قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

بوكيه الورد دا ليكي يا أ. همس .
نظرت همس الى باقة كبيرة من الورد الأحمر الجوري بيد منصور الساعي وقطبت مستغربة ثم تقدمت اليه وتناولته بتلقائية وهي تقول متسائلة:
- مين اللي جابه يا عم منصور وجِه امتى؟
قال عم منصور الساعي ذو الشعر الاسود الذي غلب عليه البياض والشارب الابيض وقد ظهرت تغضنات حول عينيه تشي بسنوات عمره التي شارفت الستين:.

- البوكيه دا جدع جابه بيشتغل في محل الورد قبل ما حضرتك تيجي بحاجة بسيطة وقال انه مايعرفش من مين.

شردت همس مفكرة في كلامه ثم انتبهت الى وقفة الساعي فرسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها وقالت له بهدوء:
- شكرا يا عم منصور.

انصرف منصور الساعي فيما اتجهت هي الى مكتبها لتضع باقة الورد الموضوعة في سلة من الخيزران ليسهل وضعها على السطح الأملس، ثم ابتعدت قليلا لتطالعها فسرَّها منظر الورد اقتربت ومالت على الباقة لتستنشق عبير الورد الفوَّاح مغمضة عينيها وقد لامست ساق وردة من الورود ثم فتحت عينيها ونظرت مليا الى الورود لتنتبه الى بطاقة صغيرة مشبوكة على احداها قطبت ثم سحبتها برقة وفتحتها لتقرأ فحواها والتي ما ان بدأت عينيها تجري على الكلمات حتى فتحت عينيها على وسعهما وقد شهقت دهشة مما قرأته فقد كانت العبارة التي أصابتها بالذهول التام تقول:.

- صباح الورد، مالاقيتش أحلى من الورد يكون مرسال الصباح ليكي، لوردة حياتي، ثم ملاحظة سُطرت أسفل البطاقة بخط رفيع تقول: من هنا ورايح هكون أول واحد يصبح عليكي لغاية ما تكوني في بيتي وساعتها أشوفك قودامي وتكوني بين إيديا وأقدر أصبح عليكي بطريقتي، في انتظار تنفيذك للي قلتلك عليه، حبيبك الأوحد / مراد!..

نظرت همس بدهشة الى البطاقة في يدها وعاودت قراءتها مرارا وهي تقول بهمس: - انت اتجننت أكيد!
جعدت البطاقة في يدها وهي تكرر كلمتها: - مجنون انت اكيد مجنون...

وهمَّت بإلقائها في سلة المهملات حينما فُتح باب المكتب فجأة وسمعت صوتا يلقي عليها بتحية الصباح فشهقت من المفاجأة وسريعا خبأت البطاقة في جيب بنطالها وهي تلتفت ناحية الصوت ثم انفرجت اساريرها وردت تحية الصباح قائلة بابتسامة خرجت بالرغم عنها يشوبها بعض التردد:
- صباح النور يا اسامة.

دخل اسامة متقدما ناحيتها وهو يقول مبتسما مقطبا بتساؤل: - اللاه. مالك يا همس شكلك مخضوض ليه؟ انت كنت بتكلمي نفسك قبل ما ادخل؟
شتمت مراد في سرها الذي وضعها في هذا الموقف ثم تدبرت ابتسامة صغيرة قبل ان تقول:
- لا ابدا بس اصلك فتحت الباب مرة واحده وانا كنت سرحانه شوية فاتخضيت.
لفت انتباهه باقة الورد الضخمة الموضوعه على سطح مكتبها فأشار اليها وهو يقول بابتسامة حائرة:.

- الله الورد دا شكله حلو من مين الورد دا؟ ويا ترى بأه الورد دا سبب سرحانك؟
بلعت همس ريقها وتلعثمت قليلا قبل ان تحاول تمالك نفسها لكي لا تدع مجالا لدخول الشك والريبة الى قلب اسامة فقالت بثبات نسبي:
- من معجب يا سيدي. بيقول انه معجب بالبرنامج بتاعي ومن أشد المتحمسين له وبيتابع حلقاته كلها.

اقترب منها اسامة ووقف امامها ثم لف ذراعيه حول خصرها ليشدها قليلا ناحيته وقال بابتسامة حنون:
- اذا كان كدا يبقى سماح بس يكون معجب بالبرنامج بس او معجب علشان طريقة اللي بتقدم البرنامج ماشي لكن معجب باللي بتقدم البرنامج نفسه لا وألف لأ كمان!

ضحكت همس برقة بينما وضعت يديها الرقيقتين على صدره محاولة دفعه قليلا وهي تقول بخجل:
- ووقوف حضرتك معايا بالطريقة دي بردو لأ والف لأ!

تنهد اسامة بعمق ثم أسند جبينه الى جبينها وقال: - امتى ربنا يقرب البعيد يا همس وأغمض وأفتح الاقيكي منورة بيتنا، انا حاسس انى بحلم ومش هصدق انه مش حلم الا لما تكونى بين ايديا في بيتنا انام كل ليلة على صورتك واصحى كل يوم على صوتك، انا خلاص ما عودتش قادر يا همس، بحبك، بحبك أووي وعمري ما كنت اتوقع انى هحب حد للدرجة دي!

عضَّت همس على شفتيها وقد ترقرقت الدموع في عينيها فأغمضت عينيها بقوة ثم فتحتهما كي تبعد الدموع عنها، فقد هالها كمية المشاعر المختزنة في قلب اسامة ناحيتها وأوجعها انها لا تبادله مشاعره بنفس القوة فأسامة بالنسبة لها كان عريس ينطبق عليه مواصفات القبول ويطابق اختيار العقل بينما القلب له حسابات أخرى، قررت بينها وبين نفسها ان اسامة لا يستحق منها ان تغدر به وانها ستحاول مبادلته مشاعره وان اخفقت فيكفيها حبه لها الذي سيجعلها تشعر بالأمان معه عكس مراد فحبه لها يقلب حالها وكأن اعصار قد داهمها!

قالت بابتسامة ناعمة: - هانت يا اسامة وبعدين ما احنا كل يوم مع بعض في الشغل وبالليل على التليفون يا اما بتيجي تزورنا يا اما بنخرج سوا الموضوع كله كم شهر بس لغاية ما الشقة تتوضب وانا كمان ألحق أجهز حاجتي.

اسامة وقد اشتدت ذراعيه حول وسطها: - مش دا القرب اللي انا اقصده يا همس وانت فاهمه كدا. القرب اللي انا عاوزه انى لما احتاج لك الاقيكي قودامي احس بنفسك على وشي اسمع صوتك بيهمس في ودني احس بإيديكي حواليا. ودا مش ممكن يكون غير لما يتقفل علينا باب واحد! شوفتي بأه انت قاسية ازاي؟ انا حاسس اني بس اللي بتعذب وعاوز نكون مع بعض بسرعه انما انتِ حاسس انك واخده الموضوع بهدوء وكأن المشاعر اللي جوايا دي مش واصلاكي! انا متأكد لو عندك نص مشاعري بس كنت هتبقي ملهوفة زيي اننا نتجمع بسرعه!

قالت همس بهدوء واحساس بالذنب يكتنفها لوجود نسبة كبيرة من الصدق في كلام اسامة لم تستطع نفيه ولكنها على قدر ما استطاعت حاولت توخي الصدق فهو لا يستحق منها سوى الصدق:.

- اسامة انت عارف ان البنت بتبقى خجلانه انها تعبر عن مشاعرها وبعدين انت لما فاتحتنى في ارتباطك بيا وعدتنى انك مش هتستعجلني وهتديني وقتي كلو وانا ما كدبتش عليك وقلت لك عن سبب بعدي عن أي علاقة او ارتباط وانت تفهمت دا، بص انا مش هكدب عليكي واقولك انى حاسة نفس احساسك بالظبط لكن كل اللي اقدر اقولهولك انى معاك يا اسامة بحس بالأمان والحماية، أمان عمري ما حسيت بيه غير مع بابا بس، معاك انا مطمنه وقلبي مطمن. معاك بكون فخورة انى خطيبتك وبتباهى بيك، معاك بحس ان الرجولة مش ازاي تجبر اللي قودامك انه ينفذ كلامك لأ. الرجولة ازاي تحتوي اللي قودامك بحنانك وحبك ليه فتخليه عاوز ينفذ اللي انت عاوزه علشان بيحبك مش علشان خايف منك. دي مشاعري دلوقتي يا اسامة من غير تزويق ولا تجميل!

اشرقت تعابير وجه اسامة وقال بابتسامة عريضة: - وانا كفاية عليا اوووي دلوقتي مشاعرك دي وانا متأكد اني قريب اوووي هسمع منك الكلمة اللي بحلم انى اسمعها من شفتيكِ.

ثم مال على اذنها هامسا لها: - كلمة بحبك! لاني انا كمان مش بس بحبك لأ، انا بمووت فيكي وعهد عليا يا همس اني ما أخلي الحزن يعرف طريقه لقلبك ولا الدموع تقدر توصل لعينيكي!

شعرت همس بطعنة غائرة في قلبها ووخزتها الدموع وهي تهمس في سرها: - آهٍ منكَ يا قلبْ! هل لمثل هذا القلب العاشق أن يُترك؟ هل سيعشقك مراد كما يهيم بك اسامة عشقا؟ هل ستصبر على عدم اندفاع مراد في حبك وتترك آخر يكاد يطوي المسافات للوصول اليك؟ ليجيبها قلبها قائلا:
- انه الحب! مجنون هو الحب! يأتي من دون سابق انذار ويهجم على القلب العاشق فيُرديه قتيل الهوى والعشق من دون لماذا وكيف ولِمَ أو. متى؟

افاقت همس من شرودها على صوت اسامة وهو يناديها بخفوت فنظرت اليه ودفعته دفعة خفيفة فاستجاب لها هذه المرة وابتعد قليلا وقد انزل ذراعيه المحيطة بها وما ان همت همس بالكلام حتى اندفعت يارا الى داخل المكتب وهي تقول باندفاع غير منتبهة للصمت الذي يسود المكان:
- همس أنا...
ابتعدت همس عن اسامة بينما تلعثمت يارا وهي تقول بينما نظراتها تتبعثر يمينا ويسارا:
- انا. انا آسفة معلهش دخلت كدا مرة واحده بس...

قاطعتها همس بابتسامة صغيرة وهي مشفقة عليها من ارتباكها: - حصل خير يا يارا ولا يهمك حبيبتي في حاجه يا يارا؟ اؤمري؟
نظرت يارا الى اسامة نظرة سريعه قبل ان تشيح بنظرها سريعا كي لا ينتبه أيهما الى نظراتها وقالت وقد ارتسمت علامات الوجوم على وجهها:
- ابدا، كنت عاوزة اراجع معاكي اسكريبت الحلقة قبل ما نطلع ع الهوا...
سار اسامة بضع خطوات قبل ان يقف على مقربة من يارا ونظر اليها وهو يقول مبتسما:.

- عارفة احلى حاجه بحبها في يارا ايه يا همس؟
عصف قلب يارا بين جوانحها لدى سماعها كلمة احب مقرونة بإسمها وخانتها عيناها التي طارتا لتحطا بنظراتها على صفيحة وجهه لتتشرب كامل خطوطه وتعاريجه لتصبح مرسومة في ذاكرتها تستحضرها وقت تشاء بينما يتابع مجيبا على تساؤل يارا الصامت الذي عبرت عنه همس بالكلمات حين سألته بابتسامة عمَّا هو هذا الشيء؟ حيث قال:.

- يارا اكتر واحده اشتغلت معاها من بين كل المساعدين اللي اشتغلت معهم دقة واخلاص، لما بكلفها بحاجه بكون حاطط في بطني بطيخه صيفي انها هتسد في اللي طلبته منها بجد، واضح انك لما بتحبي شغلك بتخلصي اوي فيه.

لم تستطع يارا منع نفسها عن ان تعلق قائلة بصوت يكتنفه الشجن: - انا كدا يا أ. أسامة لما بحب بحب بكل وجداني.
انتبهت لاعترافها فحاولت تشتيت الانتباه عما تعنيه فأضافت قائلة: - انا علشان حبيت شغلي اووي أخلصت له اووي علشان بردو اكون ناجحة اووي ومتميزة فيه، ما هو فيه فرق بين مخرج ومخرج ناجح ومخرج ناجح ومتميز وانا عاوزة اكون مخرج ناجح ومتميز.

ابتسم اسامة وصفق لها قائلا ونظرة اعجاب بما قالته تلوح في ناظريه: - برافو يارا.
استأذنت يارا في الانصراف قائلة: - انا هستأذن دلوقتي وابقى آجي كمان شوية. عن اذنكم و آسفة كمان مرة على مقاطعتكم.

وغادرت منصرفة بسرعه ولكن ليس بالسرعه الكافية فجعلت همس تلمح نظرة عتاب ممزوجة بألم في عيني يارا ولكن ما اثار استغراب همس ان هذه النظرة كانت موجهه ل، أسامة وحده!..

قطع اسامة على همس استرسالها في افكارها وهو يقول لها بهمس محبب: - اللي واخد عقلك؟
انتبهت اليه ونظرت اليه وهي تقول بابتسامة ناعمة: - يتهنى بُه.
هتف اسامة باندفاع: - همس بقولك ايه. ايه رايك نكتب الكتاب دلوقتي والفرح يبقى براحتنا؟
قطبت همس وقالت بتردد ملحوظ: - ايوة بس دا ماكانش اتفاقك مع بابا؟

اقترب منها ونظر اليها بعينين تبرقان بمشاعر جياشة وقال: - اعملك ايه بس أهي حاجه تصبرني لغاية ما نبقى سوا في بيتنا!
قالت باضطراب واضح: - بس. بس انت عارف يا اسامة انه كان شرط بابا انه كتب الكتاب والفرح يبقوا في ليلة واحده!

قال بصوت أجش بينما نظراته تتابع حركة شفتيها الكرزتين: - انا كفيل بعمي نزار وهقدر أقنعه بإذن الله المهم اننا يبقى رأينا واحد. انت كل اللي عليكي انك تقولي لي حالا دلوقتي انك موافقة وسيبي الباقي عليَّا!

قالت همس بحيرة: - أنا...
قاطعها رنين هاتفها المحمول فاستأذنت من اسامة للرد عليه، تناولته من فوق سطح مكتبها ومن شدة ارتباكها من حديث اسامة لم تتطلع الى اسم المتصل لتفاجأ بمن يقول لها بصوته الرخيم الواثق الهادئ:
- عجبك الورد؟
كتمت همس شهقة عاليه لسماع صوت مراد ولم ترد فيما تابع هو قائلا بينما نظرت الى اسامة بتلقائية ليقابل نظراتها بابتسامة:.

- أنا عارف ان الورد الاحمر هو رسول الغرام. يا ترى همس لك بإيه وانت بتشمي ريحته الجميلة؟ انا بلغته كلام كتير بوصلهولك يا ترى وصلك يا همس؟

ارتبكت قليلا ثم اشاحت بنظرها عن اسامة وأولته ظهرها محاولة التماسك وهي تجيبه قائلة بعد ان تنحنحت لتجلي حنجرتها وقد تجاهلت شقه الثاني من السؤال عن عمد:
- آ. آه، كويس...
قطب مراد وقال مستفهما: - مالك يا همس؟ صوتك مش عجبني؟
أجابت همس وهي تحاول التحدث بتلقائية كي لا تثير ريبة اسامة وفي نفس الوقت كي لا ينتبه مراد لسبب ارتباكها:.

- لا ابدا مافيش بس مشغولة شوية عموما ميرسي اووي على اللفتة الظريفة دي بس مافيش داعي تكلف نفسك تاني!

صمت تام قابلها من الناحية الاخرى من الهاتف قبل ان تسمعه وهو يقول بهدوء ينذر باقتراب العاصفة:
- هو جنبك؟
لم تجد همس مفرا من الاجابة فأجابت ببرود: - أيوة.
قال بقسوة: - هتخلصي من الفيلم الهابط دا امتى؟ خلِّي بالك انا صبري خلاص قرب ينفذ، حطِّي حد للبني آدم اللي انت حشرتيه بيننا دا بدل ما انا أتصرف!

لم يعجبها اسلوب الأمر الذي خاطبها به فقالت ببرود تام: - الفيلم عجبني، لم تعطه الفرصة للرد عليها وبدلا من ذلك قالت: - انا مشغولة، سلام.
وسارعت بإنهاء المكالمة من دون ان تترك له المجال للكلام مجددا...
قبض مراد على هاتفه بقوة وكاد ان يقذفه بالحائط امامه لينفس قليلا عن غضبه ولكنه تمالك نفسه وهتف بغضب عنيف بصوت خرج كالفحيح من بين اسنانه:.

- بتقفلي في وشي السكة يا همس! ماشي يا همس واضح كدا انك كنت فاكراني بتكلم في الهوا ولا بهوِّش! انا سِبتك علشان اشوف هتتصرفي ازاي لكن خلاص انت كدا استنفذت فُرصك كلها دلوقتي دوري انا بأه، علشان تعرفي اني اما بقول بنفذ ولو انت مش عاوزه تسيبيه بسيطة. نخلِّيه هو اللي يسيبك!..

ثم ابتسم ابتسامة مليئة بالخبث وعيناه تلمعان ببريق المكر والدهاء...
ايه يا همس كل دي مكالمة؟ .
افاقت همس من شرودها على صوت اسامة فانتبهت اليه وقالت راسمة ابتسامة صغيرة على وجهها:
- لا ابدا ما تاخدش في بالك.
ثم تابعت محاولة اضفاء المرح على صوتها: - ممكن بأه سيادة المخرج الهُمام يروح يشوف شغله علشان انا هطلع هوا كمان شوية وعاوزة ألحق اراجع الحلقة؟!

هز رأسه موافقا واتجه ناحية الباب ليخرج وقبل ان يدير مقبض الباب نظر اليها من فوق كتفه وقال بابتسامة:
- اعملي حسابك انت معزومة انهرده على الغدا هنخلص شغلنا ونرُوح نتغدى سوا اوكي؟

هزت برأسها ايجابا فلوَّح لها بيده وانصرف مغلقا الباب خلفه بينما تغير تعبير وجه همس واختفت ابتسامتها المرسومة واحتل بدلا عنها تعبير يشي بالقلق الذي يعتريها وهي تقول في نفسها:
- يا ترى ناوي على ايه يا مراد؟ وآخرتها؟..

شمس
التفتت شمس لترى من يناديها فطالعها وجه رامز صديق أخيها مراد ابتسمت شمس مرحبة به بينما اقترب هو للسلام عليها ثم سألها عن مراد قائلا:
- اخوكي من ساعة ما قعد اليومين اللي قعدهم معايا ومشي لا حس ولا خبر انا قلقت بصراحه قلت يمكن حصل حاجه حتى موبايله مش بيرد عليه؟!

ضحكت شمس وقالت وهي تشير بيدها نافية تخمينه: - لالالا انت عارف انت صاحب مراد أد ايه واكيد مراد مشغول وانت عارفه لما بيكون فيه حاجه شاغلاه بيبقى عامل ازاي.

قال بابتسامة: - انت هتقوليلي. لالالا. طالما كدا يبقى بلاش اكلمه دلوقتي احسن خلّيه لما يروق خالص بدل ما يطلَّعهم عليَّا.

ضحكت شمس ورامز وفجأة علا صوتا مناديا لشمس بقوة فالتفتت لتفاجأ بإسلام وهو يقترب منهما بحركة سريعه ووقف جانبهما ثم رحب برامز بينما نقل نظراته بينهما وقال:
- ازيك يا رامز اخبارك؟
رامز بتلقائية: - الحمد لله بخير انت عامل ايه ما عُدناش بشوفك خالص يعني؟
أجاب اسلام بينما عينيه متعلقتان بشمس التي اشاحت بنظرها جانبا تاركة اياه يتبادل الحديث مع صديقه بحرية:
- ابدا مشاغل.

استأذنت شمس بالانصراف فودعها رامز مشددا عليها بايصال سلامه الى مراد وانه لا بد وان يتقابلا مرة اخرى في النادي فهزَّت برأسها مبتسمة واستدارت لتنصرف فقبض اسلام على معصمها ومال عليها هامسا:
- ماتروَّحيش قبل ما تكلميني أنا عاوزك. اقعدي في أي حتة وانا شوية وهحصلك.

قطبت شمس مندهشة ولكنها هزت برأسها موافقة على طلبه لها بانتظاره وما ان توارت عن انظارهما حتى قال رامز بصوت شارد بينما لا تزال عيناه تتبعان النقطة التي اختفت فيها شمس:
- كبرت اووي!
قطب اسلام ونظر اليه سائلا اياه بريبة بينما انقبض قلبه من تعليقه بخصوص شمس فقال مستفهما:
- مين دي اللي كبرت؟
أجاب رامز شاردا: - شمس!

قطب اسلام مستهجنا كلامه فيما تابع رامز غير واعي للمرجل الذي بدأ يفور بجانبه: - بئالي مدة طويلة أووي ماشوفتهاش. دايما بقابل مراد برَّه أو عندي. انهرده اول مرة أشوفها من اكتر من سنة، فجأة لاقيت قودامي بنت زي القمر لدرجة اني لما ناديت عليها توقعت انها تقولي انى غلطان وانها مش شمس!

قطب اسلام وقال محاولا تمالك نفسه ومسايرته ليعلم ما الذي يحاول قوله واستطاع بصعوبة اضفاء طابع المرح على صوته:
- جرى ايه يا رامز انت ناسي انها بنت عمي؟ بتتغزل فيها قودامي ولا ايه؟
فوجأ رامز من قوْل اسلام وهز رأسه نفيا عدة مرات قبل ان يقول: - لالالا ابدا انا بس...
ثم بتر عبارته وتابع قائلا بلهفة: - بقولك ايه، تفتكر مراد ممكن يرفض؟

لا يعلم اسلام لم شعر بالعرق يتفصد منه وهو يسمع سؤال رامز فيما نغزه قلبه فابتلع ريقه بصعوبة قبل ان يقول:
- يرفض؟ يرفض ايه؟
نظر اليه رامز قائلا وابتسامة واسعة تشق وجهه وهو يقول بصوت محمل باللهفة: - اني اخطب شمس؟
لم يكن اسلام جاهزا للصدمة التي تلقاها لتوه من رامز الذي افصح عن رغبته بالتقدم لخطبة شمس وقال بصدمة بالغة بينما آيات الذهول ترتسم على وجهه:
- ايه؟ تخطب شمس؟

تابع رامز مؤكدا باندفاع غير واع الى النار التي يُشعلها وينفخ فيها بقوة فتزداد اضطراما:
- آه، أخطبها، عارف كان جوايا احساس غريب كل ما بشوفها بحس بيه ومعرفش اسمه لكن انهرده بس عرفته! لما شوفتها عرفت الاحساس دا اسمه ايه والدغدغة اللي بحس بيها في مشاعري معناها ايه؟ وليه كنت بفرح اول ما ألمحها صدفة هنا ولا في المرات القليلة اللي كنت بروح فيها لمراد!

قال اسلام بجمود تام لم ينتبه اليه رامز: - اسمه ايه؟
قال رامز كلمة واحده محملة بمشاعر دافئة ولكنها كانت كفيلة بفتح أتون من الجحيم شعر به اسلام يصدر من منابت شعره الى اسفل صوابع قدميه حيث قال رامز بصوت مشبع بالدفء:
- الحب!

لم يستطع اسلام تمالك نفسه واذ بقبضة صاروخية تهوى على فك رامز لتسقطه على الارض وسط ذهول كبير منه بينما كان اسلام يلهث من شدة الغضب، قام رامز من سقطته وقال بحدة بينما يمسح خيط الدماء الذي سال من شفتيه:
- ايه يا بني انت اتجننت؟ هو انا بقولك عاوز امشي معاها؟ انا بقولك بحبها وعاوز اتجوزها؟

امسك اسلام بياقة قميصه وجذبه ناحيته بشدة وقال له بعنف بينما يسند جبهته إلى جبهة رامز:
- لو سمعت انك اتكلمت معاها او مع مراد او لمحت مجرد تلميح ليها بالكلام التافه دا ما تلومش غير نفسك! شمس تنسى اسمها خالص تشطبه من دماغك ولو حصل وشوفتها صدفة تمشي من طريق تاني خالص غير اللي هي ماشيه فيه مفهوم ولا لأ؟ وإلَّا ما تلومش غير نفسك انت في الآخر يا رامز!

امسك رامز بيدي اسلام التي تقبض بقوة على ياقة قميصه وانزلهما بقوة لتشبث اسلام بياقته وقال ساخرا:
- الله دي غيرة بأه؟ ولم ينتظر اجابة اسلام على سؤاله وبدلا من ذلك تابع قائلا بسخرية:
- وطالما انت بتحبها اوي كدا مابتخطبهاش ليه؟ ولا انت ناوي تضرب كل عريس يتقدم لها؟ طيب انا وعلشان صاحبك واتكلمت قودامك، اومال لو جِه عريس تانى وتالت ورابع هتعمل ايه؟ ايه هتمشي تلف على الناس في بيوتها تضرب فيهم؟

نظر اليه اسلام بغضب وقال بعنف بالغ: - مش مشكلتك...
هي كلمة واحده موضوع خطوبتك لشمس دا تنساه تماما، ثم تابع مبتسما بسخرية وقال:
- وعموما شكرا ع النصيحة انا فعلا ما ينفعش ألِّف ع الناس في بيوتها اضربهم. علشان كدا تأكد انك في اقرب وقت هيوصلك كارت فرحنا انا، وشمس!

وانصرف تاركا رامز يحك ذقنه موضع اللكمة مبتسما بسخرية وهو يهتف في سره: - مجنون! واحد مجنون شمس والتاني مجنون، همس!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة