قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

إلتفت سريع ينظر خلفه إتسعت عيناه بذهول حين تفاجئ بوجود يزن يقف بوجهه، ينظر إليه بتمعن فعاود الحديث مرة اخري على عجل وهو ينهي المحادثة مع إيناس بمراوغة: طب مع السلامة أنت الوقت يا باشا وأنا هبقا اكلمك في وقت تاني
ودقق النظر بعين يزن وتساءل بتعجب وحذر: خير يا يزن، فيه حاچه؟
أجابه يزن بإقتضاب وعيون مشككة: أنا اللي چاي لچل ما أسألك، هو فيه إية بالظبط يا قاسم؟

قضب جبينه وتساءل مستفهما: تجصد أيه بحديتك ده، يا ريت توضح سؤالك لاني مبحبش الكلام العايم دي
نظر يزن داخل عيناه بقوة وتساءل بنبرة حادة: كنت بتكلم مين في التلفون يا قاسم؟
وأكمل مفسرا: دي مش أول مرة تجوم من مكانك وتاچي إهني وتجعد تتحدت وإنت بتتلفت حواليك كيف اللي عامل عاملة
إستشاط داخل قاسم من تساؤل ذلك المتداخل وأجابه بحدة بالغة: كنك إتخبلت يا يزن، مالك إنت باللي بكلمه، مركز ويايا لية إكدة؟

تحدث إليه يزن بحديث ذات مغزي: إسمعني زين يا قاسم وحط الكلمتين دول حلجة في ودانك، صفا لو إتأذت منيك ورب الكعبة ما هرحمك
رفع حاجبيه بإستنكار ثم هتف قائلا بصياح غاضب: إلزم حدودك ومتنساش إن اللي بتتكلم عليها دي تبجا مرتي، يعني عرضي وشرفي اللي مهجبلش بتلميحاتك السخيفه دي عليها.

واسترسل حديثه مفسرا بنبرة حادة: إسمع يا واد عمي، أنا ملاحظ إن من يوم ما چدك خطب لي صفا وإنت إتغيرت وياي ومعاملتك إختلفت وبعدت عني، وعارف إنك كنت رايدها لحالك
وأكمل مفسرا: بس خلاص يا يزن، صفا بجت مرتي رسمي وكلها سواد الليل وهتنام في حضني، وإنت وإتجوزت أختي، وأكمل مهددا بعيون محذرة: يعني إنت اللي لازمن تخلي بالك من حديتك وافعالك زين لأني مابسامحش في اللي يإذي اللي يخصني حتى لو بنظرة، فاهمني يا يزن؟

أجابه يزن بملامح وجه محتقنة بالغضب: جرا إية يا قاسم، هما خدوهم بالصوت ليغلبوكم ولا ايه، جوام جلبت التربيزه عليا وركبتني الغلط، وأكمل مفسرا بنبرة فخورة: أني ما أنكرش إني كان نفسي صفا تكون من نصيبي وده لاني عارف جيمتها صح، كان عاچبني عجلها الواعي وأخلاجها الزينة اللي أي راچل يتمناها تكون في مرته، بس خلاص من وجت ما إتچوزت ليلي و أني رضيت بنصيبي ومتجي الله فيها، وصفا بالنسبة لي بجت زيها زي مريم أختي بالظبط.

وكلامي ليك دالوك من باب خوفي عليها لأني فعلا بعتبرها أختي
أردف قاسم قائلا بنبرة رخيمة: مليش صالح أني بكل الحديت اللي جولته دي ولا يخصني يا يزن، وأكمل مهددا وهو يشير إليه بسبابته: وخليك فاكر زين أني عملت اللي عليا ونبهتك عشان أكون خليت من ذنبك
قال كلماته تلك وتحرك عائدا إلى حيث يجلس الأصدقاء تحت غضبه وإستغراب يزن من كم بجاحته، قطع طريقه صوت چده الهادر الذي أشار إليه فتحرك إلى مجلسه.

وتحدث الجد وهو يشير لذاك الضيف الهام الجالس بجانبة: مد يدك وسلم على چناب المأمور يا قاسم يا ولدي
رسم قاسم إبتسامة مزيفة فوق ملامحه بالرغم من شدة إشتعاله الذي أصابه من حديث ذاك اليزن المتداخل في أمور غيره من وجهة نظرة
وبالفعل مد يده وتحدث بإحترام ونبرة وقورة: أهلا وسهلا يا أفندم، نورت الفرح وأسعدتنا بتشريف جنابك لينا.

نظر له مأمور القسم التابع للمركز بإستحسان معجب بلباقته وفطانته في الحديث وتحدث مبتسما: الشرف ليا أنا إني أحضر وأتأنس بوجودي مع الحاج عتمان النعماني وعيلتة العريقة
إبتسم له قاسم وتحدث منسحبا: بعد إذن معاليك يا باشا ومرة تانية شرفتنا سعادتك
وانسحب متجه لجلسة الشباب قابلة عدنان الذي وقف أمامه يسأله بإهتمام: مالك يا قاسم، شكلك متضايق كده ليه.

أجابه بنبرة حاده محاولا السيطرة بكل قوته على ملامح وجهه كي لا يلاحظ أحدا من الحضور: الفضل يرجع للهانم أختك وغيرتها العامية اللي هتفضحنا يا عدنان
وأكمل بنبرة أمره: إتصل بيها وعقلها يا عدنان وإلا قسما بربي هيبقا ليا معاها تصرف مش هيعجبها ولا هيرضيها.

شعر عدنان بريبة من حدة وغضب قاسم وتحدث سريع كي يهدئه: طب ممكن تهدي ومتوترش نفسك علشان محدش ياخد باله، وبالنسبة لموضوع إيناس ده سيبه عليا، أنا هتصل بيها حالا وأحاول أفهمها خطورة الموقف، وكمان هتصل بماما واخليها تتكلم معاها وتحاول تهديها
ثم أسترسل حديثه بتفسير في محاولة منه لتهدئتة من ناحية شقيقته: بس أنا عاوزك تعزرها بردوا يا قاسم وتحط في إعتبارك إنها بتعمل كدة من باب حبها ليك وغيرتها عليك.

أجابه بعيون متسعة ونبرة معترضة غاضبة: وأهو بسبب غيرة سعادتها إبن عمي سمع كلامي معاها ووقف يتأمر ويتشرط عليا، وأكمل أمرا بنبرة حادة: كلمها وعقلها يا عدنان، أنا مش ناقص جنان كفاية عليا اللي انا فية.

داخل منزل زيدان
كانت الفتيات مازلن يتراقصن ويتهادين بأجسادهم متماشين مع نغمات الموسيقي ومندمجن لأبعد الحدود حتى أستمعن لصوت الجدة الهادر وهي تصدح بالمكان وتشير بيدها إلى الفتاة التي تشرف على جهاز ال D. G الخاص بتشغيل الاغاني لتحثها على التوقف
وتحدثت بوجه حاد ونبرة صارمة: بكفياكم إكده يا بنات ويلا كل واحده تلبس خلجاتها وتستر حالها زين لچل ما تروحوا مع أمهاتكم وتسيبوا العروسه لچل ما ترتاح شوي،.

وأكملت وهي تنظر إلى صفا تحت همهمات وأعتراضات الفتيات: الدكتورة جدامها يوم طويل بكرة ولازمن ترتاح لجل ما تكون فايجة ل ليلتها
فتحدثت ملك إبنة صباح متوسلة لجدتها: خلينا شوي كمان يا چدة بالله عليكي، الليلة حلوة وإحنا ما بنتلموش كل يوم
تحدثت رسمية بوجه صارم: إسمعي الحديت يا بت صباح وجولي حاضر.

دبت الفتاة بأرجلها الأرض في حركة إعتراضية وبدأن الفتيات تردن ردائهن الأسود لتستر به ثيابهن المتحررة وتحركن للخارج تحت إعتراضهن
وتحدثت ورد إلى رسمية: هحضر السفرة حالا يا مرت عمي لجل ما ناكلوا لجمة سوا كلياتنا
أومأت لها رسمية وتحركت ورد للداخل تحت إشتعال قلب فايقة وهي تري تقرب ورد من رسمية والأغرب إستجابة رسمية لحديثها و وجهها اللين وهي تحدثها، شعرت بالخطر يحوم من حولها.

أمسكت صباح إبنتها الصغري التي لم تكمل عامها العاشر وأوشت لها بأذنها أن تذهب إلى قاسم وتستدعية كي يأتي إلى هنا لغرض ما في نفسها
وبالفعل خرجت الفتاه تبحث عنه، وجدته يجلس بجانب أصدقائه فهمست إليه بجانب اذنه قائلة: أستاذ قاسم، أمي بتجول لك إنها عوزاك في بيت خالي زيدان لجل ما تسلم عليك وتبارك لك هي وخالتي علية.

أومأ لها بطاعة وتحرك بجانبها، دلف للداخل بجانب صباح التي كانت تنتظره في فراندة المنزل كي لا يستأذن وترتدي صفا شئ لتستر به جسدها، فهي أرادت أن يراها بكل تلك الإنوثة والجمال بعد علمها من والدتها انه كان ينتوي فض الخطبة، ليري بعيناه كم هو مخطئ وأيضا لتحرق روح فايقة التي تري الغيرة والحقد بعيناها كلما نظرت لجمال وجسد صفا وكأنها ضرتها وليست زوجة نجلها البكري.

جلسن جميع نساء وفتيات العائلة حول المنضدة الكبيرة التي إحتوت الجميع وتحدثت ورد وهي تتفحص الجميع بعينيها: عمتي صباح وينها؟
تحدثت صباح الواقفة بمقدمة الباب بنبرة مبتسمه حماسية: أني چيت أهو يا أم صفا، بس وياي ضيف چاي يسلم على عماته ويشوف عروستة
وما أن إنتهت من جملتها حتى إرتبكت صفا بجلستها وأنتفض جسدها وبات يرتعش خجلا ورعب
في حين تحدثت صباح إلى مريم أمره: أستري شعرك يا مريم لجل قاسم ما يدخل.

وققت مريم واتجهت سريع إلى الداخل في حين وقفت تلك الخجله لتلحق بها ولكن يد صباح كانت أسرع منها حين تحركت وأجبرتها على الجلوس من جديد فوق مقعدها
وتحدثت بنبرة دعابيه تحت إستشاطة فايقة وغليان قلبها: رايحة فين يا دكتورة، ناسية أنه خلاص بجا چوزك إياك
فتحدثت بصوت عالي حماسي: أدخل يا عريس
تحمحم ليعلن عن دخوله وتحدث بنبرة واثقة عاليه: السلام عليكم
ونظر إلى چدته وتحدث بنبرة لينة محبة: كيفك يا چدة.

ومرر بصره على الجميع وتحدث لزوجة عمه: كيفك يا مر...
وبلحظة توقف عن الحديث وأبت باقي كلماته في أن تخرج إمتثالا لتلك اللحظة وهولها، إبتلع لعابه الذي سال عندما وقعت عيناه على تلك الجالسه تنظر بصحنها وتكاد تموت خجلا من هول الموقف،.

نظر إلى ملامحها وجمالها الأخاذ، شفتاها الكنزة المهلكة والتي إكتست بلون الطلاء النبيتي الذي جعل منها شهيه بشكل مثير لمن ينظر إليها، يحثه داخله ويحرضه على الهرولة والإسراع إليها وجذبها وألتهامهما بدون سابق إنذار ليتذوق عسلهما السائل الشهي،
نزل ببصره إلى فتحة ثوبها المستديرة والتي تظهر وتكشف عن بداية نهديها البض بمظهره الذي يدعوه للجنون.

رعشه سرت بجميع اجزاء جسده ورغبه ملحة تطالبه بالإقتراب وضمها بشدة إلى صدرة،
فاق من حالته على صوت صباح الساخر وهي تحدثه بسعادة لرؤيتها تشتت وذهاب عقل إبن شقيقها الواضح كوضوح الشمش: مالك إتسمرت بوجفتك إكدة ليه يا قاسم، ما تجرب تسلم على عروستك وتبارك لها أومال
أما تلك التي تكاد ان تزهق روحها من شدة خجلها فتحدثت هامسة إلى عمتها بنبرة معاتبة: ميصحش إكدة يا عمه، ابوي لو عرف هيخرب الدنيي.

ضحكت صباح وتحدثت بوجه ساخر: تعالي يا قاسم إسمع مرتك بتجول أيه، جال أبوها هيخرب الدنيي لو عرف إنك دخلت إهني وشفتها وهي إكدة
مخلاص عاد يا صباح، مكانش ليه لزوم التمثلية اللي عملتيه على قاسم دي، كل ده لچل ما توري له جد ايه بت اخوكي زينه في الزواج؟ كانت تلك جملة ساخرة يملؤها الحقد والكراهية نطقت بها فايقة بملامح وجه غاضب.

أجابتها ورد بقوة إعتراض على حديثها المهين لجمال إبنتها: بتي جمر في ليلة تمامه من غير زواج ولا غيرة يا أم قاسم، وعمتي صباح ممحتاچاش تعمل تمثيليات لجل ما...
ولم تكمل جملتها لمقاطعة رسمية للجميع بصوت هادر: خلاص يا حرمة منك ليها، بكفياكم حديت ملوش عازة لحد إكدة
ثم نظرت إلى ذاك المسحور وتحدثت بنبرة حادة كي يستفيق من تلك الحالة التي لا تليق بحفيدها الأكبر: مش هتجرب تسلم عليا ولا أيه يا قاسم؟

وأخيرا وعي على حالة وتحرك إليها وهو يحمحم كي ينظف حنجرته مما أصاله وتحدث وهو يقبل مقدمة رأسها بإجلال: لا أزاي، كيفك يا چده وكيف صحتك؟
أجابته: بخير طول ما أنت واخواتك و ولاد أعمامك بخير يا سبعي
ثم نظر لتلك التي تنكمش على حالها ويرتعب جسدها وتحدث وهو يبتلع لعابه: مبروك يا صفا
أجابته بصوت ضعيف ومازالت عيناها تستقر داخل صحنها: الله يبارك فيك.

وقف يتطلع إليها والحرج سيد موقفه، لا يريد ان يتحرك للخارج ويتركها، يريد البقاء أطول مدة كي يشبع ناظرية من رؤياها التي تسره وتدخله في شعور لذيذ أحبه ويريد الإستمتاع به قدر المستطاع، ولكن كيف له فعل ذلك؟
تحدثت نجاة كي تخرجه من موقفه ذاك: ما تجعد تاكل ويانا يا قاسم
وكأنه بحديثها قد وجد قارب نجاته فتحدث إليها مبتسم: أني فعلا چعان يا مرت عمي ومكلتش حاجة من الصبح
تحدثت ورد بترحاب وعزم: طب أجعد يا ولدي.

قاطعتها فايقة بنبرة حادة كي تمنع ولدها من الجلوس مع هؤلاء العقارب التي تبغض وجوههن جميعا بشدة، ورد التي تغار منها وتتمني زوالها من الحياة بأكملها كي تشفي غليلها، صباح وعليه لشدة حبهما وتعلقهما بزيدان و ورد والود الدائم بينهما، حتى نجاة تكرهها للعلاقة الودودة بينها وبين ورد
تحدثت بحدة وهي تنظر إلى نجاة بجمود: ويجعد ياكل ويا الحريم ليه يا نچاة، ده چده الله أكبر عامل وكل يكفي محافظة سوهاچ بحالها.

ثم نظرت إلى ولدها وتحدثت بنبرة صارمة: إطلع خلي فارس يخلي الطباخين يجهزوا لك سفرة زينة وكل لحد ما تشبع يا ولدي
أجابها وهو يسحب مقعدا بجانب رسمية وأردف قائلا بنبرة تأكيدية ضارب بحديثها عرض الحائط: بس اني معايزش أكل غير مع چدتي وعماتي يا أما
إبتسمت صباح وتحدثت بنبرة كيديه وهي تنظر إلى فايقة لتحرق روحها وتشعل داخلها: تسلم يا واد أخوي ويخليك لعماتك يا جلب عماتك.

ثم نظرت إلى صفا وتحدثت إليها لتكمل على ما تبقي من صبر ذاك القاسم وتجعله يخر ساجدا تحت أقدام إبنة شقيقها الغالي: جومي يا صفا هاتي لي جزازة حاچة ساجعه من المطبخ أبلع بيها الوكل
تحدثت ورد الجالسه بجانبها وهي تهم بالوقوف: هجوم أني أچيب لك يا عمه، أصل البنات اللي جايبهم زيدان بياكلوا چوة وحرام اجومهم من على الوكل.

جذبتها صباح من ذراعها وأجلستها من جديد وتحدثت إلى صفا بإصرار: بس أني عايزة صفا هي اللي تچيبها لي يا ورد
إبتلعت صفا لعابها بعدما فهمت مغزي حديث عمتها ولكن لم تستطع معارضتها لإحترامها الزائد لها فتحدثت بهدوء: حاضر يا عمتي
وقفت تحت أعين ذاك المراقب لها وما أن تحركت وبان قوامها الممشوق وكشفت عن ساقاها المتناسقه شديدة البياض حتى بدأ صدره يعلو ويهبط من شدة الإشتياق الذي إجتاحه بلحظة.

نظرت فايقة إلى حالة صغيرها وأستشاط داخلها وأشتعل من تلك الصفا التي يبدوا وكأنها ستسيطر على قلب ولدها وتجعل منه زيدان أخر بعائلة النعماني، ولكنها سرعان ما تبسمت بتشفي حين تذكرت عشقه الهائل لتلك القاهرية التي ستقهر قلب صفا وبالتالي سينفطر قلبي زيدان و ورد على صغيرتهما وتشفي صدرها من النار الشاعلة به منذ سنوات عدة ولم تنطفئ أبدا.

وما كان تفكير ليلي ببعيدا عن والدتها فتحدثت إلى عمتها بنبرة ساخرة ذات معني: منورة يا عمة
أجابتها صباح بعدم قبول لتلك الدائمة التعالي عليها: بوچودك يا بت أخوي
أسرعت هي لتختفي من أمام عيناه التي وبرغم عدم رؤيته لإعطائها ظهرة إلا انها شعرت بها وهي تتأكل كل إنش بجسدها.

دلفت إلى المطبخ بأنفاس متقطعة، وجدت مريم تجلس فوق مقعدا جانبيا رغم إرتدائها لردائها الأسود الذي ستر جسدها وشعرها بالكامل، فتحدثت إليها بإستغراب: جاعدة إهني لوحدك ليه يا مريم؟
تحدثت إليها مريم بهدوء: بريح راسي شوي من صوت المزيكا والناس.

هزت لها رأسها بهدوء ثم تحركت إلى المبرد وفتحته واخرجت منه بعض عبوات المياة الغازية وتحدثت إليها بإستعطاف وهي تبسط لها ذراعيها: ممكن يا مريم بعد إذنك تطلعي الحاچة الساجعة دي لعماتك
وأكملت وهي تنظر أرض ويبدوا على وجهها الحزن: أني كمان تعبت ومحتاچة أريح راسي شوي
أجابتها مريم بإبتسامة ترحاب وهي تمد يدها وتتلقي منها تلك العبوات: حاضر يا صفا.

ثم تمعنت النظر بوجهها وتساءلت بإستفسار: مالك يا صفا، هو أني ليه ملاحظة إن فرحتك غايبة؟
إبتسمت بجانب فمها ساخرة وأجابتها بنبرة صوت تظهر كم هي متألمة، محبطة: ومين فينا فرحته كانت كملت يا مريم لجل فرحتي ما تكمل، كلياتنا ماشيين في طريج عكس إرادتنا ومچبرين نكملوا فيه غصب عنينا لچل بس ما نطيع أوامر چدي اللي هي في مصلحة مين؟
وأكملت وهي ترفع كتفيها بإستسلام: مخبراش.

إقتربت منها مريم وأردفت قائله بإستغراب: بس إنت عاشجة قاسم وريداه يا صفا، يبجا فين الغصبانية في الموضوع؟!
ملعون أبو العشج اللي يمحي معاه الكرامة، جملة تفوهت بها صفا بنبرة حادة وعيون غاضبة
واكملت بنبرة حاده بائسة: معيزاهوش أني العشج ده اللي عيزل الواحدة منينا ويخليها تحس إنها رخيصة ومفروضة على اللي جدامها.

كانت تستمع إليها بعقل مشتت وتحدث حالها وتلومها، يا الله منك مريم، أتلك هي من كنتي دائمة الحقد عليها؟ أنظري بعيناك وتمعني في حال تلك المسكينة التي تدعو إلى التعاطف والشفقة؟

ألهذة الدرجة خدعك غرامك الموهوم لذاك القاسم فا بتعدتي عن مبادئك وخدعك حدسك وبتي تحقدين على تلك المتألمة التي لطالما عاشت وحيدة بدون أشقاء، ولطالما حاولت الإقتراب منك وليلي ولكن حقدقما عليها كان يجبركما على النفور وإبعادها بشتي الطرق
مدت يدها وتحدثت بنبرة مرتجفة من أثر تأنيبها لحالها: ممكن يا صفا تجبلي نبجا أصحاب وإخوات وتشاركيني همك وحزنك، وأي حاچة مزعلاكي أني موچوده لچل ما أسمعك وأشاركك في الحل.

نظرت إليها بإستغراب للتغيير المفاجئ ثم ابتسمت بوهن وأجابتها: أني طول عمري وأني بعتبرك أختي رغم محاولاتك لصدي في الجرب منيكي يا مريم
أجابتها مريم بإستياء من حالها: عندك حج يا صفا
واكملت بنبرة خجلة: أني أسفه
تحدثت صفا بدعابه كي تخرجا كلتاهما من تلك الحاله: مفيش أسف بين الإخوات يا مريم، بس لازمن تعرفي إنك بإكده فتحتي على نفسك باب مهيتجفلش أبدا لاني هغرجك في مشاكلي النفسيه التي لا تعد ولا تحصي.

إبنسمت لها مريم بإخوة واجابتها: واني تحت أمرك يا صفا
ثم تحدثت بدعابه: هروح أخرج الحاچة الساجعة لعمتك صباح بدل ما تاجي تشرب من دمنا انا وإنت بدل الكولا دي
إبتسمتا الفتاتان وبالفعل تحركت إلى الخارج وضلت صفا بصحبة حزنها.

خرجت مريم وأعطت لعمتها طلبها تحت إستغراب الجميع لعدم حضور صفا وأستشاطة قاسم من تصرفات تلك العنيدة التي تصر على حرمانه من لذة النظر إليها بحالتها المهلكة تلك
دلف زيدان بعد الإستئذان من الجميع وتحدث إلى قاسم بإبتسامة: الفرح كلياته مجلوب عليك برة وأتاريك جاعد إهني وسط الحبايب يا سي قاسم.

وقفت صباح وتحركت لتقف بجانب شقيقها القريب من قلبها وأردفت قائلة بإبتسامة بشوش: أني اللي شيعت له لچل ما ياجي يجعد ويانا شوي ونتونس بيه يا أخوي
لف ذراعه حول كتفي شقيقته بإحتواء وقبل مقدمة رأسها قائلا بنبرة حنون: ربنا يديم چمعتنا ويبارك فيها وفيكم يا أم محمد.

ثم نظر إلى ورد بعيون عاشقة وكأنه برؤياها قد وجد ضالته إبتسمت له خجلا فتحدث هو مداعب إياها تحت أنظار الجميع: چري أية عاد يا أم العروسه، معتكبريش واصل إنت ولا أية، اللي يشوفك يجول عليكي أخت صفا اللصغيرة
ضحكت له وتحدثت بدعابة: لما تبطل إنت بكش أبجي أني أكبر يا زيدان يا نعماني
غمز لها بعيناه وتحدث قائلا بدلال: تعرفي عني إكدة بردوا يا زينة الصبايا، ومن ميتا كان العاشج بكاش.

فتحدث قاسم مداعب كلاهما تحت نظرات فايقة الحارقة التي لو خرجت نارها لأشعلت نجع النعمانية بأكمله: أني بجول نجوم إحنا نروحوا على السرايا ونطلب إتنين ليمون لعمي ومرته جبل ما نمشوا ونسبوهم لحالهم
قهقه الجميع وتحدث زيدان وهو يتلفت باحث بعيناه عن قرة عيناه غاليته الصغيرة، نسخة امها الحبيبة: صفا وينها؟
تحدثت ورد وهي تشير إلى المطبخ: جوة في المطبخ، أدخل لها.

وما أن نطقت حتى وقف ذاك القاسم منتفض من مقعدة وبسرعة البرق كان يختطف وشاحا موضوع فوق مقعدا جانيا وتحدث وهو يسبق خطوات عمه مهرولا: لحظة يا عمي من فضلك
ودلف سريع إلى المطبخ وجدها تجلس واضعه رأسها بإهمال للخلف تستند على ظهر المقعد وما أن إستمعت إلى خطواته حتى إنتفضت من جلستها وأردفت بتساؤل مرتعب من هيئته وحركته المسرعه: فيه أية؟

أجابها وهو يقترب عليها فاردا الوشاح ولفه على ذراعيها وصدرها مخبأ إياهم بعيدا عن نظر زيدان: أبوكي چاي
نظرت له بإستنكار من فعلته وتحدثت بنبرة إعتراضية يشوبها الغضب متناسية أمر ثيابها الكاشفة: نعم، وإنت چاي تداريني من أبوي إياك؟!
رمقها بنظرة غاضبه وكاد. أن يتحدث لولا دلوف زيدان الغاضب الذي تساءل بنبرة ساخرة: إنت إتجننت إياك يا قاسم، بتداري بتي مني؟

أجابه بوجه صارم ونبرة جادة لا تقبل المزاح: معلش يا عمي، بس مهينفعش تشوفها إكدة
وأكمل بحديث أقنع زيدان وتلك الغاضبة: لا الدين ولا العرف ولا حتى الأصول تجول إنها تنكشف عليك بلبسها دي
نزلت كلماته المحقة عليها جعلتها تخجل من حالها، حين هز زيدان رأسه بموافقة وتحدث إلية بتفاخر: عچبتني يا واد النعماني، دكر بصحيح يا قاسم، طالع لچدك.

إبتلعت هي لعابها وتحرك زيدان إلى أميرته وحاوط وجهها الرقيق بكفي يداه ناظرا داخل عيناها الفيروزية وتحدث بنبرة مرتجفه حزينة: خلاص نويتي الرحيل وهتسيبي زيدان لحالة يا جلب زيدان؟
تنهدت بهدوء وأجابته بعيون تتلألئ بها حبات الؤلؤ المسماة بدموعها: أسيبك واروح فين بس يا حبيبي، ده أنت جلب صفا من چوة اللي لو فارجته روحي من بعده تفارجني
أجابها ومازال ناظرا بعيناها: بعد الشر عن روحك يا جلب أبوكي.

ثم ادخلها في احضانه وبات يربت فوق ظهرها بحنان تحت إستغراب قاسم الذي ينظر لهما بذهول حتى أن دموعه كادت أن تفرط منه من شدة جمال علاقتهما الرحيمة المترابطة، وبالوقت ذاته شعر بشعور غريب عليه ولاول مرة يزوره، شعور بالغيرة القاتلة الذي تخلل إلية تحت إستغرابه هو شخصيا لكنه فسره انها غيرة مشروعة وطبيعية كونها أصبحت زوجته.

شعر بأنه يقف كالعزول بين الأب وقرة عينه فقرر الإنسحاب حتى يفسح لهما المجال ويعطيهما بعض من الحرية كي يعبر كلاهما للأخر عن ما بداخلة
خرج وتحدث إلى الچده بإحترام: أني خارج لجل ما أرحب بالضيوف يا چدة، تؤمري بحاچة
ردت عليه بنبرة حنون: ما يؤمرش عليك ظالم يا ولدي.

خرج وتلاه زيدان بعد قليل إلى الخارج وانضموا لإحتفالات الرجال التي مازالت قائمة، وخرجت صفا وتحركت للأعلي خلعت عنها ثوبها ثم توجهت للمرحاض وأخذت حمام دافئ كي يزيل عناء يومها وأرتدت منامه بيتيه مريحة وتحركت للأسفل كي تنضم إلى مجلس نساء العائلة من جديد وجلسن يتثامرن.

كانت تقبع فوق تختها متقوقعة على حالها، تبكي بحرقة على رجلها التي إختارته بنفسها
فتحت كوثر الباب بحدة دون إستئذان ونظرت لتلك القابعة بعيون تطلق شزرا وكادت ان تلقي بكلماتها الحادة الملامة التي كانت تنتويها بعدما هاتفها عدنان وأبلغها ما حدث منها وإستماع إبن عم قاسم لحديثه معها.

تنفست بصوت مسموع ثم زفرت بضيق وتوجهت إلى التخت وجاورت إبنتها الجلوس وتحدثت بنبرة خالية من مشاعر الأم التي تشعر بصغيرتها، ولكن ها هي كوثر بتجبرها وجمود مشاعرها: إنت عاملة في نفسك كده ليه يا بنتي؟

نظرت لها إيناس بضعف ودموع منسابة، فأكملت كوثر متلاشية دموعها وتحدثت لائمة بحده: بتعيطي على إيه، أومال لو ما كنتيش عارفة إنها جوازة مصلحة وهو مجبور عليها، وإن دي هتكون مغارة على بابا اللي قاسم هيكبش منها ويحط في حجرك إنت وأولادك كنتي عملتي إية؟

إعتدلت بجلستها وتحدثت وهي تجفف دموعها والغيرة تنهش صدرها: مش قادرة أتحمل يا ماما، قلبي واجعني أوي، كل ما اتخيل إن قاسم هياخد واحدة غيري في حضنه النار بتقيد في جسمي كله
وأكملت بصياح: غصب عني يا ناس انا بردوا بشر وبحس وأغير
رمقتها كوثر بنظرة معاتبه وتحدثت بحدة: وغيرتك دي هي بردوا اللي خلتك تنسي إتفاقه معاكي وتتصلي بيه في وسط الفرح وهو محذرك ومحرج عليكي إنك متتصليش بيه.

قطبت جبينها وتساءلت بإستغراب: وإنت عرفتي منين إني إتصلت عليه؟
اجابتها كوثر بنبرة غاضبة: هو ده كل اللي همك عرفت منين، عرفت من عدنان، قاسم قال له يكلمني ويخليني اعقلك
إنتفضت من جلستها واقفة بحده ودارت حول حالها بالغرفه بغضب وتحدثت إليها بنبرة ساخطة: والله عال، هو البيه هيبدأ يشتكيني ليكم من الوقت.

ردت عليها مفسرة بنبرة غاضبة: قاسم مكنش بيشتكي، ده إبن عمه سمعه وهو بيتكلم معاكي وشكلهم كده شدوا مع بعض في الكلام لأن عدنان بيقول لي إن قاسم كان شايط ومولع وهو بيكلمه
ثم تحدثت بحده ناهرة إياها بعتاب: كان عقلك فين يا إيناس وإنت بتعملي كده، مفكرتيش إن ممكن الموضوع يتعرف وجده يحكم عليه ما يتجوزكيش وتطلعي من المولد بلا حمص؟

تقدري تقولي لي لو ده حصل، ساعتها هتعملي ايه في عمرك اللي إتسرق منك وإنت قاعده مستنية البيه
وأكملت بجشع: ولا الفلوس والعز اللي هنغرق فيه من الجوازة دي وحياتنا اللي هتختلف 18 درجة، مين اللي هيعوضك عن كل ده يا مجنونة؟
رفعت قامتها لأعلي وتحدثت بغرور: من النحية دي ما تقلقيش يا ماما، قاسم بيحبني ومتعلق بيا ولا يمكن يسبني تحت أي ظروف.

ردت عليها كوثر بنبرة ساخرة: وهنعمل أيه بحبه ده يا حبيبتي ولا بقاسم نفسه من غير فلوس جده
وأكملت بتهكم: هو أنت فاكرة إن قاسم بتاعك ده يسوي حاجة من غير فلوس عيلته؟
اجابتها إيناس: متنكريش إن قاسم حد شاطر جدا في مجاله والدليل على كده إنه قدر يثبت نفسه في السوق في سنين قليلة.

أردفت بتهكم قائلة بتقليل من شأنة: قاسم بتاعك ده مجرد محامي مغرور ولولا مكتبه الشيك اللي في أرقي مناطق البلد ولا كان حد سمع عنه ولا حتى لمح طيفه
وأكملت بتفسير: الناس في بلدنا يا بنتي أهم حاجه عندهم المظاهر، وقبل ما يسألوا عن شطارة المحامي أو الدكتور أو غيرة، بيسألوا الأول عن أتعابهم كام ومكاتبهم فين علشان يتفشخروا قدام الناس ويتباهوا إنهم راحوا للمكان وللأسم الفلاني.

وأطلقت تنهيدة طويلة ثم أكملت مهددة إياها بإشارة من سبابتها: لأخرة مرة هنبهك وهقول لك حطي عقلك في راسك وإعقلي يا إيناس،
وأكملت بنبرة هادئة كي تهدئ من غضبها: إهدي خالص وحاولي تكتمي غيظك وغضبك جواكي علشان ما تخسريش كل حاجة في لحظة غباء منك
زفرت إيناس بضيق وتحدثت: خلاص يا ماما فهمت، إتفضلي بقا إطلعي برة، عاوزة أقعد لوحدي.

أومأت لها بتفهم وبالفعل خرجت لتجلس بصحبة زوجها ضعيف الشخصية، وجلست إيناس تعيد حساباتها من جديد لتتماشي مع الوضع الحالي.

داخل منزل زيدان
مازالت جميع نساء العائلة مجتمعات منتظرات إنتهاء إحتفال الرجال بالخارج
وبدون مقدمات شعرت بألم حاد يهاجم جانبها الأيسر بشراسه فتأوهت بخفة وهي تمسك جانبها بيدها، لاحظت ورد تغير ملامح وجة صغيرتها فسألتها متلهفة: مالك يا بتي؟
أجابتها صفا بملامح وجه منقبضة متألمة: معرفاش يا أما، لجيت چنبي وچعني مرة واحده إكدة.

تحدثت نجاة بنبرة صادقة: الله أكبر، محسودة يا نضري، دي عين الحريم اللي تندب فيها رصاصة يا دكتورة
لوت فايقة فاهها وتحدثت بنبرة تهكمية: والحريم هيحسدوها على ايه إن شاء الله؟
محدش حلو غيرها إياك
وأكملت بتفاخر وكبرياء وهي تنظر إلى إبنتها المجاورة لها: هتاجي أيه هي في ليلي بتي ليلة حنتها ولا ليلة دخلتها.

أطلقت صباح ضحكة تهكمية وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: جال على رأي المثل، خنفسة شافت ولادها على الحيط جالت ده لولي ملضوم في خيط
اطلقت علية وصباح ضحكاتهم الساخرة وأستشاطت كل من فايقة وليلي التي تحدثت بنبرة حاده غاضبة: تجصدي ايه بحديتك ده يا عمه؟
ردت عليها فايقة بنبرة تهكمية وهي تتبادل النظر بين صباح وعليه بحقد: عمتك تجصد إن أني الخنفسة وإنتي بتها يا نن عين أمك.

ونظرت لها متسائلة بنبرة غاضبة: مش إكده بردك ولا أني غلطانه يا عمه صباح؟
كادت صباح ترد لولا إستماعهم للتي أطلقت صرخاتها بتألم قائلة: ااااااااه، چنبي هيموتني يا أما
وقفن الجميع وبتن تتحركن بهرج ومرج بإتجاه تلك المتألمة عدا فايقة وليلي التي وقفتا تتابعان الوضع من بعيد دون أدني إهتمام
وتحدثت الجدة بهلع: مالك يا دكتورة؟
أجابتها بصراخ وهي تعتصر جانبها بكف يدها: هموت يا چدة، نار جايدة في چنبي.

تحدثت ورد وهي تلتقط هاتفها المحمول سريع وتضغط على ازرته: أني هكلم أبوكي لجل ما يشيع يچيب لك حكيم حالا
قاطعتها صفا بإشارة من يدها وتحدثت بتوجه تحت غضب ليلي وغيرتها: كلمي يزن يا أما، دكتور ياسر أكيد وياه بره.

أومات لها وبالفعل هاتفت يزن الذي أسرع إلى ياسر ودلف به للداخل سريع، لمحه قاسم الجالس بجانب عدنان وأستشاط داخله حين ظن أن يزن دلف للداخل كي يهنئ صفا، ولكن ما شغل باله أكثر هو ذلك الشخص الغريب الذي لم يتعرف عليه لعدم لقائهما من ذي قبل.

داخل الغرفة المتواجدة بها صفا، كانت تجلس فوق التخت متألمة تجاورها الجلوس رسمية التي إرتسم الهلع فوق معالم وجهها رعب على غاليتها وصغيرة ولدها، ويقف ياسر يتابع الكشف عليها بإهتمام بعدما أبدلت ثيابها بأخري محتشمة تناسب الشرع والعرف
تساءلت الجده بإهتمام: خير يا ولدي، صفا مالها؟

أجابها ياسر بملامح ثابته مطمئن إياها: إطمني يا أمي، دكتورة صفا بخير، هي بس يظهر إنها متوترة شوية وما ارتاحتش ولا نامت من الصبح، فالتوتر عمل لها تهيج شديد في القولون العصبي
ضيقت ورد عيناها وتساءلت مستفسرة بهلع: قولون ايه يا دكتور اللي عتتحدت عنيه، بتي بتشتكي من چنبها وأني خايفه لاقدر الله ليكون المصران الأعور.

أجابها بإبتسامة هادئة: متقلقيش حضرتك، الأعراض اللي عند الدكتورة صفا ملهاش علاقة نهائي بإلتهاب الزايدة الدودية
وأكمل مفسرا: ولعلم حضرتك القولون لما بيلتهب بيأثر على الجنبين أول حاجة
تحدثت صفا متألمة: أرچوك يا دكتور ياسر تديني أي حاچة بسرعة، مش جادرة أتحمل الألم.

تحدث إليها وهو يخرج إبرة مسكنه من الحقيبة الخاصة بعملة كطبيب والتي كانت بالسيارة المصطفه خارج القصر وجلبها له يزن بطلب منه بعدما رأي حالة صفا: حالا هديكي إبرة عضل وهترتاحي بعدها على طول
قاطعة إقتحام ذاك الثائر للغرفة و الذي تحدث بنبرة ساخطة بعدما إستمع لجملته الاخيرة قائلا بلكنة قاهرية: طب ينفع كدة تغامر بإيدك وهي كل راس مالك يا دكتور
حول بصره لذاك الغاضب وتسائل بعدم فهم: حضرتك بتكلمني أنا؟

تحرك إلية وشد قامته واقف بشموخ كالجبل وتحدث بفحيح وهو يلتقط من بين يده تلك الإبرة قائلا بعيون تطلق شزرا: وهو فيه حد غيرك هنا بيتعدي حدودة وببحط نفسة قدام القطر
ثم نظر لتلك المرتعبه التي إنكمشت على حالها من دلوف ذاك المتهور وأردف قائلا بغيظ من بين أسنانه بطريقة تهكمية وهو يشير لها بتلك الإبرة التي بيدة: هريحك أنا، متخافيش
قطب ياسر جبينه وتحدث بإستغراب وهو ينظر للإبرة: أيه اللي إنت عملته ده يا أستاذ.

وأكمل وهو يبسط كف يده إلية بلهجة حادة: إديني الحقنه من فضلك علشان أحقن بيها المريضة
إقترب منه أكثر وأصبح أمام وجهه مباشرة ينظر إليه بمعالم وجه منكمشة تنم عن مدي غضبه وتفوة بتوعد: إنت شكلك مصر على فقدانك لأهم طرف في جسمك برغم إني حظرتك وده مش علشانك
واسترسل نافيا يهز رأسه: خاااالص، أنا كل اللي عامل حسابهم هما المرضي المساكين اللي محتاجين إيدك الحلوة دي علشان تكشف عليهم وتزيل عنهم الأوجاع.

وأكمل بنظرة حارقة كادت أن تشعل ذاك الياسر من حدتها: والوقت إطلع برة من غير مطرود وحالا
تحدثت ورد بإعتراض: والحقنه يا قاسم؟
وبسرعة البرق حول بصره لزوجة عمه ورمقها بنظرة مشتعلة وتحدث ناهرا إياها: مرااات عمي
إنكمشت ورد على حالها ونظرت رسمية إلى قاسم بشموخ وكبرياء وسعادة.

ثم أعاد النظر لذاك الواقف الذي إرتعب من نظرته وبسرعة البرق كان يلملم أشيائه داخل الحقيبة وتحدث إلى صفا متحمحم بنبرة خجلة: أنا هكتب لك على نوع برشام هتاخدي منه حبتين مع الحقنة وهتبقي كويسه
واكمل وهو يحمل حقيبته ويتجه ناحية الباب: وانا هبعت لك ممرضه من الصيدلية حالا تديكي الحقنه
قاطعه قاسم بنبرة حادة: متشغلش بالك إنت، أنا هديها لها
إعتصر ياسر قبضة يده حتى برزت عروقة غضب وخرج صافقا الباب خلفه.

واخيرا ظهر صوتها المعترض وهي تنظر له وتحدثت بإعتراض: تديهالي إنت كيف يعني؟
حول بصرة إليها ورمقها بنظرة مشتعله وتحدث بنبرة تهكمية بلكنته الصعيدية: دالوك بس طلع لك صوت وبتعترضي، كان فين لسانك ده من شوي وإنت سامعه البية وشيفاه ببجهز الحقنه وعاوز يديهالك في...
وصمت غاضب وأسترسل حديثه بنبرة تهديدية: على العموم مش وجته، بعدين، الحساب يچمع يا دكتورة.

وتحدث وهو يمسك الإبرة أمرا إياها: إتعدلي يلا علشان اديكي الحقنه
تساءلت الجدة بإستفهام: هو أنت بتعرف تدي إبر يا قاسم؟
اجابها بهدوء: ايوا يا چده، وأني في الكلية أخدت دورة إسعافات أوليه واتعلمت ادي إبر وأعمل تنفس صناعي
تحدثت صفا رافضة بإعتراض وهي تصرخ متألمة: طلعيه برة يا أماي وإندهي لي عفاف الممرضه تديني الحقنه بسرعة، همووووووت
أجابها وهو يجز على أسنانه: عفاف عفاف. ، إنت الخسرانه.

رمقته بنظرة حارقة وخرجت ورد سريع كي تبعث لعفاف قابلها يزن الذي بالفعل قد اتي بها ودلفت للداخل وأعطتها الإبرة بعد إصرار صفا على خروج قاسم من الغرفة، وبعدها إستكانت ملامحها وهدأت حين زال الألم وتلاشي
أما بخارج الغرفة
وقف قاسم ينظر بوجه يزن بمعالم وجه محتقنة بالغضب وتحدث بحدة: إنت كيف تتچرأ وتچيب الدكتور وتدخله على مرتي من غير ما تديني خبر؟

أجابه بمجابهه: كنت عاوزني أروح أخد إذنك إياك وأسيبها بتصرخ من الوچع
إنكمشت معالم وجهه بالغضب وهتف بحدة و وعيد: أني جولت لك من إشوي، وبعيدها عليك تاني لجل العشرة والجرابة اللي بيناتنا، إبعد عن مرتي وإتجي شري يا يزن، وإلا قسما برب العزة مهعمل حساب لأي حاچة بعد إكدة وهتشوف مني وش مكنتش أحبك تشوفه واصل.

تحركت إليهما ليلي وتوسطت وقفتهما وتساءلت وهي تنظر على حدة وجوههم: فيه أيه يا قاسم، مالك إنت ويزن واجفين لبعض كيف الديوك إكدة؟
أجابها قاسم وهو ينظر داخل أعين يزن بحدة: مفيش حاچة يا ليلي، كنت بجول ليزن يخلي باله من نفسة أصلة غالي على جوي وحياته تهمني.

ورمقه بنظرة حارقة وتحرك بإتجاة الباب ودقه بعدما خرجت الممرضة ودلف للداخل وأغلق الباب خلفة وتحدث بهدوء إلى جدته و ورد وعماته وجميع الموجودات حول صفا: بعد إذن الچميع، عاوز صفا في كلمتين على إنفراد
إرتعبت اوصالها وانتفض جسدها رعب من هيأته المستشاطة
وتحمحم الجميع وتحدثت الجده بعدما إطمأنت على صفا: وماله يا ولدي، مرتك ومن حجك تجعد وياها لحالك وتطمن عليها.

ثم وجهت حديثها للجميع بأمر وهي تتحرك من فوق التخت: يلا بينا منك ليها
وبالفعل خرج الجميع وتحرك ذلك الغاضب إليها ومال بجزعه مقترب عليها وتحدث بحدة: أول وأخر مرة أشوف المسخرة اللي حصلت إنهاردة دي، وإلا متلوميش غير حالك من اللي هيچري لك مني
وأكمل متهكم: يعني لولا دخلت بالصدفة الهانم كانت كشفت چسمها جدام راچل غريب عادي چدا وبدون أي خجل.

واسترسل حديثه ملقيا عليها التهم بعيون تطلق شزرا من شدة غيرته المجنونة: للدرچة دي چسمك رخيص عليك ومعندكيش حياء واصل؟
إتسعت عيناها بذهول وملامح مصدومة أثر حديثه وبلحظة تحولت إلى نظرات عدائية، وأشتعل داخلها غضب من إلصاقه إياها للتهم وتحدثت بحده بالغه: على أي أساس بنيت حكمك إني كنت هسمح له يديني الحجنه؟

وأكملت مبررت: بغض النظر عن إنه وضع عادي وطبيعي لو كنت سمحت له يديني الحجنه بصفته دكتور وچاي يعالچني، خصوصا في ظل حالتي وألمي المبرح اللي كنت حاسه بيه وجتها
بس برغم إكدة عمري ما كنت هسمح له تعرف ليه؟
نظر لها يترقب حديثها فهتفت هي بحدة: لان خچلي وحيائي اللي إتهمتني من إشوي إنهم معدومين عندي هما اللي كانوا هيمنعوني.

وبلحظة قطعت حديثها ودقتت النظر بعيناه وكأنها تذكرت شئ كان غائب عنها: ثم تعالي إهني يا استاذ، إنت بأي صفه واجف تحاكمني وسامح لنفسك تكلمني بالشكل المهين دي؟
أجابها بنبرة جامدة متهكمة: يمكن بصفتي چوز الهانم مثلا!
إشتعلت عيناها وتحدثت إليه بنبرة حادة مذكرة إياه بإتفاقهما: على الورج، چوزي على الورج يا متر متنساش، يعني مش من حجك تجف تتأمر وتحاسبني إكدة.

وأزاحت عنه بصرها وتحدثت بإسلوب حاد: ودالوك ياريت تطلع برة لاني تعبانه و واخده حجنة مسكنه والمفروض إني أنام وأرتاح لجل ما تجيب مفعول زين
إشتعل داخله وأقترب من وجهها وتحدث بفحيح بنبرة غاضبة وعيون مشتعلة: جولت لك جبل سابج إن لسانك طويل وعايز جطعة، وأكمل بوعيد: بس ملحوجة يا بت زيدان.

أجابته بنبرة حادة ورأس شامخ مرتفع: وأني جولت لك جبل سابج، لساته متخلجش اللي يهددني ويخوفني، و لساتك متعرفش بت زيدان زين يا متر
رمقها بنظرة حارقة وتحرك للخارج بقلب يغلي صافقا الباب بشدة زلزات جدران الغرفة بأكملها
نظرت على طيفه وبلحظه إنهار جبل الجليد التي كانت تتحامي خلفه بجمود ورمت حالها على وسادتها وسمحت لدموعها الإنسياب كي تريح صدرها الذي إمتلئ بالهموم والوجع ولم يعد لديه التحمل بعد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة