قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل الثاني عشر

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 3 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل الثاني عشر

( وانحنت لأجلها الذئاب )

في السجن النسائي
هبت ناريمان واقفة من مقعدها مصدومة في القاعة المخصصة للسجينات لمشاهدة التلفاز، وفغرت فمها لتصيح بنبرة عالية وغاضبة في آن واحد:
-يا بن ال *** يا مهاب، خربتها وأعدت على تلها!
وبختها سجينة أخرى قائلة بحدة:
-اسكتي يا ولية خلينا نشوف، مش ناقصين ولولة على المسا.

رمقتها ناريمان بنظرات متأففة، ثم عاودت الجلوس على مقعدها، وتمتمت مع نفسها بضجر:
-انت ورا أي شر بيحصل يا مهاب
ضيقت عينيها بشدة، وتابعت بهمس عدواني:
-بس أنا مش هاخليك تتهنى، والله لأخلي رقبتك تتعلق على حبل المشنقة!
عقدت ساعديها أمام صدرها، وكزت على أسنانها بشراسة لتضيف بوعيد:
-وزي ما رميتني هنا اتبهدل وأتمرمط، أوعدك إنك هتترمي قريب في المزبلة دي!

في مشفى الجندي الخاص
إشتعلت عيني أوس بنيران متأججة بعد أن رأى وسمع ما صرح به والده عبر ذلك البرنامج الحواري .. وسريعاً ما تلون وجهه بحمرة محتقنة للغاية .. وبرزت عروقه المتصلبة من جميع أنحاء جسده، وكاد يعتصر الهاتف المحمول بقبضته ...

نظر عدي نحوه بتوجس رهيب خاصة بعد أن إستمع لتلك النبضات العنيفة التي يبثها جهاز قياس نبضات القلب، وشعر بما هو عليه، وحاول أن يهدئه قائلاً بحذر:
-أوس .. اكيد د. مهاب مايقصدش وآآ.. وده كلام بيقوله عشان يخرس الألسنة!
لم ينطق أوس بكلمة واحدة أو يعقب عليه، ولم تتبدل ملامح وجهه المنذرة بقنبلة على وشك الإنفجار والإطاحة بالجميع، بل ظلت نظراته النارية مسلطة على وجه أبيه البارز في شاشة الهاتف ..

وفجأة قذف بالهاتف بكل عنف، وأدار رأسه في إتجاه عدي لينطق بتشنج بادي في نبرته وهو يرمقه بنظرات مظلمة:
-هاتلي رقم منتج البرنامج ده بسرعة
ابتلع عدي ريقه بقلق واضح حتى في نظراته، ورد عليه بحذر:
-ماشي .. أنا هاتصل بالسكرتارية وهما يتصرفوا، إهدى انت بس
صرخ فيه بصوت مخيف:
-مش هاهدى قبل ما أرد على مهاب باشا وأكدبه قصاد الناس
-طيب.

هاتف عدي مكتب السكرتارية، وطلب من السكرتيرة البحث فوراً عن رقم منتج هذا البرنامج الشهير .. وبالفعل لم تمر دقائق إلا وكان الرقم معه ..
قام عدي بالإتصال بمنتج البرنامج وطلب بصوت آمر:
-معاك عدي عبد الرحمن مدير مكتب الباشا أوس الجندي، وهو بنفسه هايكلمك
ثم مد يده بالهاتف قائلاً بتوتر:
-اتفضل يا أوس
أمسك أوس بالهاتف، وضغط على شفتيه لينطق بغلظة شديدة:
-ألو، معاك أوس الجندي، ابن الدكتور مهاب، وأنا عاوز أدخل في مداخلة الوقتي معاه!

لمعت عينيه بوميض شرس وهو يهدر بغضب جلي:
-يعني ايه ممنوع، انت فاهم انت بتكلم مين ؟
صمت للحظة ليستمع إلى رد المنتج، ثم هتف بإهتياج وعينيه المشتعلتين تبرزان من محجريهما:
-نعم مهاب الجندي هو اللي مانع بالأمر المباشر أي مداخلة هاتفية .. طب اسمع بقى، احسنلك تدخلني معاه على الهوا، وإلا قسماً بالله لهاقفلك القناة والبرنامج وأشردك انت وكل اللي معاك!

راقب عدي ردود فعله بقلق بالغ .. فهو يخشى عليه من تهوره المصحاب لإنفعاله، وكذلك من تصرفاته الجريئة والغير متوقعة ...
تابع أوس قائلاً بتهديد صريح:
-اتحمل بقى نتيجة رفضك ده
ثم أنهى المكالمة وهو ينظر في إتجاه عدي، وأردف قائلاً بصوت متصلب:
-تجيبلي مراتي هنا حالاً، وإلا آآ...

ابتلع عدي ريقه متوتراً وقاطعه بنبرة جادة وهو يشير بيده:
-اعتبرها جت! أنا رايحلها الوقتي!
ثم أخذ الهاتف، ودسه في جيبه، وأسرع في خطواته ليتجه نحو الباب وهو يدعو الله في نفسه ألا يتهور أوس ويرتكب أي حماقات أثناء غيابه، ولكنه تسمر فجأة في مكانه، وأدار جسده للخلف ليهتف بنزق:
-أوس أنا عندي فكرة يمكن تخدمك ..!

في منزل تقى عوض الله
ساد على جميع من في المنزل حالة من الصدمة الممزوجة بالرعب بعد تصريح مهاب المميت ..
لم تستطع فردوس الوقوف على قدميها، وجلست على الأريكة في حالة ذهول تام، وأخذت تلطم على فخذيها قائلة بخزي:
-يادي الفضايح، يادي الجرس، مش بنلحق يا ناس! يالهوي، أعمل ايه، أدراى فين ؟ خلاص .. احنا فضحيتنا بقت على كل لسان، يالهوي!
شهقت تهاني بصوت مرتفع، ووضعت يدها على فمها، ونظرت إلى تقى بإشفاق حقيقي ..

هي تعلم مدى دناءة مهاب، ولكنها لم تتخيل بشاعة وضاعته، ولا خسته التي لا حدود لها ليفعل هذا دون ذرة ندم واحدة .. ظلت تهز رأسها مستنكرة ما سمعته ابنة اختها البائسة، ورأت تعابير الإحباط تكسو قسماتها، وعلامات الإنكسار تعاود للظهور بكثافة لتنذر بفاجعة قريبة ..
تجمدت نظرات تقى على شاشة التلفاز .. وبدت مغيبة عمن حولها .. حدقت أمامها بنظرات خاوية من الحياة ..
تلاشى كل شيء حولها، وحل مكانه ضباب مظلم وعلق بذهنها فقط صورة مهاب ونظراته الشيطانية لها .. وإخترق آذانها صوته المهدد بتدميرها ..
إنسابت العبرات الساخنة – عفوياً - على وجهها الشاحب لتحفر طريقها حتى شفتيها المرتجفتين ..

نهضت تهاني بتثاقل من على الأريكة وقلبها يخفق بقوة خوفاً عليها، وجلست إلى جوارها، ومدت يدها لتهزها قائلة بصوت مختنق:
-مش هايحصل الكلام ده يا بنتي، أوس استحالة يعمل كده
ثم لفت ذراعيها حولها لتضمها إلى صدرها، وأسندت رأسها على كتفها، وتابعت بصوت شبه باكي وهي تمسد على شعرها بعطف:
-ده راجل مفتري ومش بيهمه حد، بس أوس غيره، هو بيحبك واستحالة يسيبك!
-ما خلاص سابها واللي كان كان
قالتها فردوس بصوت محتقن وهي ترمق الاثنتين بنظرات متحسرة
حدجتها تهاني بنظرات محذرة، وهتفت بتحدي:
-متقوليش كده، ابني غير ابوه، هو بيحب تقى وعاوزها، إنتي ماشوفتيهوش كان عامل ازاي هنا وآآ...

وضعت فردوس يديها على رأسها، وقاطعتها وهي تندب حظها بيأس:
-معدتش يفرق، أل جت الحزينة تفرح مالقيتلهاش مطرح!
شعرت تهاني ببرودة تنتاب ابنة اختها، وبإرتجافة تصيبها، فتوجست خيفة عليها، وصاحت بإنفعال:
-فردوس كفاية بقى، إنتي مش شايفة حال بنتك
رمقتها فردوس بنظرات ساخطة، وتابعت بحنق:
-حالها! قولي حالتي أنا .. ليهم حق النسوان يتلمذوا عليا ويتكلموا في سيرتنا .. هو أنا هاقدر أرفع عيني في وش أي حد .. ما البت بقت مطلقة وآآ...
قاطعتها تهاني بصوت محتد:
-لسه محصلش!

نهضت فردوس عن الأريكة، وهتفت بنبرة قوية وهي تلوح بذراعيها:
-انتي مصدقة نفسك، المحروس أبو الباشا قالها وفي التلافازيون لكل الناس، عاوزة ايه تاني ؟!
ثم اتجهت نحو ابنتها، وأمسكت بها من ذراعيها لتجبرها على الوقوف، ونظرت لها شزراً، وهزتها بعنف وهي توبخها قائلة:
-مبسوطة ياختي، أديكي الوقتي بقيتي مطلقة ومفضوحة، كلام الناس عنك طلع صح!
صدمت تهاني من كلمات فردوس اللاذعة، وهتفت محتجة:
-فردوس!

ظلت أنظار فردوس المحتقنة مسلطة على ابنتها، وردت عليها مبررة موقفها العدائي قائلة بإحباط:
-بس يا تهاني، سيبني أطلع الغلب اللي جوايا انتي معندكيش حاجة تعيبك، لكن أنا بنتي بقت في نظر الناس خاطية ومطلقة وآآآ...
قاطعتها تقى بصراخ متشنج وهي تزيح قبضتي والدتها:
-كفاية .. حرام عليكي، ليه بتسمعيني كل شوية الكلام ده ؟! أنا معملتش حاجة! معملتش حاجة!
وضعت تهاني يدها على كتف تقى، وأدارتها في إتجاهها، ثم إحتضنت وجهها براحتيها، ونظرت لها بأسف، وتوسلتها قائلة:
-اهدي يا تقى، بلاش تنفعلي.

إنتحب صوت تقى أكثر وصرخت بمرارة:
-ليه كل حاجة أنا السبب فيها ؟ ليه أمي مش بتحسي بيا ؟
توسلت لها تهاني برجاء أكبر:
-تقى عشان خاطري، بلاش تكلمي، اهدي .. ده في خطر عليكي!
صرخت بعصبية مفرطة وهي تهز رأسها مستنكرة بصورة هيسترية:
-حرام، بتعملوا فيا كده ليه ؟ ليه!
ثم وضعت قبضتيها على يدي خالتها لتبعدهما عنها، وأشاحت بوجهها أسفة على حالها، فأصرت الأخيرة على التمسك بها، وهتفت بإستعطاف:
-بصيلي يا تقى، اسمعيني يا بنتي!

تقطع صوتها وزاد أنينها وهي تتابع بنبرة مختنقة:
-ولو هو مش عاوزني مرة، فأنا .. أنا .. مش عاوزاه مليون مرة!
لاحظت شحوب وجهها، وإرتجافة أوصالها .. فخفق قلبها بخوف واضح عليها، وصاحت برجاء:
-بس.. اهدي .. الانفعال وحش على حملك
شهقت فردوس مرددة بصدمة وهي تلطم بيديها على صدغيها:
-يا نصيبتي .. هي .. هي حبلى كمان!

في الاستديو
أنهت المذيعة حلقة برنامجها الساخنة والتي أثارت ضجة كبيرة .. ونهضت عن مقعدها، وسارت نحو مهاب الجندي الذي كان ينتزع المايكروفون عنه، ومدت يدها لتصافحه قائلة بإمتنان:
-ميرسي يا د. مهاب على الحلقة دي، أنا مش قادرة أقولك نسبة المشاهدة كانت عاملة ازاي!
رد ببرود قاتل وهو يبادلها المصافحة:
-على ايه .. ده انا اللي المفروض أشكرك على تعبك معايا.

ابتسمت له لتضيف برقة:
-يا ريت يا فندم لو تشرفنا في حلقة تانية بس طبعاً نتكلم فيها عن انجازاتك في المجال الطبي
تقوس ثغره بإبتسامة ماكرة ليجيبها:
-أكيد هايحصل
إنضم إليهما منتج البرنامج، وهتف بصوت مرتفع وهو يتحرك بجسده المترهل قائلاً بقلق:
-مهاب باشا لو ممكن لحظة
رمقه مهاب بنظرات متفحصة لهيئته البدينة، ورد بفتور:
-ايوه
أردف المنتج قائلاً بإنزعاج:
-أنا منتج البرنامج ده
هز مهاب رأسه وهو يقول بخفوت:
-اها.

تنحنح بصوت خشن وتابع بنبرة شبه مرتجفة:
-كان جالي أثناء بث الحلقة اتصال من ابن حضرتك، وآآ.. وأنا رفضته بناءاً على تعليماتك!
ترقب المنتج بتوتر شديد ردة فعله، ولكنه تفاجيء به يرد عليه بجمود:
-خير ما عملت
أشار بيده قائلاً بنبرة متوجسة:
-أتمنى مايكونش في مشكلة
ربت مهاب على كتفه، وإبتسم ابتسامة باهتة وهو يجيبه:
-لا عادي .. اطمن، وشرفني التعامل معاك!
تنفس المنتج الصعداء قائلاً بتنهيدة مطولة:
-وأنا كمان يا دكتور مهاب!

في مشفى الجندي الخاص
انتبه أوس إلى عدي الذي حدق فيه بنظرات جادة وهو يتحرك صوبه قائلاً بهدوء:
-ليه مانسجلش فيديو ليك ونرفعه على موقع مشهور تنفي فيه الكلام اللي قاله أبوك
ضيق أوس عينيه فأصبحتا حادتين كالصقر، بينما أكمل عدي بنبرة ثابتة:
-كده هاتكون انت رديت على كلامه، وفي نفس الوقت لحقت الموقف قبل ما يتطور أكتر.

صمت أوس ليفكر ملياً فيما قاله رفيقه، فربما يكون اقتراحه مفيداً إلى حد ما في رد إعتبار زوجته، رغم إعتراضه على المساس بما يخصه إعلامياً ...
راقبه عدي بدقة، وتمنى أن يقتنع رفيقه بإقتراحه حتى ينفث القليل عن غضبه دون أن يتهور ..
قطع تفكيره العميق سؤال أوس بصوت قاتم وعينيه محدقتان في الفراغ:
-وده مين هايعمله ؟
رد عليه عدي بتلهف:
-أنا هاصورك، وهاتصل بأشهر موقع إخباري، وزي ما اتعمل دعاية لحلقة د. مهاب، هانعمل دعاية محترمة للفيديو بتاعك، اطمن.

تقوس فم أوس بضيق، وزفر بحرارة حارقة، فشعر عدي بإنزعاج رفيقه، وربما برفضه لإقتراحه، فحاول أن يبرره قائلاً بهدوء:
-أنا عارف إنك مش حابب الظهور في الإعلام ولا غيره، بس طالما لمصلحة مراتك، فأكيد إنت مش هتمانع، وآآآ...
قاطعه أوس بصرامة وهو يرمقه بنظرات جافة:
-سجل الفيديو الوقتي
إندهش عدي من قراره الصادم والذي خالف توقعاته، وسأله وهو قاطب جبينه:
-من غير ما تظبط نفسك ؟

رد عليه أوس بجمود وهو يطالعه بنظراته النارية
-مش محتاج، أنا هاطلع زي ما أنا كده!
ثم صمت لثانية قبل أن يتابع بصوت قاسي يحمل العناد:
-وبعدها هاروح بنفسي أجيب مراتي!
انفرج فم عدي مندهشاً:
-هاه .. بنفسك!

في مقهى ما
فغر أحمد - الحارس الأمني السابق - ثغره مصدوماً بعد مشاهدته لحلقة البرنامج الحواري، ورمش بعينيه غير ما صدقه هذا الرجل، وهتف بسباب قوي:
-يخربيتك راجل، ايه اللي عملته ده!
حك طرف ذقنه بكفه، وتابع بضجر:
-مش ممكن، ده كده بياكد الكلام بتاع المحامي إياه انها آآ...
توقف عن إتمام جملته، وكز على أسنانه بإنزعاج .. ثم زفر بصوت مسموع، ونظر حوله بإستنكار ...
ظل صامتاً للحظات وهو يتمتم بكلمات مبهمة ..

وفجأة أردف قائلاً بإصرار:
-مش لازم اسكت عن الظلم ده!
نهض عن مقعده، وحدث نفسه بتحدٍ عجيب:
-أنا هابلغ أوس الجندي باللي أعرفه واللي يحصل يحصل!

في مقهى الحارة الشعبي
فرك منسي ذقنه الحليقة بحنق بادي في قسمات وجهه، فقد شاهد ذلك البرنامج الحواري، وحدث نفسه بصوت محتد:
-ست خضرة الشريفة طلعت مأرطسة الحارة كلها ومقضياها .. وأنا المغفل اللي كنت مفكرها بنت ناس وقطة مغمضة!
شعر بالغيظ لأنه كان أبلهاً في ظنه ببراءتها، وأراد أن ينتقم لرجولته الزائفة منها، فهتف بصوت مسموع:
-إخصص على الرجالة اللي بشنبات! هاتسيبوا بنت عوض كده من غير ما آآآ...

قاطعه رجل ما بالمقهى قائلاً بعدم اكتراث:
-يا عم مالناش دعوة
صاح منسي بغضب وهو يلوح بذراعه:
-الله مش سمعتها من سمعة الحارة وبناتها
رد عليه أخر بفتور:
-تصطفل مع أهلها
هدر منسي بصوت محتقن وهو يرمق من حوله بنظرات حادة:
-دي جابت العار للحتة كلها.

أردف أخر قائلاً بعدم إهتمام وهو يزفر دخان الأرجيلة ( الشيشة ):
-مالناش دعوة، أهلها يربوها
سأله منسي بحنق وعينيه تطلقان شرراً:
-يعني احنا هنسكت ؟
هز الشخص كتفيه في عدم مبالاة، وسأله قائلاً
-هنعملها ايه ؟!
رد عليه منسي بجدية شديدة:
-المفروض يتطردوا من هنا
مسح الرجل بلسانه أسنانه السوداء، وأكمل محذراً:
-بنقولك ايه انت مش عارف الجدع جوزها ومعارفه ممكن يعمل ايه لو آآ...

قاطعه منسي بصوت حاسم:
-ماهو ابوه قال طلقها على الهوا بعد فضيحتها النجسة!
رد عليه الرجل بجدية:
-يقول اللي عاوزه، خلينا بعيد أحسن، بدل ما الراجل القادر ده يودينا ورا الشمس
صاح منسي بتحدٍ سافر وهو يشير بيده:
-على نفسه، هو بس محمي في شوية الرجالة اللي معاه، غير كده وربنا مايسوى

في النادي الشهير
قهقه سامي عالياً، وبدت السعادة العامرة على تعابير وجهه، وظل يضرب كفاً على كف غير مصدق ما فعله أخيه ..
ارتشف القليل من قهوته السادة، وأردف قائلاً بإعجاب:
-لازم أكلمه بنفسي أهنيه، دي ضربة معلم بصحيح!
وبالفعل عبث بهاتفه المحمول، ثم وضعه على أذنه، وهتف
قائلاً بفرحة:
-والله برافو عليك يا مهاب مالكش حل..!
قهقه مرة أخرى بصوت مسموع، وتابع قائلاً بحماس:
-كده انت قفلتها في وش أي حد يتكلم ..

هز رأسه قليلاً وهو ينصت لأخيه عبر الجانب الأخر، وأضاف بإعجاب:
-الصراحة متوقعتش تعمل كده خالص، حقيقي إنت دماغ!
خرج صوت أخيه من الهاتف قائلاً بثقة:
-عشان تعرف يا سامي
حرك سامي كتفيه، وإنتصب في جلسته ليكمل بإطراء:
-بجد .. مش لاقي كلام أقوله
رد عليه أخيه مهاب بصوت مغتر:
-ماتقولش حاجة، أنا بأحب أنفذ على طول!

في منزل تقى عوض الله
أمسكت فردوس بتقى من ذراعيها، ورمقتها بنظرات نارية، وهزتها بعنف وهي تسألها بإهتياج:
-اتكلمي، انتي حبلى يا بت ؟
نظرت لها ابنتها بأعين باكية .. وإنتحبت بأنين يحمل مرارة الظلم والقهر .. ولم تجبها .. فقد أنهكها الحزن والإنكسار ..
أشفقت تهاني عليها كثيراً، وصاحت بعصبية في وجه أختها:
-ايوه .. حامل من جوزها، ايه العيب في كده ؟!

ثم أبعدت تقى عنها، وضمتها إلى صدرها، وظلت ترمق أختها بنظرات يائسة من أسلوبها الفظ والقاسي في التعامل مع ابنتها الوحيدة ...
هزت فردوس جسدها بصورة غريبة، وأخذت تلطم على صدرها وحجرها قائلة بحسرة:
-يا نصيبتي .. أل كنا ناقصين، كده الناس هاتقول حبلت في الحرام وآآآ...
قاطعها عوض بصوت متحشرج وقوي رغم عجزه:
-اسكتي يا فردوس، تقى مش كده!

إلتفتت فردوس برأسها نحوه، وهتفت بنبرة مخزية:
-عوض، شوفت الجرسة اللي بقينا فيها!
صرخت تهاني بنبرة مغلولة وهي تشير بيدها:
-اخرسي بقى، أنا سامعة من الصبح اللي بتقوليه ومش راضية أتكلم، كله إلا شرف تقى، دي متجوزة ومحافظة على نفسها!
وكأن صوت والدها هو الملجأ، وطوق النجاة لروحها المعذبة، فرفعت تقى رأسها نحوه، وهتفت بيأس جلي:
-ب .. بابا!

ثم تركت خالتها، وركضت نحوه لترتمي في أحضانه، فلف الأخير ذراعه حولها، وأردف قائلاً بحنو أبوي صادق:
-تعالي يا بنتي معايا
انتظرت تهاني على أحر من الجمر إبتعاد تقى وأبيها حتى انفجرت في اختها بغضب واضح في نبرتها ونظراتها:
-اييييه يا فردوس انتي لا بترحمي ولا بتسيبي رحمة ربنا تنزل، بدل ما تطيبي خاطر بنتك بكلمتين، عمالة تديها في جنابها وكأنها عملت الحرام .. دي متجوزة وحامل من ابني
لوت فردوس فمها لتقول بسخط وهي تشيح بنظراتها الباردة بعيداً عن اختها:
-مش لما نتأكد!

قبضت تهاني على ذراعي أختها، وهزتها بعنف وهي تصرخ بإستنكار:
-انتي اللي بتقولي كده ؟ ليه حق الغريب يصدق فينا العيبة طالما انتي بتشجعيهم على ده!
ردت عليها أختها بتهكم:
-عاوزاني أنا أخرس لسان الناس ؟ ولا آآ..
قاطعتها تهاني بنظرات قوية، ونبرة حادة:
-ايوه .. بدفاعك عن بنتك هتخرسيهم للأبد.

أبعدت فردوس كفي أختها عنها، وتابعت بنبرة مستفزة:
-معدتش ينفع، وهو احنا هايكون لينا عين نتكلم أصلا ولا نوري وشنا للناس بعد اللي اتقال!
استشاطت تهاني غيظاً من ردود أختها، وهتفت بجموح:
-منك لله يا شيخة، انتي اللي كسرتي بنتك بنفسك...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة