قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن

انت لسه مانمتيش يا تاج؟
زفرت ريتاج بألم وقالت بحزن بينما هي واقفة تطالع من نافذة شرفة غرفتهما: - مش جايلي نوم يا ادهم، هتجنن، مش عارفة ازعل منه ولا أزعل عليه. امسكه اضربه علشان يفوق ولا أخده في حضني؟

نهض ادهم من الفراش وارتدى خفَّه المنزلي وسار حتى وقف خلفها وقال وهو يحيط كتفيها بذراعه بينما يطالع السماء المرصعة بالنجوم في هذه الليلة المقمرة:.

- مراد مش صغير يا ريتاج. وانا سبأ وحذرته وقلت له عقارب الساعه عمرها ما بترجع لورا، انا مش هنكر ان جوايا حسرة وحزن جامدين أوي، لأني كان نفسي همس تبقى من نصيبه، انا اللي مربيها. كبرت قودام عينيا، لو اقولك ان غلاوتها عندي اكتر من راندا مش هتصدقيني! مش بيقولوا اعز من الولد ولد الولد؟ راندا دي بنتي مش اختي الصغيرة وانا اللي مربيها ومعزة ولادها عندي زيّها واكتر بس همس اكتر واحده. بصراحه البنت تحسي انها زي الملاك نسمة هادية وابنك بغروره ضيعها منه.

زفرت ريتاج وقالت بألم: - مش مصدقة يا ادهم انه خلاص. على أد ما كنت بتخانق معكم انه لازم ما نضغطش على همس ومن حقها تفكر في مصلحتها وعلى أد ما كنت عاوزة قلم يفوّق مراد. لكن النظرة اللي شوفتها في عينيه انهرده لما عرف بخطوبتها نظرة عمري ما هنساها ابدا! مراد طول عمره بارد وغامض وعمر مشاعره ما كانت مكشوفة حتى وهو صغير لو أي حاجه حصلت عمرك ما كنت تقدر تعرف هو حاسس بإيه؟ تعبان فرحان زعلان. لكن انهرده حاسيت انه في ثانية واحده مشاعره اتكشفت، في ثانيه الجدار اللي محاوط نفسه بيه اتهز وشوفت ألمه وغضبه في عينيه!

قال ادهم وهو يسند رأسها إلى كتفه مربتا على شعرها: - ماتزعليش يا تاج. مراد ابني قوي وبعدين يمكن اللي حصل دا شيء في مصلحته علشان يعيد ترتيب اوراقه من جديد ويعرف انه مافيش حاجه بئيت من المسلمات دلوقتي. خصوصا في الحب!

طأطأت برأسها والتفتت تنظر من النافذة فلفت انتباهها حركة في حمام السباحة فدققت النظر لتشاهد مراد وهو يسبح بقوة ضاربا عباب الماء بذراعيه القويتين، التفتت الى ادهم قائلة بدهشة:
- شوف يا ادهم؟ مراد في البسين في الوقت دا! الساعه 2 بعد نص الليل؟، ثم همت بالسير وهي تتابع في قلق:
- لا. انا هروح اشوفه!

امسكها ادهم قبل ان تبرح مكانها وقال بحزم: - سيبيه يا تاج، خليِّه ينفس عن غضبه، وبعدها يقعد مع نفسه. علشان هو دا الوقت اللي لازم يحاسب نفسه ويحاول يلحقها...

خرج مراد من حمام السباحة وهو يقطر ماء تناول المنشفة العريضة وجفف نفسه بها قبل ان يرتدى مئزره الخاص بالسباحة، جلس على الكرسي الطويل بجوار حمام السباحة ساندا رأسه على الكرسي، ثم تناول هاتفه المحمول الموضوع على الطاولة امامه وضغط بعض الأزرار حتى سمع صوت فتح الاتصال وصوتا يقول بإستغراب:
- ألو، مراد!
ابتسم مراد ابتسامة غامضة وقال بنبرة أرسلت قشعريرة في قلب متلقي اتصاله: - مبروك!

واغلق الخط قبل ان يتثنى لهمس اجابته فنظرت الى الهاتف بيدها باستغراب بينما لا تدري لم هذا الخوف الذي احتل كيانها لدى سماعها صوته فهو لم يقل سوى كلمة واحده ولكن نبرته كانت كافية ليدب القلق والخوف في احشائها!..

فيما على الناحية الاخرى بعد ان انهى مراد المكالمة امسك هاتفه بيده ضاغطا عليه بقوة ونظر الى الامام وارتسم على وجهه تعبيرا من يراه لن يرغب في الوقوف بطريقه ولو صدفة فقد لمعت عيناه بغضب يستطيع ان يحرق الأخضر واليابس!

جلس أدهم وريتاج وشمس يتناولون طعام الغذاء وسط تبادل بعض الاحاديث الخفيفة، سأل ادهم شمس قائلا:
- اخبار رحلتك الجاية ايه يا شمس؟ نظرت اليه واجابت بابتسامة: - هروح الغردقة ان شاء الله بعد يومين وهقعد اسبوع ان شاء الله مع الفوج الألماني.

هز أدهم برأسه قائلا: - كويس علشان عاملين عزومة بمناسبة خطوبة بنت عمتك على الغدا بكرة ان شاء الله.
قالت ريتاج بابتسامة: - ربنا يخليك لينا يا ادهم ودايما تقف جنب اخواتك وتحسسهم انك كبيرهم بجد ما تتصورش فرحة راندا وانا بقولها ان ادهم مصمم يعزم العيلة كلها وخطيب همس علشان خطوبة همس فرحت لدرجة ان عينيها رغرغت وقالت لي انها مهما كبرت بردوه تفضل انت ابوها الروحي اللي رباها وعلمها.

ربّت ادهم على يد ريتاج قائلا: - ربنا يخليكي انت ليا حبيبتي، انت دايما بتشجعيني، ولو حسيتي انى مقصر بتفكريني. انتي ناسية أنه عزومة الغدا دي في الاساس كانت فكرتك!

شمس بخبث: - الله الله اطلع منها انا بأه. ايه الرومانسية دي كلها!
ضحكت تاج وقالت بجدية مصطنعه: - بس يا بنت عيب. ربنا يكون في عون اللي هيتجوزك. هيعمل ايه في لسانك!
نظر ادهم الى ريتاج غامزا اياها ومال عليها هامسا: - ما تخافيش هيلاقي حل اساليني أنا!
نظرت اليه ريتاج مقطبة وسألته بريبة: - نعم؟

همس وهو يكتم ضحكته بصعوبة قائلا: - اصل جملتك دي فكرتني بجملة قديمة ياما قلتها بصراحه عن اللسان الطويل بردو بس الحمد لله ربنا قدرني و...

هتفت مقاطعه اياه: - و، ايه؟
اجاب مستسلما: - لالالا ابدا وعرفت اتعامل معاه!
شمس المتابعة للحوار الهامس بينهما بعينيها من دون ان تسمع شيئا: - اقوم احسن بيتهيألي علشان تعرفوا تتوشوشوا براحتكم.
قال ادهم مبتسما: - لا اقعدي ما تقوميش خلصنا وشوشة...
ثم رفع نظره موجها حديثه لريتاج وهو يتناول طعامه: - اومال مراد فين صحيح؟ ما جاش يتغدى يعني؟!

نظرت ريتاج الى شمس التي وجمت فتابع ادهم تبادل نظراتهما فقطب وسأل مستفهما: - مراد فين؟
ابتلعت شمس ريقها بصعوبة بينما ربتت ريتاج على يد ادهم وقالت بهدوء: - مراد مع رامز صاحبه قال انه هيقعد معاه كم يوم انت عارف ان رامز عايش لوحده وباباه ومامته بيشتغلوا في الخليج فهو قال انه هيقعد معاه يومين كدا!

سكت ادهم قليلا ثم رفع نظره سائلا ريتاج بجدية: - هو عرف اننا عاملين عزومة بكرة للعيلة وهمس وخطيبها جايين؟
استرقت ريتاج نظرة الى ابنتها ثم قالت بعد ان تنفست بعمق: - اه. عارف! نظر اليها مضيقا عينيه وقال بهدوء ينذر بهبوب عاصفة: - يعني هييجي بكرة العزومة صح؟
هزت ريتاج رأسها نفيا وقالت وهي تتنهد بيأس: - لا يا ادهم. مش جاي!

ترك ادهم ملعقته بقوة فارتطمت بالصحن مصدرة صوتا قويا وهتف بحدة: - نعم؟ يعني ايه مش هيحضر؟ وانت ما قولتليش ليه يا ريتاج؟
شمس بتلعثم: - بابا ماما مالهاش ذنب هي اساسا ما كانتش تعرف مراد بلغني بالتليفون وانا اللي قولتلها قبل ما نتغدى على طول!

اغمض ادهم عينيه وتنفس عاليا ثم فتحهما ناظرا الى ريتاج وقال بجدية بالغة: - كلمي ابنك يكون عندي حالا دلوقتي!
ثم نهض من مكانه وغادرهما تاركا ريتاج وشمس وهما تتبادلان النظرات القلقة والحائرة...

تقدر تقولي هتبقى امتى راجل مسؤول؟
سأل ادهم مراد الواقف امامه بينما كان ادهم جالسا امام مكتبه في كرسيه الجلدي الواسع ناظرا اليه بقوة بينما وقف مراد بتراخ مجيبا بهدوء:
- انا عملت ايه زعلك كدا بس يا بوس؟

وقف ادهم من كرسيه واستدار حول طاولة المكتب واقفا امامه يهتف بحنق: - عملت ايه زعلني؟ قول ايه اللي عملته ما زعلنيش؟ مش كفاية ان برودك هو اللي ضيع بنت عمتك من ايدك؟ بص يا مراد انا مش باخد رأيك ولا بسألك، لأ!، حكاية انك تسيب البيت يومين تهدى، براحتك، انت مش عيّل صغير ولا انت ست جوزها مغضّبها، انت راجل!

اغمض مراد عينيه حانقا وعض على اسنانه حتى كاد ان يُسمع صوت طحن ضروسه وهو يحاول ان يتمالك اعصابه بينما تابع ادهم بحزم قائلا:
- لكن أي مناسبة تخص العيلة انت اول واحد هتكون موجود فيها، انا سبأ وقولت لك انت كبير العيلة دي من بعدي لكن شكلي كنت بكلم نفسي، غدا بكرة هتكون موجود فيه وانت اللي هتستقبل الضيوف معايا ومش بس كدا هترحب ببنت عمتك وجوزها و...

قاطعه مراد بحدة لم يستطع تمالكها: - نعم؟ جوزها!
قال ادهم بسخرية: - ما تزعلش اووي كدا خطيبها. باعتبار انه بعد كم شهر هيبقى جوزها! انا مش هتكلم تاني عاوز تروح لصاحبك براحتك لكن من الصبح بدري الاقيك هنا عندنا...

وجلس في كرسيه متناولا بعض الاوراق من امامه ليطلع عليها بينما تقدم مراد ووقف امام طاولة المكتب وقال له وهو يميل ليستند بكفيه على حافة الطاولة:
- هما خلاص حددوا معاد الفرح؟
رفع ادهم نظره اليه قليلا ثم اعاده للاوراق التي بين يديه وقال ببرود: - تقريبا، العريس اصله مستعجل اووي وعمك نزار انت عارفه مش بيحب الخطوبة تطول وطالما وافقوا عليه يبقى ايه المانع؟

اعتدل مراد في وقفته ونظر الى البعيد بينما شاب نظراته غموضا حاد وهو يقول: - فعلا ايه المانع؟ ثم رجع بنظراته الى والده مردفا بهدوء: - ما تخافش يا بوس، من النجمة هتلاقيني هنا.
ثم استدار منصرفا بينما ترك ادهم الاوراق التي بيده ونظر الى الباب الذي خرج منه مراد مقطبا جبينه لا يعلم لم شعر بالقلق من نبرة صوت مراد وهو يؤكد عليه انه سيحضر غدا باكرا. ترى على ماذا تنتوي مراد؟..

يارا حبيبتي ما بتاكليش ليه؟ .
انتبهت يارا من شرودها على صوت سميحه امها فقالت: - ها، اه يا ماما باكل اهو.
علقت امها بدهشة: - فين بتاكلي اهو انت مسهمة وفي دنيا غير الدنيا.
ثم ربتت على يدها وتابعت بحنان امومي: - مالك يا حبيبتي فيكي ايه؟ انا ملاحظة انك بئالك مدة مش على بعضك حاسة انك متغيرة زي ما تكوني متضايقة من حاجه او بتفكري في حاجه. في حاجه شغلاكي يعني؟

قالت يارا بابتسامة صغيرة: - ما تقلقيش نفسك يا ست الكل هو بس شوية تعب شكلي داخلني دور برد.
هتفت امها بقلق: - يا حبيبتي، طيب انا بعد الغدا هعملك عصير برتقال وخديلك قرصين اسبرين واتكلفتي ونامي وانت تقومي زي الحصان أن شاء الله، ألف بعد الشر عليكي يا حبيبتي.

يارا مبتسمة: - تسلمي لي يا احلى أم ربنا ما يحرمنى منك ابدا.
تنهدت الام عميقا قبل ان تقول: - ربنا يمد في عمري يا بنتي لغاية ما افرح بيكي في بيت جوزك ويكون ابن حلال ويستاهلك واكون كدا تميت رسالتي ووفيت الامانه اللي ابوك الله يرحمه سابهالي واقابله وانا قلبي جامد واقوله يا حاج انا وفيت الامانه والحمد لله ربنا قدرني وكملت رسالتي مع بنتنا...

هتفت يارا بلهفة: - بعد الشر عليكي يا أم يارا. رنا يديكي الصحة وطولة العمر يارب اما بالنسبة لابن الحلال فما تشغليش بالك لسه بدري يا ماما!

قالت الام مقطبة: - بدري؟ بدري ازاي؟ انت ألف مين يتمناك.
قالت يارا وقد شردت للحظات: - وانا ما اتمنيتش من الألف دول غير واحد بس وللأسف اتمنى غيري!
سألت والدتها: - بتقولي حاجه يا حبيبتي؟
انتبهت يارا وقالت: - ها؟، لا حبيبتي ما بقولش، هو...

ليقاطعها صوت طرقات على الباب فقامت يارا لترى من الطارق وما ان سألت من خلف الباب عن هوية الطارق وعلمت بإسمه حتى تأففت حنقا ثم فتحت الباب ووقفت مكتفة ذراعيها وقالت ناظرة الى شاب عشريني ذو مظهر متأنق معتدل القامة اسمر اللون شعره اسود لا يتركه دون جيل الشعر ابدا لكي يبدو لامعا على الدوام، قالت بنزق:
- أفندم يا أستاذ رمزى. فيه حاجه؟

رمزي بسماجة وهو ينظر اليها يكاد يلتهمها بعينيه: - طيب مش تقوليلي اتفضل الأول؟
يارا ببرود وقد وضعت يدها على الباب امامه مانعه اياه من الدخول ونبرتها محتدة للغاية:
- تتفضل فين؟ هو استهبال؟ احنا اتنين ستات قاعدين لوحدينا تدخل ازاي؟ ولا علشان باباك هو صاحب العمارة يبقى خلاص؟ لا، لو الحاج ابراهيم صاحب العمارة احنا اصحاب الشقة وانتو مالكوش عندنا غير الايجار اللي بيدفع اول كل شهر وخلاص.

قال ونظراته تبرق ببريق جعلها تشمئز منه: - انت وافقي بس والشقة والعمارة وابن صاحب العمارة يبقوا تحت امرك، انا رايدك في الحلال. انا عندي سايبر كبير ومقتدر وقادر افتح بيت يبقى ليه لأ؟

هتفت بحدة: - علشان انا مش ممكن آخد واحد ساقط ثانوية عامة! افهم يا رمزي. طلبك مش عندنا وياريت لو تحرمنا من طلتك البهية دي تاني. عن اذنك.

واغلقت الباب قبل ان يتفوه بكلمة، قبض يديه من الغيظ ونظر الى الباب المغلق امامه وقال بتوعد:
- ابدا، مش هتكوني لغيري ابدا يا يارا، انت مش عاوزة تيجي بالزووء خلاص انت اللي جنيتي على نفسك وقريب اووي هخليكي انت اللي تجري ورايا علشان اتجوزك!

تسلم ايديكي يا طنط الاكل تحفة .

قالت همس لريتاج اثناء جلوسهم في الحديقة بعد الغذاء متحاشية النظر الى الكرسي الذي امامها حيث يقبع مراد الذي تجاهلها منذ ان وطأت بقدمها عتبة منزلهم هي وخطيبها، فبخلاف سلامه الفاتر عليهم عند وصولهم لم ينخرط في أي احاديث معهم سوى مع عصام واسلام بينما تبادل مهدي الحديث مع اسامة وكأن هناك اتفاق بذلك! ولكن المحير في الامر انه كان يتعمد الجلوس في دائرة نظرها فاذا ما التفتت او رفعت نظرها يكن هو اول ما يقع نظرها عليه...

قالت ريتاج ضاحكة: - بالهنا والشفا يا عروسة.
لتعلق راندا ضاحكة بدورها: - طنطك ريتاج يا ما جربت في خالك ادهم المفروض ياخد منها شهادة الايزو في كدا.
ضحكت مها وقالت: - وانا أشهد!
ثم تابعت لهمس بحنان: - عقبال ما ناكل في بيتك يا هموسة يا رب بس ترفعي راسنا.
ثم التفتت الى راندا قائلة: - المفروض يا راندا تخليها تقف معاكي دايما علشان تبقى بريمو.

اجابت راندا ناظرة الى همس بحنان: - هموسة حبيبتي مافيش اشطر منها في المطبخ.
قالت سعاد بابتسامة: - طبعا. هموسة بنتي انا عارفاها عليها قرص بيض اومليت عجب!
همس بضحك: - ايه يا ستُّو بس. بتتريقي عليا! ماشي يا ستو مقبولة منك.
استرعى كلامها انتباه اسامة الذي قالت له سعاد: - خلي بالك احنا مسلمينك ست بيت من كله هتيجي بعد الجواز تقول كاني ماني مالناش دعوه. اه انا بقولك اهو.

ابتسم أسامة لهمس الجالسة بجواره وقال وعيناه تلمعان بحب: - وانا قابل وراضي وعمري ما هفتح بؤي ولا اقول بِم حتى!
ضحكت همس وقالت: - مش هتقول ايه؟
قال لها بضحك: - بِم! دا انا ما صدقت انك وافقت هضيعك من ايدي؟ ابقى غبي وانا فيا عيوب كتير لكن الغباء عمره ما كان فيها!

ضحك الجالسون الا شخص واحد يكاد الشرار يخرج من عينيه، لقد ضغط على أعصابه كثيرا كي يرضي والده وحضر عزيمة الغذاء ولكنه لا يستطيع الجلوس بينما همس. تتضاحك وتتهامس مع غيره، فيما يجلس هو امامها وكأنها لا تراه فلم تعره التفاتة واحدة أو حتى تلقي إليه بنظرة عابرة، وان حدث ووقع نظرها عليه فهي تسارع بإشاحة نظرها بعيدا!، مال عليه اسلام الجالس بجواره ينظر الى مسار عينيه المراقبة لهمس وقال بصوت منخفض:.

- ايه يا كابتن. اللي واخد عقلك؟
تأفف مراد وقال بنزق وهو يهم بالوقوف: - انا مش فايق لك يا اسلام.
وغادره تاركا اسلام ينظر في اثره وقد حرك رأسه يمينا ويسارا علامة اليأس الشديد...

ايه رأيك يا اسامة خالي ادهم عاوزنا نعمل الفرح عنده هنا في الفيلا؟ .
تساءلت همس التي قامت تتنزه قليلا مع اسامة في الحديقة بعد موافقة والدها، أجابها اسامة وقد وقفا تحت شجرة كبيرة ينظر حوله:
- الفيلا جميلة طبعا بس انا مش عاوز نتقل على خالك ادهم.
هتفت همس بحماس: - خالي ادهم؟ انت مش عارفه. خالي ادهم دا مافيش في حنيته ولا طيبة قلبه، ولما بيعرض حاجه زي كدا بيعرضها وهو قصدها بجد مش كلام وخلاص.

ابتسم اسامة وقال بحب: - واضح انك متعلقة اووي بخالك أدهم؟
قالت مبتسمة: - انا بمووت فيه مش متعلقة وبس.
اسامة بتردد: - همس ممكن أسألك سؤال؟ اشارت له بالايجاب قائلة: - اكيد اتفضل.
أسامة مستفهما مسلطا نظراته عليها: - مراد ابن خالك ادهم هو اللي كنت حكيتي لي عليه صح؟

تنهدت همس ثم رفعت نظراتها اليه وقالت بهدوء: - بص يا اسامة. عادي انه في أي عيلة يقولوا دا ل دي وبنكبر على كدا وبيكبر معانا الكلام دا لكن بعدين بنكتشف انه كان اماني أباهتنا وامهاتنا مش احنا خالص. وعلشان تطمن مراد مافيش لي عنده أي مشاعر خاصة، ودا اهم سبب خلاني اصرف نظر عن موضوعه خالص لاني مش عاوزة ارتبط علشان أرضي العيلة انا عاوزة اللي يرتبط بيا يبقى علشان عاوزنى انا حاببني انا مش اتفرضت عليه وخلاص! فصدقني مافيش أي حاجه تخليك تفكر في الموضوع دا تاني ويا ريت نقفل عليه خالص ممكن؟

نظرت اليه مستفهمة فمد يده شابكا اصابعه بأصابعها وقال بحب: - ممكن...
ثم مال عليها مقبلا جبهتها بحب واسند جبينه على جبينها وقال بصوت مثقل بالمشاعر: - بقول ايه هو لازم كتب الكتاب يبقى مع الفرح؟
همس بخفوت: - اه. ليه؟
أسامة بصوت مبحوح من فرط مشاعره الجياشة: - علشان انا مش قادر بصراحه...

ثم رفع رأسه ناظرا اليها وتابع مبتسما وغامزا بمكر: - انا هكلم عمي نزار انهرده كتب الكتاب يبقى الخميس اللي جاي ايه رايك؟
فتحت عينيها على وسعهما دهشة وقالت: - ايه؟ الخميس اللي جاي؟ لالالا ما ينفعش يا اسامة؟
قال لها باصرار: - وايه اللي مش هيخليه ينفع بأه؟
اجابت بتلعثم وارتباك: - اهو ما ينفعش. انا مش مرتبة نفسي.
اسامة وقد زفر حانقا: - يعني انت مش ملهوفة اننا نكون مع بعض انهرده قبل بكرة؟

اشاحت همس بوجهها في خجل وقالت: - اسامة انت فيك ايه؟ خلاص كلها 5 شهور على ما شقتك تخلص وانا اخلص حاجتي!
اقترب منها وقال: - عاوزة تعرفي فيا ايه؟ فيا اني بحبك يا همس! بئالي اكتر من سنتين وانا بحبك بيني وبين نفسي ولما جه الوقت اللي اتحقق حلمي وتكونىلا من نصيبي خلاص قلبي مش قادر يخبي بعد كدا! لكن هقول ايه اللي تؤمري بيه يا اميرتي 5 شهور 5 شهور وربنا يصبرني ال 5 شهور دول!

ضحكت همس وتابعا سيرهما في الحديقة غير واعيين لنظرات كالجمر تراقبهما وقد سمع صاحبهما حوارهما كاملا.

بقولك يا همس معلهش هضطر استأذن انت عارفة عندي برنامج كمان ساعه ونص ويارا في الاستوديو كلمتها قالت لي الضيف عنده شوية استفسارات ومش هيرضى غير بالمخرج نفسه .

استأذن أسامة بالانصراف من همس لتقول الأخيرة مبتسمة: - ماشي يا عم المخرج!
استأذن اسامة منصرفا ورافقته همس حتى الباب الخارجي وصافحها مقبلا يدها ثم انصرفت عائدة حيث عائلتها عندما امتدت يد من بين الاشجار الكثيفة تجذبها بقوة وقد كمم صاحبها فم همس وقال هامسا في أذنها:
- انا يا همس. ما تخافيش انا!
ثم أزاح يده ببطء فالتفتت تنظر اليه بدهشة وقالت بصوت مذهول من المفاجأة: - مراد! فيه ايه؟

هتف مراد بقوة: - فيه حساب لازم نصفيه يا همس!
نظرت اليه قليلا غير مستوعبة لما يقول ثم قالت باستفهام مقطبة جبينها: - حساب؟ حساب ايه؟
أجابها وهو يميل عليها ناظرا الى عينيها في قوة: - حساب السنتين اللي البيه قعد يحبك فيهم وانا زي الاطرش في الزفة!
شهقت همس عاليا واضعه يدها على فمها ثم قالت بتلعثم: - انت. انت بتقول ايه؟

هدر مراد بحدة وقد مد يده جاذبا اياها من مرفقها بعنف: - بقول انك سنتين مستغفلاني والبيه دايب فيكي حب وغرام وآخرتها مراد يطلع هو الغلطان هو اللي بغروره طفش بنت عمته من ايده ويطلع السبب ان البيه كان لازق لك في كل وقت لغاية ما خلاكي توافقي وينول الرضا السامي!

جذبت مرفقها من قبضته بقوة ووقفت امامه هاتفة بغيظ شديد: - انت مش هتتغير، هتفضل فاكر انك محور الكون والكل بيدور في فلكك انت!
ثم أردفت بسخرية: - عارف. انا مش هتعب نفسي في الرد عليك لأني ما يهمنيش اساسا انك تصدق او ماتصدقش عن اذنك!

وما ان همّت بالسير حتى امتدت يده كالكماشة قابضا على رسغها مديرا اياها اليه بالقوة حتى كادت ترتطم بصدره وهتف من بين اسنانه بغيظ شديد:
- وانا مش عاوز شرح انما هي كلمة واحده يا همس. على جثتي انك تتجوزيه. مش مراد اللي يتلعب بيه الكورة، انت بتاعتي انا ملكي انا وهو اللي اتعدى على ممتلكات غيره يا تنهي ارتباطك بيه بالراحه يا اما ما تلوميش الا نفسك يا همس!

قالت همس بغضب شديد: - ايه ايه حيلك حيلك احنا فين هنا؟ فاكر نفسك في فيلم من افلام نادية الجندي عمَّال تهدد! لأ، بص يا مراد انا لا لعبت بيك ولا حاجه انت بغرورك وعنجهيتك اللي قطعت كل حاجه بيننا واسامة راجل فيه كل الصفات اللي البنت تتمناها. وسيم ومن عيلة ووظيفته كويسة وفوق كل دا بيحبني وبيتمنى رضايا يبقى ارفضه ليه؟

سألها مسلطا عينيه عليها بقوة ناظرا اليها بعمق: - وانت يا همس بتحبيه؟
ارتبكت قليلا ثم حاولت شد رسغها من قبضته دون فائدة فأجابته بحدة: - مالكش دعوه!
قال لها مكررا سؤاله: - بتحبيه يا همس؟!
صرخت بغضب بينما عينيها تغيمان بدموع محبوسة: - هيعلمني احبه ازاي! حبه ليا هيخليني احبه! حنانه معايا هيخليني ما اشوفش غيره! عش...

سرعان ما وضع يده مكمما فمها مانعا اياها من المتابعه قائلا بغضب بين اسنانه: - اخرسي، انا ممكن اقتلك عارفة كدا! ازاي تسمحي لنفسك تتكلمي عن حب راجل تاني ليكي بالشكل دا؟ انت تحمدي ربنا انى مسكت نفسي وانتو عمالين تتغازلوا قودامي ويمسك ايديكي ويبوسها. كلمة واحده يا همس لو لمسك ولا مد ايده عليكي تاني تترحمى عليه فاهمه ولا لأ، وبس علشان تعرفي فرحك اللي عمالين تخططوا له كمان 5 شهور دا انصحك بلاش تتعبي نفسك وتخططي وتحلمي لانه مش هيكون هو العريس. اوعدك انه قريب اووي هتكوني مشرفة بيتي، وانت عارفااني عمري ما بقول كلام وخلاص، نصيحة اخيرة اوعي، شوفي اوعي تسمحي له بالحركات اللي شوفتها انهرده وفي اسرع وقت تسيبيه مش هعيد كلامي كتير يا همس. اسامة دا من سابع المستحيلات يكون له أي صفة في حياتك، مفهوم؟

وسكت يطالعها في ثبات وحزم قبل ان يشدها اليه مقبلا جبينها بقوة مغمضا عينيه مستنشقا عطرها وقال بصوت أجش:
- وعلى فكرة رأيك غلط يا هانم مين اللي قال ان مراد مش بيكن لك أي مشاعر؟ ومين اللي يقدر يفرض عليا حاجه مش عاوزها؟ لعلمك يا همس انت لو عرفت اللي جوايا هتتخضي خلي المارد اللي جوايا كانن يا همس لأنه لو طلع من القمقم بتاعه انت اللي هتتحملي عواقب دا!

ثم أفلت رسغها محيطا خصرها بيديه ولكنها لم تمهله إذ دفعته بقوة وانصرفت راكضة وكأن الاشباح تطاردها بينما برقت عينا مراد بعنف مكبوت وهو يقول:
- أقسم يا شمس انك ما هتكوني غير ليا انا وما حد هيعلمك الحب غيري انا!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة