قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثمانون

في المشفى،
العائلة مجتمعة خارج غرفة العناية المركزة بعد أن استدعت الممرضة الطبيب بتعجل، مما سبب الكثير من الهرج والمرج للجميع وللطابق الذي يعتبر أهدا طابق في المشفى بأكملها، رفع غسان عيناه والتوتر يكاد يفتك بأعصابه خشية أن تتأثر صحة صديقه، اللعنة لن يهتم وقتها سوى باقتلاع احشاء ذلك الحقير تماما!

عاد يخفض عينيه أرضا وكما قال العائلة ستحضر بأكملها، تطلع نحو سامر بعبوس لينظر اليه سامر بعبوس أشد وضيق جعله يحاول ان يؤجل أى شجار الى وقت آخر
يحتاج فقط ان يفيق صديقه قبل ان تفقد عائلته الصبر وتنتشر الاخبار ولا يستطيعون السيطرة عليها، هذا إن لم تنشر بعد!
انتبه على خروج الطبيب الذي اتسعت ابتسامته مطمئن القلوب المذعورة، ليقول بصوت عملى هادئ.

-المريض فاق، حمدلله على سلامته، واضح ان العيلة كان ليه تأثير قوي
اتسعت عينا غسان لتتجمع الدموع في عينيه قبل ان يخر ساجدا للمرة الثانية شاكرا ثم هلل الخبر لعائلته، نظر نحو والدته غيداء التي أغلقت مصحفها وقبلته متمتمة بالشكر والحمد وسامر الذي اقترب من والدته معانقا اياها بقوة لتنفجر غيداء بالبكاء، سامحة الان بانهمار دموعها.

صغيرها فاق، رغم عدم سؤالها عن سبب كيفية إصابته، لكن ستعلم من صديقه السري الذي ظنته لا يخفي عنها شيئا!
اقترب غسان يصفع سامر من مؤخرة عنقه لينفجر سامر ناظرا إليه بحدة ليزمجر بغضب صائحًا
- ماذا يا احمق
قبض غسان تلابيب قميص سامر ليقترب منه قائلاً بهمس خافت
- هل هذا اتفاقنا؟
لوى سامر شفتيه بملل، ليلقي نظرة سريعة نحو والدته ثم إليه ليقول بيأس.

- لم استطع التملص من امي، انت تعلم غيداء وجنونها لقد احتجزتني في البيت ورفضت مشاركتي في السباق الأخير، وحينما جاءني اتصالك وحاولت الخروج متحججًا ببعض الأعمال أقسمت على عدم خروجي، فاضطررت لاخبارها انه متوعك قليلا، فقط قلت متوعك واقسمت اننى لن اخرج بدونها وبالطبع لم يتركها والدي تعلمه.

انهي سامر حديثه ببعض الامتعاض الشديد لقوة عاطفة والديه، حقا ألا يخجلون وهو حتى الآن لم يعثر على فتاة، فتاة بدلا من مكوثه كالاحمق بمفرده في بيت عائلته، لطالما شعر بالبيت يحفز داخله شعور الاستقرار لكن الاستقرار مخالف لطبيعة عمله
فلا يجتمع الحرية مع الاستقرار، زفر غسان بسخط شديد
- ولم تتركك اعلم
شعرا بجسد ضئيل يفسح مجالا لهما لينظر غسان نحو غيداء التي صاحت بزمجرة خشنة
- أنت وهو ابتعدا.

اقتربت من غسان تمسكه من اذنه ليتأوه غسان بألم و غيداء تميل رأسه نحوها لتقول بحدة
- هل حقا خبئت عني؟، لم اتوقع هذا منك يا غسان
بعض بوادر خيبة الامل جعل غسان يحاول ان يبعد يدها عن اذنه، هيبته، اللعنة على هيبته لقد دمرتها تماما امام الجميع وهو يعاقب من والدة صديقه
والدته بنفسها لا تعاقبه بصبيانة كما تفعل غيداء ليقول وهو يحاول التخلص من يديها.

-يا سيدة غيداء اقسم لم اشأ ان اقلقك بسبب ذلك الاحمق، ثم بالله اتركي اذني مظهري هذا لا يليق امام النساء
صفعت مؤخرة عنقه لتعود ممسكة بأذنه تقرصها وهي تغمغم بجفاء تحت نظرات سامر المتشفية
- تستحق يا احمق
زجره غسان بنظرات قاتلة، ليكتم سامر ضحكته وهو يهز رأسه بيأس ليسمع صوت غيداء الامر
- أخبرني بما حدث؟
صاح غسان باستسلام قائلا
-سأخبرك لكن دعيني اولا.

تركته غيداء على مضض لتجلس على مقعدها وهي تحدق نحوه قائلة بفظاظة
- هيا اخبرني
سرد غسان ما حدث تماما وبعض المشاهد التي لم يظهر بها اخذها من لسان شقيقها تحت انا سامر التي جحظت وغيداء التي تنظر بصدمة شديدة، ما انهى سرد ما حدث غمغمت غيداء بذهول
- هل ظهر ابني كبطل مدافعا عنها؟
لم يعلم ان كانت غيداء تسأل ام تريد ان يؤكد لها ما حدث ليهز رأسه قائلا
- نعم.

لاحت ابتسامة صغيرة على شفتي غيداء التي رفعت رأسها بفخر شديد قائلة
- يا صغيري، أرأيت يا احمق انت الاخر، هذا هو ابني الذي افتخر به امام جيراني
القى سامر نحو والدته المبتسمة باتساع شديد، بالله اليس هذا فيلم رومانسي قديم، هل ما زلن النساء يصدقن البطل الهمام المدافع عن بطلته، صاح بسخرية
- يا امي لا تفخري بيه كثيرا، لقد فعل الكثير من الحماقات، انا اعلم شقيقي، لن يحسن التصرف تماما معها.

هزت غيداء رأسها بنفي وهي تشعر بالفخر لما فعله ابنها، اسدها الصغير لتغمغم
- لم يفعل اعرف ابني، لقد اخبرني انه جدي معها، ثم تلك فرصة رائعة للتعرف عليها بعد الاطمئنان عليه
تنحنح غسان بحرج، حقا يتمنى رؤية وجه صديقه لوالدته التي بدأت تفكر في أسماء أحفادها، ليقول بحرج شديد ما ان ابصر والد المرأة ووالد صديقه
-في الحقيقة، لقد ذهب الى والدها الجالس بعبوس هذا متحدثا مع زوجك، واخبره انه يريدها أن تصبح صديقته.

عبست غيداء بعدم فهم ليرفع غسان نحو سامر، هو حاول بالنهاية انتقاء لفظ مناسب كي لا يحرج السيدة غيداء التي يبدو انه لم يصلها المعني بعد، تنحنح غسان وهو يشير بعينه نحو سامر الذي صاح بنبرة خبيثة
- صديقة! تقصد خليلته
تجهمت ملامح غيداء تماما لتحدق نحو سامر قائلة بتحذير
- سامر
انفجر سامر ضاحكا ليغمز نحو غسان بعبث شديد
- لا تخبئ شيئا على أمي
تجهمت ملامح غيداء واحتقنت وجنتيها لتهتف بغيظ حقيقي.

- الأحمق، سأمرغ وجهه في الوحل ذلك الفتى المتصابي، حذرته مرارا من عدم العبث بالفتيات هنا
تسائل سامر بمكر شديد
- هل ركله من مؤخرته؟
لكزه غسان من خاصرته تحت شهقة والدته المصدومة من وقاحته، لتستقيم من مجلسها تمسك بأذن سامر الذي تأوه بألم بينما صاحت غيداء بحدة
-انتقي الفاظك يا احمق
كاد سامر ينفجر ضحكا لكن حاول الحفاظ على ملامحه ليقول
- امي.

زفرت غيداء بحدة وهي التي ظنت أن ابنها استمع الى نصائحها، الاحمق الغبي مثل شقيقه وأباه لن يتعلموا أبدا
تحتاج الصبر، لكن يكف الصبر ومعها ثلاثة ثيران بعقول صلبة كالحجارة، غمغمت غيداء بتوعد شديد
-سأصفع كلاكما انت والذي بالداخل، إن لم تهذبا جموحكم المقرف هذا
مال سامر تلك المرة مقبلا خدها بنعومة ليهمس في اذنها قائلا بمكر
-اخذناها من والدي، ليوقف جموحه هو اولا ثم تطلبينها منا.

صفعته غيداء على مؤخرة عنقه لتجيبه بتلعثم شديد
-عديم التربية مثل أخيك
اجابها مصححا بهمس خافت لا يسمعه أحد سواهما بعدما ذهب غسان لرؤية الطبيب
-بل ابي
زجرته غيداء بعينها ليرفع سامر كفه على فمه ممتنعا عن الحديث مما جعل غيداء تزفر بسخط، حمقى، ولديها عبارة عن حمقى مثل والدهم
بالله كيف لم تؤثر جيناتها بهم! زمت شفتيها بعبوس شديد لتلتف نحو زوجها الذي يناقش بعمق مع والد المرأة.

لعنت الأحمق ولعنت غباء العائلة، لن تفرح بزفافهم طالما يفكرن بتلك الطريقة الحمقاء، انتبهت على صوت غسان الذي يبتسم باتساع شديد
- هيا الطبيب أمرنا برؤيته لقد فاق
امسكها سامر لتسير بجواره وقلبها يؤلمها لصغيرها الذي تألم دون معرفتها، كان من الممكن أن تفقده لولا رحمة الله...

تجمعت العائلة داخل غرفته، كادت تفقد غيداء سيطرتها وتبكي لولا ان امسكها زوجها من عضدها لتلتفت نحوه ودموعها تشوش رؤيتها، لف ذراعه حول خصرها وقبل رأسها لتتنهد غيداء بارتياح وأعينهم على الراقد في فراشه
يغمغم ببعض الكلمات الغير مفهومة والطبيب يراقب مؤشراته الحيوية لتتسع ابتسامته ما ان فرق سرمد جفنيه لينظر بضبابية وهو يستمع الى صدى أصوات أشخاص لم يميزهم للحظة.

اغلق جفنيه وعاد يحركها لتقع عيناه حول عائلته والصورة تتضح شيئا فشيئ، الذاكرة تعمل ببطء شديد لا يساعده وهو يحاول التفكير كيف عاد إلى إيطاليا وهو ما زال بمصر؟!
انتفضت ضلوعه حينما تذكر صراخها، لتتسع عيناه وهو يحاول الحركة بحدة جعل الطبيب يهدئه ويطلب منه عدم الحركة، جز سرمد على شفتيه وهو ينظر نحو غسان بتعبيرات قاتلة، ليعيد النظر نحو شقيقه سامر الذي ينظر بقلق شديد.

الأحمق يبدو أنه ما زال إنسانا ويشعر ليغمغم بصوت أجش
- هل اتصلت بالعصابة يا غبي
انفجرت شفتي غيداء براحة بعد دقائق كادت ان تدخل نوبة بكاء مريرة، اقترب غسان ليهمس بصوت خافت
-حمدلله على سلامتك يا احمق، والدتك تتوعدك بسبب ما فعلته يوم دخولنا لبيت حماك المستقبلي
توعده سرمد بعينيهر ليهز غسان رأسه بلا مبالاة حينما اقتربت غيداء تبكي ليغمغم بصوت أجش
- امي.

مالت غيداء تطبع العديد من القبل على جبهته ووجنتيه لتتسع ابتسامة سرمد ووالدته تردد
- صغيري
مررت يداها على جسد صغيرها، لتخرج ضحكة ساخرة من سامر لتحتد نظرات سرمد المميتة مما جعل سامر ينفجر ضاحكا، هز سرمد رأسه بيأس لينتبه نحو غيداء وهي تهمس بقلق
- هل يؤلمك شيئا يا صغيري؟
رفع كلها ومال يطبع قبلة ليغمغم بخشونة
-دمت بخير بوجودك الآن
اتسعت ابتسامة غيداء سرعان ما تحولت تعابيرها للغضب لتقول.

- لكن هذا لا يعني أنني سأصمت على ما فعلته، سأؤدبك حينما تسترد عافيتك
رفع عينيه نحو الممرضة التي تبتسم ببلاهة ثم نحو الطبيب الذي يتابع حديثهم بابتسامة مقتضبة لتقع أنظاره نحو والده الذي هز رأسه ليعود سرمد نحو غيداء قائلا باستفزاز عاطفي
-غيدائي هل تريدين ان تؤلمي ابنك البكري؟
صاح سامر حانقا
-وانا ايضا بكري، هذا لا يجعل منك مميزا
استمعا الى طرق الباب لتغمغم غيداء بصرامة
- اصمتا يا وغدين لدينا ضيوف هنا.

حاول سرمد جلب غسان الا ان الاحمق يتجاهله، حاول القيام وخنق ذلك المستفز الجالس على المقعد لتتسع عيناه حينما رأى الرجل الذي طرده من منزله
الرجل القى نظرة واحدة ممتنة إليه، جعله يطمئن، برتقاليته بخير، لن ينكر شعوره بالضيق كونها لم تكون هنا
تمني ان يطمئن على سلامتها بنفسه، لينتبه الى صوت معتصم
- حمدلله على سلامة ابنكم، أريد أن أشكرك على شجاعتك ورجولتك لما فعلته بأبنتي
تساءل سرمد بلهفة لم يستطيع اخفاءها.

- كيف هي؟
قلب سامر عينيه بملل وغسان ينظر اليه بتحذير، مما جعل سرمد يحاول القيام بدل جلوسه كالاحمق الا ان الممرضة منعته وغيداء تغمغم
- اهدأ ابنى
تطلع سرمد نحو عيني الأب الذي زفر بعمق قبل أن يجيبه بهدوء
-بخير
راحة غمرت وجهه للحظات قبل أن يعود وجهه للتجهم متسائلا
- وذلك اللعين هل مسها بسوء؟
القى معتصم نظرة خاصة نحو غسان الذي غمغم بنبرة هادئة
- لا تقلق لم يستطيع، صديقك جاء واستطاع أن يتعامل معه.

اشتعل غضب سامر ليقترب متسائلا بصوت أجش
- اين هذا الحقير؟، أخبرني هل قبضتم عليه؟
ضيق سرمد عينيه بعبوس طفيف، ليلقي نظرة نحو غسان ليسأل
-قبضتم؟ هل تدخلت الشرطة في الأمر؟
ازدرد ريقه غسان، ليجيبه والده تلك المرة
-ليس بالمعنى الحرفي، لكن نتولي الأمر جيدا
اتسعت عينا سرمد ليصيح
-اخبرني أن السفارة لم تسمع خبرا للأمر
أجاب سامر تلك المرة بلا مبالاة
- اعتقد بوجودنا لا اظن ذلك
احتدت عيني سرمد لينفجر قائلا بغيظ.

- اللعنة عليك يا سامر، اللعنة ماذا فعلت يا رجل
طمئنه غسان قائلا
- ستحل المشكلة
أطلق شتيمة بلغة أمه ليغمغم بغيظ
- تبًا لك يا أحمق
تصاعد رنين هاتف معتصم ليستأذن مغادرا مكررا عبارات الشفاء العاجل، ليرفع معتصم سماعة هاتفه ليقول بصوت أجش
- طمني
التمعت عيناه بوحشية ليغمغم بخشونة
- محدش يقرب منه، سيبوه يومين بدون لكل محدش يتعرضله بحاجة لحد لما افضاله
اغلق هاتفه ووضعه في جيب سترته.

ألم يخبره والده السياسي انه لا يعلم عنه شئ، فلنرى إلى أى حيلة يستخدمها هذا الاحمق ليعيد ابنه، أقسم بأغلظ الأيمان أنه سيعيد ولادة هذا الأحمق الذي تهجم على بيته مفزعا صغيرتيه
لقد جاء وقت الحساب بعد تلك السنوات
ولن يتوانى أبدا على عقابه ويأخذ كل شخص جزاءه الذي يستحقه، ألقى نظرة جانبية الى الغرفة الايطالي ليزفر بحدة
لا ينقصه عرق ايطالي احمق يتدخل في أمور ابنته، حقا يكفي ما وصلت اليه الامور حتى الان!

في حي عاصي،
ضم عاصي قبضة يده بعدما كاد أن يلكم الحائط، انتفض من فراشه وهو يعيد الاتصال للمرة العاشرة، الخمسون، المائة، لقد فقد العد والأميرة تتوارى خلف قصرها المشيدة، لا يعلم ما حدث لها لتتغير بعد تلك الليلة التي هاتفها به
ما الذي حدث وغيرها، حتى أنها علم من روفيدا انها توقفت على الزيارة للمؤسسة وجاءت في زيارة سريعة ثم اختفت كالزيبق
تجهمت ملامحه للضيق ليلقي هاتفه جانبًا، هل خسرها؟

تساءل جزء خبيث من عقله، تركته ورحلت
هكذا ببساطة، رحلت
هز راسه نافيا تلك الأفكار الخبيثة التي تراوده، لن يتركها، لن يتركها، إن كانت مقيدة بواجب عائلتها يجب أن يدافع أكثر عنها
هي حقه، وأميرته، يستحق أكثر للمحاربة من أجلها، إلا أن عقله سرعان ما يفكر في عقول الأغنياء
ربما لم تستطيع أن تكسر بخاطر المرأة التي ربتها وتواجه صعوبات كثيرة لاستمالة رأسها، لكن ما الدافع لقلقه هو.

انتبه على صوت باب غرفته يفتح لينظر نحو توحة التي عبست وهي تلاحظ حالة حفيدها البائسة لتقترب منه قائلة متساءلة
-قالب وشك ليه
استقام من مجلسه وهو يحاول الفرار من استجوابها العاطفي المستفز ليغمغم بخشونة
- مفيش يا توحة، مضطر امشي
تحركت توحة خلفه وهي تسأله بإصرار
-رايح فين
استدار على عقبيه ناظرا اليها بنظرة رجل ميؤس، رجل مكبل بالقيود لترق نظرات توحة وهي تمسك ذراعه موجة اياه نحو الاريكة قائلة
- تعال اقعد.

ربنا على ظهره وهي تسأل بقلق
- فضفض يا ابني وقولي مالك
زفر عاصي بحرارة قبل أن يغمغم بحنق
- وجد بقالها ٤ ايام قافلة تلفونها، ومش بتروح المؤسسة وخايف يكون حصلها حاجه
ولم يمانع أن يتحرك جزء من عقله الخبيث جدا ليغمغم
- ولا يمكن بتعيد حسابها
اتسعت عينا توحة لتغمغم
- تعيد حسابها؟
تحشرجت انفاسه وهو يجيبها
- يمكن مش مناسب ليها كفاية، اقنعوها ان وظيفتي مش مناسبة ليها ولمركزها.

اتسعت عينا توحة بحدة قبل ان تضربه على ذراعه قائلة
- وتفتكر هي بالسهولة هترضخ ليهم
غامت خضراوة عينيه بألم، يشعر بأن هناك شئ يضغط على قلبه، خانقا انفاسه ليهمس
- اومال مش بترد ليه، بتقلقني يا توحة، خايف يكون حصلها حاجه وانا بعيد عنها ومش من حقي حتى أروح واسأل عليها، انا عاجز يا توحة
لم تشعر توحة سوى أنها تربت على صغيرها لتهمس
- روق يا حبيبي ومتقلقش، هتكون كويسة
ضم قبضة يده وهو يغمغم بحدة.

- كنت عايز افرحها بطلب وظيفتي الجديدة، يمكن حاجه هتوافق عليها عمتها
ما إن ذكر اسم الحرباء حتى تجهمت ملامحه للعبوس الشديد والغضب لتهدر في وجهه حانقة
- متحاولش ترضي حد مهما كان، شغلك وبتكسب فيه كويس
تعلم انها تشير الى عمله كحارس شخصي، لكن بنظر الأوضاع القادمة لن يستطيع أن يعمل تلك الوظيفة بعد الآن، سيبعده عن اميرته ولن يكون متفرغ لها وهي تستحق أن يكون بجانبها في كل ثانية من حياتهما، صاح عاصي بضيق.

- وهي من حقها يا امي تلاقيني معاها، مش اكون اربعة وعشرين ساعة بحرس غيري وهي لوحدها و محتاجة كل دقيقة مني جنبها.

مالت توحة رأسها تحدق في وظيفة عاصي الجديدة، لتتسع عيناها بادراك، هل اختار العودة والعمل بشهادته، شهقت توحة بذهول لتنظر الى عيني عاصي الذي هز رأسه بنعم لتنفرج عن شفتي توحة ابتسامة واسعة، لقد فعلتها تلك الصغيرة، وهي التي تعبت لسنين لتجره نحو المجال الطبي بعيدا عن تلك المجالات التي لا تليق بمقامه، تعلم ان حفيدها عنيد لكن ان يتنازل عن رغباته من أجل امرأة!

اغمضت توحة جفنيها محاولة السيطرة على فرحتها لتسأله
- المستشفي دي قريبة وتعرف فيها حد
ابتسم عاصي بهدوء شديد مغمغما
- متخافيش حفيدك يعرف معارف تقال في البلد
صمتت توحة وهي تتأمل ملامحه المتأملة لتلمس وجنتيه مغمغمة
- اهم حاجه تكون مرتاح يا عاصي
ابتسم عاصي وهو يمسك كفها مقبلا اياها ليهمس
- انا مرتاح يا ست الكل، مش هكون شغال طول اليوم واقدر اروح المؤسسة واتابع الجيم مع عادل، ادعيلى انتى بس.

مسحت شعره وهي تلعن الحرباء، يكفي لعبة حرب الأعصاب ستتوجه بخطة الغزو والاحتلال
-ربنا يكتب اللي فيه الخير
قالتها لتملع عيناها بمكر، الزفاف سيكون في الوقت المحدد، لن تنتظر لوقت أكثر.

رنين جرس ملح جعله يفيق من غفوته القصيرة، فتح نضال جفنيه بخمول لتقع عيناه نحو شمس التي تلعب بالعابها والتلفاز ما زال مفتوح على فيلمها الكرتوني الأحمق، لينفض الخمول من جسده وعيناه سقطت على قميصه المجعد ليزفر بحنق شاتما الطارق وشاتما فرح ثم الجميع.

تحرك بتباطؤ شديد مستفز أحرق أعصاب الطارق ليضع الطارق يده على مفتاح الجرس غير ناويا بترك يده ليفتح نضال الباب بحدة مستعدا لصب لعناته على رأس الطارق الا انه ألجم لسانه وهو يحدق نحو صاحبة العينين الزرقاوين ليعبس نضال قائلا
-أسرار
انفرج عن شفتي اسرار ابتسامة ناعمة لتهمس بآخر كلمة قد يتخيلها
-وحشتني
عبس نضال بحدة لتضيق حدقتي عينيه وهو يحدق بريبة خلفها قريبة قبل أن يسألها بسخرية شديدة.

-جايبة جوزك ولا هتفاجئ بيه بيظهر من العدم ويهددني زي كل مرة
تقدمت داخل بيته خطوة واحدة وهي تلكزه قائلة بمرح
-سيبك من سراج دلوقتي
وضع يديه في جيب بنطاله ليراها تخلع سترتها الواسعة تعود لزوجها بالطبع، هبطت عيناه أرضا ليراها ترتدي حذاء أرضي، اللعنة اين ذهبت ثياب أسرار المعروفة باناقتها بين الجميع؟

متي جلبت حذاء أحمق كهذا؟، رفع عينيه نحو ثيابها المكونة من بنطال جينز وبلوزة قطنية ناعمة، مبرزا حجم بطنها لتغمر عيناه بحنين شديد نحو الطفل الذي يتكون في أحشاءها، ستصبح أسرار أم وسيصبح عم طفلها القادم، عبس وهو يقول بحدة
-جيتي بدون ما يكون عنده خبر مش كدا.

دارت عينا اسرار بعيدا عن عيني نضال الحانقتين، هي ارسلت له رسالة تخبره عن مقابلتها له دون تحديد المكان، هذا سيجعله يستغرق وقت أطول قبل مجيئه الى هنا، انفجر نضال يصيح بيأس وهو يتوجه نحو الصالة القابعة به ابنته
- انتى اكتر واحدة عارفة انه بيكره الحركة دي منك، ده بيقلب لتور لما بنتقابل على الكورنيش
استدار نحوها وهو يرى احمرار وجنتيها، تبا.

هل تحمر وجنتيها الان؟، ملكة الجليد التي تستطيع ارهاب أى رجل في سوق العمل، تحمر وجنتيها الآن!
لقد أفسدها زوجها، أفسدها تمامًا
تمتم بحنق أشد
- لسه مانع السلام بالايد، مش كدا
لم تحاول اسرار الرد وهو يعلم اجابة كل سؤال يطرحه عليها، زوجها مجنون، مهووس بالغيرة من الرجال وخاصة ابن عمها الذي تعتبره اخوها لتغمغم بحنق
- انت اخويا يا غبي
صاح مصححا بحنق
-ابن عمك.

تقدم نحوها بمكر لتغيم عينا اسرار بحذر وغضب، تزفر بحدة وهي تتذكر وعدها الذي قطعته لسراج بعدم وجود سلام ايدي بينهما لتقول بتذمر
- بس سراج حلف عليا يا نضال
سحبها نحوه في عناق اخوي جعل عينا اسرار تدمع بسبب هرموناتها المضطربة ونضال يقول ببرود
- هو امرك انتي، بس هو ملهوش حكم عليا
طبع قبلة على رأسها وابتعد مما جعل اسرار تتنهد بتعب، تحدق في عيني نضال المنطفئتين لتهمس
- فين شمس.

انتبهت على صوت شمس التي اعلنت وجودها لتقترب منها وهي ترفعها على ذراعها قائلة بابتسامة واسعة
- الصغيرة كبرت
مالت أسرار تطبع قبلة على وجنتي شمس التي انفجرت ضاحكة ثم عادت تميل تطبع عدة قبلات لوجنتي اسرار ليزفر نضال قائلا بجفاء
- وبقت لمضة
دغدغتها اسرار بشقاوة شديدة وعيناها تلمعان بأمومة تدفقت في أوردتها لتهمس
- يا روحي انتي.

مدت شمس يداها تقترب من عينا اسرار التي تبعد يدها بحذر إلا أن الصغيرة تلح بأصرار عجيب جعل اسرار تعقد جبينها بحدة
مما جعل الصغيرة الاخرى تعقد جبينها بعبوس طفولي جعل اسرار تنفجر ضاحكة لتعيد الصغيرة اصرارها للمس عيناها مما جعل اسرار تسأل بتعجب
- بطلي يا بنتي لعب في عيني
استل نضال لفافة تبغ من جيب بنطاله واشعلها ليقول ببرود
- بتفكريها بخالتها
عقدت اسرار حاجبيها ببطء قائلة بعدم فهم
-خالتها.

يبدو أن أسرار لم تصلها آخر الأخبار التي اكتشفها مؤخرا، غمغم ببرود شديد وهو يخرج غمامة بيضاء من أنفه
-آسيا انتى متعرفيهاش، طلعت من عيلة المالكي
رمت شمس راسها على صدر اسرار التي ضمتها بحنان شديد مربتة على ظهرها لتغمغم
- آسيا، هي مش كانت واحدة بس اسمها وجد
لوى نضال شفتيه، ليجيبها بتهكم
-طلعت مش عيلتنا بس اللي شايلة اسرار يا اسرار.

سعلت اسرار من رائحة التبغ لتحدق نحو الشرفة المغلقة، هبطت عيناها نحو المنفضة التي تحتوي على الكثير من لفافات تبغ لتستقيم واقفة بحدة متوجهة نحو الشرفة تفتحها لتصيح بحدة في وجهه
- انت ازاي متفتحش الشبابيك يا مجنون البنت هتتخنق من ريحة السجاير
اضطرب قلب نضال حينما انتبه لسعال الصغيرة مما جعله يطفئ لفافة التبغ، ليقترب من أسرار التي تجعل الصغيرة تستنشق الهواء الطبيعي ليرد بجفاء
-امها مش هنا.

اشارة ان الزوجة كانت تهتم بالصغيرة، إلا أن هذا لم يمنعها أن تزجره بحدة
-تقوم تموت بنتك، نضال البنت صغيرة ومناعتها ضعيفة، ده لو عايز تحافظ على حياة بنتك والا...
قاطعها نضال قائلا بعبوس مخيف
- ايه هتاخديها دي كمان
لم تخيفها نظرات عينيه، اخر شئ يستطيع أن يقلقها هي نظرات نضال المميتة، لتهمس اسمه بحدة
- نضال
زفرت بيأس وهي تقول بنبرة ذات مغزى
- انا جنبك ومعاك.

هز رأسه موافقا بيأس يمرر أنامله في خصلات شعره الكثيفة
-عارف
ربتت اسرار على ظهر شمس التي تسعل عدة مرات مما جعلها تهز رأسها بيأس، الأحمق يجب أن تهتم بشؤونه رغم عن أنف رجل كهفها!
قالت بهدوء شديد
-فرح تستحق تعيش حياتها يا نضال، اديتلك وقتها وحياتها، سيبها تعيش حياتها
هز نضال رأسه وعينيه تزداد ضراوة ليجيبها
- مع شوية مخنثين مش كدا
زجرته اسرار بحدة
- بطل الفاظك دي فيه بنت هنا.

عادت تهز راسها بيأس قبل أن تتمتم بجفاء
- لو عايزها تقدر تبدأ بداية جديدة، بداية بعيدة عن نضال ده، غير من نفسك عشانك وعشان شمس، تستحق أب وأم
لوى نضال شفتيه ساخرا، ليمتنع عن الرد لفترة من الوقت، صمت ابتلع الجميع واسرار تحدق نحو نضال.

الاسد الجريح الذي قرر ان يبقى داخل عرينه حتى يستطيع مداواة جروحه، متى سيترك كبرياءه جانبًا، حينما يفقدها تماما؟ او سيتعامل مع الأمر ببرود شديد وكأنه لم يمسه شخصيا، انتبهت على صوت شمس المنادي
- بابا
التفت نضال بلهفة شديدة الا نضال لا يترك الأمر يمر بسلاسة إلا ويضع تعليقه اللاذع
- يا اخرة صبري، عايزة ايه.

حملها من ذراع اسرار وهي تحدق نحو علاقة الاب وابنته لترفع شمس يديها الصغيرتين تلمس وجنتي والدها هامسة بعبوس
- اكل بابا
رفعت اسرار حاجبها وابتسامة ماكرة جعل نضال ينفذ طلب صغيرته بصمت تام لتميل الصغيرة الى صدر والدها بأريحية جعل اسرار تكاد تنفجر ضاحكة، لحقتهما داخل المطبخ لتسأله وهي تجده يضعها على الرخام والطفلة جالسة بطاعة شديدة تعجبتها
- هتأكلها ايه
صفقت شمس يديها بمرح قائلة
- كيك.

نظرت أسرار نحو ساعة معصمها لتجدها تخطت الثانية ظهرا مما جعلها تسأل بعبوس حينما وضع طبق الكيك لتبدأ الصغيرة بالتهام قطعة الكيك
- وهي فطرت ايه
حك نضال مؤخرة رأسه بحرج وهو يجيبها
- مش فاكر
قلبت اسرار عيناها بملل لتبحث عن حقيبتها الثقيلة لتخرج كتابا خاصا سيفيد نضال لتلقيه على صدره ليتلقطه نضال بعبوس وهو يقرأ محتواه لتقول بحنق وهي تفتح ثلاجته لتجدها فارغة إلا من بعض الطعام السريع لتغلق الثلاجة مرة اخرى.

- حاول تقرا كتب الأطفال عن التغذية، كيك ايه يا نضال في وقت الغدا
عادت تبحث عن هاتفها داخل حقيبتها الثقيلة ليضيق نضال حاجبيه وهو يسأل بعبوس
- بتعملي ايه
نقرت على هاتفها تبحث عن رقم ام سعيد المسؤولة عن طعامهما، لولاها لما تعلمت الطبخ لتقوم بعمل الا كل العجيب الذي يتناوله رجل كهفها، لتغمغم
- هتصل بأم سعيد بتعمل اكل تحفة، هخليها تعمل حسابك ليك والبنت بما ان واضح مفيش حد عايش في البيت ده غيرك.

هز نضال رأسه بيأس ليرمي الكتاب جانبا وهو يراها تتحدث مع المرأة لينظر نحو شمس الذي تتناول طعامها ليسمعها تسأله
-فين الدادة بتاعتها
رفع شمس من على الرخام ليغسل يداها من صنبور المياة ثم اعادها تجلس على الكرسي المخصص لها ليقول
-مشيتها
رأى صعود بوادر الغضب في عينيها ليعبس وهو يراها تكاد تنفجر في وجهه متساءلة
-ومين بيقعد معاها وقت شغلك
زفر نضال بيأس
-بجيبها ساعتها لحد لما ارجع بتمشي.

همت بإلقاء العديد من الأسئلة فوق رأسه إلا أن رنين جرس منزله القوى جعله يعلم الطارق، ابتسم بجفاء وهو يتوجه نحو الباب
- واضح جوزك شرف
توجه نضال بخطوات أبطأ من السابقة، جاعلا الرجل يستشيط غضبا، ليفتح الباب ببرود شديد مقابلا غضب الليل الذي صاح بصوت أجش
- فينها
هز نضال رأسه ببرود قائلا
-في المطبخ.

اندفع سراج داخلا منزل الرجل وهو يكاد ينفجر غضبا، قادته قدماه نحو مصدر صوت طفلة صغيرة وصوت اسرار، ليندفع بغضب وهو يتأملها متخلية عن سترته الخاصة ليقترب منها ممسكا عضدها بخشونة ليميل قائلا بصوت أجش
- حسابنا في البيت
وضعت اسرار يدها على ظهرها لتتأوه بألم
- ااااه
انسلت الدموع من عيني أسرار لينتبه نضال الى صراخ سراج
-فيه ايه
انفجرت اسرار في البكاء مما جعل نضال يقترب بقلق وعينيه تموج بقلق لتتأوه اسرار بتوجع.

- بتوجعني، ضهري وجعني يا سراج
اخفض سراج عينيه نحو قدميها وقد تأكد من شكوكه لينفجر في وجهها صارخا بجنون
- انتى غبية مش قولتلك انسى الكعب ده
كادت اسرار تفقد توازنها إلا أن سراج قبض على خصرها بقسوة جعلتها تضربه في صدره هامسة
- ضهري يا سراج، ضهري يا مجنون.

احتضنته اسرار لتلف ذراعيها حول عنقه غامزة بمكر نحو نضال الذي اتسعت عيناه بإدراك شديد لتلمع عيناه بخبث شديد تحت أنظار شمس الهادئة، زفر سراج بسخط ليغمغم بحدة
- غبية انتى مش منعتك منه الدكتورة
رفعت رأسها تحدق نحو عيني سراج الملتهبتين لتسيل دموعها وهي تهمس بتحشرج
- وحشني يا سراج.

غمغم سراج بفظاظة شديدة ليميل حاملا اياها على ذراعيه، لتلتصق به اسرار مودعة نضال وشمس بعدة قبلات في وجهيهما ثم عادت تأن بميوعة شديدة
- وحش لما يلهفك، هنروح المستشفى نطمن عليكي
انفجر نضال ضاحكا وهو يقترب من صغيرته قائلا
- شوفتي عمتك عملت ايه عشان تفلت من غضب الوحش
- اوعي تكوني زيها، هقتلك
عبست شمس وهي تغمغم
-شرير بابا
عقدت حاجبيها بشر جعله يداعب عنقها وهو يقول بخشونة شديدة
- مش هنخلص من الاسطوانة دي.

انفجرت شمس ضاحكة ليتوقف نضال عن مداعبتها لتهدأ ضحكاتها ثم تمتمت بحنق
- جعانة بابا
صاح نضال بحدة شديدة وهو يلتقط الكتاب مرة أخرى قائلا
- اتكتمي لحد لما نشوفلك اكل عدل.

نظرت اليه شمس بعقدة حاجبيها الشريرة ليميل نضال مقبلا وجنتها ممل جعل الصغيرة تعيد تقبيل خده الا انها جعدت شفتيها حينما شعرت بنغزات شعره الصغيرة توجع بشرة وجهها وشفتيها، حمل نضال الصغيرة لتميل برأسها غافية على صدره ونضال يتصفح الكتاب بعمق شديد.

في المشفى،
قضي سرمد يومين في المشفى منذ إفاقته وبعد فحص عديد من الأطباء قرروا اليوم الإفراج عن حبسه أخيرا، من جهة هو متلهف لرؤية البرتقالية التي أخلفت توقعاته بعدم مجيئها، ومن جهة أخرى لا يرغب بالعودة لايطاليا كما قررت عائلته، والدته أمرت وهو كمثل والده وشقيقه سيطيعها تفاديا لغضبها الحارق، غمغم بحنق
-كرهت وجودي هنا
لكزه سامر من خاصرته ليقول بنبرة ساخرة
-تعقل يا رجل، هل هذا منظر رجل أصيب في رأسه.

التفت سرمد ناحية صديقه الذي يجهز متعلقاته ليهمس بصوت أجش
-لم تأتي يا غسان
هز غسان رأسه بيأس ليجيبه سامر قائلا
-ولن تأتي
حدجه سرمد بنظرات مميتة الا أن سامر لم يكترث بغضبه ليزمجر سرمد بحدة
- ستأتي
قلب سامر عينيه بملل وهو يتصفح هاتفه
- حينما نرحل
زفر سرمد لاعنا ذلك الاحمق، لينظر نحو غسان قائلا
-طمئني غسان عن الأوضاع الأخيرة
زفر غسان بحنق ليسحب مقعدا ويجلس بالقرب من الفراش قائلاً.

-يقولون انهم يبحثون عنه، الشرطة تحاول تطمئن السفارة لكن انت شخص مشهور وعلاقات والدك قوية لكن الصحافة لن تستطيع تخرس ألسنتهم ابدا وتضغط على الجميع وهذا يؤثر بالسلب على السفارة
كز سرمد على اسنانه غاضبا، ليلعن الجميع بالايطالية ثم حاول السيطرة على غضبه كي لا يؤلم رأسه قائلا بحدة
- اسحب ملف القضية
أجابه سامر بفظاظة
-ليس بيدك يا احمق، ثم ألن تأخذ حقك من ذلك اللعين.

اكتفى من شقيقه، حقا اكتفي منه، سحب الوسادة والقاها في وجه الأحمق الذي تلقاها بسهولة ليصيح سرمد بغضب
- وشاديااه؟ ماذنبها أن تدخل بتلك الدوامة
انفرج عن شفتي غسان ابتسامة هادئة ليجييه
- حماك يبعدها عن الصورة، رغم انني سمعت انها ذهبت للشرطة لتدلي أقوالها بما حدث
اتسعت عينا سرمد ليقترب منه قائلا
- ألم يحاولوا إعادة طلبها
هز غسان رأسه موافقا
-بالطبع لكن والدها رفض واستخدم نفوذه.

لعن سرمد مجددا ليحاول نفض جسده من الفراش قائلا بحدة
- اريد رؤيتها
اجلسه سامر على الفراش مرة اخرى ليهدر في وجهه بعصبية
-رؤية من اجلس يا غبي، ستأتي الممرضة لعمل فحص لرأسك قبل خروجك
تأفف سرمد وهو ينظر الى صديقه باستنجاء الا ان غسان رفع يديه تماما عنهما ليزفر سرمد حانقا وهو يتوعد لشقيقه
- أين والدتي لتأخذ هذا المزعج مني
التصق سامر بجسده الضخم بجوار سرمد ليميل اليه قائلا بمكر.

-تغار لان النساء تلتفن إلى عيني الملونة بعكسك
بدأت المشاجرة الكلامية والعديد من اللعنات تخرج من شفتي الرجلين، هز غسان رأسه بيأس وهو يرمي الحقيبة جانبا منتبها على صوت طرق الباب ليزجر الطفلين الضخمين قائلا
- اصمتا الآن
جلس سامر على مضض في مقعده ليفتح غسان باب الغرفة ليت لي فكه وهو يرى شادية امامه.

سارع بترك مسافة وتستطيع الدخول منه وشادية تتقدم بتوتر شديدة متمسكة بباقة الورد قائلة بخجل متحاشية النظر نحو عيني سرمد
- صباح الخير
فغر سامر شفتيه نحو السمراء الناعمة التي دلفت اليهما، لينظر نحو اخيه الذي التمعت عيناه ليعيد النظر نحو المرأة التي ازداد تورد وجنتيها على همس أخيه الأجش
- شادياااه
رفرفت شادية باهدابها وهي تتمسك الباقة بخجل شديد جعلها تعض باطن خدها، ونبضات قلبها تقفز بفزع.

عيناه تتفحصها بدقة شديدة، محاولا رؤية شئ خاطئ بها وهو يتفحص قميصها الوردي الشاحب القصير وبنطالها الجينز الواسع ليرفع عينيه بشغف شديد ليرفع كف يده مهدئا نبضات قلبه الملتاعة ليراها تسترق النظر إليه لتهمس بصوت ضعيف
-حمدلله على سلامتك سرمد
ويل قلبه هو من اسمه الذي يخرج من شفتيها النديتن، استمع الى تعليق سخيف من شقيقه، ليرشقه بنظرات زاجرة قبل ان ينظر نحو امرأته بتوعد.

سيقتلها، سيقتلها عشقا وحبا حتى تتعلم كيفية المواظبة للجلوس بجواره في أشد أوقات مرضه وتعبه، التمعت عيناه وهو على وشك طردهم ويكتفي هو بالبرتقالية ليعانقها كما يجب
لهما حديثا لم يكمله، وعناق يتحرق لفعله.

الا ان احلامه ببساطة تحطمت على أرض الواقع حينما شاهد حماه المستقبلي يقترب من برتقاليته ليضع يده على عضدها لتلتفت الى والدها تهز برأسها وهي تغمغم إليه بعدة كلمات قبل أن تلتفت مغادرة، ليشتعل فتيل الغضب وهو يغمغم بلغة الأم
- اللعنة
هذا أسوأ كابوس شاهده على الاطلاق
أين ذهب عناقه؟ وأحاديثه التي على وشك فعلها
كيف ترحل ببساطة أمامه كحلم جميل زار منامه وعند استيقاظه اختفى كالسراب!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة