قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني والعشرون

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني والعشرون

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني والعشرون

- مين احمد يا لبنى؟، التفتت لبنى برأسها بقوة الى مهدي ما ان طرق سمعها سؤاله وحدقت فيه قليلا قبل ان تتمالك نفسها وتنظر في الفراغ امامها متحدثة بصوت أرادته صارما ولكنه خرج بالرغم منها مشروخا:
- اعتقد ان حياتي الشخصية منفصلة عن حياتي العملية...
أدارت رأسها ناظرة إليه متابعة بسخرية بينما ارتفع حاجبها الايمن باستفزاز: - مش دا كلام حضرتك ليا؟، لازم افصل بين حياتي العملية وحياتي الشخصية؟

نظر اليها مهدي بقوة وهو في حيرة من أمره. لا يعلم تحديدا ما الذي يجري معه؟، فهذه التي تقبع بجواره بهدوء يستفزه لسبر أغوارها تثير لديه أسوأ ما فيه، هو أبدا لم يكن بالرئيس المتطفل على حياة مرؤوسيه الخاصة، ولكنها هي من أثارت فضوله منذ ان وقع نظره عليها أول مرة...

. لا يعلم ما هذا الجاذب الذي يشده وبقوة تجاهها؟، ولكنه لا يستطيع ردع نفسه عن التعمق في حياتها ليعلم جميع خباياها، ولن يشغل نفسه الآن بمعرفة الجواب عن سبب فضوله ذلك، فسيدع الوقت يجيبه على هذا السؤال...

انتبه من شروده على تحديقها به فنظر اليها نظرة غامضة وقال ببرود: - اعتقد انك انتي اللي دمجت الاتنين في بعض، وانا سبق وحذرتك انك تفصليهم خالص، لو كنت عاوزة ماحدش يتدخل فعلا في حياتك الشخصية ما كنتيش أقحمتيها في شغلك، فما تستغربيش لما أسألك علشان أفهم إيه اللي بيحصل، إنتي من الأساس معملتيش أي خصوصية ليكي، وأظن أنا نبهتك أكتر من مرة للموضوع دا؟..

ابتسمت بسخرية وأجابت: - تسمح لي أختلف معاك!، أنا الكم مرة اللي اضطريت فيها اني أكشف عن حياتي الشخصية كانت غصب عني، ظروف اضطرتني لكدا، لكن موقف حضرتك دا وإصرارك على معرفة اجابات لأسئلتك مالوش غير معنى واحد بس، اسمح لي اسمه، فضول!

ثم تابعت بدون إنتظار سماع تعليقه وهي تحرك رأسها متصنعة السرور قائلة: - والله كويس، المدير العظيم شاغل نفسه بحياة سكرتيرته، ومن غير لف ولا دوران، انت معتقد إن أحمد دا حبيبي صح؟

نظر اليها بغموض بينما أُغلقت تعابير وجهه وسكت منتظرا تتمة كلامها فضحكت ضحكة صغيرة وأكملت:
- وانا مش هكسفك، احمد هو فعلا حبيبي، يا ترى انا كدا أبقى جاوبت على سؤالك؟، لم تترك له فرصة للرد وتابعت قائلة:
- ممكن بأه حضرتك توصلني لأني بجد تعبت!..
أطبق مهدي اسنانه بقوة حتى خيل اليه انه سمع صوت أضراسه تئن من الألم وقال بهسيس غضب من بين أنفاسه الثائرة:.

- تصدقي ما كنتش اتخيل انك واحده، انما واضح ان المظاهر خداعه فعلا!

احجم عن وصفها بكلمة نابية واندفع بقوة بالسيارة فأصدرت عجلاتها صريرا عاليا من شدة سرعتها، بينما اعترت لبنى حالة من الضيق والحزن لشكّه في سلوكها، ولكنها حاولت صرف عقلها عن سوء ظنه الواضح بها، فأهم شيء انه لم يعلم من هو أحمد، فقد كان أحد شروط وظيفتها التفرغ التام، وفي المقابلة التي أجرتها للوظيفة وعند سؤالها ان كان لديها أي التزامات قد تعوق مهام وظيفتها التي قد تتطلب منها احيانا العمل الى أوقات متأخرة وأحيانا أخرى السفر خارج البلاد مرافقة لمديرها. أنكرت وجود التزامات من أي نوع وقد ألمحت اليها الموظفة المسؤولة عن اجراء المقابلات انه يفضل لهذه الوظيفة عدم المتزوجات وهي لم تكذب فهي بالفعل غير متزوجة. الآن!، وبالتالي لم تأت على ذكر ابنها...

همست في نفسها، ليس هناك ما يحزنني، فمن مصلحتي ان يعتقد ان احمد ما هو الا حبيبا لي. فذلك سيجعله يسقطنى كلية من حساباته، فيكفي التعقيدات التي أعانيها في حياتي ولا ينقصني مدير فضولي قد يجبرني تدخله في أموري الشخصية على ترك العمل الذي أنا بأمسِّ الحاجة إليه...

أوقف السيارة أمام مسكنها، أمسكت مقبض الباب وقالت من دون ان تنظر اليه: - شكرا، ، و سكتت!
فتحت الباب من دون أن يبادلها كلمة واحده وبدلا من ذلك استمر يطبق على مقود السيارة بيديه في قوة حتى ابيضت سلاميات أصابعه وقد سلط نظراته الى الأمام وقد اكتسى وجهه بجمود تام...

ما ان ابتعدت خطوتين عن السيارة حتى دق هاتفها فانشغلت باخراجه من حقيبتها اليدوية لتسمع صوت احلام مرتعبا وهي تهتف بها ترجوها القدوم سريعا، فإلتاعت مجيبة انها بالفعل أسفل البناية وأغلقت الهاتف وركضت الى الداخل غير واعية بمَنْ لحق بها وقد راقبتها عيناه بالرغم عنه ليقطب لدى رؤيته علامات الخوف والقلق ترتسم على محياها فخرج من سيارته مقتربا منها عندما شعر بوجود خطب ما من اهتزاز صزتها وهرولتها الى الداخل ما إن أنهت المكالمة!..

فتحت باب شقتها السكنية ودخلت باندفاع تاركة الباب خلفها مشرعا وهي تنادي على احلام بخوف وهلع وفجأة ابصرت ما جعلها تشهق بعنف ثم اتجهت الى احمد الملقى ارضا وبجواره احلام تحتضنه وتمسح وجهه بقطنة مبللة فانحنت بجوار احمد وهتفت بهلع:
- فيه ايه يا ماما احلام؟، ايه اللي حصل؟

أجابت احلام من بين دموعها الغزيرة التي تملأ وجهها: - معرفش يا بنتي. قاللي عاوز يشرب قلت له هقوم اجيب لك مارضيش وقالي لا. انا اللي هروح، وغاب طلعت لاقيته مغمى عليه وحاولت افوقه بكولونيا ولا أي حاجه ما فيش فايده فكلمتك...

جذبته لبنى من بين يدي احلام واحتضنته بقوة وهي تمسح بيدها على وجهه وشعره تناديه ودموعها مغرقة وجهها:
- احمد، حبيبي، اصحى يا احمد!
على الجانب الاخر من الباب المفتوح اتسعت عينا مهدي ذهولا لدى رؤيته ل، أحمد!

سريعا صرف أي تفكير عن عقله واتجه الى الجالسة على الارض تحتضن صبيا صغيرا وقرر ان يهتم هو بالجانب العملي فربت بيده على كتفها فنظرت اليه نظرات خاوية بينما تابع هو بجدية:
- لبنى لازم نوديه المستشفى!
أومأت برأسها كالتائهة بينما تناوله من بين ذراعيها، فتشبثت به ولكنه نظر اليها برفق هامسا:
- لبنى لازم نتصرف بسرعة ونوديه المستشفى...

خففت قبضتها عنه فحمله بين ذراعيه، ونهض واقفا متجها الى الخارج ترافقه لبنى والسيدة احلام التي ارتدت عباءتها سريعا ملتفة بوشاح فوق رأسها...

وقفوا خارج غرفة الفحص بالمشفى في انتظار خروج الطبيب ولم يحاول مهدي توجيه أي أسئلة الى لبنى للإستفسار عن أي شيء مراعاة لحالتها التي يراها قاب قوسين او ادنى من الانهيار...

ما ان خرج الطبيب من غرفة الفحص حتى اسرعت لبنى اليه وهو في إثرها وقامت السيدة احلام متكأة بصعوبة على الحائط بجوارها فما حدث لحفيدها احمد جعلها تشعر بعدم القدرة على السير خطوة واحده...

تحدث الطبيب بأسلوب مهني لم يخلو من الشفقة على هذه العائلة الصغيرة وقال: - مدام، حضرتك عارفة بحالة ابنك صح؟
أومأت لبنى في جزع وأجابت بلهفة: - ايوة يا دكتور طبعا، بس هو ماشي على الأدوية اللي وصفها له الدكتور بتاعه وما تعبش او حاجه علشان يحصل له كدا؟!

تنهد الطبيب عميقا وقال وهو يضع يديه في جيبي معطفه الطبي: - للأسف، واضح ان مفعول الدوا مابئاش قوي، ولازم نعمل له العملية!
شهقة لبنى في جزع قائلة: - لكن، الدكتور بتاعه قال العملية لما يكون عمره 6 سنين هو دلوقتي 5 ونص.

قال الطبيب بلهجة متفهمة: - يا بنتي للضرورة احكام، انا ممكن اعمل كونسلتو لحالته بما فيهم الدكتور بتاعه اللي مباشر علاجه علشان تطمني، مع انى متأكد ان رأي الدكاترة هيكون زي رأيي تمام، لازم العملية وبأسرع ما يمكن، القلب ما عادش بيشتغل بصورة كافية وعلشان ننقذه لازم العملية وبسرعة!

ثم هز رأسه أسفا وتمتم مستئذنا في الانصراف تاركا الأم تحاول الوصول لقرار بشأن إبنها على ضوء التغييرات الجديدة التي طرأت على حالته...

تقدمت احلام متلقفة لبنى بين احضانها والتي اجهشت بالبكاء الحار بينما انسابت دموع صامتة من عيني احلام والتي حاولت الثبات هامسة لها بأن تدعو الله له، في حين وقف مهدي مكانه لا يعلم ماذا يفعل وعلامات الذهول والدهشة ترتسم على محياه!

اقترب بخطوات بطيئة منهما وتنحنح ليجلي حنجرته قائلا: - لبنى ما تقلقيش ان شاء الله هيقوم بالسلامة، انا ممكن اروح اجيب الدكتور بتاعه لغاية هنا خصوصا وان الدكتور هنا نصح انه ما يتحركش كتير. وبعدين لو فعلا هيعمل العملية ما تخافيش ان شاء الله هيعملها وفي احسن مستشفى كمان.

رفعت رأسها مبتعدة عن ذراعي خالتها ونظرت اليه بعينين غارقة في دموعها وقالت بصوت خرج محملا بشهقات البكاء الحار:
- يا رب يا مهدي، يا رب.
ثم تقدمت بضعة خطوات حتى وقفت أمامه لا يفصلها عنه الا بضعة خطوات، وتابعت بصوت متقطع وسط شهقاتها المتلاحقة وعينيها تتطلعان إليه بحزن وإنكسار بينما لونت السخرية نبرات صوتها:
- مش عاوز تعرف احمد يبقى مين يا مهدي؟، احمد يبقى، يبقى. ابني يا مهدي. ابني...

ثم فجأة تحطمت واجهة تماسكها الواهن لتصرخ عاليا: - أحمد إبني، إبني أنااااا، ياااااااااااارب يااارب اشفيه يااارب، يااا رب ما تحرمني منه يااااارب، إبني يارب إبني...

وانخرطت في عويل حار لتتلقفها أحلام بين ذراعيها بحنان وهي تمسح على شعرها وتهمس ببعض آيات من القرآن في أذنها لتهدئتها، بينما وقفت لبنى وقد زاغت نظراتها وتقطع صوتها بعد انهيارها، فركض مهدي بحثا عن الطبيب فقد هاله ما رآه، لقد انهارت لبنى، تلك الفتاة التي لم يكن يراها دوما إلّا مبتسمة!، ربّان إنها أكبر قليلا من طفلة، كيف لها أن تكون أما لصبي تخطى الخمس سنوات؟!، ولكنه صرف ذهنه عن هذه الاسئلة وانصب اهتمامه حاليا على سرعة إنقاذها من انهيارها العصبي ذلك كي لا تتفاقم الأمور وتتطور الى ما هو أسوأ!..

وقف يشاهد الممرضة وهي تحقنها بدواء مهديء كما أمر الطبيب بينما يتردد في ذهنه كلمتها التي خرجت بصوت ملتاع وهم يحاولون حثها على الانصياع للطبيب والرقود فوق السرير وكانت مصرة على الذهاب لرؤية إبنها ولم يفلح محاولتهم فإضطر الى رفعها ووضعها قسرا فوق سرير الفحص في عيادة الطبيب والذي سارع بأمر الممرضة بإعطائها حقنة مهدئة بينما أمسك مهدي بذراعيها قابضا عليهما بقوة بجوارها وهي تحاول الافلات صارخة بإسم إبنها:.

- احمد، ابني. ابني...
انتهت الممرضة من حقنها وقالت قبيل مغادرتها: - ما تقلقش حضرتك، الحقنة دي هتريح المدام ان شاء الله، ربنا يطمنك عليها...
وانصرفت بينما جذب مهدي كرسي وجلس بجوار الفراش التي رقدت فوقه لبنى وقد سرى مفعول المهديء فيها فأغمضت عينيها وقد خلدت الى الهدوء التام.

خاطبها بخفوت وهو يميل ناحيتها ناظرا الى وجهها الباكي بأسف وشفقة: ابنك يا لبنى!، انت عندك 23 سنة بس، خلفتيه امتى وباباه يبقى مين وفين؟!
- مراد انت هتفضل ساكت كدا على طول؟، نظر مراد من فوق حاسوبه الشخصي الى شقيقته شمس الواقفة امامه بغضب واضح، اعاد نظره الى حاسوبه ثانية وقال ببرود بينما يقوم بالعمل على حاسوبه:
- فيه ايه يا شمس؟

تقدمت شمس الى الداخل ووقفت مستندة بيديها على سطح مكتبه الصغير الجالس خلفه ومالت عليه هاتفة بحدة:
- فيه ان همس رجعت من لبنان بئالها اكتر من 5 ايام وحضرتك مطنشها ولا مكالمة تليفون حتى!

لم يطرف له جفن عند سماعه لحديثها ولولا اختلاجة عضلة فكه لأقسمت شمس ان اخيها قد استحال الى تمثال من الشمع!

أجاب مراد ببرود: - عادي، هكلمها ليه؟، هي كانت كلمتنى سألتني في موضوع سفرها؟، هي ما اتكلمتش، وانا طبيعي ما اكلمهاش، ما تشغليش بالك انتي، لو انا كنت فارق معاها كانت اهتمت انها تقول لي لكن واضح جدا انه مش فارق معاها وبصراحة. ولا أنا كمان!

صرخت شس متفاجئة وقالت وهي تتخصر أمامه: - نعم؟ ولا انت كمان فارق معاك ايه ان شاء الله؟، وبعدين انت مكبّر الموضوع ليه؟، انت عارف انها لما سافرت انتم كنتم متخانئين، وبعدين طنط راندا سافرت معاها. يعني ما سافرتش لوحدها، بقه دا بدل ما تحاول تصالحها؟

رفع مراد عينيه ناظرا اليها بجمود وقد اكتسى وجهه بالغموض التام ثم أعاد نظره الى حاسوبه ثانية وأجاب ببرود ثلجي:
- شمس، أظن سبق وقلت لك ما تشغليش بالك بينا، كل اللي تشغلي بالك بيه. فرحك وبس، غير كدا. يا ريت ما تشيليش همّ وتخرّجي نفسك برّه الموضوع دا خالص!

ضربت شمس كفا بكف وقالت وهي تستدير مغادرة غرفة اخيها: - انت مش ممكن، ايه البرود دا، ربنا يكون في عونك يا همس...
في حين لمعت عينا مراد بعد ان اغلقت اخته الباب خلفها وقال بهسيس غضب ناري من بين أنفاسه بينما يحمل في طياته وعيدا شديدا:.

- طيب يا همس. احمدي ربنا ان مامتك سافرت معاك، دا بس الشيء الوحيد اللي خلاني أهدى شوية عنك، لكن انا هعرف اخليكي تعرفي بجد، هو مين مراد؟!، ، ولمعت عيناه ببريق العزم والإصرار...

- تاج انت هتفضلي كتير كدا متجاهلاني؟

لفظ أدهم عبارته الموجهة الى ريتاج بحنق و لحق بها الى غرفتهما، لم تلتفت اليه وبدلا من ذلك شرعت في تبديل ثيابها للخروج برفقة ابنتها وراندا دون همس التي رفضت الذهاب معهن لانتقاء باقي لوازم العروس، فهي إلى الآن تعاني من قسوة مراد وعدم تلقيه اتصالاتها العديدة منذ أن عادت من لبنان، لا يريد منحها الفرصة لتشرح السبب الذي دفعها للتصرف برعونة والسفر من غير إعلامه بالأمر مستغلة ان جواز سفرها لا يزال ساريا ولم تعدل بياناته الى متزوجة بدلا من آنسة، وعليه فقد سافرت وبسهولة برفقة والدتها وذلك بعد ان اقنعت راندا نزار انها سترافقها لاختيار جهاز العروس من لبنان بالاضافة الى فستان الزفاف وابتياع بعض اللوازم لشمس أيضا والتي يحمل لها إسلام مفاجأة علم بها الجميع الا هي رغبة منه في ان يكون هو أول من يلقي اليها بالمفاجأة!..

نظرت من فوق كتفها الى ادهم الواقف بمنتصف غرفتهما واضعا يديه في خاصرته ينظر اليها بحنق شديد بينما مالت لترتدي حذائها وهي تقول بهدوء:
- انت عارف انى مشغولة في جهاز البنات...
انتهت من ارتدائها الحذاء ثم اعتدلت واقفة ورفعت عينيها ناظرة اليه بقوة متابعة: - واعتقد ان انت اللي وافقت على ان الفرح يكون في الوقت دا؟!، وطبيعي انى انشغل، الوقت أساسا صغير جدا وكأن حد بيجري ورانا!

تقدم منها أدهم ووقف خلفها بينما كانت تضع بضع قطرات من عطرها المفضل ونظر اليها بينما توليه ظهرها وقال مقطبا:
- انت بترديهالي يا تاج؟،
التفتت اليه ونظرت اليه قائلة ببرود: - أردهالك؟!
ثم ابتسمت ساخرة وسارت مبتعدة عنه قليلا وقالت وهي تلتفت ناظرة اليه ببرود: - أرد لك ايه ولا ايه يا ادهم؟، بصراحه خيرك مغرقني ومش عارفة أرد جمايلك عليا ازاي؟..

سار ادهم حتى وقف امامها وأجاب عاقدا جبينه في حنق وغضب مكتوم: - انت بتتريئي يا تاج؟
أجابت ريتاج وقد ارتسمت آيات التمرد على وجهها مشيرة اليه بسبابتها: - تفتكر انت إن دي تريئة؟، لا لا لا، انا بتكلم بجد فعلا، في الأول ما تقوليش ان ابنى ما فيهوش حاجه، وبعدين اعرف بخطوبة إسلام لبنتي، وأخيرا اتفاجيء بيك موافق ابنك على جنونه في معاد الفرح...

ارتفع صوتها وهي تتابع هاتفة بحدة: - وبعد كدا تقول لي انى ليا لسه مكان ورأي في حياة ولادي؟! ضحكت ضحكة قصيرة ممتزجة بسخرية ومرارة وأكملت:
- دا يمكن لو ما كانش اسلام قال لي على اللي ناويه كنت انت ما قولتليش الا وقتها!

قبض ادهم على كتفيها وقرّبها منه ناظرا الى عينيها بقوة وقال بهدوء يخفي غيظا شديدا من متمردته التي مهما طالت السنون لا تزال شعلة التمرد متقدة بداخلها ولا يستطيع الإنكار ان هذه الشعلة هي التي سلبته عقله و، قلبه!، قال ادهم:.

- تاج، لآخر مرة، انا اسبابي قولتها لك في موضوع مراد، وهي نفسها الأسباب اللي عشانها انا وافقت انه يقدم معاد الفرح، ونزار لو كان شايف الموضوع فيه حاجه كان اعترض لكن هو كمان كان متفهم ان ابنك عاوز يتمم الفرح خصوصا انهم لسه مش هيتعودوا على بعض، ابنك عاااااشق افهميها بأه!، وبنتك خطيبها عينه عليها من زمان وبيحبها ومتربيين سوا ويبقى ابن اخويا يعني مش ناس نحتاجين نختبرهم ولا نسأل عليهم، وبنتك هي كمان بتحبه وعاوزاه. يبقى ليه العناد؟، ولّا انت عاوزة تقولي لأ وخلاص؟

سكت قليلا بينما كسى وجهها الوجوم التام ثم تابع ساخطا بينما يستشيط غيظا: - تصدقي انت واضح كدا انك عاوزة تمشّي كلمتك بأي طريقة وخلاص، حتى لو كان على حساب ولادك!..

شهقت ريتاج بقوة لاتهامه اياها بالتعنت لمجرد رغبتها بفرض رأيها ضاربة بمصلحة ابنائها عرض الحائط. ، جذبت نفسها من قبضته بقوة وابتعدت عنه بينما هتفت بغير تصديق وقد تعثرت الحروف على لسانها لغضبها الشديد من اتهامه فيما تشير الى نفسها بسبابتها:
- انا يا ادهم؟، انا؟، انا عاوزة افرض رأيي وخلاص؟، انا مش مهم عندى مصلحة ولادي؟ انا؟

سكتت قليلا تبادله النظر هي بتساؤل وذهول وهو ببرود يناقض ما يعتمل داخله من نار مستعرة فهو بين خيارين إما أن يهزها بقوة حتى تصطك أسنانها أو أن يزرعها في أضلعه حتى تشهق طلبا للهواء، وإن كان يفضل الخيار الثاني ولكن أيّا من انفعالاته تلك لم تظهر على وجهه الذي أصبح كاللوحة الغامضة، بينما كانت هي أول من خرق الصمت المحيط بهما حيث علا وجهها تعبير التحدِّ ونظرت اليه بنصف عين وهي تتخصّر قائلة ببرود ساخر:.

- طيب يا ادهم، انا هريحكم مني خالص. وهريحك انت كمان شخصيا مني!، بس يخلص الفرح على خير الأول عشان ما مابقاش انا السبب انى خربت لهم الفرح!

تقدم منها أدهم حتى أصبح على بعد إنشات قليلة منها ومال ناحيتها ناظرا اليها بتركيز شديد بينما أشاحت هي بنظرها بعيدا وقال مقطبا جبينه:
- قصدك ايه يا تاج؟، هتعملي ايه؟
لم تجِبه، وبدلا من ذلك ظلت مشيحة بوجهها بعيدا عنه، قبض على ذراعها بقوة جعلتها تشهق والتفتت اليه بينما يرمقها بنظرات نارية وهو يتابع من بين اسنانه:.

- واضح كدا انك استحليتيها، كل شوية تسيبي البيت وتمشي، اسمعي يا تاج كلمة ومش هتتكرر، يكون تفكري مجرد تفكير انك تسيبي البيت دا او تبعدي عني ولو خطوة واحدة بس. صدقيني ساعتها هتتمني لو كنت سمعتي كلامي!..

نظرت اليه ريتاج بذهول وهتفت بدهشة عارمة ناسية قبضته المؤلمة لمرفقها: - انت. انت بتهددني يا ادهم؟!..
جذبها بشدة ناحيته حتى ارتطم رأسها بصدره العريض بقوة تأوهت لها ولم يعرها انتباهها وبدلا من ذلك اعتصرها بقوة بين ذراعيه وهو يهتف بغضب:
- انت مش بتهدديني انك تاخدي روحي مني؟، يبقى يا روح ما بعدك روح!

ابعدت رأسها جانبا بصعوبة ونظرت اليه بتساؤل فتابع بصوت تغيرت وتيرته ليخرج محملا بشوق وتوق لتلك المتمردة التي لا يكل قلبه ولا يمل من النبض بقوة لها ولها وحدها، خرج صوته أجشًّا وهو يقول ناظرا الى عينيها اللتان يطالعانه بحيرة:
- انت روحي يا تاج!، لما كل شوية تختفي من قودامي بتاخدي روحي معاكي، وأنا مقدرش أعيش من غير روحي ثانية واحده!

شعرت ريتاج باختلاجة في قلبها ومس الصدق في صوته شغافه بينما ترقرقت الدموع في بركتي عينيها الصافيتين وهمست بعتاب خافت:
- بس. بس انت قسيتي عليا اوي يا ادهم، انا يا ادهم عاوزة افرض رأيي وخلاص؟
أحاط وجهها بين كفيه وتابع قائلا بينما يمسد بإبهاميه وجنتيها اللتان مهما مر الزمان يظلان بالنسبة له في نعومة الحرير ماسحا دموعها المنهمرة:.

- حبيبتي انت نرفزتيني ببعادك عني!، انت تقريبا شبه مقطعاني وحجتك ان الفرح هيتعمل زي ما انا عاوز ودا مش صح، ابنك حبيبتي عاوز يتجوز اللي بيحبها انهرده قبل بكرة، وبنتك شمس، مش عاوزة نفرح بيها وبعريسها اللي طاير بيها؟، انا يمكن زودتها شوية بس من غيظي!، حسيت انك رجعت تاج بنت 22 سنة اللي كانت بتنرفزني بتمردها ليا!

ابتسمت ابتسامة خفيفة من بين دموعها الصامتة وقالت وهي تنظر اليه بحب فائض: - المتمردة دي انت عارف انها طول عمرها وهي متمردة وانت اللي قبلت بكدا فما تجيش دلوقتي وتشتكي!

احتضنها بقوة بين ذراعيه وهمس بشجن بينما شفتاه تلتصق بصدغها بشدة: - اشتكي؟، معقولة انا اشتكي؟، انت عارفة ان تمردك دا هو اول شيء جذبني ليكي، هو اللي خلاني دوبت فيكي!

ثم تابع مقبلا اياها قبلات متتالية على وجهها وعلى طول رقبتها: - انت جننتيني يا تاج!، عشرة ايام ما نمتش فيهم كم ساعه على بعض!، ما كنتش اعرف ان قلبك قاسي اوي كدا!، قدرتي يا تاجي، قدرت تنامي بعيد عن حضني؟

أجابت وهي تبتعد عن مرمى قبلاته الساخنة بضعف وقد بدأ الأستسلام لموج حبه الهادر يغزو أوصالها بينما ادهم يستمر في تقبيلها قبلات ملتهبة متتابعة:
- انت، انت اللي ما صدقت إنى أقولك نام على الكنبة!، تنكر انك من ليلتها ما حاولتش انك تعترض حتى؟

أجاب بلهفة وأنفاسه الساخنة تلهب وجنتيها: - كنت بعاقبك ببرودي، يمكن انت اللي ترجعي في كلامك!، لكن طلعت بعاقب نفسي قبلك!
قالت بهمس ضئيل وقد تشابكت أنفاسهما ببعضهما البعض: - أدهم انا...

لم يمهلها كي تكمل عبارتها وأسكتها بشفتيه ينهل من رحيق شفتيها، ثم حملها بين ذراعيه متجها الى فراشهما متوعدا اياها بين قبلاته الساخنة بأنه ستدفع تعويضا كبيرا عن مدة ال 10 ايام السابقة كااااااااملا، وتيبدأ الدفع الآآآآآآآن وفوراً!

( طبعا انتو فاتحين بؤكم وبتقولوا 10 ايام وعاوز تعويض!، اومال احنا نقول ايه ونعمل ايه؟، ههههههههه، يا للا اللهم لا حسد، هههههه دا أر مش حسد على فكرة، نرجع تاني؟ نرجع تاني، )...

- اسلام انت بئالك ربع ساعه بتلف وتدور على ايه؟
وقف اسلام امام شمس المتسائلة بنزق تحت النخلة الباسقة بفروعها العريضة في حديقة منزلها وأجاب بهدوء:
- مالك يا شمس؟، بقولك انت ليه ما قولتيش لهمس تجيب لك فستان الفرح من لبنان معاها؟

زفرت شمس بضيق وقالت: - لا الاه الا الله، يا بني فستان فرح من دلوقتي ليه بس؟، الموضوع كتب كتاب ولو انت هتتجنن اوي وعاوز فستان الفرح من لبنان بسيطة يا سيدي. قبل الفرح اسافر لبنان انا وماما اجيبه من ايلي صعب زي همس او حتى ممكن من على النت عادي يعني، انما كتب كتاب ألبس له فستان فرح ليه؟ ابتسم اسلام واقترب منها وهو يهمس امام وجهها قائلا:
- أصله ما ينفعش عروسة من غير فستان فرح!

ضحكت مندهشة وأجابت: - ومين اللي قال انى مش هلبس فستان فرح بس انت...
بترت عبارتها فجأة ناظرة اليه بريبة وقالت: - هو، هو فيه ايه بالظبط يا اسلام؟
قال اسلام وهو يمد يديه ببطء محيطا خصرها الذي يكاد يفتك بعقله وهو يتصدر خيالاته محتويا هذا الخصر الدقيق بين ذراعيه ليغيب صاحبته في عناق أبديّ:
- فيه ان كتب الكتاب والفرح في يوم واحد يا عروسة!

شهقت شمس عاليا وهتفت بصرخة فزع: - نعععععم؟، فرح مين دا اللي مع كتب الكتاب إن شاء الله؟
ابعدها إسلام عنه قليلا ووضع إصبعه في أذنه هازا إياه بقوة وقد جعد وجهه ثم عاود النظر اليها ثانية قائلا بإستغراب مصطنع:
- لا لا ايه يا شمس دا؟، أنا ما كنتش اعرف انك عندك حنجرة ولا المايكروفون؟!

نظرت اليه بنصف عين ثم ضربته على كتفه وقالت بحنق: - اوكي ولا يهمك، احنا لسه فيها، سيبك من المايكروفون اللي هيسور لك ودانك دا!

عاود احتضانها مجددا وسط محاولاتها الغير مجدية للإفلات منه وهو يقول ضاحكا: - لا لا لا، اسيبني منه ازاي بس؟، دا انا ما صدقت خدته، هي لعبة؟
هتفت محاولة الافلات من قبضته: - استنى بس يا اسلام وفهمني، انت بتتكلم بجد؟
نظر اليها وقال بابتسامة: - اكيد يا حبي بتكلم بجد. فهميني انت بس انت ليه معترضة؟، جهازك ومامتك وعمتك وماما خلّصوه خلاص، يبقى ايه المانع؟، عاوزة تدرسي اخلاقي الاول؟

أجابت بتلعثم وارتباك طفيف بينما اعتلت حمرة الخجل وجنتيها الناعمتين: - لا. أصل، بصراحة، الموضوع جِه فجأة!، يعني انتو اتفقتوا مع بابا ان كتب كتابنا مع جواز همس ومراد، يبقى ليه غيرتوا كلامكم؟، وبعدين المفروض تاخد رأيي مش تحطني قودام الامر الواقع!

قال إسلام وهو يعتصر خصرها بيديه مقربا اياها منه حتى كاد وجهه يلامس وجهها واشتم عبير أنفاسها الذي أسال دمه يجري ساخنا في عروقه كالعسل الدافيء:.

- اولا تقدري تقولي انى غِرت من مراد!، ايوة. ليه يعني هو يتجوز وانا لأ؟، واحنا مش لسه هنتعود على بعض ولا هندرس اخلاق بعض ولا حاجه!، وبعدين اطمنت الأول ان الكبار موافقين، وبعدين قلت لك. لأني واثق لو كنت فتحت الموضوع معاكي انتي الأول كنتِ هترفضي وتطلعي لك ب 100 حجة. صح؟

أشاحت بنظراتها جانبا مما دل على صدق حدسه فمال بوجهه هامسا في اذنها: - وانا بصراحة نفسي أغمض وافتح ألاقيكي منورة بيتي، والبيت موجود، دور كامل في الفيلا بتاعتنا، جهزته بالكامل زي مراد اخوكي تمام ما عمل، جهّز دور كامل عندكم في الفيلا، ولو ان كلام في سرك، شاكله عاوز يطلع في سكن لوحده، هو لمح لي بكدا!

نسيت أمر زفافها الوشيك دون علمها وقطبت متسائلة بدهشة حائرة: - ايش معنى يعني؟
أجابها ضاحكا: - بصراحة قال لي ان ترويض الشرسة اللي عنده هياخد وقت وهو مش مستعد حد يتفرج عليهم وعلى مفارقات همس!

ابتسمت شمس ثم انتبهت لوقوفها بين يديه فحاولت الافلات وقالت محاولة إلهائه فقد أشاعت نظراته الفوضى في قلبها الذي يتقافز كالعصفور:
- بس انا كدا مش هلحق اجيب الفستان، الفرح بعد 5 ايام!
أجاب اسلام بشرود بينما صوته خرج متحشرجا لمشاعره التي تجيش بصدره وعيناه تلمعان وهما يرقبان شفتيها المكتنزتين:
- ما هي دي المفاجأة. همس جابت لك فستان الفرح معاها من لبنان!

رفعت شمس نظراتها إليه وهتفت بدهشة جعلتها كطفلة بريئة امام عينيه اللتان تلتهمان تفاصيل وجهها:
- بجد؟
همس وهو يميل ناحيتها ولم يستطع تمالك نفسه: - بجد.

ليبتر عبارته مائلا نحوها محاولا تقبيلها، فشهقت وابتعدت بوجهها سريعا لتسقط قبلته على جانب فمها وما لبثت ان دفعته بيدها بقوة وركضت سريعا عائدة الى المنزل تاركة اياه وهو يضع يده على قلبه الذي يطرق كالمطرقة بدوي عال متنهدا بصوت مسموع يكاد يحصي الساعات والثوان حتى يحين موعد الزفاف...

دخل مراد غرفة الجلوس والقى السلام على والده ووالدته اللذان يتابعان التلفاز، نادته ريتاج قبل ان تغلق التلفاز وقد استدار ينتوي الصعود الى غرفته ولكنها اتجهت اليه وسدت عليه الطريق فيما نظرت اليه قائلة ببرود:
-انت مش ناوي تبطل لعب العيال دا؟
قطب مراد متسائلا: - لعب عيال؟، قصدك ايه يا ماما؟
أجابت ريتاج ناظرة اليه بنصف عين: - يعني مش فاهم؟

ثم تابعت من دون أن تنتظر جوابه لسؤالها: - المقاطعة اللي انت عاملها مع خطيبتك، تقدر تقولي هتنهيها امتى؟، انتم فرحكو كمان 5 ايام؟

أجاب مراد غير راغبا في متابعة النقاش بينما ادهم يلتزم الصمت جالسا على الاريكة عاقدا ساعديه يتابع الحوار الدائر بين تاج وولدها:
- ماما ارجوكي. دي حياتي، سيبيني امشيها بطريقتي!
هتفت ريتاج بحدة: - حتى لو كانت طريقتك دي غلط؟
قال مراد ببرود: - انا مش طفل صغير مش عارف مصلحته فين يا ماما، وممكن جدا بعد كم شهر اكون أب، فياريت ترتاحي من ناحيتي...

قالت ريتاج ساخرة: - لا ونعم الرجولة!

احتد مراد هاتفا: - أمي. كفاية انكم كنتم عارفين بسفرها ولا حد فيكم قالي ولا نصحها وقالها انت مش متجوزة كيس جوافة، المفروض انا اللي هو جوزها أكون اول واحد اعرف، خصوصا اننا اتناقشنا قبل كدا انا وهي في موضوع السفر دا ورفضت الا واحنا سوا، اومال انا قدمت كتب الكتاب ليه؟، انت وطنط راندا كنتم عارفين، عمي نزار ما كانش يعرف انى مش عارف ولا بابا كمان، بابا اتفاجيء لما انا قلت له وما رضيتش اجيب سيرة لعمي نزار لما كلمني من كم يوم مستغرب انى مش بروح لهم وانا بررت له انى بخلص شغل عندي علشان شهر العسل وهو قبل العذر دا.

علقت تاج مبهوتة: - انت قصدك تقول انى ماليش دعوه بيك ولا بحياتك وكفاية انى انا اللي شجعت همس؟
تابعت بحدة وقوة وقد شمخت برأسها عاليا ناظرة اليه وشرارات الغضب تتقافز في عينيها:.

- أيوة يا مراد. انا اللي قلت لهمس تسافر وانا اللي شجعتها على كدا وشجعت عمتك كمان عارف ليه؟، علشان لازم تحس بغلطتك في حقها!، المصيبة انك لغاية دلوقتي ما اعتذرتلهاش على اللي عملته!، وكل ما حد يكلمك تقول انا ما غلطتش!، أهي هيا دي البجاحه بجد!

قاطعها معترضا بحدة: - ماما!
اشاحت بيدها قائلة بازدراء: - بلا ماما، بلا بابا، انت خلِّيتها خل!، ايه ايه مالك؟!، انت طايح فيها كدا ليه؟

زفر مراد بضيق ناظرا الى أعلى بينما اشارت تاج بسبابتها مهددة اياه: - اسمع يا مراد. ومن غير يمين. ان ما روحتش تزور خطيبتك ورجعت تكلمها تاني واتعدلت معاها على الاقل علشان عمتك وجوز عمتك ما ياخدوش بالهم، وعلشان تحس هي انها عروسة عريسها ملهوف عليها، ان ما عملتش كدا انا على أتم استعداد انى افركش الجوازة ولو باقي على الفرح نص ساعة بس، مش 5 ايام!

هتف مراد بحنق بينما ادهم يكتم ضحكته بصعوبة ونهض واقفا لينضم الى ريتاج وقد احاط كتفيها بذراعه بينما وجه مراد نظراته الى والده وهو يهتف بحنق:
- ما تشوف يا بوب الموضوع دا. بتقولك هتكنسل الفرح!، هو أنا مش ابنكم ولا إيه؟، انا شكلي كدا في الآخر هطلع ابن عمتي راندا انا عارف!

قال ادهم وهو يشير بعينيه الى ريتاج غامزا بعينه اليمنى والابتسامة ترتسم على وجهه:
- بقولك ايه يا مراد من غير كُتر كلام، نفذ اللي مامتك قالته. انا مش هتدخل بينكم، ولو انى بجد شايف ان عندها حق. انت زودتها يا مراد!

تأفف مراد ولعن في سره من بين اسنانه ثم اخرج هاتفه المحمول من جيب بنطاله وضغط على بعض الأرقام حتى اذا فتح الخط تكلم مع عمته فقد آثر الاتصال بمنزل عمته رأسا فإن كان سيكلمها لخاطر والدته فلن يحادثها على محمولها بل على هاتف المنزل، قال لعمته:
- الحمد لله يا طنط، لا بس بخلص شغل عندي علشان افضى للعروسة في شهر العسل، هي عندك اكلمها؟

انتظر قليلا ثم سمع صوتا خافتا فنظر سريعا لريتاج وأدهم اللذان يراقبانه احدهما متوثبة في وقفتها تحدجه بنظرة ثاقبة والآخر بابتسامة وغمزة من عينه!، ابتعد عن مرمى سمع والديه وتنحنح قليلا قبل ان يتكلم ببرود قائلا:
- ازيك يا همس؟
سمع ردا خافتا فقال: - انت شكلك كنت نايمة؟
تنصَّت قليلا أجاب بعدها: - لا خلاص كملي نومك، انا قلت اسلم عليكي!

أنهى المكالمة ونظر الى والدته قائلا بحدة: - أهو، ولو سمحتِ ما تضغطيش عليا بعد كدا بأه، سيبيني براحتى!
أسرع مراد بالخروج بينما نظرت ريتاج في أثره وقالت بابتسامة واسعة: - اسيبك براحتك!
ثم التفتت الى ادهم وأكملت بضحكة مرحه: - أشوف وش ابنك لما يشوف همس بفستان الفرح!
علّق ادهم بابتسامة: - يا سلام! هو حلو اوي كدا؟

قالت ريتاج بثقة: - حلو اوي؟، دا حكاية لوحدها!، اللي انا اقدر اقولهولك من غير ما احرق المفاجأة، ان ابنك بعد ما يشوفه احتمال كبير جدا ما يكملش الفرح وياخد العروسة ويطير!

وتعالت ضحكات ريتاج يصاحبها ضحكات ادهم الصاخبة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة