رواية من أكون للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثالث
خبط جاسر النادل بالخطأ بسبب تركيزه عليها، و لكنه توقف ليعتذر له و كانت هي خرجت فلحق بها و لكنه لم يجدها، فدخل إلى الكافية مرة أخرى و عاد إلى الطاولة
فارس باستغراب: -انت اتجننت يا عم؟
-فرحة كانت قاعدة بس هنا شكلها غريب و متأكد ان دا حالة من حالات الانفصام
عقد فارس حاجبيه و قال: -جاسر انت مهتم بالموضوع زيادة عارف انك بتحب تساعد و كل حاجه بس انت كدا هتجنن.
أوقف جاسر النادل و سأله قائلا: -هي مين اللي كانت قاعدة على التربيزاة اللي هناك؟
-معرفش يا فندم بس هي بتيجي هنا كتير لكن ملهاش ميعاد محدد و كل اعرفه انها رسامة و بتيجي بالاسكتش بتاعها.
زجره إكرام بضيق قائلا: -يعني اي الكلام دا، ظابط شرطة يتقتل في بيته و مفيش شاهد واحد و الكاميرات كلها معطلة
رد أحدهم: -والله يا إكرام باشا احنا عملنا كل الإجراءات اللازمة بس للأسف القاتل ذكي و محترف، مفيش اي بصمات و الكاميرات كلها وقفت عند وقت الجريمة و بالنسبة للتقرير الطبي الوفاة حصلت الساعه 4 الفجر و هو مات محروق يعني النار ولعت فيه و هو عايش و طبعا البيت زي ما هو يعني المجرم هدفه القتل.
زفر إكرام بحنق و قال بغضب: -عايز كل المعلومات اللي تخص المرحوم، و تاريخه كامل القاتل دا لازم يبقى عندي
-تمام يا فندم
-هو المرحوم كان متجوز
-مطلق مراته من سنة و كان عايش لوحده و هجيب لسيادتك الملف كامل عنه.
فاق جاسر من نومه على صوت الجرس و نظر في ساعة هاتفه فتعجب من قدوم احد في ذلك الوقت المتأخر و ذهب ليفتح و قال بدهشة: -مدام دلال خير في حاجه و لا اي؟
-حقك عليا يا ابني صحيتك من النوم بس فرحة...
توترت و اكملت بتردد عملت حادثة، ممكن تشوفها.
نزل جاسر معها و عندما دخل الغرفة استغرب عندما وجد الدماء تسيل من عنقها و كأن احد أوشك على ذبحها فحتى ذلك الكنزة ذات الحمالات الرفيعة اختفى لونها و تلونت بدمائها و تأكد بانها من فعلت ذلك حتى حالة الذعر التي أصابت دلال تدل على ذلك، اتجه إليها و قال بصدمة: -مين عمل فيها كدا و لازم تروح مستشفى ممكن يكون حصل مضاعفات
دلال برجاء: -ارجوك اتصرف مش انت دكتور و بعدين الجرح بسيط.
تنهد جاسر و شعر بالشفقة على تلك السيدة و لكن ما لفت انتبه تلك التي لم تصدر اي رد فعل ابدا حتى الشعور بالخجل فملابسها غير ملائمة ليراها بها و ما دار بخاطره بأنها كيف لا تتألم أو كيف جرحت نفسها و قال: -تمام، انا هنزل الصيدلية اجيب حاجات بس ياريت لو هنا شاش أو قطن عشان نكتم الجرح
-اها في ثواني
أحضرت له القطن فوضعه على عنقها و امسك بيدها التي كانت مثل الثلج و وضعها عليه و قال: -خليكي كدا لحد ما اجي.
صعد إلى شقته سريعا ليحضر محفظته و مفتاح سيارته و ذهب إلى الصيدلية و بعد ذلك عاد إليهم، جلس امامها و قال: -متقلقش يا مدام دلال هتبقى كويسه، اطلعي انتِ برا و انا بعد ما اخلص خياطة الجرح هنادي عليكي.
نظرت لها دلال بقلق و خرجت من الغرفة فهي لا تستطيع احتمال رؤيتها هكذا
تنهد جاسر و قال: -انتِ كويسه؟
نظرت اليه فرحة و لم تجيب، اقترب منها قليلا ليتفحص عمق الجرح و قال: -مش عميق اوي بس لازم يتخيط و أنا هحطلك مخدر موضعي بس هيبقى في الم بسيط
بدا جاسر في عملية الخياطة التي لم تأخذ دقيقتين و لكنها بقيت كما هي حتى أنه كان يشعر بالدهشة و قام بتضميد الجرح و قام بتجهيز حقنة و قال: -دا مهدي عشان واضح ان أعصابك تعبانة و...
قطعته بحدة قائلة: -مش هاخد حاجه
-براحتك بس دا مهدئ عشان تعرفي تنامي.
نظرت له فرحة و قالت: -لا انا مش هاخد أدوية، انا عايزة اقوم اغير هدومي من فضلك اطلع برا
-تمام
خرج جاسر و اتجه إلى دلال قائلا: -مدام دلال دي محاولة انتحار مش حادثة انا مقدر خوفك و قلقك بس البنت دي لو حصلها حاجه انتِ هتكوني في موقف صعب فالازم تشوفي اهلها عشان تتعالج.
دلال بارتباك: -تتعالج ليه هي مالها؟
-يا مدام دلال دي واحدة كانت هتدبح نفسها و بعدين كدا في خطر عليكِ انتِ كمان فالازم تشوفي حل، انا ممكن اتكلم مع أهلها و حالتها ممكن تتعالج بس محتاجة وقت و أنها تبقى تحت اشراف دكتور
صمتت دلال و نظرت في الأرض و قالت بعد ذلك: -كتير خيرك يا ابني هفكر في كلامك، بس هي دلوقتي كويسه و لا؟
-لا مش كويسه و خلي بالك منها و من نفسك
بدأت دلال تشعر بالقلق و الخوف فرؤيتها لمشهد مروع كهذا لم يكن بسيط.
خرجت فرحة من الغرفة و كانت تتجه ناحية الباب و لكن جاسر اوقفها قائلا: -انتِ رايحه فين دلوقتي؟ احنا وش الفجر
نظرت له فرحه و لم تستمع لكلامه و لكنه لحق بها و امسك بمعصمها قائلا: -بقولك مش هتنزلي
حاولت فرحة دفعه بعيد عنها و لكنها فشلت في ذلك و فشلت في التخلص من قبضته
دلال برجاء: -خليها تنزل يا ابني.
جاسر بعصبيه فمن الواضح بانهم مجانين تنزل فين يا مدام دلال و بعدين هتروحي فين باللبس دا، دي شبه عريانة انتِ عارفه اي ممكن يحصلها، في حقنة جواه هاتيها
صرخت فرحة و قالت ببكاء: سيب ايدي، انا عايزة انزل يا ماما خلي يسيبني
كانت لا تعرف ما الذي يجب فعله و لكنه محق فهي في هيئة لا تسمح لها بالنزول.
فدخلت إلى الغرفة و اخذت الحقنة و خرجت، كان جاسر يقبض عليها جيدا و قام بحنقها، خارت قوامها و توقفت عن المقاومة، حملها جاسر و دلف إلى الغرفة و وضعها على الفراش قائلا: -هخليكي تنامي، متخافيش دا و لا علاج و لا هيضرك في حاجه
-انا عايزة ماما، هي مشيت ليه؟
و هبطت الدموع من عيناها و بعد ذلك اغلقتها و ذهبت في سبات نوما عميق، اغلق جاسر النور و خرج من الغرفة و قال لدلال التي كانت شبه مذهولة مما حدث ادخلي ارتاحي
-مش عارفه اقولك اي يا ابني
-و لا حاجه بعيدا عن اننا جيران فأنا دكتور و فرحة زي اختي
-ربنا يكرمك يا ابني و معلش انت الوحيد اللي جيت في بالي لما لاقيتها في الحالة دي
-هي عملت كدا ازاي؟
-معرفش انا كنت نايمه و فجأة صحيت على صوت في الاوضه و لما دخلت لاقيتها معاها سكينة و واقفة قدام المراية و الدم مغرق الأرض.
تنهد جاسر بحيرة و قال: -ربنا يستر، انا هطلع و الصبح هبقي اعدي عليكم قبل ما اروح الشغل.
بالطبع لم يستطيع النوم بعد ذلك الموقف، فهو متأكد بأنها لديها مرض نفسي و لكن هل كانت بنفس شخصية فرحة أم كانت تتقمص دور شخص آخر، و لكن فهو لازم يقنع دلال بمعالجتها و اخبار أهلها فهي بذلك تشكل خطر على حياتهم.
قضى تلك الساعات في قراءة بعض الكتب التي تحدثت عن انفصام الشخصية و الهلاوس و الأوهام التي يتعرض لها صاحب ذلك الحالة و يقارن ما راه عليها، و لكنه كان يرى بأنه يجد شيئا ناقصا.
استيقظت دلال و كانت مترددة في الدخول إلى غرفتها فحديث جاسر بدا يشعرها بقلق.
و لكنها حسمت أمرها و ذهبت إليها و كانت فرحة مازالت نائمة، تنهدت دلال بحزن و قالت: -نفسي اعرف حكايتك بس انا خايفه تسيبني و تمشي.
فتحت عيناها فارتبكت دلال و قالت بتوتر: -صباح الخبر يا حبيبتي
ابتسمت فرحة و قالت: -صباح النور
شعرت فرحة بألم في عنقها و اندهشت عندما وجدته ضماد عليها و قالت: -هو اي دا؟ انا اتعورت امتى؟
اندهشت دلال و تبرجلت فهي لا تعرف بماذا تخبرها فهي تبدو غير متذكرة اي شئ عما حدث و قالت: -انتِ مش فاكره.
قطعها حديثهم رنين الجرس فخرجت دلال لتفتح و تنهدت بارتياح عندما رأته و قالت: -مش فاكره حاجه خالص و مستغربة اللي حصلها
دخل جاسر مع دلال و قال: -صباح الخير يا فرحة
تعجبت فرحة و قالت: -انت هنا بتعمل اي؟
-و لا حاجه بس انتِ امبارح اتعورتِ من الازاز و أغمى عليكي و مدام دلال طلبت مساعدتي.
فرحة باستغراب: -بجد؟ طب دا كان امتى؟
-بليل، انتِ اكيد نسيتي من الخضة، قومي افطري لأنك نزفتي كتير امبارح
خرج جاسر و تابعته دلال و قال لها: -انا مش عايزاها تخرج من البيت انهاردة
دلال باستغراب: ليه؟