قصص و روايات - قصص بوليسية :

قصة في مسرح الجريمة بقلم محمود غسان الفصل الأول

قصة في مسرح الجريمة - قصة بوليسية

قصة في مسرح الجريمة

الفصل الأول: جريمة قتل

دخلت الآنسة كليرا وهي شابة طويلة القامة مكتب المحقق دانيال , حيث رأيته يتحدث عبر الهاتف بعنف شديد , فسمعته يصرخ و يقول: اليوم حين أأتي لا أريد أن أراكِ و أغلق سماعة الهاتف بقوة ..

 

فلاحظ وجود الآنسة كليرا فالتفت إليها و قال بهدوء: المعذرة , أنها زوجتي !
فلاحظت و كأن الوقت غير مناسب و لكن كان عليها إخباره:
المعذرة سيدي , و لكن جاءني بلاغ الآن عن جريمة قتل في 7515 شيلدون في إلك جروف
فسألها المحقق: من الذي قُتل ؟
لم يكن سؤاله ينم عن إرادة قوية لمعرفة من هو , حتى سمعها تقول له بتردد شديد:
انه رجل الأعمال روبيرت باندريك

صُدم المحقق باندريك بشدة حتى قال باهتمام: كيف حدث هذا ؟
جلست الآنسة الحسناء أمام مكتبه ثم عقدت شعرها الذهبي كذيل الحصان ثم قالت:
لقد جاءني اتصال للتو من مديرة أعماله التي تدعى سوزان و قالت بأنها وجدت سيدها مقتولا في غرفة مكتبه , غارقاً بدمائه ...

أصدر المحقق صوت همهمة ثم نظر إلى ساعة يده فوجدها تشير إلى الرابعة و النصف مساءا
ثم قال: حسنا هيا بنا ...

دخل بيت السيد روبيرت باندريكرجل قصير القامة يبلغ من العمر خمسة و أربعون , اسمر اللون ..
فوجد بيته صغيرا و أثاثه فاخرا , بيته في منطقة بعيدة عن المدينة , منطقة يسودها الهدوء و السكينة و لا احد يقصدها إلا ملاك تلك البيوت ..

فنظر إلى سيدة تبدو حزينة جالسة في احد أركان البيت فأقترب منها و قال:
من فضلك يا سيدتي أنا المحقق دانيال من قسم مكافحة جرائم القتل
فنهضت تلك السيدة و قالت و هي تبكي:
من فضلك يا سيدي اقبض على من فعل تلك الفعلة من فضلك سيدي , لا تجعله أن يفلت بفعلته
فحاول المحقق أن يهدئ من روعها:
حسنا .. حسنا و لكن عليكِ مساعدتي في هذا , من فضلك رافقيني الآن إلى مكان السيد باندريك

فتحركت تلك السيدة و من خلفها المحقق دانيال و بجواره الآنسة كليرا و من خلفه رجلان احدهم هو جاستيس بيرو المحقق الجنائي , و الآخر الدكتور بيتر روكويل خبير البصمات ...

دخلت تلك السيدة أولا ثم تبعها المحقق دانيال بحذر شديد و بخطوات قد تكون متناهية الصغر و تبعه من خلفه مساعدته و الرجلان الآخران ...

تجمد المحقق دانيال مكانه و لكن كانت عيناه تتحرك في أرجاء الغرفة حتى وقعت على الضحية الملقاة على الأرض على بطنه , باسطاً لذراعيه بزاوية قائمة , غارقاً بدمائه و في يديه اليمنى مسدس , و على كفه الأيسر نذبة على شكل مثلث ..

 

فتحرك بصره قليلا أمام الضحية فوجد برواز لمرآة زجاجية محطمة كليا ...
أما على المكتب فوجد عليها آلة كاتبة و ورقة بيضاء فتناولها و بدأ يقرأ بصوت خافت:

أنا روبيرت باندريك , اكتب هذا و أنا بكامل قواي العقلية , أحُيل ممتلكات عائلة باندريك جميعها إلى وريثتي الوحيدة سارة براد باندريك بنت أخي براد باندريك المتوفى التي تقيم في فيرزنو دون قيد او شرط ... توقيع روبيرت باندريك

حوّل المحقق نظره نحو الآنسة كليرا مساعدته ثم قال لها:
أريد معرفة من هي سارة ؟ و جميع معارفها ؟
سكت ثم قال عندما أشار الى الضحية: أيها المحقق بيرو من فضلك قم بعملك
و هنا أشار لمدام سوزان الى جهة باب الغرفة قائلا: من فضلك تعالي معي
أخذها و خرج خارج البيت يتأمل حديقة المنزل , فتناول مقعد خشبي قصير واتخذه مجلسا له و قال:
من فضلك سيدتي عليكي ان تهدئي حتى اعرف ماذا حدث.

مسحت سوزان دموعها بيدها ثم أخذت نفَس من انفها ثم قالت بتأني:
سيدي , انا لا اعرف ماذا حدث , و لكن ...
فقاطعها مسرعا: أولا أريد معرفة من زار سيدك اليوم و خطوات عمله منذ الصباح حتى وقت وقوع الجريمة , حسنا

ظلت سوزان تفكر قليلا حتى قالت بهدوء:
عند الساعة التاسعة صباحا زاره مستر براين جونزي , هو مدير شركة بيزك كيميكال للصناعات الخفيفة , مكث معه قرابة ساعتين , بعد ذلك مباشرة طلب الإفطار في حديقة المنزل هناك ( و أشارت الى مكان قريب من موضعهم , ثم التفت إليه و أكملت حديثها ) فجلبت له الإفطار , و عندما فرغ منه طلب ان ينام قليلا حتى موعد قدوم الآنسة نادين ...
قاطعها المحقق فورا و قال: المعذرة , من ؟

نظرت إليه بإعياء و قالت: الآنسة نادين فتاة ذات أصول عربية و تعمل مترجمة للسيد روبيرت
سكتت ثم قالت بعد تنهيدة قصيرة: زارته تقريبا الساعة الواحدة بعد الظهر , مكثت معه في مكتبه حتى جاءني اتصال من احد مسئولي شركة مقاولات يريد تحديد موعد مسبق مع السيد روبيرت بخصوص منشآت في لاس فيجاس , فأعطيته موعد غدا الساعة العاشرة مساءا - حسب جدول مواعيد السيد روبيرت - لان أي عميل قبل قدومه يطلب موعدا مسبقا.

يستمع لها السيد روبيرت بكل تأني و تركيز حتى وجدها فجأة كفت عن الحديث فقال لها بإشارة بيده: حسنا أكملي ...
أكملت سوزان و قالت: حسنا بعد ذلك طلب السيد روبيرت ان أقدم لهما كوبان الشاي في حديقة المنزل , فمضت نادين معه حتى الساعة الثالثة عصرا تقريبا , حتى رأيتها من نافذة المطبخ تغادر حديقة المنزل و مضى السيد روبيرت الى مكتبه , لم يمضي نصف ساعة حتى رأيت رجل غريب الشكل , شعره أجعد قادم نحو المنزل , فسرعان ما تركت ما بيدي و ذهبت إليه كي استفهم أمره , فطلب مني مقابلة السيد روبيرت ...

فقاطعها المحقق دانيال و قال باهتمام: ما اسمه ؟
ردت بخوف: لم أسأله !
فصرخ المحقق دانيال: كيف هذا , أيعقل ما تقولينه ؟ , رجل غريب قادم لزيارة السيد روبيرت تسمحي له بالدخول دون معرفة اسمه ؟
- لقد اخبرني بأنه يريده لأمر هام , و انه على عجل , فدخلت المكتب السيد روبيرت و أخبرته بأن هناك رجل يريده لأمر هام , حتى سمعته من خلفي يقول لي المعذرة يا سيدتي اخرجي أنتي

سكتت ثم قالت: من الواضح أن سيد روبيرت لا يعرفه , لان عندما رآه قال له من أنت , فلم يجيبه إلا عندما غادرت المكتب

أصدر المحقق دانيال همهمة ثم قال: هذا تقريبا حدث الساعة الثالثة والنصف , أليس كذلك
- بلى

فقال المحقق: حسنا , متى غادر هذا الرجل بيت السيد باندريك ؟
فأجابت بثقة: رأيته يغادر البيت تقريبا الساعة الرابعة و النصف مساءا , ووقتها فقط دخلت مكتب سيدي ( فذرفت بعض الدموع ) و وجدته مقتولا
فقال المحقق بحذر:
حسنا , لم يخيّل إليك في هذه الساعة التي مكثها هذا الرجل ان تطمأني على سيدك

أجابت بهدوء شديد: لا , سيد روبيرت منعني من ذلك مرارا و تكرارا
- هل تعتقدين انه هذا الرجل هو الذي قتله ؟
و هنا صرخت بشدة: بالتأكيد هو , من يكون إذن ؟
و هنا حاول المحقق ان يهدئ من روعها: على رسلك سيدتي , هل سمعتي صوت إطلاق نار ؟

ظلت تفكر قليلا حتى قالت: لا سيدي , لم اذكر اني سمعت صوت كهذا ...
فصرخ بسرعة: لا من فضلك أريدكِ ان تستعدي قواكِ من أجلي و تتذكري
ثم أضاف بهدوء: هل سمعتي صوت إطلاق نار و متى ؟

ظلت تفكير قليلا و عندما شعر المحقق منها باليأس قال لها: أين كنتي إذن ؟
أجابت بسرعة: لقد كنت في الحديقة ... نعم سيدي , كنت في حديقة المنزل في هذا التوقيت , لأني أنهيت جميع واجباتي ..

قاطعها بيأس: حسنا حسنا , بالطبع لم تسمعي صوت شجارا او صوت عال , او صوت تحطيم زجاج المرآة , أليس كذلك

أجابت بعد ثوان: لا سيدي , لقد كنت في حديقة المنزل و لم اسمع بشيء من هذا

- حسنا , هل كان لسيدك أي أعداء , او هل سمعتي ذات مرة شخصا ما قام بتهديده او أرسل إليه خطابات

فقالت بسرعة: لا سيدي , سيد روبيرت رجل مسالم لقد تعدى الخمسة و الخمسين من عمره , و لديه أعماله الخاصة و حماية الخاصة من مجلس الشيوخ و لا أظن ان له أعداء
فقال المحقق بسرعة: حسنا , هل تعرفي شيء عن سارة ؟ , ابنه أخوه
ظلت تفكر قليلا حتى قالت: نعم لقد زارتنا ثلاث مرات خلال السنتين التي أقمت بها هنا ...
بسرعة: كيف كانت علاقتهم ببعضهم البعض ؟
- علاقة الأب بابنته سيدي
قال المحقق بحذر: هل أنتي متأكدة من ذلك ؟
بثقة: بالتأكيد سيدي

ثم قال المحقق بعدما نظر حوله: هل تعتقدين ان هي من دبرت له حادث مقتله ؟

أجابت بانفعال: بالطبع لا سيدي ...
فقال المحقق: و ما أدراكِ ؟
- اقصد أنها في فرزنو, ثانيا ...

سكتت سوزان لوهلة ثم قالت: لا سيدي أنت لا تعرف سارة جيدا
- لا بأس من ذلك , ما سبب وجود خطاب مكتوب بالآلة الكاتبة و عليه توقيعه بخط يده يذكر فيه بأنه أحُيل جميع ثروته إلى سارة ابنه أخوه

ظلت سوزان تفكر مليا حتى حكت انفها و قالت بتردد: لا اعرف سيدي , و لكن قد يكون كتب هذا الخطاب قبل قدوم هذا الرجل الغريب و وقعه بيده كي يسلّمه للمحامي
نظر المحقق دانيال حوله فلاحظ على بعد خمس أمتار قدوم الآنسة كليرا فالتفت بسرعة الى سوزان و قال لها: هل يمتلك سيدك مسدسا ؟
ردت بتعثلم: لا ... لا اعرف
و هنا وصلت الآنسة كليرا , فنظرت أولا الى سوزان ثم نظرت الى المحقق دانيال فقالت بأدب:
سيدي هل تستطيع ان تأتي الى مسرح الجريمة قليلا ؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة