قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثاني عشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثاني عشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثاني عشر

مرت الليلة على صفا بصعوبة شديدة، حتى أنها لم تتذوق بها طعم النوم إلا سويعات قليلة وذلك من شدة حزنها مما هي اتية علية، وكلما خانها شعورها وأتجه بها ساحب مشاعرها إلى عالم الأحلام لتنعم داخله وتسرح في تخيل إقتراب ليلتها مع فارس أحلامها التي طالما إنتظرته ليأتيها على حصانه الأبيض تستفيق على صفعة قوية من واقعها المرير حين تتذكر حديثه معها عندما أخبرها أنه كان مجبرا لتحمل تلك الخطبة كي ينأي بحالة في الأخير من تلك الزيجة الغير مرغوب بها من ناحيته، تنكمش معالم وجهها وتنقبض معدتها وتتقلص.

ظلت على هذا الوضع طيلة الليل ولم تغفي إلا القيل من السويعات وبعدما فشلت بالعودة إلى ان تغفو وتريح جسدها وقفت وحسمت أمرها إلى النزول للأسفل حيث تواجد الجميع
نزلت تتدلي من أعلي الدرج وجدت المنزل يأج بالأقرباء الذين اتوا باكرا كي يعرضوا على ورد المساعدة في التحضير إلى ليلة الدخله والوقوف بجانبها في ذاك اليوم المهم بالنسبة لكل أم.

إستمعت إلى صوت والدها يصدح من غرفة الطعام فساقتها أرجلها إليه وجدته يجلس هو وشقيقتيه ووالدته وشقيقه منتصر يلتفون حول مائدة الطعام ويتناولون فطورهم بنفوس راضية وجو عائلي يملؤة الدفئ والحنان
إشتدت سعادتها حين رأت والدها يجلس بجانب والدته ويتحدثان بحميمية و وجوة مبتسمة وانسجام تام، فتيقنت حينها رضا جدتها على والدها ورجوع علاقتهما كسابق عهدها.

تحدثت عمتها صباح حين لمحتها: يا صباح الفل على جمر النعمانية، جربي يا عروسة
إبتسمت إلى عمتها وتحركت بسعادة ووجه ملائكي كشمس أشرقت على المكان في يوم شتوى شديد الصقيع وسطعت بكل أرجاءه فأنارته وأدفأت أركانه الباردة
فتحدثت وهي تميل بجذعها على مقدمة رأس جدتها وتقبلها بدلال: وأني اجول البيت زايد نورة بزيادة إنهاردة ليه، أتاري ست الكل منوراه بطلتها البهية.

إبتسمت لها وتحدثت وهي تربت على يدها الموضوعه فوق كتفها بحنان: طول عمرك وإنت محدش يعرف يغلبك بالكلام يا بت زيدان
إبتسمت لها و أردفت قائله بدلال: طالعة شاطرة كيف چدتي الحاچة رسمية
في حين تحدثت صباح بنبرة حماسية: چدتك جامت من الفجرية لچل ما تاچي تجف مع أمك وهي بتجهز لك الوكل بتاع دخلتك، ولچل ورد متحسش إنها لوحدها في يوم زي دي.

وأكملت عليه بنبرة دعابية وهي تنظر إلى زيدان المبتسم: إنت بيخيل عليكي الحديت دي بردك يا صباح، أمك عملتها حجة لچل ما تاچي تجعد چنب دلوع عينها اللصغير ويرچعوا الماضي اللي كان
ضحك الجميع وتحدثت رسمية وهي تنهرها: إتحشمي يا عليه وخلصي وكلك إنت وأختك وإطلعوا شوفوا مرت أخوكم تلاجيها محتاسة لوحديها في المطبخ
تحدثت بإمتنان وهي تتبادل النظر بين جدتها وعماتها: ربنا يبارك لي في عمركم وما يحرمني منكم أبدا.

ثم حولت بصرها إلى عمها وتحدثت بترحاب: كيفك يا عمي
اجابها ببشاشة وجه قائلا بإطمئنان: الحمدلله يا بتي، كيف صحتك دالوك؟
أجابته بشكر: الحمدلله بخير
ثم جلست بجانب والدها الذي نظر إليها وتساءل بحنان: كيفك دالوك يا جلبي
أجابته إبتسامتها وأردفت لتطمانته وهي تقبل يده: بخير الحمدلله يا أبوي
تحدثت علية وهي تشير إليها إلى الطعام: يلا افطري يا صفا لچل ما تاخدي علاچك عشان ما يحصلكيش كيف اللي حصل لك إمبارح.

هزت رأسها بنفي قائلة: مجدراش يا عمه، مليش نفس للوكل
نظرت لها الجدة وتحدثت بإصرار: كلام إيه دي يا عروسه، لازمن تاكلي لچل ما تصلبي طولك وتتجوي، لساته اليوم طويل ومحتاچ منيكي الجوة
أومأت لها برأسها وبدأت بتناول الطعام متغصبة على حالها لأجل إرضاء أحبائها.

وباتت تتحدث بمرح كعادتها وتفرق الإبتسامات على وجوة الجميع برغم ألمها المميت الساكن روحها بسبب إتمام زيجتها التي حلمت بها كثيرا ولكنها لم تأتي كما تمنتها، إحتفظت بحزنها لحالها كي لا تحزن قلوب أحبائها الغوالي وبالاخص والدها الحبيب و والدتها الحنون
تلفتت حولها وتساءلت مستفسرة: أومال فين أمي؟
أجابتها عليه: أمك مع حريم العيله بيچهزوا وكل ليلتك يا عروسه،.

فأكملت صباح بنبرة فخورة: أما اني حشيت لك شوية حمام بالفريك يا دكتورة، هتاكلي صوابع يدك وراهم إنت وقاسم
إبتسمت لها بيأس حين تذكرت إتفاقها مع حبيبها ومتيم روحها ورسمت بخيالها السيناريو لليلة دخلتها البائسة
وجهت الجدة حديثها إلى صفا قائله بإستفسار: الست بتاعت الزواج والحريم اللي وياها دول صحيوا يا صفا؟

اطلقت صفا ضحكة لم تتمالك من كظمها وسريع إستطاعت التحكم بها وأردفت مصححة لجدتها: إسمها ميكب أرتست يا چدتي، والبنات اللي وياها دول يبجو الفريج المساعد ليها
واكملت بنبرة جادة: على العموم هما لساتهم نايمين لدلوك
ضحكت الچدة بشدة على غير عادتها حتى تبين صف أسنانها وتحدثت بنبرة ساخرة: فريج مساعد ليه إن شاء الله، تكونش فاكرة حالها دكتورة إياك؟!
ضحك الجميع ثم تحدثت متسائلة زيدان: ألا لجيتها فين دي يا زيدان؟

أجابها بهدوء: ده علام بيه المصدر بتاع الفواكه اللي بتعامل وياه هو اللي دلني عليها لما عرف إن صفا هتتچوز، جال لي إن مرته بتتعامل وياها وإنها شاطرة زين في زواج الحريم
ثم وجه حديثه إلى صباح قائلا بإهتمام: جومي حضرلهم فطور زين يا صباح، ولو ناجص حاچة جولي لي أبعت أچيبها من برة
أجابته بهتاف ووجه سعيد: خير ربنا كتير يا خوي، المطبخ مليان من خيرات الله وكله فضلة خيرك يا حبيبي،.

وتحدثت وهي تضع أصبع يدها على مقدمة رأسها بتفكر: أني هحط لهم طاجن ورج عنب وصنية رجاج باللحمة المفرومة، وطاجن لحمة بالبصل على كام چوز حمام محشي فريك
ضحك زيدان ساخرا حين فتحت صفا فاهها بذهول وتحدثت: شكلك ناوية تخليهم يجضوا ليلتهم في المستشفي يا عمه
نظرت لها صباح بعدم إستيعاب واكملت صفا مفسرة: الناس دي كتيرها تفطر عسل ومربي وعيش توست، تجومي إنت بجبروتك تفطريهم رجاج و ورج عنب وكمان حمام محشي.

ضحك الجميع وتحدثت رسمية إلى إبنتها بتوجيه: جومي خلي حسن وخضرة يسيبوا اللي في يدهم ويعجنوا كام فطيرة مشلتته ويخبرزوهم جوام جبل ما الضيوف يصحوا، وحطي لهم عسل وبيض مدحرج ومربي وچبنة
أومأت لها وتحركت للخارج حين أمسك زيدان كف يد والدته وقبله بحنان وتحدث إليها بعيون تغمرها حنانا: ربنا يخليكي ليا يا أما وميحرمنيش من رضاكي عليا ولا من دخلة بيتي.

إبتسمت لسعادته وربتت على كتفه ثم مسحت على شعره بحنان تحت سعادته وصفا ومنتصر الهائلة
في تلك الأثناء، دلفت إليهم مريم وهي تحمل صغيرتها بعدما انتوت الإندماج مع صفا وفتح صفحة جديدة معها
تحدثت بوجه بشوش برئ: صباح الخير
إلتفت صفا لمصدر الصوت لتنظر إليها وأبتسمت بسعادة حين تحدث زيدان بنبرة سعيدة: صباح النور يا بتي، وأكمل وهو يشير إلى سفرة الطعام ليدعوها للإنضمام: تعالي افطري ويانا.

تحركت إليهم حين تحدثت عليه بوجه سعيد: هاتي چميلة إشيلها عنيك لجل ما تفطري براحتك يا مريم
وبالفعل حملت الطفلة وباتت تنثرها بالقبلات
بسطت الجدة ذراعيها وتحدثت بإبتسامة حانية: هاتي چميلة أشيلها أني يا علية وإنت روحي لعند مرت أخوك شوفوا عتعملوا إيه
في حين جلست مريم بالمقعد المجاور لصفا التي تحدثت بنبرة سعيدة: مدي يدك يا مريم لجل ما نفتح نفس بعض على الوكل.

إبتسمت لها وبدأتا بتناول طعامهما تحت حديثهما الشيق وضحكاتهما مع والديهما وجدتهما.

داخل شقة رفعت عبدالدايم
كان يجاور زوجته الجلوس بأريكة الصالة يتناولون مشروب القهوة، تفاجأوا بخروجها وهي ترتدي ثياب فخمة وتضع
مساحيق فوق وجهها مبالغ بها، ويبدوا عليها إنتواء الخروج،
تعجبا من حالتها وخصوصا علمهما بأن قاسم قد أغلق المكتب ومنح جميع الموظفين إجازة وذلك لعدم تواجده هو وعدنان المتواجد معه بسوهاج بحكم انه صديقه المقرب، ولعدم إنهاكها بالعمل لحالها وهي في تلك الظروف النفسية.

دقق رفعت النظر إليها وأردف قائلا بتساءل: لابسه ومتشيكة أوي كده ورايحه على فين يا إيناس؟
وأكمل بإستفهام: ثم انت أيه اللي مصحيكي بدري كده، مش المفروض إنهاردة المكتب أجازة؟
أجابته بهدوء وثبات إنفعالي وهي تهندم من ثيابها: مسافرة سوهاج يا بابا.

صدح صوت تهشيم زجاج وذلك نتيجة إنزلاق فنجان القهوه من يد كوثر التي إتسعت حدقة عيناها وأنتفضت واقفة من جلستها هاتفة بحده: الظاهر كدة إن جواز قاسم من بنت عمه جننك وخلاكي فقدتي إتزانك خلاص، سوهاج ايه اللي عاوزة تسافريها يا مجنونه، ده إنت لو قاصدة تخلي قاسم يفسخ الخطوبة ويسيبك مش هتعملي كدة.

أجابتها بثقة: وقاسم يسيبني ليه، أنا هروح أحضر الفرح زيي زي عدنان بالظبط، واكملت بملامح وجه جامدة: وأظن إن ده وضع طبيعي بحكم إني زميلته في المكتب
رمقتها والدتها بنظرات تتطاير منها الشرار
أما رفعت الذي تحدث بإعتراض هادئ كشخصيته: عيب يا بنتي كدة، مينفعش اللي بتعملية ده، يعني أيه تسافري لوحدك وكمان من غير إذني ولا إذن خطيبك.

وبنبرة حادة تحدثت إليها كوثر بطريقة أمرة: إخزي الشيطان يا إيناس وأدخلي على أوضتك وبطلي بقا الجنان والعند اللي إنت فيهم ده
وأكملت بإطراء كي تبث الثقة داخل نفس إبنتها وتعيد لها غرورها كي تهدأ وتعي على حالها: الضعف والغيرة مش لايقين على إيناس عبدالدايم المحامية الشاطرة اللي إسمها بيهز قاعات المحاكم.

وكأنها بتلك الكلمات قد نهرتها على وجهها بصفعة قوية أعادتها للواقع، رفعت قامتها للأعلى بغرور وتحدثت: أنا اسفه يا ماما إني خيبت ظنك فيا بأفعالي اللامحسوبة سواء إمبارح أو إنهاردة، وأكملت بوعد وكبرياء: و أوعدك إن دي هتكون أخر مرة تشوفيني فيها ضعيفة بالشكل ده
إبتسمت لها كوثر بإستحسان، وأدارت هي ظهرها متجهه إلى غرفتها من جديد.

اما ذاك المغلوب على أمرة فضرب كف فوق الاخر وجلس من جديد قائلا بهوان: لا حول ولاقوة إلا بالله.

عصرا
خرج زيدان من غرفته بعدما إرتدي جلبابه الصعيدي و لف عمامته ناصعة البياض فوق رأسه ثم وضع على كتفه عبائتة الصوف الإنجليزي الفخمة،
وجد من تتحرك إليه بخطوات أنثوية قائلة بدلال ونبرة رقيقة للغاية: تؤبرني شو جذاب ستايلك، بعئد زيدان بيك، من قلبي بهنيك عهالذوق العالي بإختيارك للألوان وتنسيقا، يغزي العين عنك اللي بيشوفك بقول خيى للعروس مانك بيا.

إبتسم لها وتحدث شاكرا على مجاملتها: تسلمي يا مدام لينا وأشكرك على المچاملة الحلوة دي
أجابته بنبرة حماسية صادقة ونبرة جادة وذلك من وجهة نظرها كإمرأة تهتم بمجال الشياكة والاناقة وتعمل بهما: بس هيدي مانا مچاملة مسيو زيدان، انا عم إحكي جد
وأكملت بإعجاب بريئ: عن جد بهنيك على إستايلك وإهتمامك بلياقتك لحتي تطلع بهالچسمك الرياضي اللي كتير بعئد، يعني ماشالله عليك شخصية وشبوبية.

و وجهت بنصيحة له من حيث موقع عملها: بدي إياك تضلك هيك، تهتم بحالك وما تهمل چسمك لتضلك مهضوم وجذاب والعمر ما يبين عوچك وتضل الصبايا تلحقك من مطرح لمطرح
قهقه عاليا بسعادة ولكنها إختفت سريع حين إستمع إلى صوت تلك الغاضبة التي صدح من خلفه لتتحدث قائله بنبرة حادة: واجف عنديك بتعمل أيه يا عم الشباب؟

إبتلع لعابه لعلمه غيرتها الشديدة عليه والتي وبالتأكيد لن تجعل ذلك الموقف يمر مرور الكرام، إلتف إليها ينظر لها بعيون مرتعبه رغم محاولاته المستميته بالثبات
وتحدث بنبرة مرتبكة مزيفة: مفيش يا ورد، اني كنت بوصي مدام لينا عليكي لچل ما تهتم بيك وتبجي زينة الليلة يا أم العروسة،
وأكمل بحديث ذات مغزي: كنت بجولها تتوصا بيكي في الحمام المغربي.

رمقتة بنظرة حارقة وتحدثت بغضب: وأني كت محتاچه لزواج المدام لجل ما أبجا زينة في عينك إياك؟
إبتلع لعابه من شدة غضب تلك المتمردة وكاد أن يتحدث سبقته لينا التي وجهت إليها الحديث بنبرة حماسية في محاولة منها بتهدأت الأجواء: مسيو زيدان أكيد ما بيقصد الشي يا اللي فهمتية حياتي،
واسترسلت حديثها بإطراء: ماشالله عنك وچك وبشرتك كتير رايقين وبياخدوا العقل، وما بتحتاچي إلا شوية روتوش.

رفعت حاجب وأنزلت الاخر ثم تحدثت إليها بنبرة ساخرة: وإنت بجا يا مهشكة اللي هتجولي لي چوزي يجصد يجول لي أيه؟
تحدثت لينا بنبرة خجلة بعدما إستشفت غضبها ونبرة السخرية من حديثها فأردفت بإحراج: بعتذر منك مدام عتداخلي وأكيد ما كنت بقصد هيك شي، بعد إذنكن
وتحركت منسحبه للأعلي في طريقها إلى غرفة العروس لتبدأ في تجهيزها بالحمام المغربي المعتاد للعرائس في هكذا يوم.

حزن زيدان ورمقها بنظرة ملامة، أما هي فبادلته إياها بنظرة حارقة وتحركت من أمامة دالفة لغرفتهما سويا وأغلقت بابها بشدة حتى ان بابها كاد أن يخلع،
إستشاط داخله من أفعالها المجنونة وتحرك مقتحما عليها غرفتها وجدها تجوب الغرفة إيابا وذهابا والغضب يكتسي ملامحها، وقف مقابلا لها وتحدث بحدة: إية اللي عملتيه مع الست برة دي يا مجنونة انت.

هتفت بنبرة حادة وتحدثت مقلدة صوت لينا: وعاوزني أعاملها كيف إن شاء الله يا مسيو زيدان
عيب يا ورد، ده أنت بت أصول ودي مهما كانت ضيفتك و واچب عليكي إكرامها ومعاملتها زين، كانت تلك كلمات قالها لها زيدان كي يكسب ودها ويجعلها تعود إلى عقلها من جديد
تحدثت إليه بصياح ومازال الغضب يسيطر على ملامحها: ضيفة؟
وهي الضيفة بردك بتوجف تتمايص على رچالة البيت وتچلع عليهم وتجولوا چسمك حلو ولبسك ابصر ايه؟

قهقه عاليا وأرجع رأسه للخلف وتحدث إليها بعدما إستطاع التحكم بقهقهاته: وهو ده بجا اللي مزعلك وخلي چنانك يطلع عليا وعلى المسكينة دي. ، واكمل حديثه: إفهمي يا حبيبتي، الست بتتكلم في إختصاص شغلها وبتجول رأيها في لبسي
أردفت قائلة بنبرة حادة: وحديتها الماسخ عن چسمك وجمالة ده بردك من إختصاص شغلها يا راچل يا بچح يا أبو عين زايغة.

وأقتربت منه وخبطت بكف يدها فوق بطنه بحدة بالغة جعلته يتراجع للخلف سريع كي يتفادي خبطاتها الغاضبة وكظم تأوهاته من شدة تألمة
وتحدثت هي بنبرة ساخرة: ومن بجاحتك واجف مبسوط وعاچبك مساختها عليك وشافط لي كرشك شبرين لچوة لچل ما تجول لك تؤبرني مسيو زيدان
إنفجر ضاحك بشكل هيستيري على طريقة غضبها وتعبيرات وجهها الساخرة التي تدعو للضحك تحت غضبها الكبير من قهقهاته العالية.

تمالك من ضحكاته وأقترب منها وامسك يدها وتحدث بغمزة من عيناه: للدرچة دي عتحبيني يا ورد ولساتك بتغيري على زيدان زي اللول
جذبت كف يدها من بين راحته بعنف ثم رمقته بنظرة حارقة وتحدثت بنبرة حادة للغاية تنم عن مدي إشتعال روحها: إبعد يدك عني وبطل شغل التلات ورجات بتاعك ده يا أبن النعماني، حديتك المدهون دي مهياكلش معاي دالوك
وأكملت بحده: روح أدهن بيه النواعم بتاعتك اللي كت واجف معاها من إشوي يا بتاع لينا.

إقترب عليها من جديد وجذبها بقوة ليحيط خصرها بساعدية القويتان ويشبك كفيه أسفل ظهرها في حركة مقيدة لحركتها، باتت تفرك بعنف محاولة الفكاك منه ولكن هيهات، فمن أين الخلاص من قبضة ذلك العاشق الحديدية
هتفت بنبرة عصبية وهي تتلوي بجسدها في محاولة منها بالفكاك: سيبني يا زيدان.

أسيبك كيف وإنت روح زيدان وعجلة، جملة قالها زيدان ببحة بنبرة عاشقة إبتلعت جرائها لعابها و أهتز قلبها، و أكثر ما جعلها تستكين بين ساعدية وتهدأ هي نظرة عيناه الصادقة التي تنطق عشق فاذابتها
فتحدث هو بعيون تصرخ عشق: وبعدهالك عاد يا بت الرچايبة، ناوية تضيعي لي ليلتي اللي برتب لها من شهر إياك
تساءلت متمنعة: ليلة أية دي كمان إن شاء الله.

أجابها بنظرة وقحة: ليلتك يا أم العروسة، تكونيش مفكرة إني جايب لك مدام لينا لحد إهني وموصيها على الحمام المغربي والمساچ علشان ندخلوا بنتك وناجي ننام إياك؟
إبتسمت له ومالت بوجهها للأسفل خجلا مما أسعدة وتأكد حينها أنها وأخيرا قد عفت عنه فاقترب اكثر وبات يقبلها تحت سعادتها وعودة الهدوء إلى قلبها العاشق من جديد.

بعد مرور عدة دقائق تحدث إليها بدعابة كي يعيدها إلى طبيعتها: يلا إطلعي وإتأسفي عاد للولية بدل ما تنتجم منك وتحط لك حاچة في ماية الحمام المغربي تسلخ لك بيها چلدك، وبدل ما نحتفل بالليلة نجضيها عويل وكريم تسلخات
إنفجرت ضاحكة بشدة حتى أدمعت عيناها تحت سعادته.

أما داخل غرفة قاسم بعد الظهيرة
كان يغفو بثبات عميق من شدة أرقه الذي أصابه طيلة الإسبوع المنصرم حيث أنه لم يتذوق للنوم طعم بسبب شعورة بالإهانه بعد معاملة جده له وتوبيخه أمام صفا وإجبارة على إتمام زيجته بها
فتح عيناه رويدا رويدا وبدأ بالإستفاقة، مد ذراعيه وتمطئ بهدوء وهو يتمدد بجسده فوق تلك الأريكة الواسعة.

أخذ يدور ببصره يتفقد غرفته وهنا وقعت عيناه على عدنان الممدد فوق الفراش وحينها تذكر أنه ترك تخته إلى عدنان ليترك له المجال ويجعله يغفو عليه براحه وغفي هو فوق الأريكة المسطحة
سحب جسده لأعلي وجلس وبدأ يسعل مما أيقظ عدنان وبات يتطلع حوله إلى المكان بإستغراب حتى رأي قاسم وتذكر أين هو
جلس هو الاخر وتحدث مبتسم إليه: صباح الخير يا عريس.

إبتسم له ساخرا وأردف قائلا بدعابة: عريس، طب خاف على نفسك بقا لتكون أختك زرعة لك جهاز تصنت في هدومك ولا في شنطتك وتسمعك وتخلي ليلتك ما يعلم بيها إلا ربنا
إنتفض من جلسته وأردف قائلا بدعابة: مش إيناس دي أختي، بس جبارة و تعملها
وقهقه كلاهما ثم نظر له قاسم بجدية موجه الحديث إليه: قوم فوق كده واتوضي وصلي صلاة الضحي علشان ننزل نفطر تحت.

إستمع إليه وبالفعل دلف إلى المرحاض حين تحرك قاسم بدون وعي وكأن ساقيه هي التي تسوقه عنوة عنه و وقف داخل شرفته وبدون إرادة وجد حاله يتلصص على شرفة غرفتها المفتوحه حيث يداعب الهواء بملاطفة ستائرها الشفافه المفرودة والتي جعلت من رؤية الداخل ضبابيه بعض الشئ إلا لمن يدقق النظر جيدا،
لا يدري ما الذي جعله يرفع قامته ويجوب بعيناه داخل غرفتها كي يلمح طيفها، شعر بالأسي حين تأكد من خلو الغرفة.

وبلحظة وعي على حاله وكأنه كان مغيب منساق دون إدراك
تحدث إلى حاله مستغرب: جرا لك أيه يا قاسم، إتچنيت إياك، واجف تراجب بلكونتها وتدور عليها كيف المراهقين لجل ما تشوفها؟
طب ليه وعلشان أيه؟ لا أنت بتحبها ولا هي فارجة معاك
وأكمل بتساؤل لحاله، ولا يكونش الدكر اللي چواتك هو اللي بيحركك لما شفتها إمبارح بشعرها وبالفستان العريان وريلت عليها كيف المراهقين يا حضرة المحامي المحترم.

شد قامته لأعلي و وقف بشموخ وحدث حاله من جديد، أرجع لعجلك يا قاسم وأظبط حالك أومال
وبلحظة إبتسم وتحدث بتناقض لأفكارة، أرجع لعجلي كيف يعني، وحتى لو بفكر فيها كيف ما بتجول، إية المشكلة، هي مش مرتي وحلالي اللي ربنا شرعهولي لجل ما أتمتع بيه
في تلك اللحظة إجتاحه شعور لذيذ ولأول مرة يشعر به طيلة سنواته المنصرمة ولم يجد له تفسيرا.

أخرجه من حالته تلك إستماعه لصوت رنين هاتفه يصدح من خلفه، تحرك إليه وجده أباه الذي حسه على النزول هو وصديقه كي يتناولون إفطارهم والترحاب بالزائرين الذين أتوا من جميع النجوع من حولهم كي يقدموا التهاني والمباركات لحفيد كبير المركز بأكمله
وبالفعل تدلي هو وعدنان بعدما توضأ هو الاخر وقام بأداء صلاة الضحي
دلف لداخل غرفة الطعام وشرعوا بتناول فطارهما المجهز من قبل والدته بإهتمام.

دلفت فايقة إليهم وتحدثت بترحاب عال: يا مرحب يا مرحب يا استاذ عدنان
وقف سريع بإحترام ليبادلها التحية: أهلا وسهلا بحضرتك يا أفندم
إبتسمت إلية وتحدثت معاتبة إياه بملاطفة: يعني ما تاجيش تزورنا غير في المناسبات يا ولدي؟
و أكملت بإبتسامة: أخر مرة شفناك فيها كان على فرح فارس من سنتين
أجابها بإبتسامة خجلة: معلش يا أفندم، ما إنت عارفة الشغل ما بيرحمش.

إبتسمت إليه وتساءلت بتودد: الست الوالدة وعروسة ولدي الأستاذة إيناس أخبارها أي؟
إنتفض قاسم من جلسته كمن لدغه عقرب وأخذ بالسعال الشديد نتيجة توقف الطعام داخل حلقة أثر حديث والدته
إرتعبت بوقفتها واسرعت بإلتقاط كأس الماء الموضوع وناولته سريع إلى ولدها وهي تهتف قائله بنبرة هلعة: إسم الله عليك يا ولدي، إشرب يا نضري.

إلتقط هو كأس الماء من يدها بلهفة وتناوله على جرعة واحده، ثم أخذ نفس عميق وزفرة بشدة وبدأ بتنظيم أنفاسة تحت هلع والدته وعدنان الذي وقف بجانبة يدق على ظهرة بإضطراب
بعد مدة قصيرة هدأ قاسم وبدا على ملامح وجهه الراحة، رمق والدته بنظرات حادة كنظرات الصقر واردف قائلا بنبرة محتقنه بالغضب: اية الكلام الفارغ اللي عتجولية دي يا أما.

أجابته بإبتسامة سمجة: متجلجش جوي إكدة، محدش إهني في السرايا واصل، كلياتهم راحوا من الفجرية لبيت عمك زيدان لجل ما يوجفوا مع مرته، يعني محدش هيسمعنا واصل وإحنا بنتحدتوا
إنتفض من جلسته ورمقها بنظرة حادة وتحدث غاضب لما؟ هو لا يدري: ولو يا أما، الموضوع ده سر بيناتنا وممنوع منعا باتا يتذكر حتى بينك وبين حالك.

تحدثت بنبرة متلبكة وهي تنظر إلى عدنان بخجل من حدة صوت ولدها عليها في حضرته: خلاص يا ولدي، إهدي أومال، محصلش حاجة لدا كله
فاق عدنان على حالة وتحدث بإحراج شديد بعدما رأي خجل فايقة داخل عيناها: بعد إذنكم، أنا هخرج برة في الجنينة علشان أكلم بابا وماما واطمن عليهم
وتحرك للخارج بخطوات سريعة، وجد الحاج عتمان جالسا داخل الفرندا الواسعة ويتحرك إلية زيدان بإصطحاب فتاة جميلة حد الفتنة.

برق عيناه وابتلع لعابه فور رؤيته لتلك الفاتنة التي لم يري لجمالها مثيل من ذي قبل، و أقسم بداخله على أن تلك الساحرة هي أجمل ما رأت عيناه إلى اليوم
أقبل زيدان على والده وأنحني بقامته على يد والده ليقبلها قائلا بإحترام: صباح الخير يا حاج.

أومأ له عتمان بإبتسامة حانية وتحدث إلى تلك التي تقف خلف أبيها وهي تفرك كفي يدها بتلبك وذلك لخجلها منه أنها ومنذ يوم المواجهه وهي تتجاهل تواجدها معه نهائيا حتى انها لم تعد تذهب إلية يوميا في الصباح كالعادة كي تقبل يده لتجعل صباحه خيرا مثلما يقول لها هو دائما
هتف بنبرة صوت جهورية ناظرا إليها بحنان: معتجربيش تسلمي على چدك ولا إية يا صفا، لساتك حاطة الكرامة بيناتنا يا بت زيدان؟

إتسعت حدقة أعين عدنان بذهول حين علم حقيقة شخصيتها وحدث حاله بإستغراب: يا لك من رجل أبله عديم التذوق قاسم، أتستبدل تلك الجميلة بإيناس تلك الغبية المتسلقة عديمة القلب والرحمة؟
نعم شقيقتي وأريد لها كل الخير لكني أتحدث عن حقيقتها المرة وجشع نفسها الذي أراهم بأم أعيني
أما تلك الصفا التي تحركت على خجل وأردفت قائله وهي تميل على كف يد جدها: العفو يا چدي.

فتحدث هو بإبتسامة حانية وأطمئنان: كيف معدتك دالوك، مليحه؟
أجابته بهدوء: الحمدلله يا چدي، بجيت زينة على الإبرة اللي أخدتها ليلة إمبارح
أومأ لها بإبتسامة حين تحدث زيدان بتودد إلى عدنان الذي لمح وجوده الجانبي للتو: جرب يا عدنان يا ولدي، واجف عنديك ليه
إبتسم له وتحرك حتى وقف قبالته وتحدث قائلا بإحترام: صباح الخير يا زيدان بيه
ثم حول بصره إلى صفا وتحدث مهنئ إياها بنبرة صوت هادئة: ألف مبروك يا عروسه.

في تلك الاثناء خرج قاسم من الداخل وجدها تقف بجانب والدها امام صديقه الذي يهنأها وبدورها شكرته بهدوء ووجه مبهم خاليا من أية معالم وذلك لجهلها لشخصيته.

إشتعلت النار مقتحمه جسده بالكامل وغلت الدماء داخل عروقه وخصوصا بعدما رأها بكل ذاك الجمال الخارق وتلك الهالة التي تحيطها لتجعل منها كشمس ساطعة تنير وتجذب الأنظار لكل من يراها، وما شعر بحالة إلا وهو يتجه إليها ممسك بيدها تحت رعشة جسدها وإنتفاضته أثر تلك اللمسة
جاهد حاله بصعوبة بالغة ليتحكم في إخراج نبرات صوته بثبات وهدوء وتحدث بملامح وجة خالية من أية تعبيرات: بعد إذنكم.

وسحبها بهدوء وتحرك بها تحت إستغرابها
وبدون حديث سحبها خلفه مقبض على كف يدها بطريقة عنيفة حتى أن أظافرة غرست في جلد كفها الرقيق ولكنها تحاملت على حالها كي تحافظ على كرامتها ومظهرها أمام الجميع،
وبدأ بالتحرك بخطوات واسعة، تعثرت بخطواتها أثر سرعته وما أن دلفت إلى منزلها واختفت عن أعين جدها و والدها حتى جذبت يدها وأفلتتها من بين راحة يده بعنف.

وتحدثت بنبرة حادة ونظرات غاضبة: بعد يدك عني يا قاسم، أيه، فاكر حالك ساحب جاريتك وراك إياك
أمسك يدها من جديد وتحرك بها داخل تلك الغرفة الجانبية وزجها بعنف ثم اغلق الباب بعد دلوفهما
وألتف لها و تحدث إليها بنبرة حادة وعيون غاضبة متعجبة: يا بجاحتك، وليك عين تتكلمي وتعلي صوتك كمان؟
واكمل بتساؤل به إتهام: ممكن أعرف الهانم أيه اللي موجفها تتحدت وتتمايع جدام الغرب إكدة؟

وأكمل بصياح حاد: والسؤال الأهم هو أيه اللي موديكي هناك أصلا في وسط الرچالة الغرب اللي ماليين الچنينة وبيچهزوا للفرح
إتسعت عيناها بذهول من تأثير حديثه المهين لها ولأخلاقها التي لم تسمح له بالتعدي عليها وهتفت بحدة: خلي بالك من كلامك زين يا واد عمي، ولما تاجي تتكلم عن اخلاج صفا زيدان يبجا تجف مظبوط، عشان الكلام اللي إنت عتجوله ده تطير فيه رجاب.

كز على أسنانة بغيظ وتحدث ليشعل روحها: هو من ناحية إن فيه رجاب هتطير فده شئ مفروغ منية، عشان إكدة لازمن تخلي بالك على رجبتك الحلوة دي زين يا دكتورة
إشتعل داخلها من نبرة التملك والغرور التي يتحدث بها وكادت ان تتحدث لولا دلوف ورد التي أتت أثر صياحهما العالي وأغلقت الباب خلفها سريع خشية من أن يستمع عليهما أحد وتساءلت بإستفهام: أيه اللي حصل يا ولاد للصريخ ده، حسكم چايب لأخر الدنيا.

أجابتها صفا بنبرة غاضبة وهي تشير بيدها على ذلك الغاضب: البية المحترم چاي يحاسبني ويتهمني في اخلاجي علشان روحت مع أبوي لچل ما أصبح على چدي بعد ما چدتي جالت لي إنه كان جلجان عليا طول الليل
وليه وليه سيادته يطلع من چوة يلاجي واحد غريب بيبارك لي جدام أبوي وچدي
كان يستمع لها وكل ذرة بجسده تشتعل غضب من تلك الثرثارة ذات الطابع العنيد التي تقف دائما بوجهه وتعارضة.

تحدثت ورد كي تنهي الأمر: الله أكبر الله أكبر، دي لازمن عين واعرة وصابتكم
وأمسكت ذلك المستشاط من يده: إستهدي بالله يا ولدي، ويلا روح على البيت لجل ما تشوف اللي ناجصك وتوضب حالك
كان يسلط بصره فوق تلك الغاضبة، يرمقها بنظرات حادة حارقة فتحدثت ورد وهي تحسه على الذهاب: يلا أومال يا عريس الله يرضي عليك.

تحدث بحده وهو يرمق تلك الغاضبة بنظرة حادة: أنا هعدي الموضوع وهتغاضي عن كلامها اللي كيف السم ده لجل خاطرك إنت بس يا مرت عمي
اجابته بهدوء لتنهي هذا الجدل الدائر: الله يكرم اصلك يا ولدي
وتحرك هو للخارج عائدا من جديد إلى منزله ليتابع تجهيزاته لليلة عرسه ذات الطابع والظروف العجيبة
أما صفا التي زفرت بضيق وتحدثت بنبرة غاضبه: همجي كيف الثور بالظبط.

فتحدثت إليها ورد بإبتسامة سعيدة: بيغير عليك ومعزور يا ست البنتة، الچدع ممصدجش حاله إن الجمر دي بجت ملكة خلاص
إبتسمت لها بمرارة لعدم علمها لحقيقة الأمر وتحركت للخارج.

بعد مرور أكثر من الساعتان، داخل مطبخ منزل الحاج عتمان
كانت فايقة تشرف على عاملات المنزل وبعض نساء العائلة القليلات وهن يقومن بصنع بعض الأطعمة الخاصة لغداء أهل المنزل وبعض الزائرين المهمين للغاية مثل المحاشي والطواجن الخاصة المميز بها أهل النجع والتي تأخذ مجهودا شاقا ووقت طويلا ولا يستطيع الطهاه اللحاق في صنعها بكميات هائلة لكي تكفي لتلك الأعداد الهائلة المتوافدة من جميع المناطق المجاورة،.

أما بالخارج فيعمل الطاهون الذين يستمرون منذ البارحة ويقفون على قدم وساق بصنع أفخم أنواع الأطعمة والحلويات لتقديمها إلى جميع الزائرين والحضور
دلفت إليها شقيقتها بدور وتحدثت مبتسمة بنبرة هادئة: كيفك يا أم العريس
نظرت لها فايقة وتحدثت بنبرة ملامة لتأخرها في الحضور: لساتك فاكرة تاچي تساعدي خيتك في وكل فرح ولدها البكري يا ست بدور.

اجابتها بدور بنبرة متاسفة: حجك عليا يا خيتي، چوزي جاله ضيوف من المركز وكان لازمن أعمله غدا ولا تبجا عيبه في حجة جدام اللضيوف
وأكملت مبررة: . وبعدين ربنا يبارك في الحبايب، معاكي عمتك وبناتها وباجي ستات العيلة
لوت فاهها وابتسمت بجانب فمها ساخرة وتحدثت بنبرة تهكمية: عمتك وبناتها جاموا من الفجرية وراحوا للست ورد لجل ما يملوا عليها البيت ويحسسوها هي وزيدان بفرحتهم ببتهم.

وأكملت بنبرة حقودة: أما بجا فايقة أم أول حفيد ليهم تنحرج وتولع بجاز مش مهم، المهم الست ورد تفرح
ربتت شقيقتها على كتفها بحنان وتحدثت لتهدئ من روعها: روجي على حالك يا فايقة وأعذريهم بردك، دي بت زيدان الوحيدة و اول وأخر فرحته يا نضري، ولازمن ولابد عمتك وبناتها يشاركوة فرحته بيها
وأكملت مفسرة حديثها بتعقل: لكن انت اللهم بارك مچوزة فارس وليلي جبل إكدة وفرحتي بلمة الكل حواليكي.

وأكملت معترضة: ثم وكل إيه اللي عتعملية يعني، ما الطباخين برة في صوان الچنينة جايمين بالواجب وزيادة اللهم بارك، هما هبابة المحاشي دول اللي عيغلبوكي
تنهدت بغيظ من شقيقتها دائمة الإصطفاف بجانب أعدائها وخلق الأعذار لهم ودائما ما تتهكم عليها هي وتتحامل عليها.

داخل غرفة ما بالطابق العلوي، إختارتها ورد بالخلف كي تتزين بها إبنتها بعيدا عن ضوضاء الغرف المتواجدة بجوار الحديقة وضجيج الرجال والعمال الذين يعدون ويجهزون المكان ليليق بإستقبال زفاف حفيد النعماني البكري الذي طال إنتظارة.

كانت تقف أمام تلك ال لينا التي تحدثت بإبتسامة لطيفة: يؤبرني الحلو، ما أجملك صفا يخزي العين بتقولي للقمر قوم لأقعد محلك، ماشاالله عليكي كتير بشرتك رايقة وبتچنن وما محتاجة لكتير شغل، تاتش زغير وبتطلعي ملكة إسم الله، دخيلو الحلو ما أطيبوا
إبتسمت لها صفا وشكرتها بلباقة إستغربتها لينا التي حدثت حالها، كيف لتلك الرقيقة ان تكون إبنة تلك الشرسة عديمة الذوق واللباقة.

فاقت من شرودها موجهه حديثها إلى مساعديها بتساؤل: شو صبايا بعدكن ما چهزتوا الحمام المغربي، هيك الوقت راح يسرقنا، بدنا نلحق لنخلص ونچهز العروس عالوقت
ثم رجعت ببصرها مرة اخري إلى صفا وتحدثت بإطراء: دخيل عيونك شو بتچنني، الله يعينو عريسنا عهالچمال.

نظرت لها صفا وإنشطر قلبها لشقين حين تذكرت إتفاقها وقاسمها، صرخ داخلها يإن، وابتلعت غصة مريرة بحلقها ثم إستجمعت حالها وتحدثت إلى لينا على إستحياء: بلاش منية موضوع الحمام المغربي ده يا مدام لينا.

ضيقت عيناها بإستغراب وهي تنظر إليها متفحصة ملامحها الحزينة الخالية من فرحة وسعادة الفتيات بيومهم المميز ذاك وتحدثت: كيف يعني بلاه يا تؤبريني، ما بصير هالحكي، الحمام المغربي كتير مهم لنضافة جسمك ونضارة بشرتك ونعومتا قدامه لچوزك
ثم غمزت لها بعيناها وتحدثت بدعابة: وهاد غير المساچ، راح يخليكي كتير رايقة ومزاچك عالي، وكل هالتوتر اللي حاستيه بروح وبتحسي حالك كتير منيحة.

إبتسمت لها بوهن وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة بائسة: مش فارجة كتير يا مدام لينا، على العموم اللي تشوفيه صح إعملية
وتحركت لتنزع عنها ثيابها كما أخبرتها لينا لتبدأ بالتجهيزات اللازمة.

أتي المساء سريع وبدأ الجميع يستعد ويتأهب للزفاف
وقد خصص زيدان الحديقة الخلفية وحددها بستائر ثقيلة كي تحجب ما يحدث داخل حفل النساء عن العين وتعطي خصوصية لهن في الداخل
وقد كلف شركة متخصصة قد أتي بها من القاهرة خصيصا كي يقوموا بتنظيم حفل زفاف وحيدته ويجعل منه يوم مميزا لها تتذكره على مر أعوامها القادمة.

إفترشت الحديقة بالترابيزات الصغيرة المستديرة والتي تغطي بمفارش زهرية اللون وباقات الزهور التي إعتلت كل ترابيزة على حدي، والمقاعد المريحة والفتيات ذوات الزي الموجد و اللواتي إنتشرن في المكان لتقديم الخدمة للنساء اللواتي حضرن الإحتفال
وفريق الموسيقي المكون أيضا من الفتيات حتى يحافظ زيدان على تقاليد نجع النعماني،
داخل شقة فارس ومريم.

كانت واقفه أمام المرأة المتواجدة داخل المرحاض، ترتدي مأزرها وتضع منشفة تلف بها شعرها بعدما أخذت حماما دافئ إستعدادا لخروجها وأرتداء ثوبها الخاص والتي ستحضر به حفل زفاف حلمها السابق، فتي أحلامها التي طالما حلمت بأنها تزف إليه بثوبها ناصع البياض، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

تنهدت بأسي ونفضت رأسها من تلك الأفكار التي دائما ما تؤرق عقلها وتنغص عليها حياتها وخصوصا في ظل إبتعاد فارس عن مشاركته إهتماماتها والتقرب منها كزوجان متفاهمان،
وتابعت وضع بعض الكريمات المرطبة فوق بشرتها الناعمه وتحركت للخارج تاركة خاتم زواجها بجانب المرأه بعدما خلعته عن أصبعها قبل غمر جسدها بالماء داخل حوض الاستحمام.

إرتدت ثوبها ثم وضعت بعض مساحيق الزينة الخفيفة والتي بالكاد تري بالعين، جلست فوق فراشها ومالت بجذعها للأسفل ترتدي حذائها، وهنا دلف للداخل فارس دون إستئذان مما أفزعها وجعلها تنتفض من جلستها سريع
نظر إليها بجبين مقطب مستغرب فزعها وتحدث قائلا بنبرة رخيمة: مالك إتفزعتي إكده، شفتي عفريت إياك؟
إستشاط داخلها من تلك المعاملة وتحدثت بنبرة حادة: لا مشفتش عفريت يا فارس.

وهتفت بإعتراض: بس مفيش حد بيدخل على حد من غير إحم ولا دستور ويخلعة إكدة
إتجه إلى خزانته وأجابها ببرود وهو يخرج مسدسه الخاص ويضعه في جيب جلبابه الصعيدي: مكنتش مفكرك إهني أصلا، كل الحريم راحو عند الجعدة اللي عاملها عمك زيدان لصفا في الچنينة اللي ورا وأني جولت أكيد إنت وياهم.

تنفست عاليا وتحدثت إليه تجيبه بتفسير: إتأخرت على ما سبحت جميلة ولبستها وإدتها لأمي، وهي مشت بيها للفرح وجالت لي إلبسي براحتك وحصلينا
تحدث إليها بإهتمام: لبستي جميلة لبس زين للچو يبرد بالليل؟
قطبت جبينها وتحدثت بنبرة ساخرة: چو أيه ده اللي هيبرد في شهر أغسطس يا فارس
أجابها برعب على طفلته الغالية: البت لساتها صغيرة وچسمها حساس ومهيستحملش تجلبات الچو يا مريم.

أجابته بهدوء مقدرة هلعه على طفلته التي يعشقها: متجلجش يا فارس، إن شاء الله خير
أومأ لها وأقترب من مكان وقفتها ثم حول بصرة إلى المرأة لينظر على إنعكاس صورته وبدأ يهندم من ملابسه ويصفف شعر رأسه بعناية
تحت حزنها وألم روحها الذي تملك منها من أثر تجاهله لوجودها حتى أنه لم ينظر لثوبها ولم يتفوة لها بكلمة إعجاب واحدة حتى ولو من باب المجاملة.

إنتهي مما يفعله وتحدث إليها بنبرة جامدة: لو چاهزة يلا بينا ننزلوا علشان أوصلك لجعدة العروسة جبل ما أرجع فرح الرچالة
أومأت له بحزن وعيون منكسرة لم يلاحظهما هو لعدم إنشغاله بها من الأساس وتحركا كلاهما كل بجانب الاخر ونزلا الدرج ومنه إلى الخارج
توقفت فجأة وتحدثت إلية بنبرة قلقة متذكرة: شفت أخرة إستعچالك، اديني نسيت دبلتي فوج في الحمام، إستناني إهني لحد ما أطلع أچيبها وأچي لك جوام.

أجابها على عجل وهو بالفعل يستعد للمضي قدما للأمام: أني مفاضيش لتوهت عجل الحريم وچلعهم الماسخ ده، إطلعي إنت هاتيها وأني داخل الفرح علشان أضرب لي كام طلجة لچل ما أرحب بالضيوف اللي چايين يچاملونا
وبالفعل تحرك مغادرا تحت حزنها وروحها المتألمة، عادت للأعلي من جديد كي تجلب خاتم خطبتها وبالفعل دلفت لداخل المرحاض وتسمرت أمام المرأة تنظر إلى إنعكاس وجهها الحزين،.

تنهدت بأسي وأمسكت بخاتمها تنظر إلية وألم مميت تملك من قلبها على ما وصلت إلية، زفرت بضيق وقربت الخاتم من أصبعها لترتديه وبلحظة إنزلق من يدها ومن سوء حظها أنها كانت قد نزعت منذ الصباح وهي تقوم بدورة تنظيف المرحاض الغطاء الذي يسد فتحة الحوض ويمنع نزول أي شئ بها، ولكن ولسوء حظها وقع الخاتم في تلك الفتحة وبسرعة البرق ابتلعته وأختفي من أمام ناظريها
كانت تتابع ما يحدث بعيون متسعة مزبهلة مما تراه.

نفخت بضيق تلعن حظها وغبائها وتحركت سريع إلى الاسفل كي تلتحق بمجلس النساء قبل خروج العروس وبدأ مراسم الحفل
خرجت من باب المنزل إستمعت إلى رنين هاتفها يصدح من داخل حقيبة يدها الصغيرة التي تمسك بها، أخرجت الهاتف ودققت النظر بشاشته وجدتها والدتها حياة، ضغطت زر الإجابة واجابتها وتحركت على عجل وهي تستمع لحديث والدتها التي تستعجلها الحضور من أجل إقتراب خروج صفا من منزلها.

كانت تتحدث وهي تتحرك سريع متجهه إلى خلف المنزل لتصل من خلاله إلى الحديقة الخلفيه من الطريق المعاكس لحفل الرجال وبلحظة إصطدمت بأحدهم وهو يتحرك أيضا على عجل ليدلف إلى حفل الرجال،
وقع من يدها هاتفها أثر الإصطدام فمال ذاك الشاب وإلتقط الهاتف ورفع قامته من جديد وتحدث وهو يمد يده بالهاتف متحدث بلباقة: أنا أسف جدا يا أفندم على اللي حصل، مع إن حضرتك اللي خبطي فيا متعمدة.

كان يتحدث وهو ينظر إليها بإعجاب لجمالها الهادئ وعيناها الساحرة الخاطفة للقلوب
قطبت جبينها ونظرت إلية وتحدثت بنبرة حادة بعض الشئ: متعمدة؟ واني هخبط فيك متعمدة ليه إن شاء الله؟
تكونش من بجيت أهلي واني مدرياش؟
وأكملت بحدة بالغة: ما تظبط كلامك يا چدع إنت وتوعي للحديت اللي عتجوله زين.

نظر لها مبتسم من هيئتها الحادة الشرسة التي جعلت من جمالها جذاب فوق الحد، خطفته لكنتها الصعيدية وحدتها، ولا يدري لما إتجه ببصره وحوله إلى كفي يداها، تنهد بإرتياح حين وجدهما خاليتين من أي خاتم يشير إلى زواجها أو حتى خطبتها.

إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة كي يمتص بها غضبها الذي أصابها بفعل حديثه: طب ممكن تهدي شوية وتسمعيني، أنا كل اللي أقصدة إني كنت ماشي بعيد عن خطواتك و واخد بالي كويس جدا لكن إنت كنتي مشغولة بالكلام في التليفون ومش باصه قدامك، علشان كده غيرتي إتجاة خطواتك في اخر لحظة وخبطي فيا بدون قصد طبعا
واكمل بإحترام ونبرة صوت تدل على رقيه وتحضره: على العموم أنا أسف مرة تانية لحضرتك.

تحمحمت بإحراج وخجلت بشدة من إسلوبها العنيف وحدتها في الكلام معه وتحدثت بنبرة هادئة: أني اللي أسفه على إندفاعي في الكلام
وأكملت بعدم إهتمام وهي تنسحب من جوارة لتكمل طريقها: بعد إذنك
تحركت ونظر هو عليها كالمسحور وبسرعة البرق إختفت خلف تلك الساتر الحاجز الذي أمر عتمان بوضعه كي يحجب إحتفال النساء عن عيون المارة من الرجال الدالفين من البوابة الحديدية.

تنفس بإنتشاء وحدث حاله بصوت مسموع: لذيذة وطعمة أوي يا بنت اللزينة، لا وشرسة وبتخربشي كمان
وتحرك بإتجاهه إلى داخل الإحتفال قابله يزن الذي رأه من بعيد وتحرك إليه على الفور للترحاب به: يا أهلا يا دكتور، إتأخرت ليه إكده يا راچل
أجابه ياسر بإبتسامته البشوش المعهودة: معلش يا باشمهندس، أصل كنت نايم وراحت عليا نومه
ربت على كتفه بإخوة وأردف قائلا: نوم العوافي، إدخل علشان تسلم على چدي وتبارك للعريس.

وتحركا معا للداخل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة