قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس عشر

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس عشر

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس عشر

فهمتني يا محمود؟ ، قال ادهم لأخيه وهما يجلسان في حديقة منزل أدهم فأجابه محمود زافرا بضيق:
- انا بردو مش مقتنع يا ادهم! يعني علشان اوهام في دماغ مها مالهاش أي صلة بالواقع ارفد البنت؟

نظر ادهم الى محمود مليا ثم قال بهدوء: - انا ما قولتش ترفدها انا بقول تنقلها. انقلها لأي فرع في الشركة ولو عاوز تنقلها على ترقيه كمان بمرتب اكبر لكن انها تفضل سكرتيرتك تاني لأ، انا مش موافق.

نظر محمود الى ادهم مليا ثم قال مقطبا جبينه: - طريقتك في الكلام مش عجباني يا ادهم! انا مش طفل صغير مش عارف مصلحته فأخوه الكبير بيوجهه. اظن انا كبير كفاية اووي انى اعرف الصح من الغلط ولازم مها تعرف انه مش كل حاجه تشاور عليها تتنفذ!

مال ادهم في جلسته ناحية محمود وقال له ساخرا: - محمود انت ايه اللي معصبك اووي كدا؟ انا ما قولتش انك صغير بس بردو معلهش يعني مراتك عندها حق!

اعتدل محمود في جلسته وقال صارخا بدهشة: - ايه؟ عندها حق! وانت اللي بتقول كدا يا ادهم؟

ادهم محاولا تهدئته: - استهدى بالله بس واسمعنى، محمود ما فيش دخان من غير نار. الموظفين نفسهم ابتدوا يتكلموا عن محمود بيه اللي كل يوم والتاني متغدي هو وسكرتيرته مع بعض! دا مش اسلوب يا محمود وحكاية بأه انها أد بنتك وانت بتعطف عليها أظن ما فيش عطف اكتر من انك هترقيها وتديها مرتب اعلى بس مش عندك! ومن الاخر يا محمود مين اللي الأهم عندك مها ولا. سماح؟

قطب محمود وقال معترضا: - ايه اللي بتقوله دا يا ادهم؟ انت هتتكلم زيها؟ ما فيش وجه مقارنة. مها طبعا!

ابتسم ادهم قائلا: - خلاص. انت مزعل نفسك ليه؟ وليك عليا يا سيدي مها ما عادتش تزعجك بغيرتها الزايده دي بس انت بردو لازم تراعي نفسيتها شوية معلهش اللي حصل لها مش شوية والحمد لله انها قامت بالسلامة.

ابتسم محمود قائلا: - بتعرف تغلبني يا ادهم، انا مش عارف لو ما كنتش انت وريتاج في حياتنا الواحد كان عمل ايه؟

تابع مفسرا لأدهم: - انا معرفش تاج قالت ايه لمها لكن من ساعه ما قعدوا مع بعض قاعد هزي الجلسه المغلقة كده من كم يوم وانا حاسس ان نفسية مها بئيت أهدى كتير وابتدت هي نفسها تتغير. حاسس انها ابتديت ترجع زي الاول. لمساتها في البيت، الاكل بئيت يوميا تشرف عليه وتهتم تشوف هنتغدى ايه وتحاول تنوع في الاشكال. غيرت ترتيب العفش يعني حاجات كدا حسيستني انها فعلا ابتدت ترجع مها بتاعت زمان.

ربت ادهم على يد محمود وقال بابتسامة: - مها بنت حلال يا محمود وبتحبك وبتحب بيتها وولادها، حافظ عليها زي ما هي بتحاول تحافظ عليك.

قعدت مع اخوك ساعتين في الجنينة بعد ما رجعتوا من الشركة وسيبتكم براحتكم قلت بلاش اكون عزول بينكم ولما حضرنا الغدا رفض يتغدى وطار على البيت عنده اقدر اعرف جوزى حبيبي كان بيقوله ايه؟ .

ضحك ادهم ضحكة عالية وقال لريتاج الجالسة امامه على الاريكة الموضوعه في زاوية الغرفة بينما يجلس هو فوق فراشهما الوثير وقال بابتسامة:
- جوزك حبيبك كان بيهدي النفوس بينه وبين مها.
قطبت وقالت بجدية: - ازاي بأه؟
نظر اليها رافعا حاجبه الايمن وقال بثقة: - اللي اقدر اقولهولك ان محمود من بكره هيكون عنده سكرتير راجل على الله ست مها تهدى شوية من ناحيته.

قفزت ريتاج من المفاجأة واتجهت اليه سريعا وقالت وهي تجلس بجواره على الفراش بابتسامة متلهفة:
- صحيح يا ادهم؟ بجد؟ اللي اسمها سماح دي خلاص هتمشي؟
قال ادهم وهو يومأ برأسه ايجابا: - ايوة. تماام كدا!
قالت ريتاج بتساؤل: - وهي وافقت بسهولة كدا؟
نظر اليها ادهم وقال بثقة: - اطمني وطمني مها قرار نقلها هيتنفذ من بكره ان شاء الله!
قطبت ريتاج وقالت: - نقل؟ هي هتتنقل؟ يعني مش هتسيب الشركة هتفضل فيها؟

مال ادهم ناحيتها وقال وهو يجذبها اليه: - ما ينفعش تترفد هتتنقل لفرع تاني لينا علشان ما تعملناش شوشرة. ممكن بأه كفاية كلام في الموضوع دا، وتيجي نقعد مع بعض شوية وحشتيني اووي بئالي مدة مقعدناش سوا الفترة اللي فاتت كانت مليانه احداث.

قالت تاج بابتسامة وهي تحاول جذب يدها من قبضته ولكنه لم يفلتها بل شدد على مسكته لها:
- ايوة ما انت شايف مشكله مها وتعب مراد. الا صحيح فيه ايه بينك وبين ابنك؟ بتقعدوا مع بعض لوحديكم كتير ولما أدخل عليكم تبطلوا كلام، أفهم ايه الموضوع بالظبط؟

جذبها ادهم بقوة فكادت ان تقع عليه فوضعت يديها على صدره بينما قال لها هامسا امام شفتيها:
- عاوزة تعرفي ايه الموضوع؟
اشارت برأسها بالإيجاب وقالت متلهفة غير واعية للمعان عينيه: - آه طبعا اكيد مش ابني. انا حاسة ان فيه بينكم وبين بعض سر ايه هو بأه؟
مال ادهم الى الخلف جاذبا اياها بين ذراعيه وهي ساهية عما يفعل جاعلة كل تركيزها على ما سيقوله لها، قال ادهم وهو ينظر الى شفتيها:.

- تصدقي؟ انت وليّة من أولياء الله الصالحين!
قطبت قائلة: - ايش معنى يعني؟
قال وهو يميل بظهره الى الوراء لينام فوق السرير جاذبا اياها فوقه: - علشان فعلا فيه حاجه وحاجه كبيرة اووي بس شرحها يطوول.
قالت بلهفة: - مش مشكلة احنا ورانا ايه يعني؟
قال لها هامسا: - على رايك احنا ورانا ايه يعني!
انتبهت الى يديه وقد تسللا تحت قميصها يداعبان خصرها وانتبهت الى انبطاحها فوق ادهم فحاولت القيام وهي تقول:.

- ادهم انت بتعمل ايه؟
قال وهي تحاول الافلات منه بدون جدوى: - انت مش بتقولي عاوزانى اشرح لك؟ وانا هشرح لك!
قالت بنزق: - ادهم ما تستعبط...
قاطعها بقبلة متلهفة عميقة غيبتها في عناق طويل ثم أنزلها من فوقه لتصبح بجواره متابعا احتضانه وعناقه لها وبعد مدة ابتعد عنها ليستطيعا التنفس وقال لها بصوت أجش:
- عايزك تركزي في الحتة اللي جاية دي علشان دي اهم نقطة في الموضوع كله!
قالت بصوت هامس: - ايوة يا ادهم بس...

قاطعها مجددا مغرقا اياها في احضانه غارقين في بحر حبهما العميق، ( شكلوا مركزين مع ادهم انتو، هييييييح! ما علينا نكمل؟ نكمل، )...

همس ما تنرفزنيش!
قالت همس برجاء لمراد الذي كانت تحادثه في الهاتف: - ليه بس يا مراد؟ انا عملت ايه بس؟
زفر حانقا وقال: - بردو هتقولِّي عملت ايه؟ انت يا بنت الناس مش المفروض كتب كتابنا بعد اسبوعين؟

قالت همس بخضوع: - ايوة.
قال مراد بحدة: - طيب يبقى ازاي عاوزة تسافري لبنان من غيري؟ استني لما نكتب الكتاب علشان اعرف اسافر معاكي، همس سفر من غيري انسي!

تأففت همس وقالت بنزق: - ما هو مش معقول يا مراد. هنرجع نقول تاني؟ انت عارف ان شغلي مهم اووي عندي. وبعدين يا سيدي انا رايحه امضي العقد معهم هما خلاص هيعملوا مكتب للقناة هنا في مصر همضي العقد وهيعملوا لي تريننج لمدة 3 ايام. يعني الموضوع كله مش هيكمل الاسبوع. وهجيب فستان كتب الكتاب بالمرة من هناك ايه رأيك؟

زفر مراد بضيق وقال بعناد: - بردو لأ! انا اعرفهم منين دول ولا انت تعرفيهم منين؟ مين صاحب القناة تقدري تقوليلي؟ هتقوليلي انك عارفة ستاف القناة هقولك حلو بس بردو مين صاحب القناة؟ مين اللي انت هتشتغلي معهم بشكل مباشر؟ العقد اللي انت هتمضيه يا ترى فيه شروط جزائية؟ طبعا كل دي حاجات ما جاتش في بال سيادتك؟

قالت همس شاردة: - تصدق لأ! انا ولا حاجه من اللي انت قلتهم دلوقتي جات في بالي!
صرخ مراد محتدا: - شوفتي؟
ابعدت همس الهاتف عن أذنها لشدة الصوت الذي يكاد يخرق طبلة أذنها ثم اعادته الى اذنها ثانيه عند سماعها صوته مناديا عليها بقوة، قالت مغمضة عينيها زافرة بقلة صبر:
- ايوة يا مراد معاك.
ثم فتحت عينيها وحاولت مقاطعته وهي تسمع تعنيفه لها فقالت بصوت مرتفع لكي ترغمه على الانصات لها:.

- يا مراد انت طبيعة شغلك رجل اعمال يعني تفهم في العقود والشروط الجزائية وكدا وانا لأ بس اكيد كنت هعرف. أسامة ما كانش هيسيبني امضي كدا!

لم تدرك خطأها لاندفاعها بالكلام ولكن الصمت الذي قوبلت به على الطرف الاخر جعلها تنتبه لذكرها اسم اسامة وبعد ثوان سمعت صوت مراد يقول بهدوء ينذر بهبوب ليس عاصفة بل اعصار تسونامي جديد:
- انت بتقولي ايه؟ اسامة؟ هو هيسافر معاكي يا همس؟
ابتلعت همس ريقها بصعوبة وقالت محاولة امتصاص غضبه: - افهمني يا مراد انا قصدي...

قاطعها صارخا بحدة: - ردي عليّا! اللي اسمه اسامة دا مسافر معاكي يا همس؟
قالت له بصوت حزين حيث كادت تبكي: - مراد النرفزة وحشة علشانك انا...
قاطعها بغضب عنيف: - همس ما تجنينيش! مالكيش دعوه بأعصابي دلوقتي وردي على سؤالي. اسامة هيسافر معاكي؟

تنفست همس بعمق قبل ان تقول بصبر: - لا يا مراد اسامة مش هيسافر معايا.
قال محتدا: - اومال ازاي مش هيسيبك تمضي العقد كدا. أفهم ايه انا من الكلام دا ان شاء الله؟

زفرت همس وقد بدأت تحتد من هذا الاستجواب الذي اخضعها له مراد وقالت: - انت عارف انه مخرج البرنامج بتاعي وعلشان اروح قناة تانية قدمت على اجازة سنة بدون مرتب علشان ما اخسرش مكاني في القناة بتاعتي، وهو عنده خلفية على العقود وكدا فنصحني اني آخد العقود لمحامي يراجعها قبل ما امضيها علشان يطمن انها سليمة وبردو يطمني القناة ملك مين وبالنسبة للمسؤوليات والشرط الجزائي وكدا. وهو يعرف محامي صاحبه هناك وادانى الكارت بتاعه وقال لي انه هيكلمه علشان يكون معايا خطوة بخطوة ارتحت؟

قال مراد بحنق: - والباشا قلبه عليكي اوووي وخايف عليكي علشان كدا بيرشح لك محامي؟ وبعدين هو عرف منين، انت مش واخده اجازة شهر؟

قالت همس وقد ارتكزت بظهرها الى مسند السرير وراءها: - انا روحت علشان ابلغ القناة انى هسيبهم قابلته بالصدفة وهو اللي نصحني انى اقدم على اجازة ما استقيلش لغاية ما اشوف الدنيا ماشيه هناك ازاي وعموما لسه الموسم بتاع البرنامج بتاعي ما خلصش انا لو فعلا هبتدي مع القناة الجديدة هيبقى في اول السنة علشان لسه كم حلقة للقناة بتاعتي مش هقدر اسيبهم كدا مرة واحده!

قال مراد وهو يجز على اسنانه بغضب: - يعني انت لسه هتشتغلي معاه؟ ومخبيه عليا يا همس؟ لا وما كنتيش هتقوليلي على موضوع مقابلتك معاه لولا انك غلطت بالكلام قودامي؟ هو انا مش قايلك اسامة دا بالذات خط احمر اوعي تهوبي ناحيته؟ انا مش قولتلك تسيبي البرنامج قولتيلي انك مقدمة على اجازة لغاية ما تعرفي هتعملي ايه؟

ثم صدح بصوت عال: - كنت بتنيميني يا همس؟ بتضحكي عليا؟
اغمضت عينيها وقالت بخفوت ولهجة اليأس تلون صوتها: - انت عاوز ايه بالظبط يا مراد؟ انا تعبت! مش معقولة كدا. انت عامل لي محضر وسين وجيم علشان ايه معرفش!

ثم تابعت بهدوء: - شكلنا بندور في نفس الحلقة تاني يا مراد!
قطب مراد وقال مستهجنا: - حلقة؟ حلقة ايه؟
قالت بهمس: - انت مش مقدر انا أد ايه بحب شغلي وفي نفس الوقت بتحاول تلغي شخصيتي وتخليني انفذ اللي انت عاوزه حتى لو مش مقتنعه بيه وانا مش كدا يا مراد ومش ممكن اقبل اكون مسخ!

قال مراد بوجل وقد بدأت ضربات قلبه في التصاعد: - قصدك تقولي ايه يا همس؟ عاوزة تسيبيني؟
همت بالكلام عندما قاطعها صارخا: - مش هتقدري يا همس! لا يمكن اخليكي تسيبيني، انت فاهمه، مش هتبعدي عني تاني يا همس واموت وانا عايش تاني! انا عارف هو الكرسي اللعين دا اللي انا مسجون فيه اللي مخليني حاسس بالعجز انى مش قادر اجيلك لكن ولو! انا جايلك يا همس، استنيني، اياكي اجي ويقولوا لي مش موجودة ولا نامت!

سمعت همس صوت ضجيج فقالت باستفهام بينما صوتها يحمل نبرة القلق: - هتيجي ازاي دلوقتي بس؟ مراد انا مش قصدي اللي انت فهمته. مراد رد عليا، وما لبثت ان سمعت صوت سقوط عال وصرخة باسمها جعلتها تصرخ في الهاتف قائلة: مراااااد. مرااد رد عليا...

لم تسمع أي استجابة فسارعت بغلق الهاتف ثم بدلت منامتها ببنطال من الجينز وقميص من الكتان فضفاض وانتعلت حذاء خفيفا مسطحا وتناولت حقيبتها اليدوية وطارت الى اسفل وقد صادفت ريما في طريقها الى اسفل فسالتها الاخيرة الى اين تذهب فردت عليا همس وهي تتابع النزول انها ستذهب الى منزل خالها ادهم وان تبلغ والديهما بالنيابة عنها وسرعان ما وصلت الى جراج السيارات التابع لمنزلهم فركبت سيارتها السبور الصغيرة واشعلت المحرك منطلقة بها باقصى سرعه للحاق بمجنونها العاشق!..

فتحت صباح الخادمة الباب لهمس التي رحبت بها ثم سألتها عن خالها فقالت لها بثرثرتها المعهودة:
- ادهم بيه هو و ريتاج هانم فوق تقريبا بيريحوا شوية والست الكبيرة سعاد هانم في اودتها بردو شكلها بتريح شوية وسي مراد في اودته، شكله بردو بيريح شوية.

ثم قطبت سماح وقالت واضعة يدها اسفل ذقنها: - الله. هو البيت كله مريح انهرده ولا ايه؟، ثم اشرقت اساريرها.
وقالت: - لالا بس الست شمس في النادي. اهي دي اللي مش مريحه!
قالت همس بنفاذ صبر: - المهم يا صباح مراد بيه في اودته؟

قالت صباح وهي تشيح بيديها: - اكيد هيروح فين يا ولداه؟ انبي صعبان عليا. شاب زي الفل طول بعرض وايه قيمة وسيما ووجاهة يحصل له كدا يا ولداه انما هنقول ايه امر الله، حد له في نفسه حاجه!

زفرت همس بضيق وقالت وهي تتجه الى غرفة مراد في الطابق السفلي: - طيب يا صباح يا ريت تعملي لنا اتنين لمون وتجيبيهم عند مراد بيه في اودته. انا هخش له.

قالت صباح وهي تهم للذهاب الى المطبخ: - احلا اتنين لمون لاحلى عرسان، هوا.
هزت همس رأسها يمينا ويسارا يأسا من صباح وثرثرتها ثم وقفت امام باب حجرة مراد وطرقت الباب قليلا قبل ان تسمع صوتا يقول بحدة:
- مش عاوز اشوف حد، سيبوني لوحدي ممكن؟

تنفست بعمق وتشجعت ثم ادارت مقبض الباب ودخلت بخطى خفيفة مضطربة الى غرفته لتراه جالسا فوق كرسيه موليا ظهره الى الباب وقال بعصبية وهو يلتفت بالكرسي ليرى من الذي اقتحم غرفته ضاربا بكلامه عرض الحائط:
- انا مش قلت مش عاوز أي مخلوق يدخل عليا؟
وما لبث ان سكت لدى رؤيته الى همس الواقفة بداخل الغرفة تاركة الباب مشرعا وراءها وقد تقدمت بضع خطوات صغيرة وهي تقول بابتسامة مهزوزة:
- حتى انا يا مراد مش عاوز تشوفني؟

نظر اليها بدهشة قليلا ثم ما لبث ان زمجر وقال بحدة وهو يلف بالكرسي الى الناحية الاخرى ليوليها ظهره:
- انت ايه اللي جابك؟ ما تقوليليش انك قلقت عليا وجيتي تطمني؟
سارت همس حتى وصلت اليه ثم استدارت حول الكرسي لتصبح امامه وركعت على ركبتيها امامه وقالت بابتسامة صغيرة:
- ولو قلت لك ان دا بالظبط اللي جابني؟ وانى لما سمعت صوت الكرسي وهو بيقع قلبي وقع من الخضة؟

نظر اليها سريعا ثم اشاح بنظره وقال ساخرا: - سلامة قلبك!
قطبت ثم لوت شفتيها بحزن مصطنع بطريقة محببة وقالت وهي تضع يديها على جانبي الكرسي:
- بردو مش مصدقني؟ طيب اعمل ايه علشان تصدق انى فعلا اترعبت عليك؟ دا انا معرفش لبست ازاي وجيت في اقل من ربع ساعه والله عربيتي دي جدعه!

قطب مراد والتفت اليها بقوة وقال بتساؤل: - انت جيتي سايقه لوحدك دلوقتي؟
قالت بتلقائية: - آه. أومال انت فاكر انا جيت ازاي؟
قال وما يزال مقطبا: - انا افتكرتك اخدت تاكسي!
هزت برأسها نفيا وقالت: - لا طبعا تاكسي ايه هو انا دماغي كانت فيا؟ انا حتى ما قلتش لبابا وماما انا رايحه فين شوفت ريما بالصدفة قلت لها تقولهم!

مد يديه ممسكا بيديها بقوة وقال بغضب: - انت اتجننت؟ السكة مش اقل من نص ساعه دا في الطبيعي انت تيجي في اقل من ربع ساعه وبالليل كدا ولوحدك؟ انت مصرة تعمل فيا حاجه انهرده يا همس؟

هزت برأسها نفيا وقالت: - انا كنت قلقانه عليك وبعدين ما انا جيت اهو الحمد لله وما حصلش حاجه.
قال بسخرية: - وان شاء الله هتروحي ازاي يا فالحه؟
قالت بطبيعية: - زي ما جيت. بعربيتي!
زفر بحدة وقال: - مش قلت لك انت مصرة تعملي فيا حاجه انهرده. الاول موضوع سفرك وبعدين موضوع سي بتاع دا اللي اسمه اسامة وبعدين مجيتك لوحدك الساعه 10 بالليل في طريق زي دا. اعمل فيكي ايه؟

حاولت همس جذب يديها من قبضتيه وهي تقول: - ما انا قلت لك انى قلقت عليك عموما اديني اطمنت سيبني بأه علشان اروح!
شدّها مقربا اياها منه وقال بابتسامة ماكرة هامسا بجوار اذنها: - تروحي؟ بسهولة كدا! ايه رايك انا هحبسك عندي هنا في الاودة لغاية معاد كتب الكتاب؟ علشان على الاقل اضمن انك مش هترجعي في كلامك وتقعدي كل شوية تهدديني انك تسيبيني!

ابتلعت همس ريقها بصعوبة وحاولت ابعاد وجهها عنه وهي تقول هاربة من النظر في عينيه:
- اولا انا ما قولتش انى هرجع في كلامي انت اللي بتقوّلني كلام ما قولتوش. تاني حاجه بأه انت مصر تتعامل معايا انى شيء تابع ليك ملكية خاصة ليك وانت عارف ان الموضوع دا بينرفزني!

ترك مراد يديها ليحاوطها بذراعيه بقوة وقال بصوت خافت: - ومالو لما تبقي ملكية خاصة بيا؟ الملكيه دي متبادلة. يعني زي ما انت ملكي انا كمان ملكك! وبعدين الفترة اللي انت بعدت فيها عني كنت زي الميت بالحيا علشان كدا عمري ما هسمح لك انك تخليني أمر باللي مريت بيه تاني! همس علشان تريحي نفسك. احنا الاتنين مكتوبين لبعض من قبل ما نيجي الدنيا دي، وحاجه واحده بس هي اللي ممكن تفرق بيننا، الموت! غير كدا انسي انك تبعدي عني خاالص. وعلشان اطمنك اكتر واكتر لو عاوزة تسافري لبنان انا معنديش مانع نجيب المأذون بعد بكرة يكتب ونسافر سوا. بس نسااافر ها. سمعتيني نسافر يا همس مش تسافري!

قالت باضطراب واضح وهي تنظر اليه بتساؤل: - بس نكتب بسرعة كدا ازاي؟ بابا مش هيوافق دا، غير ماما وطنط ريتاج ممكن يجرالهم حاجه مش هيلحقوا يجهزوا حاجه؟ وانا. انا لسه ما جبتش فستاني؟! لالالا يا مراد. وسعت منك اووي المرة دي.

قربها مراد منه محتضنا اياها واضعا رأسه على كتفها وقال بهمس وهويستنشق رائحة شعرها النفاذة الحاملة لرائحة الليمون المنعشة:.

- بالنسبة لباباكي ماتقلقيش هقنعه. وماما وطنط راندا بابا كفيل بيهم. اما بالنسبة لفستانك روحي لاكبر اتيليه للسواريهات واشتري الفستان اللي يعجبك والحفلة هتبقى على أدنا احنا بس وليكي عليا فرحنا هعملهولك في اكبر فندق في البلد. ايه رايك؟ وافقي يا همس، علشان خاطري توافقي. انا خلاص يا همس مش قادر ابعد عنك اكتر من كدا!

ابتعدت عنه قليلا ونظرت اليه مقطبة وقالت بريبة: - وهو احنا يعني بعد الكتاب اللي هنفضل مع بعض؟ دا كتب كتاب مش جواز حضرتك!
شدها ناحيته قائلا وهو يغمز بمكر: - لا بس فيه حاجات هتتغير بعد كتب الكتاب؟
قطبت همس وقالت مستفهمة: - حاجات؟ حاجات زي ايه يعني؟
قال لها وهو يراقب شفتيها الكرزتين بشوق: - حاجات زي كدا!

ولم يدع لها فرصة للحديث اذ انقض على شفتيها ينهل من شهدهما وهي تحاول دفعه بعيدا دون جدوى حتى اضطرت الى عضه باسنانها اللؤلؤية في شفتيه مما جعله يبتعد صارخا واضعا يده على شفتيه وهو ينظر الى دمائه التي مسحها بيده مذهولا ويقول:
- انت ايه اللي انت عملتيه دا؟ حد يعمل كدا في جوزه؟
ابتعدت عنه وقالت لاهثة: - جوزه! انت لسه ما بئيتش جوزه!

ثم همّت بالسير الى الباب فلحقها بكرسيه ولكنها وقفت عند الباب المفتوح وهي تهتف بذهول غير مصدقة وهي تهز رأسها يمينا ويسارا باستغراب:
- انت اتجننت رسمي! تقدر تقولي لو طنط تاج ولا خالو ادهم شافونا دلوقتي كان هيبقى موقفي ايه قودامهم؟ ولا بلاش، صباح اللي بئالها ساعتين بتقطف اللمون من ع الشجرة علشان تعمله عصير فريش. لو كانت شافتنا كانت هتقول ايه؟

اذ بهمس تسمع صوتا بجانبها يقول بلهفة: - اتأخرت عليكم؟
اغمضت همس عينيها بينما دقات قلبها تتقافز من مفاجأة صباح لها وقالت وقد فتحت عينيها لتنظر اليها مليا:
- لا ابدا، ما بدري؟ انا ماشيه خلاص خليه لمراد بيه هيحتاج الكوبايتين!
نظرت صباح الى مراد بدهشة بينما اندفع مراد بكرسيه الكهربائي ليقف بجوار همس ويقول بهدوء:
- همس لسه ما خلصناش كلام!

قطبت همس والتفتت اليه صارخه بحده: - كلام! هو اللي حصل دا بتسميه كلام؟
غمزها مراد بخبث وقال ببراءة مصطنعه: - اومال هيبقى ايه بس؟ انت عصبية ليه؟ اديها يا صباح اللمون علشان يهديها علشان نعرف نكمل كلامنا على رواقه!

قالت صباح وهي تقدم الصينيه الموضوع عليها كوبي عصير الليمون الى همس: - اتفضلي يا ست همس. سي مراد عنده حق. ما فيش احسن من اللمون يروق الاعصاب فيخليكو تعرفوا تتكلموا بهدوء وعلى روقان كدا وتقولوا كل اللي نفسكم فيه!

التفتت همس الى صباح قائلة بحدة: - نقول ايه يا صباح؟ هو ايه دا اللي نقوله كله؟
قطبت صباح قائلة: - يووه. الكلام يا ست همس!
ثم هزت برأسها يمينا ويسارا ووضعت الصينية على الطاولة الجانبية وقالت وهي تهم بالخروج من الغرفة:
- لالالا انت حالتك صعب يا ست همس، انا هجيب دورق العصير كله علشان تعرفي تهدي على حق وتاخدي وتدي مع سي مراد!

ثم انصرفت صباح بينما كان مراد كاتما ضحكاته بصعوبة، نظرت اليه همس بنصف عين وقالت:
- عجبك كدا؟!، رفع اليها نظراته وقال ببراءة مصطنعه: - وانا عملت حاجه يا همس؟ انا قاعد ع الكرسي دا لا حول لي ولا قوة، حتى الكلمتين اللي عاوز اقولهوملك عاوزة تحرميني منهم! عرفتي بأه كتب الكتاب هيفرق في ايه؟ هتكلم معاكي براحتي، دا انا هقول قوالة!

وضعت يديها في خصرها وقالت ساخرة: - والله؟ طيب كويس انك قولتلي...
ثم مالت عليه واضعة عينيها في عينيه وقالت بابتسامة مغيظة: - علشان يبقى في معلومك يا ابن خالي ما فيش كتب كتاب غير مع الفرح!
همّ بالكلام فقاطعته وهي تومأ برأسها ايجابا وقالت: - أيوة، وسفرك لألمانيا كان نفسي اكون معاك لكن خالي ادهم سداد. هتلاقيني مستنياكي لما ترجع بالسلامة. نكتب ونتجوز، ما فيش كتب كتاب ولو قبل الفرح بيوم واحد حتى!

نظر اليها مليا ليفاجئها بشدها اليه بقوة ليجلسها في حضنه بينما تحاول هي المقاومة فحصر ذراعيها بين جسديهما وقال بخبث:.

- يبقى انت اللي جنيتي على نفسك يا همس، وخدي بأه القرارات دي تقولي عليا متسلط، سي السيد، مش بهتم بشغلك. ما تفرقش، حضرتك ما فيش سفر لبنان دي نمرة 1، نمرة 2 ما فيش برنامج تاني مع اسامة دا. نمرة 3 عقدك مع القناة بتاعتك هتلغيه من بكرة علشان مش انا اللي اخلي مراتي تشتغل مع خطيبها السابق، و، أه رأفة مني هسمح لك تشتغلي في أي قناة تانية هنا في مصر بس انا اكون معاكي خطوة بخطوة، وكل دا ممكن يتكنسل لو وافقت على كتب الكتاب بكرة ايه رأيك بأه؟

قالت بانفعال: - بكرة؟ هو مش كان بعد بكرة؟
ضحك مراد جاذبا اياها بين احضانه بقوة وقال: - أفهم من كدا انك موافقة على كتب الكتاب بعد بكرة؟
زمجرت همس غاضبة وقالت بحدة: - انت ما بتزهئش ابدا؟ لازم كلمتك هي اللي تمشي في الآخر؟
همّ باجابتها عندما قاطعهما صوت رجولي يقول بضحكة مكتومة: - ايه يا مراد. انت مالاقيتش غير حجرك تقعد فيه بنت عمتك ولا ايه؟

نظرت همس الى محدثهما فاتحة عينيها على وسعهما وقالت بدهشة فاغرة فاها: - خالي ادهم!
ثم دفنت وجهها في كتف مراد من شدة الخجل بينما قال مراد ضاحكا: - اعمل ايه يا بوب. لازم تكون قريبة مني كدا علشان اقدر اقنعها اننا نقدم معاد كتب الكتاب!

سمعت صوت انثوي يقول ببحة محببة: - واقنعتها على كدا يا مراد؟
شهقت وقالت وهي لا تزال دافنة رأسها في كتفه: - هاااااا، طنط تاج!
ثم تابعت بخفوت من بين اسنانها لم يسمعها الا هو: - اعمل فيك ايه دلوقتي؟ منظري شكله ايه دلوقتي؟
همس بخفوت في اذنها: - وافقي احسن لك لانك مش هتقومي من مكانك الا لما توافقي!

اقتربت ريتاج منهما وقالت وهي تميل عليهما بابتسامة: - احنا مش متفقين ان كتب الكتاب بعد اسبوعين؟ عاوز تعمله امتى يا استاذ مراد يعني؟ بعد عشرة ايام؟

قال مراد ببراءة مصطنعه: - لا يا ماما عشرة ايام ايه؟ انا عاوز اعمله بكرة!
اعتدلت ريتاج واقفة وشهقت عاليا مرددة بدهشة: - بكرة!
ثم ارتفع صوتها وهي تقول بذهول: - بكرة!
وقف ادهم بجوارها وأمسك ذراعها يقول مهدئا في حين يلقي بنظرات ساخطة على ابنه الذي يحمل تعبير البراءة المطلقة!

فقال ادهم: - اهدي بس يا تاج وانا هفهمك!
قالت بينما يحثها ادهم على السير معه خارجا من الغرفة: - دا بيقول بكرة يا ادهم! انت سمعت؟ بكرة!
قال ادهم وهو يحثها على السير معه متجهين الى الدرج صاعدين الى غرفتهما: - استهدي بالله بس وانا هفهمك!
هتفت بحدة وذهول: - تفهمني ايه؟ بيقولك بكرة!
ادهم وهو يسير معها ساحبا اياها بجواره: - هفهمك. هشرح لك كل حاجه...

اختفى صوتهما رويدا رويدا لصعودهما الدرج فالتفتت همس الى مراد الناظر اليها بمكر وكانت لا تزال جالسة في احضانه وقالت له مقطبة جبينها مستفهمة في حدة:
- هو ايه دا اللي عمي أدهم هيفهمه لطنط تاج؟ وما فهمهاش قودامنا ليه؟

مال عليها مراد هامسا في أذنها بخبث: - لالالا ما ينفعش يفهمها قودامنا خاالص. انما ما تقلقيش هبقى افهمك اللي هيفاهمهولها تمااااامولا يهمك، اصلك مش عارفة، انا طالع لوالدي العزيز. استاااااذ في، الشرح. وبالتفصيل الممل كمان! ونفسي طوييل مستعد اعيد وأزيد للصبح!

قطبت همس وقالت مستفهمة: - انت بتقول ايه؟ مراد انت شارب حاجه ولا سُخن؟
قال بغمزة من عينه اليمنى: - للأسف ما ينفعش اشرح لك دلوقتي دا انت من مجرد الكلااام بس وقرمتِ شفتي اومال لو شرحت لك بأه؟

شهقت همس عاليا وقالت بتلعثم وهي تشير الى مكان اختفاء ادهم وريتاج: - تش، تش، تشررح. لي! قصدك،؟
هز برأسه موافقا وقال غامزا بمكر: - أيووووووة، عليكي نوور!
وكزته همس بقوة في خاصرته فأطلق تأوه قبل ان تقفز وقفة من احضانه حيث كانت جالسة ووقفت امامه بينما هو يتأوه واضعا يده على مكان وكزتها ونظرت اليه من أعلى الى أسفل وهي تقول بغيظ:
- وقح!

ثم غادرته غير ملتفتة الى ندائه لها بينما ضحك مراد من بين ألمه وهو يقول: - الله يسامحك يا بوب. يعني لازم تجيب سيرة الشرح قودامها؟
ثم قال بمكر: - انما هتروحي مني فين دا انا بحضر لك في محاضرات علشان اشرحها لك من دلوقتي!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة