قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

أعلنت الحرب على قلبها بقسوة مُنقطعة النظير، لا عاد يروقها الحُب وأسفها على ما فقدته كان ضرير. ومَن منا عندما يفقد رونق روحه يبقى جميل؟! كلنا وخزات وآلام لا يعلم بحالها سواهُ، القدير...

مر يومان على قرار ترحالها بصُحبة شقيقتها وابن عمتها إلى هذه القرية. فقد رفض يامن تركهن وأصر على أن يقود الحملة معهن، تغير الكثير في يومين. أصبح قلبها يبابًا بعدما تعلق بقشة أمل، فغرقا معًا، كبا غبار السيارة فجأه عندما وجد (يامن) مجموعة من الأحطاب على مدخل القرية تسد عليهم الدخول، تنهد يامن تنهيدًا ممدودًا بعُمقِ وهو ينظُر لهن من مرآة السيارة:.

من أولها غباء. إتفضلوا، مش فاهم أنا قفلين الطريق ليه؟
أخرجت فداء رأسها من باب السيارة تتفحص الأمر بنفسها ومن ثم عضت على شفتيها غيظًا وراحت تقول بوجه عابس: لو أعرف مين اللي عمل كدا؟، همسكه السلك عريان وأرحم العالم من غبائه.
في تلك اللحظه صدح أصوات طلقات نارية في الأرجاء، أخذ الصوت يعلو رويدًا رويدًا لتهتف بيسان بتلعثمٍ: إنتوا سامعين؟ دا صوت طلقات نار!

وضعت بيسان كفها على قلبها هلعًا فيما قرر هو الترجل خارج السيارة ومعرفة ما يجرى لتهتف بيسان بقلقِ: يامن، إنت رايح فين؟ ما تنزلش!
افتر ثغرهُ عن إبتسامة حانية وقد هزّ رأسها ليهدأ من روعها قائلًا بنبرة حانية: ما تخافيش.
أسبل يامن أجفانهُ وقد فغر فاهه وهو يجد بعض الرجال يهرعوا صوبهم ليهتف أحدهم بهلع: إنتوا مين وأيه اللي جايبكم إهنه؟ إنفدوا بچلدكم!

فتح يامن فمه ليحدثه مُستفسرًا فيما لم ينتظر الرجل وأسرع مُهرولًا خارج حدود القرية ليضرب يامن كفًا بالآخر في إستغراب: هو في أسود جوا القرية ولا أيه؟
نفخت فداء شدقيها وقد إشتد السأم بها ليسمعوا صوت أحد الرجال يأتي من الخلف قائلًا: إنتوا ضيوف حضرة العُمده؟
رمقهُ يامن بثبات ومن ثم أومأ برأسه إيجابًا ليتابع: أيوة إحنا. بس زيّ ما إنت شايف مش عارفين ندخل؟

إبتلع الرجل ريقة بصعوبة ليردف يحثهم على على الترجل من السيارة: في تار بين عيلتين في البلد، والدنيا مشعللة وعلشان كدا جمال بيه بلغني أدلكم على سكة تانية نوصل منها للدوار بسهولة.

ترجلت فداء خارج السيارة بتفهم، لتعاون شقيقتها كذلك. أمسكت بكفها يسرن معًا خلف هذا الرجل الأربعيني، فيما يسير يامن خلفهن حتى يبقين نصب أعينه...

هتف الرجل بثبات بعد أن تدلى بجسده إلى مُنحدر صغير، ليواجههم بنبرة حاسمة وهو يمد أحد ذراعيه: هنمشي في الزراعية بين الخوص ديه، وفي نهايته هنكون وصلنا.
تأبد المكان عليهم، لتقول بيسان بتلعثمٍ: بس الشجرات دي أكيد فيها حشرات وحيوانات مُضرة. أنا خايفة.

أومأ الرجل برأسه إيجابًا ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة مُرددًا بنبرة بلهاء: فيها ديابه وكُل حنش والتاني. متربي علي الغالي يا ست هانم. بس ما تخافوش أنا معاكم.
قطب يامن تقطيبة صارمة ليحاوط خصر بيسان بأحد ذراعيه وبنبرة ساخطة أردف مُتجهًا بحديثه للرجل: إنت شايفها قلبها ميت يعني، علشان تسرح بخيالك؟

وهنا كشرت فداء عن أسنانها في تلك اللحظه لتضع كفها بين كف الرجل الممدود تقول بنبرة مُنفعلة: حنش أما يلهفك يابعيد، نقطنا بسكاتك وإلا هدفنك حي!
إبتلع الرجل ريقه قلقًا ليعاونها على الهبوط، استتبعهما يامن بعد ذلك نزولًا. لم يتبقَ سواها ليضع ذراعين قابضًا على خصرها ومن ثم حملها بخفة وثبات حتى انزلها إليهما لتقول بخوف: يامن، خلينا نرجع بيتنا؟
يامن وهو يضمها إليه: ما تخافيش، أنا معاكِ أهو.

إرتاحت ملامحها قليلًا أثر كلماته، لتسير مُنكمشة على نفسها تتشبث بطرف قميصه، ساروا داخل هذا العُشب الطويل في توجس وقلقِ وما أن وصلوا لنهايته وبدأت أعينهم ترى هذه البنايات القديمة من جديد حتى هتف الرجل بفرحة وكأنه حقق إنجاز من أخطر المهام الصعبة عليه: الحمد لله وصلنا. دا جمال بيه هيفرح جوي.

قادهم حتى هذا البناء الكبير. يتكون من عدة طوابق الواحد يعلو الأخر وقد إتخذ البناء ألوان زاهية. يوجد حديقة كبيرة داخل حدود هذا البناء ويحاوطها سياج عالي قليلًا ويقف على الباب الرئيسي ذاك الرجل الوقور ليهتف بنبرة سعيدة: حمدلله على سلامتكم يا ولاد!
يامن وهو يصافحه بحرارة: ياااه. دا إحنا لو في مؤامرة ضد الموساد الإسرائيلي مش هنغامر كدا.
فداء وهي تلتفت إلى ذاك الرجل مُرددة بحنقِ: مين دا يا عمو صحيح؟

جمال بضحكة هادئة: دا عيد مسؤل الحرس بالبلد، أوعى يكون زعلكم؟
بيسان بتدخل وإبتسامة خفيفة: لأ، خالص يا عمو. تشرفنا يا أونكل عيد.
عيد بضحكة عريضة: الشرف ليا يا ست الكُل.
اصطحبهم جمال إلى الداخل. طلب منهم الإسترخاء قليلًا حتى إنتهاء طعام العشاء، كانوا جميعًا في حاجه ماسة للنوم وما أن إنتهت العاملات بالقصر من إعداد الطعام حتى تجمعوا حول مائدة الطعام...

بدأ جمال في وضع الطعام أمامهم بشيء من السعادة، فهو يُحب صديقه وكُل ما يأتي من طرفه ليردف يامن بإبتسامة هادئة: إحنا بناكل أهو ياعمي. إرتاح إنت.
جمال بإبتسامة حانية: أنا عايزكم تاكلوا وتشبعوا دا بيتكم.
رمقتهُ فداء بثبات ومن ثم راحت تقول بإهتمام وافر: هو أيه اللي بيحصل في القرية يا عمي؟

تنهد جمال بحُزن ليعود جالسًا إلى مقعده وراح يقول بنبرة مهمومة: والله يابنتي أنا تعبت أوعي الناس للصح والغلط، ودلوقتي بيقتلوا في بعض علشان واحد كبير إتجوز بنت وماتت منهُ يوم الفرح.

شهقت بيسان برقة وقد إنتابتها علامات الهلع الشديدة لتهتف ثائرة بحنق: هم أغبية؟ إزاي يبيعوا طفلة صغيرة ل واحد أد جدها؟
ظهرت إبتسامة ساخرة من جانب فم جمال ليقول مُستأنفًا: وهو دا بقى اللي أنا قاصدكم فيه، عندي أمل أنكم تكونوا سبب في هداية الناس دي.

فداء وهي تزفر بضيقِ: ودول نعالج تفكيرهم إزاي، دول محتاجين تحول جذري وكُلي. غسيل مُخ من الجذور.

بدأت الخادمات يقفن على باب الغرفة يتهامسن فيما بينهن. إحداهن تُصرح بمدى جمال الفتايات والأُخرى تؤكد على أنهن نُسخة مُصغرة عن (ملاك) والدتهن.

انقضت هذه الساعات على خير حتى حل مُنتصف الليل، جلسن بجوار بعضهن علي مقاعد بلاستيكية في حديقة القصر لتضع بيسان رأسها على كتف شقيقتها، ينظُرن للسماء بتأمل لتتابع بيسان في نفسها:.

إنتِ غريبة أوي يا بيسان، إزاي طول السنه دي عايشه على ذكرى مش ليكِ. حاجه خلصت وإنتهت. وليه فجأه يامن خد قلبك منك؟!، اوعي تكوني حبيتي إهتمامه بس! إنتِ عملتي كدا زمان وهو كان بيستخدمك لعبة في إيدهُ، الحُب مطلوب بس في وقته المُناسب وللشخص المُناسب، بلاش تسرع في قرار زيّ دا؟ يامن بيحبك ودموعه خرجت في لحظة يأس منه، رغم إنك عارفة كويس إن يامن مش بسهولة دموعه تنزل ولو نزلت بتبقى فيض من الوجع. لازم تقفلي الصفحة اللي فاتت من حياتك. علشان تبقي جديرة بيه هو يستحق إنك تحسي بقلبه.

رمش جفنيها بخفة وقد افتر ثغرها عن إبتسامة تلمع، لتتذكر حديثه لها حينما أخذت تعد النجوم بأمر منهُ لتشير بأصابعها مُجددًا ناحية السماء. وهنا قطع أندماجها وقوفه أمامها مُباشرة وهو يحمل كوبين من الحليب ليردف بإبتسامة صادقة: يااااه، إنتِ لسه عندك أمل تعدي النجوم؟
نحت بيسان ببصرها إليه لتلتقط منهُ كوب الحليب بإبتسامة عذبة قائلة: الأمل موجود. بس في رب النجوم.

إلتفت بجسده ناحية فداء الشارده في عالمها الخاص ليتنحنح قليلًا قبل ان يهتف بها: فيدو، اللبن. الخاله حُسنية مأكدة عليا إنكم تشربوا اللبن دا.
إلتقطته فداء منه لتقول بإبتسامة هادئة: الست دي بتفكرني ب منمن. وحشتني أوي والواد مودي كمان.
يامن بقهقة خفيفة: يامن اللي وحشك ولا قفاه
باغتته فداء بإبتسامة هادئة فيما إنتقل بحديثه إلى (بيسان) مُرددًا بحنو: أيه رأيك نتمشى؟

هزّت بيسان رأسها بخفة، ليمد كفه لها حتى إستندت عليه واقفة. ف اليوم أصبحت تتحسس خُطواتها بمفردها دون مُساعدة فقد تطورت حالتها بشكل جيد. فاجأها يامن وهو يحاوط كتفها بذراعه يمشيان معًا في هدوء وسكينة...

رمقتهما فداء في هدوء وفرحة صامتة وقد ناب ثغرها المُبتسم عنها. لتُعاود مسيرة شرودها من جديد عندما تغيرت معالم وجهها للحُزنِ الضاري وقد إنقبضت نفسها إنقباضًا شديدًا وهي تعود بمُخيلتها ل ليلة سابقة، فلاش باك، أقام آسر حفل خطوبتهما داخل حديقة بيته التي يُحاوطها سياج من العواميد الحديدية، تكشف ما يقبع ورائها، ازدانت الأرض بالورود وكذلك الأضواء التي غطا ضوئها المكان بأكمله قادتها قدماها إلى البيت مُجددًا، لم تأتِ إليه حتى تستعطفه ل مداواة قلبها. أتت فقط لتوديعه حيث وقفت تتوارى خلف جُدران هذا السياج ترمقهُ بنظرة مُنكسرة من بين فجوات الأعمدة الحديدية. اتقدت نيران الغيرة في قلبها وكأنها تُسارع ضد نبضات قلبها التي كادت ان تتوقف، همعت عيناها بالدموع لتشهق بنبرة مُتحشرجة وراحت تنادي اسمه بصوتِ واهن تسمعه هي فقط: آسر؟

خارت قواها في تلك اللحظه وقد هوى جسدها أرضًا مُستندة على جدار المبنى، ضمت ساقيها إلى صدرها وراحت تبكي بمرارة أدمت روحها: أنا معاك إنك ماحبتنيش، بس ليه لما حسيت بحُبي ليك بدل ما تبعدني وجعتني؟! انا عارفه إن اللي زيّ مكتوب عليهم الوجع بس والحُب مش بيليق عليّا. أنا ما كُنتش ضعيفة بالطريقة دي غير وانا معاك، سارعت بمحو فيض الدموع الذي سال على وجنتيها لتقول بنبرة مُتأججة: أنا عارفة إن طول الوقت بمثل إني قوية ومش بيهمني الوجع. بس كُل بني آدم منا له جوانب ضعيفة. عارفة كمان إن برغم قوة شخصيتي قدام العالم بس بردو بحتاج للحُب وبصدق بسرعه، أنا نفسي صعبانة عليا أوي.

أنهت حديثها لتمحي قطرات الدموع عنها، إستندت بذراعها علي الحائط حتى نهضت وهي تترنح بجسدها قليلًا لتلتقط حقيبتها وقد أقسمت على إنهاء ما سعيت هي بنفسها لبدأه.

Back، تنشقت نسمات الهواء العليل بداخلها، عقدت ذراعيها أمام صدرها. الآن قد قابلها عقلها بالحقائق الدامغة، هو ليس من حقها وما عادت هي تؤمن آخر على قلبها، في صباح اليوم التالي، أغمضت عينيها قليلًا، في شيء من الثبات لتتنشق الهواء داخلها تستمد ثباتها في نفحاته، أمسكت بهذا المظروف بين كفيها وهمّت أن تفتحه بعد قليل من الوقتِ، لقد أتى هذا المظروف لتوه من مُنسقى عرض الأرياء ب دُبي ليُعلماها بماهية خصمها الذي سيقود معها المُنافسة هُناك. حيث يستقبل العرض ثُنائي فقط من كُل دولة. يتنافسا علي الصعود للمرحلة النهائية وما أن نظرت داخله حتى هبّت في مكانها واقفة، أخذت تقفز في الهواء بسعادة غامرة. فهل ما رأتهُ واقعًا؟، هانيا الرفاعي هي خصمها بالعرض. أخذت تصيح بشيء من التحدِ: يااااس، أهلًا بيكِ يا هانيا في منطقتي.

أسرعت بإلتقاط هاتفها على الفور، فلا تجد أفضل من شقيقاتها حتى تُخبرهن بهذا الخبر السار، على الجانب الاخر.

ظلعت حديقة القصرِ بسُكان القرية، فقد أتوا ما أن علموا بقدوم بنات (سالم العامري) ابن هذه القرية. فكانوا يحبون (ملاك العامري) كثيرًا حيث أغدقت عليهم من فضل ربها بوفرة وكانت تقف بجوارهم في كُرباتهم وتسعى ل حلها، إلتفوا حول فداء التي تجلس إلى طاولة ما وتُجاورها شقيقتها وابن عمتها، ضاق المكان كثيرًا حيث وقفوا إلى جوار بعضهم ولم يعُد هناك فجوة يأتيهم الهواء منها لتردد إحدي السيدات الواقفات وهي تربت على ظهرها بفرحة: أهلًا يا بنت الغالية. كُلي يا حبيبتي دا إنتِ شكلك ضعفانه.

بادلتها فداء إبتسامة هادئة، فقد إمتلأت الطاولة أمامهم بكُل ما طاب ولذ. لقد أتى أهل القرية بكُل هذا الطعام وهنا تابعت أُخرى وهي تضع الطعام في فم فداء: دوجي الفطير بتاعنا، هيعجبك جوي.
تناولت فداء الطعام منها. لاف يامن الطعام في فمه وهو ينظُر إلى فداء التي تغير لون وجهها من تكدس الطعام في فمها. ف الفتاة قد أوشكت على الإنفجار. فيما تابعت بيسان بنبرة رقيقة وهي تُشير إلى أحد الأطباق: أنا عايزة من دا؟

سارعت إحداهن بوضع قطعة من الطعام في فمها لتقول بنبرة ضاحكة: ديه اسمه وِز. كُلي يا حبيبتي دا إنتِ حتى شكلك ضعفانه.
في تلك اللحظه صدح هاتف فداء باتصال من شقيقتها. نحت ببصرها إليه تستبين عن ماهية صاحب الاتصال لتقول بنبرة غير مفهومة وقد إنتفخ فمها: ودي أرد عليها إزاي؟
أخذت تلوك الطعام في فمها بحركة أكثر سرعةً لتضع الهاتف على أذنها وتجيب: عنقودتي. وحشتيني يا قلبي؟

عنود بضحكة حانية: وانتِ كمان يا فيدو، أنا مبسوطة أوي. النهاردا جالي جواب من مسؤلي العرض وعرفت مين الخصم قصادي.
فداء بفضول وترقب: مين؟
عنود وقد تهللت أسارير وجهها: هانيا الرفاعي
سعدت فداء لهذا كثيرًا، فتعلم مدى طموح شقيقتها في إسترداد حقوقها وما أن فتحت فمها حتى تبارك شقيقتها حتى وحدت إحدي السيدات تضع الطعام في فمها دون سابق إنذار فتقول: يابنتي. الحديت على الوكل ما يصوحش.

جدحتها فداء بنبرة مُغتاظة، حاولت مليًا استكمال حديثها مع شقيقتها ولكنها لم تستطع لتهتف بكلمات مُبهمة لا تُفهم. وهنا أردفت عنود بإستفهام: فداء؟، صوتك راح من الفرحة ولا أيه؟ وأيه الدوشه اللي جنبك دي؟!
في تلك اللحظه انقطع الاتصال على فجأه، لتنهض فداء من مكانها وهي تصرخ بغيظ: كفاااااية ياوليه إنتِ وهي. ه هه أ...

أخذت أنفاسها تتلاحق وقد آلمتها معدتها بشدة من كمية الطعام المُبالغ بها. لتردف إحداهن تنوب عن حديثها بترقب: ه أيه؟ هتطرشي!
أومأت فداء برأسها إيجابًا، أطلق يامن قهقهة خفيفة على وجهها الذي كاد أن ينفجر لتضع يدها على معدتها قائلة بعينين مُتسعتين: الحمام فين؟
بيسان بضحكة خفيفة: أجري يا مجدي.

همّت أن تدلف داخل القصر ليستوقفها شابًا في أواخر العشرينات يحمل بين ذراعيه طائر (ديك رومي ) وبنبرة مُتلطفة تابع: أنا چيبت لك الرومي ديه، علشان تربيه عيندكم في البله (اليلا) دي. ديه أليف ماتخافيش.

حدقت فداء به في إستغراب لتجد الطائر قد تحرر من ذراعيه مُحاولًا الإقتراب منها، فتحت فداء عيناها واسعًا من إقترابه منها وما أن إبتعدت قليلًا حتى وجدتهُ يهرول ناحيتها وأخذ يقفز عاليًا عدة قفزات. شهقت فداء بصدمة لتُهرول في استغاثة فيما يُطاردها هذا الطائر الكبير لتصرخ بفزعِ: ألحقوني. دا بيجري ورايا وعاوز يعضني.

فغر الشاب فاهه في دهشة وراح يضرب جبهته مُتذكرًا ل شيء ما: يا حِزن الحِزن! دا البت شعرها أحمر؟
يامن وهو ينهض من مكانه مُحاولًا مساعدتها وقد توجه بالحديث إلى الشاب: أمسك البتاع دا، أخلص؟
الشاب وهو ينظُر إلى الأخرى بعينين جاحظتين: يادي النيلة؟ خبي دهين اللي جاعده علشان شعرها أحمر.
يامن بعدم فهم: أيه علاقة شعرها بالموضوع!
الشاب ببلاهة: ما الديك بيكره اللون الأحمر.

أخذت فداء تهرول في كُل زاوية بالحديقة ومازال الطائر يُلاحقها. لتقترب ناحية الشاب ومن ثم تهوى بكفها على عُنقة من الخلف هاتفة به في حزم: نيهاهاي. عليك واحد، أبعد البتاع دا عني!
رفع الشاب ذراعه يتحسس أثر الضربة وبنبرة أشبه للبكاء تابع: أيه إيدك التجيلة دي؟ طب وربنا ما انا حايشه. إن شاء يجلعهولك شعراية شعراية.

كان قد أغمض عينيه يعترض على ضربتها له في سخط، ليشعر بنفس الضربه السابقة تلامس عُنقه. أخذت السيدات يضحكن ملء شدقهن. وما أن فتحت حُسنية الباب الخلفي للقصر حتى هرعت فداء إليه تدخله ثم صفقته خلفها وهي تتنفس الصعداء، أخذ الطائر يُهرول من بعيد وهو يقترب من الطاولة مرة أُخرى. ليسرع يامن بضم بيسان إليه فيما تابعت الأخري بنبرة مُتلعثمة يُخالطها الخوف وهي تدس شعرها داخل سترته: أهو. انا لابسه حجاب. ما تعضنيش.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة