قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الثالث عشر

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الثالث عشر

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الثالث عشر

بداخل منزل إيثار أحتدت المناقشة والمُشدات بين مدحت و رُحيم حتى تدخل عمرو بالمناقشة ليزيد الطين بله، كانت الخُطبة برمتها لا تروق له عمرو ولذا وجد الفرصة قد سنحت له لإنهائها وضرب الفاتحة التي قُرئت بعرض الحائط، وما زاد من حماسته هو وجود البديل والفوري، أي أنه لا حاجة به للإنتظار و...
رُحيم وقد هدر بصوته الغاضب: عيب يامدحت متقولش كده على بنتي، حتى لو كانت غلطت فأنا مربيها أحسن تربية.

مدحت وقد إنعقد حاجبيه بتذمر: مقولناش مربيتهاش يارحيم، بس الواد كل بعقلها حلاوة و...
قاطعه رحيم مشيراً بسبابته ومحذراً بصرامة: متكملش يامدحت، انا بنتي اشرف من الشرف ومفيش فضايح عايزين نداري عليها، ولو كنا وافقنا على الخطوبة فا ده عشان الناس اللي قدرتنا ودخلوا بيتنا وجم طلبوا بنتنا، انما انت جاي تقولي فضايح ونداري ومنداريش، عيب والله.

عمرو وقد أصابه الهياج: قولتلك يابابا من الأول بلاش منها الشبكة السودا دي ومنجيبش لنفسنا الكلام والسمعة الزفت
رحيم وهو يلوح بيده في الهواء: يعني كنا هنعمل ايه يابني، ما كله كان على يدك والناس متمسكين بالموضوع
عمرو بلهجة جامدة ونبرة خشنة: يعني ايه نعمل ايه!؟ مفيش عندنا بنات للجواز وخلاص
مدحت وهو يضغط بكفه على كتف أخيه: فضها الجوازة دي يارحيم ياخويا، وبنتنا الف مين يتمناها.

عمرو وهو يكز على أسنانه بغيظ: هو ده اللي هيحصل، أختي مش هتتجوز العيل ابن ال، ده.

بحجرة إيثار، كانت تطل برأسها للخارج بين الحين والآخر لتسترق السمع لحديثهم الخطير..
كانت نبضاتها تتصارع بداخلها وكأنها طبول الحرب، نطقت تحية بضيق:
تحية: لا حول ولا قوة الا بالله، مش عارفه عمك ومراته وبنته عايزين إيه مننا، أكيد الولية إيمان وبنتها العقربة هما السبب، ده عمك لسه راجع من السفر وملحقش يستريح حتى.

إيثار بنبرة مرتجفة وهي تفرك كفيها بتوتر: وبعدين ياماما، شكلهم مش هيعدوها على خير أرجوكي تتصرفي وتعملي حاجة
تحية وهي تطرق رأسها للأسفل: عالله بس أبوكي ميركبش راسه
وقفت إيثار أمام الباب مجدداً ثم وضعت أذنها عليه لتستمع لآخر حديث بينهم فإنقبض قلبها وإرتجفت أطرافها حينما إستمعت لعبارة أخيها الأخيرة و...
رحيم: يابني ميصحش بعد ما أدينا كلمة للناس نرجع فيها.

عمرو وهو يرفع من صوته لتستمع إليه هي: العيب هو اللي عمله أبنهم، ولو الجوازة دي تمت أنا هسيب البيت ومش هتشوفوا وشي تاني
رحيم وهو يهدر به صائحاً: أنت بتهددني يا ولد!؟
عمرو وهو يخفض من صوته بحذر: لا يابابا، بس انت مش عايز تريحنا كلنا من الهم ده
مدحت وهو يهز رأسه مستنكراً: قولتلك يارحيم الواد ده مينفعكوش، ولو كان راجل صح كان جه من الأول طلب ايدها من غير لف ودوران وراها.

شعرت إيثار بأن الأمر يزداد سوءاً، بل ويتدهور أكثر بمرور الوقت، فلم تستطع كبح رغبتها في الدفاع عن حبها ودلفت خارج الحجرة بخطوات متشنجة و...
إيثار وهي تهدر بنبرة شبه مختنقة: بابا، أنت أديت كلمة للناس وقرينا الفاتحة، خلاص مترجعش في كلامك
رحيم وهو يوجه نظراته الحادة إليها: إنتي إزاي تتجرأي تتدخلي في الكلام يابت انتي
عمرو وهو يزيد من سوء الموقف: لأ خلاص الست إيثار شافت نفسها علينا.

مدحت بهدوء زائف: إيثار يابنتي، انتي تستاهلي واحد أحسن منه ميت مرة
إيثار وقد تجمعت الدموع في مقلتيها: أنا مش عايزة اللي أحسن منه ده ياعمي، كل اللي عايزاة بابا ميرجعش في كلامه مع الناس
رحيم بصرامة وهو يشير بيده لها: أدخلي أوضتك بدل ما أوريكي الوش التاني يا إيثار
عمرو بنبرة قاتلة: مش هتتجوزيه يا إيثار، على جثتي يبقى ده جوز أختي، حتى لو حصلت أقتله.

شعرت إيثار بطعنات قاتلة في قلبها، وكأن روحها تقتلع منها قلعاً بلا رحمة..
رحيم وهو يضرب كفاً بكف وبضيق جلي: يابني أعقل وبلاش طيش الشباب ده وأنا هخلص الموضوع
مدحت مضيفاً: متلبسش ابنك مصيبة يارحيم وتخلي العيال يمسكوا في بعض
عرجت تحية للخارج بعد أن اشتد الصدام مع ابنتها وعائلتها ثم هتفت بنبرة واهنة:
: ياحج خلاص قرينا فاتحة وأنت بنفسك أمرت أنهم ميشوفوش بعض إلا هنا قدام عنينا، وبنتي مبتعملش حاجة غلط.

مدحت وهو ينظر للأسفل: كلام الناس زي حد السيف يامرات أخويا
تحية مستنكرة وهي تنظر لحال إبنتها: كلام؟! ليه ان شاء الله! بنتي مخطوبة وهتتجوز على أخر السنة واللي عنده كلمة هيحطها جوة بؤه!
عمرو بنبرة منفعلة: مش هتتجوزه برضو، وعريس إيثار عندي ومستني كلمة منكوا
شهقت إيثار بذعر، ووضعت يدها على فمها لتكتم صرختها وهي تقول بهلع:
هااا، ايييه؟!
رحيم مضيقاً عينيه بعدم فهم: تقصد إي ياعمرو!؟

عمرو بتباهي مزيف: محسن صاحبي طالب إيدها والراجل شاري ومستعد يتجوزها من بكرة لو عايزين
رحيم وهو يحك صدغه بتفكير: محسن؟! هو الراجل ميتعيبش بس...
إيثار مقاطعة بصراخ وقد إنهمرت الدموع من عينيها: لأ يابابا مش هتجوز محسن لأ، متعملش فيا كده ده أنا بنتك
رحيم بصوت جهوري أجش: إيثار!
مدحت بذهول وقد أرتفع حاجبيه: وهو هيعمل فيكي إي يابنتي! أبوكي ويهمه مصلحتك.

دنا منها عمرو ثم أطبق على رسغها بقوة وهو يردف بلهجة عنيفة
عمرو بنبرة عدائية: جرالك إي يابت!؟ القطة المغمضة فتحت وبتتكلم ولا إي
إيثار بتأوه: اااه، سيب إيدي وملكش دعوة بيا انت مش ولي أمري
تحية وهي تنهر إبنها على أسلوبه العنيف: عمرو، سيب إيد أختك عيب كده
رحيم وهو ينهض عن مكانه بأنفعال: ماشاءالله على عيالي، يازين ما ربيت! بتتخانقوا قدامي أمال لما أموت هتعملوا إي؟! هتقطعوا في بعض.

إيثار وقد تحشرج صوتها: انت يابابا اللي طول عمرك مفضله عني ومديله الصلاحية يتصرف في حياتي، والله حرام اللي عايزين تعملوه فيا ده
لم يشعر إلا وكفه قد صفع وجنتيها لترتسم أصابعه على وجهها إصبعاً إصبعاً، فأجفلت الأخيرة بصرها لأسفل ثم ألتفتت لتترك المكان برمته حيث لحقت بها والدتها، في حين أنتهز عمرو هذه الفرصة و...
عمرو: بكرة تتفرعن أكتر من كده ومحدش هيعرف يلمها.

رحيم وقد عزم على شيئاً ما: وأنا مش هستنى بكره ده، كلم محسن وقوله أني موافق يتقدم لبنتي
عمرو وقد أنفرجت أساريره: حالا هكلمه.

على الجانب الأخر، كان مالك متأهباً لمغادرة المكتب عقب إنتهائه من كل الأعمال المكلف بها، انحنى بجسده ليستند بمرفقيه على ركبتيه ثم تلوى بجسده وتأوه بخفوت وهو ينطق ساخراً: آآآآه ياعضمك يامالك، ده انا أتفصصت خالص الأسبوعين اللي فاتوا آآه
إعتلت البسمة ثغره ثم نطق بخفوت محدثاً نفسه:
بس كله عشان حبيبتي يهون
وعلى وجنتيها الوغزتين، تضحك لي گشمس في ضحاها وآه من عينيها البنيتين، قلبي سفينة وهي مرساها.

هاْم بمخيلته قليلاً شارداً بالمستقبل الذي سيبنيه معها، أسرة صغيرة تتكون منهما ومن نتاج حبهما، فقط هذا ما يريده، نهض عن مكانه ثم أمسك بحقيبته القماشية ووضع بها جهاز الحاسوب الصغير وأغلقها ثم أنطلق للخارج..

حاول الوصول إليها طوال الطريق، والأتصال بها ولكن باءت محاولاته بالفشل، فقد كان هاتفها مغلقاً مما أثار قلقه، فكر في زيارتها والإطمئنان عليها ولكنه تذكر معاملة أخيها له في المرة الأخيرة فقرر الإنتظار لساعة لا يتواجد بها عمرو في المنزل حتى لا يترك له الفرصة لإختلاق المشكلات والعراك معه بأي حُج’.

كان الحصار يحاوط إيثار من جميع الجهات، حيث سُحب هاتفها المحمول، كما أهتم عمرو بنفسه بحل أمر النافذة الموجودة بحجرتها عن طريق إغلاقها نهائياً بإستخدام المسامير المعدنية...
كان يومان عصيبان مرت بهما، لم تجف دموعها عن وجنتيها، ولم تكف عن النحيب والبكاء عقب أن علمت بقرار والدها بإنهاء الخطبة وتزويجها من ذلك الغريب لمجرد أقتناع أخيها به.

، كانت رسائل مالك وأبيات الشعر التي خصصها لأجلها هي خير جليس معها، تؤنسها في وحدتها وعزلتها الإجبارية
تفاجئت هي بزيارة محسن لمنزلهما فتضرعت لله أن يخلصها من هذا الكابوس المقيت...

في الخارج، وقف رحيم معتداً بنفسه، وابتسامة عريضة بادية على محياه..
رحيم وهو يصافح محسن: نورت البيت يابني
محسن وهو يربت على صدره ممتنناً: منور بأهله ياعمي
رحيم وهو يشير بيده: أتفضل أقعد
عمرو وهو يمدح بصديقه لنيل رضا والده: محسن من الناس النضيفة والمحترمة اللي قابلتها في الهيئة، والصراحة هو اللي مصبرني على قرف الشغل ومشاكله يا بابا
رحيم وهو يبتسم بعذوبة: ربنا يديم المحبة بينكوا ان شاء الله.

عمرو: ثواني وراجع
ولج عمرو للمطبخ ليرى ما ستقدمه والدته لهذا الضيف ولكنه تفاجئ ب...
عمرو وقد إتسعت عينيه بذهول: ايه ده ياماما!؟ أنتي معملتيش حاجة للضيف ولا اي؟
تحية وهي تلقي بالمنشفة أرضاً: لأ معملتش ومش هعمل، عايز أنت تضايف الناس اللي تبعك ضايفهم أنا ماليش دعوة
عمرو وقد عبست ملامحه: اي اللي بتقوليه ده ياماما؟ ده عريس بنتك برضو.

تحية وهي تلوح بكفها بعدم إهتمام: بلا عريس بلا بتاع، اللي بتعمله انت وأبوك ميرضيش ربنا، ده النبي قال ولا يخطب أحدكم على خطبة أخيه، وانت عايز تضيع فرحة أختك! ليه كده يابني؟
عمرو وهو ينطق من بين أسنانه بغل: أنا أدرى بمصلحتها، ولا عاجبك سيرتنا اللي على كل لسان
تحية: يوووه، يخرب بيت الناس وسنينها، ربنا ينتقم منك ياإيمان أنتي وبنتك وربنا يوريكي يوم على فرحة بنتي اللي ضيعتيها، وسع من سكتي.

دفعته والدته والحنق بادي عليها، ثم خرجت من المطبخ لتهرع إلى حجرتها، فأنزعج عمرو من موقفها الذي إتخذته ضده ثم تلوى بشفتيه وأخذ يبحث في المبرد عن إحدى المشروبات الباردة لتقديمها للضيف حتى وجد زجاجة من العصير الطازج فقام بسكب بعضها في كأس زجاجي أنيق ووضعه على الحامل البلاستيكي ( صينية) وخرج بها من المطبخ
عمرو: نورت يامحسن، أتفضل
محسن وهو يلتقط الكأس: تسلم أيدك ياعمرو.

نظر محسن حوله باحثاً بعينيه عنها ولكن...
محسن بتساؤل: أمال فين العروسة والحاجة؟
رحيم متنحنحاً بحرج: العروسة مكسوفة حبتين، احم، ما انت عارف البنات
عمرو مبتسماً وهو يضيف: الحاجة تعبانة شوية ف، آآ، فخدت العلاج ونامت
محسن وهو يهز رأسه بعدم اقتناه: الف سلامة عليها!
حاول محسن أن يحافظ على بروده التام، فقد جاء لغرض معين، وسيتأكد من تنفيذه رغم أنف الجميع..

أخذ نفساً عميقاً، وتابع بجدية: طب نكمل كلامنا، زي ما قولتلك ياعمي أنا شقتي جاهزة من كل حاجة وان شاء الله ناوي أشتري أوضة نوم جديدة عشان عروستنا تفرح برضو
رحيم وهو يومئ رأسه: وأنا مجهز بنتي وجايبلها كافة شئ، مش ناقصها غير حاجة المطبخ
محسن وقد إنفرج ثغره: على بركة الله نقرا الفاتحة؟

إستمع جميع من بالغرفة لصوت قرعات خفيفة على باب المنزل فتوجس رحيم من أن يكون مالك هو القارع، وتأكدت ظنونه عندما فتح عمرو الباب له فقابله مالك ببسمة باهتة وهو يهتف
مالك: سلامو عليكو
عمرو وهو يستند بكفه على الباب ليمنعه من الدخول: وعليكوا، خير؟
مالك متعجباً من أسلوبة الفظ: ممكن أدخل؟
عمرو وهو يهز رأسه نافياً: لأ مش ممكن، خلاص معندناش بنات للجواز وفضيناها السيرة دي.

مالك وقد تملكه التوتر: أفندم؟! أنت بتقول إي؟
رحيم وهو يقف خلف أبنه: زي ما سمعت كده يابني، أنا فكرت كويس ولقيت أن مفيش نصيب بينك وبين بنتي
مالك وقد بدى التجهم على ملامحه: أي اللي بتقوله ده ياعمي! هو مش أحنا قرينا فاتحة وأنا وافقت على كل شروطكوا
رحيم وهو يهز رأسه نافيا: كل شئ قسمة ونصيب
هتف محسن بنبرة مرتفعة قليلاً و...
محسن: في حاجة ياعمرو ولا إي؟

عمرو وهو يستدير برأسه للخلف: متشغلش بالك يامحسن، حوار وبنخلصه
مالك وهو يطل بعينيه للداخل: مين ده وإي اللي بيحصل بالظبط؟!
إستطاع محسن أن يستنبط هوية ذلك الشاب فأراد أن يؤكد له ظنونه و...
محسن: معلش ياأخينا متعطلناش عشان لسه هنتفق على القايمة بعد ما نقرا الفاتحة
مالك وقد دب الذعر بداخله: فاتحة وقايمة!
عمرو مؤكداً بنبرة مستفزة: أه، أختي هتتخطب عقبال عندك.

إنقض عليه مالك وأمسك بتلابيبه، فقد إبتلع منه ما يكفي ويفيض ولم يعد بإستطاعته التحمل أكثر من ذلك..
وبلا تردد هدر به بصوت صادح إستمع له الجيران و...
مالك: يعني إي اللي بتقوله ده؟! أنا قريت فاتحتها يعني بقت خطيبتي، ولا يجوز خطبتها لحد تاني إلا لو أنا فسخت الخطوبة
عمرو وهو يدفعه بعيداً عنه: أوعى إيدك بدل ما أقطعهالك، هو الجواز بالعافية.

خرجت إيثار من حجرتها وهي وتضبط حجابها فوق رأسها ثم نظرت للخارج بأعين ذابلة دامعة وما أن لمحها مالك حتى خفق قلبه وشعر بالعجز من الحصول عليها و...
مالك: طب إسألها لو هي موافقة تفسخ الخطوبة أنا هوافق
إلتفت رحيم ليجد أبنته تقف على مقربة منهم فحدجها بنظرات مخيفة ثم أشار لها للداخل وبنبرة آمره هتف
رحيم بنبرة آمرة: أدخلي جوه يابت
محسن بلهجة مثيرة للإستفزاز: إي البلاوي دي، انت هتتجوز بنتهم غصب عنهم يعني!

إيثار وهي تنظر للأخير بأحتقار: أنت مالك، أنا مش عوزاك مش عايزة أتجوزك مش عايزة
اتجه عمرو نحوها ثم قبض على ذراعها، وجذبها قسراً خلفه من ساعدها في حين ظلت هي تصرخ وتصيح به ليتركها ولكن دون جدوى
أدخلها لحجرتها، والقاها بعنف على الأرضية، ثم خرج مسرعاً، وأغلق عليها الباب من الخارج لتأتي والدته و...
تحية وهي تنهره بحدة: بتعمل إي ياعمرو، هات المفتاح ده.

عمرو بتحدٍ: بنتك مش هتشوف نور الشمس لحد ما تتجوز وتخلصنا من همها، ولو هي مش متربية أنا هربيها بنفسي
تحية وهي تصيح بهبغضب: هات المفتاح بقولك
ألقى عمرو بالمفتاح أرضاً ثم تركها وعاد للخارج، فتفاجأ بمالك ومحسن يتشاجران سويا وإحتد بينهم العراك حتى وصل للضرب وقد تجمع الجيران لرؤية ما يحدث و...
مالك وهو يلكمه في وجهه: مش عايزاك ياعديم الرجولة
رحيم وهو يحاول الفض بينهم: كفاية فضايح الناس كلها بتبص علينا.

أحد الجيران: تحب نطلب البوليس ياحج؟
رحيم وهو يهز رأسه بتوتر: لالا، ده شغل شباب طايشين وهيخلص دلوقتي
عمرو وهو يدفعه بقوة ليرتد للخلف: أمشي من هنا بدل وعهد الله أجيبلك النجدة وهي تشيلك
إستمعت العمة ميسرة وروان لما يحدث فركضت روان للأعلى لتسكشف ما حدث فتفاجئت ب...
روان: مالك، اي اللي حصل ومين بهدلك كده؟
رحيم بلهجة حادة: خد أختك وأمشي من قدام بيتي ومش عايز أشوف وشك تاني.

صفق رحيم الباب بوجهه، فإستمع مالك لصوت همسات الجيران و همهماتهم عما يحدث، فأمسك بأخته وهبط بها سريعا للأسفل و...
ميسرة بضيق بالغ: أزاي اللي بتقوله ده؟، هو احنا عيال عشان يرجعوا في كلمتهم معانا، ده عمك إبراهيم قعد وأتفق على كل حاجة ووافقنا على كل شروطهم
روان وهي تلعن عمرو: أكيد حمبوزو الزفت هو السبب، ده وشه يقطع الخميرة من البيت
ميسرة وهي تنهض عن مكانها: أنا هنزل أكلم مع الست تحية وهي أكيد هتساعدنا.

كان مالك جالساً بعالم أخر، لا يشعر بمن حوله، فقط آكل الحزن منه وجعله غير قادر على النطق، أشفقت روان على حال أخيها فأجفلت بصرها لأسفل بضيق ثم توجهت نحو المطبخ لأحضار بعض قطع الثلج، ثم راحت تضعه على رأس أخيها الذي أصيب على أثر العراك و...
روان: متقلقش يامالك، ربنا هيقف جمبكوا عشان حبكوا طاهر
مالك وهو يبعد يدها عنه: سيبيني في حالي ياروان.

نهض مالك عن مكانه ثم توجه لحجرته وصورة حبيبته الدامعة لا تفارق خياله
يعتصر قلبه ألماً على عجزه حيال نزح دموعها، وقف بالشرفة الملحقة بحجرته ونظر للأعلى ليجد النافذة مغلقة وقد تراكم عليها بعض الغبار نتيجة إغلاقها لأيام عديدة، أطرق رأسه لأسفل بحزن لتسقط عبراته على حذاءه، فأغمض عينيه بقهر، وكور قبضته بقوة ثم ضرب بها باب الشرفة.

وآآآه على قلبي محطماً و قطرات لؤلؤٍ تنسدل من عينيها آلماً، تبرحني صفعاً وتدمي قلبي المتيم بها دماً.

توجه عمرو نحو الباب لفتحه بعد أن تم الطرق عليه، وقد أنتوى شراً إن كان هو الطارق، فأندفع لفتح الباب بصورة همجية و
ميسرة والعبوس يغزو قسماتها: سلامو عليكو؟ ممكن أكلم مع الست تحية
عمرو وهو يتلوى بشفتيه حانقاً: خير ياطنط في حاجة؟
ميسرة وهي تشبك أصابعها سويا، ثم نطقت بإستنكار: هي دي اللي الأصول اللي علموهالك أهلك!؟ بتسيبني واقفة على الباب وتتكلم من طرف منخيرك ليه هو انا جاية أشحت والعياذ بالله!

رحيم وقد آتي من خلف ابنه: حاشا لله ياست ميسرة، عمرو ميقصدش كده متأخذيهوش، أتفضلي
دلفت ميسرة للداخل وهي ترمق عمرو بأزدراء ثم نظرت حولها وهي تقول
ميسرة: أنا مش هطول ياحج، ياريت بس تنادي الست تحية أقولها كلمتين
رحيم وهو يشير للداخل: أتفضلي أدخلي عندها جوه هي في أوضة إيثار، تاني أوضة على إيدك اليمين
ولجت ميسرة للداخل ثم دخلت للحجرة عقب أن طرقتها وتحدثت بعتاب ممزوج بالضيق إلي والدتها و...

ميسرة: يعني هو جوزي ده كان بيلعب معاهم ياست تحية عشان ميعملوش ليه قيمة
تحية وهي تطرق رأسها بأسف: حقك عليا ياحبيبتي، يقطع الناس وكلامهم هو السبب، خلى أبوها حكم راسه الجوازة دي مهياش ماشية
ميسرة وقد أنعقد حاجبيها بذهول: كلام إي وبتاع إي! قطع لسانهم بنتك زي الفل وفي حضنكوا، سيبك من الكلام الفاضي وقولي ان ابوها بيتحجج، وأبنك كمان ما صدق يفركشها.

نظرت ميسرة لحال إيثار وذبول وجهها فأشفقت على حالها كثيراً والذي لا يفرق عن حال إبن أخيها فتنهدت بضيق ثم هتفت
ميسرة: يعني مش حرام اللي بنعمله في الولاد ده؟
رحيم: لأ مش حرام، بنتي وأنا أدرى بمصلحتها
هتف رحيم بعبارته الأخيرة وهو يقف على باب الحجرة و أستكمل حديثه قائلاً
رحيم: لو سمحتي يعني لو جاية زيارة انتي فوق راسنا، لكن لو جاية تلعبي في دماغ بنتي وتقويها على أبوها وأخوها أنا مش هسكت على كده.

تحية وهي تقبض على شفتيها بحرج: ميصحش كده ياحج
رحيم بلهجة آمره: أسكتي انتي ياتحية
نهضت ميسرة عن مكانها وقد شعرت بالحرج الشديد، فكأنه قام بطردها بصورة متوارية، فركت كفيها ثم نطقت بنبرة متذمرة
ميسرة: تشكر ياأستاذ رحيم، عن إذنكوا
إنطلقت مسرعة للخارج في حين هتف رحيم قائلا بغضب:
الناس اللي تحت دول ملناش علاقة بيهم تاني، ولا هما ييجوا هنا ولا انتي ليكي علاقة بحد فيهم انتي وبنتك.

وكأن عضلات لسانها قد توقفت عن العمل ولم تستطع التحدث، فقط نظرت لوالدها نظرات خالية من الحياة ثم وجهت رأسها للجهة الأخرى وأطلقت العنان لعبراتها المنكسرة..

جاهد مالك للحصول على إجازة من العمل ولكنه عجز عن ذلك، كانت الأعمال قد تكاثرت عليه ولم يستطع الأفلات منها، ولكن مازال التفكير خليله في حل للكارثة التي حلت به، أيام عديدة مرت عليه وهو يحاول الوصول إليها ولكنه يعجز عن ذلك، في حين تمسك محسن بتلك الزيجة أكثر وأكثر حتى قام بتحديد موعد للذهاب وأتمام الخطبة وتحديد موعد لحفل الزفاف و...

إيثار وهي تضرب الأرض بقدميها: مش عايزاه يابابا، هتجوزوني بالعافية؟
رحيم وقد نفذ صبره: بقى شوفي بقى، أنا صبرت عليكي كتير، ولو حاطه في بالك إني هوافق على الواد اللي تحتنا ده يبقى بتحلمي
إيثار بصوت متحشرج: يابابا انا...
رحيم وهي يشير بأصبعه محذراً: ألبسي هدومك وتعالي سلمي على عريسك
حضر عمرو مهرولاً من الخارج وهتف بلهجة متعجلة
عمرو: أنتو أتأخرتوا ليه، الراجل قاعد بره هو وقرايبه ومستنين، يلا يابابا.

إيثار بنبرة راجية: بابا أرجوك أنا...
رحيم بنبرة تهديد قوية: والله ياإيثار لو معقلتيش ورجعتي بنتي حبيبتي المطيعة لأكون متبري منك ولا أنتي بنتي ولا أعرفك، وده أخر ما عندي!
إيثار بشهقة عالية: هااااا
عمرو بتأفف: أنا هروح المطبخ أشوف ماما
تركاها بمفردها فغطت وجهها بكفيها وشرعت بالبكاء الصامت الذي والتي كانت دموعاً من صميم القلب تحرقه قبل أن تحرق روحها الملتاعة..

لقد سحقت أحلامها، وتدمرت طموحاتها، وبات لزاماً عليهاأن ترضخ لأبيها..
نعم، جارت عليها الحياة وظلمتها، وتركتها وحدها لتعاني، فمن يسمع أنين قلبها؟

في نفس التوقيت، كانت سارة قد تأنقت بردائها الأخضر ولطخت وجهها بمساحيق الزينة المختلفة وأخيراً وضعت طلاء الشفاه النبيذي وخرجت من حجرتها تتمايل بخطواتها حتى رأتها والدتها فنظرت لها بأعجاب و...
إيمان وهي تتجول ببصرها عليها: ماشاء الله الله أكبر عليكي ياحبيبتي، قمر
مدحت وهو يتأمل ملامح وجهها التي تبدلت كثيراً: اي اللي انتي عملاه ده ياسارة، انتي جميلة من غير كل العك ده.

سارة بنظرات خبيثة: يابابي ده عشان خاطر خطوبة إيثار، معنديش أغلى منها
مدحت ببسمة عذبة: ربنا يكملك بعقلك
إيمان وهي تتلوى بشفتيها: طب يلا عشان نحضر الخطوبة من أولها.

هبطا سويا على الدرج حتى وصلا للطابق القاطن به أسرة رحيم وأثناء ذلك لمحت سارة مالك وهو يصعد الدرج فقبضت على شفتيها وقررت النزول لأبلاغه الخبر بنفسها، فهمست لوالدتها في أذنيها وهزت الأخيرة رأسها بتفهم وهبطت سارة حتى رأها مالك، ولكنه التفت بجسده لفتح باب منزله بعدم إهتمام فبادرته قائلة ببرود:
زيك يامالك؟
مالك دون النظر إليها: الحمد لله.

سارة وقد رسمت قناع الحزن على وجهها: أنا زعلت أوي لما عرفت أن خطوبتك انت وإيثار اتفسخت، وإتفاجئت أنها وافقت على خطوبتها من واحد تاني النهاردة، معقول تكون باعتك بسهولة كده؟
مالك وهو يلتفت لها وقد أصابته الصدمة: إييييييه!؟
سارة بتصنع: أنت مكنتش تعرف أن الخطوبة النهاردة، تؤ، تؤ يا حرام، دول خلاص هيحددوا الفرح؟

استمع مالك في هذه اللحظة لصوت الزغاريد يأتي من الأعلى فإهتز كيانه بالكامل وإرتجف قلبه بفزع، فها هو حلمه يحققه رجل غيره، ابتلع ريقه بصعوبة شديدة و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة