قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث والعشرون

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث والعشرون

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث والعشرون

صوت طرقات هادئة على الباب وصل سمع مهدي ليرفع رأسه من فوق الأوراق التي يراجعها ويدعو الطارق للدخول بصوته الرخيم، صوت خفيف لخطوات هادئة لم يكد يلتقطها حتى سمع صوتا هادئا يقول:
- آسفة لو هقاطع حضرتك.
رفع رأسه متفاجئا من صاحبة الصوت ليجد انها لبنى تقف امامه بمنتهى تمالك النفس والثبات مما لا يمت بصلة اطلاقا الى الأم المنهارة التي انهارت بين ذراعيه خوفا على ولدها، انتبه من شروده ووقف هاتفا بدهشة:.

- لبنى!، غريبة. ايه اللي جابك؟
لم ينتظر سماع اجابتها واستدار حول مكتبه ليقف امامها وهو يتابع بصوت لم يخلو من القلق:
- خير فيه حاجه؟، احمد كويس؟
إلتمعت عيناها بنظرة حنان ما ان سمعت اسم ابنها وارتسمت ابتسامة ناعمة تزين ثغرها الصغير وهي تجيب:
- احمد بخير الحمد لله. انا جاية في موضوع يتعلق بالشغل.
ثم مدت يدها بورقة مطوية اليه وهي تقول بثبات تام: - اتفضل...

تناول الورقة من يدها وهو يقطب جبينه علامة الحيرة التي سرعان ما اختفت ليظلل تعبيرا من الدهشة البالغة فوق سمات وجهه وهو يرفع رأسه بعد قراءته للورقة وهو يقول بدهشة بالغة:
- ايه دا يا لبنى؟
ابتلعت ريقها واستدارت ناظرة امامها فلم يستطع رؤية تعبير وجهها كاملا حيث لم يرى الا جانب وجهها المقابل له، وقالت وهي تقف شامخه هادئة:
- زي ما حضرتك شايف، استقالتي!

اقترب منها ليقف بجوارها ويميل باتجاهها وهي على وضعيتها مشيحة برأسها بعيدا عن ناظريه بينما يسألها بحيرة وذهول وصوت اقرب الى الصراخ:
- ليه؟ استقالتك ليه؟ انت واعية للي بتعمليه؟ عاوزة تستقيلي ودلوقتي؟
التفتت اليه واضعة عيناها في عينيه لتأسره نظرة القوة التي تلتمع بين مقلتيها وقد ارتسمت آيات العزم على تقاسيم وجهها الملائكي وهي تقول:.

- حضرتك عارف ظروفي كويس. انا ما قدرش اسيب احمد دلوقتي وحتى بعد العملية ان شاء الله لازم له فترة نقاهة طويلة ومش ممكن هنزل الشغل وأسيبه مع ماما أحلام لوحدهم، وعلشان كدا انا بستقيل. علشان ظروفي من ناحية وعلشان مصلحة الشغل من ناحية تانية، ما ينفعش اقدم على اجازة وانا مش عارفة ظروفي ايه، على الاقل ممكن السكرتيرة الجديدة اقعد معاها فترة اعلمها الشغل قبل ما انشغل بعملية احمد، وعلشان كدا انا ببلغ حضرتك باستقالتي رسمي، قبلها بفترة كافية.

نظر اليها مهدي مليا ثم قال ونظرات غامضة تكتنف عينيه البندقيتين: - بس انا مش موافق على الاستقالة يا لبنى!
قطبت جبينها وقالت بتساؤل: - ليه؟
سار بضعة خطوات الى اريكة عريضة وكرسيين من الجلد الطبيعي موضوعين في طرف الغرفة واشار اليها بالجلوس فسارت اليه وجلست على احدى الكرسيين بينما جلس هو على الاريكة ومال باتجاهها وقال ضاما يديه:.

- افهميني يا لبنى وارجوكِ ما تحسيش بالاحراج من الكلام اللي هقوله بس انا بشرح لك الواقع، دلوقتي احمد هيعمل العملية ان شاء الله وطبعا عملية زي دي غير تكاليفها الكبيرة لسه فيه مصاريف علاج وغذا وحاجات كتير اوي، تقدري تقوليلي هتصرفي منين؟، واعذريني لو بتكلم معاكي في حاجه زي كدا. نظرت اليه نظرة خاطفة قبل ان تقول مشيحة بوجهها الى الجانب الاخر:.

- لا ابدا يا مهدي بيه، وقفة حضرتك جنبي انا واحمد عمري ما هقدر انساها، عموما ما تقلقش. انا عاملة حسابي، المرتب اللي كنت باخده كان بيكفينا ويفيض ومحوشة منه قرشين حلوين.

زفر مهدي مغمضا عينيه ثم فتحهما ناظرا اليها نظرة عميقة سببت اختلاجة قوية في صدرها احتارت في معناها بينما تحدث هو قائلا ببطء ليصل اليها المعنى كاملا:.

- وبعد كدا؟، لما الفلوس تخلص؟، المشوار لسه طويل، انتِ واثقة انك هتلاقي شغل يديلك مرتب كبير زي اللي كنت بتاخديه هنا؟، لو على المجموعة هنا احنا هنديكي خطاب تزكية وتوصية. بس انت عارفة ان الشغل اليومين دول صعب أد إيه!، تضمني انك تلاقي الشغل اللي انت عاوزاه؟، انا مش عاوزك تاخدي قرارك بتسرع!

نظرت اليه والحيرة والقلق يعتريان نظراتها وهي تتساءل بحزن والهم يجثم فوق صدرها: - والحل؟
ابتسم قليلا وقد دب الحماس في اوصاله فيكفي انها لجئت اليه تسأله عن الحل لمشكلتها!، هتف بحماس:.

- بسيطة. انتِ تقدمي على اجازة مفتوحة وانا بصفتي رئيسك المباشر هقبلها، ولما ظروفك تسمح. ابقي ارجعي الشغل تاني، ولو على سكرتيرة ليا في الفترة اللي هتغيبيها ممكن جدا اكلم شؤون السكرتارية تبعت لي سكرتيرة مؤقتة. ها. ايه رأيك؟

أجابت وهي تنظر اليه باستفهام: - ليه؟
قطب قائلا بشبح ابتسامة: - ليه؟، ليه. ايه يا لبنى؟
قالت ناظرة اليه بتركيز ليشرد في زمرد عينيها: - ليه بتعمل معايا كدا؟، انت سبق وقلت لي ان الشغل شغل مش دار احسان هيَّ، وكان عندك حق، يبقى بتعمل كدا ليه؟

انتبه من شروده الواضح وتنحنح قليلا قبل أن يشيح برأسه بعيدا وهو يجيب ناظرا في اتجاه بعيد عن عينيها:
- لأن دا حقك على الشركة اللي انت ادتيها من وقتك وجهدك واشتغلت فيها بمنتهى الاخلاص.

قالت بابتسامة هازئة لم تستطع إخفائها: - ما احنا قلنا. كنت باخد مرتب على الشغل دا!
نظر اليها بلوْم وقال بهدوء: - انت مش هتنسي لي ابدا الكلام دا صح؟
قطبت لبنى وهزت برأسها وهي تقول وقد انحسرت ابتسامتها: - لا مش قصدي. بس انا بكرر على حضرتك كلامك، عاوزة اعرف ليه؟

أجاب بهدوء: - لأني مش انسان معدوم الضمير يا لبنى. انا بردو بحس. ولما اشوف ولد زي احمد ابنك مالوش غيرك انتِ أمه بعد والده الله يرحمه يبقى لازم اقف جنبكم. دا أبسط شيء ممكن اعمله...

قالت وعيناها تلمعان بعرفان الجميل: - انا متشكرة لحضرتك اووي، عن اذنك
ونهضت واقفة لتنصرف فوقف هو الآخر وقال قبل ان تنصرف من امامه: - يا ريت تسمحي لي ازوركم علشان اطمن على احمد!
هربت بعينيها وهي تقول بشبح ابتسامة: - تشرفنا يا مهدي بيه.
ثم سارعت بالانصراف تراقبها عيناه وقبل ان تغادر التفتت اليه وكانت يدها فوق مقبض الباب ونظرت اليه بغموض من فوق كتفها وقالت بكل هدوء:.

- على فكرة يا مهدي بيه، والد أحمد عايش مامتش!
اتسعت عيناه في دهشة تحولت الى ذهول تام بعد ان ألقت اليه بعبارتها التالية وهي تقول متابعه بنفس النبرة الهادئة:
- احنا منفصلين واحمد عنده شهور. يعني أنا مش أرملة يا مهدي بيه، انا، مطلقة!

وانصرفت مغلقة الباب خلفها بهدوء قدر المستطاع بينما ارتسمت آيات الدهشة على وجه مهدي وهو يتمتم بذهول محدقا بعينيه في ظلّها الغارب:
- مطلقة؟، اتجوزتِ امتى واتطلقتِ امتى يا لبنى؟، وابنك دا خلّفتيه امتى؟..

- يا بنتي اهمدي بأه، بقولك مامتك وصّت ماما على فستانك واطّمني مقاسك مظبوط. انت مش قستيه؟

زفرت شمس حانقة وقالت وهي تجلس على فراش همس والذي يتوسط غرفة الأخيرة في بيت ذويها:
- ايوة يا همس بس انا متغااااااااظة!، ازاي يحددوا معاد الفرح من غير ما يقولوا لي؟ هو انا فرخة ولا مخدة هيشيلوها وينقلوها من هنا لهنا من غير رأي؟!

ضحكت همس الجالسة امامها على كرسي مرآة الزينة وقالت محاولة تهدئتها: - يا بنتي انتِ لو شوفتِ اسلام عامل إزاي. تقولي انه بطل انه هيقدر يصبر الكم يوم دول لغاية ما تتجوزوا!، يا شموسة دا شوية. شوية كان هيوطِّي على ايد خالي ادهم وخالى محمود يبوسها علشان يوافقوا انهم يتمموا الجواز مع كتب الكتاب. هتفت شمس بنزق:
- ولو!، لازم كانوا ياخدوا رأيي الأول!

تأففت همس بملل وقالت: - يووه عليكي يا شمس. خلاص اللي حصل حصل، ما تنكديش على نفسك وعلى اسلام بأه!، انا اليومين دول كل ما اشوفه ألاقي عينيه بترقص من الفرحة!

نظرت اليها شمس بنصف عين وقالت: - إمممم، طيب يا فيلسوفة عصرك، وحضرتك هتفضلي منكدة على نفسك وعلى اخويا كدا كتير؟، انتِ ناسية ان فرحنا بعد 3 ايام؟، هتتجوزوا إزاي وبوزك شبرين كدا؟

أجابت همس بحنق مشيحة بيدها في وجه شمس: - انتِ بتستعبطي يا شمس؟، انتِ ناسية اخوكي عمل ايه؟، وبعدين دا لغاية دلوقتي ما حسش بغلطته يا مؤمنه؟!، انا مش فاهمه جايب العناد والغرور دا كله منين؟!

قالت شمس: - ما هو كلمك وانتِ عملت نفسك نايمة، والمكالمة لم تتعد الدقيقة ونص وقفلتِ على طول!

قالت همس ساخرة: - وإيه يعني لما يكلمني؟، وبعدين إتكلم مرة، مرتين؟، الكلام في الموضوع دا ما ينفعش في التليفون. لازم ييجي علشان نتكلم واعرف انه حس بغلطه، لكن مكالمة بار وعتب كدا وخلاص علشان طنط تاج هي اللي قالت له، وتقوليلي كلمك! قطبت شمس حائرة:
- وانتِ عرفت منين ان ماما هي اللي قالت له؟
اتساع عيني همس أجاب عن سؤالها فأكملت شمس بخفوت لاعنة غبائها: - انت خمنتِ وانا كعادتى مدبْ أكدت لك ظنونك. صح؟

أومأت همس وقالت بنبرة باردة وعيناها كالزجاج لا تعكس أي شيء مما يدور بداخلها: - صح يا شمس!
شهقت شمس ومدت يدها تربت على مرفق همس وهي تقول برجاء: - ما تزعليش يا همس. مراد متغاظ بس مش أكتر، لكن هو كان هيتجنن اليومين اللي فاتوا عشان انت كنتِ مسافرة، وبعدين رجوعك ولوم ماما وبابا ليه انه مش بيجيلك ولا بيكلمك كل دا زودها معاه أكتر!

هزت همس برأسها وقالت وعيناها تبرقان بعزم واصرار شديدين: -ولا يهمك يا شمس، عموما انا لازم اقعد مع ابن خالي العزيز قاعدة طويلة قبل الفرح، اهم حاجه انك ما تشيليش همّ وسيبيني انا أتصرف!..

وبرقت عيناها ببريق العناد والتمرد...

- بعد اذنك يا مراد بيه الآنسة...
قاطعت همس المساعدة الشخصية لمراد بمرح زائف وهي تندفع الى داخل غرفة المكتب الخاصة بمراد في المجموعة وهي تقول بابتسامة مصطنعه:
- مفاجأة مش كدا؟
نهض مراد واقفا من مقعده الجلدي الفخم وقال وقد اعتلت عيناه نظرة غامضة موجها كلامه لمساعدته الخاصة ومسلطا نظراته على همس والتي بادلته النظرات بأخرى متحدية:
- خلاص يا شذى اتفضلي انتِ.

أومأت شذى برأسها إيجابا وانصرفت بعد أن أوصاها مراد بعدم مقاطعته سواء لمكالمات او مقابلات وإلى أشعار آخر!

ما ان اغلقت شذى الباب وراءها حتى التف مراد حول مكتبه وسار ليقف امام همس قائلا بابتسامة:
- ايه المفاجأة الحلوة دي؟، اخيرا صاحبة السمو رضيت عليا وجات بنفسها تقابلني؟
كتفت همس ذراعيها حانقة من سخريته الواضحة وقالت بنزق: - مش طالبه تريئة لو سمحت!، أنا جاية علشان الفرح اللي المفروض بعد يومين ولسه فيه حاجات ما اتفقناش عليها!

هز مراد برأسه نافيا وقال بابتسامة باردة وهي يحرك سبابته امام وجهها: - تؤ تؤ تؤ، اولا اسمه فرحنا مش الفرح!، وبعدين احنا اتفقنا مع عمي نزار على كل حاجه خلاص. المهر والشبكة والمؤخر والحاجات دي كلها من قبل كتب الكتاب كمان، ايه عاوزة تزودي حاجه؟

لم يمهلها الرد وأكمل غامزا بخبث: - اللي عاوزة تطلبيه براحتك. بصراحه انت تستاهلي!
تخضب وجه همس باللون الأحمر خجلا و. غضبا من حديثه وقالت من بين اسنانها: - وقح!
فتح عينيه على اتساعهما هاتفا بدهشة: - نعم؟
كررت كلامها قائلة بنبرة اشد: - وقح! انت وقح!..
اقترب منها حتى كاد ان يلامسها وقال بابتسامة صفراء بينما عينياه تعصفان بغضب عنيف أشاع التوتر في جسدها بالكامل:.

- أظن ما فيش واحده تقول لجوزها اللفظ دا؟!، ولما انا وقح علشان بغازل مراتي تسمي انت إيه بأه سفرك من غير إذن جوزك؟

اشاحت برأسها جانبا فكرر كلامه بنبرة محتدة بقوة: - جاوبيني!، دا تسميه ايه يا هانم؟، انا عندي دي مش بس وقاحة. لا. وقلة أدب كمان!..

شهقت همس عاليا لدى سماعها عبارته الأخيرة التي قالها بكل صفاقة، وضعت يديها في خصرها ونظرت اليه بنصف عين وقالت حانقة:
- أنا قليلة الأدب؟!، انت واعي للي بتقوله؟، وهو انا كنت سافرت لوحدي؟، ماما كانت معايا وبابا كان موافق!، وبعدين طالما رأيك كدا فيا بأه. مصمم ليه تتمم الجوازة؟، ما وافقتش على الطلاق ليه وكنت ريحتني وارتحت؟!..

- آآآآه...
شهقت همس فزعة من شدة قبضته لكتفها ولم تستطع خنق تأوهها، جذبها بقوة ناحيته وهمس أمام شفتيها بصوت حاد كشفرة السكين:.

- همس. لآخر مرة اسمعك تقولي كلمة الطلاق دي على لسانك، صدقيني. انا غضبي وحش اوي، وماسك نفسي بالعافية ومطوّل بالي عليكي للآخر، وبقول يومين وهترووق، لكن تسوقي فيها. ما تلوميش الا نفسك، واللي شفع لك عندي إن عمتى سافرت معاكى، لولا كدا. كنت هتشوفي مني وشّ عمرك ما كنت تتصوري انك هتشوفيه وبعدين عمي نزار على عيني وراسي. لكن انا جوزك انتِ في عصمتي أنا وأنا المسؤول عنك دلوقتي. يعني لما تيجي تاخدي رأي حد. يبقى جوزك يا، مدام!..

حاولت همس دفعه بعيدا عنها واضعة راحتيها فوق صدره العريض وهي تقول بحنق بالغ: - وأنا مش بتهدد يا مراد، ولو ما بطلتش اسلوبك دا. هعيد وأزيد في موضوع الانفصال، ووريني بقه ان شاء الله. هتعمل فيا ايه يعني؟، لازم تفهم كويس أوي إن أنا مش جاريتك تؤمر وتنهي وتتحكم فيها زي ما انت عاوز وهي تقول لك شبيك لبيك!، أنا إنسانة وعندي كرامتي وحريتي الشخصية اللي لازم تحترمها، مش جارية اشتريتها بفلوسك!

لم يدعها تكمل عباراتها النارية واعتصرها بين ذراعيه بشدة فيما حاولت هي الإفلات من قبضته بصعوبة ولكنها فشلت، وأثناء محاولاتها دفعه بعيدا سمعته وهو يتحدث بصوت متحشرج من بين انفاسه المتهدجة:.

- جملتك ناقصة!، كمليها!، انت انسانة وبس؟، ولا إنتِ إنسانة ومراتي؟!، عارفة لما بسمع كلمة مراتي بحس بايه؟، النار بتجري في عروقي وبكون عاوز اخطفك واحبسك في برج عالي ما حدش يشوفك ولا يلمح طرفك غيري انا!، مراتي يعني راجعة ليا أنا. أنا يا همس، وبعدين مين اللي قال انك جارية؟، إنتِ سلطانه، سلطانه على عرش قلبي، إنتِ سلطانتي يا همس!

هالها ما سمعته من إنفجاره المدوي هذا، وما رأته في عينيه من نظرات بعثت الحرارة تسري في عروقها وأشاعت الفوضى في سائر حواسها فغدت ركبتيها هلاميتين لا تكاد ساقيها تحملانها لولا انه يمسك بها وبقوة...

ولم يعطها فرصة للتعليق على حديثه ليميل برأسه باتجاهها بقوة مباغتة فيخطف شفتيها في قبلة بدأت عنيفة تحمل في طياتها حب وغضب وشوق وغيرة وفي مرحلة ما لا يتذكرا كيف تحولت قبلته النهمة الى أخرى مستجدية!، يكاد يستجديها السماح والحب في قبلته التي غيبتها عما حولها واستمر العناق طويلا حتى كاد أن يقطع أنفاسهما الثائرة!..

أنهى مراد عناقه لها بعد ان شعر بها وهي تريد الافلات منه طلبا للهواء فأبعدها قليلا ولكنه ظل ممسكا لها بين ذراعيه ثم أسند جبينه الى جبينها وقال بصوت لاهث ملتهب من الرغبة الوحشية التي تكاد تفتك بأحشائه:
- انا. هسيبك المرة دي يا همس، لكن أقسم بالله.
أول ما يتقفل علينا باب واحد ما هرحمك!

شهقت همس عاليا من شدة الخجل وحاولت الفكاك من قبضته فتركها بينما هي تضربه بقبضتيها الصغيرتين فوق صدره العريض وهي تكيل إليه السباب غاضبة وقد غدا وجهها احمر كثمرة الفراولة الناضجة:
- وقح وسافل وقليل الأدب كمان!
تعالت ضحكاته المرحة لرؤيته مدى إحمرار وجنتيها وتلعثمها الواضح في الكلام لخجلها الشديد، وأجاب وهو يرفع يديه عاليا لصد ضرباتها الصغيرة لكتفيه:.

- خلاص. خلاص، قلبك أبيض، بس خدي بالك يا همس انا مش بسيب تاري، وخلي بالك. كله سلف ودين، والحساب يجمع في الآخر!..

ابتعدت همس بحدة واتجهت الى الباب وكادت تفتحه عندما امتدت يد من خلفها لتغلقه بينما شعرت بأنفاسه الحارة فوق أذنها وهو يميل عليها هامساً:
- صحيح. انت ما عرفتنيش يعني القرارات اللي اخدتيها وجاية تقوليها لي؟!

تنفست همس بعمق وحاولت تمالك رباطة جأشها قبل ان تستدير لتنظر اليه بثبات نسبي ورطبت شفتيها بلسانها لتستطيع الكلام فلمعت عيناه كصيّاد أمسك أخيرا بفريسته التي ماطلته كثيرا، مما جعلها تشيح بنظرها جانبا وهي تقول:
- ممكن ما تبصِّيليش بالشكل دا؟
أجاب ببراءة زائفة: - أنا عملت حاجة؟، ببص وانتِ بتتكلمي. عادي يعني!
زفرت بحنق ورفعت عينيها إليه تطالعه بضيق وقالت: - ما أنا عارفة. مش هعرف آخد معاك لا حق ولا باطل...

علق مبتسما: - عليكي نور، ودلوقتي خلينا في المهم. إيه الحاجة المهمة اللي خلّت جلالة السلطانة تنزل من قصرها العالي وتيجي برجليها لغاية هنا عند العبد لله؟!

أجابت همس محاولة تجاهل دقات قلبها المتزايدة والحرارة التي تسري في جسدها نتيجة وقوفه أمامها تتنشق عطر أنفاسه الثائرة:
- أنا موافقة إننا نتمم الفرح عشان إسلام وشمس والكل فرحتهم ما تنقصش لكن. لكن احنا هنفضل زي ما احنا!

قطب مراد جبينه وقال بتساؤل: - هنفضل زي ما احنا ازاي يعني مش فاهم؟
زفرت ضيق ورفعت رأسها إليه ناظرة في عينيه بينما يحبسها بين جسده والباب خلفها وأجابت بحنق:
- يعني كأننا مش متجوزين. فهمت؟!
صمت ولم يجبها وطالعها بنظرات غامضة فتابعت متلعثمة: - يعني. يعني مش. هنتمم الجواز. خلاص. وصلت؟
سكت قليلا قبل أن ينفجر ضاحكا راميا برأسه إلى الوراء بينما نظرت اليه وعينيها مليئتان بالغيظ الشديد وهتفت بحدة:.

- أنا عاوزة افهم ايه اللي بيضحك في كلامي؟، أكون قلت نكتة وأنا معرفش؟
هدأت ضحكاته وأجاب وهو ينظر اليها بعينين تلمعان: - وهي نكتة بعقل؟، دي نكتة ونكتة ونكتة بس للأسف...
تابع بنظرات جامدة: - نكتة بايخة!، وبايخة أوي كمان، دا فيلم أبيض وأسود هابط!، وعشان ما تفكريش في أفلام عربي أبيض وأسود كتير أنا هثبت لك وحالا انه الفيلم بتاعك دا فيلم فاااااشل!

لم يمهلها الرد عليه حيث انقض عليها ملتهما شفتيها في عناق سريع خاطف وتركها وهو يلهث وهي تنظر اليه وعيناها تتسائلان بدون شعور عن سبب ابتعاده عنها!..

تحدث مراد بخفوت بعد لحظات بينما دقات قلبيهما ترتفع عنان السماء: - اتأكدت انه فيلم فاشل وأوي كمان؟!
دفعته بعيدا عنها وفتحت الباب خلفها واندفعت مغادرة وهي تترنح من فيض المشاعر التي ألهبتها بينما استند مراد بجبينه الى الباب وقال وهو مغمض العينين:
- امتى تكوني بين ايديا يا سلطانتي!

- مبروك يا اسامة يا بني ألف مبروك.
أجاب أسامة على مباركة والديه قائلا بابتسامة بينما عروسه تجلس بجواره وقد تدرج وجهها باللون الأحمر لحيائها:
- الله يبارك فيك يا حاج ويبارك فيكِ يا أمي.
قالت أمه مشيرة الى يارا لتضمها بين ذراعيها المفتوحتين لإحتواء زوجة إبنها الغالي:
- تعالي يا عروسة ابني. بسم الله ما شاء الله ربنا يبارك فيكي ويحفظك، ايه الجمال دا كله؟

ابتسمت يارا بحياء وعانقت حماتها التي قبلت وجنتيها ثم دعتها للجلوس بجوارها بينما اعترض أسامةبغضب مفتعل:
- لا لا لا، انا مش موافق يا امي، لو سمحتِ عاوز مراتي تقعد جنبي!
تعالت ضحكات الموجودين بينما تخضب وجه يارا باحمرار شديد زادها فتنة وجمال فقالت حماتها غامزة لها:
- قومي روحي اقعدي جنب جوزك يا حبيبتي، مش هخلص منه بعدين.

ضحكت يارا بينما سحبتها يد أسامة ليجلسها بجواره محتفظا بيدها طوال الجلسة في يده وكان الاحتفال عبارة عن حفل عائلي صغير في منزل يارا لم يحضره سوى والده ووالدته وجيران يارا ووالدتها وبالطبع الحاج ابراهيم الذي فرح لتلبية أسامة طلبه بالزواج من يارا، ولكنه لم يقدم على مفاتحة والدة يارا في طلب اسامة الا بعد ان تأكد من جدية اسامة في الارتباط بيارا وأنه قد تقدم اليها عن اقتناع تام بها، وكان أسامة قد صارحه انه استخار الله و تشاور مع والديه فوجد قبولا لديهما، اما بالنسبة ليارا فلدى تقدمه لخطبتها كان جوابها النفي القاطع لوالدتها عندما فاتحتها بطلبه ولكن والدتها أعلم بها وبحبها الدفين الذي تكنه لأسامة منذ ان عملت معه ولكنها كانت تدفنه داخلها لخجلها الشديد ونصحتها قائلة بهدوء وحنان:.

- يارا حبيبتي. انا عارفة انك بتحبيه. يبقى بترفضي ليه؟
أجابت يارا وعينيها مليئة بدموع محبوسة: - انتِ يا ماما بتسأليني؟، انتِ عارفة أسامة كان بيحب همس أد إيه؟، وانا مش عاوزة اكون بالنسبة له جوازة والسلام!، انا عاوزاه يبادلني نفس مشاعري...

ابتسمت والدتها قائلة وهي تمسح على شعرها الكستنائي المربوط على هيئة ذيل الفرس: - حبيبتي. الست الشاطرة هي اللي تقدر تخلي جوزها يموت فيها كمان مش يحبها وبس! اهم حاجه تكونى ذكية، تِفْهَمِيه وتعرفي شخصيته كويس، وتعامليه زي الأم بالظبط. اللي مهما ابنها عمل بتلاقيها بتوجهه وتعلمه وتنصحه بس طبعا من غير ما ياخد باله علشان رجولته هتخليه يعاند ويقولك انا اعرف اكتر منك، تحسيسيه انه هو اللي بيمشي كلمته وفي الوقت نفسه الكلمة دي او الرأي دا يبقى رأيك انتِ!، من الاخر اتعاملي بذكاء وأسامة طيب وحنيّن. صدقيني سهل اوي انك تكسبي قلبه وخصوصا انه على كلامك كان بيحب خطيبته الأولانيه بس هي ما حبتوش، يعني هو مجروح. ودي فرصتك انك تحسيسيه انه كل حاجه بالنسبة لك. عوضيه الحب اللي اتحرم منه مع حبيبته، خليه يحسه معاكي. بس من غير ما تدِّلقي عليه اوي. يعني اسقيه حبك شوية بشوية، خليه يستانه ويبقى ملهوف عليه. فهمتيني يا حبيبتي؟

أومأت يارا برأسها ايجابا فاحتضنتها والدتها بين ذراعيها مربتة على شعرها بابتسامة حانية...

أفاقت يارا من شرودها على همسة أسامة في أذنها وهو يقول بحنو: - الجميل سرحان في ايه؟
نظرت اليه بخجل وأجابت: - عاوز الصراحة؟
أومأ إيجابا وقال: - طبعا.
تابعت بابتسامة تشي بسعادتها: - مش مصدقة!، معقولة بين يوم وليلة ابقى مرات اسامة عبد العزيز المخرج المشهور!
ضحك اسامة مرحا وقال: - مشهور مرة واحده!، انتِ بترفعي معنوياتي يا يارا...

علقت بابتسامة خجل: - انت تستاهل أحلى حاجه يا أسامة. عارف لو بايدي؟، كنت اديتك جايزة أوسكار!
هتف اسامة بدهشة سعيدة: - أوسكار مرة واحدة!، عموما انا فرحان جدا عارفة ليه؟
نظرت اليه بتساؤل فتابع قائلا: - عشان الحاج ابراهيم صمم على كتب الكتاب. عشان قعدتك انت ومامتك لوحدكم، بجد الراجل دا ابن بلد وجدع فعلا وبيعاملك زي بنته، وفي نفس الوقت علشان نكون براحتنا انا وانت وما حدش يبقى له عندنا حاجه.

نظرت اليه بحيرة قائلة: - ناخد راحتنا!، ناخد راحتنا ازاي يعني؟
غمزها اسامة وهو يرفع يدها مقبلا باطن كفها ويقول: - هقولك ازاي بس بعدين. لوحدينا!
فتحت عيناها على اتساعهما بينما تسارعت دقات قلبها حتى خيل اليها ان جميع الموجودين قد سمعوا صوت دقاته!..

جلست همس تحت يدي مصففة الشعر في ذلك السنتر المخصص لتزيين العرائس وهو أشهر مكان في البلد وكان بجوارها شمس ترافقهم مها وريتاج وراندا...

شردت همس في أحداث اليومين الماضيين، فمنذ فرارها من مراد ذاك اليوم في مكتبه. وهي ترفض الرد على اتصالاته، وأقنعت والدتها انها لا تريده أن يراها كي يشتاق اليها كما هي العادة أن يمتنع العريس عن مشاهدة عروسه قبل الفرح بعدة أيام!..

ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها وهي تتذكر نص الرسالة التي ارسلها اليها عندما اتى لزيارتها وابلغته والدتها برغبتها في عدم رؤيته لكي يشتاقها، فانصرف من دون ان يظهر عليه علامات غضب او غيظ واكتفى بأن القى ببعض العبارات المرحة على أسماع عمته قبل أن يغادر وبعد انصرافه بدقائق قليلة فوجئت بوصول رسالة نصية الى هاتفها الشخصي ففتحته لقراءتها لتشهق من محتواها الذي يقول:.

- مش عاوزاني اشوفك علشان توحشيني؟، ماشي يا همس!، ويا ترى بردو مش بتردي على اتصالاتي علشان بردو صوتك يوحشني؟، عموما براحتك. بس خلي بالك. فاتورتك تقلت اوي عندي. وقريب جداً هنصفِّي حسابنا!

ابتسمت لذكرى رسالته تلك، ثم هاجمتها فحوى رسالته التي أرسلها اليها في الليلة السابقة والتي تقول:
- وقت الحساب قرب. جهزي نفسك. باقي من الزمن 26 ساعه ويتقفل علينا باب واحد ونصفي حساباتنا سوا!، ومش هفوت لك حاجه انا بقولك من دلوقتي، ما انت لو كنت قدمت السبت كنت لاقيتي الاحد والاسبوع كله قودامك بس اقول ايه؟، انت اللي ابتديتِ، استلقي وعدك بأه!

أنهت العرائس استعدادهما لحفل الزفاف وقد حضر مراد واسلام لاصطحابهما الى قاعة الفرح المقام في اكبر فندق في البلد...

التمعت عينا ريتاج ومها وراندا بالدموع المكبوتة وعانقن بعضهن البعض وعانقن بناتهن وقالت ريتاج وهي تتمالك نفسها بصعوبة من الانخراط بالبكاء لئلا تفسد زينة وجهها:
- حد يصدق ان الايام تمر بسرعة كدا. وابنك يا مها ياخد بنتي وابنى ياخد بنتك يا راندا؟، بصراحة أنا محظوظة جدا ان ولادي خدوا ولاد اخواتي...

أجابت مها وهي ترمش بعينيها لتطرد الدموع بعيدا: - فعلا يا تاج. دا أسعد يوم في حياتنا كلنا، بس ياللا بأه احسن اسلام عمل لي صداع بيتهيألي لو اتاخرنا اكتر من كدا هيدخلوا ياخدوهم بالعافية!

تعالت الضحكات والزغاريد من العاملات بمركز التجميل والتي رافقت العرائس المتجهات بصحبة الوالدات الى الخارج.

فقد مراد النطق ما ان وقع نظره على همس وحرك شفتيه بدون صوت قائلا: - سُلطانتي...
بينما تخضب وجه همس خجلا وكاد الدم ان ينفجر من وجهها من شدة احمرارها واتجهت بصحبة والدتها الى مراد الذي لم يبعد عيناه عنها بينما تقول راندا بضحك غامزة بمكر:
- مراد، مش هتبارك لعروستك؟
انتبه مراد من شروده في الحورية الأسطورة التي تقف أمامه وقال مستفسرا وهو يجيل بنظره صعودا وهبوطا عليها:
- هي، هي هتروح الفرح كدا؟

ابتسمت راندا وأجابت ساخرة: - طبعا، مش عروسة ودا فستان فرحها. ولا انت عاوزها تروح بإيه؟
قال وهو يشير اليها بسبابته صعودا ونزولا على طول فستانها الذي يكاد يُذهب بعقله:
- لا لا مش ممكن الناس تشوفها بالشكل دا!
ثم اقترب منها وامسكها من مرفقيها متابعا وصوته اجش من كثرة ما يعتمل بداخله من احاسيس متدفقة:
- انا خايف عليها من عيون الناس. انا عاوز أخبيها عن عيون الناس كلها.

قالت راندا مربتة بيدها على كتفه بمرح: - طيب ابقى خبيها زي ما انت عاوز. بس بعد الفرح، عمك نزار ومهدي وباباك وخالك محمود في القاعة من بدري. ياللا احنا اتاخرنا عليهم...

فستان همس...

ساعدت راندا ومراد همس في الدخول الى سيارة الزفاف (الليموزين) المزينة بزينة العرائس والتي يقودها حمزة السائق، وجلست راندا في المقعد الأمامي بينما ذهبت ريتاج ومها بصحبة اسلام في سيارة ليموزين أخرى مزينة أيضا للعروسين مع مسعود سائق محمود الخاص، وقد داعبت ريتاج ابنها وعروسه ببعض العبارات المرحة بينما كاد اسلام ان يشد شعره لركوب والدته وحماته معهما بينما هو يتحرق شوقا للانفراد بتلك الفاتنة التي سلبته عقله وقلبه معا بفستانها الذي اقل ما يقال عنه انه الفتنة مجسمة...

فستان شمس...

كان مراد طوال الطريق يحاول تبادل الحديث مع همس التي يبدو ان القطة قد أكلت لسانها فلم تكن تجيب على حديثه سوى بكلمتين اثنين: نعم وَ لا، فقد كانت تشعر بفوران في مشاعرها بصورة لم يسبق لها وأن خبرتها قبل ذلك، ولا تدري كنهها، وذلك ما ان وقع نظرها عليه في بدلته الرسمية الشديدة السواد والتي تتناقض مع قميصه الناصع البياض وقد أظهرت البدلة بنيته الرياضية واتساع صدره، فكانت وسامته تفوق الحد بل انها تصل الى حد الهلاك!، فلم تستطع التعامل بتلقائية معه وهو يبدو وسيما كأحد نجوم السنيما العالمية بل انها تكاد تقسم انه في وسامته قد تخطى حسين فهمي وفي بنيته فاق عمر الشريف!

وفي سيارة العروسين الأخرى كان إسلام هو الذي يبدو شاردا بينما تجاذبت شمس وريتاج ومها الأحاديث المرحة ونظرت ريتاج إلى إسلام وقالت بمرح:
- ايه يا عريس مالك؟، مش معانا خالص انت!
أجاب اسلام وهو يزيح عينيه بصعوبة عن عروسه وقد تنحنح قليلا: - لا يا طنط ابدا بس. انتو بتتكلموا وانا مش حابب أقاطعكم! قالت شمس بمكر وهي تطالعه بإستفزاز:
- معلهش يا ماما تلاقيه مخضوض!

أطلقت كلا من مها وريتاج ضحكة مرحة وقالت مها مدافعة عن ابنها: - لا لا لا يا شمس، إسلام حبيبي هيتخض من إيه يعني؟، هو بس مش مصدق الجمال اللي شايفه قودام عينيه دا. صح يا اسلام؟

كان اسلام يكور يديه في قبضة قوية حانقا من شمس التي ومنذ أن فاجئها بتحديد موعد الزفاف وهي تتعامل معه ببرود تام، بل انها أصرت ألا يراها الى أن يحين موعد الزفاف تماما كما فعلت همس. معللة بذلك كي يشتاقا الى بعضهما البعض. حتى كاد شوقه أن يقتله. خاصة بعد رؤيته لها في هذا الثوب الذي يعد الثوان والدقائق ليختلي بها فينزعه بيديه من فوق جسدها الذي يتحرق شوقا لاعتصاره!

مال إسلام على أذن شمس هامسا قبل ان يجيب والدته وقال: - لو على الخضة يا شمسي. يبقى انت المفروض تترعبي مش تتخضي بس!
ثم اعتدل موجها حديثه الى والدته تاركا شمس وقد شحبت من كلماته التي ألقاها على مسامعها والتي بدت كوعد و، وعيد!، قال إسلام مبتسما:.

- طبعا يا ماما انا مش مصدق ان الجمال دا كله بأه ملكي انا. تعالت الضحكات بينما اكتفت شمس بابتسامة صغيرة فيما عقلها يصور لها ما سيحدث لاحقا مما جعل شحوبها يزداد بل ويكاد يغشى عليها!

وقف رجال عائلة شمس في انتظار العرائس والوالدات وهم في غاية الأناقة بل يتنافسون مع العريسيْن نفسهما في جمال الطلّة!

عانق ادهم ابنه وزوجته ابنته وزوجها وبالمثل فعل نزار ومحمود وما ان ابتعد مهدي عن همس بعد ان عانقها مقبلا إياها فوق جبينها ومباركا لها حتى امتدت ذراع مراد تحيط بخصرها وقال لمهدي ضاحكا:
- لو سمحت. يا مهدي دي بئيت ملكية خاصة دلوقتي. يعني مش مسموح لحد يحضن ولا يبوس الا جوزها. اللي هو انا وبس!

نظرت اليه همس بلوْم بينما تعالت ضحكات مهدي وابتعد عنهما غامزا لهما بخبث...
ابتدأت الزفة الدمياطي بأسماء الله الحسنى لهشام عباس وتبعها أغاني الأفراح الشهيرة وقد تأبط كل من مراد واسلام ذراع عروسه حتى اذا انتهت الزفة قادوهما الى المكان المخصص لجلوس العرسان حيث جلست العرائس في المنتصف وعلى الطرفين كلا من مراد واسلام وقد مال كل واحد منهما على أذن عروسه هامسا لها...

- وحشتيني.
تمتمت همس بكلمات لم تصل سمعه فمال عليها اكثر وهو يقول بابتسامة: - مش سامع.
فكررت عبارتها والتي منع صوت الموسيقى مراد من سماعها كما كان صوتها خافتا منذ البدء، وذلك لما يجيش في صدرها من أحاسيس مبعثرة من حب وخوف و، شوق!

قالت بخفوت: - بقولك ميرسي!
ضحك مراد ضحكة جذلة دغدغت أوصالها وقال وهو يراقصها بعينيه: - بتشكريني يعني؟، لا. لو على الشكر. فإنتِ هتشكريني كتير أوي بعدين!، صدقيني!

نظرت اليه بشحوب ولم تلبث أن قتم لون عيناها ونظرت إليه هامسة بخفوت والحمرة تخضب وجنتيها. من يراها يحسبها حمرة الخجل بينما هي حمرة الغضب!، قالت هامسة له بكلمة واحده ضمنتها غيظها وقهرها منه لم يسمعها سواه:
- سافل!
تعالت ضحكاته الجذلى وابتدأت فقرات الزفاف الذي استمر الى ساعات الصباح الاولى...

تقدم مطرب الزفاف منهما وقد دعا العريس الى الغناء لعروسه فتعالت صفارات التشجيع، ، نهض مراد من مقعده المذهب وامسك بيد همس وسارا حتى توسطا حلبة الرقص وهمس باسم الأغنية التي سيشدو بها الى المطرب الذي وافقه على اختياره بهزة حماس من رأسه وابتدأ صوت مراد يعلو بالأغنية التي اختارها لهمس والتي جعلت الدموع تترقرق في عينيها، فقد علا صوته بالغناء وكأنه يقسم على نفسه أن يبرّ بكل كلمة فيها: - لو لو لو، لو كان الأمر أمري. لو كان فيه شيء بيدي. كنت أقدر أشتري لِك جزيرة. ويخت فضي، لو كان.

لو لو لو...
لو كان الأمر أمري، لو كان فيه شيء بيدي كنت اقدر اشتري لِك جزيرة ويخت فضي. لو كان...

لو، لو. لو، لو
كنت احلم أد حلمك. وأقول شُبِّيك لأمرك...
وأفرش في السكة عمري. وأجيب من البدر شمسك، وأجيب من البدر شمسك...
لو. لو. لو...
لو كان الأمر أمري. لو كان فيه شيء بيدي. كنت أقدر أشتري لِك جزيرة. ويخت فضي، لو لو لو، لو كان...

تعالى التصفيق والهتاف بينما احتضن مراد همس بقوة وقبلها على جبينها بحب وقد احمر وجهها بشدة...

وكما فعل المطرب مع مراد فعل مع همس التي شدت بأغنية كانت كثيرا ما تتمتم بها بينها وبين نفسها:
- اكتر من روحي بحبك، وحقيقي بحبك اكتر، وشعوري بحبك وكأنه دا شيء يتقدر. ولا كل لغات الدنيا تقدر عن حبي تعبر. وغُنايا بإني بحبك. اكتر من روحي بحبك. بالنسبة لدرجة حبك. رمز صغير مش أكتر. وأكتر أكتر أكتر من روحي بحبك...

احتضن مراد همس هامسا لها في أذنيها بخفوت بينما يقبل شحمة أذنها: - وأنا بموت فيكي سلطانتي...
وكما مع همس ومراد غنى كلا من إسلام وشمس أغاني نالت استحسان الحاضرين، فقد صدح صوت إسلام مغنيا تلك الاغنية التي كان كلما سمعها وكأنها تذكر حاله مع شمسه، فهي فعلا مكتوبة له منذ القدم!، غنّى إسلام قائلا:
- دي مكتوبالي. مترتبالي. شيء مش بإيدي ولا بإيدك...

شوفتك قبالي. بلبلتِ بالي. ومن ساعتها. قلبي يريدك، وبس ميلي بس ميلي بس ميلي واتبسمي لي اتبسمي لي اتبسمي لي. وبس ميلي. واتبسمي لي وشاوري ع الجنة وارسمي لي طريقها وانا اقرب بعيني، دي مكتوبااالي...

بينما شدت شمس بتلك الكلمات التي كثيرا ما طربت لها: - أنا أنا من النظرة الأولى شوفت الدنيا بلون الورد، ولاقتني بحبك مشغولة وانا قبلك ما عشقتش حد...

اييييه غيرني وغير شكل الكون في عينيا...
ايييه غير حبك يقدر يملا الدنيا عليا...
وتعالت الهتافات والتصفيق فرحا بالعرسان الاربعة، واستمر الزفاف الى ساعات الصباح الاولى...

انتهى الزفاف وقد رافق كل عريس عروسه الى جناحيْ العرائس في ذات الفندق بعد ان ودعا ذويهم والمدعوون...

كانت ريتاج تتجه الى الخارج عندما امتدت يد وامسكتها من ذراعها جاذبة اياها الى جسم صلب بقوة كادت ان تصرخ مرتعبة الا انها سمعت همسته وهو يقول:
- انا يا تاجي انا!
ابتعدت عن جسده الذي طوقها قليلا وقالت مقطبة: - أدهم؟! انت بتعمل ايه هنا؟، الكل مشي ياللا علشان نروّح. انت ناسي انه فيه عرايس عاوزين نيجي لهم في الصباحية؟

أجاب أدهم وهو يجذبها لتسير الى داخل الفندق متجها الى موظف الاستقبال وهو يقول بخفوت:
- لا طبعا ودي حاجة تتنسي!، وعشان كدا عملت حسابي عشان تعرفي ان جوزك ذكي!..
سارا حتى موظف الإستقبال الذي ناول أدهم بطاقة ممغنطة فنظرت ريتاج اليه مندهشة وسألته:
- أدهم احنا رايحين فين؟، وبعدين انت نسيت ماما؟

أجاب ادهم وهو يحيط خصرها بذراعه متجها بها الى المصعد: - ودا معقول؟، انسى حماتي بردو!، ماما سعاد يا ستي روّحت مع مها ومحمود ارتحتِ؟
فُتحت أبواب المصعد فدفعها للداخل بعد ان هز برأسه ملقيا التحية على موظف المصعد الواقف بداخله للحفاظ على سلامة ركّاب المصعد، ووقف أدهم بجوارها بينما تحرك المصعد صعودا الى الأعلى وسمعها وهي تهمس اليه بدهشة:
- وماما إيه اللي يوديها عند مها ومحمود؟

نظر اليها مصطنعًا الغضب ووضع سبابته على فمه مشيرا بعينه الى الشاب الواقف أمامهما موليا اياهما ظهره وعضّ على شفتيه مشيرا إليها بالصمت فمن الخطأ التباحث بشؤون خاصة أمام الغرباء!

وصل المصعد الى الطابق المنشود فمنح أدهم الشاب بقشيشا سخيًّا وخرج من المصعد مطوِّقا خصر ريتاج بذراعه القويّة حتى وصلا امام بابا واسعا مزخرفا بنقوش غاية في الجمال وأخرج أدهم البطاقة الممغنطة من جيبه ووضعها في مكان مخصص لها فوق مقبض الغرفة ففُتح الباب وأشار إلى ريتاج بالدخول وما ان خطت أمامه حتى شهقت عاليا فقد باغتها أدهم حاملاً لها بين ذراعيه ودخل الغرفة ثم دفع الباب بقدمه مقلقا إيّاه بينما أحاطت ريتاج عنقه بيديها وقالت بهمس أمام شفتيه:.

- أدهم انت بتعمل ايه؟
ثم ابتسمت وتابعت بخفوت: - انت هتفضل مجنون كدا على طول؟
سار بها حتى وضعها في منتصف الفراش وقال بهمس امام شفتيها الكرزتين: - آه مجنون، مجنون ريتاج...
ومال عليها معانقا لها ليحملها معه على غيمة العشق الى دنيا الحب الخام الصافي الذي مهما مرت عليه السنون فإن حبه لمتمردته لا ينقص قيد أنملة بل انه يزيد ويزيد ويزيد...

- همس حبيبتي إنتِ إتأخرتِ أوي في الحمام!
أجابت همس من خلف باب الحمام الذي تتوارى وراءه لما يقرب من نصف ساعة: - حاضر طالعه اهو.
عضّت على شفتيها زافرة بحنق من هذا المأزق التي وضعت نفسها به بينما تنتفض رعبا ممن ينتظرها خلف هذا الباب!..

تعبت من كثرة محاولاتها لخلع فستانها وشعرت بالألم في ذراعيها فتنهدت وجلست على حافة المغطس تتلمس شفتيها المتورمة بأصابعها التي كاد ان يفتك بهما مراد ما ان وصلا الى جناح العرائس حيث حملها داخلا بها الى الجناح مقبلا اياها على شفتيها قبلة أودعها شوقه كله ولم ينقذها سوى طرقات خدمة الغرف التي أحضرت عشاء العروسين كهدية من إدارة الفندق وما ان اختفى الموظف حتى فوجئ مراد باختفاء همس هي الأخرى!، بحث عنها ليجدها في الحمام الملحق بغرفة النوم الرئيسية فتركها لتكمل إبدال ثيابها واستعمل الحمام الخارجي في غرفة الاستقبال الملحقة بالجناح لتبديل ثيابه...

بعد قليل كانت همس تكاد تبكي بينما تلعن غبائها الذي دفعها لشراء هذا الفستان، وكادت ان تمزقه بيديها غيظا وكمدا فهي لا تستطيع فتح السحاب السحري كما يقومون بتسميته!، ولم تكن قد انتبهت لهذه الكارثة لدى تجربته عند شرئه فكانت البائعة هي من ساعدتها على ارتدائه كما ساعدتها المزينة على ارتدائه في مركز التجميل، وأيقنت انه لا يوجد سوى حل واحد!..

سمع مراد صوت باب الحمام وهو يُفتح فالتفت الى همس الواقفة امام الباب ولا تزال بفستان الزفاف، اقترب منها على مهل وقال مقطبا:
- ايه يا همس حبيبتي مغيرتيش هدومك ليه؟
عضّت همس على شفتيها وكادت ان تبكي وهي تقول: - أصل، أصل، أصلي مش عارفة أفتح ال، السوستة! وأشارت الى ظهرها متابعة بتلعثم:
- مُمكن؟

اقترب منها واضعا يديه حول خصرها وهمس امام شفتيها بحب: - إنتِ عارفة؟، أنا فيَّا أكيد شيء لله!، إنتِ اختفيتي من قودامي وانتهزت فرصة الرووم السيرفيس علشان تهربي مني وتحرميني من الحاجة اللي كنت طول الوقت هموت عشان اعملها!

قطبت همس وقالت متسائلة: - حاجة؟، حاجة ايه دي؟
مال عليها وقد أمسكت أصابعه بالسحاب يعمل على حسبه إلى الأسفل وهو يجيب بصوت أجش من رغبته التي وصلت ذروتها عنان السماء:
- إني أقلعك الفستان بإيديا!
شهقت همس بخجل وقالت باعتراض واه وهي تحاول الإفلات من بين يديه: - مراد...
قال بأنفاس ساخنة كادت تحرق بشرتها الحليبية وهو ينظر الى شفتيها القرمزيتين: - عيون مراد...

وشعرت فجأة بالفستان وهو ينزلق عنها ليهبط تحت قدميها ولم تشعر بأي شيء آخر بعد ذلك، فقد غيّبها مراد في عناق حار ألهب أحاسيسها وجميع جسدها ولم تعي بنفسها إلّا وهي تبادله عناقه بقوة وشوق مماثل لشوقه ورفعها متجها بها الى الفراش ووضعها بنعومة فوقه ومال عليها هامسا بأنفاس ساخنة: -.

- سلطانتي...
وأخبرها بأجمل طريقة ممكنة مدى ما يحمله لها من عشق بدأ معه منذ الصغر وكبر إلى أن أصبح أسيرا لهذا العشق!

استأذنت شمس ما إن دخلا جناحهما وأنزلها إسلام من فوق ذراعيه ولم تتح له الفرصة للإمساك بها متعللة برغبتها بالذهاب للإغتسال وتبديل ثيابها لشعورها بالحرارة الخانقة!، ولم يستطع إسلام سوى النزول عند رغبتها وهو يعض أصابعه كمداً!

اغتسلت وأسدلت شعرها وارتدت منامة حريرية بيضاء من الحرير الناعم ذو فتحة جانبية على طول ساقها الأيسر حتى الفخذ ويزين نصفه العلوي قماش من الدانتيل المخرم وذو حمالات رفيعة لا تكاد تثبت في مكانها فوق كتفيها المرمريتين وتعطرت بعطر شانيل الفواح...

خرجت من غرفة النوم الرئيسية قاصدة غرفة الاستقبال الملحقة بالجناح لترى إسلام وهو يسحب المائدة ذات العجلات التي تحمل العشاء الذي أهداه اليهما الفندق وكان ينادي عليها للعشاء ولم يكن قد انتبه لوجودها بعد:
- شمسي. حبيبي. العشا يا قلب إسلام.

رفع رأسه وهو يتحدث ليفاجأ بحورية تقف أمامه فابتلع ريقه بصعوبة وعيناه تلتهمان تفاصيلها التي تبرز من خلال ثوب نومها الذي لم يدع للخيال مجالا وقد شعر بدقات قلبه تتزايد واندفع الدم بقوة في عروقه فاتجه إليها بخطوات بطيئة بينما نظراته لا تحيد عنها، فيما تقف هي أمامه تحاول الهروب من نظراته التي تحمل رغبة عميقة لم تخطأ في تفسيرها كأنثى...

مرر إصبعه على بشرة ذراعيها العاريتين القشدية وهمس: - ايه الجمال دا؟
ابتلعت شمس ريقها بصعوبة وقالت محاولة صرف انتباهه عنها: - احنا، احنا مش هناكل؟
رفع عيناه إليها ليهالها ما تراه في أعماقهما من نظرة جعلتها تشعر بركبتيها تصطكان ببعضهما وقال بنبرة محملة بشوق مكبوت:
- هناكل طبعا. أكيد هناكل!

همست بخفر فخرجت أنفاسها تضرب وجهه وكانت هذه القشة الأخيرة التي لم يستطع بعدها تمالك نفسه بينما يراقب شفتيها العنبريتين وهما تتحركان قائلة بخفوت:
- إسلام أنا...
ولم يمهلها لتكملت عبارتها ليحتويها في عناق غيّبها عما حولها ثم مال عليها رافعا إياها بين ذراعيه واتجه بها إلى غرفة النوم ووضعها فوق الفراش وهو يواصل تقبيلها بينما انتبهت مما يحاول إسلام فعله فحاولت الإفلات منه مرارا وهي تهتف برجاء:.

- إسلام، ما ينفعش يا حبيبي!
أجابها من بين قبلاته الحارقة: - هو ايه دا اللي ما ينفعش؟!، بقه تقوليلي حبيبي ويبقى ما ينفعش!، دا هو دا اللي ينفع!

قالت برجاء حتى أنها كادت تبكي: - لا يا إسلام، والله ما ينفع. أنا...
وسكتت بينما هاله الدموع التي رآها تتجمع في عينيها فرفع رأسه وسألها عاقدا جبينه بريبة:
- انتِ؟، انتِ ايه يا شمس؟
قرّبت فمها من أذنه وهمست له ببضع كلمات ما ان انتهت منها حتى غدا لونه شاحبا ونظر اليها صارخا:
- اييييه؟، انتِ ايييه؟، وليه ما قولتليش من الأول كنا غيّرنا معاد الفرح؟

أجابت شمس ببراءة مصطنعة: - هو انت كنت قلت لي يا حبيبي قبل ما تحدده؟، وبعدين الأيام جاية كتير يا حبيبي وقودامنا العمر كله!

قال وهو يكاد يبكي من شدة الغيظ: - ولغاية امتى ان شاء الله؟
أجابت بابتسامة خجل وهي ترسم خطوطا وهمية حول عنقه وتنظر إلى حيث تفاحة آدم التي استهواها اللعب بها الآن:
- لسه انهرده اول يوم يا حبيبي!
صرخ اسلام هاتفاً: - أول يوم!، مش ممكن تكون مرتباها يعني بالشكل دا؟!
ثم ارتمى بجوارها فوق الفراش راقدا على ظهره فاردًا ذراعيه بجواره ناظرا الى سقف الغرفة وهو يردد بذهول:.

- أول يوم!، لسه أول يوم!، يا خيبت أملك يا إسلام. دا إيه الحظ دا بس يا ربي!

بينما كتمت شمس ضحكة ساخرة وتمتمت بينها وبين نفسها: - لا مش حظ، دي شطارتي انا!، بأه عاوز تحطني قودام الأمر الواقع وحددت الفرح وكل حاجة من غير ما تاخد رأيي وانا أعديها بسهولة كدا؟!، علشان تعرف إن كيدهم عظيم!، ثم دعت في نفسها إلى هذه الطبيبة التي أشارت عليها بهذا الدواء الذي تناولته ليسرع من نزول دورتها الشهرية في غير موعدها المعتاد حيث عللت لها السبب لقرب موعد فرحها، فهي تريد تقديمها عن معادها الشهري كي تستطيع الاستمتاع بشهر العسل مع عريسها ولم تعلم الطبيبة التي وصفت لها هذا الدواء التي تناولته أنها تريده عقابًا لعريسها وليس لِ، إسعاده!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة