت المكالمة حاولت ميرال التبرير أكثر ولكن صوت حامي الحاسم منعها حين قال: اعمل يا عمر اللي قولتلك عليه.

كان يحيي يقود سيارته بعقل شارد يفكر في الوصول إلى حل حتى قطع صمته صوت زينة التي أخذها ليعيدها للمنزل تستفسر منه: هو في ايه الشركة كلها كانت مقلوبة ليه؟، وعائشة راحت فين وايه اللي حصل هي روحت؟
تنهد عاليا بتعب وحاول إخفاء الحقيقة والثبات أمامها قدر الإمكان وهو يقول: معرفش حاجة أنا جاتلي أوامر أوصلك يارب التعامل الرسمي يكون عاجب حضرتك.

رمقته بإستنكار مردفة بتهكم: هو ازاي كده، ازاي غلطان وفجأة بتقلب الترابيزة وعايز تطلعني غلطانة، انت عارف قهرتي وقهرة هنا كانت ازاي واحنا بنسأل عليك طول مدة غيابك!، طب عارف انا لما كلمتك وفتحت ومردتش عارف انا حسيت بإيه؟، حسيت اني بكرهك اوي علشان عيشتني اسوء احساس ممكن حد يعيشه اني بغرق وانت الوحيد اللي تقدر تنقذني بس انت معملتش كده، لا انت وقفت تتفرج عليا.

رمقته بألم باكية أما هو فكان يعتصر داخليا ولم يقل عذابه عنها فقال بألم: أنا آسف يا زينة.
وقفت السيارة أمام المزرعة ففتحت هي البوابة لتهرول خارجها باكية وهي تختتم قائلة: كفاية يا يحيي بجد كفاية كده.
رمقها بدموع وهي تصعد إلى الأعلى ثم قاد سيارته راحلا وهو يمسح دموعه بحزن.
وصلت زينة إلى غرفة شقيقتها ففتحت البوابة لتنصدم بوجود إحداهما تجلس مع شقيقتها والصغيرة فقالت نيرة بود: ادخلي يا زينة تعالي دي دنيا.

دلفت زينة وجلست على الفراش جوارهم لتقول بإستفسار: هو انا شوفتك قبل كده صح؟
ذكرتها نيرة: دي دنيا اللي جت المغربلين عند هنا قبل كده يوم ما ضربنا صاحبك.
نطقت زينة بتذكر: ااه افتكرتك.
سألتها نيرة بضحك: بس قوليلي يا دنيا انتِ هتقعدي معانا فترة صح؟!

شردت دنيا وهي تتذكر أنها كادت تقع بين براثن أحدهم لولا أن لحقها حراس حامي، لا تعلم هل تنبهوا لها أثناء هروبها من النافذة أو تواجد أحد منهم لذلك تتبعها فلحقها ولكنها تحمد ربها على الإنقاذ فقط ما يشغل بالها عمار بالتأكيد سيجن الآن فهو لا يعرف أي شيء عما حدث.
في نفس التوقيت
ضجر حامي من رنين سارة المستمر فأغلق بضجر موجها حديثه لحسام: هو انت قولت لسارة حاجة؟

هز حسام رأسه نافيا: لا انا لما سبتها وجيت هنا مكنتش اعرف اللي حصل لسه.
وجد حامي هاتفه يهتز بأسمها من جديد فصاح بحدة: امال عمالة تزن ليه.
فتح المكالمة قائلا بغضب: أيوه ياسارة في ايه؟!
سطع الأمل في عينيه حين سمع صوت بسنت الهامس: حامي أنا بسنت.
نطق مسرعا بلهفة: بسنت انتوا فين؟!، عائشة معاكِ، انتوا عند سارة؟

هب حسام وتبعه عمر عند سماع اسم شقيقته واستمع حامي لبسنت جيدا: حامي انا لقيت عدنان في العربية أنا مش عارفة احكي أي حاجة، هو خطفنا واحنا...
انقطع الحديث فأنزل حامي الهاتف مسرعا يناجي ربه ألا يكون قد فرغ الهاتف فضرب بقبضته في الحائط بعنف حين تيقن ظنه وفشل في الاتصال لأن الإجابة واحدة أن الهاتف مغلق.
هرول حامي من المكان ليبحث عن موقع الرقم الآن وتبعه حسام و عمر.
أما عند عائشة.

حمدت بسنت الله أنه استجاب لطلبها بجلب شيء لربط رأس عائشة، والآن تنعي نفسها لأنها لم تستطع إتمام المكالمة.
لاحظت نظرات عائشة المثبتة على جانب ما فقالت بإستغراب: عائشة بتبصي على ايه؟!
لمحت بسنت ما تنظر إليه عائشة تلك الأداة التي تشبه النشابة بشكل كبير فالغرفة غير مؤهلة للبشر تماما
فقالت عائشة بصوت منخفض: بسنت انا هصوت وانتِ اقفِ ورا الباب وأول ما يتفتح اضربي.

تناولت عائشة الأداة وقد ظهر الألم عليها من رأسها فقالت: صوتي انتِ يابسنت، بس صوتي جامد.
وقفت عائشة بجانب الباب رافعة تلك الأداة بإصرار وصاحت بسنت صيحة مفزعة وهي تقول: الحقوني بتموت مني.

استغرب الحارسان الواقفان في الخارج وتوجه أحدهما للداخل أثر الصياح أمرا زميله بالمكوث هنا بمجرد فتحه لبوابة الغرفة نزلت عائشة عليه بكل قوتها بما في يدها فخر على الأرضية ساقطا، ضحكت عائشة بإنتصار وهرولت بسنت لتقف خلفها فهمست عائشة: متعمليش صوت خالص واخرجي معايا بالراحة.
بعد عدة خطوات من سيرهم الحذر وجدا الحارس الآخر في وجههم فصرخت بسنت عاليا إثر الصدمة وضربته عائشة سريعا كما فعلت مع الآخر.

لتفر هي وبسنت بهرولة نحو الخارج وبمجرد رؤية سيارة بسنت اتخذت عائشة مقعدها سريعا بجوار بسنت وهي تحثها على السرعة فأخذت بسنت موضعها على مقعد القيادة وقادت بسرعة عالية فهي حفظت الطريق جيدا عند قدومهم.
وبعد مرور قليل من الوقت
ظهرت سيارة أمام بسنت فأردفت عائشة بأمل: دي عربية حامي وقفي.

أوقفت بسنت السيارة ونزلت لتجد شقيقها الذي اقترب منها محتضننا إياها بلهفة واضحة، و عمر الذي بمجرد أن رأى شقيقته جرى ناحيتها وكسى الغضب عيونه وهو يرى رأسها فقال بألم: هو عمل فيكِ ايه؟!
احتضنته مطمئنة: متقلقش يا عمر أنا بخير.

وجدت حامي يقف خلفه لم ينطق لسانه ولكن باح قلبه بالكثير وأفاضت عيونه بما عجز الفم عن نطقه هي الآن ترى بزيتونيتيه النار والماء، نار تحرق من فعل بها هكذا ومياه صافية تلمع فقط في وجودها.
تنحى عمر جانبا ليقترب هو بدموع تحجرت في عينيه الخوف من فقدها تملكه هل يفقد موطنه بعد أن تخلص من كونه شريدا، سألها بنبرة جامدة مشيرا على رأسها: هو اللي عمل فيكِ كده.

قبل أن تنطق هتفت بسنت بغل من عدنان: أيوه خبط دماغها في الحيطة لحد ما نزفت، ونتش الانسيال بتاعها.
قرب حامي يده ليلتقط كفها وسط نظراتها الهاربة منه، رفع يدها أمام عينيه ليرى خلوها من السوار فنزلت دموعها بصمت على هذه القطعة التي كان لها في قلبها مكان مميز.
قبل باطن كفها فتبعته عيناها حتى قال لها واعدا: هيرجع.

هنا لم تستطع الثبات من كل ما مرت به فشهقت بالبكاء عاليا يكاد يصل إلى الصراخ، احتضنها هو وتابعت هي نحيبها العالي تخرج كل طاقتها السلبية وما عانته الآن وهو يربت على ظهرها بحنان.
وشقيقها يساندها واقفا إلى جوارها.
فرغت كل شحنة الألم المكبوتة داخلها وأخذت شهيق عميق فسألها: بقيتي أحسن.

هزت رأسها بإيجاب فطلب هو من شقيقها: عمر خد واحدة من عربيات الحرس روحها وخد حسام وبسنت، هحتاج بسنت يا حسام فياريت تروح مع عمر
سأله حسام بقلق: انت رايح فين يا حامي؟!
توجه ناحية سيارته ولم يجب على أحد بل كانت عيونه تنذر بالشر وآخر شيء قد وقعت عيناه عليه هو دموع زوجته.

في غرفة صوفيا، كانت تنتظر قدوم هنا من المطبخ فوجدت الباب يفتح فظنت أنها هنا ولكن خاب ظنها حين رأت ذلك الوجه الذي تحفظه عن ظهر قلب ومهما نست فلن تنساه، تدخل عليها الغرفة وبيدها سكين حاد فنطقت بغير تصديق: عليا.

هتفت نهلة بشر وقد تمكن الحقد منها: عليا أو نهلة مش هتفرق، ده مش هيغير حاجة في انك اكتر حد أذاني، خدتي حبيبي وبعدها ابنك اللي فضل معايا سنين وحبني بس أول ما انتِ ظهرتي في الصورة تاني كله راح وآخرهم بنتي، ليه انا ما اشوفهاش واتحرم منها وانتِ تربيها وتعيش معاكي 8 سنين من عمرها ده انا اتمنيت اقضي دقيقة معاها، دقيقة واحدة بس وانتِ خدتِ من عمرها سنين، علشان كده انا جاية النهاردة يا صوفيا.

رمقتها صوفيا بذعر وهي متيقنة أن من أمامها بالتأكيد فاقدة لعقلها: جاية ليه، وايه السكينة اللي في ايدك دي.
اقتربت خطوة منها وهي تنطق بشر يُقبض النفوس: جاية آخد روحك.

في أحد المطاعم اتخذ رضوان مقعدا و السيد زيدان مقعد آخر وترأسهم عدنان على الطاولة قائلا: ماهو اسمعوا لازم تفضوا الخناق ده علشان الشراكة تتم والشغل يمشي كويس، لعب العيال ده انا مش فاضيله، انا صابر عليكم من يوم الحفلة الغم دي ابعدوا أي خلافات وبصوا ل...

علي حين غرة أُطِيح المقعد بعدنان فوقع بجوار طاولة آخرى وبجواره المقعد، وحلت الصدمة على جميع المتواجدين فتوجهت أنظارهم إلى صاحب هذه الفعلة، فكان هو حامي العمري يقف واثقا ويرمق عدنان الملقى أرضا بنظرات هي الجحيم ذاته، تحرك صوبه فوجده يستند ليحاول الوقوف وسمع حامي صوت من خلفه من أحد رواد المكان يسأل رضوان وصاحبه بلغة انجليزية: ماذا يحدث لصديقكم، ومن هذا؟!

أدرك السيد زيدان أن عدنان فعل شيء يمس حامي ولكنه لا يعلمه فنطق بذهول: ده هيحدث مجزرة هنا دلوقتي.
وقف عدنان أمام حامي وقبل أي ردة فعل أطاح حامي برأسه حين صدمه برأسه صدمة قوية صائحا بشراسة: حامي العمري.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة