قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث والعشرون

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث والعشرون

رواية زوجة دون امتيازات للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث والعشرون

شاخصة البصر تنظر الى الباب المغلق حيث ادخل كريس لاجراء عملية خطيرة على وجه السرعة، فستانها الابيض الجميل تحول الى الحمرة القانية بفعل الدم الغزير الذي تدفق من صدره حالما حطت رصاصات جوليا الغادره عليه، الصورة لا تبارح مخيلتها بكل بشاعتها وهي تنظر الى كريس يلفظ انفاسه:.

لا، لا كانت تصرخ كالمجنونة وهي تضغط على الجرح محاولة ايقاف نزيف الدم الذي يابى ألانحصار اصبح لونه شاحبا شحوب الاموات، وجاء صوته مهزوزا وهو يقول جابرييل حبيبتي قبليني اخر شيء اريده هو ان اقبلك.

لا، كريس انت لن تموت اتسمعني، انت ستعيش، ستقاوم من اجلي ومن اجل ولديك افهمت صرخت فيه بقوة، اصبحت عيناه زائغتان قبل ان تسقط يده الممسكة بيد جابرييل و يفقد الوعي.

استمرت تحدق في الباب المغلق لغرفة العملية، يداها مضمومتان على شكل قبضة وهي تدعو الله ان ينجو ولو كان في ذلك هلاكها هي، اقتربت منها كريستينا محاولة مواساتها لكنها اوقفتها باشارة من يدها، المها كان لا يطاق، لا تسطيع تقبل أي مواساة فهو سيعيش لن يتركها الان، ليس بعد ان اعترفت اخيرا لنفسها بحبه.

اصبحت ساقاها خائرتين، اقتربت من الحائط تحاول اسناد نفسها، لكنها وجدت قدماها تنزلقان بهدوء لتجلس على الارض، ضمت ساقيها الى صدرها واغمضت عينيها، لعلها بذلك تنسى كل ما حصل لعله كابوس مرعب ستصحو لتجده قد اختفى وانها بجانب حبيبها كريس ينعمان بالسعادة الابدية.

كانت انابيل تنظر اليها بحزن تعرف جيدا انها السبب في كل ما حصل لهما، هي من دفعت جوليا في طريق كريس ولاكثر من مرة، لو قدر و مات كريس اليوم ستكون الملامة على ذلك، اقتربت منها وبرغم مشاعرها الباردة خصوصا التي تكنها لجابرييل. الا ان الظرف الان مختلف، اخدت مكانا الى جانب زوجة ابنها، قبل ان تقول امرة:
توقفي عن هذا جابرييل.
ادارت جابرييل راسها الى مخاطبتها بذهول
ماذا قلت.

اعادت انابيل كلماتها بنفس الحدة: قلت ان عليك ان تتوقفي، كريس لا يحتاج الى نحيبك هو يحتاج زوجة قوية الى جانبه الان انه يصارع لكي.

قاطعتها جابرييل بحزم.

انت من عليه التوقف حالا، سكتت لحظات لتاخذ نفسا عميقا، بينما تحجرت دموع في مقلتيها، اسمعيني جيدا انابيل، احتجت انا وكريس الى وقت طويل لنسامح بعضنا والى وقت اطول لنعيد بناء حياتنا، لاكون زوجته اليوم واحمل بابنه، والان. والان بعد ان تمكنا اخيرا من اجتياز حقدكم والتطلع قدما نحو المستقبل سلبت جوليا سعادتنا، وكل هذا انت السبب فيه، فلا تاتي اليوم محاولة لومي او حتى مواساتي انا لا اسمح لك بذلك، تشنجت جابرييل فجاة انتبهت كريستينا وانابيل انها تضغط على خصرها بقوة.

ركضت اليها كريستينا وهي تنحني لتمسك بذراعي صديقتها وهي تقول: جابرييل هل انت بخير هل اصبت
لا قالت جابرييل وهي تضغط على اسنانها انا لم اصب
لم تصدقها كريستينا، لا لا اظن انك بخير. قد تكونين في صدمة، دعيني ارى، مدت يدها محاولة لمس بطن جابرييل، انكمشت جابرييل اكثر على نفسها وخرجت من فمها انة، انتبهت اخيرا الى بقع الدم التي تكونت قرب قدمي جابرييل، حاولت الاخيرة ابعادها عنها، وهي تقول دعيني كريستينا.

لا لن افعل انت تنزفين جابرييل
انا اجهض الطفل، ابني يموت، كانت هذه اخر الكلمات التي تفوهت بها قبل ان يترنح راسها وتسقط على الارض، دون حراك.

تعالت صرخات كريستينا، اقتربت انابيل منها تمسك راسها وهي تقول: اطلبي منهم احضار طبيب، اركضي هيا،
انطلقت كريستينا تركض رغم تعثرها بفستانها الطويل، كانت تشعر بالذهول، كانها هي من تفقد طفلها من جديد،.

وصلت اخيرا الى مكتب الاستقبال وهي تصرخ كالمجنونة، ساعدوني ابني يموت، اقترب منها المسعفون محاولين تهداتها انتبهت اخيرا الى كلماتها الغير متزنة، امسكت بيد احد المسعفين وهي تقول صديقتي، انها تنزف بشدة، هي تتعرض الى اجهاض.
مر يوم وجابرييل لم تستيقظ بعد، رغم ان تخديرها كان خفيفا الا ان عقلها كان يريد الابتعاد عن كل الم الواقع، لم تكن تريد ان تعود لتسمع خبر موت زوجها وابنها في نفس اليوم.

اخيرا فتحت جابرييل عينيها ببطء، كانت تنظر الى ديكور غريب لغرفة بيضاء ذات ستائر زرقاء باردة، رائحة غريبة تزكم انفها، رائحة مطهرات قوية، انها مستشفى¸ انتفضت بعنف حين عادت اليها الاحداث سريعا لتضربها بقسوة.
قفزت من حيث تجلس ليباغتها الم عنيف، وهي تصرخ دون وعي كريس اين انت كريس كانت تصرخ بلوعة والم.

فتح الباب وظهر كل من كريستينا ونفار اقتربت كريستينا منها محاولة اعادتها الى السرير،.

اهذئي جابرييل لا يجب عليك التحرك، ما زلت مريضة
اريد كريس صرخت جابرييل بالم، اريد زوجي
لن يستطيع الحضور الان، اهدئي
اصبحت جابرييل فجاة عنيفة وهي تحرك يديها في كل الاتجاهات، كان على نفار ان يتقدم لتثبيتها على السرير، فيما ضغطت كريستينا على زر الاستدعاء لايتي الطبيت ويحقنها بمهذئ فتسقط من جديد في غيبوبة.

هذه المرة حين فتحت عينيها كان الامر مختلفا، ترى وجوها عديدة بجوارها، ميلا، كريستينا ونفار، جوشوا وحتى وانابيل واخيرا ظهر بوجهه الحبيب.

كريس بلباس المستشفى بينما تعلو الضمادات صدره العريض كان يجلس على كرسي متحرك ويمسك اصابعها بين يديه.

كاراميا انا هنا، ليس من السهل التخلص مني
اوه كريس صرخت جابرييل وهي تقترب منه لتطوقه بذراعيها غير عابئة للمصل الذي وخزها، نسيت كل شيئ حتى جرح صدره البالغ.

انة مكتومة خرجت من بين شفتيه المزمومتين، وتصلب فكه من الالم
انتبهت اخيرا انه لا يجب ان يكون هنا، وانه قد قام للتو من عملية خطيرة
هل انت مجنون، كيف سمحوا لك بالتجول بكل هذه الحرية، يجب ان تكون في العناية الفائقة الان، أي طبيب احمق سمح لك بالحراك.

ابتسم كريس بضعف وهو يقول: لقد مرت عشرة ايام على خروجي من العناية الفائقة تيسورو، لا تقلقي.

عشرة ايام قالت جابرييل بذهول
تكلف الطبيب الذي اتى لفحصها بان شرح لها الوضع بكلمات مقتضبة، لقد كنت تدخلين في غيبوبة لتخرجي منها لوقت قصير لكن حتى وقتها كنت متوثرة ومشوشة، شعرنا انك قد تسببين تهديدا لنفسك و للمحيطين بك، فقررنا وضعك في غيبوبة الى ان تهدا اعصابك لتتمكني من التعامل مع واقعك الجديد.

لكن كل شيء على ما يرام الان لا تقلقي حبيبتي قال كريس وهو يمسك بيدها مطمئنا، تذكرت اخيرا السبب لوجودها هنا وضعت يدها سريعا على بطنها بحركة لا شعورية،
امسك كريس بيدها الموضوعة على بطنها ومسدها بحنان، ابننا القوي ايضا بخير، انه يتشبث بالحياة كوالده.

خرجت من صدرها اهة ارتياح، قبل ان تضع راسها على الوسائد من جديد وتنظر الى العائلة المتحلقة حولها، الكل مهتم براحتها حتى كريس رغم وضعه الحرج، كان سؤال اخير يحرق شفتيها.
وكانه قرا افكارها، فقال بابتسامة باهتة، جوليا كانت تعاني مرضا نفسيا لم ننتبه لحدثه وهو ما تحول الى رغبة شديدة في الانتقام جعلها تقدم على ما فعلته، اظن ان علاجا مكتفا في مصحة نفسية قد يفيدها.

اتمنى ذلك قالت جابرييل بصدق، فهي لن تحقد على شخص مريض غير مسؤول عن تصرفاته.

وفي هذه اللحظة ابتعد كريس عن جابرييل متيحا لامه الاقتراب.
اقتربت انابيل من زوجة ابنها، كان ما ستقوله صعبا فهي لم تالف يوما الاعتذار
امسكت بيد جابرييل الممددة بهدوء على السرير وهي تقول: جابرييل انه لمن الصعب علي اليوم، ان اطلب منك الغفران فما فعلته بك وبابني شيء لا استطيع مسامحة نفسي علىه، لكني اعرف انك تملكين قلبا طيبا وانك قادرة على ان تغفري لي.

ضغطت جابرييل على يد انابيل وابتسمت للمراة القوية: ليس هناك ما تعتذرين عنه انابيل، انا اشعر بالمك واتفهم ماهية فقدان عزيز بتلك الطريقة البشعة، لكن اتمنى من كل قلبي لو ننسى الماضي ونعيش بسلام
ابتسمت انابيل وقبلتها بحنان وهي تقول: انا اعرف الان لماذا قرر ابني ترك كل شيء من اجلك، انت فعلا ملاك.

ردت جابرييل على المجاملة الرقيقة بابتسامة شكر.
يكفي الان، لاداعي لكل هذه المواقف الدرامية قال نفار بمرح، ضحك كريس من تعليق اخيه المرح وهو ينظر الى جابرييل المتوردة من الخجل بينما اكتفت كريستينا بان لكزت زوجها في صدره معاتبة.

انت فعلا غبي ولا تعرف متى تصمت
لكنك تحبينني رغم ذلك قال وهو ينظر اليها بشغف
اخيراتمكنت العائلة من تخطي الالم، لتعود اليهاالبسمة بعد تلاثين سنة مرت في شقاء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة