قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل العشرون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل العشرون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل العشرون

قمة الغباء انك تعرف غلطك ولما تحاول تصلحه يبقى على هواك. فالغلط يجر وراه أخطاء اكتر. وساعتها الخسارة تبقى اكبر.
قلبها كان بيدق بشدة وهي ماسكة البنت الصغيرة. بتحاول تسيطر على ارتجاف ايديها بصعوبة وهي شايلة قطعة لحم حمرا صغيره بس بتتنفس وتتحرك. عنيها المقفوله بتفتحها بالبطئ وترجع تقفلها تانى مع صوتها الضعيف اللى بالكاد يكون خارج منها. دنيا جميلة فاقت منها على صوت والدتها.

- شكلها حلو ولا زى ابوها؟
- ها، انتى بتكلمينى؟
قالتها بتشتت وارتباك مع رعشة في صوتها من المشاعر اللى انتابتها.
ابتسمت لها والدة البنت تقول: - انا كنت بسألك ان كانت البنت شكلها حلو ولا شكل ابوها.
ضحكت لها نهال بمرح: - لا ياستى اطمنى، البنت بسم الله ماشاء الله عليها. زى الجمر ربنا يحرسها ويباركلك فيها.

- يارب ياحبيبتى يارب. انا مش عارفة اشكرك ازاى؟ قلقنا نومكم واخرتك عن جامعتك. دا كفاية مراعية رأفت دى كارثة لوحدها.
- مالوا يأفت ياماما؟
قالها الولد وهو داخل عندهم غرفة النوم. جعل نهال تدخل في نوبة ضحك مع والدته.
طلع على طرف السرير وقعد بين والدته النايمة على فرشتها ونهال اللى قاعده عالطرف وشايلة البنت: - كنتى بتقولى ايه على يافت يا ست ماما؟
باسته نهال في خده: - بتجول انت زى الجمر ودمك عسل كمان.

نظر لوالدته بطرف عينه وهو بيبتسم بشقاوة. جعلهم يضحكوا من تانى.
نهال وهي لسه بتضحك
- هو انتو ليه سمتوه رأفت؟
رد عليها بحماس: - على اسم مديي بابا في الشغل.
كتمت ضحكتها وهي بتنظر لولدته باستفهام. فاكدت بعنيها ترد بابتسامة وحرج: - نعمل ايه بقى؟ حب يجامل المدير بتاعه ومكانش يعرف ان الولد هايطلع الدغ في الراء.
حست نهال ببعض الحرج. فقامت من مكانها تعطيها البنت وتحطها جمبها.

- ربنا يخليهم الاتنين ويبارك فيهم يارب.
- طب استنى اقعدى شوية. دا انا ماصدقت اتعرف عليكى.
- وانا كمان والله. بس مرة تانية بجى عشان ترتاحى.
قالتها بابتسامه جميلة. رد عليها رأفت بصوت عالى: - ما تقعدي يا نهال شوية نلعب مع بعض.
نهرته والدته تقول: - عيب ياولد. اسمها طنت نهال.
ابتسامتها زادت اكتر ترد عليها: - لا ولايهمك منه دا حبيبي ده. المهم ان اتشرفت بيكى ياا، مدام ايمان.

- الشرف ليا انا حبيبتى، وعقبالك انتى كمان يارب
عينها راحت على رأفت الاول وبعدين راحت عالبنت وقلبها رجع يدق تانى بشده.

واقف تحت شجرة في الشارع وهو مسنود على جزعها. عينه مرة تروح على البلكونه وبعدها تنزل على باب البيت. اديلوا فترة واقف مستنيها تخرج او تتطل على ابن اخوها اللى بيلعب في الشارع مع الاولاد. المهم انه يشوفها او حتى يلمح طيفها. احساس بالعجز مسيطر عليه بعد ما كان خلاص هايتقدم لها بعد رحلة بحث طويلة. ويجى والده على اَخر لحظة يوقف كل خططه في الجواز منها. اتنهد بأسى على حظه السئ وفرحته اللى اتأجلت في القرب منها، وفي عز تفكيره وشروده فجأة طلت قدامه. تبص على ابن اخوها كما توقع وسمعها وهي بتنده عليه: - مصطفى. يامصطفى، تعالى بسرعة غير هدومك دى اللى وسختها، ياللا بسرعه قبل ابوك مايرجع.

عيونها بعدت من غير قصد فوقعت عليه وهو بينظرلها بوله تحت الشجرة ارتبكت بخجل وارتدت للخلف في البلكونة ترجع تانى للداخل. بعد ما ريحت قلبه بطالتها ونظرتها اللى هاتفضل معاه ايام وليلالى يفكر فيها. اتحرك من مكانه عشان يمشى ويرجع للبيت الكبير ولكنه اتفاجأ بعربية اخوها اللى وقفت قدام بيتهم ونزل منها ومعاه شاب تانى وراجل كبير وهو بيدخلهم البيت ويرحب بيهم بموده كبيرة، شعور غير مطمئن اتسلل لقلبه، مبقاش قادر يتحرك من مكانه وهو مش مرتاح كده. اتقدم بخطواته ناحية مصطفى الصغير. داعبه شوية في شعره وهو بيسأله عن والده وبعدها سأله بصنعة لطافة.

- هو مين اللى دخل من شوية مع بابا. قرايبكم ده؟

خرجت من البيت الكبير وهي مش عارفة وجهتها على فين. كل اللى عارفاه انها نفسها تلاقى حل او أى حد يساعدها ويقف معاها من خارج البيت. هي واثقة انها لو طلبت من جدها او اخوها اوحتى والدتها وستها يساعدوها برفض معتصم مش هايتأخروا بس المشكلة اتعقدت بعد تهديد والدها واعتقاده بضغطهم عليها. هي مكانتش تقصد ان والدها يفتكرها موافقة بس اللى حصل بقى. كانت بتشاور دماغها تروح لمين فيهم راجح ولا سالم ولا عبد الحميد ولا محسن. مؤكد هايوقفوا معاها دا اكيد. وقبل ما تعدى الشارع لمحت الوكالة مفتوحة وعدد قليل جدا من الرجالة موجود بس متفرقين في عدة اماكن مش قدام الوكالة نفسها. من غير ماتدرى لقت رجلها بتتحرك نحوها.

وفى الوحده الصحيه نيره كانت قاعده على كرسى الانتظار هي ومجموعة بنات وستات من البلد في طرقة الوحده قبال الغرفة المخصصة للكشف وهي دلوقتى في انتظار بدور اللى دخلت للدكتورة تكشف، رن فونها برقم حربى فتحت ترد عليه: - الوو، ايوه ياحربى.
- الوو، يانور عينى.
حاولت تدارى ابتسامتها وهي بترد بصوت واطى
- وطى صوتك، انا بره البيت و مش لوحدى.
سمعت صوته اللى اتغير كالعاده
- طلعتى فين يا نيرة من غير ماتجوليلى.

التزمت في الرد بهدوء عشان ماتلفتش النظر
- انا طلعت في مشوار ضروري مع بدور بت عمى لما جاتلى فجأة وطلبتنى اروح معاها الوحدة الصحية.
صوته العصبى اتحول لقلق: - مالها بدور يا نيره؟ هو عاصم معاكم عشان اسأله؟
ردت بسرعه.
- ماتجلجش واض عمك. هي اصلاً قايلالوا حاجه بسيطه.
- ااه...

قالها وهو بيتنفس بارتياح وبعدها كمل: - طب الحمد لله مدام بسيطة. المهم انتى بعد ماتخلصى مشوارك معاها تعالى عالبيت بسرعه عشان انا جايب كتالوج تنجى منه اوضة النوم اللى تعجبك وعلى اختيارك. ماشى.
ابتسمت بسعاده ونسيت الناس اللى حولها: - حاضر ماشى، تسلملي يارب.
رد عليها بمرح: - تسلميلى انتى ياجلب حربى، يالا بجى شدى حيلك انا رايح دلوك على بيتكم هستناكى هناك.

بعد ماقفلت مع حربى ما انتظرتش كتير وخرجت لها بدور وابتسامه عريضه ماليه وشها وبلهفة لفتت نظر الستات اللى حواليها: - باركيلي يا نيرة. انا طلعت حامل.
شهقت نيره بسعادة وحضنتها بفرحة كبيرة: - الف مبروك ياحبيبتى. فرحتينى والله.
اتلقت المباركات والتهنئة من الستات والبنات اللى حواليهم وهي ترد عليهم بسعاده.
نيرة وهي بتبتعد بيها عن الستات والبنات وبعتب ومحبة: - انتى كنتى عارفة ومدارية عليا يا بدور؟

ردت عليها وضحكتها ازدادت اكتر: - يابنتى والله ماعرف انا كنت شاكة بس. دا حتى امى ماجولتلهاش ولا عاصم ولا اى مخلوق لانى ماكنت مصدقة، لكن الدكتورة اكدتلى دلوك.
باستها في خدها تهنيها تانى
- خلاص ياحبيبتى ولا يهمك انا مش زعلانة، المهم دلوك احنا هانروح فين؟ شجتك ولا بيت ابوكى ولا بيت عمى سالم.
- لا دى ولا دى انا نفسى اروح الوكالة ل عاصم دلوك وابلغه جبل اى حد تانى.

- هاتروحى الوكالة ازاى يا مجنونة. مش خايفة يزعجلك عشان الرجالة اللى هناك.
شدتها من ايدها تقول: - شوفى احنا هانعدى عليها ولو لجينا رجالة كتير مش هاندخل. بس انتى ادعى معايا نلاجى الدنيا رايجة. نفسى جوى اشوف فرحتوا بعينى.
فتحت باب شقتها ودخلت وهي سرحانه مع هذه الحالة العجيبة والغريبة اللى حاسة بيها. شعورها والبنت في ايدها ولا ريحتها اللى لسة عالقة بذهنها. نفسها تفضل معاها على طول وماتروحش ابداً منها!

- حمد الله عالسلامة.
انتبهت لصوته وهو واقف قدامها. مستند عالحيطة بكفته. اخدت بالها من التيشيرت والبنطلون البيتى المريح اللى لابسه: - هو انت وصلت من امتى؟
بص في ساعته يرد عليها: - انا واصل من نص ساعة تقريباً. كل ده تاخير يا نهال؟

قال الاخيرة بعتب فاتقدمت بخطواتها ناحيته ترد: - معلش بجى. هما اصلاً وصلوا عالعصر تقريباً. دا غير ان جوزها سبنى معاها وراح نام على طول. وانا فضلت جمبها كده شوية وهي شايلتنى البنت. تخيل يامدحت البنت زى الجمر. على الرغم ان جسمها جليل جداً يادوب كده تجيب كف ايدى. وصوتها يدوبك طالع منها وهي بترفس برجليها الضعيفة انا خفت جدا وانا شايلاها. ولا ريحتها طبيعى كده حاجه تهبل يامدحت.

كان اتعدل في وقفته وهو بيسمعها تقول كلامها وهو ايده في جيوبه وبينظر لها بحنان. انتبهت هي لسكوته: - مالك بتبصلى كده وساكت؟
نظرلها بنظرة مش مفهومة. هزت برأسها تسأله باستفهام.
- ايه؟
قربها منه وباس على راسها وهو بيضمها بحنان وفي النهاية قال: - انا نفسى اخلف منك. بنت تشبهك وتبقى زيك في كل صفاتك وشجاوتك وجنانك.
نهال وهي واضعة راسها على قلب وسامعه الدقات: - وانا نفسى اخلف مجموعة منك مش بس واحد.

دخل البيت الكبير بخطوات مسرعة وعينه بتروح يمين وشمال، نجلاء اللى اخدت بالها منه: - مالك ياوائل؟ داخل كده من غير سلام ولا كلام؟
رد عليها بتشتت: - جدى فين يا ماما؟
- جدك بس اللى بتسأل عليه وستك ولا امك ماينفاعوش؟
قالتها صباح بمناغشة ما استجبش ليها ولا أثرت فيه فكرر تانى بتوتر: - معلش ياجماعة. بس انا بجد عايز جدى ياسين ضرورى.
شاورت صباح بأيدها عالناحية الشمال: - جدك في المندرة جوا.

فوراً اتحرك على ناحية المندرة عند جده، واول أما شافوا: - اللحقنى ياجدى. وشوف لى صرفة بسرعة عشان اخطب هدير.
رفع ياسين عيونه عن المسبحة: - خبر ايه؟ طب خد نفسك الاول.
اخد شهيق بسرعة وخرجوا تانى بعد ما قعد عالكنبة جمبه وبعدها على طول: - ادينى خدت نفسى. ياللا بقى شوف لى صرفة.
ياسين بتعجب
- اشوفلك كيف ياواض؟ هو ايه اللى حصل؟

- اللى حصل ياجدى انى من دقايق بس شوفت اخوها ومعاها ضيوف ولما جرجرت ابن اخوها الصغير في الكلام. عرفت انه عريس متقدم لها ومعاه والده، يعنى لو متحركتش بسرعه ممكن توافق عليه وتضيع منى ياجدى. عارف يعنى ايه تضيع منى؟
ياسين بحيرة: - ياولدى عارف. بس انا ايه في ايدى اعمله اذا كان ابوك مش راضى؟
وبصوت كله تصميم وقوة: - انا هاتجوزها وماليش دعوة بوالدى، وانت لازم تساعدني ياجدى.

كان مندمج في شغله وهو بيعد ويحسب في الاشولة الجديدة من مواد وحاجات تخص العطارة في داخل الوكالة. حس بخطوات خفيفه وبصوت خجلان: - مساء الخير يا عاصم؟
نفخ بصوت مسموع ومن غير ما يلتفت رد وهو بيجز على اسنانه: - مساء النور، نعم! شكل رجلك خدت عالسكة.
- انا عارفة انك زعلان منى، وعندك حق.

اللتفت لها بنظرة مزدرية بتعبر لوحدها من غير كلام. وهي وصلتها الرسالة فردت بعصبية: - بلاش تبصلى البصة دى، انت عارف كويس انى مابطيقش اللى اسمه معتصم دا!
رد عليها باستنكار: - واعرف منين؟ وانا مالى اصلاً بيكى ان كنتى تجبلى تتجوزيه ولا ماتجبلهوش!
جاوبت عليه باندفاع: - لا مالك. عشان انا اساساً كنت مأجلة الرد في الموضوع ده عشان خاطرك انت.

اهتز من جرأتها وكان عايز يأمرها تخرج قبل ماتكمل وقبل ما يفتح بقه سبقته هي تقول: - ايوة يا عاصم عشان خاطرك انت. بصراحة كنت عايزاك تغير وتاخد بالك منى. يمكن ساعتها قلبك يحس بيا.
- بسسس!
قالها بحده وهو بيشاور بكف ايده يوقفها بعدها تابع: - انا مش هاحاسبك عالكلام ده. عشان تربيتك غير تربيتنا حتى لو كنتى من بلدنا، اطلعى دلوك يا نورا منعاً للكلام والحديت.
دمعتها نزلت على خدها وهي بتقول.

- ياعاصم انا في ورطة. والدى مُصر انه يجوزنى للزفت ده وانا مابطيقهوش.
مال برقبته يرد عليها وهو بيحاول يمسك اعصابه: - وانا مالى! ايه دخلنى انا؟
مسحت دمعتها ترد برجاء.
- ارجوك يا عاصم ما تتخلاش عنى. انا عارفة انك واخد موقف منى من ساعة بابا ما اتخانق معاك. بس انا مش ناسية انك اتخانفت عشانى.
بلاش تخلى عنادك معايا يخليك تسيبنى في موقف زى ده...

سكتت شوية وكأن الجملة التالية تقيلة على لسانها وهو اتنهد بصوت عالى ينظرلها بيأس وحيرة. وفي النهاية خرجت جملتها باندفاع
- اتجوزنى يا عاصم.
عينه برقت بذهول وبصدمة قوية وقبل مايرد عليها اللتفت لصوت همهمه مخنوقه. عينه وسعت على اخرها وهو شايف بدور والدموع مغرقة عيونها.
وهى تقريباً واقفة بتهتز من فرط انفعالها المكتوم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة