رواية أحفاد الجارحي ج5 (ترويض الشرس) للكاتبة آية محمد رفعت كاملة

تقديم الرواية

تركت يدك مرة فواجهتني الحياة بكل ما امتلكت من قوةٍ، وكأنها تخبرني بأنني مخطئة حينما سحبت قوة أماني من بين أحضانك، فاشتقت لضمة قبضتك القوية التي تساندني حينما اتعرقل بين زقاق أوجاعي، عساك تعلم بأن تلك الفتاة البسيطة ستواجه ما سيجعلها تتوق لوجودك لجوارها، ولكن تــــــرى هل ستجدك تشدد من ضمة يدها مثلما كنت تفعل أم ستبعدها عن جحيمٍ كانت سبب في اقتداد نيرانه.

اقتباس

اليوم كان مهلك للغاية كعادة ذلك الشهر المرهق، فبعدما استلم الشباب ادارة المقر وأصبحت الأمور غير مستقرة، لذا كان على عدي وعمر أن يتركوا عملهم فترة مؤقتة لمساعدة الشباب، واليوم بالتحديد هام لذا جلسوا جميعًا يعملون بجد قبل عودة "ياسين الجارحي" من إيطاليا، لف "معتز" رأسه يمينًا ويسارًا بتعبٍ ثم قال بإرهاقٍ شديد:
أنا خلاص تعبت، مش هقدر أكمل غير لما أخد ساعة راحة على الأقل.
أغلق "جاسم" حاسوبه، ثم تمدد على سطح مكتبه وهو يردد بتعبٍ:
مين سمعك، أنا خلاص ارهقت.
أضاف "رائد" وهو يقاوم النوم بصعوبةٍ:
أنا بقالي ساعة شغال على الملف ده ومش عايز يخلص تقولش بيعاند هو كمان!
خلع "عمر" سترته السوداء ثم حرر الجرفات الخاص به وهو يصيح بغضب:
يا جدعان أنا دكتور والله العظيم دكتور مش محاسب، جايبني اراجع حسابات أول مرة أشوفها. ده أنا حتى كنت بخلع من حصة الرياضة اتقوا الله!
ضحك "أحمد" ثم قال وهو يوزع نظراته بين ابناء عمه:
أيه يا عصب الجارحي، نخيتوا أوام كده أمال فين كلام الكفاح والمستقبل والعزيمة بتاع امبارح!
رد عليه جاسم بغضب:
اقعد يا عم انت طول عمرك واخد على المرمطة دي ذنب أمنا أحنا أيه!
سأل معتز باستغراب:
أمال فين ياسين وعدي وحازم!
أجابه عمر قائلًا:
عدي وياسين فوق في مكتب عمي بيخلصوا شوية اجراءات على اللاب بتاعه، أما الحيوان ده فمعرفش فين بس أي كان هو فين فاكيد بيعمل كارثة جديدة.
ردد أحمد بعصبية:
هو أحنا لحقنا!
قال رائد بغضب:
قوم يا أحمد شوف أخوك في انهي داهية، وقسمًا بالله ما قادر لاي مصيبة جديدة واديك شايف بعينك شكلنا عامل ازاي، قوم.
زفر بضيقٍ ثم ترك حاسوبه ونهض عن مكتبه، فما أن اقترب من الباب حتى وجده يدخل حاملا بين يديه كارثة ستفتك بهما جميعًا، انتبه الجميع لما يحمله بين يديه فكانت علبة قيمة للغاية، ففتحها ليبرز ما تحمله بداخلها، فرفع أحمد حاجبيه وهو يردد باستغراب:
شوكولا تشاكوبولجي مرة واحدة، جبتها منين دي؟
قال معتز بدهشة:
ولا انت سارقها صح! ، لحقت تجبها ازاي دي!
تساءل رائد بذهول:
وقدرت على تمنها ازاي وانت ابوك ساحب منك الفيزا وكل ما تملك!
تدخل عمر حينما صاح بغضب:
ما تنطق يالا هنتحيل عليك.
ابتسم حازم بغرور ثم وزع عليهم قطع الشوكولا ليقول وهو يلتهم احد القطع:
عشان تعرفوا اني حنين لما سرقت سرقت عشانكم.
جحظت أعينهم بصدمة، فاسترسل قائلًا:
االواد ياسين الواطي جايب لمليكة مراته افخم انواع الشوكولا في العالم وسايبنا هنا هنموت من التعب.
جذب أحمد ياقة قميصه وهو يردد بعصبية:
يعني انت سرقت!
قال بكل فخر:
اخدتها من المندوب اللي جاي بنفسه يسلمها، ابن ال، مرضاش يدهاني الا لما شاف بطاقتي وصدق اني من العيلة.
تناول رائد ما بيديه وهو يردد بتلذذ:
لا جدع يالا، بصراحة طعمها لا يقاوم.
تناولها عمر وهو يردد بحزن:
هي طعمها حلو مقولناش حاجة بس ياسين هيتضايق.
قال معتز وهو يجذب قطعة من العلبة التي يحملها حازم:
ولا هيتضايق ولا حاجة هيطلب غيرها، المهم اننا لقينا حاجة تفتح نفسنا على الشغل.
ضحك احمد وهو يتابعهما ثم قال:
انت بتحلم، انت عارف عشان يطلب نوع فاخر من الشوكولا دي تاني هياخد معاه وقت وفلوس اد أيه، دي بتتباع بالدولار يا حبيبي!
تناول حازم قطعة اخري ثم قال وهو يلوكها بنهمٍ:
وهو هيغلب يعني...
ضحكوا سويًا، ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة حينما عاد ياسين وعدي، فقال عدي باستغراب:
أيه اللي بيحصل هنا ده، كل واحد سايب شغله!
اقترب منهما ياسين والخوف يدب بقلوبهما، فجذب قطعة من الشوكولا ثم تناولها وهو يقول بتلذذ:
جمييلة اوي، جايبها منين دي يا حازم؟
توقفت الشوكولا في فمه، بينما ردد عمر بصدمة:
هي الشوكولا دي مش كانت جايلك يا ياسين.
رفع حاجبيه بدهشة:
لا وأنا هطلب شوكولا لمين هنا!
لف معتز العلبة وهو يقول:
ازاي بس!
قرأ أحمد الاسم المدون بصوت مقبض:
السيد ياسين الجارحي!
ردد حمزة بخوف وكأنه يحاول تصديق ما سيقول:
اهو مكتوب ياسين الجارحي...
ثم تطلع تجاه ياسين قائًلا:
مش انت اسمك ياسين يابني ولا انا اتحولت.
سكنت الصدمة بالوجوه وخاصة حينما ولجت السكرتيرة للداخل لتخبرهما سربعا:
ياسين باشا وصل المقر.
القى حازم العلبة من يديه لاحمد والقاها احمد لياسين وياسين لعمر وعمر لرائد ورائد لمعتز ومعتز القاها للوحش الثائر ثم في لحظة وجد الغرفة فارغة بأكملها، فأختبئ كلا منهما أسفل مكتبه، و لم يظل سوى عدي الذي يتطلع لهما باستغرابٍ وهو يحمل العلبة، وحينما استدار للخلف وجد أبيه يقف مقابله!