قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس عشر

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس عشر

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس عشر

كُن طموحًا. تكُن أقوى. ذا قامة مشدودة على أرض صلبة لا تُنهيك العراقيل ولا تقتل الأمل فيك، لا الاستسلام حليفنا ولا عن أحلامنا نغفلُ...

قربت قالبين من الطوب الأحمر إلى جوار بعضهما ومن ثم جلست عليهما بجوار هذه السيدة الوقور وبنبرة مُتسائلة تابعت: طنط حُسنية. هو أيه دا؟
أردفت بيسان بتلك الكلمات في ترقب، وقبل أن تُجاوبها السيدة. تدخلت فداء هاتفة في ثبات وثقة: بيتهيألي كدهون. إن دا عشه للفرخات؟

أطلقت حُسنية قهقهةً خفيفة، لتوميء برأسها نافية وقد ركزت بصرها ناحية هذا الفرن الصغير المصنوع من الطين تمسك عصا من الخشب تلتصق في أخرها خرقة لتُنظفه بها وبنبرة حانية أردفت: كيف عشة فرخات بس يا بنتي؟ دا انا جايده النار فيها حتى؟
فداء بنبرة بلهاء وهي تفرد ذراعيها جانبها: عادي ما إنتِ هتدفيهم؟ بما إننا داخلين على الشتا!
بيسان بترقب وحيّرة: أمال دا أيه يا طنط؟

حُسنية بنبرة هادئة: ديه اسمه فُرن بلدي، بنطيب فيه الوكل. بيكون طعمه زيّ العسل.

مالت فداء بجذعها العُلوي قليلًا لتلثم وِجنة السيدة حُسنية وبضحكة عابثة تابعت: دا إنتِ اللي عسل يا نانو.
حُسنية بقهقهة خفيفة: وأيه نونا دا كمان؟
بيسان وهي تُتابع ما تفعله (حُسنية ): بتدلعك يعني. بس أزاي دا فرن ومن الطينة؟ كدا الأكل هيتوسخ ويكون في ميكروبات!
حُسنية بإستئناف: لأ. ما تخافيش، دا طين يابس، وانا بحط فيه طواجن البامية وصواني الرجاج. وهتاكلوا صوابعكم وراه كمان.

صمتن عن الحديث للتو ما أن وجدن (يامن) يمشي في الباحة الخلفية من القصر وقد رفع هاتفه عاليًا وأخذ يغمغم بكلام مُبهمٍ لتهتف فداء بإستفهام: يامن؟!، رافع الفون كدا ليه؟
يامن وهو يزفر بضيقِ ومن ثم نحى ببصره إليهن يتابع بتأففِ: مافيش شبكة هنا خالص. بكلم صديقتي من فرنسا في شغل بس الشبكة تجيب ضغط.
حدقت بيسان إليه في دهشة، إستندت على ساعد شقيقتها وما أن وقفت حتى صرخت بنرفزةً وحدة: بتكلم مين؟ ماسمعتش!

كان كلامهُ تلقائيًا قد خرج من بين شفتين دون ترتيب. لم يحسب ل غضبها أبدًا لأن الأمر يخص عمله وما أن وجد نيران الغيرة قد اتقدت في مُقلتيها حتى استلذ بإثارة غيرتها أكثر ليقول بنبرة ثابتة: صاحبتي من فرنسا؟، إحنا على تواصل مُستمر مع بعض. متضايقه من حاجه؟
بيسان وهي تلوي شدقها بغضب طفولي، فهي تعلم جيدًا انه يُمثل تجاهله ناحية غضبها لتردف بنبرة حانقة: مش متضايقه أصلًا أساسًا.

قطب يامن ما بين حاجبيه ليردف بنبرة تتصنع الإندهاش: يا نهار أبيض! أصلًا وأساسًا في جُملة واحدة؟ دا إنتِ خارقة للطبيعة بقى.

رفعت بيسان كتفها عاليًا في إمتعاض ومن ثم أنزلته وقد ذمت شفتيها غيظًا لتتجه ل داخل القصر فيما تابع هو بنبرة ظافرة: مالك بس يا بيسو. أيه اللي زعلك؟
كانت فداء فاغرة فاهها تشاهد المشاداة بينهما في صمتٍ وترقُب وما أن نظرت لها السيدة حُسنية حتى تحول فمها المفتوح إلى إبتسامة عريضة أثارت ضحكات حُسنية فيما تابعت الأخرى: روميو وشوليت في نفسهم قوي، ما شاء الله.

حُسنية وهي ترفع أحد حاجبيها مُعترضة على ما قالته فداء، لتردف بثقة: اسمهم، روميو وچوليتا.
فداء وهي تنظُر لها بإستنكار وقد زاغت عيناها قليلًا لتقول في استسلام: چوليتا؟ إحنا مالنا يا نانو. هو إحنا هنطلع لهم بطاقة!

قطع حديثهما في تلك اللحظه ذاك الفتى من جديد، يسير بخطواته إليهما، يعمل مصطفى داخل قصر جمال الدمنهوري ك صبي ل عاملات المطبخ، يشتري الحاجيات التي تنقصهن. ف هو من أصحاب العقول الخفيفة قليلًا. تختلط معالم طفولته في تصرفاته بشكلِ واضح. وهنا تابع مُصطفى بإبتسامة عريضة: السلام عليكم يا به يا أحمريكا شبه عُرف الديك؟

صرت فداء على أسنانها، لتربت حُسنية على ساعدها كاتمة ضحكتها وبنبرة ثابتة أردفت: اوعي تزعلي من كلامه؟، مُصطفى ابن حلال بس عَجله على جده حبتين وبيحب يهزر إكده على طول.

أومأت فداء برأسها في تفهمٍ وبنبرة هادئة تابعت وهي تُشير له بأصابعها تحثه على القدوم: بقولك أيه يا مصطفى، تعالى جنبي عاوزاك في حاجه!
رفع مُصطفى شفته العُليا قليلًا من جانب فمه وبنبرة مُتنبهة لها وهو يرمقها بنصف عين: أچي جنبك؟ دا بعينك. علشان أول ما أتبَع كلامك. تديني بالجفا وتچري!
فداء مُتصنعة الحُزنِ: ليه كدا يا موستاااافا؟، زعلت منك؟

مُصطفى بإستنكار: أيه يا بت المياعة ديه؟، إتمسكني يا أحمريكا إنتِ. وإنت بشعرك دهون شبه اللهم إحفظنا يعني.

أطلقت فداء قهقهة عالية ومن ثم هبّت واقفة في مكانها وراحت تقول بنبرة ضاحكة: يا مصطفى يا مصطفى؟!
مصطفي بتوجس من إقترابها منه: نعم؟
فداء بإبتسامة عريضة: أنا بحب قفاك أوي يا مُصطفى؟!
تراجع مصطفى للوراء يحترز من إقترابها وبنبرة جامدة أردف: لأ، ما تحبوش. هجول للعمده. باااس.
فداء وهي تضع ذراعيها خلف ظهرها قائلة بهدوء: مش هعملك حاجه، عاوزة منك بس خدمة.
مصطفى بتساؤل: عاوزة الديك تاني؟

فداء بصراخِ: لاااا. الله الغني. عوزاك بس تلف في البلد وتقول للستات إن أستاذة فداء طالبكم في بيت العمدة ضروري.

أومأ (مُصطفى) برأسه مُتفهمًا وما أن همّ بالمغادرة حتى وجدها تتابع بإستئناف: أيوة صحيح يا مُصطفى، لو عندك بيبي فرخات. هاته معاك.
إقترب مصطفى منها قليلًا. ليضع كفه أسفل ذقنه ومن ثم ضيق عينيه مُتابعًا بعدم فهم منه: أچيب أيه؟
تنحنحت فداء قليلًا ومن ثم أعادة صياغة جُملتها بهدوء: أقصد. فرخة لسه مولودة؟ اسمها أيه؟
مُصطفى بإندماج في حديثها: تجصدي كتكوت؟

هزّت فداء رأسها عدة إيماءات سريعة ومن ثم أردفت بإبتسامة عريضة: أيوة. هو دا.
رفع مصطفى أحد حاجبيه ليقول بنبرة ممتعضة: ليه؟
فداء وهي تكظم غيظها من أسألتهِ المُتكررة: هحتاجه علشان أفهم الناس، إن الكتاكيت ما ينفعش تتاكل غير لما تكبر و...
وقبل أن تستكمل حديثها قاطعها هو هاتفًا بنبرة عالية وهو يرفع إصبعه السبابة بثبات: فتح الله عليكِ يا أخت أحمريكا.

فداء وهي تعض على شفتها السُفلي غيظًا: هو انا كُنت لسه كملت؟
مُصطفى بحذقِ وثقة: ايوة ما انا فاهم كُل حاجه، إنتِ بتوعيهم، إن الكتاكيت دهين لساها لحمة طرية. ما كبرتش ولظلظت. ف كيف هناكلها؟
تنشقت فداء الهواء داخلها، أسبلت أجفانها بنفاذ صبر وشدوه لتردف: لظلظت؟ فتح الله عليك يا أخ مُططفى.

( داخل شركة Passion) للأزياء، أخذت تسير بين الماكينات في همّة ونشاط، تُراقب حركة السير بين العاملين داخل ساحات التصميم والإنتاج، استطاعت بجهودها ومُثابرتها على تصميم النماذخ المرغوب بها للمُشاركة بعرض الأزياء في دُبي. تبقى أسبوعان على إجراء العرض ولكنها إنتهت بالفعل. تهللت أسارير وجهها فرحًا وهي تتفحص النماذج برضا داخلي، فكما توقعت تمامًا. أخذت تجوب ببصرها المكان، تبتسم ل هذا وذاك في شيء من التشجيعِ، في تلك اللحظه إقتربت من أحد الموديلات تتفحصه بعناية، لترفع أحد حاجبيها ومن ثم تلتقطه وهي تنتوي فعل شيء ما. وفعلت نفس الشيء مع أحد الموديلات الأخرى.

صارت بهما صوب حجرة البروا الخاصة بالعرض الإفتراضي للعارضات. استتبعتها سكرتيرتها الخاصة (صابرين) نحو الغرفة أيضًا وقبل أن تدلف عنود داخلها استدارت لها ثم أردفت بإبتسامة هادئة: صابرين، لو سمحتي. ممنوع حد يدخل أوضة البروا وانا جوا.
أومأت صابرين برأسها إيجابًا ومن ثم تابعت بنبرة مُتلعثمة: تحت أمرك يا عنود هانم.

دلفت عنود داخل الغرفة بهدوء وافر، تنشقت الهواء داخلها وبإبتسامة هادئة راحت تنظُر إلى المرآه بالحجرة فقد صُممت جُدران الحائط الأربع على شكل مرايا بطولها لتضع الثوب على جسدها في ثبات وراحت تقول بنبرة خفيضة: شكله زيّ ما رسمته بالظبط. وبالتالي لازم أقيسه.

تجذفت في سيرها إلى الحائط الخشبي القابع بآخر الصالة لتبدأ في تبديل ملابسها بذاك الثوب الذي يصل إلى ما فوق الرُكبة. بدأت تمشي بثقة وعنجهية تليق بها. تتأمل الثوب في المرآه برضى وأريحية شديدة. ف الآن تمكنت من بناء كيانها المُستقل ولن يسلم كُل من جابهها، يلتهم حقها، كانت في شرودها بهذا العرض ولم تلحظ دلوفه إلى الغرفة أبدًا. وضع قُصي كفيه في جيبي بنطاله ومن ثم أردف بنبرة ثابتة: شكله يجنن عليكِ.

التفتت عنود إليه في ذُعر بعد أن شهقت برقة وريبة. ذمت شفتيها حنقًا وبعدها هتفت بنبرة صائحة: إنت بتعمل أيه هنا في أوضة العارضات؟
افتر ثغرهُ عن إبتسامة خفيفة ولم ينبس ببنت شفةٍ لتعبر قسمات وجهها عن الإمتعاض لتنهره بحدة: إنت لا بتسمع ولا بتفهم؟

أخذ قُصي يقترب منها بخُطوات وئيدة لتتقهقر هي في سيرها للوراء وهي تبتلع ريقها بتوجسِ وفي تلك اللحظه إرتطم ظهرها بالحائط بخفة ليحاوطها هو بكلا ذراعيه مردفًا بثبات: مين اللي ما بيفهمش؟

أخذت عنود تجوب ببصرها بين ذراعيه اللذان يحيطاها ترمقه بعينين واسعتين وبشراسة أردفت: إنت وأبعد إيدك دي لأقطعها لك. وعلى فكرة بقى أنا بعدي بمزاحي، بس نجوم السما أقرب لك مني يا ابن الدمنهوري وكُل الحوار اللي إنت بتعمله دا مش هيجيب نتيجة معايا أنا عملية فقط. شغلي وأخواتي وبابا هم الناس كُلها عندي. جواز وحُب! يعني أيه جواز وحُب أصلًا!

قُصي وهو ينظُر إلى مُقلتيها مُباشرة وبنبرة باردة إستفزتها أردف: هعرفك يا قلبي لما نتجوز.
ضحكت عنود ملء شدقيها وبنبرة صارمة أردفت: إنت عبيط يا قُصي!
قُصي بثبات ورباطة جأش: في الحقيقة يا قلبي إنتِ اللي لسانك عاوز قطعه وانا بردو بعدي بمزاجي. هو انا كُنت زيك مش بعترف بالجواز. بس إنتِ دخلتي دماغي يا حرم قُصي الدمنهوري.

صرت بأسنانها غيظًا حتى كادت تحطمهم ومن ثم كورت قبضة يدها غيظًا لتجده يقترب بوجهه من شفتيها. وهنا أدركت بأنها تمسك منديلًا ورقيًا لتعود بوجهها للخلف وبعدها رفعت كفها وراحت تزج المنديل داخل فمه وهي تردد بإبتسامة ظفر: أبقى خُد برشام برد وسخونة، لأنك بدأت تهلوث.

قالت جُملتها وهي تُهرول صوب الباب في فزعِ مما فعلته به. إحتدمت الدماء في عروقه ليبصق المنديل يتخلص منه أرضًا وهو يردف بوعد ووعيد: الصبر يا بنت العامري. واللي يضحك في الأخر!

اللي يطمنك يا جمال، لو حصل أي تطورات بلغني. وخلي بالك من البنات. وانا على نهاية الإسبوع هكون عندكم مع عنود.

أردف سالم بتلك الكلمات في حماس وهو يتحدث إلى صديقه هاتفيًا فيما تابع الأخر بهدوء: إنت هتوصيني على بناتي يا سالم؟، دا حتى أهل البلد فرحانين بيهم أوي. ربنا يبارك لك فيهم يا صاحبي. هستنك.
سالم بإمتنان: تسلم يا غالي. إن شاء الله.
أغلق سالم الهاتف على الأثر وأعقب ذلك دلوف مُراد بصحبة والدته وهو يهتف بإعتراض: لو سمحت يا خالي. أنا عاوز أغير جو. ايه المُشكلة لما أسافر أسيوط معاكم أخر الأسبوع!

مُنى بلهجة صارمة: يا مراد يا ابني، فاضل لك شهرين على الإمتحانات. شد حيلك فيهم ولما تخلص على خير أبقى أخرج وسافر براحتك.
مراد بحنقِ: أنا حاسس إني في مُعتقل.
سالم بإبتسامة هادئة: معاك حق يابني، بس انت على مشارف مُستقبل جديد. لازم تتقن الخُطوة الأخيرة ومن بعدها هتكون حطيت حجر الأساس ل كيانك ودورك في مُجتمعك إحنا خايفين على مجهودك طول السنه. ماينفعش يضيع في الأخر.

إمتلأت صالة القصر بجمع كبير من السيدات اللواتي أتين بدعوة من (فداء). جلسن على أرضية الصالة. فيما وقفت فداء أمامهما ويُجاورها مصطفى وبنبرة ثابتة تابعت:
انا جمعتكم النهاردا. علشان عاوزه أتكلم معاكم في موضوع خاص بالكتكوت دهون.
مصطفى وهو يتولى مقاليد الحديث منها: وأي واحدة مش عارفة الچواب ما تفتيش، دي مسألة حياة ولا موت وقد زعتر من بعتر.

جدحته فداء بنظرة صارمة، ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة ومن ثم وضع كفه على فمه في صمت. تنحنحت فداء قليلًا قبل أن تقول بنبرة رسمية: هات الترابيزة دي يا مصطفى وحُط الكتكوت دا عليها.
إنصاع مصطفي ممتثلًا للأوامر الصادرة منها ليضع الطاولة أمامها وبنبرة ثابتة تابعت وهي تتوجه بحديثها إليهن: عنوان القاعدة دي اسمه (الرفق بالحيوان)، وانا بصراحة كُنت عاوزة أخد رأيكم في حاجه كدا.

رفعت كتفيها بثبات وثقة. ومن ثم أشارت بإصبعها السبابة إلى هذا الطائر الصغير لتردد بنبرة تتصنع بها الحُزن: أنا بحب الكتكوت دا أوي. وبصراحة بقى أنا عندي مرض خبيث.
إحدى السيدات وهي تلطم صدرها فزعًا: يالهوي بالي. عندك سرطان!
رمقتها فداء بحنق وبنبرة صارمة تابعت: في أيه يا وليه إنتِ! بعد الشر عني، دا مغص وشوية برد في المعده، وياريت محدش يقاطعني تاني.

أرتخت معالم وجهها مُجددًا وعادت تفتعل الحُزن قائلة بنبرة تستعطفهم بها: المهم. انا عاوزة أفرح بالكتكوته دي قبل ما أموت وأجوزها. فهل حد عنده كتكوت أعزب ونفرح بيهم سوا!

عَلت غمغمات عالية في المكان، بين حانق ومُستغرب. لتهتف إحداهن بإستنكار: كتكوتة أيه اللي تچوزيها دي!، إحنا بنستنى عليهم لما يكبروا ويبجوا فروچات من اللي بتشوفيهم دول. ونچيب لهم ديك ويبيضوا.

فداء وهي ترفع أحد حاجبيها: يعني إنتوا مُعترضين إنهم صغيرين!
السيدات بتأكيد: إيوة.
في تلك اللحظه مالت فداء بجذعها العلوي قليلًا ومن ثم إلتقطت عطا غليظا من الخشب وراحت تهتف بنبرة صارخة وهي تقترب منهن: ولما هو انتوا ما بتجوزوش الصغيرين. بتجوزوا البنات ليه يا بومة إنتِ وهي؟!

فزعت السيدات مما تفعله، ليبدأن بالخروج من باب الصالة مُهرولات. بينما هي تضرب بعصاها على الطاولات القابعة بالغرفة وهي تهرول خلفهن: عندكم رحمة أوي ومستنيين لما الكتكوته تكبر. طيب ورحمة أُمي ما أنا سيباكم يا مبعجرة إنتِ وهي.

هرول كل من بالقصر إلى صالة الإستقبال، ليشاهدوا هذا المنظر. السيدات تهرولن منطلقات خارج باب القصر وفداء تهاجمهن بعصاها. ولم تكتفِ بهذا فحسب بل كلفت مصطفى بجمع قطيع من الكلاب وما أن هرولن السيدات بالخارج حتى أطلقت صراح هذه الحيوانات يطاردن السيدات أيضًا.

لتردف فداء وهي تضع ذراعها حول خصرها وتهزّ قدميها بثبات: أنا فداء العامري يا بلد. اللي ما تعرفش يعني أيه خوف ولا بيهمها حد.
ربت أحدهم على كتفها من الخلف، إمتعق وجهها غيظًا لتلتفت إليه بثقة لتجد مُصطفى يمسك بين يديه ذاك الطائر مُجددًا (رومي) وبنبرة بلهاء أردف وهو يرميها به: طب خافي بجا.
أخذت تصيح هلعًا وهي تُهرول مُبتعدة عنه تهتف بإنفعال: لأ. كُله إلا دا.

( في نهاية الإسبوع )، ضربت عنود بكفها علي المكتب لتواجهه بكُل حزمٍ وثباتٍ عندما وقف أمامها يُخبرها بأنه سيأخذها حيث القرية بسيارته، لتهتف عنود بلهجة صارمة: مش هسافر معاك طبعًا. ريح نفسك.
قُصي وهو يصر على أسنانه غيظًا: مش بمزاجك. دي تعليمات عمي سالم. لأنه مش هيقدر يسافر بسبب القضية اللي ظهرت فجأه وشغال عليها.

عنود وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها: شيء جميل إنك بتنفذ تعاليم بابا. بس هو لما يعرف إني مش عاوزة أسافر معاك. مش هيجبرني على فكرة.
قُصي ببرود صقيعي: أسمع دا بنفسي!
قطع حديثهما دلوف (صابرين) التي جابت ببصرها بينهما وقد رأت بأن نيران اشتباكهما طالتها بالخارج بسبب صيحاتهما العالية، لتردف بنبرة مُتلعثمة: في شاب ساب ل حضرتك الجواب دا.
عنود وهي تلتقطه منها بتفهم وهدوء: شكرًا يا صابرين. إتفضلي إنتِ.

ضيقت عنود ما بين حاجبيها بفضول لتفتح المظروف بهمّة وثبات، وجدت مجموعة من الصور داخله. إلتقطتهم بين كفها لتفتع عينيها واسعًا وبنبرة مصدومة تابعت: تصاميمي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة