قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل العشرون

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل العشرون

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل العشرون

نكس الطبيب المعرفة رأسه و أردف قائلا بنبرة صوت بائسة بنسبة كبيرة الأستاذ أحمد عنده مشكلة كبيرة في الكلي، و الخوف كله من الحبوب المسكنة اللي أخدها طول المدة اللي فاتت و ده طبعا بناء على كلامه
ثم نظر إلى الحاج محمد و تساءل لائم بنبرة محب إنتوا ليه بس سبتوة المده دي كلها من غير علاج يا حاج محمد؟

أما محمد فكانت الصدمة و الذهول و الرعب من نصيبة، حيث نزلت كلمات الطبيب على قلبه الضعيف فزادته ضعف و وهن على وهنه و زلزلت كيانه بالكامل
أما عز الذي تصنم بمكانه و ألجمت الصدمة لسانه، تحامل على حاله و بالكاد أخرج صوته قائلا بنبرة صوت يائسة أحمد كان مخبي علينا وجعه يا دكتور، كان خايف لنضغط عليه و نجيب له دكتور يكشف علية و يحتاج ل مستشفي،.

و أكمل مبررا حديثه أحمد للأسف من صغرة و هو عنده فوبيا من الدكاترة و من المستشفيات و مانع التعامل معاهم نهائي، و ده من وقت ما جاله دور الحصبة و تعب و إضطر الحاج يحجزة في المستشفي علشان يلاقي رعاية صحية لأن جسمة وقتها كان ضعيف جدا و محتاج رعاية طبية ضروري علشان يعدي من الدور و يقوم بالسلامة، تنهد بيأس و أكمل حديثه بصوت واهن و من يوم ما أتحجز لوحدة في المستشفي و هو حصل له عقدة، لدرجة إن حاليا لما حد عزيز عليه بيتحجز في مستشفي ما بيزرهوش.

تفهم الطبيب موقفهم و أجري جميع الفحوصات اللازمه لمعرفة حالة أحمد المرضية
و بعد مدة عاد الجميع إلى المنزل و أستقبل أحمد بالدموع من والدته و ثريا و عزيزة التي تعتبرة نجل من أنجالها و ليس مجرد زوج إبنتها فقط
تحركت والدته محتضنه إياه تتساءل بلهفه و هي تتفحص جسده بتلهف إنت كويس يا حبيبي، طمني الدكتور قال لك أيه يا أحمد؟

أجابها عز مربت على كتفها بحنان في محاولة منه بتهدأتها عملنا تحاليل و إن شاء الله كل خير يا أمي، سبيه حضرتك علشان يطلع ينام لأن جسمة محتاج للراحه بعد الحقن المسكنه اللي أخدها في المستشفي
رد عليه محمد بإعتراض و هو يشير بيده إلى تلك الغرفة الجانبية المخصصه لمرضي العائلة أو لإستقبال حالات الولادة لنساء المنزل دخل أخوك ينام في الأوضة دي يا سيادة العقيد.

و أكمل بحنين و هو ينظر إلى صغيرة المريض بنظرات ضعف علشان أنا هنام جنبة زي زمان
إبتسم لأبيه و تحرك منساقا إلى الداخل بصحبته تحت عيون ثريا و قلبها الذي يتمزق لأجل متيمها التي تتيقن من داخلها أنها شاركت بصمتها المخزي في تطور حالة المرض و تأخر حالته الصحية إلى الأسوء
دلفت منيرة بصحبة عزيزة لتجهيز الطعام الذي أمر به الطبيب إلى أحمد.

و تفرق الجميع كل إلى وجهته إلا من عز الذي نظر إلى تلك الحزينة و دموعها التي تنزل على قلبه تكوي كل ما تقابله في طريقها
إقترب منها و تحدث إليها بنبرة معتزرة أسفه أنا أسف يا ثريا إني إحتديت عليكي في الكلام، إنت عارفة قد أية غلاوتك عندي و إني أكيد ما كنتش أقصد أزعلك، أنا بس إضايقت و ما كنتش عارف أنا بقول أيه لما شفت أحمد بيتألم بالشكل ده قدامي.

و أكمل بنبرة حانيه و عيون متألمه لأجلها أرجوك يا ثريا متزعليش مني!
نظرت إليه بضعف و تحدثت من بين دموعها الحارقة مما أتعب روحه و ألمها و انا هزعل منك ليه يا عز و إنت معاك كل الحق.

و أكملت و هي تشير إلى حالها بإتهام أنا اللي غلطت لما سمعت كلم أحمد و خبيت عليكم تعبة و وجعه، و أكملت و عذاب الضمير ينهش داخل صدرها و لو أحمد جري له أي حاجة عمري ما هقدر أسامح نفسي لأني هكون متأكدة من جوايا إن أنا بسلبيتي و سكوتي المخجل اللي وصلته لكده.

حزن لأجل شعورها القاتل بالذنب و أردف قائلا بهدوء كي يمسح عنها ذلك الحزن و الألم اللذان أصاب قلبها الرقيق ما تحمليش نفسك فوق طاقتها يا ثريا، اللي حصل لأحمد ده مكتوب و مقدر من ربنا سبحانه و تعالي، ثم إحنا كلنا عارفين إن أحمد عندة فوبيا من الدكاترة من اللي حصل له زمان، و أكيد هو اللي أثر عليكي و خلاكي غصب عنك تسكتي.

أجابته بدموع حارقة متحاولش تخفف عني يا عز لأن مهما قولت عمرك ما هتعرف تشيل من جوايا شعور الذنب اللي بياكل في قلبي و محسسني إني قد أية مذنبة
و بكت بإنهيار ثم تحركت متجهه إلى المطبخ تاركه إياه في حيرة لتتابع مع والدتها و والدة زوجها تحضير الطعام لزوجها المريض
نظر إلى طيفها بحزن ثم زفر بضيق لأجلها و تحرك متجها إلى الغرفة التي يتواجد بها شقيقة كي يطمئن عليه من جديد و يجاوره الجلوس هو و أبيه.

بعد يومان ذهب عز إلى المشفي لجلب نتيجة الفحوصات و محمد الذي أصر على الذهاب مع ولده كي يطمئن على عزيز أبية مهذب الروح، عالي الأخلاق و الفضيلة
دلفا معا إلى حجرة الطبيب و اجلسهما بعدما القوا عليه التحيه و تحدث إليه الحاج محمد متشاءلا بنبرة متلهفة طمني يا دكتور على حالة أحمد
أخذ الطبيب نفس عاليا ثم أخرجه و تحدث إلية بنبرة يائسة للأسف يا حاج محمد، حالة أستاذ أحمد مؤسفه جدا و أكتر كمان مما كنت أتوقع.

إبتلع عز لعابه رعب و تساءل بعدما رأي ألم والده الذي ظهر بعيناه أخويا عنده أيه يا دكتور؟
اجابه الطبيب مفسرا للأسف يا سيادة العقيد، أستاذ أحمد كان عنده قصور في الكلي و كان سهل جدا إنه يتعالج و حالته تتحسن و يرجع لطبيعته،
ثم أكمل بنبرة حزينة لكن بفضل المسكنات اللي اخدها طول العشر شهور اللي فاتوا حولت الحالة من قصور لفشل كلوي مزمن.

نزلت تلك التصريحات على قلب كل من محمد و عز جلدته و كأنها مادة كاويه تحرق كل ما تقابله أمامها بدون رحمة
إنهار داخل محمد على شباب صغيره الذي سيخطفه ذاك المرض الصعب إلى الموت الحتمي
فأخرج صوته بصعوبة بالغة متسائلا بنبرة مرتجفه و نسبة الشفا من المرض ده قد أيه يا دكتور؟

أجابه الطبيب بنبرة هادئة كل شئ بأمر الله يا حاج، أنا هبذل كل جهدي لكن الموضوع صعب بجد و محتاج متابعة، و أول حاجة لازم تحصل هو إن الأستاذ أحمد يتحجز في المستشفي علشان نقرر العلاج المناسب لحالته و يتحط تحت الملاحظة الطبية
نكس محمد رأسه بيأس و تحرك عز إليه و أصطحبه و خرجا معا و أستقل السيارة التي قادها عز،.

تحدث عز لذاك الجالس بجانبة و يعتصره الألم أرجوك يا حاج تحاول تهدي و تهون على نفسك علشان صحتك ما تتأثرش، و أحمد إن شاء الله هيبقا كويس و هيصحي
إبتسم لإبنه بمرارة و تحدث بوهن إنت بتضحك على نفسك و لا عليا يا عز، هو المرض ده لما بيصيب حد بيبقا ليه قومه تاني.

تحدث عز بيقين و إيمان بالله القادر على كل شئ خلي إيمانك بالله قوي يا حاج و خليك دايما متأكد إن ربنا قادر على كل شئ و إن شاء الله يظهر لنا قوته و قدرته في شفاء أحمد
هز محمد رأسه بيقين و أردف قائلا و نعم بالله العلي العظيم.

عاد عز و محمد إلى المنزل و جلس بصحبة أحمد و أخبروه بالحقيقة في محاولة منهما بإقناعه بالذهاب إلى المشفي و المكوث بداخلها لفترة محدودة
بعد مدة أخرج أحمد صوته بصعوبه متسائلا بنبرة صوت يائسة الدكتور قال لكم فاضل لي قد أيه و أقابل وجة كريم؟

نزلت كلماته تلك على قلب عز زلزلته و تحدث محمد بنبرة حازمة ناهرا إياه بشدة مش عاوز اسمع منك و لا كلمة عن الموضوع ده، إنت فاهم، إنت هتخف و هتبقي كويس و هتربي ولادك و تعيش لحد ما تجوزهم بنفسك
و نظر له قائلا بضعف واهن و يكون في معلومك، محدش هيحل عليا الكفن غيرك إنت يا أحمد، خليك قوي يا أبني علشان خاطر أبوك الضعيف
إبتسم بمرارة يائسا من وضعه و نظر لأسفل قدمية منكس الرأس مفضلا الصمت.

و بالفعل أحتجز أحمد داخل المشفي مدة أسبوعان و قد تحسنت حالته بعض الشئ بفضل جرعة الأدوية المناسبة لحالتة والتي قررها الاطباء بعد مراقبة حالته و الفحص الجيد له، و لكن اخبرهما الطبيب ان هذا التحسن للأسف سيثبت عند هذا الحد، لأن الحالة معقدة و النهاية الحتمية له هي الموت الأكيد، و كل ما بيدة ليفعلة لأجلة هو أن يحقنه بالمسكنات المناسبة كي يمارس حياته دون أن يشعر بذاك الألم المميت.

جاء حسن من أسوان إلى المشفي لمؤازرة شقيقته الغالية التي إنقلبت حياتها رأس على عقب فور تلقيها خبر مرض زوجها القاتل، جلس بجانبها بعد أن إصطحبها إلى الأسفل داخل حديقة المشفي لتتنفس الهواء النقي و لو قليلا بعيدا عن رائحة الأدوية التي تقبض النفس و تؤرق النفس
أمسك كف يدها و وضعه بين راحتيه بحنان و تحدث إليها بإطمئنان متخافيش يا حبيبتي إن شاء الله أحمد هيقوم بالسلامة و هيبقا كويس و زي الفل!

ردت عليه متلهفة بنبرة ضعيفة إدعي له يا حسن، إدعي له و إنت بتصلي إن ربنا يشفيه و يقوم لي أنا و أولاده بالسلامة
أجابها بإبتسامة حانية كي يضع الطمأنينة داخل صدرها إن شاء الله ربنا هيشفيه يا حبيبتي و هيرجع أحسن من الاول كمان. ، خلي يقينك بربنا كبير يا ثريا!
أردفت قائلة و نعم بالله العلي العظيم.

دلف عز من بوابة المشفي بعد إنتهاء دوام عمله كي يقوم بزيارة أخيه و متابعة تطور حالته مع الاطباء مثلما يفعل كل يوم منذ أن تم إحتجاز أخيه بالمشفي
وجدهما يجلسان فأقترب منهما و أحتضن حسن برعاية و حنين و جلس الجميع ثم تحدث إليه بنبرة ملامة مش ناوي تعقل بقا و ترجع تنور بيتك و لا اية يا باشمهندس
نظر له حسن و تحدث إلية بنبرة حزينة تقصد البيت اللي إتطردت منه قدام العيلة كلها يا عز؟

تنهد عز بأسي لاجله و تحدث إلية بتعقل و أية المشكله يعني لما أبوك إتعصب عليك و قال لك كلمتين بايخين في وقت زعله، و بعدين اللي حصل بينكم ده حصل بين إخواتك و ولاد عمك اللي هما بردوا اخواتك، فياريت متكبرش الموضوع و تدي له حجم أكبر من حجمة
ثم أخذ نفس عميق و تحدث بهدوء إرجع يا حسن البيت قبل الفجوة اللي بينك و بين عمي ما تكبر و ساعتها هيبقا صعب تصفوا لبعض تاني و ترجعوا مع بعض زي الأول.

أردفت ثريا قائله بتأكيد على حديث عز عز عنده حق في كلامه يا حسن، البعد بيولد الجفا يا حبيبي و ده مهما كان أبوك و ما ينفعش تقاطعة بالشكل ده!
أردف حسن متمللا برجاء أرجوكم يا جماعة سيبوني على راحتي و ياريت ما تضغطوش عليا أكتر من كدة، أنا مش راجع البيت غير لما بابا يقتنع برأيي و يديني الحق في إني أختار البنت اللي هعيش معاها باقي حياتي
صمت كلاهما بإحباط من عناد ذاك الحسن و أباة.

و بعد زيارته القصيرة تلك سافر مباشرة مرة أخري إلى أسوان دون رؤية والدية كي يضغط عليهما بالرضوخ لزواجة من سمراءة
و بعد عدة أيام خرج أحمد من المشفي و اجبر على الإعتياد على الأدوية و زيارة المشفي بين الحين و الأخر لتلقي العلاج اللازم.

بعد مرور عدة أسابيع أخر
داخل منزل دياب بأسوان الحبيبة
في الصباح الباكر و بعدما تناول الجميع وجبة إفطارة و ذهب كل إلى وجهته، دياب إلى أرضه ليرعاها و يسعي على رزقة و رزق أطفالة، و بسمة إلى عملها داخل البزار، و الصغار إلى مدارسهم.

كانت الجده تجلس فوق الدكة الخشبية كعادتها و تربع ساقيها بإسترخاء ممسكة بمسبحتها التي تسبح الله و تذكرة بلسانها بخشوع، خرجت إليها سعاد و هي تحمل صنية بين يديها موضوع عليها كوبان من مشروب الشاي الدافئ
وضعت سعاد ما بين يدها فوق الدكة ليتوسطها هي و أم زوجها ثم جلست و تحدثت و هي تناولها كأس الشاي بيدها الشاي يا أما
تناولت الجده منها الكوب و أردفت قائله بوجة بشوش تسلم إيدك يا بنتي.

و بدأ إثنتيهما بإحتساء المشروب، ثم تساءلت سعاد بنبرة بائسة محملة بالهموم و بعدين يا أما، هنعمل أية مع اللي إسمه ناجي اللي واقف حال البنت ده، ده تاني عريس ييجي لها من وقت الجدع بتاع إسكندرية ما مشي و ناجي يهدده و يطفشه من برة، حتى من غير العريس ما يرجع يعتذر و يقول أيه أسبابه.

كانت الجده تستمع إليها بهدوء و ملامح وجه مستكينة ثم أجابتها بيقين سيبي كل حاجة لربنا و سبحانة و تعالي كفيل بإنه يحلها و يعدلها يا سعاد، إحنا في حالنا و كافيين غيرنا شرنا و متوكلين عليه و هو شايف حال قلوبنا إزاي مسالمة و بتخشاه
ثم هزت رأسها بإيماء و تحدثت بيقين ربنا إن شاءالله مش هيجيب لنا غير كل الخير يا بنتي.

تنهدت سعاد و أستغربت في حال نفسها إطمئنان و هدوء تلك العجوز و تساءل حالها، من أين تأتي بكل هذا الهدوء و الراحة و الثبات الظاهران بملامحها رغم كل ما يحيط بهما من مشكلات.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة