قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع والعشرون

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع والعشرون

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع والعشرون

نظر أدهم الى وجه ريتاج النائم بجواره بينما يفترش شعرها الغجري الوسادة مرتسما على وجهه ابتسامة حب شغوفة، مرر أصابعه بين خصلات شعرها الثائرة وهمس قائلا:
- كل شعرة بيضا في راسك رمز لسنة عدِّت علينا واحنا سوا، كل علامة ظهرت عندك ممكن اقولك ظهرت لك امتى، كل حاجه فيكي ملكي يا تاجي حتى أنفاسك!

ثم مرر ذراعه تحت رأسها فأصدرت أنينا محتجّاً خافتا سرعان ما طمأنها ادهم الذي احتواها بين ذراعيه قائلا:
- هششش يا تاجي نامي حبيبتي، انا آسف لو قلقت نومك. بس سامحيني اعمل ايه. مش عارف انام الا لما احس بنَفَسك على وشًّي!

قبلها قبلة حانية فوق جبهتها مانعا نفسه بصعوبة من سحبها الى أتون حبه المشتعل مجددا وربت على كتفها مغمضا عينيه ليداعب النوم جفونه بينما تتشبث ذراعاه بكنزه الثمين الذي كلما مرت عليه السنون زادت قيمته لديه حتى أضحى أغلى من الهواء الذي يتنفسه!

استيقظ مراد وتمطّى قليلا في الفراش قبل أن تداعب ابتسامة خفيفة شفتيه متذكرا احداث الليلة السابقة. ليلة زفافه على سلطانته، همس!، أدار رأسه مبتسما لرؤية همس ليفاجأ بمكانها بجواره. خاليا!..

قفز مراد قلقا من مكانه وتناول مئزره ليرتديه وهو ينادي همس بلهفة فيما يسير مفتشا عنها في أرجاء جناح العرائس الذي قضيا فيه ليلة زفافهما ولكن. ما من جواب لندائه، مما جعل القلق يستبد به بدرجة بالغة!

لفت نظره باب الشرفة وهو مشرعا قليلا فدقق النظر ليرى حوريته تقف حافية القدمين وهي تمتع عينيها بمشهد شروق الشمس فتقدم بخفة من ورائها، كانت ترتدي ثوبا ناعما ينسدل فوق جسدها حتى منتصف الساق، وقف خلفها ثم تسللت ذراعيه محيطة بخصرها لتصدر شهقة مفاجئة منها وما لبثت ان وعت ان هذين الذراعين هما ذراعي مرادها. فقالت معترضة بخفة بينما حمرة الخجل تلون وجنتيها القشديتين:
- كدا يا مراد خضتني!

اسند ذقنه فوق كتفها وهمس في أذنها بينما يلاعب شحمتها بأنفه وهو يزداد تشبثا بها:
- سلامة قلبك من الخضة يا سلطانتي، بس انت كمان خضتيني لما صحيت وما لاقتكيش جنبي!

استدارت بين ذراعيه ونظرت اليه بعنين تلمعان بلمعة السعادة وأجابت: - قلقت ومعرفتش اكمل نومي، وبعدين كنت عاوزة اشوف منظر النيل الصبح وقت شروق الشمس. ولاقيتك في سابع نومة فما رضيتش أقلقك!

رفع مراد حاجبه وقال معترضاً: - لا معلهش انا معترض، تاني مرة أي حاجه عاوزة تعمليها لازم نعملها سوا، وما يهمكيش انا هكون سعيد جدا وانا معاكي، ولو على النوم. النوم مقدور عليه. لكن انا مش عاوز أضيّع دقيقة واحده واحنا مع بعض...

ثم غمزها بخبث بينما رفعت هي رأسها تطالعه فتابع بابتسامة ماكرة: - خصوصا اننا لسّه في شهر العسل...
ابتسمت همس ابتسامة ناعمة وأحاطت وجهه بكفيها الناعمتين لتلامس خشونة لحيته النامية وقالت بحب خالص:
- ربنا ما يحرمني منك ابدا يا مرادي ونعيش كل ايامنا سوا ومع بعض.

احتضنها مراد بقوة بين ذراعيه متنشقا عبير شعرها لتخلل رائحة الشامبو الخاص بها برائحة الفواكه انفه فتسكره، شعرت بضغط ذراعيه يزداد بينما قال بصوت اجش وهو يُقبّل خصلات شعرها بعاطفة متقدة:
- بقول ايه. انتِ مش شوفتي الشروق وخلاص؟، دلوقتي دوري بأه علشان اوريكي حاجه هتعجبك اووي!

قطبت همس حائرة وقالت بتساؤل: - حاجه؟ حاجه ايه...
لم تكمل عبارتها ليسكتها مراد بأجمل طريقة بين العاشقيْن وحملها متجها بها الى الداخل مغلقا باب الشرفة بقدمه وسار الى الفراش حيث وضعها في منتصفه وهو لا يزال ينهل من رحيق شفتيْها وحملها معه على أجنحة الحب الى دنيا العشق الخالد،!

- اسلام حبيبي صباح الخير.
رفع اسلام رأسه ليشاهد شمس وهي منحية فوقه وتهز كتفه ليستيقظ فعاد لنومه وهو يرفع الغطاء فوق رأسه ويقول بتأفف:
- شمس معلهش انا صاحي لوش الصبح، ما نمتش من امبارح ساعتين على بعض. سيبيني نايم شوية دلوقتي...

استمرت شمس في إيقاظه وهي تقول برجاء: - ماينفعش يا إسلام. انت ناسي انهم جايين يباركوا لنا انهرده؟، هييجوا يلاقوك نايم ما يصحش، علشان خاطري قوم.

تأفف اسلام وأزاح الغطاء قليلا ورفع رأسه هاتفا بنزق: - أففففف، أهلنا هييجوا يباركوا لنا على ايه مش فاهم انا؟!، يا ستي سيبيني انام شوية.

قلبت شمس وجهها بحزن وقالت وهي تدفعه في كتفه بحنق طفولي: - قوم بأه يا اسلام بلاش كسل، ايه اللي سهّرك مش فاهمه انا؟، ياللا علشان خاطري بقه. جعانه عاوزة افطر ومش بعرف آكل لوحدي!..

رمى إسلام الغطاء بعيدا عنه واعتدل ناظرا اليها بنصف عين وقال بغيظ: - بأه مش عارفة ايه اللي خلاني سهران؟
أجابت شمس ببراءة زائفة: - لا يا حبيبي. وانا هعرف منين؟
قال اسلام ساخرا: - أبدا، يمكن علشان مغير مكان نومي بس ولا، يمكن علشان الواحد نام جعان فمش بيجيلو نوم بسهولة!

قطبت شمس وقالت بحيرة حقيقية: - وانت ايه اللي خلاك نمت جعان؟، احنا مش متعشيين امبارح سوا؟، دا انت بالذات اتعشيت مرتين. مرة تحت في بوفيه الفرح ومرة هنا لما الرووم سيرفيس طلعت لنا العشا كادو من الفندق، يبقى انت ما جالكش نوم من كُتر الاكل مش من الجوع حضرتك!

انهت كلامها وهي تشير بسبابتها اليمنى إلى عقلها ناظرة اليه بمرح فما كان منه الا ان طرحها على ظهرها فوق الفراش ومال عليها قائلا:
- بس مش دا الأكل اللي انا قصدي عليه، ولا دا الجوع اللي بتكلم عنه!
قطبت شمس في حيرة وما لبثت ان فهمت ما يرمي إليه، فدفعته بعيدا عنها بقبضتها محاولة الاعتدال من رقدتها وهي تهتف بحنق:
- انت قليل الأدب!

ابتعد عنها ونهض من فوق الفراش وقال ناظرا اليها قبل ان يتجه الى الحمام: - يعني هيبقى جوع من كلّه. لا فعل ولا كلام كمان؟!، دا ايه المجاعة اللي انا دخلتها برجليّا دي بس يا ربي؟!

ونفخ بضيق واضح قبل أن يتجه الى الحمام صافعا الباب خلفه بقوة جعلت شمس تغمض عينيها من شدة الصوت وما لبثت ان فتحت عينا واحده لترى الغرفة حولها فارغة وصوت المياه يندفع في الحمام ففتحت عينيها وابتسمت ابتسامة واسعة وضحكت متمتمة لنفسها:
- معلهش يا اسلام يا حبيبي، بس اعملك ايه. انت اللي جنيت على روحك!، كان نفسك تتجوز مع همس ومراد. أديك اتجوزت زي ما كنت عاوز. قابل بأه!

اجتمعت العائلة في صالون جناح مراد للمباركة للعروسين وكانت المفاجأة انضمام العروسين الآخرين إسلام وشمس لهم مما جعلهم يطلقون النكات عن العروسين اللذان اشتاقا لأهلهما فذهبا هما لمقابلتهم عوضا عن الانتظار ريثما يحضر الأهل للمباركة كما فعلا مع همس ومراد...

بعد التحيات وتبادل االقبلات جلست شمس بجوار همس حيث مالت عليها الأخيرة هامسة: - ايه المفاجأة دي؟، أنا استغربت لما لاقيتكم داخلين عندنا. مش المفروض تستنوا لما الناس هي اللي تجيلكم؟

هزت شمس كتفيها وقالت بحيرة: - بصراحة دا كان اقتراح اسلام!، هو اللي قال اننا نقابلهم عندكم.
ثم قطبت متابعة: - تصدقي. قال لي حاجه غريبة اووي. بلاش حد يعرف باللي فيها. هيباركوا لنا على ايه يا حسرة!

كادت ضحكة عالية ان تفلت من همس فوضعت يدها سريعا على شفتيها كي لا تفلت انتباه الحاضرين وهمست الى شمس وصوتها مغلف بالضحك بينما تغمز بمكر:
- يعني مش عارفة هو قصده ايه يا شموسة؟

التفتت شمس اليها وأجابت مقطبة جبينها: - لا، بس أكيد بيتريئ، أنا شامة ريحة تريقة في الموضوع. خصوصا لما واجهته قال لي انه بيضحك مش قصده حاجه وان الناس دول اهلنا وبدل ما يحتاروا يباركوا لمين فينا الأول احنا ولا انتو. فإحنا نحلها ونتقابل عندكم!..

على الاريكة المقابلة لهمس وشمس مالت مها على أذن ريتاج وهمست: - صحيح يا تاج. مشوار ايه دا اللي ادهم قال انكم لازم تروحوه الساعه 3 الفجر ضروري؟

تخضب وجه ريتاج باللون الأحمر القاني وحاولت تمالك نفسها كي لا تنكشف أمام عيني مها الثاقبتين وأجابت بما أمكنها من ثبات:
-لا. ابدا، دا كان عاوز يتمشى شوية على النيل وعارف ان ماما هتتعب علشان سهرت اوي امبارح عن معاد نومها، وعلشان كدا طلب من محمود انها تبات عندكم!

نظرت اليها مها بنصف عين وقالت: - امممم، مش عارفة ليه مش داخله دماغي الحكاية دي!، لكن عموما...
ونظرت الى تاج بمكر واكملت بخبث قائلة: - صباحية مباركة يا عروسة!
ارتبكت ريتاج قليلا ثم قالت: - الله يبارك فيكي، وصباحية مباركة لإسلام وشمس وعقبال عصام ان شاء الله.
قالت مها بابتسامة: - الله يبارك فيكي حبيبتي.

وهمت مها بالاعتدال في جلستها لمشاركة الآخرين حديثهم عندما مالت ناحية ريتاج ثانية وقالت وهي تغمز بعينها وابتسامة ماكرة تتراقص على شفتيها الورديتين:
- آه. على فكرة. انا ما كانش قصدي شمس ومراد. انا كان قصدي العرسان التانيين!، انت يا عروسة!

لم تترك لها مها مجالاً للرد والتفتت لمشاركة الآخرين حديثهم تاركة ريتاج وقد تخضب وجهها بلون ثمرة الفراولة الطازجة.

وقع نظر ريتاج على أدهم الذي كان يضحك لنادرة يرويها شقيقه محمود وارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها بينما لمعت عيناها بلمعة الحب وهي تتذكر استيقاظها صباحا وبعد تناولهما طعام الإفطار كادت ان تصاب بالهستريا عندما اكتشفت انها سترتدي ثوب السهرة الذي حضرت به الزفاف فسيعرف الجميع انهما لم يناما بمنزلهما مما سيصيبها بالحرج الشديد!

تذكرت كيف انطلقت ضحكة عميقة من فم ادهم بينما كانت تتأفف وكادت ان تضرب بقدمها الارض بسخط كالأطفال غيظا منه عندما اقترب منها واحاط كتفيها بذراعه وسار بها متجهاً ناحية خزانة الثياب طالبا منها فتحها. لتفاجأ بوجود فستان من الحرير الطبيعي ذا اللون الرمادي بكامل مستلزماته وحقيبته المناسبة بل وحذائه المناسب أيضاً!

شهقت ريتاج في سرور وتحسست قماش الفستان بيدها لتلمس نعومته الرائعة، التفتت الى ادهم وألقت بذراعيها حول عنقه القويّ لتضمّه إليها بكامل قوتها وهي تقول بفرح حقيقي:
- مش ممكن يا ادهم. انت مش بتنسى حاجه أبدا؟
احتضنها ادهم بذراعيه السمراوين مقربا اياها من جسده القويّ وقال وهو يدفن رأسه في شعرها مستنشقا عبيره:
- أنا عُمر ما أي حاجه تخصك تفوتنى ابدا يا تاج أدهم!..

رفعت يديها وأحاطت وجهه بكفيها الناعمتين تتبع بأناملها الرقيقة خطوط فكّه حيث نمت لحيته الليلة السابقة وهمست بحب بينما تنقل عينيها بين عينيه اللامعتيْن بعشق تفجر بين خلاياها:
- ربنا يخليك ليا وما يحرمني منك ابدا ابدا يا ادهم، انا كل يوم بيمر عليا وانا معاك بحبك فيها اكتر واكتر...

أسند جبهته الى جبهتها وقال بصوت أجش وهو يحتويها بشدة بين ذراعيه يريد زرعها داخل صدره:
- وانا بعشق كل حاجة فيكي، حتى حروف اسمك يا ريتاج، بعشق حتى الهوا اللي انت بتتنفسيه يا تاجي، صدقيني لما اقولك انك لسه في عينيا ريتاج اللي عندها 22 سنة اللي دخلت قلبي من اول مرة شوفتها فيها، وعمر حبك في قلبي ما قل. بالعكس دا بيزيد يوم عن يوم.

ابتعدت قليلا لتنظر الى وجهه الرجولي الوسيم وقالت تتساءل برقة: - يعني ما كبرتش وعجزت في نظرك؟
نظر إليها بوله وافتتان وأجاب مبتسما بينما تداعب أصابعه خصلات شعرها الثائرة حول وجهها:.

- لا. طبعا، لأنه ببساطة كل شعرة بيضا ظهرت في شعرك او تجعيدة تحت عينيكي دليل على عمر عشناه سوا!، ما تستغربيش يا حبيبتي، دول شايلين ذكريات أيام عشناها سوا، وانا عمري ما اتخلى عن يوم واحد قضيناه مع بعض بحلوه ومُرُّه. واوعي تفكري اني ممكن أخليكي تصبغي وتشدي وتنفخي علان ترجعي بنت 20 سنة تاني؟!، الشباب مش بالسن يا تاج. يا ما فيه شباب في العشرين بس تحسي كأنهم عواجيز من جوّاهم، وياما عواجيز وتحسي بقلبهم قلب شباب في العشرين، أهم حاجة اللي جوّا يا تاج مش الشكل اللي برّه، وتأكدي إنك عندي أصبى من عروسة ابنك ومن بنتك العروسة اللي كان فرحهم امبارح!

أطلقت تاج ضحكة رقراقة واقتربت بوجهها منه هامسة امام شفتيه فضربت أنفاسها بشرة ادهم الذي انتشى من رائحة أنفاسها المُسكرة وضغط بذراعيه بصورة لا أرادية على خصرها ليلتحم جسدها بجسده فيما سمعها وهي تهمس قائلة بحب:
- وانت عندي شاب عن ابني العريس وعريس بنتي. ايه رأيك بأه؟!

أجاب ادهم بصوت أجش بينما عيناه تراقبان شفتيها العنبريتين: - تصدقي انك تستاهلي مكافأة علشان الصباح الجميل بتاعك دا؟!، ومكافئتك عندي أحلى مفاجأة وهتشوفيها حالاً،!

لم تكد تفتح فمها للسؤال عن ماهية المفاجأة حتى وجدت نفسها ترتفع عن الأرض بين ذراعيه فشهقت بدهشة وقالت وصوتها مغلف بالضحك:
- أدهم. إنت بتعمل ايه؟!
أجاب بينما يتجه حاملا إياها إلى فراشهما الوثير: - هقولك كلمتين حلوين إنما ايه. أحلى كلام!
ووضعها في منتصف الفراش ومال عليها متابعاً بصوت متحشرج من شدة العواطف الملتهبة التي تعتمل في نفسه:
- بحبك...

وحملها بعناق ملتهب إلى عالم حسّي آخر لا تراه إلا معه هو وحده، أدهمها!
عادت ريتاج الى الواقع وهي تداعب عقد اللؤلؤ ابيض اللون الذي يزين جيدها والذي فاجئها به ادهم بعد انتهائها من ارتداء ثوبها الجديد حيث أهداها طقما من اللؤلؤ الطبيعي مكونا من عقد وخاتم وحلق وإسوارة، ومن شدة مفاجئتها لم تستطع النطق للحظات ثم ارتمت بين ذراعيه قائلة وهي تمنع نفسها من البكاء بصعوبة:
- انا بحبك اوي. اوي اوي يا ادهم.

( والله يا ستي مش انت لوحدك اللي بتحبيه احنا كلنا بنحبه!، ايه دا. فيه كدا؟، ياللا. ربنا يهني سعيد بسعيدة ويعوض علينا عوض الصابرين! )...

لاحظ ادهم شرود ريتاج وعينيها اللتان كانتا تراقبانه فابتسم لها قبل ان يلتفت مكملا حديثه مع محمود ونزار بينما انخرطت ريتاج في النقاش الدائر بين السيدات...

مدت راندا يدها بمحمولها الى همس وهي تقول بابتسامة: - هموسة حبيبتي مهدي عاوز يكلمك.
تناولت همس المحمول وقالت بعتاب ما ان سمعت صوت شقيقها: - زعلانه منك!
ثم هزت برأسها يمينا ويسارا واكملت قائلة: - لا يا مهدي ما تحاولش. انت يعني ليك كم أخت؟، هما اتنين انا وريما. واحنا مالناش إلا أخ واحد إلا هو أنت ربنا يخليك لينا. تقدر تقولي ما جيتش تبارك لي ليه؟

أنصتت قليلا قبل ان تجيب بتذمر: - ولو، الشغل مش أهم مني.
ثم هتفت بحنق مفتعل: - يا سلااااااام؟ بأه دلوقتي انت بتضحي بنفسك علشان نعرف نسافر شهر العسل براحتنا!، لا طبعا ماجاتش من نص ساعه بس!

انصتت قليلا ثم قالت بدلال وابتسامة ناعمة ترتسم على شفتيها الكرزتين: - اذا كان كدا انا موافقة. الطيارة بكرة الساعة 8 الصبح ان شاء الله هنكون في المطار 6 كدا. آه باريس طبعا، لا إسلام وشمس معانا اكيد. اساسا من غير شمس ما كنتش هسافر!

نظر اليها مراد بنصف عين وكأنه يتوعدها في سره فرفعت حاجبها بإغاظة اليه وتابعت حديثها مع مهدي وقالت في نهاية المحادثة:
- خلاص يا حبيبي والله ما زعلانه. بس كان نفسي أشوفك قبل ما أسافر، خلِّي بالك من نفسك، لا الاه الا الله يا حبيبي...

انقضت الجلسة العائلية وسط مرح وصخب وخاصة من الجدة سعاد التي لم تسع سعادتها الكون فرحا بزواج أحفادها بينما كانت ريما كالفراشة الجميلة وكان لتعليقاتها الطفولية المرحة اكبر الأثر في إضفاء جو المرح والبهجة على الجالسين جميعا.

ما إن أغلق مراد الباب خلف ضيوفه حتى التفت مفتِّشا عن همس والتي كانت في غرفتهما تبدل ثيابها لرغبتها بالتجوّل في الفندق قليلا والجلوس الى حمام السباحة لتمتع نظرها بطبيعة الفندق الساحرة ومناظره الراقية...

خرجت همس من الحمام بعد ان اغتسلت وكانت ترتدي مئزر الحمام وتضع المنشفة فوق رأسها، وقفت أمام مرآة الزينة وأزاحت المنشفة المحيطة بشعرها وحركت رأسها بقوة ليتطاير شعرها حول وجهها فتناولت الفرشاة لتمشيطه عندما سمعت صوت الباب وهو يُفتح. نظرت الى المرآة لتطالعها صورة مراد المنعكسة أمامها فابتسمت بخجل بينما نظر اليها بمرح رافعا حاجبه بخبث، أغلق الباب ثم سار بخطوات بطيئة حتى وقف خلفها ومن دون أي كلمة مد يده متناولا الفرشاة من يدها ومررها في شعرها، وهي تقف مستكينة بين يديه حتى اذا ما انتهى وضع الفرشاة جانبا ومرر أصابعه بين خصلات شعرها يتلمس نعومته ثم رفعه الى أنفه مستنشقا رائحته وهو مغمض العينين وتحدث بهمس أجش قائلا:.

- الله، شعرك ريحته تخلي الواحد يحس إنه في بستان ورود وانه اللي بين ايديه دي حورية من الجنة!..

هربت همس بعينها الى الأسفل خجلا منه فما كان منه إلا ان احاط خصرها بساعديه السمراوين القويين وقال مداعبا أذنها بفمه وهو يشدها ناحيته حتى لصق ظهرها بصدره العريض:
- إيه. مكسوفة؟
لم ترفع عينيها اليه ولم تستطع الإجابة بينما تابع قائلا بجدية مغلفة بمرح مصطنع: - على فكرة انت غلطت غلطة جامدة أوي انهارده لكن مش هحاسبك عليها. سماح المرة دي، لكن يا ويلك لو اتكررت تاني يا همس. ساعتها مش هرحمك!

قطبت همس ورفعت عينيها ناظرة اليه في المرآة لترى انعكاس وجهه امامها وقالت بقلق وضيق حقيقيين:
- غلطة؟ غلطة ايه دي يا مراد؟
مال عليها مقبلا عنقها بقبلات خفيفة كرفرفة الفراشة وهو يقول من بين قبلاته الكثيرة:
- يعني مش عارفة؟

حاولت همس الابتعاد عن شفتيه التي تثيران حواسها وتشيع الفوضى في أوصالها، فهي تريد فهم ما يعينه بكلامه وما يفعله الآن لن يدع لها المجال للتركيز مطلقا في معنى عبارته، ولكنه لم يدع لها مجالا للإفلات منه فتنهدت بعمق وقالت بتلعثم طفيف بينما تحاول منع انفسها من الغرق في بحر عشقه الملتهب:
- مراد. أستنى بس، أنا حقيقي معرفش قصدك إيه؟، ايه الغلطة دي بجد؟

توقف عن نثر قبلاته على عنقها الطويل ورفع عينيه ناظرا الى وجهها امامه في المرآة وقال محاولا إضفاء المرح على صوته لكسر الحدة التي غلفته بالرغم منه:
- الكلام اللي قلتيه لمهدي اخوكي انهرده!
رددت همس خلفه قائلة وهي مقطبة جبينها: - كلام؟، كلام ايه؟
ثم التفتت بين ذراعيه ونظرت الى عينيه متابعة بحيرة: - والله ما فاهمه حاجه. فيه ايه بجد يا مراد؟

قربها من جسده وهو يضغط بأصابعه على ظهرها وقال بينما عينيه تراقبان شفتيها النديتين:
- كلمة حبيبي اللي انت قولتيها لمهدي انهرده دي. ما اسمعهاش تتقال لأي حد تاني، لا أخوك ولا أبوكي!، حبيبك واحد بس، اللي هو أنا، ويا ويلك منِّي يا همس لو قلتيها لأي حد تاني غيري، أنا حذرتك أهو!..

نظرت اليه همس بدهشة بالغة لبرهة قبل ان تنطلق ضحكة صافية رقراقة من حنجرتها وأمالت برأسها الى الوراء وهي تطلق ضحكتها الصافية مما جعل عيني مراد تلمعان لرؤية عنقها المرمري وهو يتذكر رائحة هذا العنق التي تنشقها ليلة الأمس ومدى الدفء الذي لمسه عندما دفن رأسه بين حناياه!

قالت همس وآثار الضحكة لا تزال تغلف صوتها: - انت بتتكلم بجد؟، هي دي الغلطة؟
اجابها مراد بذهن غائب جزئيا وعينان تلمعان بشدة: - طبعا ودي غلطة صغيرة؟، دي اكبر غلطة، إوعي تعمليها تاني، أنا حذرتك وانتِ حرّة.

أجابت همس بابتسامة ناعمة: - معقولة يا مراد؟!، بتغير من مهدي اخويا؟
قربها مراد اليه حتى كاد يعتصرها بين ذراعيه وقال وهو يمرر شفتيه الملتهبتين فوق صدغها الأيمن:
- أخوكي، أبوكي، اعرفي. أي راجل من سن 6 سنين لسن 80 سنة تبعدي عنه مهما كانت صفته بالنسبة لك!، انتِ خط احمر بالنسبة لي يا همس وعمري ما هسمح لحد انه يتعداه!..

ذابت همس في قبلاته الحارة وشعرت بانصهار عواطفها وكأن تيار كهربائي عالي التردد قد سار في عمودها الفقري مما نشر ذبذباته في جسدها بالكامل والذي كاد ينهار تحت وطأة قبلاته التي اشتدت رغبة وتطلبا ثم شهقت بعنف حينما امتدت يده لتحل حزام المئزر وحاولت الإمساك بيده وهي تقول برجاء وخجل:
- مراد، لا. أنا...
قاطعها قائلا وهو يعتصرها بين ذراعيه بينما ينشر قبلاته الملهوفة على أنحاء وجهها:.

- انتِ ايه يا همس؟، مافيش حاجه اسمها مراد لأ،! فيه مراد. آه من هنا ورايح بعد كدا!

ثم رفعها بين ذراعيه متابعا بأنفاس متهدجة وصوت أجش يحمل بين طيّاته رغبة حارقة: - انتِ هتبردي كدا، تعالي علشان أدفيكي.
وقد كااان،!
طار العرسان الأربعة الى باريس بلد الحب والجمال لقضاء شهر العسل والتي اتسمت أيامه بالعشق الخالص لمراد وهمس اللذان كانا يقضيان نهاره في التجول بين الآثار السياحية المختلفة وأما لياليه فكانت تشع بالرومانسية الفااائقة...

اما بالنبة لشمس وإسلام فكان النهار يمر سريعا محملا بالمرح والصخب بينهما وكانا يتجولان برفقة مراد وهمس اللذان كانا أحيانا كثيرة ما يعتذران عن عدم الذهاب معهما مؤثرين اللجوء الى، أحضان فراشهما الدافئ!

وأما الليالي فكانت تمر بطييييييئة على عاشقنا وعريسنا مع وقف التنفيذ، إسلام!، مما كان يجعله يعاني الأرق طوال الليل والذي كان يقضيه ساهرا بجوار عروسه يراقب أنفاسها الرقيقة متمنيا ان يكون هو أحد هذه الأنفاس التي يحسدها لملامستها وجه محبوبته!

كان من الطبيعي ان يسوء مزاج إسلام نتيجة لذلك، فحبيبته بين يديه وهما في بلد العشق والجمال، وحروم من إشباع توقه إليها، حاول كثيرا إخفاء حالته المزاجية خاصة عنها فهي لا ذنب لها ولكن كثيرا ما خانه حنقه خاصة مع معاناته الليلية والتي لا تفطن لها عروسه وكانت في المقابل مندهشة من تبدل حاله من المرح والضحك إلى الحدة والعصبية اللتان تلازمانه خاصة في الليل وكان سرعان ما يعتذر عنها معللا ذلك بقلّة نومه مبررا ذلك لتغيير فراشه!، كان كثيرا ما يكتم انفعالاته مظهرا أمام وجهه المرح، حتى وإن شعرت هي بأنه مرحا مصطنع، ولكن لم يستطع الكتمان أكثر من ذلك فكان لابد في النهاية من أن يحدث الصدام بينهما!

- اسلام حبيبي انا نازلة اللوبي تحت. كلمت همس وقولت لها وهتحاول تحصّلني.
رفع اسلام نظره المثبت على التلفاز أمامه إليها حيث كان يتابع برنامجا لا يعلم حقيقة فحواه!، ثم أعاد نظره إلى شاشة التلفاز ثانية وقال ببرود:
- وافرضي همس ما نزلتش؟، ايه هتفضلي قاعدة لوحدك تحت؟
أجابت شمس بتلقائية وهي تهز كتفيها بلامبالاة: - عادي يعني حبيبي فيها ايه لما اقعد لوحدي؟، ايه هيخطفوني مثلا؟

قال دون الالتفات إليها بنفس بروده السابق: - ما ينفعش يا شمس تنزلي طالما مش متأكده ان همس هتحصّلك، استني شوية وننزل سوا!

قطبت جبينها واقتربت منه واقفة أمامه بينما هو ظل جالسا في مكانه فوق الأريكة العريضة المقابلة للتلفاز من دون أن يعيرها أي انتباه وقالت بتساؤل:
- انت ليه مُصرّ على الرفض؟، انا مش شايفه فيها حاجه؟
نظر اليها متحدثا بجمود: - انتِ مش شايفه فيها حاجه؟
وافقته بهزة من رأسها قائلة: - آه، مش شايفه فيها حاجه!
ليتابع بجمود: - شمس. انتِ شوفتي مرة همس نزلت من غير مراد؟

لم يتح لها المجال للإجابة وبدلا من ذلك تابع قائلا بينما القشرة التي غلف نفسه بها مدعيا البرودة والجمود بدأت بالتصدع وهو يقول بينما صوته يعلو تدريجيا:
- عارفة ليه همس مش بتنزل من غير مراد يا شمس؟
نهض واقفا ليتجه ناحيتها بينما تراجعت هي لا إراديا بضعة خطوات الى الوراء بينما واصل تقدمه نحوها وهو يقول بغضب مكتوم من بين أسنانه المطبقة:.

- لأنها عروسة يا هااانم!، العرسان مابيسيبوش بعض وكل واحد فيهم يتفسح براحته!، ولا انتِ حاجه تانية لوحدك يا مدام؟

أجابت شمس التي تفاجأت من حدته وغضبه العنيف الذي يكاد يكتمه ولكن نفرة عروقه البارزة في جبهته وعنقه وشَت بما يعتمل بداخله من غضب ناريّ:
- انا مش فاهمه ايه اللي حصل لدا كلُّو؟
اقترب منها كما الفهد يقترب من فريسته بخطوات بطيئة ليقطع المسافة التي تفصل بينهما ووقف امامها قائلا:
- عاوزة تفهمي يا شمس؟

فاجئها بقبضته القوية لذراعها مما جعلها تطلق شهقة دهشة وألم لقبضته المؤلمة والتي جعلتها تطلق أنينا خافتاً ولكنه لم يلتفت الى أنينها ذلك وتابع قائلا بغضب عنيف:
- انت تلعبي عليا أنا يا شمس؟، العروسة اللي تعمل حيلة رخيصة زي اللي انت عملتيها دي علشان تهرب من عريسها ليلة الفرح تبقى ايه يا شمس؟!

شهقت عاليا واضعة يدها الحرة على فمها وعيناها تتسعان دهشة و، ذعراً لتجيب بتلعثم شديد:
- انت، انت بتقول ايه؟، حيلة ايه؟، مين اللي قالك الكلام الفا، الفارغ دا؟

قبض بيده على ذراعها الأخرى وقال وهو يهزها بشدة: - ماحدش قالي حاجه. انا عرفت لوحدي علشان مافيش جريمة كاملة يا شمس هانم!، عاوزة تعرفي عرفت ازاي يا مدام؟

تابع بغضب عنيف وقبضته تشتد على ذراعيها حتى كادت تقسم انها ستتلون بألوان الطيف غدا من آثار أصابعه التي تحفر في جلدها الرقيق، بينما تابع بصوت مشروخ مجروح متألم:
- سمعتك يا هانم!، ايه رأيك؟، حاجة بسيطة خالص!، سمعتك من يومين وانت بتتكلمي مع همس على المقلب اللي عملتيه في المغفل اللي انت اتجوزتيه!

حاولت شمس التحدث وكأن صوتها قد هرب منها، وما إن استطاعت النطق حتى قالت وهي قاب قوسين او ادنى من الانهيار بينما ترقرقت الدموع في عينيها:
- لا يا إسلام ما تقولش مغفل، أنت...
قاطعها صارخا وهو يهزها بشدة: - اومال انا ايه؟، اتجوزتيني ليه يا شمس وانت مش عاوزاني؟، ايه شفقة ولا عطف ولا ايه بالظبط؟

همت بالحديث عندما قاطعها مجددا قائلا بتهديد قوي: - اوعي. اوعي تقوليلي علشان بتحبيني. انت ضيّعتي أحلى ليلة بين أي اتنين بيحبوا بعض!، ترسمي وتخططي علشان تهربي مني أنا؟، ليه، ميّت عليكي أوي؟، لازم تعرفي انى عمري ما هفرض نفسي عليكي ولو روحي فيكي يا شمس. مش انا يا مدام. مش انا...

ثم دفعها بعيدا دفعة قوية حتى كادت تسقط لولا انها أمسكت في مسند المقعد المجاور لها، ثم اعتدلت واقفة واقتربت منه ودموعها تنهمر مدرارا على وجنتيها البيضاويتين وهي تقول برجاء حار:
- صدقني يا إسلام. والله العظيم والله العظيم والله العظيم كمان مرة ما كان في بالي أي حاجه من اللي انت بتقوله دا!، انا. انا لما فكرت في الفكرة دي...

صمتت قليلا قبل ان تتابع وهي تخفض رأسها خجلا: - انا كنت. كنت متغاظة منك يا إسلام!، حاسيت انى ماليش رأي في معاد فرحي!، كل حاجه كانت بسرعة وما لحقتش أفرح انى عروسة وأجهّز براحتي، انت عارفني انا. انا مش بحب سياسة لوي الدراع. كنت عاوزة أردّها. وردّيتها، يمكن الطريقة غبية بس ما كانش في بالي وقتها غير اني أفش غليظي منك وخلاص!

اقترب منها ورفع قبضته مما جعلها تشيح بوجهها واضعة كفيها أمام وجهها خوفا بينما عضّ على قبضته غيظا ثم قال بحدة بالغة:
- الموضوع مش لوي دراع ولا كلمة مين فينا هي اللي تمشي يا هانم!، الموضوع عريس مغفل ملهوف على عروسته، الموضوع...

وسكت قليلا قبل ان يتابع بصوت مجروح يحمل رنة حزن وأسف: - الموضوع واحد بيحب أوي وما كانش قادر يستحمل بُعد حبيبته عنه اكتر من كدا!، لكن للأسف الحب دا ما كانش متبادل بين الاتنين!

قاطعته وهي تقترب منه رافعه يدها أمام وجهه من بين غصّات بكائها الحار: - لا. لا يا اسلام. ما تقولش كدا.

ابتسم ابتسامة ساخرة متألمة وأجاب: - عارفة ليلة الدخلة دي بالنسبة لإتنين بيحبوا بعض بترمز لأيه؟، اللحظة اللي بيتقفل عليهم باب واحد هي نفس اللحظة اللي كل واحد بيسلّم نفسه للتاني للأبد!، الليلة دي مش حسية اكتر منها معنوية. مليانه معاني جميلة. الليلة دي اتحاد بين روحين أصبحوا روح واحده بس في جسدين، عارفة كان عندي أهون لو صارحتيني بخوفك الطبيعي وكنت هصبر عليكي لأنه كفاية عليّا انك تنامي في حضني وأشوفك قودامي طول الوقت وأي حاجه تانية مش مهم. الأيام جايه كتير، لكن انت باللي انت عملتيه دا شوّهتي ليلتنا!، حسيستيني انها مش مهمة عندك ولا ليها أي معنى الا انك تضحكي على المغفل اللي اتجوزتيه وتردِّي له الصاع اتنين، حتى لوعلى حساب حبنا، وتحكي لصاحبتك وانت بتضحكي وفرحانة انك طلعت مش سهله علشان مش انت اللي تتجبري على حاجه وما تاخديش حقك في ساعتها!

ارتمت شمس جالسة فوق المقعد خلفها ببطء وقد راعها ما فعلته!، هي لم تكن تتصور ان فعلتها ستهدم معاني بهذا الجمال!، وندمت. ندمت أشد الندم على إفسادها روعة ليلتهما تلك!، وتمنت ان تعود عقارب الساعة بها الى الوراء فلم تكن لتفعل ما فعلته بل كانت صارحته بخوفها وخجلها منه وأنها تريد المزيد من الوقت لتعتاد فكرة زواجهما ولم يكن ليرفض فهو ليس حيوان همجي لا همّ له سوى إشباع غرائزه ولكنه حبيبها وحاميها وأمانها.

وكأنه سمع أفكارها فقال ساخرا قبل ان يلتفت مغادرا: - اهنيكي يا شمس. خدت بحقك تالت ومتلت ومش بس كدا لأ...
نظر اليها من فوق كتفه مكملًا عبارته قبل ان يخرج: - انت نجحت انك تحسيسيني اني مجرد واحد همجي، حيوان ماشي ورا غرايزه اللي بتنفرّك منه، برافو يا شمس. حقيقي، برافو!

وخرج صافقا الباب خلفه بقوة مما جعلها تنتفض من مكانها وركضت خلفه لتفتح الباب وهي تهتف باسمه في لهفة:
- اسلاااام. اسلام...
ولم يجيبها سوى. الصمت!، فالممر أمام غرفتهما كان خال لا يوجد به أثر لأي إنسان!..

عادت شمس الى غرفتهما وأغلقت الباب خلفها وسارت حتى وصلت الى الفراش العريض الذي يتوسط الغرفة حيث جلست على طرفه وقلبها يتقطع حزنا وندما وأسى، وفتحت فمها صارخة فيما صوتها خرج متهدجا متقطعا من شهقات بكائها الحار ووجهها قد غطته دموعها المنهمرة بينما أصابعها تجذب وبقوة خصلات شعرها الى الخلف تكاد تقطعه من جذوره، كانت تصرخ ببكاء حار يقطع نياط القلب هاتفة:
- والله بحبك يا اسلام. بحبك!

ثم ارتمت فوق الفراش خلفها وجسدها يهتز بشدة من انهيارها العاصف!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة