قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

كانت شهد تلتفت له كل ثانية والدموع في عيناها، تحدقه بحزن كأنها تترجاه ان لا يتخلي عنها، وكان فارس يسير وهو ممسك بيدها جيدًا كأنه يجرها معه، حاول عمر ان يتحاشي النظر لها ونظر للجهه الأخرى، كانت دقات قلبه في قفصه تتسارع بشكل ملحوظ كأنها تعلن رفضها للبعد عنها، تذكرها وهي تبكي وتقول له ان لا يتركها ووعده لها بعدم تركها، كادوا يخرجوا من المنزل بأكمله ألا انه لم يتحمل اكثر من ذلك، نظر لهم ثم صاح بسرعة قائلاً..

شهد
توقفت عن السير بسرعة والتفتت مرة اخرى ثم ابعدت يد فارس عنها وركضت للداخل مرة اخرى، اندهش فارس وظهر الغضب على معالم وجهه جليًا، وصلت شهد امام عمر وظلت تنظر له نظرات لوم وعتاب، في حين اقترب هو منها ثم احتضنها بحنان، حاولت ابعاده عنها في البداية ولكنه ضمها بقوة، اخذ يشتم رائحتها وهو مغمض العينين ثم قال بهمس..
حاولت بس مش عارف، انتي عملتي فيا اية.

شرعت شهد في البكاء وضمته بقوة وهي تبكي، لا تعرف دموع الفرحة لأنه لم يفعل ما كان يود فعله، ام دموع الحزن لأنه كان يريد ان يتخلي عنها..
في نفس اللحظات كان فارس يتابعهم بنظرات غاضبة، حاقدة، تشع منها النيران، حاول السيطرة على غضبه ثم اقترب منهم اكثر ونظر لعمر ثم هتف بصوت أجش قائلاً..
عمر، اية إلى بيحصل دة.

ابتعد عمر عن شهد وجعلها تقف خلفه، بمجرد ان رأت شهد فارس والخوف دب اوصالها من ان يقتنع عمر بكلام فارس ويتركها، نظر عمر لفارس بهدوء ثم أردف بصرامة قائلاً..
إلى انت شايفه، مراتي وبحضنها!
جز فارس على اسنانه بغيظ ونظر له بحدة ثم تابع بنبرة غليظة قائلاً..
بس احنا اتفقنا والمفروض نمشي
اقترب عمر منه حتى اصبح امامه تمامًا ثم امسك ب لياقة قميصه وعدلها وهو يهمس في اذنه ببرود قائلاً..

لأ منا ماقولتلكش، مش انا رجعت في الاتفاق دة وشهد هاتفضل مراتي ومش هاتروح مع اى حد
كانت شهد كالسجين الذي ينتظر الحكم عليه امام قاضيه، كانت تنظر لعمر نظرات رجاء وخوف ولفارس نظرات كارهه غاضبة، في حين نظر فارس لعمر وعيناه السوداويتين يشع منهما الغضب وهتف بحدة قائلاً..
بس هاتدفع تمن دة كتير اوى يا عمر ومتعرفش الريس هايعمل اية لما يعرف.

نظر له عمر نظرات اشمئزاز وبرود، ابتعد قليلاً ثم وضع يداه في جيب بنطاله الجينز، وأكمل بنفس البرود بل اكثر..
طززز، ويلا وريني عرض اكتافك
تملك الغضب من فارس واخذ يتوعد لعمر في نفسه ونظر لشهد بحدة وشهوة، لاحظ عمر نظراته لشهد وارتجاف شهد وخوفها، اقترب من فارس بسرعة ومسك فكه وضغط عليه بقوة وهو يقول بشراسة..

انا لحد دلوقتي ماسك نفسي بالعافية بس اقسم بالله لو ما مشيت دلوقتي هارتكب جريمة وانت اكتر واحد تعرف إني مابخافش خالص
تملك بعض الخوف والقلق من فارس، فهو على حق ويعرف عمر جيدًا لا يأبه بشيئ وليس بشيئ جديد عليه ان يقتل..!

استدار فارس وأولاهم ظهره ثم غادر وبداخله يتوعد لهم وبالأخص لعمر، في حين وجه عمر نظره لشهد ونظر لها بهدوء، وجدها مثل الكتكوت المبلل، تنظر بخوف والدموع تملأ عيناها، اقترب منها ثم هتف بهدوء حذر..
شهد انا عارف إن آآ..
قاطعته شهد بحركة بيدها وهي تنظر له بحدة ثم مسحت دموعها بطرف اصبعها وتابعت بصرامة قائلة..

انت عارف ان اية، عارف ان انت كنت هاتبيعني، عارف ان انت كنت هتودى مراتك مع واحد غريب يا استاذ يا محترم، عارف ان انت نزلت من نظرى اوى، عارف ان انا بلعن اليوم إلى حبيتك فيه
صمتت للحظات وهي تنظر له بينما كان يحدجها هو بنظرات هادئة، لنقل انه هدوء ما قبل العاصفة، نزلت دموعها رغم محاولاتها ان تبدو صامدة قوية امامه، ثم اكملت بحزن قائلة..

طب كنت سبتني اروح مع ابن عمي، ع الاقل كان هايتجوزنى وهايصونى حتى لو بأكره، عمره ما كان هايفرط فيا بسهولة
قاطعها عمر بعصبية جلية على وجهه وظهرت عروقه في رقبته ب..
بس مافرطتش يا شهد ما فرطتش فيكي، كنت عايز ابعد عنك بأى طريقة، مش عايزك تبقي ادام عيني دايما عشان بضعف معاكي، كان فارس هايتجوزك وهايعاملك احسن معاملة، بس ماقدرتش، ماقدرتش اعمل كدة
ثم اشار على قلبه وزاد صوته حدة وغضب وهو يقول..

بس دة هو إلى ماخلانيش اعمل كدة، رفض، رفض رفض نهائى وما طاوعنيش
اقترب منها وامسك ذراعيها وضغط عليهم واكمل بحنان يشوبه الألم قائلاً..
عارفة لية كل دة، كل دة عشان، عشان...
توقف عن إكمال جملته في حين ظلت شهد ناظرة له ودموعها تهطل بغزارة، هتفت بكلمات متقطعة قائلة..
ل لية لية يا عمر، لية ليية رد عليا لية
ابتعد عمر عنها بسرعة واولاها ظهره ثم تنهد تنهيدة تحمل الكثير واغمض عيناه ليفكر لثواني ثم اخذ يحدث نفسه..

لأ لأ مأقدرش اخون هند ابدًا، انا وعدتها إني مش هأنساها واستحالة غيرها يدخل قلبي مهما حصل
التفت لشهد مرة اخرى ونظر لها ببرود ثم أردف بجمود قائلاً..
أطلعي الاوضة نامي يا شهد وماتفكريش كتير، انا مش هأحب تاني خالص مهما حصل
تعجبت شهد من تغيره بهذه السىرعة، فهو منذ ثوان فقط كان سيعترف لها بحبه، كيف تحول فجأة هكذا وكأنه شخص لا تعرفه، زفرت بضيق شديد ثم استدارت دون نطق اى كلمة اخرى واتجهت للأعلي.

في منزل رضوى،.

جلست رضوى على فراشها وقد عاودتها كل الذكريات الماضية القديمة، نعم، لقد رأت حبيبها السابق شهاب، كان يسير بهدوء ويرتدى بدلة رسمية سوداء، ملامحه كما هي، لم يتغير كثيرًا، شعرت كأنه تجسد في ماضيها ليطاردها، ظهر الآن ليخرب عليها حياتها مرة اخرى، شعرت انها ربما تتخيل من كثرة التفكير او ربما تحلم، قرصت نفسها برفق لعلها تفيق من هذا الحلم ولكن دون جدوى، ماذا ستفعل الان، كانت حياتها ستسير كحياة اى فتاة طبيعية ولكنه يبدو انه يظهر في الاوقات الخاطئة ليخبرها ان قلبها له، له فقط ولا تستطيع إكمال حياتها مع شخص اخر..

وضعت يدها على رأسها وضغطت عليها كأنها تريد ايقافها عن التفكير، تكونت الدموع في عيونها وهي تتذكر ذاك اليوم ولكنها لن تسمح ان تكون ضعيفة امامه مرة اخرى ابدًا، رفعت رأسها وتنهدت ثم اتكأت بجذعها قليلًا لتمسك بهاتفها، ضربت على رأسها بخفة وهي تتذكر مكالمتها ل عبدالرحمن، وجدت هاتفها مغلق، فتحته ووضعته على الفراش ثم نهضت لتخرج من الغرفة..

خرجت لتجد والدتها ممدة على الأريكة مغطاة بغطاء ويبدو عليها التعب، اقتربت رضوى منها ثم سألتها بلهفة..
مالك يا أمي خير تعبتي اكتر؟
اومأت والدتها رأسها بتعب واضح ثم اجابتها بهدوء غير معتاد منها مع رضوى..
اه شكل البرد تقل عليا
هزت رضوى رأسها نافية ثم مطت شفتيها بأعتراض وتابعت بلوم..
يا أمي قولت لك تعالي اوديكي للدكتور
لأ انا هابقي كويسة بس معلش يا رضوى تطلعي الزبالة برة عشان الزبال يبقي ياخدها.

اومأت رضوى بهدوء ثم نهضت واتجهت لغرفتها واخرجت من دولابها طرحة صغيرة وضعتها على شعرها لتداريه بأكمله ثم خرجت متوجهه للمطبخ وجلبت السلة وفتحت الباب لتضع القمامة امام الباب، فجأة وجدته يفتح الباب الذي امامهم، صدمت وشحب وجهها وحدقت به، كانت تعلم ان المنزل الذي امامهم سيُأجر ولكنها لم تتوقع ان يكون هو المُستأجر، كما انها غير مستعدة ابدًا لهذه المواجهه الان، افاقت بسرعة على نظراته التي كانت تحمل الصدمة ايضًا ثم استدارت بسرعة لتدلف واغلقت الباب، سمعته وهو ينادى عليها بهدوء قائلاً..

رضوى استني
وقفت خلف الباب واصبح نفسها مضطرب، وضعت يدها على صدرها الذي كان يعلو ويهبط اثر التوتر وهي تتنفس الصعداء، جف حلقها وهي تتذكره، ابتلعت ريقها ثم سارت بصعوبة متجهه لغرفتها مرة اخرى...

في منزل حسن،.

كان حسن في المرحاض يأخذ حمام سخن بأستمتاع، في حين مها في الغرفة ممدة على الفراش بدون ملابس مغطاه بغطاء خفيف، تنظر للحائط بسرحان، بعد ثوانى افاقت من سرحانها على صوت حسن الذي كان يدندن في المرحاض، ابتسمت ابتسامة صغيرة، ثم اعتدلت وجلست، امسكت بحقيبتها السوداء واخرجت منها دواء ( منع الحمل ) واخرجت منه قرص واخذت كوب الماء لتشربه، ولكن توقفت فجأة وهي تفكر، ابعدت الكوب عن فمها ثم قالت بهمس..
ولية لأ.

وضعت الكوب على الكمدين بجانبها ووضعت الدواء على الحقيبة وفكرت، ماذا سيحدث ان لم تأخذه، لن يحدث شيئ، بالنهاية حسن يحبها..
هذا ما كانت تعتقده هي، ولكنها لا تعلم ان حسن شيطان مجسد على هيئة بشر، يسلي وقته بها فقط..
سمعت صوت الماء تغلق وحسن يخرج من المرحاض، رمت القرص بسرعة في سلة القمامة وحاولت ان تبدو طبيعية، لمحها حسن وهي ترمي شيئ، نظر لها بربية ثم سألها بهدوء قائلاً..
اية يا مها مالك.

اجابته مها بتلعثم قائلة: ما آآ مفيش يا حسن، هايكون في اية يعني
رفع حاجبه الأيسر ثم قال بتهكم..
مفيش يا حسن، امال مالك متوترة كدة لية لما هو مفيش
ابتسمت ابتسامة صفراء لتخفي توترها ثم ملست على وجهه برقة وهمست بخبث قائلة..
في اية يا حبيبي هو تحقيق
ابتسم هو وقد فهم مقصدها ثم نظر في عيناها واقترب منها ثم قبل جبينها وهو يقول بهدوء حذر..
بتاخدى برشام منع الحمل يا مها صح؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وردت بتوتر..

آآ اه اه طبعا باخد
اومأ بموافقة وارتياح، وفي الوقت نفسه كانت مها تفكر في رد فعله عندما يعرف، هل سيتركها، لا لا حسن مستحيل ان يتركها، اقنعت نفسها انه سيسعد كثيرًا عندما يعلم انه سيصبح أب بالتأكيد..

في منزل عمر،
شهد في الغرفة تجلس على الأريكة الصغيرة المجاورة للفراش، تستند بساعديها وترجع ظهرها للخلف موجهها نظرها للأعلي، تفكر في عمر، لن تسمح له ان يبعيها وقت ما يشاء ويشريها وقت ما يشاء، ولكنه لم يفعل ذلك ولم يتحمل، ولكنه ايضًا كان سيفعل، يجب ان تبتعد عنه وللأبد وتحقق له رغبته، ولكنها لن تستطيع الابتعاد عنه فهو اصبح ركن اساسي في حياتها، يا الله ساعدني..

هكذا كانت شهد تحدث نفسها وافكار متضاربة تدور في عقلها، العقل يحاول اقناعها انها يجب ان تترك عمر والقلب يحاول اقناعها ان لا تتركه..
اخذت نفسًا عميقًا واخرجته ببطئ، وفكرت للمرة الاخيرة، وقررت
هزت رأسها كأنها تشجع نفسها ان ما اختارته هو الشيئ الصحيح..
نهضت عن الأريكة وفتحت باب الغرفة واتجهت للأسفل لعمر الذي كان حاله لا يختلف عن حالها كثيرًا، تنحنحت بهدوء قائلة..
احم عمر.

نهض هو ببرود مستفز ونظر لها بنفس البرود ثم هتف بتساؤل قائلاً..
امممم خير
كأنه اشعل النيران بداخلها اكثر، جزت على اسنانها بغيظ لتكبت غضبها وتمنع النيران من الخروج بوجه هذا العمر المستفز بدرجة كبيرة..
ظهر الهدوء او البرود على وجهها وعقدت ساعديها ببرود مماثل ثم اردفت بجمود قائلة..
عمر طلقني...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة