قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع

خرجت مها من المشفى بعد بضعة ايام بعد ان تعافت وقد حدد لها طبيبها المعالج مواعيد جلسات العلاج الكيماوي.

جلس محمود بجوار مها على الفراش وقال لها وهو يستند الى السرير محيطا اياها بذراعه ساندا رأسها على صدره:
- نورت بيتك يا حبيبتي، يااااه البيت والدنيا كلها ماكانش لهم طعم من غيرك. ربنا ما يحرمني منك ابدا. شوفتى فرحة ولادك وفرحة العيلة كلها بيكي أد ايه انهارده؟

ثم ضحك قليلا قبل ان يتابع: - دول وهما جايين ورانا لهنا كأنهم بيزفوا عروسة، قبلها على جبينها وقال: وانت فعلا عروستي.

ابتسمت مها قليلا وقالت: - ربنا ما يحرمني منك ولا منهم حبيبي.
داعبت يده الاخرى الموضوعة بجوار يدها وتابعت بهمس: - محمود ممكن أطلب منك طلب؟
اجاب بحنان فائض: - اؤمري حبيبتي.
رفعت عينيها اليه في ضراعه وقالت: - عاوزة اروح أقعد عند ريتاج فترة العلاج الكيماوي!
جمد مكانه ثم تكلم بذهول قائلا: - ايه؟ تروحي عند ريتاج؟ ليه؟

اجابته وهي تضع يديها فوق صدره لتستشعر نبضات قلبه التي تخبط كالمطرقة: - انت سمعت بنفسك الدكتور قال ايه على الآثار الجانبية بتاعت العلاج، مش عاوزة الولاد يشوفوني كدا، انا عارفة نفسيتي هتبقى عامله ازاي انت بنفسك سمعت الدكتور بيقول 50% من العلاج بيعتمد على النفسية، مش هقدر يا محمود تشوفوني بالشكل اللي احنا شوفناه في عيادة الدكتور، هتتعبوا علشاني وانا هتعب...

هتف محمود بصدمة وهو يعتدل جالسا امامها ممسكا كتفيها: - انت بتقولي ايه يا مها؟ شكل ايه؟ كفاية انى اقدر ألمسك بإيديا! انت بتقولي ايه؟ بأه عايزاني اسيبك في عز ازمتك واخويا ومراته هما اللي يشيلوكي؟ وبعدين ولاد مين دول؟ هَنا وانت صممت ما نجيبلهاش سيرة قلت لأ مش هتقدر تستحمل وظروف جوزها ومش هتعرف تنزل. يبقى مين اللي فاضل؟ عصام واسلام؟ دول رجاله يا مها مش ولاد!

اجابته بحزن ودموعها تتساقط بالرغم منها: - محمود انت شوفت المرضى انهارده اللي في العياده. شوفت أد ايه هما ضعاف وعندهم هزال، غير الشعر اللي هيقع وصفار وشهم. لا يا محمود مقدرش. علشان خاطري سيبني اروح عند ادهم وريتاج مش عاوزة صورتي تتهز في عينيكم، انا بنفسي سمعت اهل العيانين انهرده وهما بيقولوا عن احساسهم بالعجز انهم مش قادرين يخففوا عن اهلهم العيانين أد ايه تعبهم. لدرجة انه فيه بعض الناس كانوا بيتمنوا الموت لاهاليهم اللي عندهم المرض دا لأنهم مش قادرين يشوفوهم وهما بيتعذبوا. انا مش عاوزة أوصلكم للمرحلة دي يا محمود!

قال بغضب: - انت بتقولي ايه؟ شعر ايه وهزال ايه؟ انا شوفت الموت بعينيا لحظة ما خدوكي من بين ايديا داخلين بيكي اوده العمليات. واتشاهدت وسجدت لربنا شكر لحظة ما الدكتور بشرني ان العملية نجحت، وبعدين الناس اللي بتقولي عليهم دول اهلهم مش بيدعوا عليهم لأ دول ناس المرض استفحل في جسمهم وخلاص مالوش علاج غير الجلسات دي وكل مرة بيتعبوا اكتر غير الآلام اللي بيشوفوها لكن انت الحمد لله مش هتمري بأي مرحلة من دي.

ثم احتضنها بقوة بين ذراعيه وهو يرغب بإدخالها داخل ضلوعه مردفا بقوة: - اسيبك يا مها! دا انت الهوا اللي بتنفسه. انت ماشوفتيش الممرضات كانوا بيضحكوا عليا ازاي علشان مش عاوز اقوم من جنبك ثانية واحده حتى؟!

ضحكت مها من بين دموعها وهي تطوق عنقه بذراعيها وقالت: - آه. كانوا بيحسدوني عليك. قالوا لي اللي يشوفكم يقولوا لسه متجوزين جديد مايعرفوش اننا جد وجدة.

تعالت ضحكاتها فقال وهو يقبلها فوق جبهتها ويتنهد بعمق: - عاوزة تبعدي عني يا مها؟ انت عارفة بعد المحنة اللي احنا فيها دي ما تعدي على خير ان شاء الله هسيب الشغل لادهم والولاد وأسوي معاش وأقعد جنبك.

ابتعدت قليلا عن ذراعيه ونظرت اليه وغمامة من الدموع تلتمع في مقلتيها وهي تقول بابتسامة:
- ربنا يخليك ليا يا محمود وما يحرمنيش منك ابدا.
اعادها بين ذراعيه وهو يقول من اعماقه: - ولا منك يا اغلى حاجه في عمر محمود...

همس اخبار مرات خالك ايه؟
التفتت همس الى اسامة الذي جلس على كرسي بجوارها بينما هي تراجع فقرتها التي تستعد لتقديمها في برنامجها الاذاعي مع الشباب وقالت بابتسامة:
- الحمد لله يا اسامة كويسة.
تساءل وهو ينظر اليها بابتسامة صغيرة: - يعني ينفع تحددي لي معاد مع باباكي ولا أكلمه انا افضل؟
ارتبكت همس قليلا وقالت: - معاد؟ آ. آه. خلاص هشوفه وابلغك.

فُتح الباب بقوة ودخلت شابة في اوائل العشرينات ترتدي بنطالا من الجينز الحالك اللون وتي شيرت قطنى وشعرها مجدول على شكل جديلة فرنسية بلونه الخمري الجذاب وهتفت بمرح ما ان دخلت:
- السلام عليكم.
رد عليها كلا من اسامة وهمس السلام فقالت وقد تغيرت نبرة صوتها من المرح الى الهدوء:
- انت هنا يا أ. أسامة؟ انا جايه بالصدفة أسأل عليك همس بقول يمكن شافتك؟!

نظر اليها اسامة وابتسامة مرحة تلون ثغره قائلا: - ايوة هنا يا يارا، ايش معنى يعني؟ عيل تايه بتدوري عليه؟
زفرت بحنق وقالت: - لا طبعا مش قصدي بس الاسكريبت بتاع الفقرة اللي جايه معايا وعاوزة ارجعه معاك بما اني مساعد المخرج يعني!

قالت همس بتفاهم: - طيب تعالي يا يارا عموما انا قودامي ربع ساعه واطلع ع الهوا. تعالي راجعي مع اسامة اللي انت عاوزاه!

قطبت يارا مغتاظة ودخلت وهي تحدث نفسها بصوت هامس كعادتها: - اسامة! من امتى أ. اسامة بأه أسامة؟ وانا مالي، بس لا مالي. عيب، الباقيين اللي بيشتغلوا معاه هيقولوا ايش معنى هيا!

ثم وقفت قليلا وقالت مقطبة: - ولو الباقيين ماقالوش أنا هقول!
فيه حاجه يا يارا هتفضلي واقفه عندك كدا كتير؟
أفاقت يارا من شرودها على صوت أسامة فقالت بتلعثم طفيف: - ها؟ لالالا ابدا.
ثم اتجهت اليه لتقوم بمراجعة ما تريده معه.

راندا كنت عاوز اتكلم معاكى في موضوع .
نظرت راندا من خلال المرآة امامها الى نزار الجالس في وسط فراشهم الوثير بينما تجلس هي على مقعد منخفض امام منضدة الزينة وتقوم بوضع كريم البشرة خاصتها برائحة اللافندر، التفتت اليه ناظرة اليه قليلا ثم قامت متجهة اليه ترفل في قميصها الهفهاف الذي يتطاير حولها وجلست بجواره واضعه يدها فوق ذراعه وقالت مقطبة بإبتسامة صغيرة:.

- فيه ايه يا نزار؟ موضوع ايه؟ انا حاسة انك هتتناقش معايا في موضوع حياة او موت؟

قال نزار وهو ينظر في عينيها بتركيز: - هو موضوع حياة فعلا، حياة بنتنا. همس!
قالت راندا مقطبة: - همس؟ ومالها همس؟
تنفس بعمق قبل ان يرمي بقنبلته وهو متأكد من ردة فعلها ما ان يلقيها: - زميلها عاوز يتقدم لها وانا وافقت وحددت معاه معاد!
قامت من جانبه واقفة فجأة وهي تقول بدهشة: - ايه؟ زميل لها عاوز يتقدم لها وانت حددت معاه معاد؟ وانا ايه ان شاء الله؟ واحده عايشة معكم بالصدفة؟

نهض نزار من مكانه ووقف امامها ووضع يده على مرفقها برفق بينما زفرت حانقة وقال بهدوء نسبي:
- بالراحه يا راندا ومن غير عصبية. اولا احنا ما خدناش أي قرار انا بقولك أهو، ثانيا بأه ودا الأهم الموضوع حصل ايام عملية مها مرات اخوكي وطبعا احنا كنا في ايه ولا في ايه لما الامور هديت الراجل رجع اتكلم تاني وانا قلت لك بس هي دي كل الحكاية!

نظرت اليه بطرف عينها وأشارت اليه بسبابتها وهي تقول: - يعني انت ماشوفتوش ولا كلمك يا نزار؟ كل الموضوع انه بيبعت لك مراسيل مع الهانم بنتك؟ ما اصدقش؟

اجابها ببرود وهو يضع يديه في جيب بنطال بيجامته: - انا ما قولتش انى ماشوفتوش! لا. جالي الشركة وعرفني بنفسه زيه زي أي واحد محترم بيحترم البنت اللي عاوز يرتبط بيها وبيحترم اهلها!

نظرت اليه بنصف عين وقالت بهدوء خطر: - انا حاسة انك بترمي بالكلام يا نزار ما تخليك صريح وتقول انت بتلمح على مين بالظبط؟

اخرج يديه من جيبه وقال ببرود: - انا لا بلمح ولا حاجه انا بقولك انه واحد بيراعي الاصول وانا مش شايف فيها حاجه تزعلك اوي كدا بالعكس لازم تفرحي لبنتك انه في عريس محترم متقدم لها.

هتفت بحدة: - ومراد ابن اخويا ادهم دا تصنيفه عندك ايه ان شاء الله؟ مش عريس محترم؟
نظر اليها ببرود قبل ان يجيبها قائلا: - مراد ابن اخوكي على عيني وراسي لكن انا بتكلم على عريس متقدم لبنتي مراد مالو ومال الموضوع دا؟

اجابت محتدة: - انت هتجننيني يا نزار؟ انت عارف ان مراد عاوزها!
قال بحده وهو يشير اليها بيده قاطعا: - لأ، انا معرفش حاجه! اللي اعرفه اللي عاوز يرتبط بواحده بيتقدم لاهلها لكن ابن اخوك لا اتكلم ولا حتى اخوك اتكلم ولو على الكلام اللي حصل زمان كانوا عيال!

قالت راندا وهي تكتف ذراعيها وتضرب بقدمها الارض من عصبيتها المفرطة: - انت عارف ان ادهم اخويا نفسه ان همس تبقى مرات مراد انهرده قبل بكرة.
قال بسخرية: - وهو ادهم اللي هيتجوزها له؟

زفرت بعنف بينما تابع محاولا تمالك اعصابه: - راندا. انا مايهمنيش في الموضوع دا كله غير سعادة بنتي وبس. لو مراد عاوزها ما اتقدمش ليه؟ هتقوليلي كان مستني تخلص دراستها هقولك خلصت وبتشتغل كمان. لكن انا ما اسمحش انت بنتي تكون زي العروسة المركونة ع الرف ابن اخوك مطمن انه متى ما عاز هيمد ايده ياخدها! لأ،! بنتي عندها كرامة وعزة نفس واذا كان اللي عاوزها مش عارف قيمتها يبقى أأتمنه على بنتي ازاي؟ أثق فيه انه أديه أغلى حاجه عندي ازاي؟ انت عارفة مراد ابن اخوك مشكلته ايه؟ الغرووور والغموض وكل صفة فيهم لوحدها تخض وتقلق مابالك بأه لما يجتمعوا في شخص واحد؟

قالت راندا بتساؤل مقطبة جبينها: - افهم من كلامك انك رافض مراد؟ حتى لو مراد اتقدم لها هترفضه؟
أزاح غطاء السرير جانبا ورقد لينام قائلا ببرود: - لما يبقى يتقدم هبقى اقولك رأيي ولو ان مش انا اللي هتجوز دي حياة بنتك وهي اللي هتقرر بس انا كأب ليها عندى حق النصيحة.

تقدمت منه جالسة بجواره على الفراش وقالت: - ونصيحتك بلاش مراد؟ انا عاوزة اعر ف انت ليه واخد جنب منه؟
رفع رأسه قائلا: - انا مش واخد جنب ولا حاجه انما انا بحب الاصول والاصول ماتزعلش يا راندا صح؟
ثم ابتسم قليلا مردفا: - ياللا تعالي نامي اليوم انهرده كان طويل عليكي.
قالت ببرود وهي تنهض: - لا نام انت. انا هقعد شوية!

وخرجت من غرفتهما مغلقة الباب خلفها بهدوء بينما زفر بقوة واغمض عينيه وقال: - انا عارف مش هتعدي الليلة دي على خير، همس قالتها ماما مش هتفوتها ابدا...

اقدر اعرف ايه حكاية زميلك اللي عاوز يتقدم لك دا؟ .
هتفت راندا بنزق وهي تنظر الى ابنتها التي وقفت ما ان دخلت عليها والدتها مندهشة من رؤيتها وهي على هذه الحالة من العصبية وما ان تلفظت امها بسؤالها حتى فهمت سبب الحالة التي هي فيها، قالت همس بهدوء:
- ما فيش حكايات يا ماما. زميل ليا وعاوز يتقدم لي ايه غلط؟ انا شايفه انه مافيش حاجه حصلت للحدة اللي حضرتك بتتكلمي بيها دي؟

اقتربت راندا من ابنتها ونظرت اليها مليا قبل ان تقول بجدية بالغة: - ومراد ابن خالك ادهم يا همس؟
شحب وجه همس ورددت بهمس: - مراد؟ أكدت والدتها قائلة: - ايوة مراد؟ انت مش عارفة انكم تقريبا مخطوبين؟ وخالك ادهم كان مأجل الكلام في الموضوع دا لغاية ما تخلصي دراستك؟

ابتسمت همس ساخرة وقالت: - انا حاسة انه خالي ادهم بس اللي شاغل بالو بالموضوع دا!
اجابت راندا مقطبة: - يعني ايه يا همس؟
همس بانفعال نوعا ما: - يعني يا ماما انا مش عروسة ماريونت مراد بيه يحركها على مزاجه ولا انا لعبة مركونة ع الرف مطمن انه اول ما يمد ايده هيلاقيها، لأ! انا انسانه يا ماما وليا كرامتي اللي لازم احس انه بيصونها وليا مشاعري اللي لازم احس انه بيخاف عليها وبيقدرها!

قالت راندا باستفهام: - وابن خالك مش بيخاف عليكي ولا بيقدرك؟ انت ايه اللي غيرك يا همس؟ انت ماكنتيش كدا؟ انت دايما كنت بتلتمسي له اعذار لدرجة ان ريتاج مامته بنفسها كانت بتتخانق معاه علشانك وشمس يا ما كلمتك انك تبطلي سلبية معاه وكنت بتقولي لها دي مش سلبية لكن انا بقدر ظروفه. ايه اللي جد يا همس؟

همس بحزن وعينيها تلمعان بغلالة من الدموع المحبوسة: - لأني اكتشفت انى بالنسبة شيء يملكه مش انسانه من لحم ودم بيحبها وخايف يخسرها! للاسف يا ماما انا حساباتي كانت غلط، مراد مافهمش صبري عليه صح فهم انه ضعف مني وانى تحت امره في الوقت اللي هو يحدده وانا مش كدا يا ماما كنت بين خيارين يا اثبت لنفسي وله قبلي اني عندي شخصية وان كرامتى فوق أي مشاعر يا اما اتحول لمسخ، لو اخترت الحل الأول ممكن اخسره بس انا متأكده انى هكسب احترامه ليا لاني هثبت له انى عندي كرامة لكن لو اخترت الحل التاني يبقى ممكن اكسبه بس ساعتها هخسر احترامي لنفسي وهو كمان مع الوقت هيزهق مني وهخسر احترامه ليا يبقى انا افضل انى ادوس على قلبي دلوقتي لكن ما دوسش على كرامتي وبعدين علشان تكونى عارفة مراد عارف ان اسامة اتقدم لي تقدري تقوليلي ما جاش اتقدم ليه؟ هتقوليلي موضوع طنط مها هقولك بينه وبين بابا حتى تلميح أي شيء لكن هو منتظر انى انا ارفضه لا واداني أمر بكدا علشان البيه غروره يفضل مصور له انى رفضت علشانه هو مش هقدر ارتبط بغيره مش هو يتقدم لي علشان يثبت لي انه عاوزنى بجد وخايف اني اروح من ايده!

ثم تنشقت بعمق متابعة بهدوء حزين: - ماما انا مش قليلة ولما ييجي لي واحد زي اسامة يتمنى نظرة مني بس وارفضه أبقى غبية!

راندا بتساؤل: - يعني ايه يا همس؟ افهم من كلامك انك هتوافقي عليه؟
اجابتها بغموض: - انا لسه ما قولتش قراري الاخير لكن اللي انا متأكده منه كويس أووي اني مش غبية!..

ارتحت لما اتكلمت مع بنتك؟ .
سأل نزار راندا عند افتراشها السرير بجواره، تنهدت وقالت: - ارجوك يا نزار مش عاوزة اتكلم في أي حاجه دلوقتي، ثم أولته ظهرها قائلة بهمس: تصبح على خير!، اجابها: وانت من اهله يا راندا.

يعني انا عاوزة اعرف دلوقتي انت معمول من ايه؟ دا انت لو معمول من صخر الصخر لما بينزل عليه المطر كتير بيتفتت. انت ايه يا مراد مافيش حل في برودك وغموضك دا؟

نظر مراد ببرود لشمس المقتحمة غرفته بينما كان يجلس على فراشه واضعا حاسوبه المحمول امامه، قال لها ببرود بعد ان عاد يطالع حاسوبه ثانية:
- انا مش منبه 100 مرة انك تخبطي قبل ما تدخلي مش تدخلي فجأة كدا؟ وبعدين ايه اللي حصل مخليكي متضايقة اووي كدا؟

دخلت غرفته التي اقتحمتها دون استئذان واغلقت الباب خلفها وسارت حتى وقفت امامه واضعة يديها في خصرها وقالت:
- يا شيخ انت ايه اتولدت في القطب الشمالي؟ أحر ما عليا أبرد ما عليك.
نظر اليها من فوق حاسوبه الشخصي قليلا قبل ان يقول ببرود: - شمس انا مش فاضي لمهاتراتك دي يا تتكلمي على طول يا تروحة تطلعي زعابيب أمشير بتاعتك دي في حتة تانية.

اجابت له وهي تضرب بقدمها في الارض بعصبية بالغة: - ماشي يا مراد. انا هجيبلك من الآخر، انت عاوز همس ولا لأ؟
سجلت عيناها لمعة مرقت في عينيه سرعان ما خبت قبل ان يسألها بغموض: - لازمته ايه السؤال دا دلوقتي؟
شمس ساخرة وهي تكتف ذراعيها امامها: - لا ابدا حاجه بسيطة، همس اتقدم لها زميل ليها!
لجزء من الثانية لمحت اختلاجة عضلة فكه اليسرى ولكنه قال بنفس غموضه وبرود شديد:
- بجد؟ طيب كويس. ووافقت؟

سألها عن موافقة همس فيما كان يطالع حاسوبه وكأنه غير مهتم بالجواب بينما آذانه صاغرة لكل حرف يصدر من شمس، هتفت بحنق:
- انت هتستعبط؟ ما انت عارف انه زميلها اتقدم لها!
نظر اليها مليا قبل ان يقول بهدوء شديد: - هي اللي قالت لك اني عارف؟

ضحكت ساخرة وقالت: - انت عارف ان همس مش بتخبي عليا حاجه بس اللي قالي مش هيا. انا سمعت طنط راندا وهي بتحكي لماما انهرده على العريس ولما كلمت شمس قالت لي عادي انت زعلانه ليه ولما سألتها انت عارف ولا لأ قالت لي انك عارف! عارف انه زميلها متقدم لها وما اتحركتش؟

اشاح بنظره الى حاسوبه ثانية وقال بهدوء: - عاوزاني اتحرك اعمل ايه يعني؟
صرخت بحنق: - لالالا مش ممكن برودك دا يا مراد؟ تتحرك تعمل ايه؟ تتقدم لها! مش دي همس بنت عمتك اللي رابطها جنبك بئالك سنين؟

قال مراد وهي يطالع حاسوبه الشخصي: - مش لما تقرر الاول هتقبل طلب زميلها ولا لأ؟
شمس وقد كادت ان تشد شعرها من بروده المغيظ: - انت هتجننيني! المفروض دي خطيبتك من زمان يعني زميلها هو اللي خطبها عليك يبقى المفروض تقول لبابا انك عاوز تتقدم لها رسمي وساعتها انا متأكده ان عمي نزار مش هيرفض وهي هترفض زميلها!

نظر اليها وقال ببرود ثلجي وان كانت عينيه تلمعان بشرارات الغضب المكتوم: - آه علشان الهانم تنبسط بنتخانق عليها! لا يا شمس تقرر هي الاول هي عاوزة زميلها دا ولا لأ وبعد كدا انا اتقدم لها علشان ما تجيش في يوم تقولي انا سيبت فلان علشانك! هي لما ترفضه ترفضه علشان هي مش مقتنعه بيه!

قالت بحيرة: - مراد انت بتتكلم بأي منطق؟ انت بارد كدا وهادي وانت عارف انه فيه واحد تاني عاوز يخطبها والواحد دا عمي نزار مرحب بيه جدا؟

اعتدل قليلا في جلسته وقال مقطبا: - عمك نزار مرحب بيه؟ هو اتقدم لها رسمي؟
قالت شمس زافرة بحنق: - زميلها راح فعلا لعمي نزار في الشركة واخد منه معاد يجيب عيلته ويروح لهم البيت.

قال وقد كست عينيه نظرة غامضة: - لما اعرف ردها الاول هتحرك!
شمس وهي تشعر بخيبة أمل كبيرة في شقيقها: - عارف يا مراد غرورك دا هيخسرك همس. انت مستكتر انك تتقدم لها ازاي وفيه واحد تاني متقدم يعني هيحصل مقارنة بينكم ومراد بيه العظيم فوق أي مقارنات وتحمد ربها انك اتقدمت لها!

سارت حتى وصلت الى باب الغرفة ووضعت يدها على المقبض ثم نظرت اليه من فوق كتفها قائلة بحزن:
- يا خوفي يا مراد لا تفووق بعد ما يفوت الأوان...

انت بتقول ايه يا مراد؟
سألت ريتاج لابنها الجالس معها هي ووالده في غرفة المكتب بمنزلهم، قال ادهم مهدئا لها:
- استني بس يا ريتاج لما نفهم...
ثم نظر الى ولده معيدا السؤال: - انت عاوز تقول انك عاوز تسافر فترة؟
أومأ مراد برأسه موافقا وقال بهدوء: - تمام كدا يا بابا. عاوز اسافر يومين أي مكان فيه حاجات كتير عاوز افكر فيها بهدوء وبعيد عن أي ضغوط.

ريتاج ساخرة: - حاجات زي ايه؟ زي همس مثلا اللي انت راكنها ع الرف وفاكر انك اول ما هتمد ايدك هتلاقيها؟

ثم ضحكت بسخرية مكملة حديثها: - لا يا مراد تبقى حاسبها غلط، همس مش لعبة.
قال ادهم ناظرا الى مراد بقوة: - صحيح يا مراد؟ انت عاوز تهرب من ايه بالظبط؟
مراد متأففا حانقا: - بابا. ماما. انا مش عيل صغير. همس مش هي الشيء الاساسي اللي مخليني عاوز ابعد همس شيء من ضمن اشياء كتير اووي وبعدين اهرب منها ليه؟

هز كتفيه بلامبالاة وتابع: - همس في الاول والآخر بنت عمتي وانا اتمنى لها كل خير بصرف النظر عن أي حاجه تانية!

سمع صوتا بداخله يهتف ساخرا: - انت كداب يا مراد. تتمنى لها كل خير؟ طيب ولو وافقت على الخطوبة هتعمل ايه؟ أجابه صوتا آخر يقول بكل صلف وغرور: مش هتوافق همس بتحبني أنا ومش ممكن توافق ترتبط بواحد غيري.

أفاق من شروده على صوت والده وهو يقول باستسلام: - اوكي يا مراد سافر الوقت اللي انت عاوزه بس خلي بالك عقارب الساعه عمرها ما بترجع لورا!

ثم وجه حديثه الى ريتاج قائلا: - ياللا احنا يا ريتاج نقوم ننام. ابنك مابئاش صغير ويقدر يوزن اموره صح!..
ابتعدت همس عن غرفة المكتب حيث قدمت لتتحدث مع ريتاج عندما اخبرتها الجدة سعاد انها مع خالها في غرفة المكتب ولم تشأ التصنت عليهم ولكن ما ان همت بطرق الباب حتى سمعت اسمها ولا تعلم لم تسمرت قدميها لتسمع حديث مراد عنها والذي قال فيه انها اولا واخيرا ابنة عمته وانه يتمنى لها كل الخير!..

شعرت بنفسها تهوي الى اسفل بسرعه الصاروخ، وضعت يدها على فمها كاتمة شهقتها وانصرفت مسرعة كى لا يراها احد وسرعان ما خرجت من باب الشرفة الزجاجي الى الحديقة الى الخارج من دون ان يراها احد وهي تكتم شهقاتها، لقد ذهبت الى بيت خالها لتتكلم مع زوجته وتعلم رأيها في رغبة اسامة بالارتباط بها ولكن جواب مراد كان كالصدمة لها، ضحكت في مرارة وهي تخاطب نفسها قائلة:.

- عاوزة اكتر من كدا دليل انك مجرد عروسة ماريونت بالنسبة له؟ فوووقي بأه فووقي!..

صعدت الى سيارتها وتوجهت عائدة الى منزلها وقد قررت انها أبدا لن، تنحني!

بس الحفلة كانت جميلة .
قالت ريتاج بينما وافقها ادهم بهدوء فيما هم يسيرون الى داخل المنزل بعد عودتهم وقالت شمس بابتسامة:
- اه بجد. كفاية ان الواحد كان شايف السعادة في عيون الموجودين.
سمعوا صوتا ساخرا يقول: - حفلة ايه دي وايه هي السعادة اللي شوفتوها في الحفلة؟
نظرت 3 ازواج من العيون اليه بدهشة وهتفت شمس متفاجئة: - مراد! انت رجعت امتى من السفر؟

تقدم اليهم بينما يطالع ملابس السهرة التي يرتدونها فأجاب مقطبا: - من شوية، انما انتو شكلكم كنتم في حفلة فعلا حفلة ايه دي؟
ارتبكت شمس بينما اغمضت ريتاج عينيها واشاحت بوجهها فهي تعلم ابنها تمام العلم من النوع العنيد الذي يكابر ولكنه لن يتوقع ما حدث بينما تكلم ادهم بغموض قائلا:
- حفلة خطوبة!
لا يعلم مراد لم شعر باحتباس الهواء بداخله وزادت نبضات قلبه ولكنه قال بابتسامة مصطنعه:.

- خطوبة؟ خطوبة مين دي؟ حد من معارفنا؟
ابتلعت شمس ريقها بصعوبة بينما قال ادهم ببرود: - لا من العيلة وانت الصادق!
نظر اليه مراد بتساؤل ثم نقل نظراته الى امه التي اشاحت بوجهها فسار حتى وقف امام شمس وقال مستفهما ببطء:
- خطوبة مين كانت انهرده يا شمس؟
هربت شمس بنظراتها منه وهي تقول بحزن وقلق: - خ، خطو، خطوبة همس على. أسامة زميلها!

وكأن شخصا قد ضربه بمطرقة على رأسه فقد تسمر مكانه ناظرا اليها وكأنها تتحدث لغة لا يعلمها غير مصدق لما سمعه!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة