قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع

منح مراد الصبي الذي حمل اليه حقائبه ووضعها داخل غرفته في الفندق بقشيشا سخيا ثم اغلق الباب وراؤه واستند بظهر اليه وقال في نفسه:.

- اخيرا يا همس، ابتعد عن الباب متجها حيث حقيبته فرفعها واضعا اياها فوق الفراش، قام بوضع ثيابه في خزانة الملابس ثم تناول بنطالا كتاني بني اللون يصل الى منتصف الساق وتي- شيرت باللون الابيض محكم على عضلات صدره وذراعيه، ثم اتجه الى الحمام للاغتسال قبل أن يرتدى ثيابه ويصفف شعره البني الذي تنسدل منه خصلة متمردة أمامية فوق جبينه دائما، وتعطر بعطره الرجولي هوجو ثم خرج الى الشرفة واستند بيديه على سورها وهو يطالع المنظر الساحر الذي يطل عليه الفندق حيث الخضرة الساحرة واشجار الصنوبر التي تشتهر بها لبنان، ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه عندما تذكر محاولاته مع اخته شمس ليعلم اسم الفندق الذي تمكث فيه شمس وبعد مجهود طويل اخبرته بعد ان اقسم لها انه يريد ان يفاجأ همس بقدومه لرؤيتها ليؤكد لها انه لن يتخلى عن حلمه في الارتباط بها وبالطبع استغربت شمس فليس مراد من يعترف بمشاعره علنا ولكنه اقنعها بصدقه وان أمهما قد أخبرته ان والدها قد قرر أنه اذا ما تقدم لهمس عريس مناسب فانه سيوافق وسيضغط على همس لتوافق، وأن ذلك الخبر كان كفيلا ببث الريبة والقلق في نفسه خاصة وأن علاقتهما متوترة للغاية حاليا مما جعله يخشى أن ترضخ لوالدها وتقبل بالارتباط بغيره، كما أوضح لها كيف ان هذا الحديث قد أرّق مضجعه فعزم على الذهاب الى لبنان لتحسين علاقته بهمس ومصالحتها، وها هو في لبنان في نفس الفندق حيث تقيم حبيبته الهاربة. بل وفي الغرفة المجاورة لغرفتها تماما!

قضت همس يومين في غاية السعادة لم ينغص عليها وقتها سوى تذكرها لآخر ليلة لها في مصر قبل سفرها وتصرف مراد، ولم يعترف بخطئه بل انه قد طلب من شمس ابلاغها انها قد وضعت نفسها في تحد معه ولم يخلق بعد من يجعل مراد يخسر امامه!

تمتمت في نفسها بسخط: - غبي يا مراد، وهتفضل طول عمرك غبي. واخد الموضوع تحدي عاوز تكسبه!
ثم تابعت محدثة نفسها بصوت يقطر حزنا وألما وابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيها: - لكن اطّمن. انت كسبت وبجدارة كمان! انا كنت مراهنة بيني وبين نفسي انك هتعرف ازاي تحبني وانه هييجي اليوم اللي تقول لي فيه بحبك، لكن للأسف انا خسرت ومع مرتبة الشرف!

أفاقت من شرودها على صوت اسامة المخرج الذي كان يرافقها في رحلتها والذي فوجئت بوجوده يوم السفر في المطار وعندما لاحظ استغرابها برر حضوره بأنه فضَّل ان يسافر معها كي تشعر بالراحة والاطمئنان فهو يعلم انها المرة الاولى التي تسافر فيها خارج مصر بمفردها ولم يرافقها احد فاختار ان يرافقها حرصا عليها.

لا يعلم كم شعرت بالامتنان له فذلك الأمر كان يشغل تفكيرها فبالاضافة الى شجارها الأخير مع مراد وسفرها بدون علمه كان سفرها بمفردها وإلى بلد غريب عليها لم يسبق لها الذهاب اليه أمرا يؤرقها وبشدة، لتشعر بالامتنان له لمرافقته لها، ابتسم اسامة قائلا:.

- مالك يا همس. سرحت في ايه؟، نظرت اليه وكانت تجلس الى جواره في عربة التليفريك التي تسير بهما فوق جبال لبنان العالية وأجابته بابتسامة صغيرة بينما تزيح احدى خصلات شعرها من امام عينيها:
- لا مفيش يا استاذ أسامة. بس المنظر جميل بصراحة.
قال اسامة بهدوء وابتسامة حانية تظلل وجهه: - اولا اظن ان كلمة استاذ بئيت سخيفة اووي فياريت بلاش ألقاب. ممكن؟ هزت برأسها موافقة بابتسامة فتابع قائلا:.

- تاني حاجه. انتي عندك حق تسرحي. المنظر من هنا روووعة، دي تقريبا رابع مرة آجي فيها لبنان وكل مرة لازم اركب التليفريك، المنظر ساحر بجد.

ليلتفتا بعد ذلك إلى صوت مرافقهما الذي كان دليلهما طوال فترة اقامتهما في لبنان حيث يجوب بهما المناطق السياحية بالبلد وهو يشرح لهما المشاهد التي يمرون من فوقها.

دخلت همس الفندق وهي تتحدث وتضحك مع اسامة غير واعية للعينين اللتين تراقبانها بينما اعتلت ملامح صاحبهما نظرة غموض وهو يرى يد اسامة وهي تدفع همس دفعة خفيفة من ظهرها ليحثها على السير!

تناولا مفتاح غرفتيهما من الاستقبال وصعدا كلا الى حجرته كانت غرفة همس في طابق مغاير لغرفة اسامة ولكنه صمم ان يرافقها الى غرفتها وودعها عند الباب قائلا لها انه سيبدل ثيابها وينتظرها في الاستقبال بالاسفل ليذهبا سوية لتناول الغذاء...

دخلت همس غرفتها ورمت حقيبتها فوق الفراش العريض الذي يتوسط الغرفة ثم خلعت حذاؤها المفتوح من قدميها وسارت حافية القدمين حيث فتحت باب الشرفة ووقفت خارجا قبل ان يسترعي انتباهها صوت هاتفها، عادت الى الغرفة وتناولت هاتفها من حقيبتها حيث طالعها رقم شمس ضغطت على زر تلقي الاتصال واجابت بصوت ضاحك قائلة:
- اهلا يا شموسة وحشتيني.

هتفت شمس بعتاب رقيق: - يا سلام وحشتك؟ ما انا لو كنت وحشتك بجد كنت سألتي عليا لكن معلهش اقول ايه اومال لما تشتهري بأه كدا وتبقي زي سلمى الشماع ولا اوبرا وينفري هتعملي ايه؟

أجابت همس بضحكة سعيدة: - ياااااااه سلمى الشماع واوبرا وينفري مرة واحده! من بؤك لباب السما يا رب.
قالت شمس: - هترجعى امتى بأه وحشتيني اوووي؟
قالت همس بابتسامة تلون محياها: - خلاص يا شموسة كلها يومين ان شاء الله وتلاقيني عندك، انتو اخباركو ايه؟
شمس ببساطة: - الحمد لله احنا بخير بس انا محتاجه اتكلم معاكي اووي يا همس.
همس وقد قطبت جبينها بقلق: - خير يا شمس؟ فيه حاجه حصلت؟

أجابت شمس بحزن: - اسلام يا همس! معرفش مالُه؟! الاول ما كانش بيفوت يوم يا اشوفه يا نتكلم سوا لكن من بعد سفرك ما شوفتوش غير صدفة في النادي واستأذن منِّي ومشي ما قاعدش انا مش عارفة فيه ايه حتى اتصالاتي مش بيرد عليها انا حاسة زي ما يكون بيتهرب مني؟!

زفرت همس بحنق فهي تعلم ما يكنّه اسلام من مشاعر خاصة لشمس الغير مبالية به بل وتعامله بمثابة الاخ بينما مشاعره هو من ناحيتها لا تمت للأخوة بأي صلة! قالت همس عندما حثتها شمس على الرد عليها:
- ايوة يا شمس معاكي حبيبتي. معلهش ما تضايقيش نفسك يمكن عنده حاجه في الشركة هي اللي شغلاه بالشكل دا.

قالت شمس بتلقائية: - تفتكري؟ يمكن، معرفش، عموما ممكن كلامك يكون صح خصوصا وان مراد مسافر و...
وبترت كلامها فقد تذكرت تشديد مراد عليها في عدم اخبار همس بسفره الى لبنان لمقابلتها، قطبت همس وحثّت شمس على المتابعة قائلة: هو مراد مسافر؟ أجابت شمس بتلعثم:
- آآآ، آآآآه مسافر. شُغل ما انت عارفة!

قالت همس بتنهيده وهي تهز برأسها ايجابا: - ايوة عارفة يا شمس. ربنا يوفقه، بصي. انا هضطر اقفل دلوقتي علشان هغير هدومي وانزل اتغدى، نتكلم بالليل، سلام يا حبيبتي.

أنهت مكالمتها الهاتفية ووضعت هاتفها الشخصي جانبا ثم توجّهت الى خزانة الثياب وتناولت فستانا صيفيا باللون الليموني قصير الاكمام ضيق من الخصر وينسدل واسعا حتى منتصف الساق، وتوجهت الى الحمام الملحق بالغرفة حيث اغتسلت ثم خرجت الى غرفتها وأكلمت ارتداء ثيابها وانهاء زينتها، فرفعت خصلات شعرها بمشبك ذهبي لتنسدل بعض الخصلات تغطي رقبتها من الخلف وعلى جانبي وجهها ووضعت رتوش خفيفة من الزينة وملمع شفاه ورشّت بضع قطرات من عطرها المفضل وارتدت حذاء صيفيا ذو كعب منخفض ثم تناولت حقيبتها اليدوية واضعة به هاتفها المحمول وتناولت مفتاح غرفتها وخرجت لتلحق بأسامة في الاسفل...

تناولت طعام الغذاء مع اسامة في مطعم الفندق والذي سرد على مسامعها نوادره وهو صغير وفي بداية عمله كمساعد مخرج قبل ان يقوم باخراج أولى برامجه والحوادث الطريفة التي قابلها في عمله، كانت تضحك بسعادة وهي تضع يدها على بطنها قائلة وهي تشير اليه بيدها الاخرى: علشان خاطري كفاية يا اسامة انا هموت من الضحك بجد، نظر اليها وعلى شفتيه ابتسامة حانية وعينيه تلمعان وهو يقول:.

- بعد الشر عليكي يا همس، انتبهت على طريقة تلفظه بعبارته وكيف ان الحنان لون نبرات صوته فتنحنحت قليلا ثم أشاحت بوجهها قبل ان يردف بهدوء وابتسامة بسيطة:
- همس ممكن أسألك سؤال؟، نظرت اليه قاطبة ثم أجابت بابتسامة: - طبعا اتفضل يا اسامة.

قال اسامة وهو يراقب تعبير وجهها: - انت مرتبطة؟، شحب وجهها وسكتت قليلا فتابع قائلا: - انا ما اقصدش اكون متطفل لكن الفترة إلى اشتغلنا فيها سوا بئالنا تقريبا 3 سنين مع بعض وانت ما كنتيش بتلتفتي لأي اعجاب يصدر من أي زميل ليكي. يعني اسمحي لي انا عارف انك ملتزمة واخلاقك عاليه اووي ومن عيلة محافظة بس انت اللي كان يصدر منه أي لفته اعجاب ليكي حتى ولو مجاملة كنت بتصُدِّيه بقوة علشان كدا قلت اكيد مرتبطة!

سكتت همس قليلا قبل ان تجيبه وهي ترفع اليه عينيها قائلة: - انا هكون صريحة معاك يا اسامة، تقدر تقول اني. كنت. مرتبطة!
ظهرت علامات الدهشة على وجهه وهو يتساءل: - ايه؟ كنت مرتبطة؟، ثم ضحك ضحكة خفيفة وتابع قائلا: انت كان عندك 18 سنة لما اشتغلنا سوا؟ على كدا كنت مرتبطة من وانت في اللفة زي ما بيقولوا ولا ايه؟

أجابته بهدوء ما أزال البسمة من وجهه: - فعلا يا اسامة تقدر تقول كدا!
بُهت اسامة وقال: - ايه؟ ازاي؟
أجابت بابتسامة مريرة: - لأ. ازاي دي حاجه تطول شرحها بس اللي اقدر اقولهولك انه خلاص. كنت مرتبطة بس ماحصلش نصيب.

اسامة وهو ينظر اليها بصدق وعيناه تلمعان: - همس لو حبيت انك تحكي أو تفضفضي تأكدي انك هتلاقيني تحت امرك، انت عارفه احيانا الواحد محتاج يحكي لشخص غريب عنه علشان يرتاح شوية صدقيني وقت ما تحتاجي تحكي او تاخدي رأيي هتلاقيني موجود، همس يمكن الفرق بيننا كبير شوية يعني انا 30 سنة اكبر منك ب 8 سنين تقريبا بس بيعجبني عقلك وطريقة تفكيرك بحس ان عقلك ناضج وشخصيتك قوية وتفكيرك أكبر من سنك بكتير.

قالت همس بابتسامة صغيرة: - شكرا يا اسامة. انت بجد صديق عزيز وصدقني يوم ما احس انى عاوزة اتكلم وحد يسمع لي انت هتكون اول انسان احكي له.

ثم أردفت وهي تتناول حقيبتها اليدوية: - ممكن نقوم علشان عاوزة ارتاح شوية؟
أجابها: - أكييد، وما تنسيش. في حفلة انهارده بالليل الفندق عاملها هستناكي في اللوبي بتاع الاوتيل الحفلة على البسين هنروح سوا أوكي؟

هزت برأسها موافقة ثم نهضا مغادرين المطعم غير واعين للنظرات الغامضة التي ما انفكت تراقبهما منذ لحظة جلوسهما في المطعم!..

نامت همس فترة الظهيرة واستيقظت على صوت جرس الهاتف وكان المتصل اسامة الذي يخبرها انه سينتظرها في بهو الفندق ليحتسيا القهوة قبل الذهاب الى الحفلة الراقصة المقامة حول حمام السباحة ويتخللها بوفيه مفتوح للعشاء...

اغتسلت وارتدت فستانا من الحرير الطبيعي باللون الاحمر ذو أكمام طويلة بأساور عريضة وينسدل على طول قامتها يلامس الارض ومع ان الفستان محتشم ولكنه يظهر رشاقة خصرها واسدلت شعرها الغجري الفتان وارتدت قرطاً فضيا عريضا ورسمت عينيها بكحل أسود أظهر لون عينيها العسليتين ووضعت القليل من احمر الخدود واحمر شفاه بلون الفراولة يظهر شفتيها المكتنزتين بلونهما الكرزي المكتنز وارتدت حذاءا عال الكعبين باللون الاسود اللامع ورشت بضع قطرات من عطرها المفضل وتناولت حقيبة السهرة السوداء اللون الصغيرة وخرجت من غرفتها لتلحق بأسامة...

ما ان اقتربت همس من مكان جلوس اسامة حتى وقف هذا الاخير وقد فتح عينيه على وسعهما ولم يتمالك نفسه فأصدر صفيرا عاليا جعل وجنتيها يحمران خجلا اقتربت منه فسحب لها كرسيا لتجلس عليه وجلس امامها وهو يهتف باعجاب شديد:
- ما شاء الله ايه الجمال دا يا همس!
أجابت همس بخجل: - ميرسي يا اسامة.
أسامة وهو لا يزال لم يفق من دهشة جمالها الاخاذ: - لا بجد انا مش بجامل، انا متأكد ا ن الرجالة انهارده كلها هتحسدني.

ضحكت همس قليلا ثم اشار اسامة للنادل لاحضار قهوتهما، تناولا القهوة وسط تبادل عابر للحديث وما ان انتهيا من احتساء القهوة حتى اشار اسامة عليها بالذهاب لحضور الحفل فوافقت وسارا سوية الى مكان الحفل...

كان الحفل مقاما في الهواء الطلق بجوار حمام السباحة وكانت فقرات الحفل متنوعة كما ان الفندق قد تعاقد مع مطرب لبناني مشهور لإحياء بعض الفقرات جلسا على طاولة قريبة من منصة العازفين وتبادلوا الحديث، اكتشفت همس ان لدى اسامة خلفية ثقافية ممتازة كما انه يتمتع بروح النكتة و القدرة على سرد المواقف بأسلوب مرح محبب يجلب البسمة الى الشفاه.

حضر المطرب وقام بغناء بعض أغانيه وسط تصفيق الشباب وتحيتهم له ثم شرع العازفون بعزف لحن راقص هاديء سأل اسامة همس مراقصته فقبلت ورقصا سوية على الانغام الهادئة وهي تحافظ على مسافة بينهما ولم تستطع رفع عينيها الى وجهه في حين احمرت وجنتيها خجلا فلأول مرة تكون قريبة الى هذا الحد من شخص ما، سمعت صوته يحدثها ولكنها لم تستطع تفسير كلماته واكتفت بالتمتمة وإيماءة الرأس حتى انتبهت من خجلها على صوت قوي ظنت انه من هواجسها وهو يطلب من اسامة ان يتنحى جانبا ليتابع هو الرقص معها!

رفعت رأسها وطالعت الشخص الذي أمر أسامة حرفيا بالتنحي جانبا ليراقصها هو لتفاجأ بعينين رماديتين تنظران اليها شذرا فيما ألسنة نيران قوية تلمع في عمقهما، لا تدري كيف استطاع ابعاد أسامة كما أمره، ولكنها تعي الآن جيدا الى ذراعه التي التفت حول خصرها حيث يضغطها إليه بشدة جعلتها تكاد تلتصق به، فما كان منها إلا أن همست باسمه في خفوت بينما عينيها لا تصدقان ما تراه:.

- م، مر، مراد!، ابتسم بسخرية خفيفة وهو يجيب: - مفاجأة مش كدا؟!، ثم استدار بها وتابع قائلا: - بس يا ترى بأه مفاجأة حلوة ولا وحشة؟
ازدرت ريقها وقالت متسائلة: - انت جيت هنا امتى؟
أجابها باستخفاف: - وصلت انهرده الصبح بس.
همست محدثة نفسها بصوت خفيض لكنه مسموع: - يعني لما شمس قالت لي انك مسافر.
قاطع حديثها الهامس قائلا: ايوة، كنت وصلت لبنان فعلا!

رفعت عينيها اليه وقالت بتساؤل: - وعرفت الفندق اللي انا نزلت فيه منين؟
ثم نظرت اليه قليلا ثم اجابت سؤالها بنفسها: - شمس مش كدا؟، رفع كتفيه وانزلهما فزفرت بضيق ثم تركت يده وابتعدت عنه قليلا وقالت:
- عن اذنك يا مراد.
ما ان همت بالسير حتى فوجئت بنفسها في مكان هاديء بالحديقة وبعيدة عن مكان الحفل نظرت الى مراد الذي استغل دهشتها وقادها اثناء رقصهما الى هذا المكان قال مراد ساخرا:.

- ايه مش هتعرفي ترجعي الحفلة لوحدك؟
نظرت اليه بغضب ولم تجبه وما ان استدارت للسير بعيدا عنه حتى سارع بالامساك بذراعها ومال فوق أُذنها هامسا لها بينما أولته ظهرها:
- لو حط ايده عليكي تاني انا هقطعهاله!
هالها ما سمعت وشهقت واضعة يدها على فمها واستدارت ناظرة اليه وهي تجذب ذراعها من قبضته وهتفت بتساؤل وغضب:
- انت، انت فاكر نفسك مين علشان تتكلم بالشكل دا؟

اقترب منها حتى وقف امامها تماما وقال ناظرا الى عينيها بقوة: - انا خطيبك يا هانم! الانسان اللي حضرتك هتتجوزيه! اللي لازم تحافظي على اسمه اكتر من كدا!

اشاحت بيدها في وجهه قائلة بنزق: - خطيب مين وجوز مين؟ انت جالك زهايمر يا مراد؟ احنا مش اتفقنا اننا هنسى؟ أوانت بمعنى اصح بلسانك اللي اديت اوامرك وقولت لي انسي! ايه اللي جد بأه ان شاء الله؟ عموما انا خلاص نسيت ومش هعيده تاني. عن اذنك!

فناداها بصوت عال هاتفا: - لحظة يا همس.
لتقف في مكانها مولية اياه ظهرها وأحست به يقترب منها حتى وقف خلفها تماما ثم امسك بعض خصلات من شعرها ونثرهم على ظهرها قبل ان يميل اليها هامسا:
- انا مابهزرش يا همس. خليه يحط ايده عليكي تاني وشوفي هيجراله ايه!..
لم ترد عليه وتركته وسارت متجهة الى مكان الحفل مستدلة بصوت الموسيقى المنبعثة من هناك...

أمعنت النظر في وجوه الحاضرين حتى لمحت اسامة فاتجهت اليه وقد رسمت ابتسامة صغيرة على شفاهها بهد ان تنفست بعمق فهي تعلم تماما فحوى الأسئلة التي تدور الآن في رأس أسامة ويجب ان تظهر البرودة وانه لم يحدث شيئا يستدعي تساؤله...

اتأخرت عليك؟ .
تساءلت همس بهدوء فالتفت اليها اسامة ونظر اليها قليلا قبل ان يجيبها بابتسامة صغيرة:
- لا ابدا. مش دا بردو مراد ابن خالك ادهم؟
أومأت برأسها موافقة وأجابت بابتسامة صغيرة: - غريبة انك فاكره؟ دا ما جاليش الاستوديو مرتين من يوم ما اشتغلت معاك؟!
أسامة بجدية: - الناس اللي بيهموني عمري ما انسى أي حاجه تخصهم ابدا مهما كانت بسيطة!

عضت على باطن شفتها السفلى ولم تستطع اجابته شعر اسامة بعدم رغبتها في الخوض بموضوع ابن خالها فقال مديرا دفة الحديث:
- بقولك ايه ماجوعتيش؟
نظرت اليه بتساؤل فابتسم قائلا: - انا بأه واقع من الجوع ومستنيكي نروح البوفيه سوا.

أومأت موافقة ورافقته الى البوفيه حيث ملآ صحنيهما ثم اتخذا ركنا هادئا وتناولا طعامهما وحاول اسامة ان يتحدث معها في مواضيع عامة بعيدا عن أي امور خاصة حتى أوشكا على الانتهاء من تناول طعامهما فقال بهدوء:
- همس ممكن أسألك سؤال؟

هزت برأسها موافقة بينما تابع قائلا: - لو فيه واحد بيحب واحده أووي بس هو مش عارف مشاعرها بالظبط ايه تفتكري يصارحها ولا يستنى لما يشوف مشاعرها رايحه لفين مع العلم انه حاسس انه فيه حد شاغلها ولو ان في رأيه ان اللي شاغلها دا ما يستحقهاش ايه رايك يتصرف ازاي؟

لا تعلم همس لم شعرت انها المقصودة من هذا السؤال ولكنها حاولت التزام الصدق في جوابها فأجابت بعد ان ارتشفت بضع قطرات من الماء تبلل به شفتيها:.

- بصراحه يا اسامة سؤالك صعب بس هحاول اجاوبك. لو صاحبك واثق ومتأكد من مشاعره انا رأيي انه يصارحها لو هي فعلا مرتبطة بغيره اكيد هتقوله ولو لأ هتعرفه اما اذا كانت محتارة فممكن جدا اعترافه دا يوضع حد لحيرتها وتواجه نفسها والانسان التاني اللي شاغلها وتعرف حقيقة مشاعرها ومشاعره!

ابتسم اسامة وقال: - علشان لما اقولك ان تفكيرك سابق سنك تعرفي ان عندي حق. همس...
نظرت اليه وتمتمت: - نعم، نظر اليها وقد اعتمت عينيه من قوة مشاعره وهمس بصدق: - بحبك. ، فتحت عينيها على وسعهما دهشة ولم تنطق بكلمة بينما واصل هو اعترافاته قائلا:
- انا عارف انك مذهولة بس صدقيني انا فعلا بحبك، وعمري ما تصورت انى ممكن احب بالقوة دي كلها.

ثم ضحك ضحكة صغيرة واكمل قائلا: - تصدقيني لو قلت لك انى حبيتك من اول يوم جيتي تعملي فيه تيست علشان تقدمى البرنامج؟ ساعتها كنت حاسس انك بتحاولى تبيني انك قوية وجريئة بس عينيكي فضحتك! عينيكي كانت بتقول انك خايفه وهايبه المكان وقلقانه علشان كدا قربت منك و اول ما لاقيتيني بسألك انت جاية علشان مسابقة اختيار المذيعين بصيتي لي بنظرة عرفان بالجميل وانى نجدتك لما سمعت نداكى من عينيكي من غير ما تقوليه! من يومها وانا اعتبرت نفسي مسؤول عنك وكنت بكدب احساسي بيكي لغاية ما خلاص مابئيتش قادر يا همس حبي ليكي ملا قلبي وفاض كمان حاسس ان قلبي من كتر الحب اللي ماليه ممكن يجرالو حاجه لو ماصارحتكيش بالحب اللي جواه!

لم تعلم همس ماذا تفعل؟ هل تفرح؟ ام تحزن؟ ولكن الشعور الأكيد الذي ساورها ترى هل لو كان مراد هو من يدلي باعترافاته على مسمعها هل كانت لتتسمر مكانها كما هي الآن؟ تساءلت بينها وبين نفسها ترى كيف سيكون وجه مراد ان قال كلمة، أحبك؟!، تذكرت تهديد مراد الأجوف لها منذ قليل بالابتعاد عن طريق اسامة، الغبي لا يعلم انه اذا قال لها الكلمة السحرية التي تأسر قلب أي فتاة فستكون ملك يمينه وطوع بنانه من دون اى تهديدات. هل هو لهذه الدرجة اعمى ام انه يرى انه اكبر من ان يصرح بحبه لها ام، هو لا يحبها ولكنه حب الامتلاك الذي يمنعه من التفريط فيها؟

انتبهت من شرودها على صوت اسامة يناديها بحب قائلا: - همس. انت معايا؟، ابتلعت ريقها وقالت له وهي تتلاعب باصابع يديها: - ايوة يا اسامة معاك
قال بلهفة لم يستطع مداراتها: - ردك ايه يا همس؟ ممكن يكون لي فرصة معاكى؟ همس انا مش عاوز اعيش قصة حب ونخرج وندخل لا يا همس انا بحبك وبحترمك ومش هيرضيني الا ان حبنا يكون في النور وبموافقة اهلك كمان.

رفعت نظرها اليه قائلة بهمس: - يعني ايه؟
أجابها وهو يمد يديه ليمسك بيديها: - يعني انا عاوز اتجوزك يا همس!
جذبت همس يديها من بين يديه بارتباك وقالت وهي تحاول الهروب من نظراته: - انت، انت فاجئتني يا اسامة بطلبك دا و.

قاطعها بلهفة هاتفا: - خدي الوقت اللي انت عاوزاه كله بس حاجه واحده عاوزك تتأكدي منها انى مش هتخلى عنك ابدا حتى لو مافيش في قلبك حب ليا كفاية عليا الاحترام اللي بشوفه في عينيكي وانا هعمل أي شيء في سبيل ان قلبك يحبني، همس الحب اللي في قلبي ليكي يكفينا احنا الاتنين ويفيض كمان.

همس برجاء: - اسامة انت انسان محترم وكلك مشاعر ورومانسي وصادق في مشاعرك ودوغري مش عاوز تحب وتخرج وتدخل زي اللي بيحصل دلوقتي بس بردو من حقك انك ترتبط بواحده تبادلك نفس مشاعرك، اسامة انت كنت سألتني اذا كنت مرتبطة ولا لأ وانا قلت لك لأ وانت قلت لي لو حبيت اتكلم معاك هلاقيك موجود انا مش هقولك كتير غير ان الانسان اللي انا ارتبطت بيه من صغري وفتحت عينيا لاقيت العيلة كلها بتتكلم انى له وهو ليا طلع جاف اووي في مشاعره وانا طلعت رومانسية خايبه انا كنت شايفاه الفارس بتاعي اللي اتنفست حبه من صغري وهو للاسف كنت انا بالنسبة له عروسة او لعبة اتسمِّيت على اسمه من صغره ومش هيسمح لها انها تبعد عنه وتروح لغيره. حب امتلاك على رأي جنات...

مسحت دمعه خائنة فارة على وجنتيها قبل ان تتابع قائلة: - انا مابحبش اهرب من المواجهة علشان كدا كان لازم اواجهه وللاسف ما قالش كلمة حب واحده حتى ما قالش انه عايزني لا بيتصرف ان ارتباطنا دا تحصيل حاصل ومافيش قوة هتقدر توقفه علشان كدا كنت لازم اقول ستوب وأقف، الموضوع دلوقتي ما عادش انه مش بيعرف يعبر عن حبه وانا هعلمه لأ. الموضوع دلوقتي بأه ان حبي هيكون سبب اني أتذل، قلبي هيخليني أدوس على كرامتي، اسامة انا اقدر اعيش من غير قلب لكن لا يمكن اعيش من غير كرامة، علشان كدا حتى لو روحي فيه لكن لأ. الا كرامتي!، انا مش هكدب عليك واقول انى كرهته لاني لو قلت كدا ابقى بضحك عليك وعلى نفسي لان مش معقوله طول عمري 22 سنة ما كنتش بعمل حاجه غير انى بحبه اكرهه في ثانيه واحده لكن اللي انا عارفاه كويس اووي ومقتنعه بيه ان الحب اللي له عندي خلاص بينقص وبسرعة الصاروخ لانه سحب الرصيد بتاعه اللي له عندي وخلاص تقريبا قرب يشهر افلاسه، بيسحب من الرصيد من غير ما يحط يبقى الرصيد. زيرو!

اسامة وعيناه تلمعان باعجاب: - انا بحييك على صراحتك يا همس، واحده غيرك كانت ما صدقت صارحتها بمشاعري ووافقت على الاقل علشان تبين له هو خسر أد ايه او تحدي له لكن انت كنت صريحه معايا وانا كمان هكون صريح معاكي. همس انا هستناكي، ومستعد اصبر الوقت اللي انت عاوزاه لأني متأكد انك ذكية وقلبك هيوجهك صح، انا مش مستعجل على جوابك فكري براحتك بس تأكدي ان أمنية حياتي انى ارتبط بيكي انهارده قبل بكرة.

ابتسمت وقالت: - وانا بقولك تاني يا بخت اللي هتكون انت من نصيبها!
اشار اليها قائلا بضحك: - انت كدا هتحسدي نفسك لأني متأكد اني هكون من نصيبك انت وانت هتكونى من نصيبي انا.

ضحكت همس بنعومة واستطاع في لحظات ببضع كلمات حنونة ان يمحي كآبتها وحزنها ويمسح دموعها كم أنت غريب ايها القلب من يمسح دموعك تبعد عنه ومن يبكيك بدلا من الدموع دماً تهواه ولا تستطيع الفكاك منه!..

رافقها حتى باب غرفتها وألقى عليها تحية المساء بصوت خافت واعدا اياها بانتظارها صباحا ليتناولا الافطار سوية، دخلت غرفتها واغلقت الباب وراءها مستندة عليه بظهرها وتنهدت بعمق مغلقة عينيها وقد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها قبل ان تبتعد عن الباب وتسير داخل الغرفة حيث وقفت امام منضدة الزينة وقامت بخلع قرطها واستدارت على عقبيها حين شهقت بصوت عال واضعة يدها على فمها بخوف مما شاهدته فهناك فوق فراشها رأت ما يتوسط فراشها وجعلها مصدومة. فقد كان مراد يفترش سريرها بكامل حلّته التي حضر بها الحفل واضعا ذراعيه تحت رأسه وناظرا اليها بمكر وابتسامة ساخرة تلون محياه وهو يقول:.

- اتأخرت يا، عروسة!
ليقرع قلبها خوفا من عبارته! ترى. هل سمع حديثها مع أسامة؟
ووقفت ساكنة لم تستطع النطق بكلمة واحده بينما يدها تغطي فمها وهي ترى نظرات عينيه تخفي غضبا وحشيًّا تعلم علم اليقين انه لو أفلت من عقاله فوحدها هي من ستدفع الثمن!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة