قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعة وخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعة وخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وأربعة وخمسون

إن كان نعيم قربك، عذاب
فجحيم بعدك، أشد هلاكًا
كنت طائش مسكين يعربد فى قارعة الطريق
وكنت أنتِ وحدك من أعادنى للطريق
أتفهمين هذا الأمر أم علىّ أن أصوغه بطريقة آخرى
ما من نساء يا برتقالية على هذا الكوكب كان لها نفس التأثير المزلزل لقلبى كما فعلتِ أنتِ
ولا من امرأة استحالت عالمى دمارًا كما فعلتِ أنت
ولا من امرأة قيدتنى، وأسرتني، وجعلتنى أسيرًا تحت كهرمانية عينيها كما فعلتِ أنتِ.

هل أدركتى الآن صعوبة انسلاخ حبك من قلبى؟!
فى قصر السويسري،
جالت عينا سرمد فى كافة أنحاء الغرفة
يأمل فقط أن يلمح طيفها
أو عبق رائحتها المُسكرة فى أرجاء منزلها
عينيه غامتًا مفكرًا بعقله المنحرف، ترى أى طريق يسلكه نحو غرفتها، هو فى حاجة ماسة لرؤية غرفتها، معرفة ما مرت به فى طفولتها، ثم فترة صباها ومراهقتها، حتى أضحت عروسه هو
عروس سرمد.

شعوره بالتملك تجاهها فظيعة، حتى والدته أمرته بالتريث معها، أن يجعلها تسترد كامل الثقة به
لكنه كالأحمق أخبرها أن جينات عائلته صاحبة دماء حارة، وإن رأى شيئا لا يعجبه حتمًا بها او بطريقة حديثها او ثيابها، فستقابل وجهه الغيور
وهى ببساطة انفجرت ضاحكة وكأنه ألقى دعابة، لكنها ابتسمت باطمئنان قائلة أنها لن تفكر فى اثارة غيرته، فقط اختبرتها على يده وليست فى حاجة لعودة كدمات مرة آخرى على جسدها.

جسده تفاعل بخشونة أثر ذكرها للكدمات، الحمقاء لا تدرى كون تلك الكدمات من أثر يده فقط على جسده تعنى وصمه لها!
انتبه على نحنحة معتصم الخشنة مفيقًا ذلك الذى ذهب فى ملكوت آخر بعيدًا ليتمتم بغلظة وغضب لم يحتاج لإخفائه
-رجلك ناوية تاخد على المكان هنا ولا ايه.

ابتسم سرمد بتهذيب وشبه ابتسامة ماكرة تزين شفتيه، لو يعلم فقط والدها ما يفكر به تجاه ابنته، يقسم انه سيركله لثانى مرة خارج منزله الذي قدم اليه بصحبة غسان الذى كان كسائق صبور معه، آمرًا منه كوالدته أن يحسن سلوكه ف قدميه لن تساعده على الهرب لو أراد قتله.
لن ينكر أن حماه المستقبلى استقبله بضيافة يشتهر بها دول الشرق الأوسط، ابتسم وهو يمرر يده على لحيته المهذبة قائلا بصوت هادئ بصوته الشامى.

- ابدًا، لكن اجيت متل بيقولوا البيت من بابه، مو من الشباك
ضحكة ساخرة خرجت من حلق معتصم، التى امتعضت ملامحه قائلا بتهكم
- كتير خيرك، مش عارف حقيقى لو جيت من الشباك كنت ممكن اعمل فيك ايه
كز معتصم على نواجذه، محاولا التحلى بالصبر
والله لو لم تكن ابنته مدلهة بعشقه لقام بركله خارج منزله، لكن الحمقاء ابنته أعانه الله عليها وعلى من قيد قلبها بعشقه
لو يعلم فقط أى سحر مارسه ذلك الرجل عليها؟!

انتبه على صوت سرمد الذى غمغم بجدية وصدق تفضحه عيناه الداكنتين
- كنت أستطيع ان اقابلها فى أى مكان عام، لكننى فضلت بدايتى أن تكون صحيحة، أريد مباركتك للزواج يا سيد معتصم
لجم معتصم غضبه حينما حطت عيناه على عينى الآخر
مقلتى غريمه متلألأتان بالعشق الفاضح الذي لم يخشى بإخفائه
بوقاحة متعمدة يكشف له تأثير ابنته فى مداره
بعيد عن ذلك الرجل الذي قابله من عدة أشهر.

كان شبه كائن يتردد النفس فى صدره، نزع منه حياته بقساوة ورغمًا عنه شعر بالرضا
كون ان هناك آخر يعانى ك ابنته من ويلات العشق
صاح بحدة راغبًا بجلب أى شئ يهشم به رأس ذلك الأجنبي
- بعد ايه! بعد ما علقتلى البنت فى حبال هواك، عايزنى ارفض
ومضة سريعة ومضت فى عينى سرمد زادت من ارتفاع أتون غضب الآخر، غمغم بصوت هادئ
- لقد ربيت ابنتك بطريقة تفخر بها يا سيد معتصم، أيا ما حدث ما كانت لتوافق مع رفضك القاطع.

الوقح يعلم ابنته جيدًا ورغم هذا يخبره أن ابنته ما كانت لتوافق على الزواج إلا برضاه
وكأنها ستوافق لو أجبرها على الزواج بغيره؟! الحمقاء ابنته أيعجبها الحال ليتعامل مع شخص مثله فى هذا العمر؟!
وقح، متغطرس، قليل الحياء، جرئ بطريقة تثير حفيظته.
صاح بلهجة محذرة وعينيه ضاقت للنظر في عينيه الهادئتين وملامح الصفو تزين وجهه.

- بنتى مش هتتجوزها غير لما اطمن انك مش هتجرحها تانى، لأنه قسما عظما لو بس نزلت دمعة يا ولد، سامع دمعة واحدة قابلنى لو عرفت ترجعها ليك، وانت وبكل معارفك ونفوذك مش هتعرف ترجعها حتى ولو اطربقت السما على الأرض
وصل المعنى عميقًا داخل سرمد، الذى هز رأسه مغمغمًا بصوت أجش
- لن أحزنها اطمئن، هذا وعدى لك
نظر اليه بشك أثار حفيظته، ليغمغم بجفاء
- لما نشوف.

ارتفعت مقلتى سرمد تلقائيًا ما إن استشعر حضورها الأنثوى فى مجاله، تضخم قلبه وهى تتقدم بكامل بهائها وأنوثتها التي تنضح من عيناها لترتسم ابتسامة واسعة وعينيه تتغازلان بقدها وملامح وجهها الفاتن، ليزمجر معتصم بغيرة أبوية ما ان سمع صوت ابنته والوقح يأكلها بعينيه دون اعتبار وجوده
- بابا.

استقام معتصم من مجلسه وهو يضغط بكفه على يد صغيرته، واضعًا كامل ثقته نحوها، اما الآخر فلو أقسم على المصحف، لن يثق به مطلقًا
غمغم بحنق وهو ينظر الى ساعة يده ليمنحهما ربع ساعة على أكثر تقدير قبل أن ينهي المقابلة التي فاجأه بها هذا الأجنبى
- البيه واضح انه وحشك، فقرر يجيلى البيت
الا ان ابنته احتقنت وجنتيها خجلا تجاه نظرات سرمد، ليزمجر معتصم قائلاً بغلظة
- ما تتكلمى وردى عليا.

رفرفت شادية أهدابها هامسة بصوت أبح خجول
- اقول ايه بس يا بابا
زمجر معتصم ولا ينقصه بلاهة ابنته أمام هذا الرجل ليزمجر قائلاً بغيره
- قولى انك مش عايزاه، اتلحلحى وردى عليا
إلا أن شادية التزمت الصمت، تحت وطئ نظرات الإيطالى النهمة، ارتجف جسدها ما ان صاح والدها بصوت مرتفع
- جيهاااااااان.

تقدمت جيهان نحوهم وهى تهبط من درجات السلم بسرعة لتتسع عيناها دهشة ما إن أبصرت الايطالى فى منزلهم، رفعت عيناها بحيرة تجاه والدها ليصيح بحدة
- عينكى عليهم، انا لو قعدت دقيقتين زيادة معدتى مش هتستحمل
رحل مزمجرًا بغضب تحت نظرات جيهان المتسعة بدهشة ليفتح باب غرفة مكتبه ثم اغلقه خلفه بحدة، لتهز جيهان رأسها بلا مبالاة عائدة نحو غرفتها..

وجهته شادية دون الاقتراب من كرسيه المتحرك نحو حديقة المنزل كى لا يشعر بالحساسية كلما نظر إليه أحدهم وهو على كرسي متحرك، سارت بجواره شاكرة أنه لا يوجد عائق لعجلات كرسيه، جلست على الاريكة وهو جالسا فى مقابلتها
تفرك كلتا يديها بتوتر ملحوظ وعينيه
ربااااه
عينيه لا ترحمها مطلقًا، يستطيع أن يجردها من كل معتقداتها من خلال عينيه وتنضم لركب الجنون الذي يموج فى عينيه!

أحست بقربه لترفع عيناها محدقة نحوه، معترفة أن هذا الكرسي الجالس عليه لم ينتقص من رجولته أبدًا، همت أن تصرح بها بصوت مرتفع ليعالجها هو بهمس أجش
- تزدادين أنوثة كل مرة عن سابقتها، هل تريدين إصابتي بنوبة قلبية يا برتقالية؟
يديه فى كل مرة تحاول الاقتراب والإمساك بيديها، يرغب بالشعور بهما، الاطمئنان بالقرب منها، زادته رغبة لوقف ارتجافة يديها وجسدها بالقرب من حضرته.

وضع يده الخشنة على كفها، لتنفتض يدها بعيدة عنه شاهقة بخجل
- سرمد، احنا فى البيت
كانت ركبتيه بالكاد تلامسان ركبتيها مما اوشك على اصابتها باغماءة من فرط الخجل، تعلم أنه لن يؤذيها، بل تشعر به، لكن ليست واثقة ابدًا من مشاعره التى بحاجة للجام
غمغم سرمد بسخط
- ألا يعجبك أن أتغزل بك بإحترام، أم تحتاجين للغزل من النوع الآخر
عقدت حاجبيها بعدم فهم قائلة
- أى نوع آخر؟

ابتسم سرمد بجاذبية ليقترب منها، ينهل من عطر جسدها المسكر هامسًا بصوت أجش
- النوع الذى تتحولين فيها لثمرة فراولة طازجة تحثين علىّ لقطافها
اتسعت عينا شادية بإدراك لتمد يدها تلكز صدره قائلة بحنق مصطنع
- قليل الادب مفيش فايدة فيك
استقامت من مجلسها مبتعدة إلا أن امسك ذراعها قائلا بصوت مازح.

- هيا اجلسي، انتى تعلمين لا استطيع أن اركض خلفك كالسابق، واجعلك تقبعين بين جنبات صدرى متأثرًا بتلك الخفقات الصاخبة فى أثر حضورى
برغم وقاحة حديثه إلا أن عينيها لمعت بالحزن ما إن أشار نحو قدميه، عادت لمجلسها مرة أخرى لتغمغم اسمه بعذاب
- سرمد
التقط كفها بجرأة اعتادت عليها ليطبع قبلة أودع بها كل جنون أفكاره، وزخم عذابه، ليميل هامسًا داخل تعرجات كفها ممرا أنامله عليها.

- أصبح نعيمى وهلاكى على يديكى فقط يا برتقالية سرمد
ارتجافات جسدها يعادل كما لو أن ماس كهربى قد أصابها، فغرت شفتيها وهى تشعر بقبلاته على كف يدها وموضع نبضها لتجلى حلقها محاولة تهدئة نبضات قلبها الصاخبة، وكبح جماح هذا المجنون!
غمغم سرمد بنبرة شاردة وانامله تذهب تداعب خطوط كفها بتركيز شديد، متأثرًا برجفات جسدها مع كل لمسة منه، وكل قبلة يتفاعل به جسدها معه فوريًا.

- والدك يرغب أن ما بيننا يصبح رسميًا حتى بعدم وجود خاتم خطبة، ما زلتِ لست ملكى كما أرغب
همست بنبرة ناعمة ترفع رأسه ليحدق بعينيها الضارعتين له
- انا هنا سرمد، إلى أين سأذهب
قبض يدها بعنف يحاول الا يجذب تلك المرأة ويقبلها فى عقر دارها، كيف تجرأ تنظر له بكل هذا التوق والضعف امامه
هل تظن بكون جلوسه على كرسى متحرك، يمنعه من الاقتراب منها؟!

اطبق بيديه جانبى وجهها ليميل برأسه واضعا به فوق خاصتها ليهدر أمام انفاسها المتلاحقة ليهمس بصوت متطلب
- يا امرأة انتى لا تعلمين كم مرة ارغب بالشعور بك بين جنبات صدرى، حقيقيًا وليس خوفًا، بل راغبة مثلى، تتدللين كقطة بعدما تناولت وجبتها حتى اصابتها التخمة، وانا سأفعل هذا، نذر علىّ أن أصيبك بالتخمة من العاطفة حتى ما تعودين قادرة على...
خرجت شهقة ناعمة من شفتيها لتسارع بهمس اسمه بخجل
- سرمد.

حدق نحو عينيها فى تلك المسافة الصغيرة التى تفصلهما، يرى انعكاس صورته على مقلتيها الداكنتين تأثرًا به، ليهمس بوقاحة
- هل تخيلتى نفسك بين ذراعى؟ شادياااه أقسم لو طرأ خيال جامح، فخيالتى لا تكون بريئة مطلقًا ابدًا وانتى معي
دفعته شادية بيد مرتجفة لتنسلخ منه، ووجنتيها مضرجين بحمرة أثر كلماته لتهمس بحدة
- لا، لا يصح الحديث كهذا، لست زوجى بعد سرمد.

انفلتت منه ضحكة صاخبة تحت أثر انتفاضة جسدها، وعينيها التى تحطان فى كل مكان إلا عينيه
هل تخيلته فعلا؟
هل تخيلت فعلا ما قاله وهى نائمة فراش غرفتها تناجى وصاله؟!
غلت الدماء فى عروقه، ليزفر باختناق وقد بات حاجته لرؤية غرفتها هدف لن يحيد عنه، ليغمغم بصوت أثخن من العاطفة جراء تفكيره
- لا أستطيع، فى كل مرة أهذب طباعى المنحرفة، تأتين انتى وتحفزين طباعى تلك، انتى السبب لست انا.

تلك المرة علمت أنه لا فائدة ترجى من الجلوس معه، وتفكيره كل محاصر على شئ واحد فقط، الوقح لقد ظنته أصبح محترمًا لتستضيفه فى منزلها
لكن الأحمق يبدو أن يرغب أن يستفز والدها بفعل شئ يخدش الحياء ليضطر زواجه به فى أقرب فرصة!
صاح سرمد بعبوس وهو يرى استقامتها من على الاريكة متوجهه الى المنزل
- الى اين انتى ذاهبة؟
صاحت شادية بحدة وهي تلتفت إليه بعزيمة.

- مش هقعد فى مكان واحد وإلا لما تحترم نفسك وتبطل انحراف، احنا فى بيت بابا
وهذا أكثر من سبب كافى ليمارس انحرافه معها؟! الا تعلم تلك المجنونة أنه لا يوجد من استفزاز أعصاب والدها للزواج بها اليوم قبل الغد
وهو كالغبى غمغم انه لن يتزوجها سوى وهو قادر السير على قدميه، تبًا له!
سألها بمشاكسة
- ألن ترينى غرفتك؟

اتسعت عينا شادية وما يدور داخل عقلها الصغير يماثل تمامًا ما يدور فى عقله، يعلم ان داخل عقل تلك الخجول ماكر ك مكره، وجموح يفوق خياله لكن فقط تصبح زوجته
سيسعد نازعًا كل تلك الأقنعة الخجولة والرافضة، وسيحاربها شخصيًا حتى تتعامل معه على سجيتها!
نفت بوجه رافض وتقطيبة زادت خلال عينيه بهائًا
- مستحيل طبعًا
شاكسها قائلاً بشغب
- سأخذ فقط لمحة سريعة
شهقة معترضة انطلقت من حنجرتها قائلة بدون تراجع
- ابدًا.

لكن عينيه تخيلت غرفتها، غمغم بصوت لعب فى أوتار انوثتها بحرفية لا يتقن عزفها سواه
- أتخيل حوائط جدرانك ابيض او لون هادئ، مرتب وبه الكثير من وسائل الترفيه لفتاة مدللة مثلك، حتى فراشك يا برتقالية، اجزم انه وردى، فراشك فسيح تنتظرين به حبيبك ليعلمك أبجديات الغرام عليه
فغرت شفتاها بصدمة وعينيها اتسعتا بجحوظ ل، ل، ، الوقح، الوقح ما الذى يتفوه فى منزلها؟!

جاء صوت جيهان الساخر وهي تكسر الجو المشحون بعاصفة ايطالى يرغب فى تحويل الأرض خرابًا
- والنبى انت بتقول كلام زى الفل، كمل والنبى اطربني
لمعت عينا سرمد وهو ينظر الى ارتباك شادية الملحوظ لتهمس بسخط
- جيجى
جلست جيهان بكل اريحية على الاريكة قائلة بصوت ذات مغزى
- انا قولت النسخة الاجنبى وقحة، بس بجد لو فيه منك اتنين انا عايزاه، بدل الدبش بتاعى
صبت كامل اهتمامها تجاه سرمد متسائلة بفضول.

- كمل هتعملها ايه بالضبط فى دروس غرامك
تدلى فك شادية تحت نظرات الأخير وهو يبتسم لها باعتذار خفى غير ناطق، قال بهدوء
- حينما تتزوجين سيعلمك اياها زوجك
تغضنت ملامحها للضيق قائلة
- ملكش دعوة انا عارفة النسخة المصرى، بس قولى النسخة الاوربية هتعمل ايه
صدح صوت شادية الصارخ
- جيهاااان
وقعت عيناه على ثمرة البرتقال خاصته ليغمغم بنبرة تحمل الوعيد والكثير الكثير من العاطفة.

- سأختطفها في مكان لا يعلمه سواي، أنا وهى فقط ستكون تلميذة نجيبة انا متأكد من هذا
زمجرت شادية بغضب على أثر كلماته لتنفجر جيهان ضاحكة منادية، إلا أنه يعلم برتقاليته غاضبة منه
حديث كهذا يجب أن يظل شخصى بينهما، حتى وإن أبدت اعتراضًا ضعيفًا، يجب أن يظل شخصيًا بينهما، والوعيد في عينيها أدفئه
ينتظر ماذا ستفعل برتقاليته الغاضبة وكيف سيبدد هو من غضبها.
انتبه على صوت جيهان القائلة بمكر.

- والنبى يا خويا حاسب بس بعد كل الكلام ده تطلع يعني لا مؤاخذة
جعد جبينه لمعنى كلامها الذى لم يصل اليه، ليسألها بعدم فهم
- ماذا تعنين؟
عقدت جيهان ذراعيها امام صدرها قائلة بنبرة ذات مغزى
- انت تعلم رجالنا هنا قليلون الكلام، كثيرون الفعل، أم أنت فلم أرى منك سوى الكلام فقط
لمعت عيناه بمكر وهو ينظر الى عيني برتقاليته ليغمغم بوقاحة متعمدة.

- دعى فقط والدك يحدد الزواج و أراهنك أن امرأتي ستحمل بطفل منى قبل زواجك
فغرت شادية شفتيها وقد غادرت الدماء من وجهها، حتى جيهان اصابها الخرس بعد ما تفوه به
لو فقط جاء والدها وسمع ما قاله، سيصبح سرمد جثة هامدة ولن يكون له دية، غمغمت شادية بقهر مبتعدة عنهما متوعدة لذلك الوقح و ما تفوه به امام شقيقتها
- انا ماشية.

هم بمناداتها الا ان جيهان أجلت حلقها محاولة انهاء الحرج الذى وقع بين ثلاثتهم، تبًا لم تكن تعلم أن الرجل جرئ لتلك الدرجة حتى وجودها لم يمنعه ابدًا من التفوه بالحماقات
غمغمت ووجنتيها تلونت بالحرج معطية العذر لشقيقتها، لا تستطيع امرأة مقاومة رجل بكتلة الجاذبية هكذا
- خف عليها شادية مش قد الكلام ده
لمعت عيناه بالضيق ليلعن بالإيطالية لغبائه قبل أن يغمغم بحدة
- اعلم، لكنها انثى وتحتاج الىّ أن أروى أنوثتها.

صاحت جيهان بجدية محدثة إياه بالانجليزية التى يفضلها
- انت تتحدث بوقاحة يا سيد سرمد، والمرأة لا تحب الأحاديث الوقحة
جادلها فهو أقرب وأعلم ببرتقاليته منها
- بل تحبها، و أراهنك على هذا
زمت جيهان شفتيها، و عقل هذا الرجل كجلمود، تمتمت بيأس
- تريد الغزل يا سيد وليست الوقاحة، وغزلى محله هنا عفيف وليس فاحش
لاحت على شفتيه ابتسامة ناعمة قائلاً
- لا تقلقى، أستطيع التكفل بالأثنين.

زمجرت بغضب وهى تستقيم من مجلسها صائحة بنفاذ صبر
- اسمع بقى كون ان بابا وافق عليك، فده مش عشان خاطر سواد عيونك ولا عشان يعينى صعبت عليه وانت مدغدغ ومفيش فيك حتة سليمة، هو وافق عشانها، للأسف شادية متعلقة بيك
غامت عيناه بألم ليتمتم بصوت أجش واثق
- أعلم
تأففت بحدة ل تغمغم بوعيظ
- بطل الثقة الزيادة دى، بس قسما عظمًا لو أذيتها، اوعدك هتكون دى آخر مرة صدرك هيطلع فيها نفس.

أعجبه نبرة الوعيد فى صوت جيهان، الصغيرة تدافع عن برتقاليته بروحها، غمغم بمكر
- متوحشة يا جيجى
هزت كتفيها قائلة بنبرة حادة
- عائلتى خط أحمر لمن يقترب منها
عيناه كانت على أمل لتطل برتقاليته من جديد
ليس من المعقول ان تغادر دون عودة، حتى وإن تفوه بالكثير من الحماقات امام شقيقتها، يستطيع الاعتذار
سأل جيهان بهدوء
- متى زواجك؟
ابتسمت باقتضاب قائلة بوقاحة
- لست مدعوا بالمناسبة
افترت ابتسامة من شفتيه قائلاً.

- تبًا لقد جرحتى كبريائي
ران الصمت بينهما لتقع عيناه نحو ساقيه، تجهمت ملامح سرمد فورًا كارهًا أن يأخذه أحد الشفقة لحاله، سمع صوتها المهتم
- هل تستمر فى العلاج؟
اجابها بإقتضاب، وشعور بالضيق يعتريه كلما سأله أحد عن حال ساقيه
فقط برتقاليته تستطيع النظر لقدميه ولا يكتنفه الغضب
تسأله عن مسير علاجه، ويجيبها بصدر رحب ويشركها في أمره
- نعم
شاكسته قائلة بوجوم
- اذا لن تتزوج شادية حتى تستطيع الوقوف على قدميك.

زفر سرمد مغمغمًا بإقتضاب
- نعم
تمتمت بفضول
- ومتى سيحدث هذا؟
غمغم بنفاذ صبر وتجهم وجهه رسالة كافية لها للتراجع، لكن منذ متى هى تهتم!
- حقيقة لا أعلم، لكن هناك تحسن طفيف لحالة قدمىّ
صاحت باستنكار
- أستربط المرأة لسنوات حتى تستطيع الوقوف على قدميك؟
غمغم متأففا بضيق
- ماذا تريدين؟
لمعت عينا جيهان بمكر قائلة
- لنتزوج معًا.

ريح برتقاليته هبت كنسمة رطبة في صحراءه القاحلة، لمعت عيناه ما إن وجدها تحمل كوب حرارى فى يدها وقد استمعت إلى ما تفوهت به شقيقتها ليجيبها بمكر
- الفكرة، ليست سيئة ابدًا
وضعت شادية مشروبه اللبن بالقرفة فى يده، مغمغة بسخط
- تبقي بتحلم لو اتجوزنا فى الفترة دى
استدارت مغادرة إلا أن كفه منعها ليطبع قبلة فى باطن كفها قائلاً بامتنان
- سلمت اناملك حبيبتى.

ابتسامة شبة مولودة وئدت طريقها للظهور، لتغادر بحنق ونبضات قلبها تزداد صخبًا لتتسع ابتسامة جيهان بدفء، الوقح بطريقة ما استطاع أن يعيد شادية كسابق عهدها، وربما هذا سبب موافقة والدها على عودة ارتباطهما مرة آخرى.

فى قصر المالكي،
تحديدًا داخل غرفة آسيا التي أصبحت مركز اجتماعات أنثوية من الدرجة الأولى!
مررت اسيا اناملها جيدًا حول صفحة وجهها الفاتن، العمر يحفر خطوطه على صفحة وجهها، ورحمها يستصرخها بعنف لشعور بجنين يملأه.
تركت أحمر الشفاه الصارخ وبدلته بآخر باهت، لترتسم ابتسامة ساخرة
ان كان لؤى يعشق هذا اللون عليها، فهي ستمتنع حتى أن تعطيه أي لمحة من إظهار أنوثتها نحوه، ليتوارى بين الظلمات.

فهو أفضل لها وللجميع، الجد أصبح حديثه عنه فاتر، بلا أى مستجدات لكنها تقسم انها تشعر بحضوره فى مقر العمل.
حدسها لم يخطئ مطلقًا، وإن شعرت بوجوده فهى أكيدة من هذا، لكن أعمال الخفافيش هذه لا تحبذها، وليست من شيمه
انتبهت على صوت مارية التى اقتربت منها قائلة
-بقالك فترة سرحانة.

رفعت اسيا عيناها تنظر الى وجه شقيقتها الفاتن، الممتلئ بالحياة، والمشاعر اتخمتها لحد شعورها بالغبطة لها، فطفلتها شمس أصبحت زائرة مستمرة لمنزل المالكي، وغالب يستجيب لدلال الصغيرة التى تم إفسادها من قبل جميع العائلات الثلاث، الغانم، والسويسري، وآخيرا المالكي.
تمتمت آسيا بوجه جامد
- بفكر
عيناها حطت على وجد التى تتناول المقرمشات خلسة مع عدم وجود جميلة، لتتابع مارية متسائلة بوجوم
- وايه شاغل تفكيرك.

ابتسامة مرحة لم تصل لعينيها الجليدتين مغمغمة
- اللى شاغل تفكيرى زاهر
عقدت مارية حاجبيها بعبوس حتى وجد توقفت عن الطعام، وتحت نظراتهم المتسائلة رضخت قائلة بيأس
- بيفكر امتى الخطوبة
تمتمت مارية بسخرية عاقدة ذراعيها على صدرها
-وانتى بسهولة كدا وافقتى عليه
هذا الأمر لوحده أشبه بدوامة، إن وطئتها لن تستطيع الخروج منها أبدًا.

الأمر محير فمن جهة زاهر رجل تستطيع التعامل معه، بل ويزداد اعجابها به يومًا عن اليوم الآخر
ومن جهة أخرى، هناك حاجز بينهما لا تعلم أبسببها هي أم بسببه هو!
قلبها مقرون بشخص واحد، ورغم سنوات الغضب والثأر لم تستطيع لفظه خارج قلبها
وإن كان قلبها غاضب منه، لكن حقيقة واحدة مرة لن تستطيع انكارها
الأحمق يملك قلبها
ترى هذا هو السبب عدم ظهوره فى الساحة مجددًا؟!
متأكد ان ذلك الرجل مجرد نزوة ثم ستلفظه خارج حياتها!

تمتمت بصوت شارد
-مش عارفة، فى نفس الوقت اللى خايفة إنى أظلمه، جزء جوايا عايزه
صدح صوت وجد قائلة بجدية
-اسيا، زاهر كويس وهو ادالك شروطه وعايز ايه من الست اللى هيتجوزها، انتى متأكدة هتقدرى تديله اللى هو عايزه
هزت كتفيها قائلة
- هحاول
زفرت مارية بحنق لتدمدم بسخط
- مفيش حاجة اسمها هحاول يا اسيا، يا ايوا يا لأ
هزت وجد رأسها متضامنة مع مارية قائلة.

- اختك عندها حق، مش معنى ان فيه صفات اتمنتيها تكون فى لؤى هيكون هو لؤى اللى تعرفيه، زاهر غير لؤى وما خفى كان اعظم
الصغيرة تعلمها جيدًا
ابتسمت آسيا تجاه وجد قائلة
- بس بيضحكنى، وبكون مرتاحة معاه
تلك المرة صدر صوت ضحك ساخر من مارية التى هزت رأسها بيأس
- انتى بتضحكى على نفسك ولا علينا، ايه عايزة تقوليلى فجأة حبيتى زاهر
تجهمت اسيا معالم وجهها، وهى ترى العائلة بأكملها يعلمون نهاية تلك المسرحية
لتغمغم بسخط.

- ممكن ليه لأ، مش شرط حبى ليه يكون بعنفوان حبى القديم، ممكن حبيته وقت ما نضجت
قاطعتها وجد قائلة بمكر
- بتقولى ممكن يا آسيا
اطلقت اسيا صيحة ساخطة، لتعبث بخصلات شعرها بحدة قبل أن تقر باعتراف
- مقدرش اجزم على حاجة زى دى، هو صريح معايا وانا بقدر جدا الصراحة فى العلاقات وبعدين حنين جدا على عيال اخته، وده اللى مخلينى مستريحة انه هيبقى حنين لعيالنا.

لم تجد تجاوبًا من الفتاتين، حيث انضمت مارية تتناول المقرمشات، حطت آسيا عيناها تجاه وجد التى ابتسمت بدعم حقيقى
- اعملى اللى شايفاه صح
هذا أكثر ما تخشاه
أن يندمج الصحيح مع الخاطئ، حتى ما تستطيع أن تفرق بينهما
رنين هاتفها المتصاعد أخرجها من شرودها، لتبتسم ما ان وقع عيناها على اسم المتصل، سحبت متعلقاتها جميعًا قائلة
- زاهر بيتصل، هشوفكم بليل متمشيش يا مارية.

هزت مارية رأسها ايجابًا، لتلتفت مارية بجدية تجاه وجد متسائلة بإهتمام
- تفتكرى زاهر حقيقى ولانسخة مزورة
عضت وجد باطن خدها مغمغمة
- متعاملتش معاه مباشرة، بس جدو بيقول انه كويس وهو مش هيقدر ياخد قرار لطاما شايف ان اسيا موافقة عليه.

أشرق معالم وجه زاهر ما أن أبصرها تخرج من بوابة منزلها، ليترجل من سيارته وبلباقة رجل فتح الباب الذى بجواره مساعدا إياها حتى استقرت فى مقعدها، استدار حتى اتخذ جانبه محركًا سيارته خارج حدود المنزل
تمتمت اسيا قاطعة الصمت الذى خيم الأجواء
-اتأخرت عليك
هز زاهر رأسه نافيًا
- ابدًا
عيناها حدقت بالطريق برهة ثم سقطت عليه متسائلة بفضول
- هنروح فين.

تلك المرة اعطاها اهتمامه، ولمعة الاعجاب فى عينيه لم يخفها، لتتسع ابتسامتها حينما سألها
-تحبى نروح فين
لم يكن هناك مكان محدد فى عقلها، لتهمس باهتمام
- ودينى اكتر مكان بتحب تروحه وقت ما تحس انك محتاج تاخد قرار او الدنيا مدياك ضهرها
رفع حاجبه اهتمامًا لمبادرتها بمعرفة دواخله، عاد عيناه نحو الطريق حفاظًا على سلامتهما مجيبًا إياها ببساطة
- بروح عند عيال اختى، بس حاليا هما مش هنا
لكن خصها بغمزة مشاكسة قائلاً.

- بس هوديكى اكتر مكان مفضل بالنسبالى
تدفقت الحمرة نحو وجنتيها، متعجبة أن حديثه يجعلها تخجل، وهي من كانت لا تخجل مطلقًا من نظرات اشتهاء أو حتى حديث وقح...
اخذت تتجاذب أطراف الحديث نحو حياته البعيدة عن العمل، وعن أطفال ابن شقيقته، اتسعت عيناها جحوظًا حينما اصطف بسيارته لتغمغم
-بتهزر الكورنيش!

ابتسم زاهر مترجلا من سيارته، ليتوجه نحو بابها فاتحًا اياه، تلقت يده الممتدة لتتسع عينا آسيا نحو المكان الذي تطأه أول مرة
العديد من الشباب الصغار والفتيات بل العائلات يشغلن هذا المكان، وجهها نحو احدى المقاعد الشاغرة من حسن حظهما قائلا بمشاكسة
- آسيا هانم مقعدتش على كراسى الكورنيش
جلست على المقعد دون تردد أو التحقق من عدم وجود أى شئ يدمر ثيابها الثمينة، صاحت بدهشة وابتسامتها لم تغادر شفتيها.

-مفيش مرة فى حياتى قعدت هنا، حتى مجاش فى تفكيرى لمرة
عيناها لمعت بشغف حقيقى تجاه الأجواء المحيطة من حولها بحميمة ودفء قلما تجده فى أى مكان تذهبه، استرخت فى جلستها ليجذب انتباهها عربة صغيرة يقوم بصنع مشروب الله وحده أعلم بما هو..
ما ان وضع زاهر أنظاره تجاه ما جذب انتباهها حتى استأذنها لعدة دقائق، هزت راسها وهى مأخوذة من المكان حولها.

فغرت شفتيها بابتسامة تجاه الاطفال الراكضين رغم تذمر والدتهم آمرة اياهم بالسير بجوارها، تنهدت وهي تشرد نحو الفضاء
انتبهت على يد ممتدة بكوب، لترفع انظارها تجاه زاهر حاملًا كوبين لتغمغم بعبوس
- ايه ده؟
أشار تجاه العربة قائلاً بابتسامة مشاكسة
- حلبسة واطمنى مأكد على نضافتهم
ابتسمت آسيا مرتشفة المشروب فى بادئ الأمر بحذر، سرعان ما اغرمت به فوريًا لتهمس بالشكر
- شكرا.

غلفهما الصمت تلك المرة، لكن صمتهما صاخبًا يشابه صخب الأجواء من حولهم
صخب شعرت به آسيا تلك المرة بالحياة
ابتسمت وهي تضع كوبها جانبًا بعدما أنهت نصفه لتسأله وعينيها محدقة فى وجهه الساكن من أى تعبير الا من حنين تجرف عينيه
- اشمعنا المكان ده
ابتسم زاهر بحنين وذكريات ماضيه تتوالى عليه من كل حدب وصوب ليشاركها صخبه قائلاً.

- المكان ده الوحيد اللى حسيت انى مرتاح، خصوصا الفلوس مكنتش بتبين معادن الناس، افتكر انى كنت بضطر غصب عنى لما اتعرف على اي جديد ميعرفش اسم عيلتي، اتعامل معاه انا مجرد شاب من اسرة متوسطة الحال
هزت آسيا رأسها مغمغمة بتفهم
- واحدة جرحتك اكيد
لم يحتاج منها تأكيدًا وهى ترى الألم والتجهم الذى ارتسم على وجهه لتهمس
- طمعانة فى فلوسك
ابتسم بسخرية مجيبا إياها بحدة.

- مش الفلوس بس والسلطة، لما لقت ان فيه حد نفوذه اقوى اخدته هو وسابتنى
فغرت اسيا شفتيها، لا ترغب أن تصبح ذكرى امرأة تعبث فى حياة رجل
هو لا يستحق هذا الألم منها مطلقًا، تمتمت بفضول
- ومجربتش بعد كدا تحب تانى
ابتسم زاهر وهو يطوى ذكريات ماضيه قائلاً وعينيه مصوبة داخل عينيها الزرقاوتين.

-الحب الحقيقى بيولد مع العشرة يا اسيا، مش مجرد نظرة فحب عظيم، ساعات بقابل واحدة شكلها بيعجبنى بس لما بقرب منها وبقرا افكارها بتتحطم الصورة، بعكسك
اتسعت تلك الزرقة بفضول ليبتسم مجيبًا اياها بصراحة
- قابلتك اتشديت غصب عنى، ولما قربت منك حسيتك انتى اللى بدور عليها
ابتسامة واسعة زينت وجهها لتغمغم بمشاكسة
- بتعرف تعبى غرور الست يا زاهر
هز رأسه مغمغمًا ببساطة
- مش بقول غير الحقيقة.

زفر زاهر قائلاً وهو يحدق نحو عينيها
- اتمنى احساسك تجاهي يكون مقارب للي حاسه
وهذا ما توقعته منه
هى مائله له..
مائلة بطريقة مخيفة
بطريقة استطاع أن يعيث بعقلها فسادًا، لتحاول التريث لكن مع استمراره فى دفعها تخشي أن تسقط في الهاوية وما من منجّى لها!
تمتمت بصراحة اكتسبها منه.

- زاهر انت تقريبا مثالى بطريقة تخوف، اتعودت ان الشخص اللى بيظهر المثالية مخبى حاجات وحشة كتير جواه، وانا حرفيا معنديش استعداد لده، انت مش عايز مجرد عيلة انت عايز ست معاك، وانا هكون صريحة، انا من النوع اللي صعب أثق فى الشخص مرة تانى، صعب أحط كل ثقتى فى شخص وصدقنى مش عشانك انت بس، بس بقى قدام أى حد صعب أثق فيه ثقة عمياء.

عضت طرف شفتها السفلى وهى ترى نظرته المتفهمة، وهذا ما يثير الشكوك والجنون لعقلها، الرجل يقرؤها ببساطة ويعلم أن ما فى جعبتها الكثير، تمتمت بصوت خفيض
- وعايزة علاقتنا تنجح، صدقنى نفسى بجد، بس قلبى صعب، حرفيا مش هقدر اوعدك بيه، مش عايزاك تتهمنى بالخيانة بس انا صريحة معاك وعايزة الصراحة ما بينا تكون متبادلة
صمت زاهر لفترة كانت أطول الفترات التي قضتها آسيا في انتظار ردة فعل، غمغم قائلا بجمود.

- انا فاهم ان التجربة السابقة صعبة وكان حب حياتك، بس طول ما هو مش هيكون موجود فى الصورة انا مستعد أكمل
اتسعت عينا آسيا بجحوظ
أهل من المفترض أن تكون تلك علامة حمراء كبيرة كى تهرب؟!
زفرت بحرارة قائلة ببؤس
- افتكر انت اللى بتجرى ورا المشاكل
افترت من شفتيه ضحكة خافتة ليقول
- يا ستى انا مستعد بكل مشاكلك أحلها، المهم انتى توافقى
عبست مقطبة جبينها قائلة بعدم فهم
- أوافق على ايه
ابتسم وهو يخصها بنظرة عميقة قائلاً.

- على الخطوبة بتاعتنا تتم الأسبوع الجاي
رفرفت بأهدابها، وكل الشعور بالسكينة والهدوء اضمحل كليًا ليتم استبداله الشعور بالاختناق
الضيق
وكأن أحدًا يعد أنفاسها
تشعر، كأنها، كأنها مراقبة
عينيها سريعا جالت أنحاء المكان وحدسها الأنثوى لم يكذب مطلقًا
هناك حتمًا من يراقبها عن كثب، غمغمت بهدوء
- مش بدرى شوية
هز زاهر رأسه ليمسك كفها على حين غفلة، سبب بأن تجفل قليلاً.

- لأ، مش بدرى، بقالنا شهرين يا اسيا وانا عايز رد صريح منك
شعورها بالاختناق يزداد ويتشعب ليخنق كلتا رئتيها، لترفع عينيها نحو جهة معينة
قابلت بها عينين اشتعلتا بالغضب والثورة
عينين كانت سابقًا تتدفق بالعاطفة والحب
إلا الآن، كل قطرة تقطر منه ثورة عارمة وغضب أهوج
لقد ظهر أخيرًا الهركليز من مخدعه
ابتسامة واسعة زينت مقلتيها وشفتيها لتلمع سماء عينيها بعواصف آتية، لتجيب طلب زاهر بإيجاب
- انا موافقة.

ليشتعل الجبان كمدًا وسخطًا كما يرغب كما اشتعلت هى حرقة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة