قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الأربعون

مكتوب للغايب يوم هيعود
مكتوب للغُصن يضُم ورود
من حُضن الليل فَجرَك مولود
في تبات ونبات جاية الحواديت.
(وتقع وتقوم مسار إجباري).

طفل مذنب، يحاول التكفير عن خطأه ولكن الخجل كساه، كان هذا حالها وهي تفكر كيف تعتذر له، قربت نيرة عينها من عين الباب السحرية وجدته يفتح باب الشقة المقابلة فأخذت نفس عميق وفتحت الباب مسرعة، رمقها باستغراب رافعا حاجبيه فضغطت على شفتيها بحرج وهي تنطق بصعوبة: عمر عايزة اتكلم معاك شوية.
مش فاضي.

كان رده مختصر، بارد، اشعل فتيل غضبها ولكنها تسلحت بالصبر فلقد أخطأت في حقه: يعني ايه يا عمر مش فاضي، احنا المفروض فرحنا بكره لو واخد بالك، والخمس دقايق دول مش هيعطلوك عن مشاويرك معاك اليوم بطوله.
تنهد بضيق رامقا إياها بعتاب، فخرجت وأغلقت الباب خلفها وسط اندهاشه وجلست على الدرج تقول بمزاح: وادي قعدة.
أخفى ابتسامته وهو يجلس على درجة السلم التالية للجالسة عليها وهو يقول ببرود: عايزة ايه؟

طال صمتها فاستدار فتوجه بالنظر إليها ليجدها تبكي بصمت فسألها بقلق ظهر عليه جليا: ايه يا نيرة مالك، في حاجة؟
هزت رأسها تقول بتأكيد وهي تتابع نحيبها: أنا مش عايزة اتجوز.
كان يحاول تجميع الجملة في عقله ولكنه لم يستعب فردد باستنكار: نعم ياختي!
حاسة اني مش مؤهلة نفسيا لده.
قالت جملتها ببراءة وهي تمسح دموعها.

رمقها باتهام وهو يقول بضجر: بت انتِ شوفتِ مسلسل أمينة خليل وجاية تطبقيه عليا صح؟، ومفكرالي نفسك بقى اللي قادرة على التحدي وعلى المواجهة مش كده!، فوقي يا نيرة انتِ لما حد بيخبط على الباب بتواجهي صعوبة في فتح الباب، يعني التحدي بتاعك ده في فتح الباب.
مطت شفتيها بغيظ وهي تزيل المتبقي من دموعها مرددة: امينة خليل ايه!، وبعدين فوق يا بابا احنا كاتبين الكتاب.

همست متابعة بتصنع الضيق: يعني مبقاش ينفع اجري خلاص.
بتقولي حاجة؟
نفت برأسها تبدل كلماتها بضحكة واسعة مؤكدة: محصلش يا عمر.
سألها بجدية وقد أعطى جفاه جانبا حتى يتبين مما تعانيه: طيب انا هبعد زعلي منك دلوقتي، لحد ما اعرف مالك؟

ابتسمت بحنان، اختار احتوائه لها على الرغم من حزنه، أردفت بصراحة تبوح له ما بها: انتوا صدمتوني بالميعاد بصراحة، وانا مش عايزة فرح، عمر بص انا خايفة ومعرفش خايفة ليه، انا مبحبش يكون ورايا حاجة مهمة كده فاهم، يعني انتوا ساعة كتب الكتاب فجأتوني في ساعتها، عارف بقى انا لو كنت اعرف قبلها كنت هعيش حالة من الخوف والصراعات النفسية المتخلفة، اصدمني يا عمر لكن انا مش بتاعة يلا نحضر الفستان والجو ده، حاولت اعمل كده حسيت ان قلبي مقبوض بصراحة.

ربت على كفها حين شعر تخبطها هذا لم يتحدث ولكن عيونه نطقت بالكثير فالتقطت كفه ناطقة بحب: متزعلش مني، أنا لما بقول طلقني مش بيبقى قصدي طلاق، بس هقولك حاجة انا اوعدك مهما نتخانق مش هقول طلقني خالص.
ضحك رافعا حاجبه الأيسر وهو ينطق بإعجاب: عرض مغري الصراحة، بس المقابل ايه بقى؟
ضحكت هي الاخرى مرددة بحماس: أنا مش عايزة مقابل، بس صالحني بقى وبلاش تكشيرة مدرس العربي في حصة بعد الفسحة دي.

ارتفعت ضحكاته على جملتها، تأملته بابتسامة حالمة ووضعت كفها أسفل وجنتها مرددة بمرح: في ضحكة قمر كده؟
حرك رأسه بغير تصديق وهو يقول باندهاش ضاحكا: يعني بتعاكسيني وعلى السلم وجاية تقولي مش عايزة اتجوزك، اعمل فيكِ ايه دلوقتي بقى؟
زين ثغرها ابتسامة مؤكدة لحديثها: ولا حاجة، انت بتحبني اصلا ومش هتعملي حاجة.

استقام واقفا فرفعت نظراتها له لتصطدم بقلبها يدق طبوله حين مال عمر على رأسها مقبلا إياها وهو يهمس بنبرة دبت القشعريرة في جسدها: متخافيش يا نيرة، عايزة تتصدمي هصدمك حاضر بس مش عايز قلبك يكون مقبوض، انا مزعلتش من نيرة علشان عارف انك هتعرفي غلطتك من نفسك، بس وش مدرس العربي في حصة بعد الفسحة ده كان علشان متضايق منك لكن قلبي ده مبيشلش من نيرو مهما حصل.

ابتعد عنها فشعرت بأن جميع عظامها قد تفككت ليصبح جسدها رخو وحالة من الارتباك قد أصابتها وهي تدير وجهها للجهة الاخرى هامسة: مينفعش كده خالص.
ارتفعت ضحكاته حين سمع همسها وتحرك مغادرا وهو يودعها بنبرة مرتفعة طعمها بضحكته الواسعة: سلام يا نيرو.

بعد أن اختفى عن أنظارها كليا ارتفعت ابتسامة واسعة على شفتيها وتنهدت بحب ليقطع جلستها هذه الصغيرة التي تتأملها باستغراب: نيرة انتِ ليه بتضحكي كده؟، هو انتِ مجنونة؟
لم تجد الصغيرة منها إجابة بل ظلت على حالتها فمطت لينا شفتيها بتفكير قائلة بحسم وهي تعود إلى الداخل: انا هدخل اقولهم علشان يعرفوا بتضحكي على ايه وتضحكينا معاكي.

فاقت من شرودها على كلمات لينا فظنت أنها كانت تتابع حوارهما من البداية فهرولت خلفها صارخة: استني يا ليو
لتتابع بحسرة وقد سيطرت نبرتها الباكية: دي مش طفلة ابدا، دي ست كبيرة متنكرة وعندها 60 لسان.
قطع طريقها زينة التي تحمل الصغير وتحاول منع نحيبه المتواصل هذا بقلق فنطقت نيرة: ماله يا زينة؟، بيعيط ليه كده؟

رددت زينة بنفس قلقها: معرفش، عمال يعيط وبحاول اسكت فيه من ساعة ما صحي مش عايز يسكت، انا خايفة يكون عيان.
حملته عنها نيرة تهدهده وهي تردد بنفي تطمئن نفسها وشقيقتها: يا ستي عيان ايه لا، هو اكيد متضايق علشان صحي ملقاش عائشة، مش عارفة راحت فين هي كمان نزلت من ساعتين مع واحد من الحرس قالها ان حامي عايزها وطلعتش تاني.

تابعت نيرة وهي تمسح على خصلات الصغير: روحي اعمليله حبة ينسون ودفيهم، وهما دلوقتي هيصحوا الضهر هيأذن ولو في حاجة نحجزله عند دكتور.
هزت زينة رأسها بموافقة وأسرعت ناحية المطبخ لتفعل ما طلبته منها، أما نيرة فكانت تبذل قصارى جهدها ولكن يزداد الأمر سوء ويزداد البكاء فنهش القلق فؤادها، والتقطت هاتفها حتى تهاتف عائشة تخبرها بما يحدث.
موافق تتجوز دنيا.

تفوه رضوان بكلماته هذه بثقة ليسانده السيد زيدان بقوله: وأنا موافق على جوازك منها.
ابتسم عمار ومد كفه يلتقط الكوب الزجاجي ليقول بعد ارتشافه منه: طب انا هصدق حوار انكوا فجأة بقيتوا احباب وهتتصالحوا، اصلها مش غريبة عليكم المصالح بتتصالح، لكن ايه المصلحة بقى اللي هتطلعوها من ورايا انتوا الاتنين علشان كده قاعدين القعدة دي؟

ابتسم رضوان مرددا بمكر: سؤال جميل، انت لو بصيت للموضوع من زوايتنا هتعرف ان محدش كسبان غيرك، هتتجوز البت ومش هتموت منك زي اللي قبلها، وهترجع لعز ابوك اللي اتحرمت منه والمقابل بسيط جدا.
انقلب وجه عمار، ود لو أشعل النيران فيهما ليتابع السيد زيدان بنبرة بغيضة: شركة جديدة هتبقى شراكة بيني وبين رضوان بس في الظاهر لكل الناس هيكون ان الشركة دي بتاعتك انت وبإدارتك انت واحنا مش في الصورة خالص.

أتى ليسأل فقاطعه رضوان بمكر: قبل ما تسأل مفيش أي إجابة، يا توافق بالعرض وتكسب دنيا وفلوس وشركة هتبقى مديرها بالاسم صحيح بس هتفتحلك سكة انك تعمل بيزنس ليك لوحدك، يإما تكمل في الطريق اللي انت عايزه ويدينا ويديك طولة العمر بقى، لا انت هتخلص مني ولا انا هجوزك بنتي ولا ابوك هيهنيك على قرش وهتفضل صايع زي ما انت كده.

تبادل رضوان و السيد زيدان النظرات فهز رضوان رأسه بتخطيط وتابع بضغط على الجالس أمامهما ليغريه بكل الوسائل: لو وافقت دنيا هتبقى مراتك بالليل.
وأخرج السيد زيدان من جيبه بطاقتين مردفا بضحك: وادي تذكرتين رحلة لباريس تقضوا الهاني مون وترجعوا، اظن مفيش احسن من كده.
ظهرت خيبة الأمل على وجه السيد زيدان حين رمق تعابير ابنه المبهمة بينما نظرات رضوان كانت ثابتة على عمار الذي قال ما لم يتوقعه كلاهما:.

40 مليون جنيه يتحطوا باسمي في البنك قبل أي حاجة، وده مش كتير على فكرة انتوا ثروتكوا معدية الرقم ده بصاروخ.
نظر له السيد زيدان بصدمة وود لو وبخه على هذا الهراء الذي يتفوه به، فقطع نيته.

قول عمار المختتم والذي ألقاه في وجه رضوان الجالس بصمت يدرس الأوضاع: وبنتك مش عايزها خليها جنبك، تجوزها بقى تطلقها تبور حتى مليش فيه، بس هاخد 10 مليون تانين علشان ابعد عنها بدل ما امشي معاها واي صحفي من حبايبنا اجيبه يصورني معاها صورتين واقوله انها بنتك المصون، واظن انت مش ناقص فضايح، هو الواحد ايه غير سمعة.

اتم عمار كلماته وابتسم بثقة على نظراتهم له فوضع ساق فوق الاخرى واسند رأسه على كفيه من الخلف منتظرا الإجابة بحماس والتي ستحدد مصير ما هو قادم.
احنا النهاردة عيد بمجيتك والله.

تفوهت بهذه الكلمات تلك المرأة الريفية والتي تأملتها عائشة بحب وهي ترص الأطباق على الطاولة التي تطل على الأراضي الزراعية، قامت عائشة من مكانها تعرض المساعدة فقالت السيدة بحسم: والله ما يحصل ده انتِ مراة الغالي ابن الغالي ونشيلكوا في عيوننا.
نطق حامي بامتنان: طول عمرك صاحبة واجب يا حاجة.

ابتسمت السيدة بفرح وهي تعود للداخل لتحضر باقي الأطباق فهمست عائشة الجالسة على المقعد المجاور لحامي بإلحاح: رد عليا مين دي، وتعرفك منين وانت هنا ليه.
تطاير حجابها على وجهه بسبب الهواء الطلق المحيط بهم فألقاه عليها مرددا بغيظ: وشي يا حبيبتي وشي هتعمي.
قام من مقعده بعد أن أتم كلماته فسألته باندهاش: حامي رايح فين؟

تركها متوجها لهذا الصغير الذي يقف في زواية ما يحاول رفع طيارته الورقية ولكنه يأبى بالفشل فيردد بحزن: يوه بقى.
هات اطيرهالك.
نطق بها حامي فابتسم الصغير بحماس وأعطاها له وتمسك هو بالخيط، سعد الصغير وابتسمت عائشة الجالسة تتابع باهتمام وهي ترى الطائرة تحلق عاليا والصغير يهلل بفرح: طارت طارت.
لمح الصغير جدته فصاح مسرعا: نزلها بسرعة، بسرعة.

رمقه حامي باستغراب وهو يعيد الطائرة له وبمجرد أن سقطت على الأرضية التقطها الصغير ليجد حامي السيدة تأتي بعصا في يدها وتهرول خلف الولد صارخة: تعالى هنا انا هوريك.
نظرت عائشة لحامي ولم تستطع كبت ضحكاتها العالية وهي ترى الصغير يهتف باعتراض وسط هرولته: برضو هلعب بيها، وهكسرلك العصاية اللي مش لاقية حد تضربيه بيها غيري دي.
وقفت مكانها بعد أن فر الولد بعيدا وهي تتوعده ثم استدارت لحامي قائلة: اقعد وقفت ليه؟

أشارت لها عائشة ناطقة بضحكة واسعة: كان بيطيرله الطيارة.
مش عايزاه يلعب بيها ليه؟
سألها حامي فهتفت أثناء عودتهما إلى مقاعدهما: بيفضل ليل نهار واقف بيها قدام البيت كده وهو مبيعرفش يطيرها، والعيال بيقفوا في حتت عالية وبخاف عليه يقع.
أعطتها عائشة عذرها وهي تقول بصدق: معاكِ حق بصراحة.

قطعت السيدة من الفطائر ووضعت أمامهما وهي تردف بحنين: فينها الأيام دي يابني، كان ابوك يقعد قعدتك دي مع الحاج الله يرحمه ونحطلهم الأكل والشاي، كانت ايام كلها بركة.
رددت عائشة بابتسامة: بركة علشان هما كانوا فيها.

ضحكت السيدة وهي تصب أكواب الشاي وبقت عائشة ثابتة لم تقترب الطعام، ابتسم هو بمكر فهو يعلم حرجها هي تخجل من تناول الطعام أمام من لا تعرفهم فغمس قطعة من الفطير بالعسل ورفعها يدسها في فمها، ابتسمت عائشة وهي تلوكها في فمها بإحراج فقالت أمينة بحنان: ربنا يخليكوا لبعض، بتأكلها في بوقها يجي جوز بنتي يشوف الرجالة اللي رامي مراته وابنه ده ولا محصل جوز فراخ حتى.

ضحكت عائشة على كلماتها الأخيرة ولاحظت إضاءة هاتفها فنظرت فيه وهي تقول لحامي: الشبكة ضايعة هنا خالص.
رن هاتفها برقم نيرة فأجابت وهي تترك مقعدها عل الإشارة تصل لهاتفها: يا نيرة على صوتك مش سامعة حاجة.
أجابت نيرة بنبرة أوشكت على البكاء: انتِ فين يا ستي عمالة ارن عليكِ بقالي ساعة، تعالي يا عائشة محمد مش مبطل عياط وانا مش عارفة ماله أكلته وحميته وغيرتله، عملت كل حاجة وهو بيعيط برضو.

انقطع الاتصال فهرولت عائشة إلى حامي تقول بقلق: حامي انا عايزة اروح.
في ايه؟
وضحت له الأمر بلهفة على صغيرها: نيرة بتقول محمد بيعيط جامد، وهما مش عارفين يعملوا حاجة ومحمد اساسا مش من عادته العياط الكتير ده.
طمأنتها السيدة بقولها: متخافيش يا بنتِ، العيال كلها كده مبتبطلش عياط.

التقط كفها يبثها الأمان بقوله: متقلقيش، الحارس برا على البوابة هيروحك وانا هكمل حاجة هنا وهلحقك، روحي شوفيه وهحجزلك عن دكتور أطفال نوديه طالما قلقانة.
هزت رأسها بموافقة وتبعته وهو يتحرك في طريقه إلى البوابة ليأمر الحارس بإعادتها إلى المنزل من جديد.
في نفس التوقيت
خرجت سارة من المطبخ بكوب القهوة الساخن وهي تردف بمرح: عملتلك يا ستي قهوة اهو عدي جمايلي بقى اللي بقت مغرقاكي.

ابتسمت بسنت ابتسامة صغيرة وهي تتذكر موقف سارة وما حدث بالأمس
Flash Back
نطق مروان وهو يبتسم بمكر بعد ما تفوهت به ابنة خالته: بسنت يا حبيبتي متقوليش الكلام ده تاني علشان مزعلش منك، هتقولي عليا قواد وبتاجر ببنات الناس هتاجر بيكِ وباللي جابوكي، اخوكِ هيلبس مصيبة هيروين في عربية حضرة الظابط، وأبوكِ هموته هو وامك بحسرتهم على شبابكوا اللي يا حبة عيني راح.

صاحت وهي تصفعه على وجهه صفعة مدوية: يا حقير يا ابن ال.
أصابتها حالة من الرفض وهو يجذبها بعنف غاضبا، أخذت تقاوم بكل ما امتلكت من قوة حتى وجدته يحل وثاقها صارخا بتأوه بسبب ضرية قوية على رأسه، فوجدتها سارة وبيدها عصا كبيرة خشبية، أعادت سارة الكرة وضربته الثانية والثالثة بالعصا قبل أن يقوم وطلبت من البواب المساعدة قائلة: جره دخله أوضة حسام واقفل عليه الباب ده لحد ما يرجع.

شفى البواب غليله منه وهو يجذبه بعنف ناحية الغرف وسط اعتراض مروان وصراخه بالإضافة لألم قدمه ورأسه ذلك الألم الذي قضى على قوته بينما هرولت بسنت تحتضن سارة وانخرطت في نوبة بكاء مرير.
Back.

فاقت بسنت من شرودها وهي تسمع سارة تتابع كمن فعل إنجاز: انتِ ماتعرفيش انا كنت خايفة ازاي وانا بضربه، وكنت عمالة اضرب جامد بقى اوي علشان انا عارفة انه لو قام هينفخني، اساسا اول ما البواب طلع قالي انك بتتخانقي معاه تحت جسمي مسك في بعضه، الحمد لله اني عرفت اتصرف انا والبواب، حسام كان تحت امبارح مستني صاحبه بس طلبوه في الإدارة وراح قبل ما يوصل.

ارتشفت بسنت من كوبها قائلة بمزاح: لا بس انتِ اتعلمتي من القعدة معايا اهو، بقيتي تضربي ولا يهمك.
ضحكت سارة بفرح أن بسنت بدأت في التجاوب معها فسألتها: هو مش المفروض الحيوان ده قريبك ازاي يتخانق معاكِ بالطريقة دي ويمد ايده كمان!
همست بسنت بألم امتزج بغضبها: قرابة سودا، حسبي الله ونعم الوكيل فيه، لما حسام يرجع بس.

حاولت سارة سماع ما تقوله ولكنها فضلت الصمت حتى تسرد بسنت من تلقاء نفسها وما تحمله في صدرها والذي سبب الحزن البادي على وجهها هذا.
بعد مرور عدة سعات
جلست ميرال أمام رضوان تسأله بضجر: ماذا تريد؟
هتف رضوان باستهجان: ما بلغتك به، وجدت على مرآة مرحاضي رسالة من محمد صادق العمري يخبر فيها عن مكان ويريد أن أحضر مع السيد الكبير.

حركت ميرال رأسها تقول بعدم اهتمام: لن يأتي السيد الكبير من أجل أمر هكذا، بالتأكيد هذا هراء.
تحدث رضوان بتخطيط: من رأيي ان نذهب لن نخسر شيء، حتى نتيقن من ظنوننا، ولن نذهب وحدنا معنا السلاح والرجال.
ضحكت ساخرة وهي تردف بمكر: رضوان هل تريد أن يكشف لك السيد الكبير عن هويته؟، قلها صراحة.
ضرب رضوان على الطاولة مردفا بحدة: أنا اريد أن ينتهي هذا الكابوس، والشرط كان واضح حضوري ملزوم بحضور السيد الكبير.

تجاهلت حديثه وهي تكتب الرسالة النصية بابتسامة واسعة: افتقدك كثيرا عمار، متى سنتقابل ألم تفتقدني؟
وقع الهاتف من يدها حين سمعا صوت جهاز الانذار في الشركة فأردفت بانقباض: ماذا يحدث؟

هرول رضوان وهو يسمع صياح الموظفين في الخارج يخبرون بوجود حريق اتى ليفتح الباب ولكنه لم يُفتح، اخرج المفتاح ليفتح الباب به فلم ينفتح الباب فشهقت ميرال بصدمة وهرولت نحو النافذة ترى منها تصاعد الدخان، انتشلت المفتاح منه بجنون تحاول فتح الباب وحينما لم يستجب صرخت بعنف باكية: افعل شيء، رجاء افعل شيء.

وقف رضوان ينظر حوله بقلة حيلة وقد انسحبت أنفاسه ودب الخوف يده إلى فؤاده فشعر بأن الأرض وعصاه لم يستطعا حمله في هذه اللحظة.
كانت تمسك الابرة والخيط تدقق النظر فيما تصنعه، سمعت دقات مستمرة على الباب فنطقت بضجر: حاضر جاية، ايه ياللي على الباب في ايه!
قامت من مكانها بغضب بسبب إلحاح الطارق، فتحت الباب لتثبت مكانها حين رأت الطارق خاصة مع ابتسامته هذه، ابتلعت ريقها بتوتر وهو يقول بثقة:
ازيك يا مدام صابرة.

لم تجب وهي تلتقط أنفاسها التي أوشكت على النفاذ فنطق بنبرة ساخرة: ياه معقول معرفتنيش!، ده احنا حتى عشرة.
اختتم بما جعلها تشعر ان الأرض تهتز هزة عنيفة تحت قدميها وهي تسمع هذا الاسم الذي تحفظه عن ظهر قلب: عمر الزيني يا مدام.
في التاسعة مساءا.

في العيادة الطبية، دلفت عائشة بالصغير وتبعتها نيرة التي تيبثت مكانها وهي تقول بدهشة: اكدبي عليا وقوليلي ان احنا دورنا قبل الناس دي كلها، او اكدبي وقوليلي ان انا مش هندخل بالدور.
نطقت عائشة وهي تتفحص عدد الجالسين بصدمة: لو حامي مجاش هنلبس في الدور.
خرجت المساعدة تنده على اسم عائشة فرفعت نيرة يدها مسرعة: احنا اهو، احنا اهو.
هرولت ناحيتها ولكن منع التقدم صوت السيدة: احنا هنا من الصبح ودي لسه داخلة.

قالت المساعدة بأدب: حضرتك دي جوزها حاجز من الصبح.
أردف رجل مجاور لزوجته: واحنا كلنا حاجزين من الصبح تقعد وتدخل زيها زينا.
ارتفع صوت نيرة وهي تقول بغيظ: جرا ايه ياعم انت هو حد عملك حاجة، بتقولك جوزها حاجز من الصبح، انت مش شايف الواد بيصرخ ازاي.
تحدث الجميع معترضا فبادرت المساعدة بأدب: طب معلش مدام عائشة تستني الدور الجاي.

تأففت نيرة بضجر وقالت لعائشة بضيق: اتصلي بحامي، علشان احنا لو كملنا بالدور ده هيجيلي ضيق تنفس.
خلاص يا نيرة قالت واحدة وهتدخلنا.
أشارت نيرة على الرجل موضحة: واحدة ايه بصي الراجل اللي هناك ده اساسا بيبصلنا ازاي ده عايز يقوم يموتنا.
جذبت عائشة مقعد تجلس عليه وذهبت نيرة لتجذب مقعد وحيد متبقي مجاور للرجل فوضع يده مانعا وهو يقول: محجوز.

هنا أردفت عائشة بغضب بسبب ذلك الرجل: هو ايه ده اللي محجوز!، هو احنا في درس وانا معرفش، حضرتك الكرسي فاضي اديه ليها، اظن شايف مفيش كراسي تانية ومش من الرجولة بنت تقف وانت قاعد كده وتقول على كرسي فاضي كمان محجوز.
تحدثت سيدة ما بغضب من فعلته: اخس على الرجالة.
ضحكت نيرة ضحكة شريرة بعد أن ترك لها المقعد فجذبته بانتصار وهي تمتم: يارب الكرسي بتاعك يتكسر يا شيخ.

جلست نيرة بجوار عائشة وبمجرد جلوسها سمعت زوجة الرجل تردف: حبيبي انا هقوم اصلح ال makeup.
أردفت نيرة بهمس لعائشة: هما جايين يعالجوا الطفل البريء ده ولا يتمكيجوا.
رمقتها عائشة بضجر وهي تنبهها: ارحمي بقى ملناش دعوة بيه.
شعرت نيرة بالحر وأكد احساسها عائشة التي نطقت بعدم تحمل: الجو حر كده ليه، ايه ده؟

تحسست نيرة رأسها لتجد قطرات ماء تسقط عليها فنادت المساعدة التي قالت: اما اسفة جدا جدا التكييف باظ النهاردة وعامل الصيانة هيجي الصبح يصلحه.
هتفت نيرة بضحكة تعدد ما يحدث: لا يا حبيبتي ولا يهمك، ابقي قوليله انه مش حر بس ده بينقط فوق دماغي كمان.

ضحكت المساعدة وعائشة أيضا على كلماتها، وبعد دقائق أخذت عائشة تحرك يدها علها تجلب بعض الهواء فقالت نيرة: بقولك ايه يحيي وزينة تحت في الكافيه مستنينا، تعالي ننزل نقعد معاهم وندي للبنت رقمنا تبقى تتصل لما الدور يجي علينا.
أرفت عائشة بتذمر: يا سلام؟، بس يا نيرة علشان احنا لو اتحركنا خطوة من هنا هيتطمع في الكرسي اللي قاعدين عليه ما بالك بقى بالدور.
في نفس التوقيت.

جلست زينة على مقعدها ويحيي أمامها الذي قال بقلق: هو عيان عنده ايه؟
مطت شفتيها بعدم معرفة وهي توضح له: هو بيعيط.
رايحين تكشفوا على الواد علشان بيعيط!
رددت بغيظ: جرب تعيط كده وشوف هنكشف عليك ولا لا؟
أردف بضحكة واسعة وهو يتأمل إجابتها: لا ده احنا اتطورنا خالص.
ضحكت وهي تتجنب النظر له، ولكنها حين سمعت هذه الكلمات التي دوى صداها في المقهى قالت بفرح: الله انا بحب الأغنية دي اوي.

ثم رددت معها: دقيت على الصبر فتحلي الباب وحكالي هموم كل الأحباب.
نطق هو هذه المرة مشيرا عليها: ويافرحة اترسمت بعد غياب، وقالتلي اتفضل لما ناديت.
تابع وهو يتأمل عيونها الهاربة: ده العشق ملوش أصل وتفسير، ويبان في عيونك مهما داريت.
استدارت ترمقه بابتسامة واسعة ففتح كاميرا هاتفه ورفعه للأعلى يقول بحماس: يلا نتصور.

ظهر كفها بالقرب من وجهها فتحدث هو مستنكرا: انا نفسي افهم ليه كلكوا ايديكوا لازم تلزق جنب أي مكان في وشكم وانتوا بتتصوروا؟
ضحكت وهي تقول: دي ظاهرة خارقة ملهاش تفسير. هي الايد لازم تبقى هنا.
سمعت كلمات باقي الأغنية فرمقته بابتسامة واسعة أثناء سماعها: مكتوب للغايب يوم هيعود، مكتوب للغصن يضم ورود، من حزن الليل فجرك مولود.
نطقا في نفس اللحظة: الحتة دي بتتكلم عنك.

نظرا لبعضهما وارتفعت ضحكاتهما على قول كل منهم المماثل للآخر، وقلوبهم أيضا التي تماثلت في الفرح بجلستهما معا.
في نفس التوقيت
نطقت نيرة بغيظ: مكانش يبقى اسمي زينة علشان انزل اقعد تحت، بدل ما بنتشوي هنا كده.
مسحت عائشة بمنديل ورقي على رأس نيرة وهي تقول بأسف: معلش، معلش، هندخل خلاص اهو.
انتفض جميع الجالسين بعد سماع صوت تحطم كبير فنطقت نيرة بفزع: في ايه؟

هرول أحدهم ليرى ما يحدث في الخارج ليعود قائلا بقلق: في ناس بيتخانقوا تحت قدام العيادة خناقة كبيرة وبيضربوا بعض وقافلين الطريق مانعين اي حد يدخل او يخرج.
رمقت عائشة نيرة وارتفع صراخ الصغير أما في الأسفل، صف حامي سيارته وبمجرد خروجه منها شاهد ما يحدث أمام العيادة فتأفف بضجر واقترب ليدخل فدفعه أحدهم: ابعد يا عم انت مفيش حد هيدخل ولا يخرج من هنا.
تجاهله حامي وتابع طريقه فنطق الرجل مجددا: انت مبتسمعش.

ابتسم من زاوية فمه واستدار له يقول بشراسة: لا بسمع وبعرف اسمع اللي قدامي الرعد في ودانه.
اتى اخر يردد بغضب وهو يلوح بالعصا في يده: فارد نفسك علينا كده ليه ياض انت، قالك مفيش دخول يعني مفيش دخول ولا انت مفكر نفسك رئيس الوزراء
مسح حامي على لحيته وهو يتنهد هامسا: ليلتكوا فل.
سمع سخرية الرجل الاخر وهو يقول: شكله كده مفكر نفسه رئيس الوزراء زي ما قولت.

صدمه حامي بقبضته التي عرفت طريقها لوجهه وهو يصيح بشراسة: لا حامي العمري ياروح امك منك ليه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة