قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

حدقت شهد بصدمة لمصدر الصوت الذي تعرفه، فاغرةً شفتيها، لم تكن تتوقعه ابدًا، جمدت ملامحها وشحب وجهها الابيض واصبح لونه اصفر وهي تراه يقترب منها اكثر، نعم إنه مصطفي!

عرفته شهد من لهجته الغير متزنة بعض الشيئ، اصبح امامها تمامًا يتفرسها بعيناه الحادة، رأت شهد في عيناه نظرات لطالما كرهتها منه، ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وجف حلقها، رمقته بنظرات حادة تحمل كل معاني الكره رغم خوفها وإنتفاضة جسدها بمجرد ان رأته..
لوى فمه ثم أكمل بسخرية باتت معتادة منه قائلاً..
كلي يا حبيبتي عشان ماتتعبيش عشان الرحلة لسة مطولة اووى.

كان مصطفى يتحدث بشكل طبيعي في القاهرة ويجيد تلك اللهجة بسبب مكوثه لوقت طويل في القاهرة بينما شهد عاشت طوال حياتها في القاهرة بسبب دراستها سافرت لبلدها عندما اصبحت في الثاني والعشرون من عمرها، حاولت جاهدة اخراج الكلمات بصعوبة وحدة قائلة..
انت عايز منى اية انت مابتحرمش
جز على أسنانه بغيظ وتذكر فعلة عمر معه التي لطالما حاول نسيانها، تجسد امامه اهانة عمر التي اقسم على ردها له الصاع صاعين..

نظر لها بأعين حادة للغاية ثم أكمل بنبرة تشبه فحيح الأفعي قائلاً..
لأ مانستش ومش هأسيب حقي يا شهد
ثم صمت برهه من الزمن وهو يتمعن قسمات وجهها المرتعدة منه كأنها ترى حيوان مفترس يكاد يقتلها ثم أردف بأصرار واضح قائلاً..
وأنتي حقي يا شهد
كأن جملته اصابتها في صميم قلبها، جملته التي تعمد إظهار التصميم والأصرار فيها ليثبت لها حق ملكيته الأبدية فيها، زادت الرعب منه بداخلها..

ابتلعت ريقها الذي جف بصعوبة وحاولت جاهدة ان تبدو ثابتة قوية حتى لا تظهر له ضعفها وخوفها الذي يزيده طاقة إيجابية، ثم حدقت به بحدة وأرسلت له رسالة تحمل التحدى والكره وهي تتشدق ب:
عمرى ما هكون حقك او ليك لأني بقيت متجوزة وكمان بحب جوزى يعني بقا عندى سببين غير كرهي ليك يابن عمي.

جز على أسنانه بغيظ وأبتسم أبتسامة شيطانية خبيثة عندما أدرك خوفها الذي حاولت أخفاؤه وهو يقترب منها والذي يعرفه جيدًا وبسهولة، ثم تابع بخبث قائلاً..
هأخد منك إلى انا عاوزة يا شهد وهاخليكي تتمني الموت وماتطوليهوش بس وانتي مراتي عشان تعرفي إني بحبك
رمقته بنظرات إزدراء وشعرت بالتقزز منه ثم قالت متعمدة بأستفزاز..
انت مريض، دة مش حب دة مرض نفسي بس
نظر لها بتوعد وغيظ ثم أستطرد بشراسة قائلاً..

هاتشوفي يا شهد وهاثبتلك دة قريب، سلام بقا انا لازم أمشي عشان ورايا حاجات مهمة عشان فرحنا يا قلبي
تمتمت شهد بخفوت يشوبه الكره قائلة..
جتك وجع ف قلبك ياشيخ
في نفس اللحظات أقترب منها الرجل مرة أخرى وشعرت بالخوف الذي تملكها منذ وصولها ذاك المكان يسيطر عليها مجددًا واصبحت انفاسها مضطربة ثم صاحت فيه قائلة..
أنت عايز مني اييية!

لم تجد رد منه وإنما أتكأ بجذعه قليلاً للأسفل تجاهها وربطها بهدوء بالحبل لتزفر هي بإرتياح وتنفض تلك الأفكار من رأسها ليربط هو قطعة القماش على فاهها مرة أخرى ليمنع صوتها من الخروج مؤقتًا...!

أمام منزل رضوى،
اقترب عبدالرحمن منهم بدرجة كبيرة حتى اصبح امامهم ثم نظر لشهاب بغضب جامح، قلق شهاب من تلك النظرة، نظرات شهاب المتوجسة ونظرات عبدالرحمن الحارقة..
في حين حاولت رضوى ضبط أنفاسها التي اصبحت غير ثابتة، أمسك عبدالرحمن شهاب من ذراعه بقوة وضغط عليه وهو يقول بغضب وتساؤل..
أنت مييين وازاى تمسك ايدها كدة.

قطب شهاب جبينه بضيق ثم حرر يده بصعوبة من قبضة عبدالرحمن وأغمض عيناه بقوة كمحاولة لتهدأة نفسه وقال بحدة..
وانت مال اهلك انت ميين!
في لمح البصر تلقي لكمة من عبدالرحمن الذي زاد احمرار وجهه وظهرت عروقه من شدة الغضب، زادت جملة شهاب اشتعال نيران عبدالرحمن الغاضبة، مسح شهاب الدماء التي سالت من فمه ورمق عبدالرحمن بنظرات متوعدة، فكيف يجرؤ على إهانته بهذه الطريقة وامام الجمع هكذا..!

في حين كانت رضوى تتابع الموقف بدهشة وخوف وهي تضع يدها على فاهها محاولة ان تسيطر على انفعالاتها..
زمجر عبدالرحمن بوجهه شهاب بغضب قائلاً..
انا خطيبها يا كلب
صُعق شهاب من جملة عبدالرحمن ونظر له بصدمة بادية على قسمات وجهه ثم وجه نظره لرضوى بقلق كأنه يترجاها بعيناه ان تنفي كلام عبدالرحمن، الذي كان مثل العاصفة القزية وحطم كل آماله في لحظة..!

في حين رضوى كانت تقف مصدومة هي الاخرى من كلمات عبدالرحمن فهي لم تبدى موافقتها حتى الان على هذه الزيجة..! كيف يقرر هو هكذا!، هل هذا يعني انها اصبحت امام الامر الواقع، هل ستوافق رغمًا عنها..!
صاح شهاب بتحدى قائلاً..
انت كداااب مش خطيبها
زاد تجمع الناس حولهم وهم ينظرون لهم بتساؤل ثم قال احد الرجال بصوت أجش..
خير في حاجة يابنتي؟

هزت رضوى رأسها نافية بسرعة، حتى لا يُفضح الأمر، هي تعرفهم جيدًا، إن عُرف الأمر ستصبح محور الأحاديث..
كادت تهتف بشيئ ما إلا ان امسكها عبدالرحمن من يدها بقوة ولأول مرة يمسكها من يدها وسحبها خلفه تاركًا شهاب يحاول الخروج من صدمته تلك، حاولت رضوى التملص من قبضته ولكنها كانت اشد من ذلك، لم تتحدث خوفًا من رد فعله، فهي الان اصبحت على يقين انها لا تقدر على التعايش مع مرضه النفسي هذا..

وصلوا امام باب المنزل ودق عبدالرحمن باب المنزل بقوة، كانت دقات قلبها تدق بسرعة ملحوظة، فتحت مها الباب وهي تنظر لهم بقلق من هيئتهم تلك ثم قالت بتساؤل..
في اية مالكوا!؟
نظرت رضوى لعبدالرحمن بحدة كأنها تخبره ان يترك يدها وبسرعة، ولكن لم ينظر لها عبدالرحمن ولم يتفوه بكلمة، هتفت رضوى بصوت قاتم قائلة..
مفيش يا مها، عبدالرحمن جه شوية بس.

لم تريد رضوى أن يأخذ الموضوع اكبر من حجمه وخاصة مع مها، فهي لن تصمت إن علمت ومؤكد انها ستقص كل شيئ على والدتهم، وهي لا تريد إرهاق الداتها في امر مفروغ منه..
زفرت رضوى ببطئ ثم أفلتت يدها بصعوبة ودفعت مها برفق ثم دلفت دون ان تنتظر عبدالرحمن..
كانت مها تنظر لهم بدهشة لا تفقه اى شيئ
..

كأن عبدالرحمن افاق في هذه اللحظة فقط غير مدرك لما كان يحدث للتو، مسح على شعره ببطئ وتوتر ثم استدار ليغادر بسرعة، مطت مها شفتيها بعدم رضا وهي تقول بتعجب..
مجانين دول ولا اية!

في احدى المنازل،
تحديدًا في غرفة اثاثها من الطراز الحديث، متوسطة الحجم، عبارة عن فراش صغير على في الوجه وعلى الجانب ثلاجة وامامها مكتب صغير، يجلس مصطفى على الفراش وهو عاقد ساعديه وينظر للأسفل وهو يفكر، يفكر في شهد التي اصبحت الموضوع الرئيسي الذي يفكر فيه اغلب الوقت، كان يخطط كيف له ان يتخلص من هذا الذي يسمي عمر!
كيف يجعلها تنفصل عنه وبأرادتهم حتى لا يحاولوا ان يجتمعوا مرة اخرى..

كان الشيطان يبث له افكار كثيرة وخبيثة ليساعد حليفه في مشكلته..
ظهرت الابتسامة على وجهه وقد ادرك ما يجب ان يفعله، امسك بالهاتف الذي كان موضوع بجانبه ثم أتصل بشخص ما ووضع الهاتف على اذنه منتظرًا الرد، بعد قليل اتاه صوت الشخص قائلاً..
الووو ايوة يا مصطفى بيه
ايوة يا عبدالله، اسمعني كويس وركز عشان مش عايز غلطة يا عبدالله
اتفضل قول متقلقش
انا عايزك تجيب لي ورق طلاق، وشريحة جديدة النهاردة.

اية دة هو حضرتك متجوز وهاتطلق!
لأ وماتسألش عن إلى ملكش فيه
احم دة فضول بس، حاضر
خلص وكلمني
اوامرك يا باشا
سلام
مع السلامة
اغلق مصطفى الهاتف وقد شعر براحة كبيرة، عاد بظهره للخلف وهو يتنهد بإرتياح، وقد راوده الكثير من الأمل بعدما كان يحمل الهم وهو يفكر في هذا الأمر..
تقوس فمه بأبتسامة خبيثة وهو يتذكر كلمات شهد عن زوجها ثم اصبحت ابتسامته ضحكات ساخرة وهو يقول بتشفي..
ابقي وريني بقا هايقدر ياخدك بأى حق.

كان عمر يبحث في كل مكان قريب من المنزل وبعيد إلى حدًا ما، أقل ما يُقال انه طفل يبحث عن والده الذي اضاعه بخوف، كان كالمجنون يبحث بلهفة ويسأل الناس عن فتاة بمواصفاتها، فقد الأمل في ان يجدها ودب على المقود بكل قوته واصبح يهذى بحسرة قائلاً..
لأ مش هاسمحلك تسيبيني ابدًا، لا ماينفعش خالص ماينفعش.

ادار المقود ثم عاد متجهًا للمنزل مرة اخرى لعلها تكون كانت في مكان ما وعادت، وصل إلى المنزل بعد فترة وترجل من سيارته بسرعة ودلف للمنزل بلهفة حتى انه لم يُغلق باب سيارته جيدًا، وزع انظاره في ارجاء المنزل بحثًا عنها وعيناه تشع بريق أمل خافت ولو صغير ثم هتف بصوت عالي قائلاً..
شهد انتي هنا، يا شههههد.

ولكن لم يجد اى رد، جلس على الاريكة بهمدان وشعور بالعجز والخوف معًا تملكه، ك من كان يملك شيئ ما ويحبه بشدة وفجأة ابتعد عنه ومن دون اى مقدمات، عبر امامه كل ذكرياتهم سويًا وتلقلقت الدموع في عيونه، تمكنت شهد من ان تجعل الدموع تعرف طريقها لأعين ذاك الرجل القاسي الذي اقسم ان لا يصبح ضعيف بعد الان، الرجل الذي اصبح مؤخرًا متحجر القلب، لا يملك مشاعر لأى شخص ولكنها حركت المشاعر التي ماتت بداخله، لا يجب ان تبتعد الان، هو لن يسمح لها من الاساس..

نظر للأعلي وهو يتنفس الصعداء بصعوبة، تملك منه شعور انه لن يراها مرة اخرى مثل والدته، وهند
هز رأسه بقوة لينفض تلك الافكار السيئة من رأسه، سيتحطم حتمًا ان تكرر ما حدث منذ سنوات..
وضع رأسه بين راحتي يده، ابتلع ريقه بصعوبة واخذ نفسًا عميقًا ثم اخرجه ببطئ..
فجأة نهض ونظر للأعلي وهو يصيح بأمل..
ازاى ماخطرش ف بالي من بدرى...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة