قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع عشر

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع عشر

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع عشر

- ايوة يا تاج حبيبتي انا عند محمود فيه شوية شغل بنتكلم فيهم ومها ماسكة فيا ع العشا، ايه؟، بتقولي ايه؟، . قالها ادهم مبهوتا وما لبث ان قفز من مكانه واقفا وهو يصرخ متابعاً:
- انت بتقولي ايه يا تاج؟ شمس وهمس؟، . قطب محمود ومها وإسلام الجالسين برفقته متبادلين نظرات الدهشة الممزوجة بالقلق وما لبث ادهم أن قال بجدية بالغة: طيب يا تاج، انا هشوف ايه الموضوع وابلغك، زفر قائلا:.

- تاج حبيبتي ما تعيّطيش، شمس وهمس ان شاء الله بخير. ، قطب اسلام قلقا عند سماعه اسم شمس بينما أكمل ادهم قائلا: - ايه مراد؟، اكتنفت عيناه نظرة الغموض وهو يجيب:
- الحمد لله يا تاج ربنا دايما بيلطف في قضاه، . انا جايْ مسافة السكة حبيبتي، خلِّي بالك من نفسك ومن ماما سعاد و راندا، نزار جايلكم في السكة!، اوكي لا لا انا مش هتأخر لا إلاه إلا الله، سلام حبيبتي، أغلق أدهم هاتفه المحمول بينما سأله محمود بقلق:.

- فيه ايه يا ادهم ايه اللي حصل لشمس وهمس؟، زفر أدهم بضيق وأجاب: - شمس وهمس كانوا مع فوج سياحي انهرده، طلعوا عليهم مجرمين هاجموا الاتوبيس، وريتاج ماتعرفش حاجه تانية!، وقف محمود واسلام ومها مذهولين بينما تابع ادهم قائلا:.

- انا لازم اروح لتاج دلوقتي، . قال محمود: - انت اسبقنا واحنا هنحصلك، قاطعه اسلام قائلا بصوت يعتريه القلق: - معلهش يا بابا انا هروح مع عمي ادهم وحضرتك وماما ابقوا حصلونا، بكت مها قائلة:
- يا حبيبتي يا تاج انت وراندا. ، يارب سلّم يارب، سلِّم بناتنا من كل شرّ، غادر ادهم واسلام بينما صعدت مها الى غرفتهما لتبدل ثيابها للحاق بهما مع محمود عند ريتاج...

دخل أدهم الى منزله بخطوات واسعه يرافقه إسلام وما إن أبصر ريتاج الجالسة في غرفة الجلوس بصحبة راندا وأمها سعاد حتى نادى عليها هاتفاً:
- تاج، رفعت ريتاج رأسها ليشاهد وجهها المخضّب بالدموع، قامت من فوْرِها واندفعت الى أحضانه وسط شهقات بكائها الحاد وهي تهتف:
- شمس يا ادهم، . شمس وهمس يا ادهم، . أنا حاسة إنِّي في كابوس يا ادهم. كابوس.

احتضنها ادهم مربِّتاً على شعرها وهو يقول: - هششش، أنا متأكد إن بناتنا هيبقوا كويّسين، انا كلّمت لواء في الداخلية صاحبي وقال لي انه متابع الموضوع دا، عموما انا هروح هناك دلوقتي اشوفهم وصلوا لإيه؟

رفعت ريتاج رأسها ناظرة اليه بعينين مليئة بالدموع وقالت بصوت اجش من كثرة البكاء:
-نزار هناك هو كمان، راندا أول ما سمعت الخبر بلّغته وراح على مكان الأتوبيس لاقى الأمن عامل كردون حوالين الاتوبيس ومحاوطه، ومش مخلِّي حد يقرّب منّه، وبيعملوا مفاوضات معهم علشان مش عايزينهم يعملوا حاجه في أي حد من الناس اللي في الاتوبيس.

علّق إسلام بجديّة: - وأنا معاك يا عمي، رجلي على رجلك، ثم قطب متابعاً: - أومال مراد فين يا طنط؟، أجابت ريتاج وهي تنقل نظراتها بينهما لا تدري أتضحك أم تبكي:
- مش هتصدقوا اللي حصل!، أنا نفسي مش عارفة اضحك ولا ابكي؟! مراد أول ما سمع بالخبر، قاطعهما صوت مراد وهو يقول:
- أنا جاي معاكم!، التفت ادهم وإسلام الى مصدر الصوت ليفاجئا بمراد، واقفاً على قدميه!

تقدّم إسلام منه قائلا وقد أنسته فرحته برؤية أخيه وصديق عمره واقفا على قدميه مجددا الكارثة التي يواجهونها:
- إيه دا؟!، مش ممكن!، انت واقف على رجليك يا مراد؟!، قالت ريتاج مبتسمة ابتسامة طفيفة:
- الخبر اللي سمعه كان اقوى من أي عملية!، . خلَّا رجليه تقوم تتنفض ويقف عليها من خوفه وهلعه على مراته وأخته!

أجاب أدهم مبتسما ابتسامة طفيفة وقد تقدم ليحتضن ابنه: - مبروك يا مراد، . ثم التفت الى الباقين متابعا: - انا هروح دلوقتي مكان الحادثة يمكن يكون الأمن قدر يعمل حاجه، لأنّي مش هقدر افضل واقف اتفرج كدا...

ما ان انهى عبارته حتى تعالى رنين هاتفه المحمول فأجاب عليه وما هي إلّا لحظات حتّى بدأت علامات السرور والارتياح ترتسم على محياه وفجأة، تعالت صرخات الغضب منه ثم سكت تماما وهو يعضُّ على أسنانه حنقاً وغضباً!..

أغلق أدهم الهاتف وقد كاد ان يلقى به الى الحائط ليسقط أشلاءاً مبعثرة ولكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة كي لا يخسر همزة الوصل الوحيدة مع ابنته.

نظرت إليه ريتاج مقطبة بينما سألته الجدّة سعاد عمّن يكون المتصل والذي جعله على هذا الشكل من الغضب والانفعال فأجاب محاولا تمالك نفسه راسما ابتسامة خفيفة ولكنها خرجت بالرغم منه شاحبة فهو لا يرغب بإثارة الذّعر فيمن حوله بينما كان يقبض على يديْه ويبسطهما بقوة بصورة لا شعوريّة:.

- الحمد لله، الاتوبيس بالسيّاح اللي فيه بأمان، . الامن قدر يسيطر ع الوضع!، . سكت قليلا مزدرداً ريقه بصعوبة وهو لا يعلم كيف يتابع ولكن لا بد من وضعهم في الصورة كاملة، بينما ريتاج ما ان بدأت تزفر براحه حتى استرعتها كلمة ادهم التي قالها بتردد غريب عنه:
- بس!، فنظرت اليه قاطبة بين حاجبيها وتساءلت: - بس؟!، بس ايه يا ادهم؟، بنتي جرالها حاجه؟

أجاب أدهم وهو يشيح بنظراته بعيدا: - شمس كويسة الحمد لله يا تاج. إنما، وسكت تاركاً عبارته معلّقة...
سارت راندا حتى وقفت امامه وقالت بلهفة وهي تستحثه على المتابعة: - انما ايه يا ادهم؟، الله يخليك طمّن قلبي!، أشاح ادهم بنظراته بعيدا مجيباً:
- المجرمين كانوا 5 مسلّحين قبضوا على تلاته منهم، اتنين منهم متصابين وواحد ما حصلّوش حاجه، والاتنين التانيين هربوا ومعهم، همس!..

تعالت شهقات الخوف من ريتاج و راندا والجدّة، وزأر مراد غاضبا وهتف: - أخَدوُا همس؟!، ليجيب أدهم بكل عنفوان وهو يسير ليقف بجوار شقيقته ضامًّا إيّاها بقوة:
- ما تقلقيش يا راندا، . همس بنتي، . وعهد عليّا إنِّي أرجعهالك ما فيهاش خدشة واحدة!، والكلبين اللي عملوا كدا مش هسيبهم. هتف مراد بقوة وعنفوان:
- همس مراتي أنا!، وانا اللي هرّجعها!، وحساب الكلبين دول معايا انا!

قالت تاج بقلق ناظرة الى ادهم: - طيب ما قالوش طلباتهم ايه؟، وليه همس بالذّات اللي خطفوها؟، ما خطفوش حد من السياح ليه؟

أجاب ادهم وقد تنهد عميقا: - لأنهم عرفوا همس!، عرفوا إنها المذيعة همس نزار!، واحد فيهم شك فيها من صوتها ولمّا سألها أكّدت له شكّه، وطبعا عارفين هي بنت مين، ومن عيلة مين، وعلى حسب الكلام اللي وصلني انها حاولت ما تبيّنش علاقتها بشمس لمّا عرفوها، . الأمن لمّا هاجم المجرمين فيه حاجه حصلت جوّة الأتوبيس سهلت على البوليس الوصول للمجرمين، لكن ايه هيّا معرفش؟!، شمس هي اللي تقدر تقولّنا، وانا دلوقتي حالا هروح لها، هيّ في القسم مع باقي اللي كانوا في الأتوبيس علشان ياخدوا أقوالهم.

علّق إسلام بلهفة فقلبه يكاد يطير الى معشوقته للإطمئنان عليها: - بعد اذنك يا عمي، عاوز اكون معاك، لتعلّق ريتاج بلهفة: - انا هستناك هنا يا ادهم.
أجابت راندا وقد تنشقت عاليا وهي تمسح دموعها المنهمرة على وجهها الذي فقد لونه خوفا وهلعاً على مصير ابنتها:.

- روحي مع ادهم يا تاج، انا عارفة انت قلبك واكلك على شمس وعاوزة تطّمني عليها، انا هستنى هنا مع ماما سعاد، . نزار كلّمته وهو جاي في الطريق، قلق من صوتي وهاييجي يطمن عليا قبل ما يرجه تاني القسم يشوف عمله ايه؟، الحمد لله ان ريما بنتي عند بنت عمها من امبارح ويا رب همس ترجع بالسلامة قبل ما تكلمني...

اعترضت تاج بتصميم: - شمس بنتي والحمد لله إطّمنت عليها، انا مش هتنقل من جنبك قبل ما اطمن على همس بنتنا كمان.

نظرت راندا اليها نظرة عرفان بالجميل بينما دق جرس الباب حيث كانا محمود ومها اللذان عرفا بما جدّ في موضوع همس وشمس واصطحب محمود ادهم وإسلام ومراد للذهاب لرؤية شمس وإحضارها، بينما طلب ادهم من ريتاج ان تبلغهما اذا ما تلقت اتصالا من الخاطفين فهو يتوقع أنهم سيهاتفونهم قريبا جدا لطلب الفديّة وإلا، فما الدّاعي من خطفها؟!..

ما ان شاهدت شمس والدها حتى ارتمت بين احضانه وهي تبكي بشدة وليس على لسانها سوى كلمة واحده:
- همس، ربّت والدها على كتفها وهو يقول مهدئا اياها: - هشششش، ما تزعليش يا شمس، همس هترجع لنا بالسلامة، . وقريب اووي إن شاء الله، ...

إبتعدت شمس عن والدها قليلا لتنظر إلى مراد الذي سرعان ما احتضنها مربّتاً عليها وقد نظرت اليه بذهول قائلة بتلعثم:
- مراد انت. ، هز رأسه ايجابا وقال بابتسامة خفيفة: - بمشي يا شمس، ازاي وامتى. هتعرفيها بعدين!

ثم ابعدها عنه قليلا متابعاً بتصميم: - المهم دلوقتي يا شمس، انا عاوزك تحكيلي كل حاجه، كل اللي حصل يا شمس من لحظة المجرمين دول ما اتهجموا على الأتوبيس لغاية ما سابوكم وخطفوا همس، . ماشي يا شمس؟ هزت شمس برأسها ايجابا بينما قال محمود الذي احتضنها مربتا على كتفها:
- مش دلوقتي يا مراد، لما نروّح ان شاء الله شمس هتقول لنا كل حاجه...

خرجوا بعد استيفاء المحضر وطوال الوقت كانت نظرات اسلام تلتهم تفاصيل شمس خوفا وهلعا عليها وشوقا لها!، لكم كان يود ان يضمها اليه كما فعل والده وعمه ادهم ومراد! بل انه يقسم انه شعر بالغيرة انه لم يكن هو أوّل من ركضت إليه لترتمي بين أحضانه بدلاً من والدها. عمّه ادهم!

كمْ يود سؤالها ان كان أحد من هؤلاء المجرمون قد أذاها؟، هو قلق على مصير همس، فهمس ابنة عمته ولكنه يريد الاطمئنان قبلاً على حبيبة الروح...

عادوا جميعا الى المنزل وعند سقوط نظرات ريتاج على ابنتها المشعثة الشعر اذا بها تركض اليها محتضنة اياها وبقوة وهي تقبّل كل إنش في وجهها ورفعت يديها مقبلة راحتيْهما بينما امتزجت دموعهما ودموع الحاضرين جميعهم وقالت ريتاج بصوت متهدج بينما يديها تتلمس تقاسيم وجه ابنتها وشعرها بلهفة مستعرة:
- إنتي كويسة يا قلب ماما؟، عملوا فيكو حاجه يا شمس؟ طمنيني يا قلبي!

أمسكت شمس بيدي والدتها الموضوعتين على وجهها مقبلة باطنهما وأجابت بصوت يقطر حزنا:
- اطمني يا ماما انا بخير الحمد لله، وهمس. – وتهدّج صوتها وهي تتابع بينما غلبتها دموعها لتنهمر مغرقة وجهها الشاحب - همس لغاية ما خدها المجرمين دول وهي كانت متماسكة...

تلقفتها راندا بين ذراعيْها وهي تقول بصوت باك: - همس عاملة ايه يا شمس؟، اللي حصل دا حصل ازاي وخدوا همس ليه؟
قالت مها التي تقدمت لاحتضان شمس: - حمد لله على سلامتك يا شمس، اطلعي خدي حمامك وبعدين تنزلي تحكي لنا كل حاجة، بس لازم تغيري هدومك الاول انت شكلك تعبان خالص.

قالت سعاد بصوت حزين: - شمس، تعالي يا شمس، مش قادرة امشي يا بنتي، تعالي حبيبتي خليني اشوفك واطمن عليكي.

سارت شمس حتى جدتها الجالسة فوق كرسي عريض ثم ركعت على ركبتيها امامها ورمت بنفسها في حضن جدتها الدافيء المليء بحنان امومي كبير ثم ابتعدت عن ذراعيها قليلا وقالت بشبح ابتسامة:
- انا بخير يا ماما ستُّو الحمد لله، سمعت صوت نزار يقول بلهفة من وراءها: - شمس يا بنتي حمد لله على سلامتك، . همس اخبارها ايه؟ ما تعرفيش مين دول ولا أخدوها وراحوا فين؟

رفعت شمس نظراتها اليه ثم نهضت واقفة مجيبة وهي تمسح دموعها: - للأسف يا عمو معرفش، لكن البوليس مش هيسيبهم، واحد من التلاته اللي اتقبض عليهم ما أتصابش ولا حاجه، أنا متأكده إن البوليس مش هيسيبه غير لما يقرره ويعرف منه كل حاجه، ومين الاتنين الباقيين. وخدوا همس وراحوا بيها على فين؟..

صعدت شمس لتغتسل وتغير ثيابها برفقة والدتها التي أصرّت على مرافقتها خوفاً عليها، فقد يغشى عليها في الحمام نظراً لشحوبها الشديد من هوْل الصّدمة التي مرّت بها.

جلست شمس وسط عائلتها بعد أن اغتسلت وبدّلت ثيابها وقد احتست قليلا من الحساء الساخن وسط إلحاح ريتاج المستمر.

لم يرد إليهم أيّ إتصال من المخاطفين كما توقّع أدهم، وكان ادهم على اتصال مستمر بالمسؤولين ليطمئن على كيفية سيّر الأمور أولاً بأوّل...

قالت شمس وقد غامت عيناها في مرارة الذكرى وهي تجلس على أريكة عريضة متوسطة امها وراندا عمتها محتضنة وسادة من الوسائد القماشية المنتشرة على الاريكة:
- احنا مشينا في رحلتنا زي ما هو مقرر، وبعدين واحنا راجعين من نزلة السمان في مكان مطّرّف هناك، طلع علينا اتنين متلتمين وقّفوا عمّ مدبولي السواق بالرشاش وطلعوا الأتوبيس، . طبعا الكل خاف وإبتدى يصوّت، هددونا اننا لو صدر مننا أي صوت هيقتلونا، ...

سكتت قليلا ثم تابعت والصّور تتلاحق في مخيلتها: - بعدين اجبروا عم مدبولي انه يمشي من طريق مهجور وقابلنا تلاته وقفونا في الطريق طلعوا معهم!، اتكلموا مع الشرطة بالموبايل وقالوا لهم انهم خاطفين فوج سياحي ومش هيفرجوا عنهم الا بفدية 10 مليون جنيه!، . طبعا البوليس جِه والدنيا اتقلبت، البوليس ما كانش عاوز يهاجمهم علشان هما مسلّحين وممكن يتهوّروا ويقتلوا اللي في الأتوبيس، فكان بيحاول يتفاوض معهم، المجرمين وصّلوا الفدية ل 5 مليون جنيه. ووِسط دا كلُّو كانت...

تحشرج صوتها محملا بالدموع التي قاومت انهمارها وتابعت: - همس معجبهاش الحال وكانت بتقولي دول مجرمين مش كفاية الرعب اللي سببوه للناس؟!، كان معانا ناس معهم اطفال ما بطّلوش عياط، فشاورت لي عليهم وقالت لي.

- شوفي الرعب اللي على وش الاطفال دول، . دول لازم يتعدموا على اللي عملوه دا، هياخدوا الفلوس ويسيبونا علشان يعملوا كدا تاني وتالت ورابع، لازم حل تاني. ساعتها سألتها طيب نعمل ايه ميّلت عليا وقالت لي و ابتسمت ابتسامة صغيرة لدى تذكرها لهمس ثم تابعت قائلة:
– جِه الوقت اللي نشوف فيه دروس الدفاع عن النفس اللي طنط تاج كانت مُصرّة انها تعلمها لنا هتجيب نتيجة ولّا لأ؟

انتقلت الانظار الى ريتاج التي ارتسم شبح ابتسامة فوق وجهها وقالت مؤكدة كلام شمس:
- صح، أنا كنت مصممة إنكم تتعلموا رياضة دفاع عن النفس، ومش انتم بس لا. هَنا وريما كمان، بس ريما لسه صغيرة وبتزهق بسرعه لكن انتو التلاته كنت مصممة انكم تتعلموا وتبئوا احسن منى كمان.

قالت شمس مبتسمة: - وكان عندك حق يا ماما، وروَت لهم ما حدث بالتفصيل وسط صيحات الاعجاب وارتفاع الحواجب زهواً بما فعلاه...

- يعني نعمل ايه يا همس بالظبط؟، قالت شمس بخفوت لكي لا يسمعها هذين العجليْن المدججين بالسلاح:
- شوفي، همّا خمسة. اتنين هنا قودام، وتلاته ورا، . والبوليس واقف برّه، . يبقى السؤال. إزاي نخلّي البوليس يدخل من غير ما دول يأذوا حد مننا؟

نظرت اليها شمس متسائلة بينما تابعت همس مفكرة: - لو انا وانت فاجئناهم. مش هيلحقوا يفكروا يعملوا ايه!، بصي، احنا هنتولى الاتنين اللي في وشّنا دول، والتلاته التانيين. منهم اتنين ورا وواحد على باب الأتوبيس الورّاني، ولمّا يبقوا ياخدوا بالهم نبقى نشوف هنعمل ايه؟، .

وتابعت بحماس: - بصي احنا نتوكل على ربنا، . ياللا معايا وأول ما أغمز لك هي دي الاشارة...
نهضتا من مكانهما وسارا بين صفوف مقاعد الحافلة حيث كانتا جالستين في ثاني صف بعد مقعد السائق، وقفا امام الخاطفيْن اللذان كانا يهتمان بالجزء الأمامي من حافلة السيّاح وقالت همس بإستكانة:
- ممكن بس تقولوا لنا انتو عاوزين ايه بالظبط؟، ما هو مش ممكن تطلبوا فدية 10 مليون جنيه، انتو بتهرجوا صح؟

أجاب احدهما وكان ضخم الجثة بينما الآخر رفيع ولكن وجهيهما يحمل علامات الإجرام بلْ وآثاره المتمثلة في تشوّهات بالوجه عن طريق آلات حادة، أجاب الضخم بصوت اجش:
- انتي فاكرانا بنهزر؟، لا. احنا ما بنهزرش، . وانت روحي اقعدي مكانك بدل ما تكونى اول واحده افرغ فيها الرشاش بتاعي علشان يتأكدوا اننا ما بنهزرش!

هزّت همس برأسها موافقة بيأس مصطنع وقالت وهي تطأطأ برأسها بنبرة أسى: - فعلا ما بتهزروش!، ...
لم تكد ابتسامة تشف وغرور ترتسم على وجه الخاطفيْن حتى سمعا صوت همس تقول بغتة وهي ترفع رأسها بقوة:.

- ولا احنا كمان بنهزر!، وغمزت شمس فإذ بهما تقبضان على العاموديْن المعدنيين الموجوديْن على جانبي الحافلة بجوار المقاعد الأمامية، حيث رفعتا نفسيهما واستدارتا حولهما وقد انتهزتا فرصة ذهول خاطفيهما وفي أقل من الثانية كانت قد طوحتا بقدميْهما بقوة في وجهي المجرمين جعلتهما يطلقان زمجرة شديدة سمعها الجالسين في آخر الحافلة، فرفعا أسلحتهما فرواً في وجه همس وشمس اللتان استغلتا فرصة ارتداد رأسي الخاطفين إلى الوراء حيث قامتا بركلهما بين سيقانهما بقوة شديدة جعلتهما يطلقان صرخة هادرة وركعا على ركبتيهما، وما ان لاحظت همس فوهة الرشاش موجه اليهما حتى قالت لشمس وهي تلهث:.

- شمس بسرعه امسكي بواحد منهم حالا، وقبضتا كلا منهما بمجرم، لترفعهما من مكانهما وهما يتألمان بصرخة قوية وأحاطت كلتاهما بعنق المجرم الذي تقبض عليه بقوة، وفي نفس اللحظة ضغط فيها أحد الخاطفين الثلاثة الآخرين على الزناد لتصيب من تمسكهما همس وشمس - كدرع واق لتحتميا بهما بالرصاص - في صدريْهما حيث خرّا صريعيْن في مكانهما في التوّ واللحظة!

ما ان سمع الأمن الملتف حول حافلة السياح صوت إطلاق النار حتى اقتحموا الحافلة، ليجدوا اثنين مدرّجين بدمائهما، بينما وقفت شمس مذهولة وهي تشير الى الباب الخلفي للحافلة حيث اختفى أحد المجرمين بغنيمته التي خطفها!، فما إن شاهد سقوط رفاقه صرعى حتى أصدر خواراً كخوار الثور، وهجم عليهما منتزعاً همس من شعرها وهو يقول بفحيح كفحيح الافعى:.

- بأه عاملالي فيها السّبع رجاله؟!، طيب يا مذيعه يا كبيرة، استلقّي وعدك!..
وانتهز فرصة صعود الشرطة الى الحافلة والهرج والمرج الذي ساد بين الركاب ليهرب من الباب الخلفي ومعه رفيقاً من رفاقه بينما لم يستطع الثالث اللحاق بهما فقد وقع في قبضة الشرطة...

ساد الوجوم وجوه الجالسين حول شمس وابتلع مراد ريقه وهو يتخيل حبيبته وهي براثن هؤلاء المجرمين واقسم في داخله انه بعد ان ترجع سالمة لن يتركها بمفردها مطلقا، وانه سيشبعها ضربا!، حيث كان من الوارد جدا ان تخسر حياتها عند هجومها الغير محسوب على هذه العصبة من الأشرار!

التفت الى شمس وقال مستفهما: - بس ايه اللي خلّاها تأكد لهم انها المذيعه يا شمس؟
ابتلعت شمس ريقها وقالت ودموعها تملأ وجهها وقد استعادت احداث الساعات العصيبة السابقة:.

- المجرم اللي خطفها كان شاكك فيها من الأول وسألها قال لها صوتك مش غريب عليّا، وهمس انت عارفها موتها وسمّها انها تخاف من حد خصوصا لو واحد وضيع ز يدا، وقفت قودامه واتحدت وقالت له انها هي، وسألها انتي همس نزار جاوبته بمنتهى القوة أنها هي، وحاولت انهم ما يعرفوش العلاقة اللي بيننا لما سألها اذا كانت تعرفني؟، . قالت له انى المرشدة بتاعت الرحلة وطبيعي لأني المصرية الوحيدة انها تتكلم معايا انا بس...

ثم نظرت الى ادهم قائلة بصوت يقطر حزنا وألماً بينما راندا تهطل دموعها وهي تدعو الله ان يسلم ابنتها:
- بابا انا مش هسامح نفسي لو همس جرالها حاجه، . المفروض كنت احمي ضهرها، لكن انا سهيت عنها.

قال ادهم بعزيمة وتصميم: - ولا يهمك يا شمس، . همس هترجع ان شاء الله.
ما ان أنهى عبارته حتى تعالى صوت رنين جرس هاتف نزار الذي اجابه فوراً: - آلو، أيوة تمام. أنا نزار.
قفز واقفا وهو يقول بشراسة: - لو لمست شعرة واحده من راس بنتي مش هرحمك،
صمت قليلا ثم قال بقوة بينما وقف الجالسين حوله ملتفين حوله وقد لاحت علامات القلق بوضوح على وجوههم:
- أسمع صوتها الأول وبعدين اسمع طلباتك...

ما لبث ان تحولت نبرة صوته الى الحنان وهو يهتف قائلا: - همس! حبيبتي انت كويسة؟..
حاولت راندا جذب الهاتف من يده ولكنه ابتعد عنها. فلم يتمالك مراد نفسه وجذب الهاتف بقوة ناظرا غليه باعتذار ولكنها حبيبته تلك التي خُطفت ولن يدع هذه الفرصة تفلت من بين يديْه ليسمع صوتها ويطمئن قلبه الملهوف عليها:
- همس حبيبتي،.

سمع صوتها يقول باندفاع: - مراد، . حبيبي، . ما تسمعوش كلامهم يا مراد. ما تدهومش اللي هما عاوزينه، دول بلطجية يا مراد، وهيفضلوا يمصّوا في دم الناس كدا، آآآآآآآآه.

سمع صرختها قويّة مدويّة فانخلع قلبه ثم صوتاً أجش يقول: - احنا بأه هنوريك شغل البلطجة اللي على اصوله...

ثم تابع محادثته مع مراد قائلا: - اسمع انت!، أنا ما يهمنيش أنت مين المهم إنك تعرف إن الحلوة دي مهرها كان 2 مليون لكن علشان طولة لسانها بقه 4 مليون. ما ينقصوش بريزة واحده!، ويا ريت تعملوا زي ما بتقول وما تجيبوش الفلوس، علشان انا نفسي أوريها البلطجية دول ممكن يعملوا فيها ايه!، قودامكم لبكرة وهنكلمكم نبلغكم بمعاد ومكان التسليم، وما يحتاجش اقولك. انك لو بلغت البوليس يبقى تقرا الفاتحه على روحها من دلوقتي. سلام يا. باشا!

واغلق الهاتف قبل ان يتثنى لمراد الرد عليه، اعتصر مراد الهاتف بقوة في يده ثم نظر الى العيون التي تنظر اليه بنظرات مليئة بلهفة وقلق كبيرين ليجيب تساؤلاتهم التي تكاد تنطق بها نظراتهم وقد صبغ صوته جمود تام:
- طالبين 4 مليون جنيه فدية، وما نجيبش سيرة للبوليس، والتسليم بكرة، هيكلمونا يبلغونا بمعاد ومكان التسليم!

قال نزار بقوة: - والفلوس جاهزة!، من الصبح بدري هطلع على البنك اسحب الفلوس.
أجاب ادهم بعزيمة: - مش لوحدك يا نزار!، همس بنتي تمام زي شمس، ولو ما كنتش عارف انك هترفض وبإصرار كنت قلت لك فدية همس دي مني انا...

همّ نزار بالكلام عندما قاطعه مراد قائلاً بقوة: - مع احترامي للكلّ، لكن همس مراتي، وانا اللي هتصرف مع الكلاب دول، ومش هخليهم يلمسوا شعره واحده منها...

علّقت ريتاج موجّهة حديثها الى أدهم: - أدهم ما تكلم اللواء صاحبك تقوله على المكالمة دي يمكن يقدروا يوصلوا لهم وياخدوا جزائهم المجرمين دول...

صرخت راندا معترضة قائلة: - لا لا يا ادهم، إوعى، هما حذروكم ما تبلغوش البوليس، دول مجرمين يا ادهم وممكن جدا يأذوها، بلاش يا ادهم، خلّينا نديهم الفلوس وبنتي ترجع تاني في حضني.

قال نزار الذي تقدم واحاط بكتفيها: - راندا حبيبتي تاج بتتكلم صح، احنا ايه اللي يضمن لنا انهم هيسلّمونا همس بعد ما ياخدوا الفلوس؟، دول مجرمين محترفين الإجرام. لا عندهم لا ذمة ولا ضمير.

حاولت راندا مقاطعته عندما تحدث ادهم قائلا بجدية: - راندا. انت تفتكري انى ممكن اجازف بهمس؟ ولّا جوزها ممكن يجازف بيها؟، انا رقبتي فدا بنتك يا راندا، انتي بس ادعي لنا...

تناول ادهم هاتفه محادثا مسؤول الأمن صديقه وأبلغه بفحوى المكالمة التي تلقّوها من المجرمين مختطفي همس وقد شددّ عليه مسؤول الأمن أن يكون معه لحظة بلحظة ويبلغه بمكان وميعاد التسليم كي تستطيع الشرطة ضبط الجناة والقبض عليهم...

تلقى نزار المكالمة المنتظرة في صباح اليوم التالي الذي قضوا ليلته في منزل ادهم جميعهم دون نوم، وكان قد سحب المبلغ المفروض من البنك بعد ان رفض عرض ادهم بالمساهمة معه فهو كفيل بابنته كما ابلغ ادهم شاكرا إياه عرضه.

ما ان أنهى نزار المكالمة وكان برفقته كلّاً من: ادهم ومحمود وإسلام ومراد حتى التفت اليهم قائلا:
- التسليم الساعه 12 الضهر في (، )...
قطب ادهم مجيباً: - دي منطقة متطرّفة أوي، . الناس دول شكلهم ناوي على الشرّ. أنا هعمل مكالمة.
وإتصل بالمسؤول الأمني مبلّغا إياه بالمستجدات التي طرأت فأشار عليه بأن يذهب والدها بمفرده كما طلبوا منه وأن الشرطة ستتكفل بالباقي...

أصرّ مراد على مرافقة نزار وقد اختبأ في الخلف اسفل المقعد الخلفي في السيارة، وصلا إلى المكان المنشود قبل الموعد بدقائق وقد رفع مراد رأسه قليلا ناظرا حوله بريبة وقال:
- ولاد اللذينا!، مختارين حتة متطرفة ما فيهاش صريخ ابن يومين على اساس انه أأمن ليهم، لكنهم كدا سهّلوها أوي على البوليس انهم يقدروا يمسكوهم!

أشار إليه نزار بالصمت وأن يخفض رأسه فقد لاحظ في المرآة الخلفيّة إقتراب سيارة مظلّلة من سيارته.

وقفت السيارة أمامه وخرج اثنان ملثّمين حيث تقدم أحدهما منه بينما وقف الآخر بجوار السيارة، . فتح نزار باب السيارة وخرج تاركا الباب مفتوحاً ووقف مكانه حيث اقترب منه احد المجرمين وقال بصوت اجش مكتوم:
- جبت الأمانه؟
أومأ نزار بلهفة قائلا: - اشوف بنتي الاول واطمن عليها.

أومأ الآخر برأسه ثم أشار إلى زميله الواقف بجوار السيارة بيده فاتجه الآخر إلى حقيبة السيارة فاتحا إيّاها ليظهر بعد قليل ممسكا همس وهي معصوبة العينين ومقيّدة المعصميْن خلف ظهرها!

ما ان رآها مراد بهذا الشكل حتى عضّ على أسنانه غضبا وقال بهسيس يخرج من بين انفاسه محملا بغضب قوي:
- يا ولاد التيييت، يا ويلكم مني بس، هخلي اكبر عضمة فيكم أد صباعي الصغير.

اقترب الرجل ممسكا همس من مرفقها ووقف على بُعد مسافة من نزار بينما قال الآخر:
- أديك شوفتها أهو، . إيدك على الأمانة بأه.
مال نزار الى داخل سيارته متناولا حقيبة موضوعة على المقعد المجاور للسائق ثم اعتدل واقفا واشار اليه بالحقيبة هاتفاً:
- فُكّ بنتي وخلّيه يسيبها، والشنطة أهي، ...

زمجر الرجل بحنق وصرخ: - يا عم خلّص، . انا ممكن ادفنك إنت وبنتك في مكانك هنا والدبان الازرق ما يعرفلكوش طريق جُرّة!، . واهي بنتك أهي ولو ان لسانها طويل وكنا عاوزين نقصهولها شوية لكن معلهش الطيّب احسن بردو، . بس ابقه عرّفها انه عيب ترفع صوتها وتشتم بعد كدا، ...

استدرك بأستفزاز: - آه ما هو أصل مش كل مرة تسلم الجرّة!
أشار إلى رفيقه الذي حلّ عصبة عينيها وفكّ وثاق يديها ففركت همس عينيها بقوة قبل ان تفتحهما ليشهق نزار لرؤيتها وقد رمى للآخر الحقيبة وهو يهرع اليها متلقفا اياها بين ذراعيْه وقد راعه شكلها بينما أجهشت هي في بكاء حار وهي تقول:
- بابا، . كنت هموت يا بابا هموت!

أجاب نزار وهو يحاول ابعادها عنه لينظر الى وجهها مليا وقد ملأته الكدمات والجروح ليصطبغ صوته بنبرة الهلع:
- عملوا فيكي ايه يا همس، ولاد ال، عملوا فيكي ايه؟
لم يلاحظ أيًّا منهم ذلك الرجل الذي تسلل من مكانه في أسفل السيارة حيث انشغل نزار بابنته وانشغل الخاطفين بالنقود ليتأكدوا من صحتها ليفاجئوا بقذيفة قد هبطت عليهما من السماء حيث طار مراد عاليا لتستقر كل قدم من قدميه في صدر كل واحد منهما.

أصدرا زمجرة وحشية بينما شهقت همس وهي ترى مراد وهو يقاتل اثنين من الثيران الهائجة وقد أمسكت والدها بشدة وقالت غير مصدقة عينيها:
- بابا. مر. مراد. مراد وا، واقف على رجليه!
أجاب نزار المتابع للمشاجرة القائمة امامه بقلق: - ايوة يا بنتي، . ثم نظر اليها متابعا بحنان: - خبر خطفكم كان له أثر أكبر من أي عمليه على مراد!، والدته بتقول انه قام وقف أول ما سمع الخبر!

التفتت همس لدى سماعها لصوت صافرات الإنذار التي دوت في المكان، وفي ثوان كانت الشرطة قد أحاطت بهم وتمّ القبض على المجرمين بعد ان أشبعهما مراد ضرباً ولم يخلو هو من بضع كدمات ولكنه كان يضربهما بكل الغضب والكره الذي اعتمل في قلبه ناحيتهما حتى كاد ان يزهق روحهما لولا ان أتت الشرطة سريعا...

ابتعد مراد عنهم واتجه الى همس الواقفة بذهول تام تشاهد اقترابه منها ثم قالت بعدم تصديق:
- مراد. انت. انت بتم، بتمشي.
وفجأة لفّها الظلام لتسقط مغشيا عليها بين ذراعي مراد الذي تلقفها قبل ان يلامس جسدها الارض...

استفاقت همس من إغمائها لتجد نفسها راقدة على فراشها في غرفتها وقد أبدلت ثيابها، سمعت صوت الباب ثم أبصرت والدتها قادمة نحوها وما لبثت ان ابتسمت وهي تميل عليها محتضنة اياها:
- صحيتي يا همس. اخيرا صحيتي.
أجابت همس بضعف: - ماما. انا جيت هنا إزاي وإيه اللي حصل؟

قالت والدتها وهي تمسح على وجهها وشعرها بحنان: - انت أغمى عليكي حبيبتي وبابا ومراد جابوكي هنا وجبنالك الدكتور قال انه عندك صدمة عصبية متأخرة علشان المحنة اللي مريتي بيها واداكي حقنة ونصحنا نسيبك نايمة لغاية ما تصحي براحتك.

تساءلت همس مقطبة جبينها: - هو انا بئالي كتير نايمة؟

ابتسمت راندا مجيبة: - من امبارح الضهر لدلوقتى، يعني 24 ساعه بالتمام والكمال!، . حتى لما غيّرت لك هدومك انا وطنط تاج قبل الدكتور ما ييجي ما حسيتيش بينا، ياللا حبيبتي الكل قاعد تحت مستني يطمن عليكي ومراد فضل جنبك مارضيش يسيبك لحظة واحده وكل ما حد يكلمه يقول مراتي ولازم اكون جنبها يدوب لسه ماشي من شوية راح يغير هدومه وزمانه جاي في السكة. انا هجهز لك الحمام على ما تقومي.

تركتها والدتها واتجهت لتجهيز الحمام اليها لتنفض عنها التعب والنعاس...
أنهت همس حمامها وخرجت لتجد والدتها قد احضرت اليها طعام الافطار فلم تستطع تناول سوى كوب من عصير البرتقال الطازج وشطيرة صغيرة من الجُبن.

ما ان انهت طعامها حتى سمعا صوت طرقات على الباب صاحبها دخول مندفع لتفاجأ بمراد واقفا بباب الغرفة وهو ينظر اليها بلهفة، قامت همس من مكانها بينما اقترب منها مراد بخطوات سريعه ووقف امامها قائلا بلهفة بينما عينيه تلتهمان صحيفة وجهها بشوق وحنان:
- همس، حبيبتي، حمد لله على سلامتك يا همس.

وما لبث ان جذبها إلى ذراعيه وبقوة غافلاً تماما عن وجود راندا التي تسللت مغادرة الغرفة تاركة العاشقيْن بمفردهما، قبّل مراد كل إنش في وجهها وشعرها وهو يقول بلهفة وشوق:
- وحشتيني اووي اووي يا همس، . كنت هموت لو كان جرالك حاجه!

ثم ابعدها قليلا عن ليمسك وجهها بين راحتيه ممررا أصابعه على الكدمات الزرقاء المنتشرة في وجهها وقد ركن إبهامه على شفتها السفلى المتورمة من جرّاء الصّفعات التي كالها لها المجرمون، هتف مراد بغضب ممزوج بحزن:
- مدُّوا ايديهم عليكي يا همس!، . لو طولتهم. هقطع لهم ايديهم اللي مدوها عليكي دي يا همس.

أمسكت همس بيديه المستكينة على وجهها وضغطتهما على وجنتيْها وهي تقول بحب: - انت خدت بتاري يا حبيبي، انت ناسي شكلهم لما البوليس قبض عليهم كان عامل ازاي؟، . انت غيرت معالم وشّهم خالص!

ضمها اليه بقوة وهو يهتف: - وكنت ممكن أموّتهم يا همس. لولا إني في آخر لحظة قلت خسارة آخد ساعة واحدة حبس في كلاب زيّهم!، وكويّس انه اتقبض عليهم ودلوقتي ياخدوا حكم رادع مع إن مش هيكفيني فيهم إلّا الإعدام.

أبعدت همس وجهها عن صدره ونظرت اليه وقالت بعينين تلمعان: - لكن رب ضارة نافعه! يعني لو ما كانش الحادثة اللي حصلت لي انا وشمس ما كنتش زمانك واقف على رجليك قودامي دلوقتي.

ثم قطبت متابعة: - صحيح، انت روحت للدكتور يا مراد تقوله على التطورات اللي حصلت لك؟، ممكن جدا ينصحك بعلاج طبيعي أو على الاقل يطمنّا عليك؟!

اعادها مراد بين أحضانه وقال بهدوء: - ما تخافيش يا همس، انا الحمد لله بئيت كويس. علشان تصدقيني لما اقولك انك اغلى من حياتي نفسها!..

- انا عاوزة افهم انت جاية هنا ليه وجايباني معاكي على ملا وشّي؟، قالت شمس التي تسير بجانب همس في طرقات المشفى بسرعة لتلاحق خطواتها، أجابت همس وهي تفتش بعينيها يمينا ويسارا:
- عاوزة اطمن على مراد يا شمس، . هوّ مش عاوز يطمني، لازم أقول للدكتور على حالته علشان اطمن...

ما لبثت ان قطعت كلامها حينما أبصرت ممرضة قادمة باتجاهها فأوقفتها سائلة إيّاها عن مكان الطبيب المشرف على حالة مراد قائلة:.

- لو سمحتي، عاوزة اشوف الدكتور محسن عبد الوهاب؟! اشارت اليها الممرضة الى غرفة جانبية حيث اتجهت اليها همس وفي اعقابها شمس، لمحت لوحة مكتوب عليها اسم الطبيب قبل ان تطرق الباب لتسمع صوتا هادئا يطلب منها الدخول، دخلت هي وشمس وأغلقت الباب وراءها واستدارت لترى الطبيب المنشود تقدمت منه مرحبة به وعرفته بنفسها قائلة:.

- إزي حضرتك يا دكتور؟، . معلهش اسمح لي لو هاخد من وقت حضرتك ثوانى. انا همس خطيبة مراد ادهم اللي كان عمل حادثة من فترة وحضرتك كنت المشرف على علاجه. قطب الطبيب قليلا ثم اشار اليهما بالجلوس على المقعدين الموضوعين امام مكتبه وهو يقول وقد لانت أساريره:
- أيوة طبعا فاكره، إتفضلوا ارتاحوا...

بعد جلوسهما حيث أشار نظرت اليه همس وقالت مبتسمة: - انا عاوزة أَبشّر حضرتك إنه الحمد لله مراد وقف على رجليه ومشي من تاني!
هزّ الطبيب رأسه فرحا وقال: - أنا قولتله من الأول إن المسألة مسألة وقت وهو ما كانش مصدقني!، . أقسمت له انه بالالتزام بالأدوية وجلسات العلاج الطبيعي هيخفّ بسرعة، لكنه كان رافض خالص موضوع العلاج الطبيعي لولا والده أدهم بيه هو اللي أقنعه معايا انه يوافق على الجلسات!

قطبت همس حاجبيها بينما فغرت شمس فاها دهشة وهتفت همس بابتسامة حائرة: - انت حضرتك بتقول يا دكتور؟ انت مش كنت قلت له انه لازم يعمل عملية في ألمانيا علشان يخف ويرجع يمشي تاني؟

أجاب الطبيب مقطبا: - لا، . انا مش فاكر انى قلت حاجه زي كدا!، كل اللي حصل لمّا نتيجة الأشعة طلعت، إنه طلب مني إني ما اقولكوش ان الموضوع موضوع وقت!، . علشان ما تقلقوش لو مرت فترة طويلة من غير ما يقف تاني وانه هيوصّلكم الخبر بطريقته! وقفت همس وهي تقول بدهشة:
- حضرتك متأكد يا دكتور؟
نهض الطبيب بدوره وأومأ برأسه مؤكدا وقال ناقلا نظراته بينها وبين شمس الواقفة بجمود:
- ايوة طبعا متأكد.

استأذنت همس بالانصراف وهي لا تدري ما الذي قالته لتنهي مقابلتها للطبيب ورافقتها شمس التي ارتاعت من منظر همس الواجم وقالت لها وهي تتابع خطاها:
- همس حبيبتي علشان خاطرى إدي لمراد فرصة انه يفهمك ليه هو عمل كدا. ،
لم تجبها همس وسارت في طريقها بينما تابعت شمس: - ما تتسرعيش يا همس وتهدِّي في لحظة غضب حبّكم.
وقفت همس بغتةً فكادت شمس ان ترتطم بها لتلتفت همس اليها هاتفة بغضب من بين اسنانها:.

- انا بردو اللي ههد حبنا يا شمس؟ وكدبُه عليّا دا تسمّيه ايه؟ الموضوع مش محتاج تفسير. أخوكي كدب عليّا يا شمس، وانا كله الا الكدب، اللي يكدب يقدر يعمل أي حاجه في الدنيا. بس حاجه واحده انا معاكي فيها. انى لازم اواجهه بس علشان هو اللي يسمعنى مش انا اللي اسمعه!

قاطعها صوت رنين محمولها لتجد انها والدتها أجلت حنجرتها وفتحت الخط لتجيبها حيث صدح صوت والدتها ضاحكا يسألها عن مكان وجودها وان مراد قد حضر لرؤيتها وسيتناول معهم طعام الغذاء قالت همس بجمود:
- جاية يا ماما حالا. وأنهت المحادثة متابعة سيرها بخطوات سريعة اضطرت معها شمس للركض للحاق بها.

دخلت همس الى منزلها ترافقها شمس واتجهت صوب غرفة الجلوس حيث سمعت أصواتاً منبعثة من هناك، ما ان دخلت حتى وقفت والدتها مشيرة اليها:
- والعروسة جات أهي، اللي هتتفقوا عليه كلنا هنوافق عليه!..
نظرت همس بجمود الى مراد الذي وقف وسار متقدما ناحيتها ليقف على مقربة منها وقالت باستفهام:
- نتفق على ايه؟

أجابت راندا بضحكة واسعه وقد غمزت بمكر الى مراد: - مراد عاوز الفرح اول الشهر اللي جاي يعني بعد اسبوعين ايه رأيك؟
قالت همس بجمود وابتسامة مريرة ترتسم على وجهها: - غريبة!، من ساعه واحده بس كنت هبقى طايره من الفرح لكن دلوقتي، آسفة مش قادرة افرح!

اقترب مراد ناظرا اليها بتساؤل وقال: - ليه حبيبتي، ايه اللي حصل من ساعه فاتت لدلوقتي؟
نظرت إليه مليا قبل أن تجيبه بصوت لا روح فيه: - الدكتور محسن بيسلم عليك وبيقول لك حمد لله على السلامة!
شحب وجه مراد وقال بارتباك نوعا ما: - انتي. انتي روحتي المستشفى؟

أومأت برأسها ايجابا بينما راندا تنقل نظرات متسائلة بين همس ومراد وأشارت بيدها الى شمس بمعنى ماذا حدث لتجيبها الاخرى بهزة من كتفيها بينما تابع مراد قائلا وقد تنفس عميقا:
- همس انا هفهمك!
لتجيب همس ساخرة: - تفهمني؟ تفهمني ايه ولا ايه؟ تفهمني انت ليه ضحكت عليا؟ ليه كدبت عليا؟ كنت بتضحك في سرك لما كنت بكلمك على سفرية ألمانيا صح؟

هتف مراد بقوة: - همس اديني فرصة أشرح لك.
نظرت اليه متسائلة بحدة: - سؤال واضح يا مراد. انت كدبت عليا ولا لأ؟
أجاب مراد ناظرا اليها بقوة: ايوة يا همس، كدبت!، ولو الأيام رجعت تاني كنت هعمل اللي عملته!، انا قلتهالك 100 مرة قبل كدا. أنا مستعد أعمل المستحيل علشان ما تضيعيش من ايدي يا همس!

صرخت قائلة: - بالكدب؟، تكدب وتغش وتخلّي خالي ادهم يشترك معاك في اللعبة بتاعتك دي علشان تضمن انك فُزت على اسامة وانتصرت عليّا وبينت لي انه مهما حصل اني بردو مسيري ليك؟!

أجاب مراد بغضب صارخ: - انت ليه بتحسبيها كدا؟ انا...
قاطعته بقوة قائلة وعينيها تلمعان: - انت كدبت، وانا مش لعبة، وعلشان تبقى عارف انا سِبت اسامة من قبل ما تخرج من اودة العمليات حتى! مراد، للأسف اللي بيبتدي بالكدب اساسه بيكون ضعيف!

قطب مراد متسائلا في ريبة بينما قلبه يقرع قلقا بين جنبات صدره مترقبا لما ستنطق به شفتاها:
- يعني ايه؟ مش فاهم؟
نظرت الى بنصرها الأيمن قليلا قبل أن تخلع خاتم الخطوبة وسط ذهوله التام وهي تمسك بيده فاتحة كفه وتضع الخاتم بداخله مجيبة برباطة جأش مزيّفة:
- يعني ارتباطنا اساسه غلط يا مراد واللي اتبنى على الغلط يبقى كلو غلط. ، سكتت قليلا لتتباع وقد فضح تماسكها اختلاجة عينيها:
- مراد، طلقني!

شهقت راندا عاليا هي وشمس بينما اقترب مراد بوجهه من همس ليجيب بغضب من بين اسنانه:
- نجوم السما اقرب لك يا همس!
ثم غادر مسرعا صافقا الباب خلفه بقوة ارتجت لها أرجاء المنزل في حين تبادلت راندا وشمس النظرات المذهولة والحائرة بينما إعتلى الوجوم وجه همس وقد إنسابت دموعها على خديها المرمرين!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة