قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والثمانون

من السهل سرقة عقول
ومن الصعب سرقة القلوب
كل ما يتطلب اما قلبا حقا يحب
أو تكون محطم القلوب...!
زفرت شادية بتوتر شديد، وهي تستعد لمقابلة سرمد
لقد نفذ شقيقها وعده لها، رغم انها يفعله على مضض وغيرته لم يحاول اخفائها
لولا أن سرمد كبل والدها وشقيقها بدين رد الجميل ما جعلها تتحرك خطوة واحدة من الغرفة...
اليوم هو اليوم الاول تستيقظ بعد انتهاء كابوس معاذ نهائيا، لا تهتم بما سيفعله.

لا تهتم، كل ما يهمها الآن ذلك الرجل الذي ضحي بحياته من أجلها
انتفاضات سريعة في قلبها وتعرق يديها جعلها تحاول جمع متعلقاتها سريعا، ستذهب اليه سريعا مع باقة ورد كبيرة، اخبرها ان عائلته الان بجواره وهذا لم تكن مستعدة له اطلاقا.

تخشى تسمع بعض التعليقات اللاذعة منهم أن يخبروها انها السبب في ما حدث له، نفضت جميع أفكارها المتشائمة سريعا وحاولت التفكير في عدة عبارات ستقولها له وهي أمام شقيقها لا تثير غضبه، شهقت مجفلة على صوت جيهان الماكر
-هتقابلي حبيب القلب مش كدا
استدارت شادية على عقبيها واضعة يدها على صدرها، ناظرة نحو شقيقتها بعتاب شديد جعل جيهان تهز رأسها بملل شديد لتجلس على الفراش ناظرة نحو ثياب شقيقتها...!

استذهب له ببنطال وكنزة وردية!
استذهب إلى عملها أم ستزور حبيب القلب، فين الفساتين المبهرة، بل أين الفساتين الناعمة الممتلئة في خزانة شقيقتها، سمعت صوت شقيقتها المعاتب
- جيجي.

وضعت يدها على ثغرها كعلامة للصمت، لكنها لم تستطيع ان تصمت مطولا وهي تري قسمات وجه شادية المتوترة لتستقيم من مجلسها وهي تقترب منها وقد أثار غيظها عقد خصلات شعرها، امسكت بربطة الشعر وإزالتها تحت نظرات شادية المندهشة لتقول جيهان بجفاء
-جيجي سكتت خلاص، بس اديله ريق حلو
هذا إن أرادت جيهان ان تصلها اليوم جثة، غمغمت بنبرة حاولت فيها تهدئة توترها
- انا رايحة ازوره وهرجع مش هطول.

ألقت جيهان غمزة ماكرة واتبعتها بهمس خافت
-عليا برضو الحبتين دول، المهم متبقيش غبية وتقفلي أي حوار يفتحه
لا تعلم اصرار جيهان على أنها ستتحدث معه سرا بعيدا عن عيني شقيقها، لتزفر بإحباط شديد لم يمنع من أن تفكر بصوت عالي تلك المرة ما يكاد يتلف اعصابها
-ده لو لسه حابب يشوف وشي بعد اللي حصل.

تأوهت بصوت مرتفع على ضرب جيهان لها من ذراعها، نظرت نحو شقيقتها باستنكار التي قالت بحدة معنفة إياها على افكارها السلبية
-ضرب الحبيب زي أكل الزبيب، انتي بس خليكي مصحصحة معاه
هزت شادية رأسها بيأس، لتنظر الى ساعة يدها لتنتفض بذعر مغمغة انها تأخرت على ماهر، وياليتها ذكرت مالا في الوقت الذي علا صوت ماهر يدق على باب غرفتها قائلا بضجر
-شادية.

كادت شادية تلحقه الا انها انتبهت على ملامح جيهان الشاحبة وهي تحدق نحو أثر الرصاص في الحائط، اقتربت من شقيتها تحتضنها بمؤازرة وهي تتذكر حينما أصرت امام شقيقها بعدم اعادة دهان غرفتها، بل أصرت تحديدا أن يتركوا أثر الرصاص لتتذكر يوم مجدها
صاحت بصوت مرتفع نحو ماهر الذي يزفر بحنق
-ثواني يا ماهر
رفعت جيهان عيناها نحو شادية، تتعجب من تلك القوة التي تظهرها شقيقتها.

في حين هي التي من المفترض أن تكون الاقوي والداعم لها، الا انها اكتشفت انها ضعيفة جدا تجاه من تحبهم
تضع قناع فتاة متمردة، طائشة، تتظاهر بالقوة وهي بالحقيقة تخشى إيذاء نملة، العودة للماضي يصيبها بالضعف وقلة الحيلة، وتلك الخصلتين تصيبها بالاشمئزاز من حالها وهي أكثر من تتخذ قرارات متهورة، وسريعة، بل تكاد تسبب في مقتلها وتسبب ازمة قلبية لأبيها!

الا ان جميع تفكيرها السلبي لم يمنع من تنظر نحو شادية وبريق الحب الذي يفضحها لم تعد تستطيع إخفاءه
هنيئا بالايطالي، وهنيئا هي به، فمن الذي في هذا الزمن يقدم روحه فدائا الى محبوبته!
رفعت عيناها وهي تمسح العبرات التي خانتها لترسم ابتسامة شاحبة محاولة نفض القلق والرعب
-تفتكري عملوا ايه فيه
عقدت شادية جبينها بعدم فهم، مغمغمة
-مين قصدك؟

حدجتها جيهان بنظرة مميتة وهي تشير بعينها نحو اثر طلقة الرصاص على الحائط لتهز شادية رأسها بلا مبالاة تامة قائلة
-مش مهتمة اعرف، اهم حاجة انه بعد عن حياتي للأبد
علا صوت ماهر للمرة الثانية بحنق جعلا الشقيقتان تنفجران بالضحك وهما يسمعان الى وعيد ماهر الطفولي بعض الشئ، مالت شادية تطبع قبلة على خد جيهان التي ابتسمت بدفء ناظرة نحو عيني شادية تتأكد من أن ما تراه حقيقي.

منذ متى لم تري عينا شقيقتها تلمعان بكل هذا الشغف؟
منذ وفاة والدتها تحديدا، ازدرد ريق جيهان مبتلعة غصة كادت تودى بحياتها وهي تبتسم بارتجاف، اخفضت رأسها أرضا على مواء لولو لتهبط بجذعها حاملة إياها تلمس فرائها الابيض الناعم لتصدر القطة صوت راضي تماما
تعترف انها دللتها كثيرا قطة شقيقتها، لكنها لم تكن تظن أن القطة ستعتاد عليها، رغم إنها تتعبها كثيرا في تنظيفها إلا أنها هادئة وليست مشاغبة مثل صاحبتها!

غمزت جيهان بمكر وهي تميل مقبلة رأس القطة قائلة
-واضح مش بس انتي اللي نفسها تزوره
اقتربت شادية نحو القطة التي أدارت وجهها للجهة الاخري مما جعل جيهان تتسع عيناها دهشة من رفض القطة لصاحبتها، حاولت شادية استمالتها ودغدغتها الا ان القطة لم تستطيع الصمود طويلا إلا أنها قفزت على صدر شادية التي التقطتها بين ذراعيها وهي تحتضنها بقوة لترفعها على ذراعيها قائلة.

- لولو بقت شقية جدا، اوعدك انك هتيجي تقعدي معايا بس ارجع وافضيلك
مواء قطتها الضعيف جعلها تميل تعانقها مرة اخرى قبل ان تسلمها الى جيهان التي تلقتها بترحاب شديد مقبلة إياها العديد من القبلات مما جعل القطة تحرك جسدها كثيرا، مالت شادية تنظر بهدوء الى العلاقة التي تكونت بين قطتها الخاصة منه والى شقيقتها التي بدأت تحب القطط لتسألها بهدوء
-وصلتي لايه في القضية بتاعتك.

لوت جيهان شفتيها بملل حينما علمت من ماهر من قام باقتحام جميع حساباتها على التواصل الاجتماعي، لتزفر بحدة مغمغمة
-طلع هاكر بيحاول يشوه سمعات بنات غيرى مش انا بس
الموضوع عند الشرطة باعتقاله ونشر اعتذار أمام الصحافة وبدأ وسيم يضغط عليها كثيرا بظهورها للساحة أمام جماهيرها
لكنها حقت كرهت الجميع.

كرهت ذلك المجتمع الزائف بكل ما فيه، من ظنتهم داعمين لها ويستطيعون مساندتها هم أول من قذفوها بالحجارة، لقد اكتفت من الجميع
لكن يجب عليها الظهور، ليس الآن، ليست مستعدة لذلك الأمر بعد
هي بحاجة الى هدوء، واعادة تخطيط حياتها التي تضمنت بنزولها الى العمل مع والدها، ومساندة شقيقتها في عملها الذي يبدو انها نسته تماما، مما جعلها تهاتف مساعدتها المخلصة نجوي لجعل الاعمال تسير كما لو كان القبطان في سفينته!

تعلم ان هناك منافس شرس لشقيقتها وهي ليست حمقاء كى تجعل سفينة شقيقتها تغرق، استعانت بوسيم لتوسيع نطاق عمل شادية ونفى أى شائعات تصدر بحقها.
انتبهت على صوت شادية المتسائل بريبة
-يعني مطلعش نضال زي ما قولتيلي؟
هزت جيهان كتفيها وقالت بشك
- وميكنش ليه تغطية عليه
عبس وجه شادية مما جعل جيهان تقول بزمجرة خافتة
-روحي انتي عشان متتأخريش، انا هقعد مع لولو وهأكلها
ابتسمت شادية بحنين نحو قطتها لتهمس بتوسل.

-خلى بالك منها متغبش عن عينك لحظة
هزت جيهان رأسها موافقة وهي تعانق القطة قائلة
- متقلقيش
استدرات شادية على عقبيها تخطو خطوة خارج غرفتها الا ان عينيها اتسعت بدهشة نحو زائر لم تراه منذ أيام رافعا خصام غير ملعن متى ينتهي
غامت عينا شادية بألم شديد، تتحدى معاناتها التي مرت بها في غيابه مما جعل معتصم يضغط بقوة على كف يده كي لا يجذبها معانقا اياها ضاربا بكل شئ في عرض الحائط، إلا أنه تراجع في اللحظة الاخيرة.

ما نفع ضمها في صدره وهي ستخذله مرة بعد مرة!
ما نفع اطمئنانها وهي ستخبئ عنه في كل مرة، بل ستتجرأ على رفع عيناها نحوه دون الإفصاح بشئ عن داخلها
تهشم كل قوته المتظاهرة أثر همسها بأسمه
- بابا
اربعة أحرف فقط، قادرة على هز قلب رجل مغرم بأبوته حتى النخاع
أفق معتصم، ستتوسلك بعينيها الشبيه بثريا، ستمارس بعض المكر الانثوي وبعض الغنج الفطري، ستحاول معانقتك وتقبيل رأسك وكلتا وجنتيك ولن تضعف.

لن تضعف أبدا، راها تهم بالاقتراب منه الا انه منعها بنظرة زاجرة جعلها تكاد تختل ساقطة ارضا الا انها في اللحظة الاخيرة منعت نفسها من السقوط لينظف حلقه قائلا بصوت اجش
- ماهر مش فاضي اعتذر انه ياخدك، فقلت اوصلك في طريقي
ظلت شادية تنظر الى عيني الأب المتحاشية النظر إليها، توتره افضحه لتقترب تلك المرة تلف ذراعيها حول عنقه بشدة مقبلة كلتا وجنتيه هامسة بصوت خفيض
- وحشتني اووي، ارجوك متبعدنيش عنك
أفق معتصم.

لن تضعف
لن تضعف
يده ربتت على ظهرها في اشارة اولية ايجابية جعل شادية تنفجر باكية بين ذراعيه، ليتنهد معتصم بقلة حيلة وهو يشدد من ازرها ناظرا نحو أثر الطلقة لينقبض قلبه كلما تذكرها، لم يسامح ابنه الأحمق
ولن يسامحه على ما قام به، لا يصدق انه اخفى عنه ما خطط له.

الا ان الابن أوضح بكل برودة اعصاب انه كان سيعرقل خطته، وقتها سارع متوجها نحو غرفتها ليجدها تغط في نوم عميق مع جيهان متعانقتان بقوة جعل قلبه يرق ليتقدم طابعا قبلة على جبين كلتاهما ثم غادر بهدوء شديد يكاد يحسد عليه، غمغم بصوت اجش معاتب
- موجوع منك يا شادية، موجوع اووي
حاولت شادية ازالة الدموع الا انها تزداد غزارة مسببة التشوش في الرؤية لتحاول السيطرة على هدوئها وهي تجيبه بألم.

-حقك يا بابا، انا غلطت فيك وكسرت الثقة اللي بينا، بس متسبنيش لوحدي انا من غيرك ولا حاجة
عاد يربت مرات اخرى على ظهرها وهي تزداد التصاقا به مما جعله يرفع رأسها محتضنا كلتا وجنتيها ناظرا الى عمق عينيها والى ثيابها الانيقة، كالمعتاد، لم ترتدي ما يثير ريبته أو شئ يلفت الانتباه إلى أنه يشعر انها انتقته خصيصا له!
اضيفوا شئ اخر.

ابنه العظيم لم يخبره انه سيصطحب ابنته الى زيارة ذلك الايطالى، تجهمت ملامحه للعبوس الشديد دافعا إياه للسؤال
- للدرجة دي هو مهم عندك
عيناها اللتين تنظر اليه بتوسل شديد ومسامحة تحاشت عنه تماما
والحمرة في وجنتيها تزداد ظهورا، ولم يخفى عنه تلك النظرة في عينيها ليسقط كلتا يديه
لقد سقطت
سقطت وما من طريق للنجاة تلك المرة
لما فعلت هذا به؟ لما هو تحديدا!

ماذا فعل غير أنه دافع عنها بحياته وانقذها من خطر قد تكون وقتها ميتة أو يهيم كتائه باحثا عنها في الطرقات، ابتلع غصة مريرة وهو يسمعها تهمس بخجل
-بابا
تذكر يوم مقابلة ذلك الإيطالي ليختفي علامات الشفقة ناحية الرجل ليقول بحنق
- حتى بعد ما جالى وقالى عايزك ياخدك صحبته بدون أي صفة رسمية ما بينكم
عضت شادية على باطن خدها وهي تنظر الى عيني والدها الغاضبة، لتبرر موقفه قائلة بخشية.

-سرمد عايز فترة تعارف ما بينا عشان ندرس بعض، هو طبعا عمره ما هيقصد حاجة وحشة بس دراسة قبل ما يدخل خطوة جد
وتدافع عنه يا معتصم
أين ثريا لترى ابنته التي تقف أمامه بارتباك تدافع عن حبيب رغبها أن تكون خليلته فقط!
ابتسامة ساخرة زينت ثغره وهو يسألها بجدية
- ولو دخل الخطوة دي يا شادية
اختفى البريق من عيناها وتصلبت ملامحها لتهمس بجدية
- مش هيدخل يا بابا، انا عايزة ابقي لوحدي الفترة دي.

لم يعجبه اجابتها مطلقا، ماذا تظن الصغيرة أنه سيحبسها في منزله رغم هذا ما يحبه ان يحتفظ بكلتا ابنتيه ويرفض كل الراغبين بهما، الا انه لن يكون انانيا ابدا ليحصل على سعادته، ضم كلتا كفيه وهو يسألها
-وبعد كدا؟
هزت شادية كتفيها بلا مبالاة مغمغة بسخرية
-محدش هيقبل بيا يا بابا، ناس كتير هتبعد عن الشبهات.

رفع معتصم عينيه نحو جيهان التي تداعب لولو وعينيها تتابعان حديثهم مع لمسة حزن في وجهها، تنهد معتصم بضيق حتى زلزال البيت الخاص به انطفأت بعد ما حدث لها، عاد بعينيه نحو شادية وهو يسألها
-ولؤي لما اجبرتيني اوافق عليه؟
اجابته ببساطة شديدة
-انت عارف اننا مكناش هنستمر مع بعض.

هز رأسه بيأس شديد وهو يشير برأسه ليتقدمها إلا أنها التصقت بذراعه تسير بجواره مما جلب بسمة خفية في قلبه، رفع رأسه وهو يراها تتشبث به بقوة وعيناها تنظر اليه بحب أشد وطلب السماح جعله يقسو قلبه، لن تحصل عليها ببساطة
ربما سيبادلان بعض الأحاديث، لكن ابدا لن تكون معاملته كالسابق، غمغم بفظاظة شديدة
- يدوب تسلمي عليه، وتمشي ورايا مواعيد
شددت شادية من امساكها لذراعه وهي تجيبه بهدوء وطاعة شديدين
- حاضر.

رفع حاجبه مستنكرا طاعتها الهادئة ليقول بحدة طفيفة
- مش هسيبك لوحدك معاه
مالت تطبع قبلة على خده وهي تجيبه
- بابا متقلقش انا بس هشكره وهمشي مش هقعد
لم يصدقها، هو ليس احمق حتى وان علم ان ابنته لن تقوم بفعل ما قد يسبب له الحرج
لكن المشكلة تقع للراقد في فراشه ليغمغم
- هنشوف.

في الوقت الحاضر،
عينا سرمد تنتقل بين نظرات شقيقه الشامتة ونظرات غسان المؤازرة ليراها ترحل منساقة خلف والدها ليلعن القيود الشرقية والأحكام البالية ليناديها بصوت أجش
-شادياااه
رأي ارتعاشة جسدها وقد بقيت ساكنة دون حراك ليهدأ من جنون ضربات قلبه وهو ينظر الى غسان الذي حذره من التمادي والى شقيقه الذي غمز اليها بمكر شديد طالبا اليه الظفر بحبيبته من أسنان حماه المستقبلى، ليعيد توسله منها قائلا.

-ابقي ارجوكِ، لم أتحدث معك
وتلك المرة مواجهته نحو الرجل العجوز الذي نظر بعبوس شديد ورفض جلي مما جعله يقول بجرأة شديدة لم تذهل الرجل العجوز امامه
- من حقي ان اطمئن عليها
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتي العجوز وهو يراها حتى الان تعطيها ظهره، يعلمها حائرة ومشتتة بين ناريين، لكن ليس بعد الآن
سيضع كل شئ في موضع الصحيح، لن يغادر ذلك المكان ابدا الا وهي معه وبجواره
سأله العجوز بسخرية شديدة
- بأي صفة؟

القى نظرة مطمئنة نحو غسان الذي هم بالتدخل لينظر نحو عينا الرجل قائلا بلهجة هادئة
-سأصبح زوجها
شهقة خفيضة خرجت من شفتي شادية التي نظرت الى والدها بحيرة شديدة، هل ما استمعت إليه صحيح
يريد الزواج منها بعد ما حدث بسببها؟

رمشت اهدابها عدة مرات وهي تنظر الى والدها، تريد أن تسأله إن كان حقا هذا ما قاله أم مجرد ما يصور له عقلها، رفعت عيناها نحو رجل طويل القامة خلف والدها ملامحه تقارب ملامح سرمد لكن بنسخة أكبر منه بحوالي عشرون عاما، لتتسع عيناها بجحوظ وهي تسمع صوت سرمد المتوسل
- أبي.

تلون وجنتي شادية بالحرج الشديد تحت فحص الرجل الكبير بعينيه السوداء الشبيهة بسرمد، لتجلي حلقها وهي تسمع الى صوت الرجل البشوش المخالف لنظرات عينيه الصارمة
- يبدو ان سرمد تسرع قليلا، على كلا يشرفني ان أخطب كريمتكم لابني البكري سرمد
ازداد تورد وجنتي شادية وكادت تختفي بين الجميع لتنظر الى ابيها الناظر نحو سرمد بغضب جلي ليغمغم بحدة
- وأنا غير موافق.

فغر سرمد شفتيه صادما لينظر نحو سامر الذي حلت الصدمة على تقاسيم وجهه، صاح باستنكار شديد
- ماذا
التفت الى والده الذي زجره بنظرة من عينيه الا انه لم يرضخ له، حاول قراءة جسد شادية التي تدير بظهرها اليه لكنه لم يتحمل رفض الرجل، ليصيح بتهور
- لكن العروس لها رأي آخر
شهقة أخرى صدرت منها وهي تدير رأسها اليه بعينيها الكهرمانية تنظر إليه باستنكار شديد وبعض التوسل من عينيها المعذبتين مما جعله يتمرد أكثر.

شياطينه تتراقص أمام عينيه
اتصمته هو الآخر
بالله هو يتحكم بنفسه بصعوبة ولا يستطيع التحكم في رفض الرجل له، تأوه بصوت خفيض حينما لكزه سامر من ذراعه قائلا
-اصمت يا احمق
ضم معتصم يديه في جيب بنطاله وهو يسأل ابنته المشتتة بينهما، يشعر بها عاجزة وحائرة في تلبية التراضي بينهما
بالله كيف سرق قلب ابنته، وهو لا يوجد به حسنة واحدة يجعله يستطيع القبول به
- ماذا يا شادية؟ هل توافقين على شخص مثله؟

شعرت شادية بان جميع العيون تقع عليها، حاولت تجاهلهم خصيصا تلك العينان اللتان تنفثان نارا ل ترفع عيناها بحيرة لتغمغم
- انا مضطرة امشي
خطوة واحدة خطتها هاربة من الجميع الا ان جسدها تخشب على صوت جهوري خشن سبب بقشعريرة قوية من منابت رأسها حتى أسفل قدميها
-اللعنة، لا تهربي مني.

فغرت شادية شفتيها بصدمة محاولة اخذ كمية وفيرة من الهواء لتزفره على مهل، تحاشت النظر الى والدها، تعلم أن والدها يتوعد لها ولذلك المجنون لتنظر اليه وهو يأسرها بنظرة كادت تفقد اتزانها
بللت طرف شفتها السفلى لتهمس اسمه
- سرمد
طالبته بالصمت والتوقف عن إلحاحه، ودفعها الى الخيار بينهما، توسلته حرفيا وهي تحاول منعه من الاختيار ليزفر سرمد بحدة ليرفع عينيه نحو الرجل العجوز الذي يستشيط غضبا مما جعله يغمغم بتوسل.

- ابي ارجوك، سيد معتصم ارجوك دعني اتحدث معها، انا حتما جدىّ معها لا امزح في طلب زواجي لها
رأي سرمد نظرات الرجل العجوز المتهكمة وهو يرمقه بغضب وحنق يكتنفه لينظر إليه بعلو قائلا
- ولما سأعطيك إياها؟

اتسعت عينا شادية وهي لا تصدق انها بضاعة تعرض أمام المشترين ينازع عنها المشتري والبائع، لم تشاهد موقف سخيفا كهذا، وبحياتها لم تحط في هذا الموقف، رفعت عيناها تنظر الى والد سرمد الذي ينظر بيأس إلى ابنه، لسانها عجز عن طلب مساعدته، لكن الرجل ذو العينين السوداوين قرأها وهو ينظر اليها بحنان جعلها تستكين ودموعها تنهمر دون ارادة منها وهي ترفع رأسها لتسمع إلى صوت سرمد الأجش وعينيه حكاية أخرى...!

- لأنني لن أتواني أبدا عن الدفاع عنها حتى مماتى، سأقترب من الموت كل مرة ولا يصيبها خدش، سأتحمل أي شئ وكل شئ من أجلها، لانها تستحق، تستحق ان تبذل قصاري جهدك لرسم بسمة على شفتيها
اسرها بعينيه، و استطاع ببراعة أن يغلفها في مصيدته بكلامه المبهر وما تعطشت هي كأنثي لسماعه من رجل، كاد وزنها يختل ساقطة على الارض تلك المرة وعينيه لم تتزحزح عن عينيها
يتوعدها في حين، يرمقها بشغف شديد وجرأة أشد كعادته.

لكن تلك المرة تقرأ شئ آخر لم تستطيع فهمه سابقا، انه يراها وكأنها الوحيدة على هذه الخليقة!
انتبه سرمد على اقتراب سامر هامسا بصوت خفيض
- توقف قليلا يا وقح عن النظر اليها هكذا
صاح سرمد بفظاظة شديدة وهو يرى أقرب شخصين له لم يساندانه في محنته
-اغربا أنتما عن وجهي.

عاد ينظر الى والده تلك المرة ورغم نية والده بعدم مساعدته، إلا أنه عاد ينظر الى شادية باطمئنان شديد، ثم يرفع نظرته إلى والده ليشير إليه ناحيتها، مما جعل الأب يزفر بحدة ليقترب من معتصم قائلا بصوت هادئ
-نحتاج للتحدث سيد معتصم، واعدك ان شادية لن يصيبها شئ، لنترك لهما فترة يتحدثا وإن وافقا سآتي أنا والعائلة وزوجتي لنخطبها رسميا من حضراتكم.

استنكر معتصم ما اقترحه الرجل تماما، رفع عيناه نحو سرمد الذي أعطاه وعد شرف بحمايتها، رفع معتصم حاجبيه ساخرا الا ما قابله سرمد جدي تماما، لم يتزحزح مكانه قيد انملة وقلقه من افتراس ذلك الرجل لابنته ممكن، ما يمنعه فقط وجوده
لا لا لا، مرضه فقط، وغير ذلك ما فهمه أحد أمامه
لكنه تراجع فقط وهو ينظر نحو ابنته المشتاقة هي الاخرى للحديث معه، اللعنة، سب معتصم وهو متورط في مأزق لا يستطيع الخروج منه.

من ناحية طلب الرجل ووعد المريض رغم عدم ثقته تماما، لكن تلك المرة سيضع ثقته في ابنته
ان كان هو جامح سيري كيف ستروضه ابنته إن كان هو خيارها، فلتتحمل!
غمغم بصوت خفيض ناحية ابنته
- عشر دقايق وبس.

فغرت شادية شفتيها بصدمة وهي تري مغادرة والدها مع الرجل، لتقف ساكنة بلا حراك وبعض الاحاديث الجانبية بالايطالية بالطبع لم تفهمها يخرجها رجل يجلس بجواره، تعلم أن الحديث عائد إليها بالنهاية الا ان هذا لم يمنع تورد وجنتيها وهي تفرك يديها بتوتر لينفجر صوت سرمد الحانق بالانجليزية تلك المرة
- اغربا عن وجهي.

القي سامر شتيمة وقحة بالايطالية جعل سرمد ينظر إليه شزرا دفع سامر يشد بقامته مقتربا من السمراء الحسناء قائلا
- دعني اسلم على زوجة أخي، دعيني اعرفك انا سامر شقيق ذلك الاحمق
رفعت شادية رأسها وابتسامة خجول تزين ثغرها وهي تسلم عليه قائلة بابتسامة هادئة
- اعلم، أخبرني سرمد عنك كثيرا
لاحت الصدمة على وجه سامر ينظر إلى غسان بنظرة ذات مغزى جعل غسان يهز رأسه ليسيطر سامر على صدمته وهو يقول بعبث شديد.

- حقا! يبدو أن أخي ليس سيئا كما توقعت، توقعت أن يتبرأ منا
اتسعت ابتسامة شادية وهي تهز رأسها نافية مغمغة
- كلا انه يحبكم جدا، يهتم بعائلته وحريص على إسعادهم
راقبها سرمد بجرأة متفحصا خصلات شعرها الناعمة التي تزين وجهها، لم يراها تترك خصلات شعرها محلولة الا نادرا، تذكر يوم الفستان الاحمر النارى الذي رأها به ليزفر بحدة محاولا دحض أى جنون يستحوذ عليه، لكنها لا تساعده وهو يراها تتخذ جانب الدافع عنه.

وكأنها تخصه كحاله ايضًا
هذا حقا كثير عليه الآن، تأملها وهي تدافع عنه بعفوية منها بوجنتيها اللتين يشتهي قطفهم منها سريعا، ليري نظرة سامر وغمزته الوقحة ليعيد برأسه نحو شادية قائلا
- حسنا، سنلتقي مرة اخرى يا شادياااه
زادت حمرة وجنتيها واكتفت بالصمت وهي تراه ينادي اسمها كالآخر، حقا هذا كثير عليها ألا يكفيها هو، ناطقا اياها بنبرة مثيرة جدا تجعلها لا تستطيع رفض ندائه ابدا
-ايها ال.

سبه سرمد بغيظ بالايطالية مما جعل سامر يقهقه باستمتاع وهو يرى أخيه الغيور، تأكد الآن أن شقيقه واقع في حب السمراء، لم يراه من قبل يغار على صديقاته السابقين رغم عرقه الايطالي الغيور، لكن لا شئ
والان بمجرد نقطه اسمها كما قاله، جعل المارد يخرج من مخدعه ليهمس بأسف شديد بايطالية علم أنها تجهلها
- اصمت يا رجل، هل تلك الفاظ يصح نطقها أمام زوجتك.

ثم التفت نحو شادية مغيرا محطة الاذاعة الايطالية للانجليزية بتعب شديد ليقول بتسلية
- سأعلمك الايطالية لأن هذا الاحمق لن يعلمك شيئا
زمجر سرمد بوحشية جعل غسان يجذبه بحدة قائلا
-يكفي هذا القدر لقد ضاعت خمس دقائق
اعتذر غسان بلباقة من شادية التي هزت رأسها لتنظر اليهما وهما يخرجان من الغرفة مغلقين الباب من خلفهم
الساحة أصبحت فارغة إلا منهما فقط.

وبالطبع الشيطان بينهما، تلعب شياطين سرمد وهو يراها حلوة مغرية بوجنتيها النضرتين ليحاول السيطرة على تأثير قلبه الذي يكاد يصيبه بذبحة صدرية ليهمس بصوت خشن
- اقتربي
رفعت شادية رأسها وهي تنظر اليه بتيه شديد، تبدو في عالم خاص بها
بعيدا جدا عنه، مما جعله ينظر إليها بوعيد وهي تسأله
- ماذا؟
كرر رجاءه مرة اخرى
-اقتربي مني.

نظرت شادية يمينا ويسارا وكأنها تستشير الحوائط من حولها، قلب سرمد عيناه بملل غير مصدقا إياها، حقا لا يصدق ما تقوم به ليكرر ندائه تلك مرة بصوت أجش
- عيناك يا شادياااه يجب ان اراهما.

تحركت شادية بتوتر تسحب كرسيا لتجلس بالقرب من فراشه، عيناها تتأمله بقلق، تمسحه بعينيها وهي تراه يلف ضمادة في رأسه وشعره محلوق، يبدو متغيرا بعض الشئ لكن يبدو بخير وهذا الاهم، لا تحاول اطالة حديث عينيه بل تمر بمسح سريع وهي تتمنى لو تخرج من الغرفة مع والدها ولا تضع في هذا الموقف العصيب
انتبهت على صوت سرمد المتسائل
- هل تقبلين بي؟ هل تقبلين ان اكون رجلك؟

مفرقعات عيد، هذا ما رآه في عينيها، رعشة جسدها قرأها وهو يرى تصلب جسدها ليبتسم بهدوء شديد ليمسحها مسحا بعينيه التي تحاول معرفة سر ملامحها الشاحبة رغم مهارتها في اخفاء الشحوب من وجهها، لكنه ليس مصور من فراغ كي لا يعلم أنها تضع عدة طبقات على وجهها خافية شحوبها، عينيها الغائرتين جعله يزفر بقلة حيلة ليتفاجئ من ردها الهادئ
- سرمد، لا اعلم انا لا اظن انى مناسبة لأي علاقة.

اندفع الغضب يسري في عروقه لتتوحش ملامح وجهه وهي تنظر اليه بقلق وبعض الريبة ليراها تهم بالتوضيح الا انه صرخ في وجهها
- اصمتي
اتسعت عينا شادية بصدمة وهي ترى الجانب العنيف من سرمد لأول مرة، لتحاول التحدث وتبرير موقفها الا انه تلك المرة تعمد مقاطعة حديثها
- لا داعي لجلب ثورى الهائج، اريدك زوجة لي وكفي
رفعت يدها محتجة باعتراض تام
- لكن
حاول سرمد التغلب على الألم الذي يؤلم رأسه ويلتفت مواجها اياها قائلا بحدة.

-لكن ماذا
زمت شادية شفتيها بعبوس وهي لا تصدق اسفل ثياب المتحرر الايطالي، استقامت من مقعدها لتهم بالاعتذار والمغادرة الا انها تفاجأت بيده التي امسكت معصمها بحدة جاذبا إياها إليه، شهقت بتفاجئ وكادت تسقط على فراشه الا انها امسكت بيدها على آخر لحظة على حاجز الفراش، تنظر إليه من علو وعينيه السوداء تنفجر كقنابل مميتة في حرب هزمتها بعد حروب باردة طويلة، نظرت اليه بعتاب شديد محاولة نزع يدها منه
-سرمد.

رائحتها الناعمة تزكم أنفه، وانفاسها الدافئة تداعب رأسه الأصلع تقريبا لينظر إليها بتجهم شديد قبل أن يصيح بحدة
- يحق لي لمسك
صاحت شادية بيأس شديد
-ليس بعد
الا ان سرمد ما زال يعد قائمته الخاصة
-ويحق لي عناقك
زجرته بحدة شديدة وهي تنزع يدها منه قائلة بيأس
- سرمد
صرخت بفزع حينما غمغم ببرود شديد لتنتفض كالملسوعة مبتعدة عنه بذعر
- ويحق لى تقبيلك.

كاد قلبها ينفجر من كثرة خفقانه، صدرها يصعد ويهبط بجنون محدقة الى سرمد الناظر اليها ببرود شديد
إلا أنها تعلم كل ذلك مجرد طبقة خاملة لثورانه، صاحت بحدة وخجلها سيطر عليها
- سرمد توقف، ابي يخشى علىّ من تهورك لهذا يرفضك، وانت لا تتدخر وقتا ولا تستغله في لمسي
هز رأسه بلا مبالاة محاولا شغل نفسه في شئ بعيدا عنها، لن يفكر الآن في شئ وقح وهو أعطي وعد لوالدها بعدم الاقتراب منها.

إلا أن هذا لا يمنع اعطاء دروس لزوجتها القادمة بما بكيفية سير حياتهم القادمة
-لأنه يحق لي
شهقت شادية باستنكار شديد قائلة بنفي
- لا، لا يحق لك
التفت اليها سرمد بحدة مما جعله يتأوه بتوجع وهو يتمسك بمكان جراحته، اقتربت شادية بذعر شديد هامسة بتوتر
- هل تؤلمك؟
جز على اسنانه بسيطرة محاولا التلاهي في أي شئ بعيدا عن المه ليرفع رأسه وهو يرى نظرات عينيها المذعورتين
لم يكن يحلم إذا.

لقد كانت تناجيه وتصرخ اسمه حينما تعرض لضربة غادرة من إحدى الرجلين، ليزفر بقلة صبر قائلا
-تكاد تنفجر يا برتقالية
تنهدت شادية الصعداء وهي لا تصدق انه في وقت مرضه يناديها بهذا اللقب لتصيح بصرامة
-توقف عن ترديد هذه الكلمة
عقد سرمد جبينه بشر وهو يرمقها بشراسة شديدة جعلها تحاول رسم ابتسامة على شفتيها ليخرج صوته الآمر.

- لا يحق لك صمتي شاديااه، سأتزوجك برضاك بعدمه سأتزوجك، سأعلمك فنوني الخاصة وستكونين تلميذتي النجيبة، برضاك او بعدمه سأتزوجك، احترق يا امرأة وانا اراك قريبة ولا استطيع لمسك كما اريد
رفرفت بأهدابها عدة مرات وهي لا تصدق هذا الرجل، أي زواج هو الذي متأكد منه
هي رافضة ووالدها رافض، كيف سينتزع موافقتها رغما عنها وابيها تعلم لن يزعزعه شيئا أن رفض، لتقول بمعاتبة
- سرمد.

ربت سرمد على نبضات قلبه الهادرة والجو يزداد سخونة وهي لوحدها بركان نشط يكاد يقضي عليه ليغمغم بنبرة فقدت سيطرته
- اشتهي عناقا يفلت جميع تعقلنا وليذهب الآخرون للجحيم، لا أهتم سوى ان اشعر بك معي وبجانبي
وضعت شادية يدها على شفتيها وعينيها متسعتان بجحوظ لترتد عدة خطوات للخلف قائلة
- انت وقح
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه وهو يرمقها بحرارة شديدة جعل شادية تجلي حلقها وهو يهمس بصوت كاد يطيح بصوابها.

- بل افكر بصوت عالي بما ارغبه وبما سأحققه
عضت باطن خدها بيأس شديد لتخمد أى فرحة غبية تنتشر في أوردتها قائلة
- لكنني لا ارغب، سرمد ارجوك اسمعني انا لست كما...
قاطعها بحدة شديدة
-اصمتي، اصمتي حبا بالله وغادري
رمشت بأهدابها عدة مرات وهي تغمغم بعدم فهم
-ماذا؟
ضرب بكف يده على سطح الفراش بحدة اجفلت شادية لترفع عينيها إليه وهو يقول بصعوبة شديدة
-غادري كي لا تخرج وحوشي وستكونين انتى الوحيدة الملامة.

توقع سرمد أن تقفز فزعا هاربة منه الا ان هدوئها المريب وعدم إتيانها برد فعل مناسب جعله ينظر إليها باستنكار شديد ليراها تسأله بهدوء
- هل ستفعلها؟
كاد ان ينفجر ضاحكا واخيرا البرتقالية فهمته وبدأت تجاريه، ظن بعد تلك الأيام لا تفهمه كما يفهمها هو، هو وعد الرجل، لن يقترب منها بأي سوء قد يمسها، عاد يرفع عينيه وهو يتأملها مليا.

هل بكت كثيرا من أجله؟ هل حقا تأثرت بمرضه؟، عينيها المنتفختين من الدموع هل يعود لسببه أم هو سبب ثانوي؟
اسئلة حمقاء تجول في رأسه ولا يعلم ذلك التملك الذي بداخله ينمو بطريقة بشعة بداخله بسببها، زفر بحدة وهو يسألها بخشونة
- هل آذاك؟
تحت نظرتها الصادمة في البداية ثم ترددها بالاجابة عليه، جعله يزفر ساخطا وبدأ غضبه يزداد ناحية قتل ذلك القذر بيديه، سيفعلها، ولكن لن يطيل الموت بسهولة
سيجعله يترجاه.

سيجعله يفكر كل مرة قبل الاقتراب منها، عاد يكرر سؤاله بإلحاح شديد
- هل لمسك؟ تحرش بك؟، ضايقك بلمساته القذرة
رمشت شادية أهدابها عدة مرات محاولة التهرب منه قائلة بصوت متحشرج
- سرمد لا داعي انا...
قاطعها بعنف شديد وقد انتفخت اوادجه سخطا وبدأت حممه اللاهبة تقذف في وجه المسكينة
- أجيبي واللعنة
ارتعد جسدها نتيجة ظهور مارده لتحاول طمئنته قائلة بارتجاف.

- لقد، لقد انقذني غسان وصديقك سيد، لولاك ربما ما استطعت النجاة منه
الى متى لن تحاول التملص منه والكذب، أدار بوجهه للجهة الأخرى ليصيح بأمر قاطع
- غادري
رمشت شادية أهدابها عدة مرات، لا تصدق انه يطردها من غرفته بطريقته الفظة ليكرر الحاحه لها مرة اخرى
-الان شاديااه، لا اضمن نفسي لدقيقة أكثر
ازدردت ريقها بتوتر لتسحب حقيبتها وهي تلقي إليه نظرة أخيرة هامسة بصوت خفيض
- كن بخير.

ارتسمت ابتسامة باردة على شفتيه رغم اشتعال حدقتيه لينظر إليها بتفحص قائلا
-سأكون بخير ان وافقتِ، سأحاول أن آتي الى منزلك مع عائلتي لتتعرفي عليهم.

لم تملك سوى أن تبتسم وتحاول الخروج من الغرفة بأقصي سرعة، فتحت الباب لتتفاجئ بحركة غير طبيعية أمامها وشخص يفر بسرعة يلاحقه سامر وعلى وجهه ارتسمت تعابير الغضب، لتنظر بريبة محاولة فهم ما يحدث، ظلت تبحث بعينيها عن ابيها او شخص تعلمه لتجدغسان وهو يحاول يلحق الآخر لتستوقفه قائلة
- فيه ايه.

سارع غسان متحدثا بسرعة عن ضرورة ذهابه قبل ان يموت الرجل، حاولت أن تستفسر عن أي رجل يتحدث إلا أنه اختفى ببساطة من أمامها، لتهز رأسها بيأس لتتقدم خطوتين للأمام إلا أن صوت ساخر صدح بصوت مرتفع
- بيقولوا مسكوا صحفي اجنبي عشان صور سرمد معاكي
ارتدت خطوة للخلف ورفعت برأسها تنظر الى ابيها الذي ينظر اليها بحدة وغضب تتفهمه، لتجلى حلقها بتوتر شديد لتفرك يديها قائلة
- اناا!، ليه؟

اغمض معتصم جفنيه لثواني قبل ان يفتحه وهو ينظر الى الاتجاه الذي ذهب منه الشابين لاحقين الصحفي الذي لا يعلم اين كان يختبئ ليغمغم
- واضح مفيش فايدة
اشار لها بالتحرك لتسير بقلق وهي تخشى سؤال والدها عن ماذا سيحدث مستقبلا!
ماذا ستقول له، إن الايطالي يجبرها جبرا على زواج سيكون فاشلا بالنهاية!
أو لعلاقة مؤقتة لن تدوم مطولا!
ماذا ستفعل وتلك المرة علق قلبها ولن تستطيع الفكاك منه إلا أن طالب هو!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة