قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل التاسع عشر

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل التاسع عشر

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل التاسع عشر

كانت بترف برموشها تستوعب اللى سمعته بذهول وعقلها رافض يصدق، هزت بدماغها تسأل من تانى واكن اللى سمعته من ثوانى دا كان مقلب!
- انتوا بتهزروا صح؟!
شبه ابتسامة ظهرت على وش صباح وهي بترد عليها بسخرية: - ليه يا روح امك؟ شايفانا عيال صغيرين ولا احنا اساساً عندينا مراره للهزار معاكى عالصبح؟

نقلت نظرها من ستها لوالدتها بوش مخطوف علٌها تكذب اللى قالتوا صباح، لكن نجلاء ردت عليها بحزم: - ايه مالك يااختى وشك اتقلب كده ليه؟ مش دا اللى انتى كنتى عايزاه؟!
وبحركة مفاجئة نهضت من مكانها صارخة بصوت عالى: - لأ ياماما. مش دا اللى انا كنت عايزاه. معتصم دا اساساً انا مبطيقهوش يبقى ازاى هاأقبل اتجوزوا؟!

وبرد فعل من نجلاء قامت هي كمان تزعق لها بصوت عالى: - انتى هاتجننينى يابنت انتى. امال تصرفاتك دى كلها معناها ايه؟ لما انتى رافضاه يااختى ومش طايقاه؟
وبنبره اهدى عن اللى فاتت: - ياماما وربنا انا مش عايزاه. انا كنت بقول عايزه افكر، بس مش اكتر من كده.
صباح اللى لسه قاعدة مكانها ولكنها مالت برقبتها تنظرلها باندهاش رددت وراها بسخرية: - بس مش اكتر!

تابعت بعدها بشده وهي بتضغط على كل حرف: - اسمعى اما اجولك، انتى لو مش طايجاه صح. يبجى هاترفضى على طول من غير تفكير. ابوكى لو مشافش منك جبول مكانش هايرد عالراجل بجلب مليان!
- يانهار اسود قبول ايه ياستى؟ وربنا مابقبلوا ولا بطيقه حتى!
قالتها بلوعه ورجاء. اتنهدت نجلاء تسألها بجديه؟
- ولما انتى كده؟، كان لزموا ايه تصرفاتك الغريبه دى منك،! وخناقتك مع اخوكى اللى اتضر بسببك من والدك؟

هزت بدماغها وهي بتفتح في بقها وتقفله تانى وهي مش لاقيه اجابة مقنعة ترد عليهم بيها. واخيراً نزلت عالكنبة بتقلها وهي حاسه أخيراً باالكارثه اللى ورطت نفسها فيها من غير ماتشعر.

خرج من حمامه بعد ما اخد شاور لاقاها بترفع في اطباق السفره ومعاه رأفت الولد الصغير بيساعدها وهي بتدلعه وتهزر معاه. جز على اسنانه بغيظ وهو بيشتم بصوت واطى و بيرمى الفوطه من طول دراعه. وقبل مايفتح باب الغرفة عشان يغير هدومه سمعها بتنده عليه بدلع: - مدحت!
وقف متسمر وايده على مقبض الباب يرد عليها من غير مايلتفت: - نعم!

ابتسامتها زادت بمشاغبة وهي بترد عليه: - اصلى كنت عايزه اعرف هاقدر اروح الكلية النهارده ولا لأ عشان رأفت يعنى.
المرة دى اللتفت برقبته بس وعيونه بتنظر لها بحده وبدون اى كلام فتح الباب ودخل على طول من غير ما يجاوبها.
سابت رأفت قدام التليفزيون ودخلت عند مدحت تسأله بأدب وصوت واطى: - انت مردتيش عليا على فكره.

نظر لانعكاس صورتها في المراية وهو بيقفل زراير القميص وبرضو منطقش بكلمة. فقربت منه بخطوات بطيئة تحاول تانى: - بجولك هانعمل ايه مع...
قطعت جملتها بشهقه بعد ما انقض عليها فجأه بحركه سريعه ومسك ايديها بقوة.
- ايه في ايه؟
قالتها بخضه وتوجس من نظرته المخيفه لها وبصوت عصبى ومكتوم: - انا ماسك نفسى بالعافيه، بس والنعمه يا نهال لو ما بطلتى دلع وهزار مع الواض ده لاتشوفى حسابك بعدين معايا!

مسكت ضحكتها بالعافية وهي بتراضيه: - بس دا عيل صغير!
- ماتعصبنيش يانهال واسمعى الكلام.
هزت بدماغه تراضيه: - حاضر حاضر من عنيا. انت تؤمر.
فلت ايديها بعد ما هدى شوية وهي تراجعت بهدوء عشان تتفادى جنانه وهو اللتفت تانى للمراية يكمل لبس وقبل ماتخرج نده عليها: - استنى عندك. انتى هاتضطرى تغيبى النهارده عن كليتك عشان المحروس اللى بره والده اتصل بيا وجالى انهم هايخرجوا من المستشفى تقريباً بعد الضهر.

ومن غير ما تفكر صرخت بسعادة: - حلوووو ياعنى النهارده لعب وبس مع رأفت ومافيش دراسة.
وقبل مايتحرك ناحيتها بوشه اللى قلب فجأه من تانى عشان تاخد عقابها. اخدت بالها وخرجت جرى من الغرفة وهي بتضحك بصوت عالى.
خرج وائل من البيت يدور على جده. لقاه في مكانه المعروف تحت شجرة العنب. قاعد على كنبته وكتافه منحنيه على جسمه الضئيل واكنه وصل في العمر لمية سنة. ماسك عصايته وهو بيلعب بيها في الارض بسرحان وشرود.

- صباح الخير ياجدى.
قالها وهو بيقعد عالكنبه اللى قباله. رفع ياسين دماغه يرد عليه: - صباح النور ياولدى. صحيت بدرى يعنى النهارده.
- بدرى من عمرك ياجدى. الساعه عدت 8 من زمان.
هز دماغه بتفهم يقول: - ااه. معلش ياولدى مخدتش بالى من الوجت.
نزل بعنيه تانى على الارض وهو بيخطط بعصايته.

اتأثر وائل بالحالة الجديده ل ياسين اللى مش متعود عليها. ودا لانه كان دايماً مليان حيوية تفوق الشباب في عزمهم دا غير الدعابه وخفة الدم اللى هي من أهم صفاته. وهو عارف كويس اوى مين اللى وصلوا للحالة دى!
اتنحنح بحرج في الاول قبل ما يقول: - ارجوك ياجدى انا مش عايزك تزعل اوى كده من والدى. انت عارفُه. طابعه صعب كده من زمان.

رفع ياسين عيونه تانى ل وائل بنظرة مبهمة مش مفهومه وهو صامت لفتره كده وبعدين رد: - انا عارف انه طبعه صعب. بس كمان عارف انى لو لسه في عزى مكانش ابوك اتحدانى كده وكسر كلمتى. الظاهر ياولدى ان كبرت وعصايتى نخت زى مابيجولوا في الامثال.
هز براسه ينفى: - لا ياجدى. انت لسه مراحتش عليك وصحتك احسن مننا كلنا. هو بس...
- بس ايه ياولدى؟

وائل بقوه: - والدى بيستغل كرمك ياجدى. لانه عارف كويس ان طول ما احنا هنا ضيوفك لا يمكن هاتفرض كلمتك ولا انت نفسك هاتقبل تهدده بالطرد من بيتك!
وبداخل البيت القديم اللى يملكه سامح كانت اكوام التراب اللى خرجت من الارض بفعل الحفر. عاملة تلال صغيرة ومشوهة منظر البيت من الداخل. رفع سامح عيونه عن الحفرة الكبيرة بعد ما دقق النظر فيها يسأل الشيخ مدبولى.

- وبعدين ياعم الشيخ؟ امتى بقى هتظهر البشاره اللى تفرح قلبى؟
ضحك الراجل اللى شكله ضخم الهيئة وعمره يتخطى الخمسين: - بشارة ايه يابيه من دلوك. هو احنا لسه عملنا حاجه؟
رفع حاجبه يقول بتهكم: - نعم! بقى الحفرة الكبيرة دى كلها وتقولى لسه معملتش حاجه!
اختفت الضحكه السمجه من وش الراجل فرد عليه بضيق: - خبرا ايه يا عم الحاج؟ هو انت بتحفر اساس لبيتك. دا كنز ومدفون من ألاف السنين كمان.

كشر بوشه وهو بيوزن الكلام في مخه وبعدها سأله: - يعنى هو الموضوع شكله مطول ولا ايه؟ انا ورايا مصالح.
اتنهد الراجل بسأم يجاوب: - عاد دى تساهيل واحنا زى ما انت شايف اها جدامك. مش مخلين في حيلنا جهد. انا بقرا والرجاله بتحفر اليوم كله.

جز على اسنانه بغيظ وهو بيبعد بنظره عن الشيخ. فعينه وقعت على جبيصى اللى كان قاعد جمب حيطة في مكان قريب بيظبط في حجر الجوزة اللى بيدخن منها وايده التانيه ماسكة كوباية الشاى.
- ايه ياعم جبيصى؟ عايش حياتك انت ولا هامك حاجه!

كركر الاول وهو بينفخ في الجوزه قبل مايخرج دخانها من بقه وبعدين رد بهدوء: - يعنى وانا هاعمل ايه بس يابيه؟ ادينى واخد بالى من الرجالة ومراعى الشغل في غياب معتصم بيه. هاعمل ايه زيادة تانى كمان؟
نفخ سامح بغيظ من انفه وهو قافل بقه بشده قبل مايساله: - والبيه معتصم بقى راح فين النهارده؟
جبيصى وهو بيشرب الشاى بصوت مسموع: - البيه راح المحافظة النهارده عشان عنده مشوار مهم!

كانت حاسة بنشوى غريبة مع كل كلمة بتسمعها من ابنها وهو بيسرد لها في التفاصيل اللى بتبشرها بقرب نجاح خطتهم اللى ماشية احسن ما توقعت.
- ها ايه رأيك بجى ياست الكل؟
دا كان سؤال معتصم لوالدته اللى نهى بيه كلامه ليها. ابتسمت بسعاده وهي بطبطب على دراع ابنها: - عفارم عليك ياولدى انتى كده ماشى صح. عايزاك بجى تسرع في الجواز. وتضرب عالحديد وهو سخن.

هز دماغه بطاعه: - بس انا لحد دلوك مش مصدج ياما. معقولة ياسين هايخلينى اكمل الجوزاة.
بابتسامة شيطانية ردت عليه: - خليه يعمل ما بداله. عمره ما هايمشى على سامح ابو البت اللى حلم الكنز زغلل عنيه وطير عجله كمان.
عقد حواجبه يسأل والدته بحيره: - صح جوليلى ياما. انتى ازاى عرفتى كده بسرعه ان موضوع المقبره الفرعوني هو اللى هايأثر على سامح ويخليه ينزل من اسكندرية على ملا وشه؟

انتصار بزهو: - عشان انا طول عمرى شاطره وبفهمها وهي طايره. سامح ده جبل مايسافر اسكندرية. فضل سنة بحالها وهو يمشى في موضوع الاثارات ويحفر في الجبل والبيوت الجديمة مع مجموعة شباب تانى من البلد ولأنهم وش فجر وخايبين معرفوش يطلعوا حتة صغيره حتى. في الاَخر هو فقد الأمل وساب البلد خالص بعد عمه ما اكل حجه في الورث.
- اااااه، يعنى الاثار دى حلمه الجديم.

قالها وهو بيهز راسه بتفهم. فاكملت هى: - عشان كده انا بجولك. كل ما هاتزغلل عينه بالفلوس اكتر كل ما هايتمسك بالجوازة اكتر. الجوازة دى لازم تتم يا معتصم وتكيد ياسين وعياله اللى دخلوا ابوك وامك السجن وانت جبلينا. دا غير انهم حرموك من البت اللى كان نفسك تتجوزها.
هم يرد على والدته بتأكيد لكن فاجئه صوت العسكرى اللى نده بصوت عالى: - انتصار عبيد احمد. الزيارة انتهت.

دخل سامح البيت الكبير بعد ما رجع من مشواره. وقبل ماينده على مراته لقى نورا بتنزل من الدور التانى جرى عالسلم بعد ما لمحته من شباك اؤضتها.
- حمد الله عالسلامه ياوالدى. انا من الصبح مستنياك
استنى لما قربت منه فخدها في حضنه.
- الله يسلمك ياقلب ابوكى ياست العرايس انتى!
خرجت من حضنه مفزوعه: - عرايس ايه ياوالدى؟ هو الكلام اللى انا سمعته جد حقيقى ولا ايه؟

اتقدم يقعد على اقرب كنبة قباله وبعدها سألها: - كلام ايه اللى سمعتيه ياقلب ابوكى؟ بس قوليلى الاول امك فين هي وستك؟
بسرعه في الرد: - امى وستى راحوا عزا حد قريبكم من العيلة وجدى ووائل اخويا شغالين في الجنينة بره. المهم دلوقتى انت فعلا رديت على اللى اسمه معتصم ده؟
رد عليها بابتسامه عريضة: - طبعاً امال ايه؟ والخطوبة هاتبقى قريب اوى ان شاء قبل مانسافر.

شهقت بخضة وهي بتنهض عن الكنبة: - انت ازاى تعمل كده يابابا؟ هو انا قولتك انى موافقة؟
رد عليها باستنكار وهو بيتعدل في قعدته: - نعم يااختى. وخناقتك مع اخوكى امبارح دى كانت بسبب ايه بقى؟
دافعت عن نفسها ترد: - هو كان مصمم انى ارد بالرفض. وانا كنت بقولوا عايزه افكر.
فتح بقه بتعجب: - وفرقت ايه ياعين ابوكى؟ مدام انتى وقفتى لاخوكى عشان ماترفضيش تبقى موافقة.

رفعت ايديها الاتنين في الهوا وضمة القبضتين وهي بتاخد نفس طويل و بتحاول ماتفقدش اعصابها: - ياولدى افهمني. انا فكرت امبارح كويس ولقيت انى يستحيل اوافق على اللى اسمه معتصم ده!
ضحك من غير صوت وهو بيقوم من مكانه: - يابت ياخايبه. ماتخليش اخوكى وامك وعيلة الهم دى يأثروا على اختيارك. بصى لنفسك وما تخافيش من حد!
عيونها برقت بتشتت: - هخاف من مين بس ياولدى؟ انا بقولك مش عايزاه ومش طايقاه دى رغبتى ودا رأيى.

مسك دفنها يرفع وشها وهو بيشد على كلامه: - بقولك ايه؟ هي مش لعبة ياروح امك. امبارح تخليني اتخانق مع اخوكى عليه والنهارده تقوليلى. مش طايقاه يابابا. فوقى لنفسك يابت ومتتأثريش بكلام حد.
ساب دقنها واتحرك يمشى ويتخطاها وهي فاتحة بقها مذهولة وبعد خطوتين اللتفت لها يقول بشده: - ودينى ما اعرف يا نورا انهم ضاغطين عليكى ان ماكنت اسود عيشتهم مبقاش انا.

كمل بطلوع السلم وهي كانت بتمسح عرق جبهتها وعيونها مفتوحه على وسعهم بذهول وصدمة وهي شاعره ان مخها وقف عن التفكير. ولكن لابد من وجود حل سريع ينقذها من الموضوع ده والورطة السودة اللى هاتوقع فيها لو اتجوزت البنى آدم لغريب ده. اللى شافته وعرفت اخلاقه كويس لما اتخانق مع عاصم اللى مسح بكرامته الارض لما اتواجهوا مع بعض راجل لراجل قدام اهل البلد كلها الى انقذوه من تحت ايده بصعوبة. عاصم فارس احلامها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة