قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والثلاثون

الظن، ظن السوء شيئ مؤسف، وحسن الظن شيئ ضرورى في هذه الحياة، ويندم الشخص على سوء نيته ويحاول ربط الخيوط التي تفككت مؤخرًا بسببه ولكن، هل سيستطيع!
حدقت به بصدمة وكأنه سكب كوبًا من الثلج عليها، كاد يخرج من المنزل بكل برود لتهتف هي بصدمة جلية قائلة..
واحدة مين وازاى هاتجيبها هنا!
مطت شفتاه بلامبالاة مصطنعة ثم اجابها بصوت قاتم قائلاً..
هاتعرفي لما تيجي، سلام.

إتجه للخارج، واصبحت هي تحملق بدهشة، مهما فعل لا يمكن أن تجعله يعمل هذا العمل مرة اخرى، اصبح قلبها ينبض بعنف كأنها رسالة يأمرها ان تلحق به..
بالفعل ركضت لتلحق به ثم نادت بأسمه بصوت عالٍ قائلة..
عمر، استني عشان خاطرى
آآه على الأشتياق والضعف، شيئًا لم يكن بيده ابدًا، قلبه بخفق بكل قوته وتخور قواه على الفور بمجرد ذكر اسمه من بين شفتاها، اغمض عيناه ليسترجع بروده مرة اخرى مرددًا ببرود مصطنع..

نعم، عايزة اية يا شهد
اجابته بقوة وإصرار ظهر في عيناها..
مينفعش تروح الشغل دة تاني يا عمر، افهم بقاا مينفعش
عمر بجدية: ملكيش دعوة انتي بالموضوع دة اصلاً
هزت رأسها نافيًة ثم عضت على شفتاها السفلية بحسرة وأردفت برجاء قائلة..
عمر لو لسة ليا خاطر عندك بلاش تروح
جز على أسنانه بغيظ، إلى متي سيضعف امامها هكذا، زفر بضيق شديد وهو يمسح على شعره الأسود الغزير ثم قال وهو يتجه للخارج بخطوات مسرعة..

لازم اروح يا شهد لازم المرة دى
ربما هرب حتى لا يضعف امامها ويستسلم، بينما هوت هي على الأريكة بخيبة امل، لم تستطع التأثير عليه ولو للحظة، ولكن هي من فعلت ذلك، هي من وضعت الحكم دون ان تسأل المتهم حتى، شعرت بنغزة مؤلمة في قلبها..
ولكن عزمت أن تسأله عن كل ما رأته بمجرد ان يعود ومهما كانت اجابته ستتحملها...!

قلق عبدالرحمن من عدم رد رضوى على هاتفها منذ ساعتان او ساعة تقريبًا، انتهي من ارتداء ملابسه وهندمة نفسه ثم إتجه لمنزل رضوى على الفور، نَزل من سيارة الأجرة واخرج بعض الاموال ثم اعطاها للسائق، نظر على البناية ثم تنهد وهو يتجه للأعلي ليجد الشرطي يسير بجوار مها وهي تركب سيارة الشرطة..!

صُعق من مظهر مها، وسار بخطوات اسرع متقدمًا منها ليجد رضوى تركض خلفها ودموعها تنهمر على وجنتاها، وصل امامهم ثم نظر لهم بلهفة قائلاً..
في اية يا رضوى، ومها؟
هتفت رضوى من بين شهقاتها وهي تشير على مها والشرطة قائلة..
الحقها يا عبدالرحمن، اتأكد انهم بوليس وخلينا نروح وراهم
تفهم عبدالرحمن انه لا وقت للتساؤل الان، المهم ان ينفذ ما طلبته على الفور، ركض بإتجاه مها والعسكرى وهو يقول بجدية..

احنا هانيجي معاكوا عشان نطمن وممكن اشوف الاستدعاء
اعطاه ورقة ما وقرأها عبدالرحمن بصدمة ظهرت على محياه واعطاها له مرة اخرى، ذهبت سيارة الشرطة وركض عبدالرحمن بأتجاه رضوى، وشعر بالألم يغزو قلبه من اجلها، من اجل دموعها هذه، ود لو بإمكانه ان يأخذها بأحضانه ليهدأها، افاق من شرودة على صوتها الباكي قائلة..
ارجوك يلا يا عبدالرحمن.

اومأ عبدالرحمن ثم استدار بسرعة واوقف احدى سيارات الاجرة واستقلها هو ورضوى بسرعة متجهين خلف سيارة الشرطة...

بمجرد أن ركبوا ازداد نحيب رضوى، فمهما كان هذه شقيقتها الوحيدة، بينما كانت والدتها في الأعلي تجلس جامدة، لم تنزل منها دمعة واحدة حتى، كأن ذلك اثر الصدمة، موجتها الحنونة السعيدة لسعادة ابنتها رضوى تحطمت عندما اصطدمت بالصخور، هزت رأسها وهي تتنهد بأسف وحسرة ثم نهضت متجهة لغرفة مها، ثم فتحت الدولاب الخاص بها واخرجت ملابسها وصورها وكل ما يخصها ثم اتجهت للمطبخ وجلبت كيس من البلاستيك وعادت للغرفة مرة اخرى ووضعت اشياء مها فيها ثم اتجهت للمطبخ ورمت الكيس في القمامة وهي تقول بجمود..

مكانها هنا، الظاهر معرفتش اربيها طول السنين إلى فاتوا لكن هأربيها الوقت
تيته فين ماما يا تيته
هتف سيف بتلك الجملة وهو يقف امام المطبخ ويفرك عيناه ومازال النوم مسيطر عليه، ويزم شفتيه بحزن طفولي..
اصدرت انينًا خافتًا بألم بمجرد ان رأته، ماذا سيفعل وحده وماذا سيقولوا له عندما يتكرر سؤاله عن والدته ووالده..!
اقتربت منه ثم حملته وهي تحتضنه بحنان ثم قبلت جبينه قائلة بحب..

شوف يا حبيب تيته، ماما في مشوار كدة بس ممكن يكون طويل، بس احنا هانقعد ناكل عقبال ما ماما تيجي، اتفقنا يا سيفوو؟
اومأ سيف برضا طفولي، لتتجه به خارجًا، ربما تفعل ذلك حتى تعوضه عن حنان والدته الذي افتقده وربما سيفقتده لأخر حياته...

في احدى الامكان ليلاً، حيث يدوى صمت الليل وتختفي الشمس بوعد ان تظهر مجددًا ويطل القمر لينير الاماكن المظلمة بنوره الساطع، كان يقف عمر وهو يرتدى الچاكيت الخاص به ويضعه على رأسه ليدارى نصف وجهه تقريبًا وبنطاله الكحلي الغامق، وامامه احدى الرجال يرتدى بنطال اسود جينز وتيشرت نصف كم اسود ومفتول العضلات وبعض الندبات على وجهه الاسمر، كان عمر ينفث سيجاره وهو يقول بشك..
انت متأكد من الكلام دة؟

اومأ بتأكيد وهو يرد بغرور..
عيب عليك يا عمر باشا، انت تسمع إلى بقولهولك من غير ما تتأكد منه كمان
ابتسم عمر ابتسامة جانبية ثم هتف ببرود قائلاً..
امممم وماله بردو
نظر الرجل يمينه ويساره ثم وجه نظره لعمر مرددًا بسرعة..
طب عايز مني حاجة تاني يا عمر باشا ولا امشي انا خلاص؟
كان عمر ينظر له بشك، وابعد السيجار عن وجهه واردف بغموض قائلاً..
امشي بس يمكن احتاجك تاني.

امأ بسرعة ثم القي التحيه على عمر وسار بخطوات مسرعة خوفًا من ان يراه اى شخص مع عمر، سيكون مضحي بحياته حينها حتمًا..
بينما ظل عمر يفكر في ذلك الرجل وفيما سيفعله حتمًا لاحقًا حتى وإن كان به مخاطرة بحياته...!

في قسم الشرطة،
وصل كلاً من مها وعبدالرحمن ورضوى قسم الشرطة المقصود، وابتسامة مها لم تختفي من على ثغرها كأنها ذاهبه لنزهة وليس السجن، كانت تسير كالانسان الالي المبرمج على شيئ ما، ورضوى دموعها تسيل بغزارة وعبدالرحمن يحاول مواساتها بكلامه ولكن بالطبع دون جدوى، وصلوا امام مكتب الضابط ودلف العسكرى مع مها إلى المكتب ثم نظر لهم قائلاً بصوت اجش..
استنوا هنا هأبلغ حضرت الظابط.

اومأ عبدالرحمن موافقًا بهدوء، ثم نظر لرضوى بحنان وتابع بهدوء حذر قائلاً..
رضوى اهدى مينفعش الانهيار دة، مهما حصل اكيد ربنا له حكمة ف كدة
اومأت رضوى وهي تحاول إقناع نفسها بهذا الكلام ثم مسحت دموعها بطرف إصبعها، ووجدوا العسكرى يخرج وينظر لهم ثم يشير بيده للداخل قائلاً بفتور..
اتفضلوا الباشا مستنيكم
لم ينتظروا كلمة اخرى ودلفوا إلى الداخل بخطوات مسرعة، بينما اغلق العسكرى الباب وهو يتنهد بضيق..

أشار الضابط لرضوى وعبدالرحمن بالجلوس قائلاً بجدية..
اتفضلوا، انتم تقربولها اية؟
انا اختها يا حضرت الظابط
هتفت رضوى بتلك الجملة وهي تجلس على الكرسي امام المكتب ونظرها معلق بمها التي يبدو انها اصيبت بالجنون..!
اكمل عبدالرحمن بتوضيح قائلاً..
وانا خطيبها، ممكن نفهم في اية
اومّأ الضابط ثم اجابه بجدية قائلاً..

في جريمة قتل، وصاحب المجني عليه المقرب بيتهم استاذة مها انها إلى قتلته وبيقول ان المجنى عليه حكي له على الاستاذة، ف احنا عايزين نستجوبها
وقعت كلماته كالصاعقة على عبدالرحمن وإتسعت مقلتاه بصدمة واضحة، لم يكن يتوقع أن يصل الامر للقتل، وعلاقة غير شرعية..!

كانت تعلم رضوى اثر كلمات الضابط على عبدالرحمن ولعنت نفسها التي جعلتها تجلبه معها إلى القسم، فركت اصابعها بتوتر، فكرت قليلاً، معني كلامه انه اتهام فقط، لم يكن هناك دليل على مها، نظرت للضابط ثم قالت بخوف حاولت اخفاؤه..
لا طبعًا مستحيل يا حضرت الظابط
زفر الضابط ثم اردف موجهًا حديثه لمها بتساؤل قائلاً..
استاذة مها رشوان، اية علاقتك بالمجنى عليه حسن عبدالرحيم؟

ابتسمت مها بسخرية ولكن سرعان ما اختفت بمجرد ان ذُكر اسمه امامها وظهر الكره والشر في عيناه مرددة بشراسة..
نفذت انتقامي منه، وخدت حقي وحق ابني
وضعت رضوى وجهها بين يديها، هذا ما كانت تخشي حدوثه، إعتراف مها وهي في حالتها تلك، بينما نظر الضابط لمها مرة اخرى قائلاً بتساؤل..
يعني انتي بتعترفي انك قتلتي حسن؟

لم ترد مها وإنما اصبحت تضحك بسخرية وصوت عالٍ مما اثار شكوك الضابط من قدراتها العقلية، رن الجرس المجاور للمكتب ليدلف العسكرى فيقول بجدية..
خدها على الحجز يا عسكرى، ثم نظر للرجل بجانبه قائلاً وهو ينظر لرضوى وعبدالرحمن..
قررنا حبس المتهمة مها رشوان 4 ايام على زمة التحقيق وعرضها على طبيب نفسي، لحين استلام تقرير الطب الشرعي واكمال التحقيق.

صباح اليوم التالي في منزل عمر،
ساور شهد الكثير من الشكوك حول تأخير عمر من الأمس حتى الان، عقلها يثير الشكوك بداخلها اكثر فأى عمل يكون كل هذه المدة، ولكن قلبها يدق وبقوة كرسالة منه ان تنتظره ولا تشك به مرة اخرى وتسأله عندما يصل ومؤكد سيجيبها فهو عمر حبيبها الذي لم تعشق غيره..

تنهدت بقوة وهي ترجع خصلاتها للخلف بتوتر ثم جلست على الأريكة وظلت تفرك يدها وهي تنظر على الباب املاً ان يُطرق ويدلف عمر في اى لحظة..

كأنه يعلم ما تفكر به الان، بالفعل طُرق الباب ولكن لم ينتظر مجيب، دلف عمر واعتقد انها نائمة الان، وفوجئ انها مستيقظة حتى الان، ولكن لم تكن صدمته اكبر من صدمة شهد وهي ترى نفس الفتاة تدلف خلفه بهدوء، اشتعلت النيران بداخلها وظهر بريق لامع مخيف في عيناها، زفر عمر وعلم ان اليوم لن يمر بسلام، فهذه القطة التي احبها لها أظافر وتؤلم، اقتربت شهد منهم ثم نظرت للفتاة بتفحص من اعلي إلى اسفل قائلة بغيظ وتوعد وهي تشير بإصبعها..

هو انتي! وجاية بيتي كمان...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة